المتميزة
16-02-2007, 11:56
منذ أكثر من 500 عام بدأت شمس الإسلام تغيب عن بقاع الأندلس .. وأخذت ممالك المسلمين هناك تتساقط واحدة تلو الأخرى وتتهاوى سراعا أمام المد الصليبي المحتل فما تكاد تسقط مملكة إلا ولحقت بها أختها.. ساعد في ذلك ضعف تلك الدويلات الإسلامية وافتراق كلمتها.. واختراقها من العملاء والخونة والمرتزقة.. وقوة عدوها وكثرة عدته وعتاده .
تتابع المد النصراني حتى التهم الأندلس كلها أو كاد .. حتى توقف أمام أعتاب مملكة فتيّة قامت في أقصى الجنوب الأندلسي .. كانت رغم صغر مساحتها وقلة عدد سكانها بمثابة التحدي لذلك المد الغاشم إذ ثبتت هذه المملكة طيلة قرنين ونصف من الزمان.. وقاومت هجمات النصارى الطامعة في القضاء على الوجود الإسلامي في الأندلس تماما.. والراغبة في ضم هذه المملكة العنيدة إلى أخوتها اللواتي سقطن منذ زمن بعيد وارتفعت فوقهن رايات الصليب .
كانت مملكة ( غرناطة ) معادلة صعبة استعصى حلها على الأسبان زمنا ليس بالقصير.. فبالرغم من تتابع ضرباتهم عليها ومحاولات إسقاطها إلا أنها قاومتهم بكل قوة.. بل انطلقت تصنع فوق روابيها حضارة إسلامية رائعة مثل روعة ثباتها وصمودها .. حتى مطالع 890 هـ حيث كثّف النصارى هجماتهم على غرناطة مصممين على احتلالها وكسر صمودها.. وعازمين على إدخالها تحت راية دينهم مهما كلفهم الأمر.. خشية أن تبقى هذه المملكة المقاومة مأوى يجمع المسلمين مرة أخرى .. وأمام الحصار الهائل والضغط المتواصل.. وضعف الدولة الإسلامية.. وتخاذل المسلمين في أنحاء العالم الإسلامي عن النصرة.. سقطت تلك المملكة الإسلامية الجميلة ولسان حالها ( ليس بالإمكان أحسن مما كان ).. وأعلنت استسلامها وخضوعها للمد الصليبي الظالم.. في صورة مأساوية مؤلمة تصنع بتفاصيلها جرحا غائرا في قلب كل مسلم .
عزيزي القارئ .. انتقل معي الآن من هذه المقدمة البسيطة على أطلال غرناطة الأندلس الجميلة التي ضاعت منا واكتفينا بالبكاء عليها .. إلى هذا العصر حيث ترتسم لنا معالم غرناطة أخرى.. ابتدرها الأعداء من كل جانب .. وتكالبوا عليها من كل جهة .. يريدون احتلالها وكسر أنفتها والقضاء على شموخها وإبائها .. كما فعلوا بكثير من أخواتها في أنحاء العالم الإسلامي .. فيما هي تقف ولا تزال صامدة في وجه هذه المعركة الشرسة التي تستهدفها .. وترفع رأسها شامخة أمام سيل جارف من السهام الموجهة إليها .. تتحدى مرتزقة الفكر وفقراء الضمير .. الذين يريدون القضاء على جمالها وشرفها وإبائها بأي ثمن وبكل وسيلة .
غرناطة هذا العصر .. هي المرأة السعودية .. بنت التوحيد .. التي تداعى عليها دعاة العلمنة والتحرر من كل باب .. يزينون لها الرذيلة .. ويرسمون لها سبيل المنكر .. يريدونها سلعة رخيصة مبتذلة .. كما حصل في كثير من بلدان الإسلام .. إذ نجحت دعوات تحرير المرأة أن تحقق أهدافها وتجني ثمارها .. فقد رمي الحجاب وامتهنت كرامة المرأة .. وظهرت في الشوارع والمسلسلات والأفلام في أوضاع أخلاقية مشينة .. وانحدر المستوى الأخلاقي في كثير من المجتمعات الإسلامية حتى أصبح المعروف منكرا والمنكر معروفا .. وأصبحت من تلبس الحجاب تحاسب على لبسها له .. ولا يسمح لها بذلك إلا في أماكن محددة .. مثلما حدث في الدولة العربية تونس حيث وضعت لافتة على بوابة إحدى كليات الشريعة كتب عليها :
يسمح لمن أرادت لبس الحجاب بذلك !!!
ناهيك عن الاختلاط والتساهل فيه.. بل اعتباره أمرا طبيعيا.. حتى أصبحت بعض المجتمعات الإسلامية لا يمكن التفريق بينها وبين المجتمعات الغربية إلا جغرافيا !! كل ذلك كان ثمرة دعوات متلاحقة للقضاء على مظاهر العفة والكرامة لدى المرأة المسلمة .. حتى أوصلتها إلى هذا الدرك السحيق .. ومع ذلك فلا يزال في الشعوب الإسلامية خير كثير .. بل بدأت في المجتمعات النسائية بوادر صحوة إسلامية عائدة إلى المنهل النقي كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .. مع أن وسائل الإعلام المفسدة تحاول تصوير الأمر بخلاف ذلك .
