المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الزمن حقيقة أم ؟


ماجد طه
26-01-2007, 01:32
الزمن حقيقة أم ؟


لا يمثل الزمن بالنسبة للإنسان العادي سوى تتابع المواقيت الناتج عن شروق الشمس وغروبها وعن دوران الأرض حول الشمس, والقمر حول الأرض أما الزمن عند العلماء فهو مفهوم أساسي لابد منه لضبط التجربة العلمية.

ففي عصر العلم الحديث أصبح من الضروري طرح تصوّر للأسلوب العلمي يكفل إجراء التجربة العلمية بواسطة علماء مختلفين وتحقيق النتائج نفسها, وذلك يستلزم وجود مقياس دقيق للزمن ومرجعية ثابتة له بالنسبة لجميع العلماء , وكان هذا التصوّر هو التصوّر النيوتوني للزمن المطلق, فحسب اسحق نيوتن (الزمان المطلق الحقيقي, الرياضي, ينساب من تلقاء نفسه وبطبيعته الخاصة, باطراد دون علاقة بأي شيء خارجي, ويطلق عليه اسم الديمومة) .

وفي واقع الأمر كانت النظرة النيوتونية للكون ذي الزمان والمكان المطلقين ناجحة في تفسير 99% من حقائق الكون, وتمكنت من تحقيق تقدم كبير في العلم الحديث. ولكن مع تقدم العلم وزيادة دقة الملاحظات تكشفت العديد من الظواهر التي أدت إلى الشك في الصحة المطلقة للنظرة النيوتونية. فحسب قوانين نيوتن يجب أن تتغير سرعة الضوء بحسب سرعة واتجاه حركة مصدره, ولكن العلماء اكتشفوا في تجربة مشهورة, هي تجربة (ميكلسون - مورلي) عام 1887, أن سرعة الضوء ثابتة بغض النظر عن سرعة مصدره وعن اتجاه حركته .

كما تبين من قياس حركة كواكب المجموعة الشمسية أنها تتفق مع نظرة نيوتن فيما عدا كوكب عطارد, حيث وجد فرق ضئيل جدا بين حسابات ميكانيكا نيوتن وحركته في الواقع, بالإضافة إلى هذا وذاك تعارضت ميكانيكا نيوتن مع نظرية جيمس كلارك ماكسويل عن الموجات الكهرومغناطيسية والتي تتعامل مع الضوء على أنه موجات وعلى أن سرعته ثابتة , ولم يكن هناك مفر من ظهور نظرية النسبية, فقدم ألبرت أينشتين نظرية النسبية الخاصة عام 1905 والنسبية العامة عام 1915.

(الزمكان) هو القضية الأساسية عند بحث نسبية الزمن والسفر في الماضي. فما هو المعنى الواقعي (للزمكان), وهل له وجود مستقل أم لا?

تخبرنا فلسفة العلم المعاصرة أن هناك نظرتين أساسيتين للمفاهيم والتصورات العلمية , الأولى أن هذه المفاهيم تعبر عن حقائق عن العالم الخارجي , فالنموذج المعياري للذرة والكوارك والثقب الأسود ومنحنى الزمكان هي حقائق عن العالم .

أما النظرة الثانية فتخبرنا أن هذه المفاهيم ليست سوى أدوات جيدة للتعامل مع العالم , ولا تعبر عن حقائق واقعية عنه , أو على الأقل هي حقائق تقريبية عن العالم لا نضمن صحتها المطلقة ولكن نستخدمها لأنها تفيدنا في التعامل مع العالم , ومفهوم (الزمكان) ينطبق عليه هذا الوصف نفسه, فهو ليس حقيقة من حقائق العالم ولكنه أداة جيدة للتعامل معه , فالموجود على الحقيقة هو الأجسام التي تتحرك في الفضاء , وقيمة مفهوم (الزمكان) هي في أنه يمكننا بفاعلية من توصيف هذه الحركة بشكل دقيق .

فإذا أخذنا ذلك في الاعتبار سنجد أن استحالة السفر في الماضي ليست بسبب تآمر الطبيعة , كما ذهب هوكنج , ولا بسبب ما يترتب عليها من تناقضات في التاريخ كما رأى آخرون , وإنما بسبب التجاوز في استخدام مفهوم ( المتصل الزمكاني ) كأداة للنظر إلى العالم . ويتمثل هذا التجاوز في تحويل هذا المفهوم من مجرد تصور ملائم لوصف حركة الأجسام إلى موضوع للبحث يتغير لينتج وقائع جديدة. وتحويل الأداة إلى موضوع هو أمر غير صحيح , وإنما الصحيح هو أن يكون موضوع تصوراتنا هو الأجسام نفسها حتى لو كان ذلك غير مباشر من خلال المفاهيم والأدوات العلمية. فالقول بانحناء الزمكان هو قول مجازي يقصد به أن الأجسام تسلك في حركتها مسارا منحنيا بتأثير جاذبية الأجسام حسب نظرية النسبية. ولكن ليس هناك في الحقيقة زمكان حتى ينحني ولذلك فالقول إن الزمكان ينحني حتى ينغلق على نفسه , إذا أخذ حرفيا هو قول في الواقع لا يعني شيئا , إذ مفهوم الزمكان ليس موضوعا .

