مشاهدة النسخة كاملة : هل نؤمن حقا بنظرية الانفجار العظيم ؟!
ولد أبوي
02-03-2007, 22:22
بسم الله الرحمن الرحيم ...
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد ...
أحبتي في الله ..
أحببت أن أناقشكم في نظرية الانفجار العظيم ...
وهل فعلا ... نحن نؤمن بها ....
وهل ديننا يؤيدها ؟
سأختصر الموضوع ..
من إحدى الظواهر والتي تحدثت عنها النظرية ... هو تكون الشمس والأرض
وأن الأرض انفصلت عن الشمس ...
حيث تكونت الشمس قبل تكون الأرض ...
هذه نقطة الخلاف ....
هناك الكثير من نقاط الخلاف ....
لكن سأركز على هذه
تكون الشمس قبل الأرض ..
هل يتكلم ديننا عن هذا الامر ؟
وبنفس الصياغة ؟
المشس قبل الأرض ؟
لا....
الأرض تكونت قبل الشمس ....
تقولون لي .. ما الدليل ؟
الدليل واضح أحبتي ...
أولا .. الكثير منا يتفق على أن الشمس عبارة عن نجم ...
حسنا ..
أما قال تعالى : (( خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمًّى أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ )) [الزمر : 5]
يتبين لنا هنا ... ان خلق السماوات والأرض .... سبق خلق الشمس والقمر ....
فكيف تخلق الشمس قبل السماء ؟؟
هل نحن متفقون الآن ؟
السماء خلقت قبل الشمس ...
حسنا ..
أما قال تعالى : (( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ )) [الأنبياء : 30]
وهنا يتبين لنا أن الله سبحانه وتعالى خلق السماوات والأرض من جزء واحد ...
كتلة واحدة
ففتقهما رب العزة ....
............................................
ألا يتبين لكم أن الأرض خلقت قبل الشمس ؟
فكيف نؤمن بنظرية الانفجار العظيم ؟ والتي تقول أن الشمس تكونت قبل الأرض ؟
في انتظاركم ...
احمد محمد فتحى
03-03-2007, 02:19
اخى الكريم
اولا لا يحكم على العلم بالدين وهذا لاسباب متعدده
لا محل لذكرها هنا
ولكنى اقول ان نظرية الانفجارالعظيم صحيحه الى ان تاتى نظريه اخرى اصح منها
ومن اسباب صحة تلك النظريه
انها اثبتت الخلفيه الكونيه الاشعاعيه
ومنها انها اثبتت تباعد المجرات عن بعضهاالبعض ومنها انها اثبتت ديناميكية احركه الكونيه
اما ما يمكن القول به فى الاخطاء التى تدعو الى سقوط تلك النظريه هى
اننا اذا كنا نفكر حقا فى بداية الكون فيجب ان تقول تلك النظرية مما تكونت تلك الكتله الكونيه الاولى والتى انفجرت
كما انه توجد بعض من المجرات تقترب من بعضها البعض وواضعوا تلك النظريه على علم بهذا وتم اعتبار ذالك حاله استثنائيه
الى غير ذالك من الاسئله التى لم يكن لهذه النظريهان تجب عليها
ومع ذالك اذكر فقط بانها صحيحه الى ان تاتى نظريه اخرى اصح منها
اما من ناحية تفسير الايات الكريمه التى ذكرتها سابقا فالرتق والفتق لهما من المعانى غيلا المتداول فىما يدرج على السنة من يقول بالاعجاز العلمى للقران والحقيقه غير ذالك
واسف للاطاله
ولك التعليق مع شكرى
شكرا جزيلا لك استاذ ولد ابوي على استنتاجاتك الرائعة
واشكر استاذ احمد على التوضوح رغم يوجد لدي بعض الغموض حول فهم نشأة الكون
1- كثيرا ما اسمع عن الخلفية الكونية الاشعاعية ,, ماذا يقصد بذلك ؟
2 - بخصوص تمدد او حركة الكون تنسب الى من اي يتمدد الكون بالنسبة الى من ؟
تقبلوا تحياتي
ولد أبوي
03-03-2007, 13:48
أشكرك أخي أحمد .. على تعليقك ...
يمكننا من القرآن أن نعرف الكثير من العلوم ....
والكثير من الأشياء التي لم تعرف بعد ..
أخي أحمد ..
عندما قرأ أحد الكفرة ... آية في سورة النمل ..
قال تعالى : (( حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ )) [النمل : 18]
كان يريد أن يثبت أن القرآن يحوي على الكثير من الاخطاء ...
فلما وجد هذه الآية ... قال : نعم ... هذا أكبر دليل على أن القرآن خطأ ...
حيث قرأ كلمة (( لا يحطمنكم )) من التحطم ...
وهو خلاف ما يحصل للعضلات .. حيث يحصل لها تمزق ...
وعندها اكتشف هذا العالم أن هناك نسبة كبيرة من الزجاج يتكون منها جسم النمل ...
فتكون الكلمة الأنسب .. هي (( لا يحطمنكم )) ...
**************
الشاهد .. أنه بإمكاننا معرفة الكثير من الأشياء من القرآن ...
أوليس الله سبحانه هو من خلقنا ؟
وهو من أنزل القرآن على نبينا ؟
بلى ...
*************************
نظرية الانفجار العظيم ....
نظرية عظيمة ... فسرت الكثير من الأشياء التي تدور في كوننا ...
لكن .. الذي جعلني أخالفها الرأي ...
أنها تؤثر في ديننا تأثيرا كبيرا ...
فإن من يعتقد بهذه النظرية ... يقول أن الكون ليس له حدود ...
وأنه مازال في توسع ....
أي كلام هذا ؟
لو كان الأمر كذلك
لما قال النبي صلى الله عليه وسلم .... أن بين كل سماء وسماء مسيرة خمسمئة عام ... وسمك كل سماء مسيرة خمسمئة عام ....
واضع النظرية ... يؤمن بأنه ليس هناك إله لهذا الكون ...
وأن الكون نشأ بالصدفة ...
لا حول ولا قوة إلا بالله ...
****************
كنت أريد أن أبين نقطة ... وهي نقطة خلاف ...
وأريد التوضيح منكم يا مسلمين ....
أما قال تعالى : (( خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمًّى أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ )) [الزمر : 5]
وبعد قراءة المشاركة الأولى ..
كيف لنا أن نقول أن الشمس خلقت قبل الأرض ؟
لا مانع من النقاش ....
وانا في الانتظار ...
أخوكم / ولد أبوي
Abofaisal2008
03-03-2007, 14:54
بارك الله فيك ولد أبوي
لكن أين هي نظرية الانفجار الكبير .. أليس من الأولى ان تضع النظرية أولا
ثم بعد ذلك تنتقدها .. لأني دخلت و مثل كثير من الأخوان لا يعرف عن هذه النظرية غير
اسمها و بالتالي سوف يصطدم ان امامه نقد لنظرية بدون نظرية !!!
ولد أبوي
03-03-2007, 15:01
أنا آسف جدا ... لأني لم أعرف أن البعض منكم لا يعرفها ...
على العموم ... لا بأس
هاهي النظرية منقولة من موسوعة وبيكيبيديا ..
*************************
في علم الكون الفيزيائي، نظرية الانفجار العظيم أحد النظريات المطروحة في علم الكون و التي ترى بأن الكون قد نشأ من وضعية حارة شديدة الكثافة تقريبا قبل حوالي 13.7 مليار سنة. نشأت نظرية الإنفجار العظيم نتيجة لملاحظات هبل حول تباعد المجرات عن بعضها، مما يعني عندما يؤخذ بعين الإعتبار مع المبدأ الكوني أن الفضاء المتري يتمدد وفق نموذج فريدمان-ليمايتري للنسبية العامة Friedmann-Lemaître model . هذه الملاحظات تشير إلى أن الكون بكل ما فيه من مادة و طاقة انبثق من حالة بدائية ذات كثافة و حرارة عاليتين شبيهة بالمتفردات الثقالية gravitational singularity التي تتنبأ بها النسبية العامة . ولهذا توصف تلك المرحلة بالحقبة المتفردة.
فإذا كان الكون يتمدد فما من شك أن حجمه في الماضي كان أصغر من حجمه اليوم، و أن حجمه في المستقبل سيكون أكبر منهما. و إذا تمكنا من حساب سرعة التمدد يمكننا التنبؤ بالزمن الذي احتاجه الكون حتى وصل إلى الحجم الراهن، و بالتالي يمكننا تقدير عمر الكون وهو 14 مليار سنة تقريباً. تتحدث نظرية الانفجار العظيم عن نشوء و أصل الكون إضافة لرتكيب المادة الأولى primordial matter من خلال عملية الاصطناع النووي nucleosynthesis كما تتنبأ بها نظرية ألفر-بيث-غامو Alpher-Bethe-Gamow theory .
من هنا للمزيد من المعلومات (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D9%81%D8%AC%D8%A7%D8%B1_% D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B8%D9%8A%D9%85)
احمد محمد فتحى
03-03-2007, 18:21
الكريم
ايهما اولا الشمس ام الارض
الليل ام النهار
جميعها يعلم الجميع انهم وجدوا معا
وهذا لانه بالشمس يكون الليل والنههار ولا يكون الليل ولا النهار الا لارض
لك التعليق مع شكرى
طالب علم
05-03-2007, 02:15
السلام عليكم :
الأخ الكريم ولد أبوي : نظرتك المباركة من حيث الاعتقاد : بأن ما في العلم يجب أن يتساوق مع ما في الدين , جوهرة ثمينة , هنيئاً لمن يحرص على اقتنائها وحفظها .. ولكن ما هكذا تورد الإبل .. !!
1 - فنظرية الانفجار الأعظم ما زالت نظرية ..
2 - وكون واضعها غير مؤمن ولا مسلم , لا نلتفت إلى ذلك إلا بعد أن يظهر لنا مدى مطابقتها للواقع , أي : بعد الخوض في كلياتها و جزئياتها و مآلاتها و دراستها بدقة وعمق بالغين ...
3 - هل اطلعت على معنى ( السماوات – والسماء ) ومدلولاتهما في اللغة العربية , وفي كتب التفسير ؟
4 - أما قرأت قول الله تعالى : { تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُّنِيراً } الفرقان61
حيث قال جل ذكره : جعل في السماء , ولم يقل جعل على السماء أو تحتها أو بجوارها ... !!
5 - ألا ترى معي ؛ أنه تتحتم الإحاطة بالعلوم العربية والعلوم الشرعية , إضافة إلى العلم الكوني الذي يُقصد مقارنته بها , على كل من أراد البحث في هذه المسائل , كي لا تكون النتائج غير ما أراده من خير ؟
6 - إن التعميم الذي ذكره الأخ الكريم احمد محمد فتحى في المشاركة ( 2 ) بقوله : (( اما من ناحية تفسير الايات الكريمه التى ذكرتها سابقا فالرتق والفتق لهما من المعانى غيلا المتداول فىما يدرج على السنة من يقول بالاعجاز العلمى للقران والحقيقه غير ذالك ))
لا أحسب أنه يستقيم لدى من ينشد البحث العلمي ...
ولكم تحياتي
ولد أبوي
06-03-2007, 14:42
كون واضعها غير مؤمن ولا مسلم , لا نلتفت إلى ذلك
أهلا وسهلا أخي ...
حقيقة .... أنا معك في هذا ..
لكنك لم تقرأ جيدا ماذا كتبت ...
أنا لا أؤمن بالنظرية ... لأن من كثير ممن يؤمنون بهذه النظرية ... يعتقدون أنه لا وجود للخالق
لأن أحد العلماء ... الكفرة ... مستعينا بهذه النظرية ... أثبت أنه لا وجود للخالق ... - تعالى الله عن ذلك -
وما علينا نحن المسلمين
أن ننكر مثل هذه الأقوال والإدعاءات ...
***********************
أما قرأت قول الله تعالى : { تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُّنِيراً } الفرقان61
حيث قال جل ذكره : جعل في السماء , ولم يقل جعل على السماء أو تحتها أو بجوارها ... !!
أحضر كرة ... ثم انفخها .... بالهواء ...
أين الكرة ؟
الكرة هي الجلد المنفوخ ...
هل ما بداخله .... يعتبر كرة ؟
لا
ما بداخله هواء ...
هل نقول ... الهواء تحت الكرة ؟
أم نقول الهواء في الكرة ؟؟؟؟
أنا لم أذكر شيئا يعارض ما ذكرته ...
القمر والشمس والأرض .. كلها في السماء .... وكما قال تعالى في الآية التي ذكرتها ...
****************************************
طالب علم
07-03-2007, 02:50
السلام عليكم :
الأخ الكريم ولد أبوي :
قلتَ : (( أنا لا أؤمن بالنظرية ... لأن من كثير ممن يؤمنون بهذه النظرية ... يعتقدون أنه لا وجود للخالق
لأن أحد العلماء ... الكفرة ... مستعينا بهذه النظرية ... أثبت أنه لا وجود للخالق ... - تعالى الله عن ذلك - ))
أقول : إيماننا أو عدم إيماننا بشيء , لا يتوقف على إيمان الآخرين , ولا على ما يفعلون ..
إنما يتوقف على مفهومنا نحن , وعلى ما نفعله نحن ...
قلتَ : (( ..... القمر والشمس والأرض .. كلها في السماء .... وكما قال تعالى في الآية التي ذكرتها ... ))
أقول : إذن ؛ بحسب فهمك هذا , لم يعد هناك إشكال في طرحك ..
لأنه , وفق هذا القول , فإن ( السماء والشمس والأرض والقمر ..... ) جميعها , كانت مخلوقة , وكانت رتقاً ...
وأقول : ليس في الآيات الكريمة التي ذكرتَها , ما يدل على أن الأرض خُلقت قبل الشمس ...
ولكم تحياتي
شكرا شكرا اخي الاستاذ ولد ابوي على الموضوع فعلا هذا التساءول دار في عقلي لكن كنت دوما ما اقول العلم قاصر لأن الانسان مهما بلغ سيكون تفكيره ضيق على النطاق الذي عاش به وستاتي الايام بالجديد ولا زال الانسان يكتشف
والدليل واضح حيث هناك نظريات قامت لها الدنيا وصفقت وبعد فترة اكتشف خطأها لكن اين دور المسلمين العلماء بين ايديهم كتاب الله فيه من الايات ما الله به عالم الى هذه اللحظة نحن لا نحسن التفكير
اينكم ياعلماء المسلمين لابد ان نقف مع انفسنا وقفة صدق ونعلنها للملء ها نحن قادمون
في احد المقابلات مع احد العلماء الفلكيين مع العالم عبد المجيد الزنداني
حينما وصف له اية السماء والارض وكيف كانتا رتقا ثم فتقتا انبهر العالم بها اظن العالم ياكندي او ياباني ناسيه المهم من اكابر العلماء الذين عملوا على نظرية الانفجار الكبير وقال العالم
والله ان هذا الوصف لا يصدر الا من يرى الكون من أعلى وهذا دليل على اننا عملنا على النظرية من جزء ضيق وهذه النظرة واسعة وشاملة ولقد دللتني بهذا الى باب اخر اطرقه في ابحاثي القادمة لقد اولجتني الى
تصور جديد عن الكون انظروا هذا العالم بسرعة البرق االتقف الفائدة ليجري الابحاث بسرعة من هذه النظرة
فما بالنا نحن والقرأن بين ايدينا الله يوفقنا الى ما يحبه ويرضاه
.
حياك الله أخي ولد أبوي : موضوع جدير بالقراءة وتدور حوله نقاشات وندورات علمية ودينية عديدة
وأبغي هنا أن أطرح تساؤل :
ماهو الوسط الذي حدث فيه الإنفجار العظيم ؟ أي هل هو وسط مادي أم عدم ؟
فإذا كان وسطاً مادياً فهذا يعني أن المادة موجودة قبل ولادة الكون فما هي هذه المادة وما نوعها ؟
وإذا كان الإنفجار حدث في العدم فكيف يمكن أن توجد مادة في العدم , لأن كل ماهو محتوى في العدم هو عدم ؟
وسوف يكون لي عودة انشاء الله
.
ولد أبوي
11-03-2007, 18:43
إخواني وأخواتي ...
سوف أكتب لكم كتاب هداية الحيران في مسألة الدوران .... لتروا وجهة نظر الشيخ عبدالكريم الحميد
وكل ما يأتي بإذن الله باللون الأحمر ... سيكون نص الكتاب .. والأسود هو تعليق مني ....
تحياتي ....
ولد أبوي
11-03-2007, 19:48
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
أما بعد :
فإن مما عمت به البلوى في هذا الزمان : دخول العلوم العصرية على أهل الإسلام ، من أعدائهم الدهرية المعطلة ، ومزاحمتها لعلوم الدين ، وهذه العلوم قسمان :
القسم الأول :
هو علوم مفضولة ، زاحمت علوم الشريعة وأضعفتها . وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : إن العولم المفضولة إذا زاحمت العلوم الفاضلة فأضعفتها فإنها تحرم .
القسم الثاني :
علوم مفسدة للإعتقاد مثل : القول بدوران الأرض ، وغيره من علوم الملاحدة ، لكن موضوع البحث هنا هو : القول بدوران الأرض.
جاءت هذه النظرية الفاسدة الباطلة من قوم لا يقرون بوجود الله الخالق ، فهم لا يعتمدون على وحيه لمعرفة مخلوقات الله ، فعمدتهم في ابحاثهم عقولهم القاصرة ، وفهومهم الخاسرة ، وقد فتن بهم المسلمون أي فتنة ، ومن طلب الهدى في غير وحي الله عز وجل فقد ضل ، وإن ادعى أنه وأنه .
فحقيقة الأمر أنه طلب الهداية لمعرفة مخلوقات الله ممن لا يعرف الله ولا يعترف بوجوه ، كما يصرحون بذلك فهم دهرية معطلة . كيف يوفقون لعلم صحيح في أشياء لا تعرف حقائقها إلا بواسطة العلم الذي أنزله خالقها وموجدها وخالق كل شيء ؟!
والنبي صلى الله عليه وسلم ينزل عليه الوحي من ربه سبحانه صباحا ومساء ، كما أنه صلى الله عليه وسلم صعد إلى فوق السماوات ، وهبط نازلا إلى الأرض ، ورأى من آيات ربه الكبرى ، ولم يقل كملة واحدة تدل على دوران الأرض وحركتها . فقد أخبر عن الزلازل ، والخسوف التي تحدث لها ، وتعرض لها وعما يحدث لها يوم القيامة ، وما ذكر أنها تدور ، بل ورّث لنا من العلم اليقين بثباتها ، ما يدحض حجة كل مبطل ، وذلك مما أوحاه إليه خالقها .
ووالله ، لو أن ربنا عز وجل لم يخبرنا بثبات الأرض ، ولا أخبرنا نبيه صلى الله عليه وسلم بذلك ، لكان من البديهيات والضروريات ألا نشك بثباتها ، كيف وبين أيدينا كلام ربنا وكلام نبينا.
أيظن ظان أن هؤلاء الملاحدة علموا علما خفي على محمد صلى الله عليه وسلام وأصحابه ؟! وهل هؤلاء إلا مادة فساد العالم اليوم ووسيلة ضلاله . ولا شك أن من قلدهم في ضلالهم أنه مفتون .
القول بدوران الأرض يقود إلى التعطيل
ومما ينبغي أن يعلم : أن اعتقاد دوران الأرض ليس هو شيئا هينا ، ولا مسألة جانبية لا علاقة لها بالإعتقاد كما يزعم ذلك من يوفق ، وقد وجد في زماننا كثيرون ينكرون على من ينكرها ، ويبين بطلانها ، ويحذر المسلين من عظيم خطرها . وعلى كل حال ، فليس هذا مانعا لنا إن شاء الله من قول الحق فيها ، وكيف تكون مسألة أصلها التعطيل وتؤول إليه كما سأوضح ذلك إن شاء الله مسالة جانبية لا علاقة لها بالإعتقاد ، ويذم من حذر عنها .
وإنما يعرف حقيقة ما أقول من نظر الأصل الذي بدأت منه في البداية ، ونظر ما تؤول إليه في النهاية أما من يقول : الأرض تدور أو لا تدور الله على كل شيء قدير ، أو من يقول : ليس في الكتاب والسنة دليلا على دورانها ولا على ثباتها ، فهؤلاء لم يأتوا الأمر من وجهه ، وما بذلوا من أجله كبير جهد .
فكون ربنا سبحانه على كل شيء قدير ليس مما نشك فيه ، ولا يورد هذا الكلام إلا لو أن النافي لدورانها يقول : ما يقدر الرب على جعلها تدور ، فيكون ذلك جوابا له .
إذا القدرة ليست هي مورد النزاع ، وإنما المطلوب هو معرفة الحق في ذلك .
كذلك الذي يقول : ليس في الكتاب والسنة ما ينفي ولا ما يثبت دوران الأرض.
لم يحقق القول في هذه المسألة الخطيرة ، بل في الكتاب والسنة الخبر اليقين عن ثباتها ، وعدم حركتها ، إلا بزلزلة ونحوها . كما أن العقول تعرف ذلك ، وسأذكر إن شاء الله من الأدلة والبراهين ما يشفي ويكفي .
بداية هذا الضلال
لما كان القول بدوران الأرض حلقة من سلسلة متصل بعضها ببعض، كان لابد من النظر في أصل ذلك وبدايته ، ومتابعته للنظر في نهايته ، ليتجلى الأمر على حقيقته بدون التباس.
ولعدم إيمان الدهرية بالخالق سبحانه ووحيه ، نظروا إلى الكون باحثين عن أصل المخلوقات والحياة ، معتمدين على عقولهم الضالة ، وما توحيه إليهم شياطينهم ، التي يعتبرون وجودها خرافة كغيرها من الخرافات ، مثل وجود الرب سبحانه والملائكة والسماوات المبنية والكرسي والعرش ، كل هذا لا يدخل حسابهم ، ولا يذكرونه في علومهم . فقد تخلوا عنه . ولما كان الأمر كذلك ، قادهم هذا الدليل الذي اعتمدوه إلى أسوء مصير .
ومعلوم أن العقول لو كملت فهي لا تستقل بمعرفة هذه الأشياء على حقيقتها ، ولا كيف تكونت ، ولا سيما هذه المخلوقات البعيدة الرفيعة من الشمس والقمر والكواكب والسماوات ، فلا بد لمعرفتها من نور الوحي . وعقول هؤلاء ضالة مضلة ، تتخبط في ظلمات بعضها فوق بعض ، لا تهتدي إلى خير ، ولا توفق إلى رشاد ، وإن ادعوا أنهم علماء ، وأنهم فاقوا من سواهم ، فإن فرعون يقول لقومه : (( وما أهديكم إلا سبيل الرشاد )) .
والجاهلية التي يعيشونها اليوم لا تشبه جاهلية العرب ، فأولئك كانت لهم عقول يعرفون بها الخالق ويقرون به ، وأنه خالق السماوات والأرض وجميع المخلوقات ، بل ويعبدونه ، لكنها عبادة شركية لا تنفعهم . أما هؤلاء فهم أحط خلق الله وأرذله . لكن الداء العضال الذي كان من أعظم أسباب الفتنة بهم وبعلومهم المضلة هو : ما ظهر على أيديهم من هذه المخترعات ، التي كان وجودها مفترق الطريق بين منهج السلف وسلوكهم ، وهذا النهج الجديد ، الذي طبق الأرض بأجمعها ، وهو التشبه بهم فأفسدوا الدين والدنيا .
وتقول امرأة منهم : إن أول خطوة في تعاسة الشرق ، تجيء من عدم رضا الشرقيين عن قيمهم . فإمام ما يحيط بهم من بهرج حضارتنا الآلية ، سرعان ما تبدوا الفضائل المعتصرة من قسوة حياتهم هزيلة لا نفع فيها ولا غناء . وبذلك تفقد روحهم كرامتها في هذا العالم وإيمانها بالعالم الآخر . انتهى .
فلما فتنت القلوب بذلك ، وهو هذه الحياة الجديدة الناعمة التشبهية ، وانبهرت لهذه الرفاهيات الدنيوية الدنية ، مع بعد العهد عن نور النبوة ، دخلت الشرور ووقع المحذور . وكان من نتائج ذلك وثماره : تعظيم قلوب المسلمين لهم ، وشعوهم بالنقص والتخلف ، قياسا عليهم ، مما أوجب ذلا نفسيا لا يفارق قلوب المفتونين بهم ، حتى أنه أصبح من مصطلحات أهل العصر التي لا يختلفون فيها ، إذا أطلق لفظ التخلف أو الجهل ، فإنما يقصدون به ما يضاد ما عليه هؤلاء الضلال.
ولذلك يطلقون اسم العلم والتقدم والنهضة والحضارة وما يشبه ذلك ،مما يشعر بحسن الحال والإرتقاء لدرجات الكمال على جاهليتهم ، التي لو أن لجاهلية العرب جاهلية لكانت هذه . فكيف يطلق على علوم هؤلاء اسم العلم ؟! وكيف يسمون علماء وهم أضل من الأنعام ؟! حتى ولا يشبهون الفلاسفة القدامى ، فأولئك رغم ضلالهم ، فإن لهم عقول ومدارك ليست لهؤلاء ، ويعتمدون على أصول وقواعد ، وإن كانت غير صحيحة ، فإنها مشوبة بنوع من الحق . فكثير منهم لا يرفضون النبوات مطلقا كهؤلاء ، بل يوجد كثير من العلم الذي جاءت به الأنبياء في كلامهم .
أما هؤلاء فقد انتحلوا طريقة يعتمدون فيها اعتمادا كليا على عقولهم وشياطينهم ، سموها طريقة العلم والبحث والتجربة ، وسدوا على أنفسهم كل طريق ، وكل باب إلا هذا ، فكان من نتائج ذلك القول بدوران الأرض .
وهذا وإن كانوا مسبوقين إليه ، فيلس قولهم فيه كقول من سبقهم من الضلال ، فهم يعللون وجود هذه المخلوقات وحركتها تعليلا طبيعيا آليا مقطوعا عن خالق مدبر ، وهذا ظاهر في جميع علومهم .
ولذلك يحيلون إلى ماض سحيق مقدر في أذهانهم ، ولم يحيطوا بعلمه .