وهنا في المعقل الأخير والأقوى من معاقل الحجاب والعفة والفضيلة .. تتصاعد دعوات المفسدين بين الحين والآخر.. وترتفع أصواتهم المنادية بتحرير المرأة تحت دعاوى الإصلاح و التحضر والمدنية ومواكبة العصر !! وبأيديهم أسلحة الدمار الإعلامي الشامل .. الذي يبتذل المرأة في كل شئ .. بدءا من الأفلام والمسلسلات وانتهاء بالدعايات والأعلانات التجارية على أغلفة المجلات وصفحات الجرائد .. كل هذا من أجل خوض تجربة جديدة من تجارب التحرير وضحيتها كالمعتاد ( المرأة المسلمة ) .. وهذه المرة في أقوى معقل من معاقلها .. في بلد التوحيد وقلب العالم الإسلامي .
هذه المرة يتظاهر دعاة التحرير الجدد بالإشفاق على المرأة وإنقاذها من التخلف والرجعية التي تعيش فيها بسبب حبسها في بيتها .. وانغلاقها داخل حجابها .. وعدم ممارستها لحقها في العمل ومخالطة الرجال .. الخ من الدعاوى التي ظاهرها وباطنها العذاب والفساد .. يزينون بها المنكر ويلبسون الحق بالباطل .. فإن خالفهم مخالف أو احتج عليهم كالوا له سيلا من الاتهامات بأنه متخلف ورجعي وإرهابي ومجرم .. لا يعرف حقوق المرأة ولا يعترف بها ..
يقابل هذا الهجوم المتنامي من دعاة التحرر .. ضعف دعوي توجيهي .. وحلول وقتية هزيلة .. وتخاذل رسمي يقف موقف المتفرج أحيانا كثيرة.. وأحيانا يكتفي بالتعليق من طرف خفيّ.. وأحيانا يغمض عينيه عما يرى ويقرأ.. ويصم أذنيه عما يسمع.. وكأن الأمر لا يعنيه من قريب ولا بعيد .. وكأنه آثر أن يمسك العصا من المنتصف .. أو من جهة اليسار قليلا .. !!
رغم هذا كله .. فإن غرناطة لا تزال صامدة .. وإن كان بعض أسوارها قد أثرت فيه ضربات الأعداء .. فهل نتداركها قبل أن تسقط كما سقطت غرناطة الأولى ؟؟
حينها سنبكي كثيرا .. ولكن لن ينفع البكاء ..
منقول
تتابع المد النصراني حتى التهم الأندلس كلها أو كاد .. حتى توقف أمام أعتاب مملكة فتيّة قامت في أقصى الجنوب الأندلسي .. كانت رغم صغر مساحتها وقلة عدد سكانها بمثابة التحدي لذلك المد الغاشم إذ ثبتت هذه المملكة طيلة قرنين ونصف من الزمان.. وقاومت هجمات النصارى الطامعة في القضاء على الوجود الإسلامي في الأندلس تماما.. والراغبة في ضم هذه المملكة العنيدة إلى أخوتها اللواتي سقطن منذ زمن بعيد وارتفعت فوقهن رايات الصليب .
كانت مملكة ( غرناطة ) معادلة صعبة استعصى حلها على الأسبان زمنا ليس بالقصير.. فبالرغم من تتابع ضرباتهم عليها ومحاولات إسقاطها إلا أنها قاومتهم بكل قوة.. بل انطلقت تصنع فوق روابيها حضارة إسلامية رائعة مثل روعة ثباتها وصمودها .. حتى مطالع 890 هـ حيث كثّف النصارى هجماتهم على غرناطة مصممين على احتلالها وكسر صمودها.. وعازمين على إدخالها تحت راية دينهم مهما كلفهم الأمر.. خشية أن تبقى هذه المملكة المقاومة مأوى يجمع المسلمين مرة أخرى .. وأمام الحصار الهائل والضغط المتواصل.. وضعف الدولة الإسلامية.. وتخاذل المسلمين في أنحاء العالم الإسلامي عن النصرة.. سقطت تلك المملكة الإسلامية الجميلة ولسان حالها ( ليس بالإمكان أحسن مما كان ).. وأعلنت استسلامها وخضوعها للمد الصليبي الظالم.. في صورة مأساوية مؤلمة تصنع بتفاصيلها جرحا غائرا في قلب كل مسلم .