فإن شئنا أن نعتبره تعبيرا مجازيا وجب تحويله إلى معنى مباشر مرتبط بحركة الأجسام , وفي هذه الحالة تكون أقصى درجات انحناء الزمكان هي بمعنى الوصول إلى البطء في التغير في حركة الجسم حتى التوقف النهائي عن الحركة , وهي حالة تتوقف عندها القوانين الطبيعية.

فالحديث عما يمكن أن يحدث عند هذه الحالة, والتي توصف مجازيا بانغلاق منحنى الزمكان , هو كمثل الحديث عن الحالة عند بدء الكون . أما الحديث عما قد يحدث بعد دخول الجسم في حالة انغلاق منحنى الزمكان فهو كمثل الحديث عما قد يكون قد حدث قبل بدء الكون , وهو حديث لا يمكن أن يكون علميا بالمعنى التجريبي المعروف .

إن الزمن هو ( التغير الطارئ على المادة ) , والسبب في شعورنا بانسياب الزمن هو الانتظام الكامن في الطبيعة الذي يظهر في صورة انتظام للحركة ويكون مقياس الزمن لجسم ما هو معدل (تغيره) منسوبا لتغير جسم آخر منتظم (كدقات الساعة مثلا). وتخبرنا نظرية النسبية العامة بأن الزمن الخاص بالجسم (أي معدل تغيره) إذا كان منتظماً أم غير منتظماً سيكون أبطأ إذا تحرك بسرعة أكبر أو إذا تعرض لمجال جاذبية قوي , أي إذا تأثرت طاقته الكلية وكما هو معلوم فالطاقة الكلية = مجموع الطاقة الكامنة والطاقة الحركية للجسم , وذلك في حين تخبرنا النظرية المعيارية للذرة بأن مكونات الذرة (وبالتالي كل الأجسام) تتراوح ما بين الحالة الجسيمية والحالة الموجية. فإذا كان الزمن الخاص بالجسم هو معدل تغيره , فإن الارتباط بين طاقة الجسم ومعدل تغيره, كما تخبرنا نظرية النسبية العامة , يكون أمرا مقبولا. كما أن تأثر المسافات داخل الذرة (وبالتالي طول الجسم) بتغير طاقة الجسم يكون أمرا مقبولا أيضا .

فإذا اقتصر تصورنا على أن الزمن ليس إلا تعبيرا عن قياس معدل التغير لجسم ما أصبح واضحا أن هذا التغير لا يمكن الحديث عنه بعد حدوثه كأنه موجود يمكن الذهاب إليه (في الماضي) , ولا يمكن أيضا الحديث عنه باعتباره موجودا في المستقبل وأننا يمكننا الذهاب إليه , والسبيل الوحيد للحديث عنه هو باعتباره معلومات محفوظة في الذاكرة لا تتمتع بأي وجود مستقل لا في الماضي ولا في المستقبل , فواقع ان (التغير) في ظروف معينة يمكن أن يكون أسرع منه في ظروف أخرى لا يعني أن الانتقال من هذه إلى تلك ثم العودة يعني السفر إلى المستقبل إلا بمعنى مجازي .

فالسفر على متن سفينة فضاء تسير بسرعة تقترب من سرعة الضوء ثم العودة إلى الأرض بعد أن يكون قد مر عليها عشرة آلاف عام مثلا لا يعني سوى أن التغير على متن السفينة أبطأ منه على ظهر الأرض بهذه الفترة. والسبب في وجود هذا النوع من التصورات (مثل السفر إلى الماضي والمستقبل) والمرتبطة بالنسبية العامة , هو أن النسبية العامة نظرية مرتبطة بظواهر الأجسام فقط, وليست مرتبطة ببنية وجودها المادي, كما هي الحال في نظرية الكم.

فنسبية الزمن هي (ظاهرة) ولكن سببها المباشر المرتبط ببنية الوجود دون الذري لا يزال مجهولا, وذلك بسبب غياب النظرية الموحدة للكم والجاذبي وبسبب غياب هذه النظرية تسود نظريات الخيال العلمي والتي لا ترقى لأن تكون نظريات علمية تجريبية, وبسبب غياب هذه النظرية أيضا تختلف الآراء بين العلماء.

فباعتبار أن الزمن هو (التغير) وأنه ليس له وجود مستقل ولا لمنحنى الزمكان المغلق, فإنه لا يكون من معنى للسفر إلى المستقبل إلا بمعنى مجازي. فنحن نسافر في المستقبل بمعدل يوم واحد كل يوم, ونستطيع أن نسافر بمعدل أبطأ من ذلك إذا تحركنا بسرعة أكبر. أما بالمعنى الحرفي الواقعي فنحن لا يمكننا السفر في الزمان لا في الماضي ولا حتى في المستقبل.