قال بعض من كتبوا عنهم يصفون حالهم :
علماء الفلسفة والطبيعة الغربيين ينظرون في الكون نظرا مؤسسا على أنه لا خالق له ولا مدبر ولا آمر وليس هناك قوة وراء الطبيعة، والمادة تتصرف في هذا العالم ، وتحكم عليه ، وتدير شئونه ، وصاروا يفسرون هذا العالم الطبيعي ، ويعللون ظواهره وآثاره بطريق ميكانيكي بحت ، وسموا هذا نظرا علميا مجردا ، وسموا كل بحث وفكر يعتقد بوجود إله ويؤمن به طريقا تقليديا ، لا يقوم عندهم على أساس العلم والحكمة ، واستهزأوا به ، واتخذوه سخريا ، ثم انتهى بهم طريقهم الذي اختاروه وبحثهم ونظرهم إلى أنهم جحدوا كل شيء وراء الحركة والمادة ، وأبوا الإيماء بكل مالا يأتي تحت الحس والاختبار ن ولا يدخل تحت الوزن والعد والمساحة ، فأصبح بطريق اللزوم الإيماء بالله وبما رواء الطبيعة ، من قبيل المفروضات ، التي لا يؤيدها العقل ، ولا يشهد بها العلم ، إن منجه التفكير الذي اختاروه ، والموقف الذي اتخذوه في البحث والنظر ، لم يكن ليتفق والدين الذي يقوم على الإيمان بالغيب وأساسه الوحي والنبوة ، ودعوته ونهجه بالحياة الأخروية . انتهى .
السديم
السديم : هو أصل المخلوقات غير الحية عندهم ، وهو عبارة عن مادة غازية موجودة في الفضاء الذي لا نهاية له في خيالهم ، ومنه تكونت الشموس التي انفصلت منها الكواكب بطريقة آلية ميكانيكية كما تقدم .
فالدوران هو الذي سبب الانفصال والانتظام . ويزعمون أن الشموس شديدة الحرارة ، وأنها تدور بسرعة عظيمة ، وإذا انفصل منها شيء فهو يدور حولها بسرعة عظيمة أيضا ، وما يزال كذلك ملايين السنين حتى يتكثف ويبرد . والأرض هكذا تكونت .
وقد قال شيخ الإسلام : القول بإن جواهر العالم أزلية ، وهو القول بقدم المادة ، وكانت متحركة على غير انتظام ، فاتفق اجتماعها وانتظامها ، فحدث هذا العالم قول في غاية الفساد . ومن هذا الإعتقاد الفاسد ولدت نظرية داروين . حيث تمهدت له طريق التعطيل فزعم نشوء الكائنات تلقائيا بما سماه "التطور" و "النشوء والارتقاء"
فإذا كانت هذه الأجرام العظيمة تكونت تلقائيا كما تقدم فكذلك الكائنات الحية بزعمه . وتأمل هذا يبين خطر اعتقاد نظرية الدوران فقد تبين أصلها ونظرية داروين من فروعها ، كذلك تفرع عن ذلك تعليل المالحدة وأتباعهم للدين بعبادة الأب والطوطم ونحو ذلك من الهذيان .
ومن ذلك أيضا تفرعت نظرية "فرويد" وأمثاله . فالكل يرجع إلى أصل واحد وهو أن الكون لا خالق له . وقد قال تعالى : (( أم خلقوا من غير شيء )) أي من غير خالق خلقهم (( أم هم الخالقون )) نظرية داروين هذا هو معناها كل كائن يكون نفسه.
ويأتي إن شاء الله كلام ابن القيم رحمه الله عن "الطبيعة" مثل قوله عن الفلاسفة والطبائعيين وزنادقة الأطباء :
وليست الطبيعة عندهم مربوبة مقهورة تحت قهر قاهر وتسخير مسخر يصرفها كيف يشاء بل هي المتصرفة المدبرة .."طريق الهجرتين صــ 203 "
يتبع
ولد أبوي
12-03-2007, 19:32
ملايين السنين
يزعمون أن الكون بدأ تطوره منذ بليون بليون سنة ، أما الأرض فقد نشات حديثا جدا . إذ لم توجد إلا منذ بليونين من السنين فقط . وهذه الملايين من السنين والبلايين مما ضحكوا به على العالم ، فهم يحيلون عليها بلا كلفة ولا عناء ، وهذا ظاهر في كل أبحاثهم وعلومهم . ومعلوم أن عقلاء بني آدم فضلا عمن يتلقى علومه من مشكاة النبوة تدينا ، لا يقبلون مثل هذه الإحالات ، التي هي أدل دليل على كذب هؤلاء ودجلهم ، بل يعلم العقلاء يقينا ، أنه لا يلجأ إلى هذه الإحالات إلا من هو من أعظم الناس كذبا ، أو فاقد لعقله . ومن أين لهم العلم بوجود هذه المخلوقات في هذه الأزمان السحيقة ، وحدوثها بهذه الطريقة ، ولا شك أن حظ من لم يعتمد في علم هذه الأشياء على ما جاءت به الأنبياء التخبط في ظلمات الضلال ومتاهاته كما حصل لهم .
علم الجيولوجيا
قد يقال : إنهم يعتمدون في بحوثهم هذه على علم الجيولوجيا ، جيث ينقبون ويبحثون في الصخور وطبقات الأرض . هذه في الأرض ، أما ما فوقها فيعتمدون فيه على مناظير مقربة ، حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه من هذه النتائج .
فأقول : من هنا ضل القوم وأضلوا غيرهم . فهذه الوسائل التي استخدموها ، لا تستقل بتحصيل المطلوب ، وقد جاءت ثمار بحثهم وتنقيبهم مهازل ، أنبأت عن عظيم ضلالهم ، مع مسخ عقولهم ، حيث زعموا أن أصل الإنسان من القرود ، وإنما وصلوا إلى هذه النتيجة بواسطة الحفريات والتنقيب ، وهي طريقة لا يسلكها إلا ضال ، ولا يزداد بها إلا ضلالا .
ولما كان الزنداني ممن غرتهم علوم الملاحدة ، وأرادوا أن يفقوا بينها وبين علوم الشريعة المطهرة ، ولم يفقوا ، فقد قال في بعض كتبه تحت عنوان : السير في الأرض لمعرفة كيفية بدء الخلق .
قال : إن تحديد المنهج العلمي للبحث أمر في غاية الأهمية ، وهذه الآية القرآنية (( قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق )) تحدد لنا منهجا علميا لمعرفة كيفية بدأ الخلق ، وتبين أنه لا بد لنا من أن نسير في الأرض باحثين ومنقبين ، وأن معرفة تلك الكيفية التي بدأ بها الخلق تتوقف على سيرنا في الأرض ، وهذا ما وجده الباحثون في هذا الزمان ، من أنه لا بد من دراسة عينات الصخور ، والمقارنة بين تركيبات الأرض المختلفة ، إذا أردنا أن نعرف بدء الخلق على الأرض ، فمن أخبر محمدا النبي الأمي صلى الله عليه وسلم بكل هذا . انتهى .
وهكذا تأول الزنداني وغيره من المتأخرين آيات القرآن ، لتشهد لهذه العلوم المضلة أنها صحيحة ونافعة ، وإلا فمعنى الآية ليس كما قال ، لا تدل عليه ولا تشير إليه .
قال ابن القيم رحمه الله : كل موضع أمر الله سبحانه فيه بالسير في الأرض ، سواء كان السير الحسي على الأقدام والدواب ، أو السير المعنوي بالتفكير والاعتبار ، أو كان اللفظ يعمهما وهو الصواب ، فإنه يدل على الاعتبار والحذر أن يحل بالمخاطبين ما حل بأولئك ، ولهذا أمر الله أولي الأبصار بالاعتبار بما حل بالمكذبين .
ذكر رحمه الله هذا الكلام في " أعلام الموقعين " بعد قوله تعالى : (( أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها )) ثم قال رحمه الله : فأخبر أن حكم الشيء حكم مثله ، ثم ذكر الكلام المتقدم ، فقال : وكذلك كل موضع أمر الله سبحانه فيه بالسير . إلى أن قال : فإنه يدل على الاعتبار والحذر أن يحل بالمخاطبين ما حل بأولئك .
أين هذا من تأويل الزنداني من أن الآية المذكورة تبين أنه لا بد لنا من أن نسير في الأرض باحثين ومنقبين إلى آخر ما قال ؟
فالمنهج العلمي للبحث كما سماه الزنداني شيء ، ومعنى هذه الآية شيء آخر . ولقد جعل آيات من القرآن غير هذه معطلة عن معرفة معناها ، أو مئولة بغير تأويلها إلى أن ظهر هذا العلم المردي المهلك ، فصار معنى هذه الآية وأمثالها البحث والتنقيب ، ودراسة عينات الصخور ، والمقارنة بين تركيبات الأرض المختلفة .
وإن من عظيم ما أصيب به الإسلام اليوم ثمار هذا البحث ونتائجه ، وهو القول بدوران الأرض ، والضلال في بداية نشأة الكائنات الحية ، وغير ذلك من الباطل الذي ضل به الدهرية ، وأضلوا به من قلدهم .
أما طريقة القرآن فشيء آخر لا يقارب هذا ولا يدانيه ، بل يفضحه ويبين بطلانه ، ولم يرد الله منا أن نبحث وننقب ، فقد أراحنا وله الحمد من هذا العناء المفضي إلى الضلال ، ولم يكل معرفة بداية المخلوقات ولا نهايتها لبحثنا وتنقيبنا ، فقد أخبرنا بما كان وما سيكون مما ننتفع بمعرفته ، ولقد حسدنا هؤلاء الملاحدة ، الذين يكدحون طوال أعمارهم في البحث والتنقيب ، ثم في النهاية يأتون بنتائج ضالة مضلة لا يقبلها إلا عقل زائغ مفتون ، مثل : تسلسل الإنسان من القرود ، ودوران الأرض . فالقرآن فيه نبأ من قبلنا ، وخبر من بعدنا ، وفيه هداية الخلق لما خلقوا له ، حاشا أن يكن فيه الأمر بهذا الباطل والضلال .
وليست هذه من طرق السلف في علومهم ومعارفهم ، وقد أنكروا على المتكلمين ، وذموهم وضللوهم بانتحالهم طريقا لم يكن عليها النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه ، ولقد كانت نهاية المتكلمين الحيرة والضلال كما هو معروف مع أنهم لم ينكروا وجود الخالق ، ولكن أرادوا أن يستدلوا عليه ، ويعرفوه بغير طريق الدين ، الذي كان عليه نبيهم وسلفهم الصالحون ، فضلوا وأضلوا غيرهم فكيف بهؤلاء الذين يصرحون أنهم من أول خطوة يخطونها في طريق بحثهم وتنقيبهم منكرون لوجود الخالق سبحانه ، فأي خير يرجى من هؤلاء ؟!
هذا بالنسبة للبحث والتنقيب في الأرض . أما الأجرام العلوية فأنى لهم اكتشاف حقائقها بهذه المناظير التي غايتها مسافات قريبة لا نسبة لها والأبعاد التي بينهم وبينها . فهذا النظر والرصد لا يحصلون منه إلا على الزيادة في الضلال ، ولذلك جاءوا بنتائج هي أعظم خطأ وأشد خطرا من زعمهم تسلسل الإنساء من القرد . فبواسطة هذه المناظير أنكروا وجود السماوات السبع المبنية وما فوقها ، وازدادوا ضلالا في إنكار وجود الرب سبحانه ، وهذا هو مراد إبليس منهم بهذه الشيطنة ، وليتخذهم وسيلة لإضلالنا .
ولقد جاء ذلك كله نتيجة اعتقادهم دوران الأرض . وقد كتب في ذلك من سبر حقيقة أمرهم وما آلت إليه حالهم بعد اعتقادهم دوران الأرض وما تبعه .
قال : كان من آثار القول بأن الأرض تدور حول الشمس : أن اعتبرت الدول الأوربية كل الذي عاش فيه الإنسان من تطلعه الدائم إلى السماء ، وربط مصيره بيوم القيامة ، ورجوعه إلى الله ، والوعد والوعيد ، والجنة والنار ، هو من أوهام العقل وترهاته في طفولته ، وأصبحت الصيحة التي تمثل الحضارة والمدينة الحديثة هي تحطيم الآمال عن التعلق بالحياة الآخرة ، والإخلاد إلى الأرض ، وقامت الأناشيد والأغاني لأمنا الأرض ، وأصبح كل حديث عن السماء ، وعن الملائكة التي في السماء بما في ذلك الحديث عن رب السماء هو محض هذيان ، وصرف للناس عن حقائق الحياة ، وهو حديث العجائز والشعوب المنحلة والعقول المتخلفة . انتهى .
واعتقاد دورا ن الأرض أعظم من اعتقاد تسلسل الإنسان من القرود بكثير ، هذا الأخير فرع من الأول ، وإنما الذي اتضح للناس أكثر بطلان تسلسل الإنسان من القرود ، والتبس عليهم أمر دوران الأرض ، لأنه تصدى لترويجه كتاب ممن ينتسبون للإسلام ، تأولوا كثيرا من أدلة الكتاب والسنة ، زاعمين أنها تؤيد هذا القول ولا تعارضه .
كل دليل من الكتاب والسنة على دوران الأرض فهو تأويل باطل
ومما ينبغي أن يعلم : أن كل آية أو حديث صحيح ذكرا دليلا على دوران الأرض ن فإن ذلك بلا شك ولا ريب تأويل باطل ليس هو معنى الآية قطعا ولا الحديث ، لأن الدليل الصحيح لا يدل إلا على الحق لا يدل على الباطل إذا تبين معناه الصحيح الذي أراده المتكلم . لكن المصائب تجيء من التأويل المخالف لمراد الله ورسوله .
ولذلك يقول الإمام أحمد رحمه الله : أكثر ما يخطئ الناس من جهة التأويل والقياس.
وفي هذه المتاهة خاض كثير من المتأخرين من حيث بدأت هذه العلوم وأحدثت ، ويسمونها العلم الحديث ، وهو لو كان علما نافعا لما صار حديثا ، وإن حداثته لمن أدله ضرره وعدم نفعه ، لأنه لو كان خيرا لأدركه سلف هذه الأمة ، الذين بذلوا حياتهم رخيصة في سبيل العلم النافع ، وقد أدركوا بغيتهم ، وحماهم الله من هذا الضلال.
فهؤلاء الكتاب المتأخرون يحاولون جاهدين أن ينفخوا بصورة هذا العلم الحديث روح الحياة ، ويأبى الله إلا ألا تستوي الظلمات والنور ولا الظل ولا الحرور ، وألا يستوي الأعمى والبصير.
وسأذكر إن شاء الله أمثلة للتأويل الباطل فيما بعد.
وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله أن الملاحدة يعرضون عن نصوص الأنبياء ، إذ هي عندهم لا تفيد العلم ، وهذا بعينه هو الذي قررته سابقا من اتخاذهم طريقا محدثا في البحث والعلم ، لا يعولون فيه على خبر خالق هذه المخلوقات الخبير بها ، ولا على أخبار أنبيائه .
ثم قال الشيخ رحمه الله : وأن أهل البدع يتأولون القرآن برأيهم وفهمهم ، بلا آثار عن النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه . انتهى .
وهذا بعينه هو الذي وقع ممن ابتلي بهم الإسلام ، وهم يدعون نصرته ، حيث تأولوا القرآن برأيهم وفهمهم ليجاري علوم الملاحدة . وقد قال شيخ الإسلام :
من فسر القرآن والحديث وتأوله على غير التفسير المعروف عن الصحابة والتابعين ، فهو مفتر على الله ملحد في آيات الله محرف للكلم عن مواضعه . فكل دليل استدل به من الكتاب والسنة على دوران الأرض داخل في هذا لأنه متأول على غير التفسير المعروف عن الصحابة والتابعين ، وهو على كل حال باطل ، وكذلك كل دليل يزعم المستدل به أنه عقلي على ذلك فهو فاسد .
فاصل :
لقد ذكرت في بداية الموضوع بعض الأدلة والتي أولتها باجتهاد مني .. وأنا أسحب هذه الاجتهادات حتى أتأكد من صحتها .... حيث سأسأل أهل العلم عنها ......... ( ولد أبوي )
*****************************
ماذا يعني القول بدوران الأرض
هذا الاعتقاد ليس مقصودا لذاته ، وإنما هو مقصود لغيره ، إذ هو حلقة من سلسلة تبدأ من التعطيل وتنتهي إليه ، ومعتقده يلتزم من أجله لوازم في غاية الخطورة ، حيث يلتزم أن مافوق الأرض من كل جانب فضاء لا نهاية له . والذي يقول الفضاء لا نهاية له منكر لوجود الرب سبحانه وتعالى . يوضحه الرسم رقم (1)
فضاء الملاحدة لا ينتهي وكله مجرات
نظرية دوران الأرض تستلزم نفي وجود السماوات السبع المبنية وما فوقها ، وهم يصرحون أن الفضاء لا نهاية له فيقال لهم : أين الله إذا ؟
انظر إلى الرسم رقم (1) ترى في وسطه ما يسمونه المجموعة الشمسية وتحتوي الشمس وما انفصل عنها بزعمهم من الكواكب ، التي من ضمنها الأرض ، والكل يدور حول الشمس ، والفضاء في تخيلهم مليء من مثل هذه المجموعات الشمسية ، يدور بعضها حول بعض ، ويطلقون عليها اسم المجرات ، لأن المجرة عندهم هي مجموعة من المجموعات الشمسية يقدرونها بالملايين ، وبينها مسافات خيالية اصطلحوا على قياسها بسرعة الضوء ، وتقديرها بالسنين الضوئية ، ويزعمون أن هناك بليون من المجرات ، ولا يزال الكون يتسع والمجرات تتكاثر .
فإذا كانت المجرة الواحدة تحوي ملايين من المجموعات الشمسية ، مع أن المجموعة الشمسية الواحدة تأخذ من المسافة في الفضاء 3675 مليون ميلا ، والفضاء فيه بلون من المجرات ، فحكاية هذا الذي تخريف المجانين أحسن منه كافية لمعرفة بطلانه .
ولد أبوي
12-03-2007, 20:30
المجرة في السماء المبنية
المجرة واحدة وهي التي نراها في السماء الدنيا وهي معروفة ، وقد ذكر ابن عباس أنه منها تنشق السماء يوم القيامة .
لقد ضلوا بهذه المجرة ضلالا بعيدا ، حيث يتخيلون أنها ملايين من الشموس سابحة في الفضاء الذي لا نهاية له في خيالهم .
يقولون : إن هناك بليون من المجرات ويقولون إن من النجوم ما هو أعظم من حجم شمسنا بمائة مليون مرة ولا يزال الكون يتسع بتكاثر المجرات .
إذا تبين أن حقيقة القول بدوران الأرض معناه : أن الفضاء لا نهاية له ، كما يصرحون بذلك ، فهذا يعني نفي وجود الرب الخالق سبحانه ، ونفي وجود السماوات السبع والكرسي والعرش والملائكة والجنة .
فإذا قال الرب فوق . قيل له : ليس عندك فوق شيئا ومن اعتقد أن الفضاء لا نهاية له وأراد أن يثبت وجود الرب العالمين ، فأحسن أحواله أن يقع في معتقد أهل وحدة الوجود ، وهو أن يكون الرب سبحانه هو هذه المخلوقات ، وإلا فإنه يتناقض ، وهذا يتضح لك إذا تأملت ما سوف أذكره إن شاء الله من عقيدة المسلمين في هذه الأشياء .
وأنا كتبت في هذا الموضوع في " إنارة الدرب لما في تفسير قطب من آثار الغرب " سوف أنقل منه هنا بعض المواضيع ليتبين للناظر مناقضة هذه العقيدة الضالة لمعتقد أهل الإسلام وأثرها في من قلد الملاحدة .
قال قطب في تفسير سورة غافر عند قوله تعالى : (( لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس )) قال :
وهذه الشمس واحدة من نحو مائة مليون من الشموس في المجرة القريبة منا ، والتي نحن منها ، وقد كشف البشر حتى اليوم مائة مليون من هذه المجرات متناثرة في الفضاء الهائل من حولها ، تكاد تكون تائهة فيه .
والذي كشفه البشر جانب ضئيل صغير لا يكاد يذكر من بناء الكون ، وهو على ضآلته شاسع يدير الرؤوس مجرد تصوره ، فالمسافة بيننا وبين الشمس نحو من ثلاثة وتسعين مليونا من الأميال ، ذلك رأس أسرة كوكبنا الأرضي بل هي على الارجح أم هذه الأرض الصغيرة .
أما المجرة التي تتبعها الشمس فقطرها نحو من مئة ألف مليون سنة ضوئية ، والسنة الضوئية تعني مسافة ستمائة مليون ميل . وأقرب المجرات الأخرى إلى مجرتنا تبعد عنا بنحو خمسين وسبعمائة ألف سنة ضوئية . ونذكر مرة أخرى أن هذه المسافات وهذه الأبعاد وهذه الأحجام هي التي استطاع علم البشر الضئيل أن يكشف عنها وعلم البشر هذا يعترف أن ما كشفه قطاع صغير في هذا الكون العريض . انتهى .
ولذلك لما قلدهم قطب في هذه العلوم الفاسدة لم يستطع إثبات السماوات المبنية المحيطة لانه ليس لها ذكر في علومهم . وإثبات وجودها وصفاتها والذي فوقها إنما جاء به الأنبياء . والملاحدة لا يردون هذا المشرب كما قدمنا . كذلك لم يعرف العرض كما ينبغي . فتأمل الآن بعض ما تأوله قطب من الآيات غير ما تقدم ، يتبين لك أنه ما راج هذا الباطل إلا بالتأويل الفاسد . وأن من اعتقد هذا المعتقد ضل عن معرفة السماء المبنية وما فوقها بطريق اللزوم .
قال قطب في تفسير سورة فصلت عند قوله تعالى : (( فقضاهن سبع سماوات )) قال : أما ما هي السماء المقصودة فلا نملك تحديد فقد تكون درجة البعد سماء وقد تكون المجرات التي على أبعاد متفاوته سماوات وقد يكون غير ذلك مما تحتمله لفظ سماء وهو كثير . انتهى .
وهذا واضح أنه لا يعرف الساوات السبع المبنية لتقليده المالحدة في الفضاء الذي لا ينتهي .
وقال عند قوله تعالى : (( وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا )) قال : والسماء الدنيا هي كذلك ليس لها مدلول واحد محدد فقد تكون هي أقرب المجرات إلينا وهي المعروفة بسكة التبان والتي يبلغ قطرها مئة ألف مليون سنة ضوئية ، وقد يكون غيرها مما ينطبق عليه لفظ سماء وفيه النجوم والكواكب المنيرة لنا كالمصابيح . انتهى .
بعد ذلك سأذكر بعض ما ورد من ذكر السماء في القرآن ، ودلالة ذلك في كل موضع ، وأنه ليس المراد منها دائما مطلق العلو ، بل معناها بحسب ما يقترن باللفظ ، حيث هي اسم جنس للعالي . ولتعلم أن الملاحدة ومن قلدهم قد ضلوا عنها مع قربها ، وذهب بهم الخيال إلى مالا وجود له ، وإنما هو مجرد تصور . وسنذكر فيما بعد إن شاء الله الفرق بين التصور الخيالي ، والوجود الخارجي العيني ، ليزول الاشتباه ، قال تعالى : (( فليمدد بسبب إلى السماء )) المقصود بلفظ السماء في هذا الموضوع سقف البيت .
قال تعالى : (( الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء )) المقصود بلفظ السماء هنا موضع السحاب وهو بين السماء والأرض مبسوط ، مثل قوله تعالى : (( وأنزل من السماء ماء )) وقد قال تعالى : (( أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون )) وهي السحاب .
قال تعالى : (( وجعلنا السماء سقفا محفوظا )) المقصود بلفظ السماء هنا السماء الدنيا المبنية المحيطة بالأرض إحاطة الكرة بما في وسطها لأنه اقترن بلفظ السماء السقف وهو السماء المبنية وهي سقف الأرض بأجمعها كذلك قوله تعالى : (( وزينا السماء الدنيا بمصابيح )) اقترن بلفظ السماء هنا لفظ الدنيا فتبين أن المراد السماء المبنية المشاهدة ، وكل ما يشبه هذه الآية التي يقترن فيها لفظ الدنيا مع لفظ السماء .
قال تعالى : (( وبنينا فوقكم سبعا شدادا )) وفي مواضع يذكر ربنا عز وجل السبع السماوات فيصفها مرة بأنها شدادا ومرة بأنها طباقا وأنها بناء ويذكر أبوابها . ولا تجد كلمة واحدة من هذا كله في علوم الملاحدة .
قال تعالى : (( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض )) المقصود بلفظ السماء هنا العلو المطلق فوق السماوات فوق العرش ، لأن المراد هو الرب سبحانه .
ومما يوضح بطلان زعم الملاحدة وأتباعهم أن الفضاء لا نهاية له وـاويلاتهم لفظ السماء بالتأويلات الفاسدة الكاذبة أن الله ذكر للسماء أحوالا وصفاتا لا يصح انطباقها على الفضاء مثل قوله تعالى : (( إذا السماء انشقت )) وهذا يكون يوم القيامة والفضاء لا يوصف بالانشقاق ومثله قوله تعالى : (( ويوم تشقق السماء بالغمام )) الآية . يعني يوم القيامة فلولا أنها بناء لما وصفها بالتشقق . وقال تعالى : (( فارجع البصر هل ترى من فطور )) يعني شقوق ولا يقال انظر إلى الفضاء هل ترى فيه من شقوق ؟
وهذا يدل على أنها بناء محكم ، وقد ورد في آيات عديدة وصف السماء بأنها مبنية ولها أبواب .
كذلك قوله تعالى : (( يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب )) والفضاء لا يقال إنه يطوى .
أما الفضاء فهو المسافة بين السماء والأرض وفي مواضع من القرآن يذكر الرب عز وجل السماء والأرض وما بينهما ، فلولا أن للفضاء نهاية وللسماء جرم لما قال الرب : وما بينهما .
يتبع
أم عبدالملك
12-03-2007, 20:55
مرحبا بك أخي الكريم..
أحييك على هذا المجهود..وأشكرك جزيل الشكر..
.
.
لي عودة بإذن الباري بعد القراءة المفصلة لما تم ذكره..
.
.
مع فائق احترامي..
kingstars18
14-03-2007, 13:07
مشكوور أخي الكريم.....فلنعد إلى قرآننا الكريم
ولد أبوي
14-03-2007, 13:43
التطور
يزعم الملاحدة أن الأرض قد انفصلت عن الشمس كما ذكرت قبل ولكن ليست حالها آنذاك يعني في بداية انفصالها كحالها عندما نشأت فيها الكائنات الحية حيث كانت في الأول مادة غازية شديدة الحرارة كأمها الشمس لأنها جزء منها وإنما وصلت إلى ما هي عليه اليوم من الكثافة والبرودة بالتدرج والتطور بعد ملايين السنين التي يحيل عليها الملاحدة .
