المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وقفات في حياتك ....لابد أن تعيها جيدا !!!!


فديت أمي
19-02-2007, 03:25
ربما لايجد المرء في حياته محطة كالمرض , تشده , ترغمه على كبح جماح السرعة التي يمضي بها في هذه الحياة
, ليقف ويفكر بصورة مختلفة , وليرى الحياة من زاوية مغايرة .

كاد المرض بعد رحيل وفقد الأحبة أن يصبح الفرصة الوحيدة في حياتنا والتي تجعلنا نعيش حالة
المحنة _المنحة, التي تتكشف فيها البصائر , ويستطيـع الواحد منا فيها ومن خلالها
أن يعيد حساباته كلها من أولها الى آخرها .

المرض يمنحنا ضعفا انسانيا يذكرنا بحاجتنا الى الله , وحاجتنا الى الآخرين , ودورنا في هذه
الحياة , ويضعنا وبالضبط في نظر أنفسنا , وربما في نظر الآخرين في مكاننا المناسب وحجمنا
الطبيعي .

انه يعطينا شعورا انسانيا غريبا بالعجز , ويذكرنا بأننا لن نخرق الأرض ولن نبلغ الجبال طولا
, فيرغمنا على التخلي عن الشعور بالبطولة والنجومية ونحن نمتطي صهوة جياد العمل والأمل
والتنافس والهرولة نحو قمم كثيرة صغيرة وكبيرة , كلما بلغ المرء واحدة منها , شعر بطعم
مرارة الوصول الى الهدف لانه انما يمنح الحياة طعمها الحلو الجهاد للوصول وليس الوصول
في حدّ ذاته, ولأن المرء يشعر أنه قطع أشواطا وبقي أمامه أشواط , وعليه أن يغذّ السير حثيثا
وسياط تسارع العمر وضيق الوقت تلسعه , فلا هو يستطيع أن يحيا كما يريد ولاهو يعرف الراحة
ولا الأمن والطمأنينة, فيأتيه المرض وهو على هذه الحال , ليقنعه وبصعوبة بالغة بأن عليه أن
يوغل رويدا رويدا , لأن المّنبت لاأرضا يمكنه أن يقطعها, ولا هو أبقى خيلا يستخدمها في ماتبقى
له من رحلة.

يضطرنا المرض الى الاعتراف بأن الحياة يمكن أن تمضي من دوننا , ومن دون هذا الدور الصغير
أو الكبير الذي طالما ظننا أن أحدا غيرنا لايمكنه أن يسد هذه الثغرة التي نقف عليها.

مع المرض يكتشف المرء أن أولاده يمكنهم التكيف مع الحياة من دونه , وأن أعماله يمكنها أن
تسير دون اذنه , وأن بيته لن ينهدم في حال ازاحته من الطريق , فالحياة تمضي لاتلوي على
أحد , ولاتتوقف لمرض أحد , ولاتغير مسارها لموت أحد .

المرض فرصة شبه وحيدة ليعرف المرء مشاعر الآخرين الحقيقية نحوه , وليكتشف كم هي هائلة
وقذرة أكوام المشاعر المزيفة التي كانت تحيط به من كل حدب وصوب .

كم هو كبير وخطير حجم النفاق وحجم الوصوليين , وحجم هؤلاء الذين يعتبرونك دخيلا على حياتهم
,فتكتشف على حين غرة أنك كنت أخا لبعض من لايريدون أخوتك , وصديقا لبعض من ينفر من
صداقتك , ولعل الواحد منا أن يعيش عمرا عريضا يداري اخوانه وأصدقاءه , وهو يعلم حقيقة
مشاعرهم نحوه ولكنه يخدع نفسه محبة واخلاصا لهم ,أوحرصا عليهم وخوفا من نأيه وبعده
وبقائه وحيدا , حتى يأتيه المرض فيكشف له كل الأقنعة , ويريه بأشعة خاصة حقيقة كل الوجوه
التي كان يحب رؤيتها , وحقيقة كل الأصوات التي طالما تلهف لسماعها , وحقيقة كل القلوب
التي طالما جعلها في مكانة الملك والسلطان في قلبه ونفسه.