بريق الفيزياء
26-01-2007, 21:30
اخي ماجد
موضوع رائع جدا سلمت اناملك

تحياتي لك

بريق الفيزياء
26-01-2007, 21:30
اخي ماجد
موضوع رائع جدا سلمت اناملك

تحياتي لك

ماجد طه
31-01-2007, 17:46
اخي ماجد
موضوع رائع جدا سلمت اناملك

تحياتي لك



على الرحب والسعة

ماجد طه
31-01-2007, 17:55
اخي ماجد
موضوع رائع جدا سلمت اناملك

تحياتي لك


على الرحب والسعة

فديت أمي
03-02-2007, 23:57
جزاك الله خيييير

ماجد طه
05-02-2007, 19:09
جزاك الله خيييير

مشكوووووووووووووووووور

الفراولة22
05-02-2007, 21:13
بارك الله فيك

ماجد طه
06-02-2007, 17:39
بارك الله فيك

شكرا على المرور الكريم أختي

kingstars18
15-03-2007, 13:31
مشكوور على الموضوع الرائع جدا...هناك أحد الأعضاء في المنتدى جازاه الله هيرا يقول أن الزمن هو البعد الرابع

ماجد طه
16-03-2007, 04:43
مشكوور على الموضوع الرائع جدا...هناك أحد الأعضاء في المنتدى جازاه الله هيرا يقول أن الزمن هو البعد الرابع

.

مشكور على الإطلاع الرائع جداً .... هناك أحد أعضاء في المنتدى جازاه الله خيراً يقول كلام فيه ألغاز


.

Abofaisal2008
16-03-2007, 13:30
جزاك الله خيرا فيلسوفنا الكبير ماجد طه

ماجد طه
20-03-2007, 02:14
جزاك الله خيرا فيلسوفنا الكبير ماجد طه


على الرحب والسعة عبقريّنا العظيم أبو فيصل

Diamond
20-03-2007, 05:59
شكراً لك


دمت ود

ToUgH_RoOt
24-03-2007, 12:31
تسلم ايديك

أم عبدالملك
24-03-2007, 16:42
أستاذي الفاضل: مــــــــــــــاجد..

لك جزيل الشكر..على طرح هذا الموضوع المميز بحق..

موضوعك..فتح لنا آفاقا واسعا لتحلق عقولنا من خلالها..باحثة عن ماهية الزمن!!

أستاذي الفاضل:
لقد ورد في الموضوع:

فنسبية الزمن هي (ظاهرة) ولكن سببها المباشر المرتبط ببنية الوجود دون الذري لا يزال مجهولا, وذلك بسبب غياب النظرية الموحدة للكم والجاذبي وبسبب غياب هذه النظرية تسود نظريات الخيال العلمي والتي لا ترقى لأن تكون نظريات علمية تجريبية, وبسبب غياب هذه النظرية أيضا تختلف الآراء بين العلماء.

فباعتبار أن الزمن هو (التغير) وأنه ليس له وجود مستقل ولا لمنحنى الزمكان المغلق, فإنه لا يكون من معنى للسفر إلى المستقبل إلا بمعنى مجازي. فنحن نسافر في المستقبل بمعدل يوم واحد كل يوم, ونستطيع أن نسافر بمعدل أبطأ من ذلك إذا تحركنا بسرعة أكبر. أما بالمعنى الحرفي الواقعي فنحن لا يمكننا السفر في الزمان لا في الماضي ولا حتى في المستقبل.

أنا في شوق لظهور تلك النظرية...فلربما أجابت على الكثير من التساؤلات التي تدور في أذهاننا..:rolleyes:

مع فائق احترامي..وتقديري..

ماجد طه
25-03-2007, 01:48
أستاذي الفاضل: مــــــــــــــاجد..

لك جزيل الشكر..على طرح هذا الموضوع المميز بحق..

موضوعك..فتح لنا آفاقا واسعا لتحلق عقولنا من خلالها..باحثة عن ماهية الزمن!!

أستاذي الفاضل:
لقد ورد في الموضوع:



أنا في شوق لظهور تلك النظرية...فلربما أجابت على الكثير من التساؤلات التي تدور في أذهاننا..:rolleyes:

مع فائق احترامي..وتقديري..

لك أنت أختنا المصونة وأستاذتنا الفاضلة adventurous كل الإحترام والتقدير

على مرورك الكريم وحسن اهتمامك ولباقة ردودك التي إنما تدل على المستوى الأخلاقي والتربوي الرفيع الذي تتمتعين به والنظرة العلمية الفذة التي تتناولينها في المقالات والمواضيع المقدمة في هذا المنتدى العامر

وبالفعل أختي فإن وصول العقل البشري للنظرية التي تدعى نظرية كل شيء أو النظرية الموحدة الكبرى عندها يمكن أن تصف لنا كل ما هو متعلق بحقيقة الزمان والمكان وبالمطلق حقيقة الكون
وكلنا في شوق وتتبع دؤوب لظهور هذه النظرية

بارك الله بك ودمت بخير

ماجد طه
31-03-2007, 14:49
تسلم ايديك

تسلم عيونك