يقولون أنه بعد ملايين السنين والأرض تدور بردت وتصلبت وصارت صالحة للحياة ومن هنا تبدأ نظرية داروين لنشوء وارتقاء الكائنات الحية بعدما صارت الأرض صالحة للحياة حيث زعم أن بداية ذلك كان الأميباء ذو الخلية الواحدة فما زال التطور حتى وصل إلى القرد ومنه تطور الإنسان والذي اضطرهم إلى هذه الخيالات إعراضهم عن العلم الذي أنزله خالق هذه المخلوقات ، وجحودهم له ولقدرته ، وأنه سبحانه يقول للشيء كن فيكون .
فجميع ما يذكرون من هذا التدريج والتطور في المخلوقات سواء الأجرام العلوية مع الأرض أو الكائنات الحية ما هو إلا ثمرة من ثمار ضلالهم لما جحدوا الخالق ولم يعتمدوا على وحيه في علمهم .
وفيهم قوم يقرون بوجود الخالق سبحانه وقدرته ومع هذا يعتقدون أن المخلوقات تكونت بهذه الصورة التدريجية بقدرته ، وقد يرفضون أن يكون الإنسان تطور من القرود ، وكذلك كثير من الذين ينتسبون للإسلام سلكوا هذا المسلك في نشأة المخلوقات ، فتجد ذلك في مؤلفاتهم ومناهجهم كما في علم الجيولوجيا والجغرافيا والتاريخ وغير ذلك مما خالط علوم أهل الإسلام فأفسدها .
والكلام الآن ليس مع الجاحدين لوجود الخالق عباد الطبيعة ، وإنما هو مع الذين يقرون بوجوده وقدرته فيقال لهؤلاء الذين راج عليهم نشوء المخلوقات وتدرجها ليس هذا معتقد أهل الإسلام فإن معتقدهم أن الرب سبحانه وبحمده يقول للشيء : كن فيكون على الكيفية التي يريدها سبحانه في الوقت الحالي لا يتأخر ليتدرج ويتطور ويكتمل حتى يكون على الصفة المطلوبة بعد الأزمنة الطويلة والتحولات والتغيرات التي يزعمها عباد الطبيعة .
قد يقول قائل : نحن نرى المخلوقات تنشأ شيئا فشيئا وتتدرج في نشأتها مثل خلق الإنسان والحيوان والنبات فإن هذا كله يبدأ صغيرا ضعيفا فما يزال ينمو حتى يكبر ويكتمل .
فالجواب أن هذا لون والتطور والتدريج في النشأة والترقي الذي يزعمه الدهرية لون آخر ، وذلك أنهم تكلموا بما تكلموا به وقرروا ما قرروه من هذه القاعدة بناءا على أن المخلوقات بنفسها تتغير إلى الأحسن وتترقى إلى الأكمل والبقاء فيها للأصلح لذلك زعموا أن أصل الكائنات الحية كلها شيء في غاية الصغر يسمى الأميبا ، ويعللون بداية تكوينه بتعليلات خيالية من جنس سائر ما يعتمدون عليه في علومهم بعضهم يقول : اتفقت عناصر التربة في قعر بعض المحيطات مع الحرارة وتكون هذا الاميبا وبعضهم يقول : إنه جاء من كوكب آخر ، وغير ذلك من خرصهم ودجلهم ، فهم يقولون : مازال الأميبا ينمو ويتدرج من طور إلى طور حتى صارت منه هذه الكائنات الحية كلها ، فالحيوان ، والإنسان والحشرات كل ذلك من أصل واحد ، وهذا لا شيبه فعل الله سبحانه وتعالى في خلقه الكائنات .
فإن الإنسان مثلا يبدأ خلقه من النطفة فيكون إنسانا لا يكون في الأول سمكة ثم ضفدعا ثم قردا ثم إنسانا ، بل هو إنسان من البداية إلى النهاية ، لكن تلك بدايته وهذه نهايته في التخليق . وكذلك الحيوان والنبات وهذه سنة الله في خلقه لم تتغير . والتطور لكل الكائنات أصله واحد .
فقد ظهر الفرق بين التطور المزعوم والخلق ، وأن الأول خيال لا حقيقة له وهو الكيفية التي يذكرونها لتدرج المخلوقات بفعل الطبيعة ، والثاني فعل الخالق القادر الحكيم سبحانه . ومما يوضح ذلك أن الرب سبحانه كتب مقادير الخلائق . قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة كما ورد في الحديث الصحيح ، وهو سبحانه كتب مقاديرها على الكيفية التي خلقها عليها لكمال علمه وقدرته .
أما التطور والترقي الذي يزعمه الدهرية فهو لبلوع الصورة الكمالية للكائن تدريجيا فعل من ليس بعالم ولا قادر ولا حكيم وهو الطبيعة .
وقد اقتضت حكمة الرب سبحانه أن يخلق الإنسان بهذه الكيفية وكذلك الحيوان والنبات ليس عجزا منه أن يخلقه كاملا في نفس الوقت ، فإنه لما أراد ذلك خلق آدم رجلا مكتملا وكذلك حواء خلقها امرأة كاملة .
وقد نوع لنا من مفعولاته ما نستدل به على قدرته وحكمته ونعلم به يقينا بطلان كلام الطبائعيين في تكون الكائنات ، فهذا آدم عليه السلام خلقه من غير ذكر ولا أنثى ، وحواء من ذكر بلا أنثى ، وعيسى عليه السلام من أنثى بلا ذكر وسائر بني آدم من ذكر وأنثى ، وهذا مما يبين عظيم قدرته سبحانه .
ذكلك قلب عصا موسى عليه السلام حية في الحال وأعادها عصا كما كانت وغير ذلك كطيور إبراهيم عليه السلام ، والذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها والذين قال لهم الله موتوا ثم أحياهم وغير ذلك .
بمعرفة ما تقدم يتبين لنا أن الرب عز وجل خلق الأرض على كيفيتها هذه صالحة للحياة من حين خلقها ، لم تكن غازا يدور وبعد ملايين السنين برد وتكثف وصلح للحياة . لأنها لم تنفصل عن الشمس كما يزعمون .
فالرب سبحانه يخلق بكلماته الكونية ، قال تعالى : (( إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون )) ، وقال تعالى : (( وما أمرنا إلا واحدة كلمح البصر )) .
قال ابن القيم : فعناصر العالم ومواده منقادة لربها وفاطرها وخالقها يصرفها كيف يشاء ، ولا يستعصي عليه منها شيء أراده . بل هي طوع مشيئته مذللة منقادة لقدرته ومن أنكر هذا فقد جحد رب العالمين وكفر به وأنكر ربوبيته . إنتهى من طريق الهجرتين .
لو عرف الطائعيون هذا وآمنوا به ما لجأوا إلى نظرياتهم الضالة المضلة .
وقال رحمه الله : وأن الأمر ليس كما يظنه أعداؤه الجاحدون له الكافرون به من أن ذلك أمر طبيعي لم يزل هكذا ولا يزال . وأنه ليس للنوع أب ولا أم . وأنه ليس إلا أرحام تدفع وأرض تبلع وطبيعة تفعل ما يرى ويشاهد ولم يعلم هؤلاء الجهال الضلال أن الطبيعة قوة وصفة فقيرة إلى محلها محتاجة إلى حامل لها ، وأنها من أدل الدلائل على وجود من طبعها وخلقها وأودعها الأجسام وجعل فيها هذه الأسرار العجيبة . فالطبيعة مخلوق من مخلوقاته ومملوك من مماليكه وعبيده مسخرة لأمره تعالى منقادة لمشيئته .
ودلائل الصنعة وأمارات الخلق والحدوث وشواهد الفقر والحاجة شاهدة عليها بأنها مخلوقة مصنوعة لا تخلق ولا تفعل ولا تتصرف في ذاتها ونفسها فضلا عن إسناد الكائنات إليها .. انتهى من طريق الهجرتين ص 152 .
الأرض خلقت قبل الشمس والنجوم والسماء
تقدم خلق الأرض يكفي لهدم بنيانهم وهو بنص القرآن .
قال ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى : (( قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين )) الآيات . قال : فذكر أنه خلق الأرض أولا لأنها كالأساس والأصل أن يبدأ بالأساس ثم بعده بالسقف . انتهى .
**************************
فاصل :
هذا اقتباس من تفسير ابن كثير للآيات 9 - 11 من سورة فصلت أرجو قراءته
قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ
( هَذَا إِنْكَار مِنْ اللَّه تَعَالَى عَلَى الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ عَبَدُوا مَعَهُ غَيْره وَهُوَ الْخَالِق لِكُلِّ شَيْء الْقَاهِر لِكُلِّ شَيْء الْمُقْتَدِر عَلَى كُلّ شَيْء فَقَالَ " قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِاَلَّذِي خَلَقَ الْأَرْض فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا " أَيْ نُظَرَاء وَأَمْثَالًا تَعْبُدُونَهَا مَعَهُ " ذَلِكَ رَبّ الْعَالَمِينَ" أَيْ الْخَالِق لِلْأَشْيَاءِ هُوَ رَبّ الْعَالَمِينَ كُلّهمْ . وَهَذَا الْمَكَان فِيهِ تَفْصِيل لِقَوْلِهِ تَعَالَى " خَلَقَ السَّمَوَات وَالْأَرْض فِي سِتَّة أَيَّام " فَفَصَّلَ هَهُنَا مَا يَخْتَصّ بِالْأَرْضِ مِمَّا اِخْتَصَّ بِالسَّمَاءِ فَذَكَرَ أَنَّهُ خَلَقَ الْأَرْض أَوَّلًا لِأَنَّهَا كَالْأَسَاسِ وَالْأَصْل أَنْ يَبْدَأ بِالْأَسَاسِ ثُمَّ بَعْده بِالسَّقْفِ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ " هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْض جَمِيعًا ثُمَّ اِسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْع سَمَوَات " الْآيَة فَأَمَّا قَوْله تَعَالَى " أَأَنْتُمْ أَشَدّ خَلْقًا أَمْ السَّمَاء بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكهَا فَسَوَّاهَا وَأَغْطَشَ لَيْلهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا وَالْأَرْض بَعْد ذَلِكَ دَحَاهَا أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا وَالْجِبَال أَرْسَاهَا مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ " فَفِي هَذِهِ الْآيَة أَنَّ دَحْو الْأَرْض كَانَ بَعْد خَلْق السَّمَاء فَالدَّحْو هُوَ مُفَسَّر بِقَوْلِهِ " أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا " وَكَانَ هَذَا بَعْد خَلْق السَّمَاء فَأَمَّا خَلْق الْأَرْض فَقَبْل خَلْق السَّمَاء بِالنَّصِّ وَبِهَذَا أَجَابَ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه تَعَالَى عَنْهُ فِيمَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيّ عِنْد تَفْسِير هَذِهِ الْآيَة مِنْ صَحِيحه فَإِنَّهُ قَالَ : وَقَالَ الْمِنْهَال عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر قَالَ : قَالَ رَجُل لِابْنِ عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا إِنِّي لَأَجِد فِي الْقُرْآن أَشْيَاء تَخْتَلِف عَلَيَّ قَالَ " فَلَا أَنْسَاب بَيْنهمْ يَوْمئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ " " وَأَقْبَلَ بَعْضهمْ عَلَى بَعْض يَتَسَاءَلُونَ" " وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّه حَدِيثًا " " وَاَللَّه رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ " فَقَدْ كَتَمُوا فِي هَذِهِ الْآيَة . وَقَالَ تَعَالَى" أَأَنْتُمْ أَشَدّ خَلْقًا أَمْ السَّمَاء بَنَاهَا - إِلَى قَوْله - وَالْأَرْض بَعْد ذَلِكَ دَحَاهَا " فَذَكَرَ خَلْق السَّمَاء قَبْل الْأَرْض ثُمَّ قَالَ تَعَالَى " قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِاَلَّذِي خَلَقَ الْأَرْض فِي يَوْمَيْنِ - إِلَى قَوْله - طَائِعِينَ " فَذَكَرَ فِي هَذِهِ خَلْق الْأَرْض قَبْل خَلْق السَّمَاء قَالَ " وَكَانَ اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا " " عَزِيزًا حَكِيمًا " " سَمِيعًا بَصِيرًا " فَكَأَنَّهُ كَانَ ثُمَّ مَضَى ؟ قَالَ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا " فَلَا أَنْسَاب بَيْنهمْ يَوْمئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ " فِي النَّفْخَة الْأُولَى ثُمَّ " نُفِخَ فِي الصُّور فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَات وَمَنْ فِي الْأَرْض إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّه " فَلَا أَنْسَاب بَيْنهمْ عِنْد ذَلِكَ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ بَيْنهمْ فِي النَّفْخَة الْأُخْرَى" وَأَقْبَلَ بَعْضهمْ عَلَى بَعْض يَتَسَاءَلُونَ " وَأَمَّا قَوْله" وَاَللَّه رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ " " وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّه حَدِيثًا " فَإِنَّ اللَّه تَعَالَى يَغْفِر لِأَهْلِ الْإِخْلَاص ذُنُوبهمْ فَيَقُول الْمُشْرِكُونَ تَعَالَوْا نَقُول لَمْ نَكُنْ مُشْرِكِينَ فَيُخْتَم عَلَى أَفْوَاههمْ فَتَنْطِق أَيْدِيهمْ فَعِنْد ذَلِكَ يَعْرِف أَنَّ اللَّه تَعَالَى لَا يُكْتَم حَدِيثًا وَعِنْده " يَوَدّ الَّذِينَ كَفَرُوا " الْآيَة وَخَلَقَ الْأَرْض فِي يَوْمَيْنِ ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاء ثُمَّ اِسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ ثُمَّ دَحَى الْأَرْض وَدَحْيهَا أَنْ أَخْرَجَ مِنْهَا الْمَاء وَالْمَرْعَى وَخَلَقَ الْجِبَال وَالرِّمَال وَالْجَمَاد وَالْآكَام وَمَا بَيْنهمَا فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ فَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى دَحَاهَا وَقَوْله" خَلَقَ الْأَرْض فِي يَوْمَيْنِ " فَخَلَقَ الْأَرْض وَمَا فِيهَا مِنْ شَيْء فِي أَرْبَعَة أَيَّام وَخَلَقَ السَّمَاوَات فِي يَوْمَيْنِ" وَكَانَ اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا " سَمَّى نَفْسه بِذَلِكَ وَذَلِكَ قَوْله أَيْ لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ فَإِنَّ اللَّه تَعَالَى لَمْ يُرِدْ شَيْئًا إِلَّا أَصَابَ بِهِ الَّذِي أَرَادَ فَلَا يَخْتَلِفَنَّ عَلَيْك الْقُرْآن فَإِنَّ كُلًّا مَنْ عِنْد اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قَالَ الْبُخَارِيّ حَدَّثَنِيهِ يُوسُف بْن عَدِيّ حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّه بْن عَمْرو عَنْ زَيْد بْن أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ الْمِنْهَال - هُوَ اِبْن عَمْرو - الْحَدِيث . وَقَوْله " خَلَقَ الْأَرْض فِي يَوْمَيْنِ " يَعْنِي يَوْم الْأَحَد وَيَوْم الْاِثْنَيْنِ ) .
************************************************** *************
عودة لإكمال الموضوع :
أما قوله تعالى : (( والأرض بعد ذلك دحاها )) فقد ذكر ابن كثير رحمه الله : أن الأرض خلقت قبل السماء ولكن إنما دحيت بعد خلق السماء بمعنى أنه أخرج ما كان فيها بالقوة إلى الفعل .
وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما الذي ذكره البخاري رحمه الله في صحيحه أن خلق الأرض كان قبل خلق السماء وأن دحيها كان بعد خلق السماء ودحوها مفسر بقوله تعالى : (( أخرج منها ماءها ومرعاها )) فهو ذلك .
وقد تأول الزنداني هذه الآية كغيرها لمجاراة علوم الملاحدة ففسر قوله تعالى : (( والأرض بعد ذلك دحاها )) بدورانها ، تدحرجها في مسارها وأنها لا تزال تتدحرج وتتقلب في فلكها ومسارها ، نسأل الله العافية .
فهذا الذي تقدم من خلق الأرض قبل السماء والشمس والكواكب يكفي وحده لإبطال خيال الدهرية من أن الأرض انفصلت عن الشمس ومازالت تدور حولها على السيرة التي بينتها قبل .
فالشمس خلقت مع السماوات تبعا لها بعد خلق الأرض .
في هذا الرسم رقم (2) يظهر شكل السماء والأرض حسب معتقد أهل الإسلام المطابق للكتاب والسنة ، كذلك يتبين دوران الشمس والقمر والكواكب حول الأرض وهو الذي يصدقه العقل السليم .
السماء الدنيا على شكل الكرة والأرض في جوفها وإنما رسمتها نصفين لتظهر صورة الأرض لأنها محيطة بها من كل جانب إحاطة الكرة بما في وسطها .
انظر الآن إلى الفضاء الصغير المحدود بالسماء الدنيا من بعض كل جانب يتبين لك ثبات الأرض وعدم مغادرتها موضعها لكن بعض الناس يقول : لو دارت حول نفسها يعني التي يسمونها الدورة اليومية لم تغادر موضعها وقد لا يكون في هذا معارضة .
فنقول :
أولا : لا يقصدون هذا وحده فإنهم يقولون تدور الدورة اليومية حول نفسها لتعاقب الليل والنهار والدورة السنوية حول الشمس لتعاقب الفصول الأربعة . فالدورة السنوية معناها الطيران في الفضاء .
ثانيا : دورانها ولو حول نفسها فقط معارض لنصوص الكتاب والسنة كما سنذكر ذلك إن شاء الله وكذلك هو فاسد في العقل . لكن عقولا كثيرة إعتادت قبول المحالات .
صفة دوران الأرض
كذلك بعض الناس يظن أن معنى القول بدورانها هو أنها تدور مثل الرحى ولذلك يستدلون على نفي دورانها بأدلة لا تصلح . حيث يقولون : لو كانت تدور لتغيرت الإتجاهات . وقد نشأ هذا الغلط لظنهم أن هذا هو المراد من القول بدورانها . وليس كذلك وإنما الذي يقرره أصحاب هذه النطرية أنها تدور من المغرب إلى المشرق وهذا لو قدر أنه حصل ما تغيرت معه الإتجاهات فلا يصلح هذا دليل لنفي دورانها .
يتبع
ولد أبوي
14-03-2007, 18:08
الفضاء محدود
الفضاء محدود وله نهاية ومسافته وسعته مقدرة فقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فذكر أن بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام يعني سماء الدنيا الذي هو سقف الأرض وذلك بتقدير سير الإبل . وهذه المسافة تمكن معرفتها باصطلاح أهل الزمان حيث يقيسون المسافات بالكيلومتر إذا علم كم تسير الإبل باليوم من كيلومتر . وقد قدرت ذلك فوجدت مسافة ما بين السماء والأرض تقارب تسعة ملايين كيلومتر فقط وهو الفضاء كله من كل جانب من الأرض فهو كقطرة من بحر بالنسبة لفضائهم المزعوم الذي ليس له حد.
فأين هذا من خيال الملاحدة وفضائهم الذي لا نهاية له . عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : بينما نبي الله صلى الله عليه وسلم جالس وأصحابه إذ أتى عليهم سحاب فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( هل تدرون ما هذا ؟ )) قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : (( هذا العنان هذه رواية الأرض يسوقه الله إلى قوم لا يشكرونه ولا يدعونه )) ثم قال : ((هل تدرون ما فوقكم ؟ )) قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : (( فإنها الرقيع سقف محفوظ وموج مكفوف )) ثم قال : (( هل تدرون كم بينكم وبينها ؟ )) قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : (( بينكم وبينها خمسمائة سنة )) الحديث . وقد رواه الإمام أحمد والترمذي وابن أبي حاتم والبزار وقال الترمذي : هذا حديث غريب .
وعن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال : كنت في البطحاء في عصابة فيهم رسول الله صلى الله عليهم وسلم فمرت بهم سحابة .. وفي الحديث (( هل تدرون ما بعد ما بين السماء والأرض ؟ )) قالوا : لا ندري ، قال : (( إن بعد ما بينهما إما واحدة أو اثنتان أو ثلاث وسبعون سنة )) الحديث . وقد رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن خزيمة في كتاب التوحيد والحاكم في المستدرك . قال ابن القيم رحمه الله : وأما اختلاف مقدار المسافة في حديثي العباس وأبي هريرة رضي الله عنهما فهو مما يشهد بتصديق كل منها للآخر ، فإن المسافة يختلف تقديرها بحسب إختلاف السير الواقع فيها . فسير البريد مثلا يقطع بقدر سير ركاب الإبل سبع مرات ، وهذا معلوم بالواقع فما تسيره الإبل سيرا قاصدا في عشرين يوما ، يقطعه البريد في ثلاثة . فحيث قدر النبي صلى الله عليه وسلم بالسبعين أراد به السير السريع سير البريد وحيث قدر بالخمسمائة أراد به السير الذي يعرفونه سير الإبل والركاب فكل منهما يصدق الآخر ويشهد بصحته ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا .
وقال الذهبي : لا منافاة بينهما لأن تقدير ذلك بخمسمائة عام هو على سير القافلة مثلا ، ونيف وسبعون سنة على سير البريد لأنه يصح ان يقال بيننا أي بالشام وبين مصر عشرون يوما باعتبار سير العادة وثلاثة أيام باعتبار سير البريد . انتهى .
وقد ورد أحاديث غير هذين الحديثين فيها ذكر المسافة بين السماء والأرض وأنها خمسمائة عام .
وبعد ذلك نقول : إنه يستحيل دوران الأرض حول الشمس الدورة السنوية لأنها محجورة في جوف السماء الدنيا والمسافة بين الأرض والسماء قريبة جدا بالنسبة لفضائهم الخيالي ، فإذا كانوا يقدرون ما بين الأرض والشمس بـ 150 كيلومتر فهذا وحده أبعد من المسافة بين السماء والأرض بمائة وإحدى وأربعين كيلومتر تقريبا ، كيف بفضائهم الخيالي الذي لا ينتهي الذي يقيسونه بالسنين الضوئية ؟!
المسافة بين سطح الأرض وسطح السماء السابعة
المسافة بين الأرض وسطح السماء السابعة حوالي 126 مليون كيلومتر باعتبار أن ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة سنة وسمك كل سماء كذلك ، والمسافات بين السماوات كذلك ، وهذا كله أقل مما يقدرونه بين الأرض والشمس بحوالي 24 مليون كيلومتر . هذا الفرق في مجموعة واحدة فكيف بملايين الملايين التي تتكون منها المجرات المزعومة التي بينها مسافات هائلة .
لم يجعلنا النبي صلى الله عليه وسلم عيالا على هؤلاء الضلال نتعرف على مخلوقات ربنا بتعريفهم ونستدل عليها بدلالتهم .
ومن يكن الغراب له دليلا * يمر به على جيف الكلاب
وإذا كان الأصل الذي أصلوه لعلومهم وبحوثهم جحود ربهم ، فهل يعقل أن يستأثروا بعلم صحيح ومعرفة في مخلوقات الرب سبحانه أصح من معرفة من جاء بهذا الدين وأتباعه الموحدين ؟ مع أن الرب سبحانه أثنى عليهم أنهم هم أولوا الألباب حيث قال : (( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب )) ثم ذكر أنهم يتفكرون في خلق السماوات والأرض . فيلزم من اعتقد دوران الأرض أن يكون تفكر النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة ومن تبعهم من سلف الأمة حتى وقتنا هذا يلزمه أن يكون تفكرهم في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار خطأ وأن المراد بأولي الألباب مقلدة الملاحدة فهم أهل التفكر الصحيح المطابق للواقع حيث اكتشفوا أن الأرض تدور والشمس ثابتة والفضاء لا نهاية له والجبال تحفظ توازن الأرض أثناء دورانها حتى لا تميد وما تبع ذلك من الخيال التائه الضال .
أما أولئك فتفكرهم خاطئ معكوس حيث يتفكرون في أرض ثابتة ترسيها الجبال في موضعها وشمس واحدة فقط ليس ملايين الشموس تدور حولها ، وسماء مبنية محيطة بالأرض وفضاء محدود وهو المسافة بين جرم الأرض وجرم السماء وما تبع ذلك من الحق لأن التفكير السليم لا بد أن يكون مطابقا للواقع في الخارج يعني خارج الفكر في هذا المجال وأمثاله ، وهذه من خواص أهل العقول السليمة والأفكار المستقيمة .
فيا لها من فضيحة قبيحة تهوك بها هؤلاء المتأخرون مقلدة المعطلة . ولذلك زعم الزنداني أن آيات الخلق في القرآن لم يكن يعرف معناها في الماضي وإنما عرف اليوم لما انبثق علم الملاحدة وقد كتبت ردا عليه فيه بحث موضوعنا هذا وغيره اسمه ( الرد على الزنداني ) .
حتى أن عبدالعليم خضر قال : ولذلك نجد أن الإنسان الذي كان يعيش منذ 1400 سنة لم يكن قادر على استيعاب المعنى العميق الذي يكمن في الإشارة الكونية ولذلك لم يدرك إلا المعنى الظاهري فقط .
يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة لم يكونوا قادرين على استيعاب المعنى العميق الذي يكمن في الإشارة الكونية وإنما قدر هو وأمثاله لما قلدوا الملاحدة بدوران الأرض وما تبعه من الضلال . وكفى سوءا بهؤلاء أن يظنوا مثل هذا الظن .
المراد من القول بدوران الأرض حول نفسها وحول الشمس
ثم نقول : أليس المراد من دعوى دوران الأرض حول نفسها تعاقب الليل والنهار ودعوى دورانها حول الشمس تعاقب الفصول الأربعة ؟
فالأول يحصل بعكس قولهم وهو دوران الشمس حول الأرض ، فبسبب ذلك يتعاقب الليل والنهار كما يتضح ذلك في الرسم رقم (2) وهذا معنى قوله تعالى : (( وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون )) فقد فسر هذه الآية ترجمان القرآن وغيره من المفسرين بأن معناها يدورون ، فالشمس تدور في فكلها حول الأرض فيحصل الليل والنهار ومن العجيب أن يستدل بهذه الأية على دوران الأرض مع أنه ليس للأرض فيها ذكر بل هي صريحة في دوران الشمس على كرة الأرض في فلكها المستدير في كرة السماء كذلك دوران الليل والنهار والقمر .
وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما : الشمس بمنزلة الساقية تجري بالنهار في السماء في فلكها فإذا غربت جرت بالليل في فلكها تحت الأرض حتى تطلع من مشرقها قال : وكذلك القمر . رواه ابن أبي حاتم بإسناد صحيح .