المرض محطة , ولعلها المحطة الوحيدة الأكثر أهمية واثارة ومنفعة في حياة الانسان ,
لأنها تشعره بانسانيته وعجزه وتكشف له عن حقائق طالما جبن عن أن يكشف الستار عنها
, فتريه طبيعة الأشياء في حياته , وطبيعة الحياة وحقيقة مكانه في هذه الحياة.

المرض ..انه الفرصة شبه الوحيدة في حياتنا التي تجعلنا نفهم بكل أبعاد الفهم حاجتنا الى الله
, ومكاننا في هذه الأرض نسبة اليه , وافتقارنا الشديد الى الاتكاء على نافذة الألم التي يفتحها
لنا كل صباح ومساء لنعيش تنفس الفجر ونسائم السلام والطمأنينة , خاصة عندما يقف الطب
عاجزا عن مساعدة المريض , وبعد اللهاث والجريان تعود الآمال يأسا , والدواء علقما لايضر
ولاينفع , ويلتفت المرء الى أول الطريق من حيث أتى , ومن حيث بدأ ليرفع رأسه الى الأعلى
, لعل نسائم الرحمة تأتيه بالفرج , ليتذكر أنه لاشاف الا الله , ولارافع للبلاء الا هو.

المرض ..آلام تصفي الروح مما علق بها من شوائب , ومعاناة تجعل القلب رقيقا , وتسمو
بالروح الى عوالم حب خاصة , يكتشف فيها المرء كل أولئك المحبين المخلصين الذين طالما
جعلهم على هامش حياته دون أن يلتفت اليهم , وهو يهرول نحو قلوب متصحرة عاجزة عن
مبادلته الحب أو الاخوة ...أو حتى الرثاء.
....هي وقفات بل فقهيات في المرض ....لابد أن نعيها جيدا ..
اللهم اشف مرضانا ومرضي المسلمين
width=400 height=350

البالود
19-02-2007, 07:25
من الأشياء الجميلة أن تصبح على موضوع كهذا الموضوع

,

الله يعافيك

اشكرك جزيل الشكر

تقبلي خالص الود والتقدير

الفراولة22
19-02-2007, 12:08
بارك الله فيك

عادل الثبيتي
19-02-2007, 13:39
يعطيك العافيه وبارك الله فيك وجزاك الله خيراً ،،،

bero
19-02-2007, 15:58
فتكتشف على حين غرة أنك كنت أخا لبعض من لا يريدون أخوتك , وصديقا لبعض من ينفر من
صداقتك , ولعل الواحد منا أن يعيش عمرا عريضا يداري إخوانه وأصدقاءه , وهو يعلم حقيقة
مشاعرهم نحوه ولكنه يخدع نفسه محبة وإخلاصا لهم ,أو حرصا عليهم وخوفا من نأيه وبعده
وبقائه وحيدا , حتى يأتيه المرض فيكشف له كل الأقنعة , ويريه بأشعة خاصة حقيقة كل الوجوه
التي كان يحب رؤيتها , وحقيقة كل الأصوات التي طالما تلهف لسماعها , وحقيقة كل القلوب
التي طالما جعلها في مكانة الملك والسلطان في قلبه ونفسه

فديت أمي

كلمات مؤلمة لكنها واقعية... كل إنسان لابد أن يواجهها في حياته ليس فقط في حالة المرض بل في الكثير من المواقف الضعيفة التي يكون فيها والتي ابرز ما فيها المرض...

الروعة تكمن في ما سطرته أناملك...

لكِ كل التقدير..

شموخ الصمت
19-02-2007, 22:23
فديت أمي ..

فدتك الأقلام ..

يراعُك نادر

وفقك الباري وسدد لك الخطى .

ناصر اللحياني
20-02-2007, 15:43
موضوع رائع جدا

وهو مصادق لقوله صلى الله عليه وسلم

( ما يصيب المسلم من وصب ولا نصب ولا هم ولا حزن ولا أذى

ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه )

وجزيت خيرا

احساس
22-02-2007, 20:48
جزاك الله خيرا"
وأجزل لك المثوبة
يا أختي....
بارك الله فيك