عزيزي القارئ .. انتقل معي الآن من هذه المقدمة البسيطة على أطلال غرناطة الأندلس الجميلة التي ضاعت منا واكتفينا بالبكاء عليها .. إلى هذا العصر حيث ترتسم لنا معالم غرناطة أخرى.. ابتدرها الأعداء من كل جانب .. وتكالبوا عليها من كل جهة .. يريدون احتلالها وكسر أنفتها والقضاء على شموخها وإبائها .. كما فعلوا بكثير من أخواتها في أنحاء العالم الإسلامي .. فيما هي تقف ولا تزال صامدة في وجه هذه المعركة الشرسة التي تستهدفها .. وترفع رأسها شامخة أمام سيل جارف من السهام الموجهة إليها .. تتحدى مرتزقة الفكر وفقراء الضمير .. الذين يريدون القضاء على جمالها وشرفها وإبائها بأي ثمن وبكل وسيلة .
غرناطة هذا العصر .. هي المرأة السعودية .. بنت التوحيد .. التي تداعى عليها دعاة العلمنة والتحرر من كل باب .. يزينون لها الرذيلة .. ويرسمون لها سبيل المنكر .. يريدونها سلعة رخيصة مبتذلة .. كما حصل في كثير من بلدان الإسلام .. إذ نجحت دعوات تحرير المرأة أن تحقق أهدافها وتجني ثمارها .. فقد رمي الحجاب وامتهنت كرامة المرأة .. وظهرت في الشوارع والمسلسلات والأفلام في أوضاع أخلاقية مشينة .. وانحدر المستوى الأخلاقي في كثير من المجتمعات الإسلامية حتى أصبح المعروف منكرا والمنكر معروفا .. وأصبحت من تلبس الحجاب تحاسب على لبسها له .. ولا يسمح لها بذلك إلا في أماكن محددة .. مثلما حدث في الدولة العربية تونس حيث وضعت لافتة على بوابة إحدى كليات الشريعة كتب عليها :
يسمح لمن أرادت لبس الحجاب بذلك !!!
ناهيك عن الاختلاط والتساهل فيه.. بل اعتباره أمرا طبيعيا.. حتى أصبحت بعض المجتمعات الإسلامية لا يمكن التفريق بينها وبين المجتمعات الغربية إلا جغرافيا !! كل ذلك كان ثمرة دعوات متلاحقة للقضاء على مظاهر العفة والكرامة لدى المرأة المسلمة .. حتى أوصلتها إلى هذا الدرك السحيق .. ومع ذلك فلا يزال في الشعوب الإسلامية خير كثير .. بل بدأت في المجتمعات النسائية بوادر صحوة إسلامية عائدة إلى المنهل النقي كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .. مع أن وسائل الإعلام المفسدة تحاول تصوير الأمر بخلاف ذلك .
وهنا في المعقل الأخير والأقوى من معاقل الحجاب والعفة والفضيلة .. تتصاعد دعوات المفسدين بين الحين والآخر.. وترتفع أصواتهم المنادية بتحرير المرأة تحت دعاوى الإصلاح و التحضر والمدنية ومواكبة العصر !! وبأيديهم أسلحة الدمار الإعلامي الشامل .. الذي يبتذل المرأة في كل شئ .. بدءا من الأفلام والمسلسلات وانتهاء بالدعايات والأعلانات التجارية على أغلفة المجلات وصفحات الجرائد .. كل هذا من أجل خوض تجربة جديدة من تجارب التحرير وضحيتها كالمعتاد ( المرأة المسلمة ) .. وهذه المرة في أقوى معقل من معاقلها .. في بلد التوحيد وقلب العالم الإسلامي .
هذه المرة يتظاهر دعاة التحرير الجدد بالإشفاق على المرأة وإنقاذها من التخلف والرجعية التي تعيش فيها بسبب حبسها في بيتها .. وانغلاقها داخل حجابها .. وعدم ممارستها لحقها في العمل ومخالطة الرجال .. الخ من الدعاوى التي ظاهرها وباطنها العذاب والفساد .. يزينون بها المنكر ويلبسون الحق بالباطل .. فإن خالفهم مخالف أو احتج عليهم كالوا له سيلا من الاتهامات بأنه متخلف ورجعي وإرهابي ومجرم .. لا يعرف حقوق المرأة ولا يعترف بها ..
يقابل هذا الهجوم المتنامي من دعاة التحرر .. ضعف دعوي توجيهي .. وحلول وقتية هزيلة .. وتخاذل رسمي يقف موقف المتفرج أحيانا كثيرة.. وأحيانا يكتفي بالتعليق من طرف خفيّ.. وأحيانا يغمض عينيه عما يرى ويقرأ.. ويصم أذنيه عما يسمع.. وكأن الأمر لا يعنيه من قريب ولا بعيد .. وكأنه آثر أن يمسك العصا من المنتصف .. أو من جهة اليسار قليلا .. !!
رغم هذا كله .. فإن غرناطة لا تزال صامدة .. وإن كان بعض أسوارها قد أثرت فيه ضربات الأعداء .. فهل نتداركها قبل أن تسقط كما سقطت غرناطة الأولى ؟؟
حينها سنبكي كثيرا .. ولكن لن ينفع البكاء ..
منقول