قوله : تحت الأرض . نسبة لما يتوهمه الإنسان في البداية من أن مَنْ في ذلك الجانب يكون تحتا وليس كذلك لأن التحت هو الأرض السابعة السفلى وهو جوف الأرض ويسمى المركز وهو محط الأثقال ، فالأثقال من كل جانب تنجذب إليه وتنتهي إليه ، ولو كان من في تلك الناحية تحت لكنا نحن ههنا تحت فنحن بالنسبة لمن هناك كما هم بالنسبة إلينا ، والسماء من كل مكان في الأرض عالية على الأرض ، انظر رسالة العرشية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فقد وضح ذلك وبينه .
فتعاقب الليل والنهار على كرة الأرض بواسطة دوران الشمس حولها هو الذي يدل عليه قوله تعالى : (( وهو الذي خلق الليل والنهار )) الآية . كما تقدم ، وكذلك قوله تعالى : (( يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل )) والعرب تقول : كورت العمامة إذا أدرتها على الرأس. وليس الرأس هو الذي يدار لتكوير العمامة عليه ، والقرآن نزل بلغة العرب وهذه الآية دليل أيضا على كروية الأرض ، لأن التكوير لا يكون إلا على الجسم المستدير .
ولد أبوي
14-03-2007, 19:38
العلو والتحت للكون
قبل أن أذكر الثاني وهو تعاقب الفصول الأربعة وأنه يحصل بدون دوران الأرض حول الشمس أذكر هنا مسألة مهمة ينبغي الاعتناء بها وهي معرفة العلو والتحت للكون وأن ذلك ثابت لا يتغير بخلاف عقائد الملاحدة الفاسدة فإنهم لا يثبتون علوا ثابتا وسفولا ثابتا مستقرا لأن الأرض في خيالهم وخيال مقلديهم ذرة هائمة سابحة في فضاء لا نهاية له . فالعلو يكون على حسب اعتقداهم دوران الأرض فضاء لا ينتهي وليس له جهة ثابتة كذلك التحت والسفل فإنه لا يثبت لهم ، فاعلم أن أسفل الكون كله هو الأرض السابعة وفيها جهنم وهو الذي تنحط الأثقال كلها إليه وتقف عنده لو كان ما بينها وبينه مخروق في الأرضين .
وهذا من كل مكان من الأرض سواء اليابس أو الماء لأن السماء عالية على الأرض من كل جانب ولأن السماوات والأرضين ليس لهما إلا جهتان فقط ثابتتان وهما العلو والتحت أما اليمين والشمال والأمام والخلف فهذا نسبي فما كان يمين هذا ويكون شمال هذا وما كان أمام هذا يكون خلف هذا بخلاف العلو والسفل فهذا ثابت لا يتغير . فما نزل من السماء من كل جانب سقط على الأرض ، صنع الله الذي أتقن كل شيء . لأن الأثقال منجذبة إلى المركز وهو الأرض السابعة السفلى .
وهذا الذي أذكره تقرير علمائنا رحمهم الله ابن تيمية وغيره .
إذا عرفنا أن الأرض السابعة السفلى في جوف الأرضين الست وأن أرضنا هذه الأولى في جوف السماوات السبع تبين لنا أن الأرضين السبع والسماوات السبع كلها كرة واحدة سطحها سطح السماء السابعة ومركزها الأرض السابعة السفلى ، وأن العلو هو ما فوق الأرض من كل جانب و السفل هو الأرض السابعة ثم إن الأرض إنما سميت أرضا لسفولها . قال ابن القيم رحمه الله في ( بدائع الفوائد ) : إنها بالنسبة إلى السماء تحت وسفل فعبر عنها بهذا اللفظ الجاري مجرى المصدر لفظا ومعنى .
وقال رحمه الله على لفظ الأرض أنه يصلح أن يعبر به عن كل ما له فوق وهو بالإضافة إلى ما يقابله سفل . ثم قال : فسماء كل شيء اعلاه وأرضه أسفله . انتهى
وهذا مما يبين ضلال الدهرية حيث يسمون الأرض كوكبا ، وهم إنما سموها كذلك لأنه لا فرق بينها وبين هذه الكواكب في تخيلهم لأن الجميع عندهم دائر في فضاء لا ينتهي فلا ثبات في الكون كله عندهم ولا استقرار ، والرب سبحانه وتعالى قال : (( والأرض وضعها للأنام )) يعني خفضاها في مركز العالم ، قال ابن كثير رحمه الله : أي كما رفع السماء وضع الأرض ومهدها وأرساها بالجبال الراسيات الشامخات لتستقر لما على وجهها من الأنام وهم الخلائق المختلفة أنواعهم وأشكالهم وألوانهم وألستنهم في سائر أقطارها وأرجائها . انتهى .
كذلك فقد ذكر الله جريان الشمس وإتيانها ودؤوبها في السير هي والقمر في مواضع من كتابه .
قال ابن القيم رحمه الله : ثم تأمل الحكمة من طلوع الشمس على العالم كيف قدره العزيز العليم سبحانه فإنها لو كانت تطلع في موضع من السماء فتقف فيه ولا تعدوه لما وصل شعاعها إلى كثير من الجهات لأن ظل أحد جوانب كرة الأرض يحجبها عن الجانب الآخر وكان يكون الليل دائما سرمدا على من لم تطلع عليهم والنهار سرمدا على من هي طالعة عليهم فيفسد هؤلاء وهؤلاء ، فاقتضت الحكمة الإلهية والعناية الربانية أن قدر طلوعها من أول النهار من المشرق فتشرق على ما قابلها من الأفق الغربي ثم لا تزال تدور وتغشى جهة بعد جهة حتى تنتهي إلى المغرب فتشرق على ما استتر عنها في أول النهار فيختلف عندهم الليل والنهار فتنتظم مصالحهم . انتهى
فلما تبين أنه يتم تعاقب الليل والنهار والأرض ثابتة وذلك بدوران الشمس عليها عكس نظرية الكشاف والكرة الدائرة . اجعل الكرة ثابته والضوء هو الذي يدور عليها تظهر لك الحقيقة .
* الثاني : تعاقب الفصول الأربعة :
يزعم الدهرية أن تعاقب الفصول الأربعة واختلافها إنما يحصل بدوران الأرض حول الشمس وليس كذلك . وإنما هو يحصل بدوران الشمس على الأرض مع اختلاف مطالعها ومغاربها كل يوم فيكون من نتائج ذلك تعامد أشعة الشمس وميلها الذي بسببه تتعاقب الفصول . فبما أن فلك الشمس عريض في السماء حيث هي تطلع كل يوم من مطلع وتغرب من مغرب فإنها حينما تكون فوق رؤوسنا تكون الأشعة عمودية فترتفع الحرارة وذلك في الصيف وعندما تميل في السماء تكون الأشعة مائلة ليست عمودية فتنخفض الحرارة وقت الشتاء أما في الربيع والخريف فبين ذلك .
وإذا أردت أن تعلم كيف أن الأشعة بتعامدها ترتفع الحرارة وبميلها تنخفض فانظر في صباح يوم من أيام الصيف في بداية طلوع الشمس أول النهار يبقى الوقت باردا لأن الأشعة مائلة منبسطة وما تزال ترتفع الحرارة بحسب تعامد الأشعة فكلما كانت متعامدة كلما ارتفعت حرارتها وكذلك في آخر النهار حيث تميل فتضعف حرارتها كوقت طلوعها.
ومن هنا يتبين أن الشمس في كل وقت وكل فصل لا تتغير حرارتها بذاتها لكن التغير الذي يحدث في الأرض بحسب مواقع الشمس من المكان فإذا كانت فوقه تعامدت أشعتها عليه وارتفعت حرارته وإذا كانت مائلة عنه جهة الجنوب أو الشمال انخفضت الحرارة لميل أشعتها عنه . (( ذلك تقدير العزيز العليم ))
والشمس فوق الأرض دائما كما تكون فوق رؤوسنا وقت الظهيرة وغروبها المذكور في القرآن و كلام النبي صلى الله عليه وسلم نسبي فتغرب عن جهة وتكون طالعة على جهة أخرى فيكون الليل عندنا نهارا في مناطق أخرى والنهار عندنا ليلا عندهم كما هو معروف عند أهل الوقت ومشهور .
وإذا كان الحال هكذا وأن برودتها أول النهار وآخره نسبية أيضا وذلك لميل أشعتها كما أنها وسط النهار ترتفع حرارتها لتعامد الأشعة فبمعرفة هذا ينحل إشكال تعاقب الفصول الأربعة .
وحيث قد تبين ارتفاع الحرارة وانخفاضها يوميا وأن سببه تعامد الأشعة وميلها فكذلك تتغير الفصول الأربعة لكن التغير اليومي في الحرارة يحصل بتغير مواضع الشمس من المشرق إلى المغرب وأما في الفصول الأربعة فيحصل ذلك بتغير مواضع الشمس من الشمال إلى الجنوب وبالعكس لأنها كما سبق وذكرت ليس مجراها خطا واحدا في السماء لا تعدوه بل كل يوم تطلع من مطلع وتغرب من مغرب وقد ذكر الله اختلاف مطالع الشمس ومغاربها لتعاقب الفصول الأربعة في سياق تعداد نغعمه وآلائه على عباده فقال تعالى : (( رب المشرقين ورب المغربين )) . قال ابن كثير رحمه الله : يعني مشرقي الصيف والشتاء ، ومغربي الصيف والشتاء ، وقال في الآية الأخرى : (( فلا أقسم برب المشارق والمغارب )) وذلك باختلاف مطالع الشمس وتنقلها في كل يوم وبروزها منه إلى الناس . وقال في الآية الأخرى : (( رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا )) . وهذا المراد منه جنس المشارق والمغارب . ثم قال ابن كثير رحمه الله : ولما كان في اختلاف هذه المشارق والمغارب مصالح للخلق من الجن والإنس قال : (( فبأي آلاء ربكما تكذبان )) . انتهى
وهذا واضح فلو كانت الأرض هي التي تدور حول الشمس لتتعاقب الفصول التي فيها مصالح الخلق كما يزعمون لما ذكر الله المشارق والمغارب الذي معناه دوران الشمس حول الأرض وتغير مطالعها ومغاربها فهذا كله منسوب إليها لا سيما قوله تعالى : (( رب المشرقين ورب المغربين )) اللذين هما مشرقي الصيف والشتاء ومغربي الصيف والشتاء .
فلو كان الأمر على تخريف الملاحدة لذكر الله حركة الأرض ودورانها حول الشمس لتحصل مصالح الخلق بتغير الفصول . واين آية واحدة تدل على ذلك ؟
ثبات الأرض نعمة عظيمة
وكذلك يذكر ربنا عز وجل ثبات الأرض واستقرارها في سياق تعداد نعمه وآلائه فله الحمد . قال تعالى : (( والأرض وضعها للأنام )) ولذلك تقول الجن : اللهم ولا بشيء من آلائك نكذب فلك الحمد . يقولون هذا بعد قوله تعالى : (( فبأي آلاء ربكما تكذبان )) .
فكون الأرض موضوعة في السفل في مركز العالم قارة ساكنة هو من آلاء الله علينا فالحمد لله .
وقد فرق الله بينها وبين السماء بخلاف الملاحدة الذين يعتبرونها من ضمن كواكب السماء الذي هو العلو عندهم ليس المبني فوقنا . فهذا لا وجود له في خيالهم فقال سبحانه : (( والسماء رفعها ووضع الميزان )) وقال بعد ذلك : (( والأرض وضعها للأنام )) فالسماء مرفوعة والأرض موضوعة .
أما الملاحدة فليس لوضع الأرض عندهم معنى ولا لرفع السماء أيضا لأنهم لا يعرفونها . فالكون عندهم كله فضاء لا ينتهي وشموس وكواكب وأقمار تدور فيه .
وقد سلبوا الأرض خاصيتها حتى الإسم الذي سماها به خالقها سلبوها إياه . وادعوا في الكواكب ما هي بريئة منه من أنها صالحة لسكنى الناس ويمكن وصولها وأن تركيبها كتركيب الأرض وكذلك القمر وكله من أبطل الباطل وهم قالوا ذلك ليصدقهم الناس بدوران الأرض ليتم لهم إضلال المسلمين بأن الفضاء لا نهاية له ، الذي معناه إنكار وجود الخالق ، وهذا يحتاج إلى تفصيل وليس هنا موضعه . فثبات الأرض وقرارها من ضمن آلاء ربنا فله الحمد ، ولذلك يقول تعالى : (( وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم )) فتأمل مافي ضمن قوله تعالى : (( أن تميد بكم )) من اللطف والعناية الربانية والرحمة والإحسان . أي : لئلا تميد لكم فالحمد لله .
خطفة شيطانية وسفر خيالي
من صدّق الملاحدة وتابعهم في هذا الاعتقاد فإنما خطفه الشيطان وسافر به سفرا خياليا وهميا لا حقيقة له ولا وجود ، ليضله عن ربه كما أضل الملاحدة الذين أنكروه فليس هو عندهم ربا خالقا حكيما رحيما مدربا قاهرا فوق عباده فلا يدري أين هو . إن أثبت أنه الأعلى فوق مخلوقاته تناقض بهذه العقيدة التي لا يتفق له مع تمسكه بها علوا ثابتا ولا سفولا ثابتا لأن ما كان اليوم فوقه يكون غدا تحته والأرض في مخيلته هباءة سابحة في فضاء لا نهاية له . فهكذا انتهت هذه النظرية إلى التعطيل كما بدأت منه وأي ضلال أعظم من هذا ؟ . وقد كان تعطيل الجهمية مبدؤه كلمة واحدة وهو القول بخلق القرآن .
عقول المعطلة منكوسة
مجمل ما سبق يتضح لك إذا عكست كلام المعطلة وخالفتهم فبدلا من أن تتخيل الشمس ثابتة وهي المركز ، إجعل بدلها الأرض أنها ثابتة وهي المركز للعالم .
وبدلا من أن تتخيل الأرض تدور حول الشمس في الفضاء ، اجعل الشمس هي التي تدور حول الأرض في كرة السماء لتعاقب الليل والنهار .
وبدلا من أن تتخيل تمايل الأرض وانحرافها عن الشمس وهي تدور حولها لتعاقب الفصول الأربعة ، اجعل ذلك في الشمس نفسها كما سبق ووصفت لك وكما يتضح في الرسم رقم (3) يعني بميل أشعتها وتعامدها بسبب انحرافها إلى الجنوب تارة وإلى الشمال تارة وهو مشاهد الحس .
وبدلا من أن تتخيل أنك تطير في الفضاء الذي لا نهاية له وأن هذه المجموعة الشمسية التي كوكبك الأرضي منها واحد من ملايين المجموعات الشمسية التي تكون بدورها مجرات وبينها مسافات هائلة وأبعاد عظيمة تقدر بالسنين الضوئية المتناسبة مع هذا الخيال الشيطاني بدلا من ذلك ، ثق أنك مستقر على أرض ثابتة ساكنة والذي فوقك فضاء محدود محاط بالسماء المبنية الكروية التي لها جرم وسمك وأبواب . قال تعالى : (( أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج ))
فروج : شقوق
وفوقها ست سماوات كل واحدة محيطة بالتي في جوفها كإحاطة هذه السماء الدنيا بالأرض وفوق ذلك كرسي الرب عز وجل وعرشه والجنة . والعرش أكبرالمخلوقات على الإطلاق فهذه السماوات العظيمة والأرضين الكبيرة في العرش كالقنديل المعلق بين السماء والأرض . والرب سبحانه فوق العرش ليس كمثله شيء وهو السميع البصير .
الوجود الذهني والخارجي
الذي لا نشك فيه أن القوم يتكلمون عن أشياء يتخيلونها ليس لها حقيقة ثابتة في الخارج . وفرق بين الوجود الذهين والخيالي التصوري والوجود الحقيقي العيني الخارجي .
فالإنسان يستطيع أن يتخيل جبالا من الذهب وبحارا من اللبن وغير ذلك من الخيال الذي لا حدود له ويتكلم في هذا وقد يرسم له صورا يثبتها كما هي في خياله مع أنه لا وجود لذلك ولا حقيقة كما فعل هؤلاء الملاحدة تماما في تخيلهم الكون كما نقلنا عنهم . والذي ذكرناه هنا كلام مختصر وإلا فبلاؤهم طويل وشرهم مستطير.
kingstars18
15-03-2007, 13:50
يعطيك العافية أخي الكريم.....قرآننا هو رأس مالنا..
ولد أبوي
17-03-2007, 15:32
الكسوف والمطر وكروية الأرض
قد يقال : إنهم يخبرون بإخبارات صادقة مثل وقت الكسوف حيث أنه يقع كما أخبروا . ويخبرون عن كروية الأرض وقد تبين لنا أنها كما قالوا . كذلك اختلاف الليل والنهار في الأقاليم وأن المطر بخار يتضاعد من البحر فيتكثف في الهواء وينزل مطرا . فخبرهم عن دوران الأرض مثل ذلك .
فالجواب عن هذا : أن هذه المذكورات صحيحة وليس هم أول من قال بها فقد تكلم بها وأثبتها علماء الإسلام قبل وجود هؤلاء كشيخ الإسلام وابن القيم وغيرهم محررة في كتبهم يقررونها خشية من التباس الحق بالباطل كما وقع في وقتنا لأن المبطل لا يستطيع غالبا ترويج باطله إلا بشوب من الحق لأن الباطل المجرد مكشوف فلا بد من التغطية والتعمية . لكن نحن مأمورون بالتصديق بالحق والتكذيب بالباطل .
أما الكسوف فيعرف وقته بحساب سير الشمس والقمر وليس هو من علم الغيب .
والمتقدمون يضبطون وقته مع اعتقادهم ثبات الأرض ودوران الشمس حولها . وهؤلاء كذلك إنما يضبطونه على هذه الصفة والصورة . فقط أنهم يتخيلون دوران الأرض وثبات الشمس تخيلا لأن ضبط سير جسمين أحدهما ثابت والآخر يدور حوله بانتظام يتأتى ويتفق مع تخيل أن الدائر هو الثابت والثابت هو الدائر . مادام نظام السير والدوران ثابتا كما يقع لهؤلاء تماما وتكون النتيجة واحدة .
والتفصيل في هذه المذكورات ليس هذا مكانه وإنما نشير إلى أن التكذيب بالحق يصير سلما للتصديق بالباطل وهو اللبس المذموم .
وأما المطر فغاية ما عند من يذكر انه على هذه الصفة أن يستدل بما ورد من لفظ السماء ونزول المطر منها فيحمل هذا اللفظ على مفهوم أهل الوقت أنها السماء المبنية وقد تقدم بيان ذلك عند ذكر السماء .
وشبهة أخرى وهي كثرة الأمطار وإما تزول هذه الشبهة بمعرفة نسبة اليابس للماء وأنها حوالي الخمس فكيف تستكثر الأمطار والبحار في الأرض بهذه الصفة .
أما كروية الأرض فلا تنافي قوله تعالى : (( وإلى الأرض كيف سطحت )) لأن الجسم الكوري كلما كبر كلما خفي تكوره فيبدو للرائي كالسطح المستوي . ولأجل أن الأرض على هذه الصفة اختلف الليل والنهار في الأقاليم كما هو معروف .
فهذه المذكورات صحيحة قائمة عليها أدلة النقل والعقل أيضا ، أما دوران الأرض فشيء آخر غير هذا كله . لا شك ولا ريب أنه من أبطل الباطل وأكذب الكذب .
أدلة الكتاب على ثبات الأرض
نذكر هنا بعض الادلة من القرآن غير ما تقدم :
قال تعالى : (( الله الذي جعل لكم الأرض قرارا والسماء بناء )) الآية .
والقرار : هو السكون والثبات في لغة المخاطبين بالقرآن .
وقال تعالى : (( أمن جعل الأرض قرارا ))
وقال تعالى : (( إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا )) الآية.
ومعلوم أنها لو دارت الأرض لزالت .
وقال تعالى : (( وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم ))
وأدلة كثيرة غير هذه لم نذكرها للاختصار والذي لا يكتفي بهذا لا تزيده الإطالة إلا تماديا في الضلالة .
أدلة السنة على ثبات الأرض
روى الإمام أحمد والترمذي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( لما خلق الله الأرض جعلت تميد فخلق الجبال فألقاها عليها فاستقرت )) . تأمل قوله (( فاستقرت ))
وروى الطبراني حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( البيت المعمور في السماء يقال له الضراح وهو على مثل البيت الحرام بحياله لو سقط لسقط عليه ، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يرونه قط وإن له في السماء حرمة على قدر حرمة مكة يعني في الأرض )) .
ورى هذا الحديث الأزرقي في أخبار مكة . والشاهد فيه أن الأرض لو كانت تدور لتغير موضع البيت الحرام عن حيال البيت المعمور ، فلو سطق لم يسقط عليه وهذا واضح .
وغير ما ذكرت أدلة تركناها خشية الإطالة .
يتبع
ولد أبوي
18-03-2007, 14:17
الإجماع على ثبات الأرض
قال القرطبي في تفسيره عند قوله تعالى : (( وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهارا )) الآية .
قال : والذي عليه المسلمون وأهل الكتاب القول بوقوف الأرض وسكونها ومدها وأن حركتها إنما تكون في العادة بزلزلة تصيبها . إنتهى . فهذا إجماع المسلمين وأهل الكتاب على ثباتها .
وقال عبدالقادر الإسفرائيني في كتابه ( الفـَرْق بين الفِـرَق ) : وأجمعوا - يعني أهل السنة - على وقوف الأرض وسكونها وأن حركتها إنما تكون بعارض يعرض لها من زلزلة ونحوها خلاف قول من زعم من الدهرية أن الأرض تهوي أبدا .
والآن ننظر في كلام قاله البعض حول دوران الأرض :
قال : دوران الأرض من الأمور التي لم يرد فيها نفي ولا إثبات لا في الكتاب ولا في السنة ثم ذكر أن بعض الناس يستدل على دورانها بقوله تعالى : (( وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم )) ، بأن قوله : (( أن تميد بكم )) يدل على أن للأرض حركة لولا هذه الرواسي لاضطربت بمن عليها .
ثم قال : وليس هذا بصريح في دورانها .
وقوله تعالى : (( الله الذي جعل لكم الأرض قرارا )) ليس بصريح في انتفاء دورانها لأنها إذا كانت محفوظة من الميدان في دورانها بما ألقى الله فيها من الرواسي صارت قرارا وإن كانت تدور .
الجواب أنه قد تقدم ذكر الأدلة من الكتاب والسنة على ثبات الارض وكذلك الإجماع.
أما قول من قال : للأرض حركة لولا هذه الرواسي لاضطربت بمن عليها مستدلا بقوله تعالى : (( وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم )) زاعما أن وظيفة الجبال حفظ الأرض من الميدان أثناء الدوران فهذا باطل والآية حجة عليه لا له ، وسبق وبينت أنه ما احتج محتج بدليل من الكتاب أو السنة على دوران الأرض إلا بتأويل فاسد كهذا التأويل .
ذكر شيخ الإسلام رحمه الله أن الدليل الصحيح إذا بين معناه الصحيح أنه يدل على الحق لا يدل على الباطل .
وبما أن هذه الآية دليلا صحيحا فإنها تدل على ثبات الارض ، لا على دورانها . والمحتج به قد عكس مدلوله وسوف أوضح ذلك ليزول اللبس .
الأرض كما هو معروف يابس وماء واليابس بالنسبة للماء قليل حوالي الخمس ، والباقي كله هذه البحار . فهذا اليابس القليل خلقه الرب عز وجل على تيار الماء فهو يرتج ويضطرب لعدم استقراره لأن الماء محيط به من كل جانب ، فهو كالسفينة في البحر ترتج وتضطرب وهي واقفة .
إذا لا بد من ثقل يسكن هذا الاضطراب والارتجاج لئلا يميد اليابس منها وليكن قرارا ، يعني ثابتا في موضعه لتستقر عليه الكائنات ، فلذلك خلق الحكيم هذه الجبال وألقاها عليها فاستقرت عن الميدان والاضطراب وسكنت وثبتت على تيار الماء كما تقلى الأثقال على السفينة ليسكن اضطرابها مع مافي الجبال من المنافع العظيمة والحكم الباهرة غير هذا .
قال الإمام أحمد : حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا العوام بن حوشب عن سليمان بن أبي سليمان عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لما خلق الله الأرض جعلت تميد فخلق الجبال فألقاها عليها فاستقرت . المراد بالأرض في هذا الحديث اليابس فقط لأنه هو الذي يميد وهو في الماء .
قال عبدالرزاق أنبأنا معمر عن قتادة سمعت الحسن يقول : لما خلقت الأرض كانت تميد فقالوا : ماهذه بمقرة على ظهرها أحدا . فأصبحوا وقد خلقت الجبال فلم تدر الملائكة مم خلقت الجبال .
فقد تبين الآن أن الآية قد قلب مدلولها وتؤولت على غير ما أراد بها من تكلم بها سبحانه .
كذلك مما يبين فساد هذا التأويل أن أرباب نظرية دوران الأرض يزعمون أن الجبال قد ظهرت وبرزت من باطن الأرض وهذا معروف عنهم وقد ذكر الله إلقاءه الرواسي على الأرض وكما ذكرنا من لفظ الحديث السابق أيضا أنها ملقاة على الأرض والإلقاء يكون من أعلى إلى أسفل . ولو كانت الجبال خارجة من الأرض لما صح إطلاق لفظ الإلقاء عليها .
وهم قالوا إنها ظهرت من الأرض لزعمهم أن الأرض كانت أول انفصالها عن الشمس مادة منصهرة أو غازية شديدة الحرارة فما زالت تدور حتى تكثفت وبردت كما سبق وبينت فلذلك قالوا أن الجبال برزت من بطانها أثناء دورانها لتحفظ توازنها فتأمل هذا الهذيان . وكيف يخالف الحديث والقرآن . لأنه وحي الشيطان .
ومراد منه زلزلة الإيمان . والأحالة فيه على ملايين السنين ، فإن من أيسر الأمور عندهم أن يقولوا : مليون سنة وأثقل ما عليهم إذا أرادوا أن يزيدوا في الخيال أن يبدلوا الميم باء ، فيقولوا بليون سنة . فقد بنوا ضلالهم على هذا كما هو واضح في علومهم ومن أحالك على ملايين وبلايين السنين فقد أضلك . أما إحالتنا ولله الحمد فعلى من ابتغى الهدى في غيره أضله الله . وعلى ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فهل نصدقهم وندع خبر ربنا عز وجل خالق هذه المخلوقات الذي أنزل علينا كتابه تبيانا لكل شيء وكذلك أخبار نبينا صلى الله عليه وسلم . وما تصدقه وتستيقن به عقولنا أيضا ؟ قد ضللنا إذا .
أما قوله في ان قوله تعالى : (( الله الذي جعل لكم الأرض قرارا )) ليس بصريح في انتفاء دورانها ، فهو غير صحيح ، فالآية صريحة في بيان ثبات الأرض وسكونها وعدم حركتها ، والقرآن نزل بلغة العرب التي يعرفونها . والقرار عندهم هو الثبات والسكون .
أما قوله : تصير قرارا وإن كانت تدور بما القى الله فيها من الرواسي . فغير صحيح أيضا لأنه قال في الآية الأخرى : (( أمن جعل الأرض قرارا )) فمعناها أنها هي بنفسها قارة ثابتة ولم يقل هنا : لكم فهي مجعولة هكذا ولو لم يكن فيها خلائق لانها مركز العالم . ومستقر الأنام .
وقوله : إذا كانت محفوظة من الميدان قد بينت قبل أن الميدان الذي ذكره الله عز وجل وذكره نبيه صلى الله عليه وسلم غير الميدان الذي حرفت آيات القرآن من أجله الذي هو الدوران فهذا غير هذا .
ثم قال : أما رأينا حول دوران الشمس على الارض الذي يحصل به تعاقب الليل والنهار ، فإننا مستمسكون بظاهر الكتاب والسنة من أن الشمس تدور على الأرض دورانا يحصل به تعاقب الليل والنهار .
أقول : هذا صحيح وهو دليل على ثبات الأرض لأنهم يزعمون أن الشمس ثابتة فإذا دار أحدهما حول الآخر لزم أن يكون الآخر ثابتا وإلا اختل النظام لأن تعاقب الليل والنهار يحصل بدوران أحدهما حول الآخر لكن دوران الشمس حول الأرض الثابتة حقيقة ودوران الأرض حول الشمس الثابتة خيالا تخيلوه لا حقيقة له ، فلماذا نشك في ثبات الأرض مع يقيننا بدوران الشمس حولها ؟ وهم لا يقولون إن الشمس تدور على الأرض مع دوران الأرض ، يعلمون أن تناقض ، لكن يزعمون أن للشمس حركة أخرى وهي وما معها من الكواكب التي ضمنها الأرض حول المجرة أو في اتجاه واحد كما ذكر قطب عنهم ، وهذا كله تابع لخيالهم الذي بينا زيفه فيما تقدم . فليس هو الجريان بالفلك .
كذلك فإن جريان الشمس المذكور في القرآن والأحاديث إنما هو في الفلك ، والفلك هو المستدير بلغة العرب ، ولذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما على قوله تعالى : (( وكل في فلك يسبحون )) قال : يدورون يعني حول الأرض ، فمن تأول جريان الشمس المذكور على خرافاتهم فهو محرف للكلم عن مواضعه .
ونزيد المسألة وضوحا بأن نقول لمن يعتقد جريان الشمس ودورانها حول الأرض . أتراه يصح أن توصف الشمس بالقرار مع أنها تجري وتدور حول الأرض ؟
فإذا لم يستقم هذا الوصف ولم يصح لأن جريان الشمس ودورانها حول الارض ضد القرار ولذلك قرأ ابن عباس رضي الله عنهما قوله تعالى : (( والشمس تجري لا مستقر لها )) كذلك ابن مسعود قرأها هكذا . فكذلك الأرض لا يصح وصفها بالقرار وهي تدور حول الشمس على زعم من يدعي أن الرواسي تحفظها من الميدان أثناء الدوران . كذلك فإن من يقر بدوران الأرض حول الشمس يلزمه القول بثبات الشمس ، فلابد من ذلك ، فإذا أقر بجريان الشمس كما ورد في الكتاب والسنة ، وكما تعرفه العرب من كلامها أصبح دوران الأرض لا معنى له لأن الغرض المطلوب يتم بذلك كما تقدم . ولا ينفعه إقراره بجريان الشمس أنه دورانها حول المجرة . فهذا مجاراة لهذه النظريات الباطلة بتأويل كلام الله بالباطل ، فجريان الشمس في القرآن هو دورانها حول الأرض بالفلك وهو السماء .
العلم بالباطل من أعظم أسباب تعظيم الحق
يقال :
الضد يظهر حسنة الضد وبضدها تتبين الأشياء
قال شيخ الإسلام رحمه الله : وكل من كان بالباطل أعلم كان للحق أشد تعظيما وبقدره أعرف إذا هدي إليه
وقال ابن القيم رحمه الله : وهكذا من عرف البدع والشرك والباطل وطرقه فأبغضها لله وحذرها وحذر منها ودفعها عن نفسه ولم يدعها تخدش وجه إيمانه ولا تورثه شبهة ولا شكا بل يزداد بمعرفتها بصيرة في الحق ومحبة له وكراهة لها ونفرة عنها أفضل ممن لا تخطر بباله ولا تمر بقلبه فإنه كلما مرت بقلبه وتصورت له ازداد محبة للحق ومعرفة بقدره وسرورا به فيقوى إيمانه به . وذكر رحمه الله كلاما ثم قال :
والمقصود أن الله سبحانه يحب أن تعرف سبيل أعدائه لتجتنب وتبغض كما يحب أن تعرف سبيل أوليائه لتحب وتسلك . وفي هذه المعرفة من الفوائد والأسرار مالا يعلمه إلا الله ... إلخ .
قال ابن القيم رحمه الله : التفكر والتذكر أصل الهدى والفلاح وهما قطبا السعادة .
وقال : وأحسن ما أنفقت فيه الأنفاس التفكر في آيات الله وعجائب صنعه والانتقال منها إلى تعلق القلب والهمة به دون شيء من مخلوقاته .
يتبع
ولد أبوي
19-03-2007, 13:36
بداية خلق السماوات والأرض ومادة خلقها
قال شيخ الإسلام رحمه الله : وأهل الملل متفقون على أن الله خلق السماوات والأرض وهو الدخان الذي هو البخار كما قال تعالى : (( ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين )) وهذا الدخان هو بخار الماء الذي كان حينئذ موجود كما جاءت بذلك الآثار عن الصحابة والتابعين وكما عليه أهل الكتاب .
وقال : قبل أن يخلق الله هذه السماوات وهذه الأرض وهذا النهار كان العرش على الماء كما قال تعالى : (( وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء )) وخلق الله من بخار ذلك الماء هذه السماوات وهو الدخان المذكور في قوله تعالى : (( ثم استوى إلى السماء وهي دخان )) الآية . انتهى .
وقد ثبت في صحيح البخاري وغيره عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( كان الله ولم يكن شيء غيره وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء وخلق السماوات والأرض )) وثبت في صحيح مسلم عن عبدالله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( قدر الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء )) .
قال شيخ الإسلام : وهذا التقدير بعد وجود العرش وقبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة . انتهى .
فالعرش موجود والرب عال عليه قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وقبل وجود السماوات والأرض . وكذلك الماء الذي تحته وأخبر أنه استوى على العرش بعد خلق السماوات والأرض .
وهذا كله لا يعرفه الملاحدة ولا يذكرونه لأنهم تائهين مع بلايين السنين وملايينها والسنين الضوئية . وهذا كله خيال في الأذهان لا وجود له ولا حقيقة في الوجود الكوني والأعيان وقد تقدم الفرق بين الحقيقة الموجودة خارج الذهن وبين الصورة الخيالية الذهنية .
معرفة الله داعية إلى تعلق القلب والهمة به
تكلمنا عن المخلوقات وصفاتها الباطلة وصفاتها الصحيحة فيحسن أن نختم هذا الموضوع بكلام نستدل به على خالق هذه المخلوقات دلالة خاصة سلمها التفكرالصحيح في مخلوقاته فإنه هذا هو غاية المطالب ونهاية المآرب وذلك زيادة على ما تقدم .
قال شيخ الإسلام : فيجب أن يعلم أن العالم العلوي والسفلي بالنسبة إلى الخالق في غاية الصغر كما قال تعالى : (( وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون )) وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( يقبض الله تبارك وتعالى الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه ثم يقول : أنا الملك أين ملوك الأرض ؟ ))
وقال ابن عباس : يقبض عليهما فما ترى طرفاهما بيده . يعني السماوات والأرض . وفي لفظ عنه (( ما السماوات السبع والأرضون السبع وما فيهمن وما بينهن في يد الرحمن إلا كخردلة في يد أحدكم ))
وذكر الشيخ رحمه الله غير هذا في العرشية ثم قال :
ففي هذه الآية والأحاديث الصحيحة المفسرة لها المستفيضة التي اتفق أهل العلم على صحتها وتلقيها بالقبول ما يبين أن السماوات والأرض وما بينهما بالنسبة إلى عظمة الله تعالى أصغر من أن تكون مع قبضه لها إلا كالشيء الصغير في يد أحدنا حتى يدحوها كما تدحى الكرة . انتهى .
وقال رحمه الله : والله تعالى محيط بالمخلوقات كلها إحاطة تليق بجلاله ، فإن السماوات السبع والارض في يده أصغر من الحمصة في يد أحدنا . انتهى .
فسبحان من لا يقدر الخلق قدره ........ ومن هو فوق العرش فرد موحد
والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
عبدالكريم بن صالح الحميد
1407 هـ
ولد أبوي
19-03-2007, 13:43
والآن إخوتي في الله ...
ما رأيكم في كلام الشيخ ؟
وما تعليقكم ؟
وما هي ردودكم ؟
لا أظن بعد هذا التفسير شيء آخر ....
في انتظاركم أحبتي ...
Abofaisal2008
19-03-2007, 22:21
الموضوع جدا طويل ... لكن هل هذا يعني ان هناك خطأ ما في النموذج الرياضي
لنظرية الإنفجار العظيم ؟؟
الفيزيائي الصغير
19-03-2007, 23:08
اخي ولد ابوي مجهودد رائع وتشكر عليه
ولكن في الحقيقة الموضوع كبير جدا ومن الصعب مناقشته دفعه واحده لكن ما اريد ان اقوله هذه المواضيع قد اخذت حيز كبير من النقاش ولقد حسم اكثرها
ومع اني من محبي الشيخ حفظه الله لكن عندي تحفظ على كتابه هذا وتحامله الشديد على العلم ومن خاضه ولا اريد الخوض في الكلام لكي لا يساء الظن واقول ان موضوع نقاش هذا الكتاب يطول جدا جدا
فلو ان نحدد بعض نقاط النقاش ونجعلها متتالية وبعد ان نفرغ منها نأتي بالتي بعدها
في الحقيقة في الجعبة كثير لكن هنا تشتت ذهني لا ادري ما ابدا فيه
وامر اخر اشكر الاخ طالب علم فلم ادخل موضوع واردت ان ارد عليه او اعلق الا وجدته يسبقني لذلك
وانا مؤمن ان الاخ في جعبته الكثير
اخي ولد ابوي يجب ان نتناقش بالموضوع خطوة خطوة لانه موضوع طويل وواسع واظن ان الاخ طالب علم قد كان له نقاش مشابه مع احد الاخوة الاعضاء ( الذئب الجائع) وقد اجاد
من الممكن ان تستفيد منه وارجو من الاخ طالب علم ان يضع لنا رابط لذلك الموضوع من اجل الاستفاده
اعذرني على ردي المتواضع البسيط ولكن ان شاء الله لي رجعه وتعليق واتمنى ان نلخص الموضوع الى عدد من النقاط لكي نستطيع النقاش باريحية وتعمق اكثر
تحاتي للجميع
الفيزيائي الصغير
19-03-2007, 23:42
بعد كرائتي للتو لكثير من كلام الشيخ
مع احترامي له فلم يناقش الموضوع بمنهج علمي وانما القى التهم
الشيخ حفظه الله خلط بين اشياء كثيرة وربط بين من اعتقد بدوران الشمس ونظرية دارووين في التطور ولانهائية الكون وغيرها من النظريات
وجعل من يؤمن بواحدة انه مؤمن بها كلها صحيحها وسقيمها وهذا ليس بالعدل فمع ان بعض كلامه صحيح ونتفق معه الا ان بعضه الاخر ليس بصحيح
الشيخ نظر لبعض الاشياء من منظور واحد وجعل بعض الجهات الاخرى باطله واعلم انه صاحب علم غزير ولكن من الاولى حينما لا يوافق على وجهة نظر الا يرفضها بدون تأصيل لكلامه ورفضه للكلام الاخر
اخي في الحقيقة مع ما تضمنه الكتاب من بعض الكلام الجيد الا ان في مجمله ليس بالقوي للرد على العلم ولقد احزنني تحامله على بعض العلماء بمجرد اخلافهم معه بوجهات النظر وكانت وجهات نظرهم لها من القوة بمكان ولها جذور علمية صحيحة من علوم القران والسنة
لكن اخي ارجع واقول ان كنت تريد النقاش في كل نقطة فلا بأس ولكن يجب ان نحددها اولا لكي لا نتشتت في الكلام وننقاش المحور تلو الاخر ولا نخلط بينها
تحياتي لكم
طالب علم
20-03-2007, 04:19
السلام عليكم :
الأخ الكريم ولد أبوي : حياك الله تعالى ..
سأعمل على قراءة هذا الكتاب إن شاء الله تعالى ...
الأخ الكريم الفيزيائي الصغير : حياك الله تعالى .. وأشكرك على حسن ظنك بي ..
أما عن النقاش الذي دار مع الأخ الكريم ( الذئب الجائع ) فقد كان عن قوله : (( إن الأرض مبسوطة ( أي : ليست كروية ) وقوله : " فإذا اخترتم الخوض فلا يجادلنـــّــي أحدكم بالدين فهو معي ... " ))
فالأمر هنا مختلف كما ترى ..
ولكم تحياتي
ولد أبوي
20-03-2007, 13:43
أشكرك جدا أخي الفيزيائي الصغير
حقيقة ... أنا معك في أن الكلام طويل ... لكن أتركك لتقرأ الكتاب
ثم أنا لم أضع الكتاب ... إلا لنقطة واحدة .. وهي دوران الأرض ... ونشأة الأرض
هي التي أريد التحدث بها
دوران الأرض : ....
نشأة الأرض : ....
لأن كلا الموضوعين ... يؤثر في نظرية الانفجار العظيم ...
والمشكلة الكبرى ... أنك لا تستطيع بالآيات والأحاديث أن تقنع الكفرة ...
لذلك بدأت بشباب المسلمين ...
الذين يضعون كتاب الله ... منهاجا لهم ...
وحتى نتفق جميعا على هذا الكلام ...
نبدأ في التحليل الرياضي الفيزيائي ....
وأشكرك أخي طالب علم على مرورك
وفي انتظارك حتى تنهي قراءتك للكتاب ....
تحياتي
هل يثير توسع الكون حيرة عندكم؟ لستم وحدكم، فحتى الفلكيون كثيراً ما يتناولونه بشكل خاطىء.
قد يكون توسع الكون أهم حقيقة على الإطلاق جرى اكتشافها عن أصولنا. فلو لم يكن الكون قد توسع لما كنتم تقرؤون الآن هذه المقالة ولا وجدت الكائنات البشرية. ولو لم يكن الكون قد توسع وتبرّد بعد الإنفجار الأعظم، لما وجدت الكواكب الأرضية والأشياء الجزيئية الباردة التي منها أشكال الحياة. فتكوين بنى الكون جميعها من مجرات ونجوم وكواكب وحتى مقالات هذه المجلة، كان معتمداً على توسع الكون.
لقد مضى أربعون عاماً على إعلان بعض العلماء عن اكتشاف دليل قاطع على توسع الكون بدءاً من حالة كان فيها شديد الحرارة والكثافة. فقد عثروا على الشفق البارد للإنفجار الأعظم، أي على الخلفية الكونية للإشعاع الميكروي الموجة . ومنذ ذلك الحين صار توسع الكون وتبرده هو النظرية التي وحدت ما تطرحه الكوسمولوجيا من موضوعات. فقد كان شأنه في ذلك شأن نظرية دارون التي وحّدت بين موضوعات البيواوجيا. إذ شكل التوسع الكوني، مثل التطور الدارويني، السياق الذي تنمو وتتكون فيه على مر الزمن بنى بسيطة تصبح فيما بعد معقدة. ولولا ذلك التطور والتوسع لكان مضمون البيولوجيا والكوسمولوجيا الحالي تافهاً إلى حد ما.
وثمة وجه شبه من نوع آخر بين توسع الكون والتطور الدارويني، وهو أن معظم العلماء يظنون أنهم يفهمونه، مع أنهم قلما يتفقون على معناه. لقد مضى على صدور كتاب "أصل الأنواع" قرن ونصف القرن ولا يزال البيولوجيون يتجادلون حول آليات ومقتضيات الداروينية ( وليس حقيقتها)، في حين أن معظم الجمهور لا يزال يتخبط في جهالة ما قبل الداروينية. وكذلك الأمر بالنسبة إلى توسع الكون، فهو لا يزال سيء الفهم على نطاق واسع منذ اكتشافه الأول قبل 75 عاماً. فالكوسمولوجي البارز (يبلز - الأستاذ في جامعة برنستون) كتب في عام 1993: " إن هذه الصورة، (أعني نموذج الإنفجار الأعظم الحار) بكل مداها وغناها، ليست مفهومة بالصورة الجيدة التي ينبغي أن تكون عليها...حتى بين أولئك الذين حققوا بعضاً من أعظم الإسهامات في إثارة موجة عارمة من الأفكار..".
لقد قام بعض الفيزيائيين المشهورين وبعض مؤلفي الكتب الجامعية في الفلك وكذلك بعض الذين يبسطون العلم للناس، بطرح عبارات غير صحيحة ومضللة أو تفاسير هي بلا جدال سيئة حول توسع الكون. ولما كان التوسع هو الأساس في نموذج الإنفجار الأعظم، فهذه التفاسير السيئة تصبح أساسية. إن التوسع فكرة بساطتها خادعة، ولكن ما الذي يعنيه بالضبط قولنا إن الكون يتوسع؟ ما هذا الذي يتوسع فيه؟ هل تتوسع الأرض أيضاً؟ ومما يزيد من إرباكنا أن توسع الكون يبدو متسارعاً.
على أية حال، ما معنى توسع؟
عندما تتوسع أشياء مألوفة، مثل كاحل ملتو أن إمبراطورية رومانية أو قنبلة، تتضخم جميعها نتيجة توسعها في الفضاء حولها. والكاحل والإمبراطوريات والقنابل لها مراكز وأطراف. وفي خارج الأطراف ثمة متسع كي يجري التوسع فيه ، ولكن الكون ليس له على ما يبدو طرف ولا مركز ولا خارج، فكيف يمكن أن يتوسع؟
إن أفضل تمثيل له هو أن تتخيل نملة تعيش على سطح بالون ينتفخ، فعالمها ثنائي الأبعاد، والإتجاهات الوحيدة التي تعرفها هي: يمين، يسار، أمام ، خلف. وليس لديها أدنى فكرة عما هو فوق وما هو تحت. وفي أحد الأيام أدراكت أن سيرها نحو أرقاتها لتحلبها استغرق وقتاً أطول من المعتاد: خمس دقائق في اليوم الأول، وست دقائق في اليوم التالي، وسبع دقائق في اليوم الثالث... كما أن زمن السير المعتاد إلى مكان آخر آخذ بالتزايد. وهي متأكدة أنها لم تبطىء في سيرها وأن الأوقات تدور كيفما اتفق في جماعات متقلبة حول بعضها ولم تزحف بعيداً عنها بطريقة نظامية.
وهذه هي التقطة المهمة في الموضوع: أعني أن المسافات نحو الأرقات قد ازدادت على الرغم من أن الأرقات لم تبتعد عن مواضعها، إنها لا تزال تقف حيث كانت ودون حركة بالنسبة إلى مطاط البابون، ومع ذلك ازدادت المسافات إليها وفيما بينها. فمن ملاحظتها لهذه الوقائع ستنستنح أن الأرض تتوسع بين أقدامها. وهذا أمر غريب جداَ، لأنها لم تصل أثناء تجوالها إلى طرف أو إلى "خارج" بالنسبة إليها لتمتد إليه.
إن توسع كوننا شبيه جداً بتضخم البالون، والمسافات بالتالي نحو المجرات البعيدة تزداد. وقد عبر الفلكيون عن ذلك - عن غير قصد - بالقول إن المجرات البعيدة " تتقهقر" أو تبتعد عنا، لكن المجرات لا تسير في الفضاء مبتعدة عنا. وهي ليست شظايا قنبلة من قنابل الإنفجار الأعظم. بل كل ما في الأمر أن الفضاء بين المجرات وبيننا يتوسع. أما كل مجرة وحدها فهي تتجول كيفما اتفق داخل عناقيد، ولكن عناقيد المجرات تبقى جوهرياً ساكنة. وهذا التعبير "ساكنة" يمكن تعريفه تعريفاً دقيقاً. فإشعاع الخلفية الميكروي الموجة يملأ الكون، لذا فإنه يصلح معلماً تنسب لإليه الأشياء مثل مطاط البالون، ويمكن من ثم قياس الحركة بالنسبة إليه.
ولكن يجب ألا نذهب بعيداً جداً في هذا التشبيه، فقد كان التعبير : خارج البالون" و"توسع السطح" المطاطي المنحني الثنائي البعدين ممكنا من وجهة نظرنا لأنهما كانا متضمنين في فضاء ثلاثي الأبعاد. ثم إن للبالون مركزاً في البعد الثالث، وسطحه يتمدد في الهواء المحيط به عندما يتضخم. لذلك يمكن للمرء أن يستنتج أن توسع فضائنا الثلاثي الأبعاد يتطلب وجود بعد رابع. ولكن الفضاء ديناميكي وفق نظرية آينشتاين في النسبية العامة، التي هي النظرية الأساس في الكوسمولوجيا الحديثة، بمعنى أنه يمكن أن يتوسع وينكمش من دون أن يكون متضمناً في فضاء عدد أبعاده أكبر.
إن الكون بهذا المعنى قائم بذاته، فهو لا يحتاج، لا إلى مركز ليبتعد عنه ولا إلى فضاء خال خارجه (أيا كان ذلك) ليتمدد فيه.
ولا يتطلب عند توسعه وجوداً مسبقاً لفضاء خال يحيط به. وتفترض بعض النظريات الأحدث، مثل نظرية الأوتار، وجود مزيد من الأبعاد. ولكن كوننا الثلاثي الأبعاد لا يحتاج حين يتوسع إلى هذه الأبعاد الإضافية لكي ينتشر فيها.
إن كل شيء في كوننا يتقهقر عما عداه وذلك كما هي الحال على سطح البالون. فالإنفجار الأعظم ليس انفجاراً في الفضاء، بل كان أشبه بانفجار الفضاء ذاته. فهو لم ينفجر في موفع معين انتشر منه في خلاء نفترض أنه قد هيء له. لقد حدث في كل مكان دفعة واحدة.
لنفترض أن الساعة عادت بالزمن إلى الوراء ، وأن كل منطقة من الكون انكمشت وأن المجرات اقترب بعضها من بعض أكثر فأكثر إلى أن سحقت معاً في اكتظاظ مروري كوني، إنه الإنفجار الأعظم. قد يتطلب هذا التشبيه بالإكتظاظ المروري تصور اكتظاظ موضعي يمكن تجنبه فيما لو أصغينا إلى التقرير الإذاعي المروري ، ولكن الإنفجار الأعظم كان اكتظاظاً مرورياً لا يمكن تجنبه، فكان كما لو أن سطح الأرض وجميع الطرقات العامة عليها تقلصت، في حين بقيت السيارات محافظة على أحجامها. وأخيراً تكاثرت السيارات أكثر فأكثر على كل طريق، ولا توجد محطة إذاعة لتهرع وتخلصك من هذا الضغط المروري، لأن الإكتظاظ في كل مكان.
كذلك حدث الإنفجار الأعظم في كل مكان، في الغرفة التي تجلس فيها الآن كما في بقعة تقع على يسار النجم ألفا سنتوري فلم يكن مثل فنبلة تنفجر في بقعة معينة نعتبرها مركزاً. وإنما هو على غرار البالون الذي لا يوجد على سطحه مكان خاص هو مركز للتوسع.
إن حدوث الإنفجار الأعظم في كل مكان يظل صحيحاً مهما كان حجم الكون، سواء أكان منتهياً أم غير منته. وقد يذكر الكوسمولوجيون أحياناً أن الكون كان بحجم حبة كريفون، ولكن ما يعنونه بذلك هو أن حجم الجزء المشاهد الآن من الكون، كان بحجم حبة كريفون.
إن الراصدين الذين يعيشون في مجموعة أندروميدا وما وراءها لهم أكوانهم التي تختلف عن كوننا بالتفاصيل ولكنها تتفق مع كوننا من حيث الشكل. فهؤلاء يمكنهم رؤية مجرات لا نستطيع نحن رؤيتها، لأنها تكون أقرب إليهم منا، والعكس بالعكس. ولكن كونهم المرئي كان أيضاً يحجم حبة كريفون. وهكذا يمكن أن نتصور الكون في بدايته مثل كومة من حبات كريفون متشابهة تتمدد ( الكومة) لا نهائياً في جميع الإتجاهات. وفي المقابل، إن فكرة أن الإنفجار الأعظم كان "صغيراً" هي فكرة مضللة. فالكون بكليته يمكن أن يكون لا نهائياً، وحين ينكمش كون لانهائي ويفقد شيئاً من حجمه، فإنه يظل لا نهائياً.
تقهقر أسرع من الضوء.
ثمة مجموعة أخرى من الإكار الخاطئة تحيط بالوصف الكمي للتوسع في عام 1929 وجد الفلكي الأمريكي " هبل" أن معدل تزايد المسافات بين المجرات يتبع نموذجاً مميزاً مفاده أن السرعة (v) لتقهقر مجرة ما عن مجرتنا تتناسب طرداً مع بعدها ( d ) عنا، أي v = Hd. ويعرف ثابت التناسب H باسم ثابت هبل. فهو يحدد مدى السرعة التي يتمدد بها الكون حول أي راصد في الكون وليس حولنا وحدنا.
إن عدم خضوع بعض المجرات لقانون هبل قد يسبب الإرباك عند بعضهم. فأقرب مجرة كبيرة إلينا، أندروميدا، تتحرك فعلياً نحونا ولا تيتعد عنا. والسبب في ظهور هذه الإستثناءات هو أن قانون هبل يسري فقط على السلوك الوسطي للمجرات. وقد يكون لبعض المجرات حركات محلية متواضعة، كأن تدور بتأثير الثقالة حول بعضها، وهذه حال مجرة درب التبانة وأندروميدا. وكذلك ثمة مجرات بعيدة سرعاتها المحلية صغيرة، ولكن هذه السرعات العشوائية تضيع في نظرنا ( في حالة d كبيرة جداً ( في خضم سرعات تقهقر v كبيرة جداً. فبالنسبة إلى هذه المجرات ، يحقق قانون هبل دقة جيدة.
لنلاحظ أن الكون، تبعاً لقانون هبل، لا يتوسع بسرعة واحدة. فبعض مجراته تتقهقر عنا بسرعة 1000 كم في الثانية، والمجرات التي تبعد عنا ضعف مسافة المجرة السابقة تتقهقر عنا بسرعة 2000 كم في الثانية وهكذا. ويتنبأ قانون هبل بوجود مجرات تقع على مسافة معينة عنا - تسمى مسافة هبل - هي أسرع من الضوء في تقهقرها. وبالنسبة إلى قيمة ثابت هبل التي قيست، تصل هذه المسافة إلى نحو 14 بليون سنة ضوئية.
ترى، هل يعني هذا التنبؤ، أن قانون هبل خطأ؟ ألم تقل نظرية أينشتاين النسبية الخاصة أن لا شيء يمكن أن يتجاوز سرعة الضوء؟ لقد أربكت هذه المسألة أجيالاً من الطلبة. أما حلها، فهو أن نظرية النسبية الخاصة لا تنطبق إلا على السرعة "العادية"، أي على الحركة عبر المكان. في حين أن الحركة في قانون هبل ليست عبر المكان وإنما هي حركة تقهقرية ناشئة عن توسع المكان. وهذه الحركة هي من نتائج النسبية العامة وهي غير محدودة بحدود النسبية الخاصة. لذلك لا يخرق تجاوز التقهقر لسرعة الضوء، نظرية النسبية الخاصة. كما لا يزال صحيحاً ألا شيء يمكن أن يتجاوز في سرعته سرعة الضوء.
يتمدد الكون ويبرد.
إن أول ملاحظة أساسية أعلنت عن توسع الكون ظهرت بين عامي 1910 و 1930. وقد تبين أن ظاهرة كون الذرات تبث وتمتص موجات ضوئية نوعية، وذلك كما دلت القياسات المختبرية، موجودة في الضوء الوارد من المجرات البعيدة، باستثناء أن الموجات هنا كانت منزاحة نحو الموجات الطويلة. ويعبر الفلكيون عن ذلك بقولهم إن ضوء المجرات كان منزاحاً نحو الأحمر. وتفسير ذلك أمر مباشر: فلما كان الفضاء يتوسع، فالومجات الضوئية تتمدد. وإذا تضاعف حجم الكون أثناء رحلة الموجات، فستتضاعف معه أيضاً أطوال هذه الموجات وتنخفض طاقتها إلى النصف.
ويمكن وصف هذه السيرورة بدلالة درجة الحرارة، فالفوتونات الصادرة عن جسم ما لها مجملها درجة حرارة - أي لها توزع معين في طاقتها يدل على مدى سخونتها. ولما كانت الفوتونات ترحل عبر فضاء يتوسع، فهي تخسر شيئاً من طاقتها، وتنخفض بالتالي درجة حرارتها. ونتيجة لذلك، يبرد الكون عندما يتوسع ، مثله مثل هواء مضغوط في أجهزة الغطس يبرد عند إفلاته وتركه ينتشر.
وعلى سبيل المثال، إن درجة حرارة إشعاع الخلفية الميكروي الموجة هي ، كما هو شائع الآن، 3 درجات كلفن تقريباً. في حين أن سيرورة انفلات الإشعاع، حدثت في درجة حرارة 300 كلفن. وقد ازداد حجم الكون 1000 مرة منذ ذلك الزمن الذي بث فيه هذا الإشعاع. وهكذا هبطت درجة حرارة الفوتونات بنفس النسبة، وهذا جعل الفلكيين يقيسون مباشرة درجة حرارة الإشعاع في الماضي البعيد من خلال ملاحظة الغازات في المجرات النائية. وهذه القياسات تؤكد أن الكون كان يبرد مع الزمن.
ثمة خلاف حول العلاقة بين الإنزياح نحو الأحمر والسرعة المتوافرة، إذ يختلط الأمر بين الإنزياح نحو الأحمر الناتج من توسع الكون وبين الإنزياح نحو الأحمر الناتج من مفعول دوبلر. ففي مفعول دوبلر المألوف تطول الموجات نتيجة ابتعاد مصدرها عنا - هذا ما نلاحظه عندما تبتعد عنا سيارة إسعاف تطلق العنان لبوقها وهذا المبدأ ذاته ينطبق على موجات الضوء، فطولها يزداد أيضاً إذا كان مصدرها يبتعد عنا عبر الفضاء.
إن ما يحدث لموجات الضوء الآتي من المجرات النائية شبيه بما يحدث لموجات صوت السيارة، ولكنه لا يتطابق معه. لأن الإنزياح الكوسمولوجي نحو الأحمر ليس مثل إنزياح دوبلر العادي. ولكن الكوسمولوجيين كثيراً ما يشيرون إليه بهذه الطريقة، مع أنهم بفعلهم هذا يوجهون إساءة جدية لطلبتهم. لأن انزياح دوبلر نحو الأحمر والانزياح الكوسمولوجي نحو الأحمر يخضعان لقانونين مختلفين، فالأول يشتق من النسبية الخاصة التي لا تدخل في حسابها توسع الكون، والآخر يشتق من النسبية العامة التي تراعي هذا التوسع. والقانون متقاربان جداً في حال المجرات القريبة ولكنهما يختلفان في حال المجرات النائية.
عندما نطبق قانون دوبلر المعهود على الأجرام التي تقارب سرعاتها سرعة الضوء، نجد أن الانزياح نحو الأحمر يقارب اللانهاية. فموجات هذا الضوء تصبح أطول من أن تلاحظ. ولو صح هذا على المجرات، لكان يعني أن أبعد الأجرام المرئية تتقهقر بسرعة أكبر بكثير من سرعة الضوء. ولكن قانون الإنزياح الكوسمولوجي نحو الأحمر يؤدي إلى غير هذه النتيجة. ففي النموذج الكوسمولوجي القياسي الحالي، نجد أن المجرات التي يصل انزياح موجاتها نحو الأحمر إلى نحو 1.5 - أي التي موجاتها أطول بـ150 في المئة مما قيست به في المختبر - تتقهقر بسرعة الضوء. وقد رصد الفلكيون نحو 1000 مجرة انزياح موجاتها نحو الأحمر أكثر من 1.5. وهذا يعني أنهم شاهدوا 1000 جرم تقريباً كل واحد منها يتجاوز في تقهقره سرعة الضوء. وهذا يطافىء قولنا إننا نحن نتقهقر عن هذه المجرات بسرعة تفوق سرعة الضوء. بل إن إشعاع الخلفية الكونية من الموجات الميكروية تجاوز ذلك وبلغ انزياحه نحو الأحمر 1000 تقريباً. وعندما بثت البلازما الحارة هذا الإشعاع الذي نرصده الآن في بداية الكون، كان يتقهقر عن موضعنا بسرعة تقارب 50 مرة سرعة الضوء.
يركض ليظل ساكناً.
قد تبدو فكرة وجود مجرات تتحرك بسرعة تتجاوز الضوء فكرة مستحيلة عملياً، لكن التغييرات في التوسع هي التي جعلتها ممكنة. لنتخيل شعاعاً ضوئياً أبعد من مسافة هبل ( أي أبعد من 14 بليون سنة ضوئية)، وأنه يسير باتجاهنا. فبالنسبة إلى (فضائه المحلي) تكون سرعته نحونا بسرعة الضوء. ومع فضاءه المحلي يتقهقر عنا بسرعة أكبر من سرعة الضوء. ومع أن هذا الشعاع الضوئي يسير نحونا بأقصى سرعة ممكنة، فإنه لت يتمكن من الاحتفاظ بموضعه على الفضاء المتمدد، فهو يشبه بعض الشبه طفلاً يحاول الركض على بساط متحرك في الإتجاه المعاكس لحركة البساط. فالفوتونات الموجودة على مسافة هبل، تسعى بأقصى ما يمكنها لتحافظ على موضعها.
ويمكن أن نخلص من ذلك إلى أن الضوء الآتي من مصادر ضوئية أبعد من مسافة هبل، لن يصل إلينا ولن نتمكن أبداً من اكتشاف مصدره. ولكن مسافة هبل ليست ثابتة، لأن ثابت هبل الذي يحدد هذه المسافة ليس ثابتاً بل يتغير مع الزمن. وخصوصاً أن هذا الثابت متناسب مع معدل تزايد المسافة بين مجرتين مقسوماً على هذه المسافة. ( ويمكن إجراء هذا الحساب على أي مجرتين). وفي بعض نماذج الكون التي يمكن أن تؤخذ فيها بيانات رصد مناسبة، يزداد المقام أكثر من البسط، مما يجعل ثابت هبل يتناقص. وهكذا تكبر مسافة هبل. وعلى هذا، فإن شعاع الضوء الذي يتقهقر عنا والذي انطلق في البدء من مسافة أصغر من مسافة هبل، يمكن أن يقبل نحونا من مسافة ضمن مسافة هبل. وستجد الفوتونات نفسها عندئذ في منطقة من الفضاء تتقهقر بسرعة أبطأ من سرعة الضوء. فهي من ثم يمكن أن تقترب مناً.
ومع ذلك، يمكن للمجرة التي أتت منها هذه الفوتونات أن تتابع تقهقرها أسرع من الضوء. ولذلك نستطيع مشاهدة ضوء آت من مجرات كانت تتقهقر دائماً، وستظل تتقهقر بسرعة أكبر من سرعة الضوء، أو بعبارة أخرى، إن مسافة هبل ليست ثابتة وليست مؤشراً على طرف (حافة) الكون المرئي.
ما هو المؤشر إذاً على طرف الفضاء المرئي؟ في هذا أيضاً كان هناك تشوش. فلو لم يكن الفضاء يتوسع، لكان أبعد جرم يمكن رؤيته الآن، يبعد عنا 14 بليون سنة منذ الإنفجار الأعظم. ولكن لما كان يتوسع، فالفضاء الذي اجتازه أحد الفوتونات يتمدد خلفه أثناء رحيله. لذلك فإن المسافة إلى أبعد جرم سماوي يمكن رصده تتضاعف ثلاث مرات تقريباً، أو 46 بليون سنة ضوئية.
بل إن الاكتشاف الأخير بأن معدل التوسع الكوني يتسارع، يزيد من أهمية الظاهرة. فالكوسمولوجيون كانوا يظنون أننا نعيش في كون يتباطأ وأن مزيداً من المجرات سيوالي القدوم إلى مجال الرؤية. أما في كون يتشارع، فنحن محاطون بسياج لن نرى ما يحدث خلفه أبداً، أي ثمة أفق حدث كوني. وإذا كان للضوء الآتي من المجرات التي تتقهقر بسرعة أكبر من سرعة الضوء، أن بصل إلينا، لوجب أن تتزايد مسافة هبل، ولكنها تتوقف عن التزايد في كون متسارع، إذ يمكن للأحداث النائية أن ترسل أشعة ضوئية متجهة نحونا، ولكن التسارع الكوني يبقيها أبعد من مسافة هبل.
فالكون المتسارع يشبه إذا ثقباً أسود في أن له أفق حدث ، أي أن له طرفاً لا نستطيع رؤية ما خلفه. والمسافة الحالية التي تفصلنا عن هذا الطرف هي 16 بليون سنة ضوئية. فالضوء الصادر عن المجرات التي أصبحت الآن خلف أفق الحدث لن يستطيع أبداً الوصول إلينا، والمسافة 16 بليون سنة ضوئية التي تنسب حالياً، لهذا الأفق، ستتوسع كثيراً. وسنظل قادرين على رؤية أحداث جرت في هذه المجرات قبل أن تتخطى الأفق، أما الأحداث اللاحقة فستظل دائماً في خارج مدى النظر إلى الأبد.
غالباً ما يظن الناس أن كل شيء سيتوسع ما دام الكون يتوسع. ولكن ذلك غير صحيح، لأن التوسع بذاته، لا يولد قوة. وأطوال موجات الفوتونات تتوسع مع الكون لأنها - خلافاً للذرات والمدن والفوتونات - ليست أشياء متماسكة حدد حجمها الائتلاف بين القوى. والتغير في معدل التوسع يضيف بالتأكيد قوة جديدة إلى تلك الأشياء، ولكن حتى هذه القوة الجديدة لا تجعل الأشياء تتوسع أو تنكمش.
فمثلاً، لو ازدادت قوة الثقالة، لظل الحبل الشوكي ينضغط إلى أن تتوصل إلكترونات الفقرات إلى توازن تكون فيه أكثر تقارباً. وعندئذ يصبح الشخص أقصر ما كان، ولكنه لن يزداد انكماشاً. وبالطريقة نفسها، لو كنا نعيش في كون تسوده القوة الجاذبة للثقالة، لتباطأ التوسع نتيجة لضغط الثقالة على الأجسام في الكون بحيث يجعلها أصغر حجماً - وهذا ما كان معظم الكوسمولوجيين يعتقدون به حتى بضع سنوات - ولكنها لا تظل تنكمش بعد ذلك.
في واقع الأمر، إن التوسع يتسارع في كوننا، ويفرض ذلك قوة خفيفة خارجية على الأجسام. فحجم الأشياء أكبر قليلاً مما لو كانت في كون غير متسارع، لأن توازن القوى لا يتحقق إلا إذا كان حجمها أكبر قليلاً. فالتسارع عند سطح الأرض المتجه إلى خارجها يساووي كسراً ضئيلاً (10 أس 30) من التسارع العادي إلى داخلها. وهذا التسارع لن يجعل الأرض تتوسع ما دام ثابتاً، فالأرض تحتفظ بحجمها الثابت الأكبر قليلاً من الحجم الذي كانت ستبلغه لو تغير هذا التسارع.
ويخمن بعض الكوسمولوجيين بأن الأمر يختلف إذا كان التسارع غير ثابت، إذ يمكن أن تتضخم الأرض أخيراُ عند ازدياد هذا التسارع ويصبح التضخم من القوة ما يجعل البنى كلها في نهاية المطاف تتمزق مزقاً كبيرة. ولكن هذا التمزق لن يحدث بسبب التوسع أو التسارع بذاته، وإنما بسبب تسارع التسارع.
إن الدعائم التي بني عليها نموذج الإنفجار الأعظم هي رصد التوسع والخلفية الكونية من الأمواج الميكروية والتركيب الكيميائي للكون وتكتل المادة فهو، مثل جميع الأفكار العلماية الأخرى، عرضة للتبديل. ولكنه أفضل نموذج لدينا بما يناسب البيانات المتوافرة حالياً. ولما كان الكوسمولوجيون قد فهموا التوسع والتسارع فهماً أفضل نتيجة إجراء قياسات حديثة دقيقة، فقد أصبح بإمكانهم إضافة إلى ذلك طرح أسئلة أساسية عن الأزمنة المبكرة للكون وعن أوسع نطقه. فمثلاً ما سبب توسع الكون؟ يعزره عدد من الكوسمولوجيين إلى سيرورة تعرف باسم التضخم، وهي نمط من تسارع التوسع. ولكن قد يكون الجواب متجزأ، لأن تضخم الكون يقتضي أن يكون هذا الكون قد بدأ التوسع. ثم ماذا عن المسائل المتعلقة بأوسع النطق، ما وراء ما نستطيع رؤيته؟ هل تتوسع أجزاء الكون المختلفة بمقادير مختلفة بحيث إن كوننا لا يعدو أن يكون فقاعة متضخمة في كون أضخم بكثير؟ لا أحد يعرف. ومع أن العديد من الأسئلة ستظل تثار، فإن الأرصاد المتزايدة الدقة توحي بأن الكون سيتمدد إلى الأبد. ومع ذلك نأمل أن يتضاءل التشوش الذي ينتابنا حول التوسع.
__________________________________________________ ____________
المؤلفان: Charles H. Lineweaver - Tamara M. Davis
فلكيان يعملان في مرصد قمة سترميو بالقرب من كانبيرا بأستراليا. وعملهما يتناول مجالاً واسعا يمتد من الكوسمولوجيا إلى الحياة في الكون. وعندما كان "لاينوفير" بجامعة كاليفورنيا، في بداية التسعينيات، كان واحداً من فريق مستكشفي الخلفية الكونية الذي اكتشف تقلبات إشعاع الخلفية الميكروي المجة. أما "ديفز" فتعمل على سوبرنوفا مسبار التسارع، وهو مرصد فضائي صمم حديثاً.
مراجع للإستزادة
__________________________________________________ ___________
Cosmolgy: The Science of Universe> Edward R. Harrison Cambridge University Press, 2000.
The Cosmic Microwave Background Radiation Tempreture at a Redshift of 2.34. R.Srinanad, P. Petitijean and C. Ledoux in nature vol. 408 , No. 6815, pages 931-935; December 21, 2000> Available online at http://arxiv.org/abs/astro-ph/0012222
Solution to the Tethered Galaxy Problem in an Expanding Universe and the observation of receding Blueshifted Objects> Tamara M. Davis, and Charles H.Lineweaver and hohn K. Webb in american journal of physics, vol. 71 , No. 4 , pages 358-364; April 2003
http://www.arxiv.org/abs/astro-ph/0104349
Expanding Confusion: Common Misconceptions of Cosmolgical Horizon and the superluminal Expansion of the universe. http://arxiv.org/abs/astro-ph/0310808
www.astro.ucla.edu/~wright/cosmolog.htm
__________________________________________________ ___
المصدر الأصلي: مجلة العلوم ( الترجمة العربية لمجلة ساينتفيك أمريكان).
مصدر المقال: موقع الكون (http://www.alkawn.net)
طالب علم
21-03-2007, 06:33
السلام عليكم :
الإخوة الكرم :
لعله من الجدير ذكره أولاً : أن مسألة الدوران بين الأرض و الشمس , من وجهة النصوص الشرعية ( أيهما التي تدور و أيهما الساكنة بالنسبة للأخرى ) قد كثر البحث فيها وطال .. وقد أُلف في ذلك مصنفات عديدة ..
وإن الناظر في معظم ما قيل في هذه المسألة , يجد أن غالبيتهم متفقون على الأصل الذي يُوجب على كل مَن أخذ برأي : عدم تجريم أو تسفيه أو تشنيع مَن يأخذ بالرأي الآخر , وذلك أن الأصل – المتفق عليه - هو :
- لا يوجد في النصوص الشرعية , نص قطعي الدلالة على أن الأرض هي التي تدور حول الشمس ..
- ولا يوجد في النصوص الشرعية , نص قطعي الدلالة على أن الشمس هي التي تدور حول الأرض ..
لذلك ؛ فإن كل مَن بحث في هذه المسألة فهو متأول ..
فمن قال ( بدوران الشمس وثبات الأرض ) , فهو يؤول تلك النصوص لإثبات مذهبه ..
لأن النصوص تدل على مطلق جريان الشمس , ولا تدل على دورانها حول الأرض .. وكذلك تدل على مَيدان الأرض ولا تدل على ثباتها ..
ومن أخذ ( بدوران الأرض وثبات الشمس ) فكذلك يؤول تلك النصوص لإثبات مذهبه ..
لأن النصوص لا تنفي ولا تُثبت الدوران لإحداهما حول الأخرى ..
* * *
الأخ الكريم ولد أبوي :
بعد قراءتي الأولى للكتاب أؤكد لك بأنه لا رغبة لي في مناقشة ما ورد فيه , وذلك لمجموعة أمور , أذكر منها :
1 - لا أظن – بحسب فهمي القاصر – أن المنهج المُتبع في هذا الكتاب , يجعل مَن يقول ( بثبات الأرض ) يجعله يعتمده دليلاً يحاجج به ..
فأول ما تواجهه فيه ( التعميم , ووضعه المصطلحات من غير بيان لها )
و الأنكى من ذلك كله ؛ مصادرة رأي الآخر .. فهو يقرر أنه جاء بالحق الأبلج الذي يجب على الجميع الأخذ به , لأن ما دونه باطل !!
قال : (( ... فإن مما عمت به البلوى في هذا الزمان : دخول العلوم العصرية على أهل الإسلام ، من أعدائهم الدهرية المعطلة ))
فهل يجوز هذا التعميم ؟
فأعداؤنا هم مَن ناصبونا العداء .. وليسوا مَن خالفونا الاعتقاد ..
فليس كل مَن خالفنا الاعتقاد يعادينا ...
ثم قسم هذه العلوم إلى قسمين , فقال في أولها : (( هو علوم مفضولة ، زاحمت علوم الشريعة وأضعفتها .))
فماذا يريد بعلوم مفضولة ؟
وانظر إلى قوله في مخالفه : (( ومما ينبغي أن يعلم : أن كل آية أو حديث صحيح ذكرا دليلا على دوران الأرض ن فإن ذلك بلا شك ولا ريب تأويل باطل ليس هو معنى الآية قطعا ولا الحديث ، لأن الدليل الصحيح لا يدل إلا على الحق لا يدل على الباطل إذا تبين معناه الصحيح الذي أراده المتكلم . لكن المصائب تجيء من التأويل المخالف لمراد الله ورسوله . ))
<< وقد أشار الأخ الكريم الفيزيائي الصغير إلى كثير من ذلك في مشاركته ( 29 ) >>
2 - أن ندعي أن العلم يناقض الدين في معلومة يقر بها العالم والجاهل .. والمعتقد بوجود إله , و الدهري .. أن ندعي ذلك من غير أن نأتي بالدليل العلمي القاطع على صحة دعوانا , لهو أمر بالغ الخطورة ..
ولا أحسب أن ما تفضل به صاحب الكتاب من تعليل لتعاقب الليل والنهار واختلاف الفصول , ينهض كدليل على ذلك ..ففيه ما فيه ..
وحسبنا منه أن المؤلف حفظه الله تعالى , يظن أن الادعاء بدوران الشمس أو الأرض , يتوقف على تعليل هاتين الظاهرتين فقط .. ( علماً بأن تعليله لهما ضعيف جداً )
3 - إن غيرنا قد حلق في أجواز الفضاء وغاص في أعماق المحيطات , ونحن ما نزال نقول ( هل الأرض تدور أم لا تدور ) من غير أن نجاريهم في تحليقهم , ولا في غوصهم ..
4 - إن افتقارنا إلى التقنيات المتطورة ودقة إدارتها , يفرض علينا أن نناقش هذه المسألة من الناحية العلمية البحتة , قبل أن نعارض فيها النصوص الشرعية التي ليس فيها دلالة قطعية عليها ..
5 - النظرية العلمية لم يكن النظر فيها محرماً يوماً .. فهي على الدوام قابلة للزيادة و النقصان , وللحذف والإبطال .. ولكن بالحجة والبرهان ...
ولكم تحياتي
في الحقيقة مع احترامي للشيخ فانه قولاً واحد لايفقه شياً في العلم ! فقد عالج الموضوع بطريقة شديدة السطحية كطلاب المدارس !
يكفيني قوله "إذا كان الكون لا نهائي فأين الله" حتى لا أكمل قرائة أرائه , إته سؤال شديد الجهل لسببين بسيطين:
1- من المعروف في الرياضيات أن هناك عدد لا نهائي من اللانهائيات الا متساوية , فاذا كان كوننا لا نهائي فانه يمكن ان يكون هناك لانهاية اكبر من الاولى (يصعب شرح هذا هنا, يمكنك ان تقراء للاستزادة نظرية كونتر حول الامجموعات الانهائية القابلة للعد و غير القابلة للعد)
2- إن المكان أو الفضاء هو عبارة عن عدد لا نهائي من النقاط المشكلة في كون من عدد معين من الابعاد لذا فان المكان هو شيء "مخلوق" و من الغير المنطقي أن نتسائل إن كان الخلاق موجود او يتعلق وجوده بما خلقه أي لا يمكن القول ان الله داخل المكان أصلاً!!! حنى اظن انه نوع من الكفر كان تقول أن لله يد كللتي لدى الانسان!!
و لا مزيد من التعليق على هذه الخزعبلات!!!
طالب علم
28-03-2007, 02:33
السلام عليكم :
الأخ الكريم Nadeem :
معذرة إليك ...
فما هكذا يكون النقد البناء ...
فهناك بون شاسع جداً .. جداً .. بين النقد البناء والسخرية والتهكم والاستهزاء ...
فلكل صاحب رأي دليل ..
قد يكون مصيباً فيه .. وقد يجانبه الصواب ..
فمن أراد المناقشة , فعليه أن لا يخرج عن مناقشة الدليل .. ويبتعد عن التسفيه والتجريح ..
فما منا إلا مصيب و مخطئ ..
وأؤكد هنا , بأننا أمام مسألة علمية بحتة مازالت بين أخذ ورد ( وما يدريك قد يظهر للعلم خلاف ما يراه اليوم , وقد ألفنا ذلك فيه ) .. ولما كانت كذلك أشرت إلى ترجيح مناقشتها من هذا الجانب ( العلمي البحت ) قبل عرضها على النصوص الدينية التي ليس فيها ما ينص على قطعية مذهب بعينه ...
ولكم تحياتي
مغرم بالفيزياء
04-04-2007, 09:43
بسم الله الرحمن الرحيم
فإني أحترم رأي الشيخ إحتراما عظيما ولكن بما أن الموضوع مطروح في هذا المنتدى الفيزيائي فمن الجدير بنا أن نناقشه من ناحية فيزيائية كما أراده طارح الموضوع الأخ(ولد أبوي)
أولا كما ذكر الإخوة وكما هو بيين أن الآيات ليست صريحة بدعم أحد القولين فلا بد من التأويل
والآن مع الفيزياء
فمن المعلوم في قوانين الحركة الدائرية أن الجسم يدور حول محوره بتأثير قوتان وهي القوة الجذب المركزية وقوة الطرد المركزية وهذا ليلزم استقراره في هذا المدار وعلى هذا الأساس تدور الأقمار الصناعية حول الأرض وكذلك القمر حولها .
فسأناقش القولان على حدة من ناحية مسألة الفصول الأربعة:_
كلا الطرفين اعتمد على خاصية ميلان أشعة الشمس
الأرض تدور حول الشمس
فأظنه واضح لديكم على الأساس التي تتغير فيه الفصول الأربعة من هذه الحركة من خلال ما درسناه في المدارس . وذلك أن الأرض بطبيعتها مائلة بزاوية حددها علماء الفلك وميلانها هذا ثابت بالنسبة لها ومتغير بالنسبة لمواجهتها للشمس فبهذه الصفة تحدث الفصول الأربعة كما هو واضح في الصورة
http://www.0zz0.com/2005/08/12/614057353.jpg
(انقر الرابط للمشاهدة) وللفهم (ركز على خط الإستواء وعلى خط عاموية الأشعة الشمسية خلال تغير الفصول الأربعة)
الشمس تدور حول الأرض
فمن كلام الشيخ (بارك الله فيه) يتبين لنا أن الشمس لا تسير في مدار محدد فهي تقترب إلى الشمال أثناء الصيف لسكان الشمال وكذلك يكون نفس الكلام في حالة الشتاء والربيع والخريف مع العلم أن هذه الدورة من التغيير ستعيد نفسها كل 365 يوم أو 366 يوم وهذا مما يخالف قوانين الحركة الدائرية كما ذكرته من قبل فلا بد من أن تكون الحركة الدائرية مستقرة لا بد من أن يكون لها مدار مستقر.
والله تعالى أعلم ومن المعلوم لكل شيء في هذا الكون جعل الله له سببا وهي القوانيين الفيزيائية
وإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان
khaled1966
05-02-2008, 13:10
مشكورة جهودك على هذه المعلومات
الاخوة الكرام السلام عليكم ... وجدت اجابات رائعه لجميع التساؤلات والتي تثبت انه لاتعارض بين النظريات العلميه والقران الكريم
من أسرار القرآن
الإشارات الكونية في القرآن الكريم ومغزي دلالتها العلمية
ا لدكتور: زغـلول النجـار
الثلث الأول من القرن العشرين لاحظ الفلكيون عملية توسع الكون التي دار من حولها جدل طويل حتي سلم العلماء بحقيقتها, وقد سبق القرآن الكريم بالإشارة الي تلك الحقيقة قبل ألف وأربعمائة سنة بقول الحق( تبارك وتعالي):
والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون( الذاريات:47)
وكانت هذه الآية الكريمة قد نزلت والعالم كله ينادي بثبات الكون, وعدم تغيره, وظل هذا الاعتقاد سائدا حتي منتصف القرن العشرين حين أثبتت الأرصاد الفلكية حقيقة توسع الكون, وتباعد مجراته عنا, وعن بعضها البعض بمعدلات تقترب أحيانا من سرعة الضوء( المقدرة بنحو ثلاثمائة ألف كيلو متر في الثانية), وقد أيدت كل من المعادلات الرياضية وقوانين الفيزياء النظرية استنتاجات الفلكيين في ذلك.
وانطلاقا من هذه الملاحظة الصحيحة نادي كل من علماء الفلك, والفيزياء الفلكية والنظرية بأننا إذا عدنا بهذا الاتساع الكوني الي الوراء مع الزمن فلابد أن تلتقي كل صور المادة والطاقة الموجودة في الكون( المدرك منها وغير المدرك) وتتكدس علي بعضها البعض في جرم ابتدائي واحد يتناهي في الصغر الي ما يقرب الصفر أو العدم, وتنكمش في هذه النقطة أبعاد كل من المكان والزمان حتي تتلاشي( مرحلة الرتق).
وهذا الجرم الابتدائي كان في حالة من الكثافة والحرارة تتوقف عندهما كل القوانين الفيزيائية المعروفة, ومن ثم فإن العقل البشري لا يكاد يتصورهما, فانفجر هذا الجرم الأولي بأمر الله( تعالي) في ظاهرة يسميها العلماء عملية الانفجار الكوني العظيم
ويسميها القرآن الكريم باسم الفتق فقد سبق القرآن الكريم كل المعارف الانسانية بالاشارة الي ذلك الحدث الكوني العظيم من قبل ألف وأربعمائة من السنين بقول الحق( تبارك وتعالي):
أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون
(الأنبياء:30)
وتشير دراسات الفيزياء النظرية في أواخر القرن العشرين الي أن جرما بمواصفات الجرم الابتدائي للكون عندما ينفجر يتحول الي غلالة من الدخان الذي تخلقت منه الأرض وكل أجرام السماء,وقد سبق القرآن الكريم بألف وأربعمائة سنة كل المعارف الانسانية وذلك بإشارته الي مرحلة الدخان في قول الحق( تبارك وتعالي):
قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين* وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين* ثم استوي إلي السماء وهي دخان فقال لها وللأرض إئتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين* فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحي في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم( فصلت:9 ــ12)
وفي8 نوفمبر سنة1989 م أطلقت وكالة الفضاء الأمريكية
مركبة فضائية باسم مكتشف الخلفية الاشعاعية للكون
وذلك في مدار علي ارتفاع ستمائة كيلومتر حول الأرض بعيدا عن تأثير كل من السحب والملوثات في النطق الدنيا من الغلاف الغازي للأرض, وقد قام هذا القمر الصنعي بإرسال ملايين الصور والمعلومات الي الأرض عن آثار الدخان الأول الذي نتج عن عملية الانفجار العظيم للكون من علي بعد عشرة مليارات من السنين الضوئية, وهي حالة دخانية معتمة سادت الكون قبل خلق الأرض والسماوات, فسبحان الذي أنزل من قبل ألف وأبعمائة سنة قوله الحق:
ثم استوي إلي السماء وهي دخان فقال لها وللأرض إئتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين( فصلت:11).
دخانية السماء بعد الانفجار الكوني العظيم( أي بعد فتق الرتق):
بعد التسليم بحقيقة توسع الكون, وبرد ذلك التوسع الي الوراء مع الزمن حتي الوصول الي جرم ابتدائي واحد متناه في الضآلة حجما الي الصفر أو ما يقرب من العدم, ومتناه في الكثافة والحرارة الي حد لا يكاد العقل الانساني أن يتخيله, لتوقف كل قوانين الفيزياء المعروفة عنده( مرحلة الرتق), وبعد التسليم بانفجار هذا الجرم الابتدائي( مرحلة الفتق) في ظاهرة كونية يسميها العلماء الانفجار الكوني الكبير بدأ كل من علماء الفلك والفيزياء الفلكية والنظرية في تحليل مسار الأحداث الكونية بعد هذا الحدث الكوني الرهيب.
ومع إيماننا بان تلك الأحداث الموغلة في تاريخ الكون تقع في صميم الغيب الذي أخبر ربنا( تبارك وتعالي) عنه بقوله( عز من قائل):
ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا( الكهف:51)
إلا أن السنن التي فطر الله( تعالي) الكون عليها لها من الاطراد, والاستمرار, والثبات, ما يمكن أن يعين الانسان علي الوصول الي شيء من التصور الصحيح لتلك الأحداث الغيبية الموغلة في أبعاد التاريخ الكوني علي الرغم من حس الانسان المحدود, وقدرات عقله المحدودة, ومحدودية كل من زمانه ومكانه.
كذلك فان التقنيات المتطورة من مثل الصواريخ العابرة لمسافات كبيرة في السماء, والأقمار الصنعية التي تطلقها تلك الصواريخ, والأجهزة القياسية والتسجيلية الدقيقة التي تحملها قد ساعدت علي الوصول الي تصوير الدخان الكوني الأول الذي نتج عن عملية الانفجار العظيم, والذي وجدت بقايا أثرية له علي أطراف الجزء المدرك من الكون, وعلي أبعاد تصل الي عشرة مليارات من السنين الضوئية لتثبت دقة التعبير القرآني بلفظة دخان التي وصف بها حالة الكون قبل خلق السماوات والأرض.
الفيزياء الفلكية ودخانية الكون:
بعد الانفجار العظيم تحول الكون الى غلالة من الدخان الذى خلقت من الارض والسماوات
تشير الحسابات الفيزيائية الي أن حجم الكون قبل الانفجار العظيم كاد يقترب من الصفر, وكان في حالة غريبة من تكدس كل من المادة والطاقة, وتلاشي كل من المكان والزمان, تتوقف عندها كل قوانين الفيزياء المعروفة( مرحلة الرتق), ثم انفجر هذا الجرم الابتدائي الأولي في ظاهرة كبري تعرف بظاهرة الانفجار الكوني العظيم مرحلة الفتق وبانفجاره تحول الي كرة من الإشعاع والجسيمات الأولية أخذت في التمدد والتبرد بسرعات فائقة حتي تحولت الي غلالة من الدخان.
فبعد ثانية واحدة من واقعة الانفجار العظيم تقدر الحسابات الفيزيائية انخفاض درجة حرارة الكون من تريليونات الدرجات المطلقة الي عشرة بلايين من الدرجات المطلقة[ ستيفن و. هوكنج1988 م
وعندها تحول الكون الي غلالة من الدخان المكون من الفوتونات
والإلكترونات
والنيوترينوات
واضداد هذه الجسيمات
مع قليل من البروتونات
والنيوترونات
ولولا استمرار الكون في التوسع والتبرد بمعدلات منضبطة بدقة فائقة لأفنت الجسيمات الأولية للمادة وأضدادها بعضها بعضا, وانتهي الكون, ولكنه حفظ بحفظ الله الذي أتقن كل شيء خلقه. والنيوترونات
يمكن أن توجد في الكون علي هيئة ما يسمي باسم المادة الداكنة
وينادي آلان جوث
بأن التمدد عند بدء الانفجار العظيم كان بمعدلات فائقة التصور أدت الي زيادة قطر الكون بمعدل2910 مرة في جزء من الثانية
, وتشير حسابات الفيزياء النظرية الي الاستمرار في انخفاض درجة حرارة الكون الي بليون( ألف مليون) درجة مطلقة بعد ذلك بقليل, وعند تلك الدرجة اتحدت البروتونات
والنيوترونات
لتكوين نوي ذرات الإيدروجين الثقيل أو الديوتريوم
التي تحللت الي الإيدروجين أو اتحدت مع مزيد من البروتونات والنيوترونات لتكون نوي ذرات الهيليوم(HeliumNuclei)
والقليل من نوي ذرات عناصر أعلي مثل نوي ذرات الليثيوم
ونوي ذرات البريليوم
, ولكن بقيت النسبة الغالبة لنوي ذرات غازي الأيدروجين والهيليوم, وتشير الحسابات النظرية الي أنه بعد ذلك بقليل توقف انتاج كل من الهيليوم والعناصر التالية له, واستمر الكون في الاتساع والتمدد والتبرد لفترة زمنية طويلة, ومع التبرد انخفضت درجة حرارة الكون الي آلاف قليلة من الدرجات المطلقة حين بدأت ذرات العناصر في التكون والتجمع وبدأ الدخان الكوني في التكدس علي هيئة أعداد من السدم الكونية الهائلة.
ومع استمرار عملية الاتساع والتبرد في الكون بدأت أجزاء من تلك السدم في التكثف علي ذاتها بفعل الجاذبية وبالدوران حول نفسها بسرعات متزايدة بالتدريج حتي تخلقت بداخلها كتل من الغازات المتكثفة, ومع استمرار دوران تلك الكتل الكثيفة في داخل السدم بدأت كميات من غازي الإيدروجين والهيليوم الموجودة بداخلها في التكدس علي ذاتها بمعدلات أكبر, مما أدي الي مزيد من الارتفاع في درجات حرارتها حتي وصلت الي الدرجات اللازمة لبدء عملية الاندماج النووي فتكونت النجوم المنتجة للضوء والحرارة.
وفي النجوم الكبيرة الكتلة استمرت عملية الاندماج النووي لتخليق العناصر الأعلي في وزنها الذري بالتدريج مثل الكربون والأوكسيجين وما يليهما حتي يتحول لب النجم بالكامل الي الحديد فينفجر هذا النجم المستعر(Nova) علي هيئة فوق المستعر
وتتناثر أشلاء فوق المستعرات
وما بها من عناصر ثقيلة في داخل المجرة لتتكون منها الكواكب والكويكبات, بينما يبقي منها في غازات المجرة ما يمكن أن يدخل في بناء نجم آخر بإذن الله.
وتحتوي شمسنا علي نحو2% من كتلتها من العناصر الأثقل في أوزانها الذرية من غازي الايدروجين والهيليوم, وهما المكونان الأساسيان لها, وهذه العناصر الثقيلة لم تتكون كلها بالقطع في داخل الشمس بل جاءت إليها من بقايا انفجار بعض من فوق المستعرات.
وعلي الرغم من تكدس كل من المادة والطاقة في أجرام السماء( مثل النجوم وتوابعها) فان الكون المدرك يبدو لنا متجانسا علي نطاق واسع, في كل الاتجاهات, وتحده خلفية إشعاعية متساوية حيثما نظر الراصد.
كذلك فان توسع الكون لم يتجاوز بعد الحد الحرج الذي يمكن أن يؤدي الي انهياره علي ذاته,وتكدسه من جديد, مما يؤكد أنه محكوم بضوابط بالغة الدقة والاحكام, ولا يزال الكون المدرك مستمرا في توسعه بعد أكثر من عشرة مليارات من السنين( هي العمر الأدني المقدر للكون) وذلك بنفس معدل التوسع الحرج, ولو تجاوزه بجزء من مئات البلايين من المعدل الحالي للتوسع لانهار الكون علي الفور, فسبحان الذي حفظه من الانهيار..!! والنظرية النسبية لا يمكنها تفسير ذلك لأن كل القوانين الفيزيائية, وكل الأبعاد المكانية والزمانية تنهار عند الجرم الابتدائي للكون قبل انفجاره( مرحلة الرتق) بكتلته, وكثافته وحرارته الفائقة, وانعدام حجمه الي ما يقرب من الصفر, ولا يمكن لعاقل أن يتصور مصدرا لخلق هذا الكون بهذا القدر من الاحكام غير كونه أمرا من الخالق( سبحانه وتعالي) الذي إنما أمره اذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون( يس:82)
فعلي سبيل المثال لا الحصر يذكر علماء الفيزياء أنه إذا تغيرت الشحنة الكهربائية للإليكترون قليلا, مااستطاعت النجوم القيام بعملية الاندماج النووي, ولعجزت عن الانفجار علي هيئة ما يسمي بفوق المستعر
إذا تمكنت فرضا من القيام بعملية الاندماج النووي.
والمعدل المتوسط لعملية إتساع الكون لابد وأنه قد اختير بحكمة بالغة لأن معدله الحالي لا يزال قريبا من الحد الحرج اللازم لمنع الكون من الانهيار علي ذاته.
ويقرر علماء الفيزياء النظرية والفلكية أن الدخان الكوني كان خليطا من الغازات الحارة المعتمة التي تتخللها بعض الجسيمات الأولية للمادة وأضداد المادة
حتي تشهد هذه الصورة من صور الزوجية السائدة في الكون لله وحده بالتفرد بالوحدانية فوق كافة خلقه, ولا توجد كلمة توفي هذه الحالة حقها من الوصف مثل كلمة دخان فسبحان الذي أنزلها في كتابه من قبل ألف وأربعمائة من السنين.
وقد تكونت من تلك الجسيمات الأولية للمادة في الدخان الكوني الأولي نوي ذرات غازي الإيدروجين والهيليوم, وبعد ذلك وصلت الي الحد الذي يسمح بتكوين ذرات ثابتة لعناصر أكبر وزنا وذلك باتحاد نوي ذرات الإيدروجين والهيليوم. وظل هذا الدخان المعتم سائدا ومحتويا علي ذرات العناصر التي خلق منها بعد ذلك كل من الأرض والسماء.
وتفيد الدراسات النظرية أن الكون في حالته الدخانية كان يتميز بقدر من التجانس مع تفاوت بسيط في كل من الكثافة ودرجات الحرارة بين منطقة وأخري, وذلك نظرا لبدء تحول أجزاء من ذلك الدخان بتقدير من الله( تعالي) الي مناطق تتركز فيها كميات كبيرة من كل من المادة والطاقة علي هيئة السدم. ولما كانت الجاذبية في تلك المناطق تتناسب تناسبا طرديا مع كم المادة والطاقة المتمركزة فيها, فقد أدي ذلك إلي مزيد من تكدس المادة والطاقة والذي بواسطته بدأ تخلق النجوم وبقية أجرام السماء في داخل تلك السدم, وتكونت النجوم في مراحلها الأولي من العناصر الخفيفة مثل الإيدروجين والهيليوم, والتي أخذت في التحول الي العناصر الأعلي وزنا بالتدريج مع بدءعملية الاندماج النووي في داخل تلك النجوم حسب كتلة كل منها.
تصوير الدخان الكوني
في الثامن من نوفمبر سنة1989 م أطلقت وكالة الفضاء الأمريكية مركبة باسم مكتشف الخلفية الاشعاعية للكون
ارتفعت الي مدار حول الأرض يبلغ ارتفاعه ستمائة كيلومتر فوق مستوي سطح البحر, وذلك لقياس درجة حرارة الخلفية الاشعاعية للكون, وقياس كل من الكثافة المادية والضوئية والموجات الدقيقة
في الكون المدرك, بعيدا عن تأثير كل من السحب والملوثات في النطق الدنيا من الغلاف الغازي للأرض, وقام هذا القمر الصنعي المستكشف بارسال قدر هائل من المعلومات وملايين الصور لآثار الدخان الكوني الأول الذي نتج عن عملية الانفجار العظيم للكون, من علي بعد عشرة مليارات من السنين الضوئية, وأثبتت تلك الصور أن هذا الدخان الكوني في حالة معتمة تماما تمثل حالة الاظلام التي سادت الكون في مراحله الأولي.
ويقدر العلماء كتلة هذا الدخان المعتم بحوالي90% من كتلة المادة في الكون المنظور, وكتب جورج سموت
أحد المسئولين عن رحلة المستكشف
تقريرا نشره سنة1992 م بالنتائج المستقاة من هذا العدد الهائل من الصور الكونية كان من أهمها الحالة الدخانية المتجانسة التي سادت الوجود عقب الانفجار الكوني العظيم, وكذلك درجة الحرارة المتبقية علي هيئة خلفية اشعاعية أكدت حدوث ذلك الانفجار الكبير, وكان في تلك الكشوف أبلغ الرد علي النظريات الخاطئة التي حاولت ــ من منطلقات الكفر والالحاد ــ تجاوز الخلق, والجحود بالخالق( سبحانه وتعالي) فنادت كذبا بديمومة الكون بلا بداية ولا نهاية من مثل نظرية الكون المستمر
التي سبق أن أعلنها ودافع عنها كل من هيرمان بوندي
وفريد هويل في سنة1949 م, ونظرية الكون المتذبذب
التي نادي بها ريتشارد تولمان
من قبل.. فقد كان في اثبات وجود الدخان الكوني والخلفية الإشعاعية للكون بعد إثبات توسع الكون ما يجزم بأن كوننا مخلوق له بداية ولابد أن ستكون له في يوم من الأيام نهاية, وقد أكدت الصور التي بثتها مركبة المستكشف للخلفية الاشعاعية والتي نشرت في ابريل سنة1992 م كل تلك الحقائق.
انتشار مختلف صور الطاقة بالكون
تكوين نوى المجرات من الدخان الكونى
كان الجرم الابتدائي للكون مفعما بالمادة والطاقة المكدسة تكديسا رهيبا يكاد ينعدم فيه الحجم الي الصفر, وتتلاشي فيه كل أبعاد المكان والزمان, وتتوقف كل قوانين الفيزياء المعروفة لنا كما سبق وأن أشرنا( مرحلة الرتق), وبعد انفجار هذا الجرم الأولي وبدء الكون في التوسع, تمدد الاشعاع وظل الكون مليئا دوما بالطاقة الكهرمغناطيسية, علي أنه كلما تمدد الكون قل تركيز الطاقة فيه, ونقصت كثافته, وانخفضت درجة حرارته.
وأول صورة من صور الطاقة في الكون هي قوة الجاذبية
وهي قوي كونية بمعني أن كل جسم في الكون يخضع لقوي الجاذبية حسب كتلته أو كمية الطاقة فيه, وهي قوي جاذبة تعمل عبر مسافات طويلة, وتحفظ للجزء المدرك من الكون بناءه وأبعاده ولعلها هي المقصودة بقول الحق( تبارك وتعالي):
الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها...( الرعد:2)
وقولة( عز من قائل):
ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض, والفلك تجري في البحر بأمره, ويمسك السماء أن تقع علي الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرءوف رحيم( الحج:65).
وقوله( سبحانه وتعالي):
ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون( الروم:25).
وقوله( تبارك اسمه):
خلق السماوات بغير عمد ترونها...( لقمان:10).
وقوله( تعالي):
إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا( فاطر:41).
ويقسم ربنا( تبارك وتعالي) وهو الغني عن القسم في مطلع سورة الطور بـ السقف المرفوع وهذا القسم القرآني جاء بالسماء المرفوعة بغير عمد مرئية..!!
والصورة الثانية من صور الطاقة المنتشرة في الكون هي القوي الكهربائية/المغناطيسية( أو الكهرومغناطيسية
وهي قوي تعمل بين الجسيمات المشحونة بالكهرباء, وهي أقوي من الجاذبية بملايين المرات( بحوالي4110 مرة), وتتمثل في قوي التجاذب بين الجسيمات التي تحمل شحنات كهربية مختلفة( موجبة وسالبة), كما تتمثل في قوي التنافر بين الجسيمات الحاملة لشحنات كهربية متشابهة, وتكاد هذه القوي من التجاذب والتنافر يلغي بعضها بعضا, وعلي ذلك فان حاصل القوي الكهرومغناطيسية في الكون يكاد يكون صفرا, ولكن علي مستوي الجزيئات والذرات المكونة للمادة تبقي هي القوي السائدة.
والقوي الكهرومغناطيسية هي التي تضطر الاليكترونات
في ذرات العناصر الي الدوران حول النواة بنفس الصورة التي تجبر فيها قوي الجاذبية الأرض( وغيرها من كواكب المجموعة الشمسية) الي الدوران حول الشمس, وإن دل ذلك علي شيء فإنما يدل علي وحدة البناء في الكون من أدق دقائقه الي أكبر وحداته, وهو ما يشهد للخالق( سبحانه وتعالي) بالوحدانية المطلقة بغير شريك ولا شبيه ولا منازع.
ويصور الفيزيائيون القوي الكهرومغناطيسية علي أنها تنتج من تبادل أعداد كبيرة من جسيمات تكاد تكون معدومة الوزن تسمي بالفوتونات
والقوي الثالثة في الكون هي القوي النووية القوية
وهي القوي التي تمسك باللبنات الأولية للمادة في داخل كل من البروتونات
والنيوترونات
في نواة الذرة, وهذه القوي تصل الي أقصي قدرتها في المستويات العادية من الطاقة, ولكنها تضعف مع ارتفاع مستويات الطاقة باستمرار.
والقوة الرابعة في الكون هي القوي النووية الضعيفة
وهي القوي المسئولة عن عملية النشاط الإشعاعي
وفي الوقت الذي تضعف فيه القوي النووية القوية في المستويات العليا للطاقة, فان كلا من القوي النووية الضعيفة والقوي الكهرومغناطيسية تقوي في تلك المستويات العليا للطاقة.
وحدة القوي في الكون
تخلق احدى النجوم من الدخان الكونى
يوحد علماء الفيزياء النظرية بين كل من القوي الكهرومغناطيسية, والقوي النووية القوية والضعيفة فيما يسمي بنظرية التوحد الكبري
والتي تعتبر تمهيدا لنظرية أكبر توحد بين كافة القوي الكونية
في قوة عظمي, واحدة تشهد لله الخالق بالوحدانية المطلقة, وعن هذه القوة العظمي انبثقت القوي الكبري الأربع المعروفة في الكون: قوة الجاذبية, القوة الكهرومغناطيسية وكل من القوتين النوويتين الشديدة والضعيفة مع عملية الانفجار الكوني الكبير مباشرة( الفتق بعد الرتق).
وباستثناء الجاذبية فان القوي الكونية الأخري تصل الي نفس المعدل عند مستويات عالية جدا من الطاقة تسمي باسم الطاقة العظمي للتوحد,
ومن هنا فان هذه الصور الثلاث للطاقة تعتبر ثلاثة أوجه لقوة واحدة, لا يستبعد انضمام الجاذبية اليها, باعتبارها قوة ذات مدي طويل جدا, تتحكم في أجرام الكون وفي التجمعات الكبيرة للمادة ومن ثم يمكن نظريا غض الطرف عنها من قبيل التبسيط عندما يقصر التعامل علي الجسيمات الأولية للمادة, أو حتي مع ذرات العناصر.
وهذه الصورة من وحدة البناء في الكون, ووحدة صور الطاقة فيه, مع شيوع الزوجية في الخلق ــ كل الخلق ــ هي شهادة الكون لخالقه( سبحانه وتعالي) بالتفرد بالوحدانية المطلقة فوق كافة خلقه بغير شبيه ولا شريك ولا منازع, وصدق الله العظيم إذ يقول:
ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون( الذاريات:49).
ويقول:
لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون( الأنبياء:22).
وسبحانه وتعالي إذ أنزل من قبل ألف وأربعمائة سنة قوله الحق: ثم استوي الي السماء وهي دخان فقال لها وللأرض إئتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين( فصلت:11).
الاخوة الكرام السلام عليكم ... وجدت اجابات رائعه لجميع التساؤلات والتي تثبت انه لاتعارض بين النظريات العلميه والقران الكريم من أسرار القرآن الإشارات الكونية في القرآن الكريم ومغزي دلالتها العلمية ا لدكتور: زغـلول النجـار الثلث الأول من القرن العشرين لاحظ الفلكيون عملية توسع الكون التي دار من حولها جدل طويل حتي سلم العلماء بحقيقتها, وقد سبق القرآن الكريم بالإشارة الي تلك الحقيقة قبل ألف وأربعمائة سنة بقول الحق( تبارك وتعالي): والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون( الذاريات:47) وكانت هذه الآية الكريمة قد نزلت والعالم كله ينادي بثبات الكون, وعدم تغيره, وظل هذا الاعتقاد سائدا حتي منتصف القرن العشرين حين أثبتت الأرصاد الفلكية حقيقة توسع الكون, وتباعد مجراته عنا, وعن بعضها البعض بمعدلات تقترب أحيانا من سرعة الضوء( المقدرة بنحو ثلاثمائة ألف كيلو متر في الثانية), وقد أيدت كل من المعادلات الرياضية وقوانين الفيزياء النظرية استنتاجات الفلكيين في ذلك. وانطلاقا من هذه الملاحظة الصحيحة نادي كل من علماء الفلك, والفيزياء الفلكية والنظرية بأننا إذا عدنا بهذا الاتساع الكوني الي الوراء مع الزمن فلابد أن تلتقي كل صور المادة والطاقة الموجودة في الكون( المدرك منها وغير المدرك) وتتكدس علي بعضها البعض في جرم ابتدائي واحد يتناهي في الصغر الي ما يقرب الصفر أو العدم, وتنكمش في هذه النقطة أبعاد كل من المكان والزمان حتي تتلاشي( مرحلة الرتق). وهذا الجرم الابتدائي كان في حالة من الكثافة والحرارة تتوقف عندهما كل القوانين الفيزيائية المعروفة, ومن ثم فإن العقل البشري لا يكاد يتصورهما, فانفجر هذا الجرم الأولي بأمر الله( تعالي) في ظاهرة يسميها العلماء عملية الانفجار الكوني العظيم ويسميها القرآن الكريم باسم الفتق فقد سبق القرآن الكريم كل المعارف الانسانية بالاشارة الي ذلك الحدث الكوني العظيم من قبل ألف وأربعمائة من السنين بقول الحق( تبارك وتعالي): أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون (الأنبياء:30) وتشير دراسات الفيزياء النظرية في أواخر القرن العشرين الي أن جرما بمواصفات الجرم الابتدائي للكون عندما ينفجر يتحول الي غلالة من الدخان الذي تخلقت منه الأرض وكل أجرام السماء,وقد سبق القرآن الكريم بألف وأربعمائة سنة كل المعارف الانسانية وذلك بإشارته الي مرحلة الدخان في قول الحق( تبارك وتعالي): قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين* وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين* ثم استوي إلي السماء وهي دخان فقال لها وللأرض إئتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين* فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحي في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم( فصلت:9 ــ12) وفي8 نوفمبر سنة1989 م أطلقت وكالة الفضاء الأمريكية مركبة فضائية باسم مكتشف الخلفية الاشعاعية للكون وذلك في مدار علي ارتفاع ستمائة كيلومتر حول الأرض بعيدا عن تأثير كل من السحب والملوثات في النطق الدنيا من الغلاف الغازي للأرض, وقد قام هذا القمر الصنعي بإرسال ملايين الصور والمعلومات الي الأرض عن آثار الدخان الأول الذي نتج عن عملية الانفجار العظيم للكون من علي بعد عشرة مليارات من السنين الضوئية, وهي حالة دخانية معتمة سادت الكون قبل خلق الأرض والسماوات, فسبحان الذي أنزل من قبل ألف وأبعمائة سنة قوله الحق: ثم استوي إلي السماء وهي دخان فقال لها وللأرض إئتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين( فصلت:11). دخانية السماء بعد الانفجار الكوني العظيم( أي بعد فتق الرتق): بعد التسليم بحقيقة توسع الكون, وبرد ذلك التوسع الي الوراء مع الزمن حتي الوصول الي جرم ابتدائي واحد متناه في الضآلة حجما الي الصفر أو ما يقرب من العدم, ومتناه في الكثافة والحرارة الي حد لا يكاد العقل الانساني أن يتخيله, لتوقف كل قوانين الفيزياء المعروفة عنده( مرحلة الرتق), وبعد التسليم بانفجار هذا الجرم الابتدائي( مرحلة الفتق) في ظاهرة كونية يسميها العلماء الانفجار الكوني الكبير بدأ كل من علماء الفلك والفيزياء الفلكية والنظرية في تحليل مسار الأحداث الكونية بعد هذا الحدث الكوني الرهيب. ومع إيماننا بان تلك الأحداث الموغلة في تاريخ الكون تقع في صميم الغيب الذي أخبر ربنا( تبارك وتعالي) عنه بقوله( عز من قائل): ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا( الكهف:51) إلا أن السنن التي فطر الله( تعالي) الكون عليها لها من الاطراد, والاستمرار, والثبات, ما يمكن أن يعين الانسان علي الوصول الي شيء من التصور الصحيح لتلك الأحداث الغيبية الموغلة في أبعاد التاريخ الكوني علي الرغم من حس الانسان المحدود, وقدرات عقله المحدودة, ومحدودية كل من زمانه ومكانه. كذلك فان التقنيات المتطورة من مثل الصواريخ العابرة لمسافات كبيرة في السماء, والأقمار الصنعية التي تطلقها تلك الصواريخ, والأجهزة القياسية والتسجيلية الدقيقة التي تحملها قد ساعدت علي الوصول الي تصوير الدخان الكوني الأول الذي نتج عن عملية الانفجار العظيم, والذي وجدت بقايا أثرية له علي أطراف الجزء المدرك من الكون, وعلي أبعاد تصل الي عشرة مليارات من السنين الضوئية لتثبت دقة التعبير القرآني بلفظة دخان التي وصف بها حالة الكون قبل خلق السماوات والأرض. الفيزياء الفلكية ودخانية الكون: بعد الانفجار العظيم تحول الكون الى غلالة من الدخان الذى خلقت من الارض والسماوات تشير الحسابات الفيزيائية الي أن حجم الكون قبل الانفجار العظيم كاد يقترب من الصفر, وكان في حالة غريبة من تكدس كل من المادة والطاقة, وتلاشي كل من المكان والزمان, تتوقف عندها كل قوانين الفيزياء المعروفة( مرحلة الرتق), ثم انفجر هذا الجرم الابتدائي الأولي في ظاهرة كبري تعرف بظاهرة الانفجار الكوني العظيم مرحلة الفتق وبانفجاره تحول الي كرة من الإشعاع والجسيمات الأولية أخذت في التمدد والتبرد بسرعات فائقة حتي تحولت الي غلالة من الدخان. فبعد ثانية واحدة من واقعة الانفجار العظيم تقدر الحسابات الفيزيائية انخفاض درجة حرارة الكون من تريليونات الدرجات المطلقة الي عشرة بلايين من الدرجات المطلقة[ ستيفن و. هوكنج1988 م وعندها تحول الكون الي غلالة من الدخان المكون من الفوتونات والإلكترونات والنيوترينوات واضداد هذه الجسيمات مع قليل من البروتونات والنيوترونات ولولا استمرار الكون في التوسع والتبرد بمعدلات منضبطة بدقة فائقة لأفنت الجسيمات الأولية للمادة وأضدادها بعضها بعضا, وانتهي الكون, ولكنه حفظ بحفظ الله الذي أتقن كل شيء خلقه. والنيوترونات يمكن أن توجد في الكون علي هيئة ما يسمي باسم المادة الداكنة وينادي آلان جوث بأن التمدد عند بدء الانفجار العظيم كان بمعدلات فائقة التصور أدت الي زيادة قطر الكون بمعدل2910 مرة في جزء من الثانية , وتشير حسابات الفيزياء النظرية الي الاستمرار في انخفاض درجة حرارة الكون الي بليون( ألف مليون) درجة مطلقة بعد ذلك بقليل, وعند تلك الدرجة اتحدت البروتونات والنيوترونات لتكوين نوي ذرات الإيدروجين الثقيل أو الديوتريوم التي تحللت الي الإيدروجين أو اتحدت مع مزيد من البروتونات والنيوترونات لتكون نوي ذرات الهيليوم(HeliumNuclei) والقليل من نوي ذرات عناصر أعلي مثل نوي ذرات الليثيوم ونوي ذرات البريليوم , ولكن بقيت النسبة الغالبة لنوي ذرات غازي الأيدروجين والهيليوم, وتشير الحسابات النظرية الي أنه بعد ذلك بقليل توقف انتاج كل من الهيليوم والعناصر التالية له, واستمر الكون في الاتساع والتمدد والتبرد لفترة زمنية طويلة, ومع التبرد انخفضت درجة حرارة الكون الي آلاف قليلة من الدرجات المطلقة حين بدأت ذرات العناصر في التكون والتجمع وبدأ الدخان الكوني في التكدس علي هيئة أعداد من السدم الكونية الهائلة. ومع استمرار عملية الاتساع والتبرد في الكون بدأت أجزاء من تلك السدم في التكثف علي ذاتها بفعل الجاذبية وبالدوران حول نفسها بسرعات متزايدة بالتدريج حتي تخلقت بداخلها كتل من الغازات المتكثفة, ومع استمرار دوران تلك الكتل الكثيفة في داخل السدم بدأت كميات من غازي الإيدروجين والهيليوم الموجودة بداخلها في التكدس علي ذاتها بمعدلات أكبر, مما أدي الي مزيد من الارتفاع في درجات حرارتها حتي وصلت الي الدرجات اللازمة لبدء عملية الاندماج النووي فتكونت النجوم المنتجة للضوء والحرارة. وفي النجوم الكبيرة الكتلة استمرت عملية الاندماج النووي لتخليق العناصر الأعلي في وزنها الذري بالتدريج مثل الكربون والأوكسيجين وما يليهما حتي يتحول لب النجم بالكامل الي الحديد فينفجر هذا النجم المستعر(Nova) علي هيئة فوق المستعر وتتناثر أشلاء فوق المستعرات وما بها من عناصر ثقيلة في داخل المجرة لتتكون منها الكواكب والكويكبات, بينما يبقي منها في غازات المجرة ما يمكن أن يدخل في بناء نجم آخر بإذن الله. وتحتوي شمسنا علي نحو2% من كتلتها من العناصر الأثقل في أوزانها الذرية من غازي الايدروجين والهيليوم, وهما المكونان الأساسيان لها, وهذه العناصر الثقيلة لم تتكون كلها بالقطع في داخل الشمس بل جاءت إليها من بقايا انفجار بعض من فوق المستعرات. وعلي الرغم من تكدس كل من المادة والطاقة في أجرام السماء( مثل النجوم وتوابعها) فان الكون المدرك يبدو لنا متجانسا علي نطاق واسع, في كل الاتجاهات, وتحده خلفية إشعاعية متساوية حيثما نظر الراصد. كذلك فان توسع الكون لم يتجاوز بعد الحد الحرج الذي يمكن أن يؤدي الي انهياره علي ذاته,وتكدسه من جديد, مما يؤكد أنه محكوم بضوابط بالغة الدقة والاحكام, ولا يزال الكون المدرك مستمرا في توسعه بعد أكثر من عشرة مليارات من السنين( هي العمر الأدني المقدر للكون) وذلك بنفس معدل التوسع الحرج, ولو تجاوزه بجزء من مئات البلايين من المعدل الحالي للتوسع لانهار الكون علي الفور, فسبحان الذي حفظه من الانهيار..!! والنظرية النسبية لا يمكنها تفسير ذلك لأن كل القوانين الفيزيائية, وكل الأبعاد المكانية والزمانية تنهار عند الجرم الابتدائي للكون قبل انفجاره( مرحلة الرتق) بكتلته, وكثافته وحرارته الفائقة, وانعدام حجمه الي ما يقرب من الصفر, ولا يمكن لعاقل أن يتصور مصدرا لخلق هذا الكون بهذا القدر من الاحكام غير كونه أمرا من الخالق( سبحانه وتعالي) الذي إنما أمره اذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون( يس:82) فعلي سبيل المثال لا الحصر يذكر علماء الفيزياء أنه إذا تغيرت الشحنة الكهربائية للإليكترون قليلا, مااستطاعت النجوم القيام بعملية الاندماج النووي, ولعجزت عن الانفجار علي هيئة ما يسمي بفوق المستعر إذا تمكنت فرضا من القيام بعملية الاندماج النووي. والمعدل المتوسط لعملية إتساع الكون لابد وأنه قد اختير بحكمة بالغة لأن معدله الحالي لا يزال قريبا من الحد الحرج اللازم لمنع الكون من الانهيار علي ذاته. ويقرر علماء الفيزياء النظرية والفلكية أن الدخان الكوني كان خليطا من الغازات الحارة المعتمة التي تتخللها بعض الجسيمات الأولية للمادة وأضداد المادة حتي تشهد هذه الصورة من صور الزوجية السائدة في الكون لله وحده بالتفرد بالوحدانية فوق كافة خلقه, ولا توجد كلمة توفي هذه الحالة حقها من الوصف مثل كلمة دخان فسبحان الذي أنزلها في كتابه من قبل ألف وأربعمائة من السنين. وقد تكونت من تلك الجسيمات الأولية للمادة في الدخان الكوني الأولي نوي ذرات غازي الإيدروجين والهيليوم, وبعد ذلك وصلت الي الحد الذي يسمح بتكوين ذرات ثابتة لعناصر أكبر وزنا وذلك باتحاد نوي ذرات الإيدروجين والهيليوم. وظل هذا الدخان المعتم سائدا ومحتويا علي ذرات العناصر التي خلق منها بعد ذلك كل من الأرض والسماء. وتفيد الدراسات النظرية أن الكون في حالته الدخانية كان يتميز بقدر من التجانس مع تفاوت بسيط في كل من الكثافة ودرجات الحرارة بين منطقة وأخري, وذلك نظرا لبدء تحول أجزاء من ذلك الدخان بتقدير من الله( تعالي) الي مناطق تتركز فيها كميات كبيرة من كل من المادة والطاقة علي هيئة السدم. ولما كانت الجاذبية في تلك المناطق تتناسب تناسبا طرديا مع كم المادة والطاقة المتمركزة فيها, فقد أدي ذلك إلي مزيد من تكدس المادة والطاقة والذي بواسطته بدأ تخلق النجوم وبقية أجرام السماء في داخل تلك السدم, وتكونت النجوم في مراحلها الأولي من العناصر الخفيفة مثل الإيدروجين والهيليوم, والتي أخذت في التحول الي العناصر الأعلي وزنا بالتدريج مع بدءعملية الاندماج النووي في داخل تلك النجوم حسب كتلة كل منها. تصوير الدخان الكوني في الثامن من نوفمبر سنة1989 م أطلقت وكالة الفضاء الأمريكية مركبة باسم مكتشف الخلفية الاشعاعية للكون ارتفعت الي مدار حول الأرض يبلغ ارتفاعه ستمائة كيلومتر فوق مستوي سطح البحر, وذلك لقياس درجة حرارة الخلفية الاشعاعية للكون, وقياس كل من الكثافة المادية والضوئية والموجات الدقيقة في الكون المدرك, بعيدا عن تأثير كل من السحب والملوثات في النطق الدنيا من الغلاف الغازي للأرض, وقام هذا القمر الصنعي المستكشف بارسال قدر هائل من المعلومات وملايين الصور لآثار الدخان الكوني الأول الذي نتج عن عملية الانفجار العظيم للكون, من علي بعد عشرة مليارات من السنين الضوئية, وأثبتت تلك الصور أن هذا الدخان الكوني في حالة معتمة تماما تمثل حالة الاظلام التي سادت الكون في مراحله الأولي. ويقدر العلماء كتلة هذا الدخان المعتم بحوالي90% من كتلة المادة في الكون المنظور, وكتب جورج سموت أحد المسئولين عن رحلة المستكشف تقريرا نشره سنة1992 م بالنتائج المستقاة من هذا العدد الهائل من الصور الكونية كان من أهمها الحالة الدخانية المتجانسة التي سادت الوجود عقب الانفجار الكوني العظيم, وكذلك درجة الحرارة المتبقية علي هيئة خلفية اشعاعية أكدت حدوث ذلك الانفجار الكبير, وكان في تلك الكشوف أبلغ الرد علي النظريات الخاطئة التي حاولت ــ من منطلقات الكفر والالحاد ــ تجاوز الخلق, والجحود بالخالق( سبحانه وتعالي) فنادت كذبا بديمومة الكون بلا بداية ولا نهاية من مثل نظرية الكون المستمر التي سبق أن أعلنها ودافع عنها كل من هيرمان بوندي وفريد هويل في سنة1949 م, ونظرية الكون المتذبذب التي نادي بها ريتشارد تولمان من قبل.. فقد كان في اثبات وجود الدخان الكوني والخلفية الإشعاعية للكون بعد إثبات توسع الكون ما يجزم بأن كوننا مخلوق له بداية ولابد أن ستكون له في يوم من الأيام نهاية, وقد أكدت الصور التي بثتها مركبة المستكشف للخلفية الاشعاعية والتي نشرت في ابريل سنة1992 م كل تلك الحقائق. انتشار مختلف صور الطاقة بالكون تكوين نوى المجرات من الدخان الكونى كان الجرم الابتدائي للكون مفعما بالمادة والطاقة المكدسة تكديسا رهيبا يكاد ينعدم فيه الحجم الي الصفر, وتتلاشي فيه كل أبعاد المكان والزمان, وتتوقف كل قوانين الفيزياء المعروفة لنا كما سبق وأن أشرنا( مرحلة الرتق), وبعد انفجار هذا الجرم الأولي وبدء الكون في التوسع, تمدد الاشعاع وظل الكون مليئا دوما بالطاقة الكهرمغناطيسية, علي أنه كلما تمدد الكون قل تركيز الطاقة فيه, ونقصت كثافته, وانخفضت درجة حرارته. وأول صورة من صور الطاقة في الكون هي قوة الجاذبية وهي قوي كونية بمعني أن كل جسم في الكون يخضع لقوي الجاذبية حسب كتلته أو كمية الطاقة فيه, وهي قوي جاذبة تعمل عبر مسافات طويلة, وتحفظ للجزء المدرك من الكون بناءه وأبعاده ولعلها هي المقصودة بقول الحق( تبارك وتعالي): الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها...( الرعد:2) وقولة( عز من قائل): ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض, والفلك تجري في البحر بأمره, ويمسك السماء أن تقع علي الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرءوف رحيم( الحج:65). وقوله( سبحانه وتعالي): ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون( الروم:25). وقوله( تبارك اسمه): خلق السماوات بغير عمد ترونها...( لقمان:10). وقوله( تعالي): إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا( فاطر:41). ويقسم ربنا( تبارك وتعالي) وهو الغني عن القسم في مطلع سورة الطور بـ السقف المرفوع وهذا القسم القرآني جاء بالسماء المرفوعة بغير عمد مرئية..!! والصورة الثانية من صور الطاقة المنتشرة في الكون هي القوي الكهربائية/المغناطيسية( أو الكهرومغناطيسية وهي قوي تعمل بين الجسيمات المشحونة بالكهرباء, وهي أقوي من الجاذبية بملايين المرات( بحوالي4110 مرة), وتتمثل في قوي التجاذب بين الجسيمات التي تحمل شحنات كهربية مختلفة( موجبة وسالبة), كما تتمثل في قوي التنافر بين الجسيمات الحاملة لشحنات كهربية متشابهة, وتكاد هذه القوي من التجاذب والتنافر يلغي بعضها بعضا, وعلي ذلك فان حاصل القوي الكهرومغناطيسية في الكون يكاد يكون صفرا, ولكن علي مستوي الجزيئات والذرات المكونة للمادة تبقي هي القوي السائدة. والقوي الكهرومغناطيسية هي التي تضطر الاليكترونات في ذرات العناصر الي الدوران حول النواة بنفس الصورة التي تجبر فيها قوي الجاذبية الأرض( وغيرها من كواكب المجموعة الشمسية) الي الدوران حول الشمس, وإن دل ذلك علي شيء فإنما يدل علي وحدة البناء في الكون من أدق دقائقه الي أكبر وحداته, وهو ما يشهد للخالق( سبحانه وتعالي) بالوحدانية المطلقة بغير شريك ولا شبيه ولا منازع. ويصور الفيزيائيون القوي الكهرومغناطيسية علي أنها تنتج من تبادل أعداد كبيرة من جسيمات تكاد تكون معدومة الوزن تسمي بالفوتونات والقوي الثالثة في الكون هي القوي النووية القوية وهي القوي التي تمسك باللبنات الأولية للمادة في داخل كل من البروتونات والنيوترونات في نواة الذرة, وهذه القوي تصل الي أقصي قدرتها في المستويات العادية من الطاقة, ولكنها تضعف مع ارتفاع مستويات الطاقة باستمرار. والقوة الرابعة في الكون هي القوي النووية الضعيفة وهي القوي المسئولة عن عملية النشاط الإشعاعي وفي الوقت الذي تضعف فيه القوي النووية القوية في المستويات العليا للطاقة, فان كلا من القوي النووية الضعيفة والقوي الكهرومغناطيسية تقوي في تلك المستويات العليا للطاقة. وحدة القوي في الكون تخلق احدى النجوم من الدخان الكونى يوحد علماء الفيزياء النظرية بين كل من القوي الكهرومغناطيسية, والقوي النووية القوية والضعيفة فيما يسمي بنظرية التوحد الكبري والتي تعتبر تمهيدا لنظرية أكبر توحد بين كافة القوي الكونية في قوة عظمي, واحدة تشهد لله الخالق بالوحدانية المطلقة, وعن هذه القوة العظمي انبثقت القوي الكبري الأربع المعروفة في الكون: قوة الجاذبية, القوة الكهرومغناطيسية وكل من القوتين النوويتين الشديدة والضعيفة مع عملية الانفجار الكوني الكبير مباشرة( الفتق بعد الرتق). وباستثناء الجاذبية فان القوي الكونية الأخري تصل الي نفس المعدل عند مستويات عالية جدا من الطاقة تسمي باسم الطاقة العظمي للتوحد, ومن هنا فان هذه الصور الثلاث للطاقة تعتبر ثلاثة أوجه لقوة واحدة, لا يستبعد انضمام الجاذبية اليها, باعتبارها قوة ذات مدي طويل جدا, تتحكم في أجرام الكون وفي التجمعات الكبيرة للمادة ومن ثم يمكن نظريا غض الطرف عنها من قبيل التبسيط عندما يقصر التعامل علي الجسيمات الأولية للمادة, أو حتي مع ذرات العناصر. وهذه الصورة من وحدة البناء في الكون, ووحدة صور الطاقة فيه, مع شيوع الزوجية في الخلق ــ كل الخلق ــ هي شهادة الكون لخالقه( سبحانه وتعالي) بالتفرد بالوحدانية المطلقة فوق كافة خلقه بغير شبيه ولا شريك ولا منازع, وصدق الله العظيم إذ يقول: ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون( الذاريات:49). ويقول: لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون( الأنبياء:22). وسبحانه وتعالي إذ أنزل من قبل ألف وأربعمائة سنة قوله الحق: ثم استوي الي السماء وهي دخان فقال لها وللأرض إئتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين( فصلت:11).
الاخوة الكرام السلام عليكم ... وجدت اجابات رائعه لجميع التساؤلات والتي تثبت انه لاتعارض بين النظريات العلميه والقران الكريم من أسرار القرآن الإشارات الكونية في القرآن الكريم ومغزي دلالتها العلمية ا لدكتور: زغـلول النجـار الثلث الأول من القرن العشرين لاحظ الفلكيون عملية توسع الكون التي دار من حولها جدل طويل حتي سلم العلماء بحقيقتها, وقد سبق القرآن الكريم بالإشارة الي تلك الحقيقة قبل ألف وأربعمائة سنة بقول الحق( تبارك وتعالي): والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون( الذاريات:47) وكانت هذه الآية الكريمة قد نزلت والعالم كله ينادي بثبات الكون, وعدم تغيره, وظل هذا الاعتقاد سائدا حتي منتصف القرن العشرين حين أثبتت الأرصاد الفلكية حقيقة توسع الكون, وتباعد مجراته عنا, وعن بعضها البعض بمعدلات تقترب أحيانا من سرعة الضوء( المقدرة بنحو ثلاثمائة ألف كيلو متر في الثانية), وقد أيدت كل من المعادلات الرياضية وقوانين الفيزياء النظرية استنتاجات الفلكيين في ذلك. وانطلاقا من هذه الملاحظة الصحيحة نادي كل من علماء الفلك, والفيزياء الفلكية والنظرية بأننا إذا عدنا بهذا الاتساع الكوني الي الوراء مع الزمن فلابد أن تلتقي كل صور المادة والطاقة الموجودة في الكون( المدرك منها وغير المدرك) وتتكدس علي بعضها البعض في جرم ابتدائي واحد يتناهي في الصغر الي ما يقرب الصفر أو العدم, وتنكمش في هذه النقطة أبعاد كل من المكان والزمان حتي تتلاشي( مرحلة الرتق). وهذا الجرم الابتدائي كان في حالة من الكثافة والحرارة تتوقف عندهما كل القوانين الفيزيائية المعروفة, ومن ثم فإن العقل البشري لا يكاد يتصورهما, فانفجر هذا الجرم الأولي بأمر الله( تعالي) في ظاهرة يسميها العلماء عملية الانفجار الكوني العظيم ويسميها القرآن الكريم باسم الفتق فقد سبق القرآن الكريم كل المعارف الانسانية بالاشارة الي ذلك الحدث الكوني العظيم من قبل ألف وأربعمائة من السنين بقول الحق( تبارك وتعالي): أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون (الأنبياء:30) وتشير دراسات الفيزياء النظرية في أواخر القرن العشرين الي أن جرما بمواصفات الجرم الابتدائي للكون عندما ينفجر يتحول الي غلالة من الدخان الذي تخلقت منه الأرض وكل أجرام السماء,وقد سبق القرآن الكريم بألف وأربعمائة سنة كل المعارف الانسانية وذلك بإشارته الي مرحلة الدخان في قول الحق( تبارك وتعالي): قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين* وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين* ثم استوي إلي السماء وهي دخان فقال لها وللأرض إئتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين* فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحي في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم( فصلت:9 ــ12) وفي8 نوفمبر سنة1989 م أطلقت وكالة الفضاء الأمريكية مركبة فضائية باسم مكتشف الخلفية الاشعاعية للكون وذلك في مدار علي ارتفاع ستمائة كيلومتر حول الأرض بعيدا عن تأثير كل من السحب والملوثات في النطق الدنيا من الغلاف الغازي للأرض, وقد قام هذا القمر الصنعي بإرسال ملايين الصور والمعلومات الي الأرض عن آثار الدخان الأول الذي نتج عن عملية الانفجار العظيم للكون من علي بعد عشرة مليارات من السنين الضوئية, وهي حالة دخانية معتمة سادت الكون قبل خلق الأرض والسماوات, فسبحان الذي أنزل من قبل ألف وأبعمائة سنة قوله الحق: ثم استوي إلي السماء وهي دخان فقال لها وللأرض إئتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين( فصلت:11). دخانية السماء بعد الانفجار الكوني العظيم( أي بعد فتق الرتق): بعد التسليم بحقيقة توسع الكون, وبرد ذلك التوسع الي الوراء مع الزمن حتي الوصول الي جرم ابتدائي واحد متناه في الضآلة حجما الي الصفر أو ما يقرب من العدم, ومتناه في الكثافة والحرارة الي حد لا يكاد العقل الانساني أن يتخيله, لتوقف كل قوانين الفيزياء المعروفة عنده( مرحلة الرتق), وبعد التسليم بانفجار هذا الجرم الابتدائي( مرحلة الفتق) في ظاهرة كونية يسميها العلماء الانفجار الكوني الكبير بدأ كل من علماء الفلك والفيزياء الفلكية والنظرية في تحليل مسار الأحداث الكونية بعد هذا الحدث الكوني الرهيب. ومع إيماننا بان تلك الأحداث الموغلة في تاريخ الكون تقع في صميم الغيب الذي أخبر ربنا( تبارك وتعالي) عنه بقوله( عز من قائل): ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا( الكهف:51) إلا أن السنن التي فطر الله( تعالي) الكون عليها لها من الاطراد, والاستمرار, والثبات, ما يمكن أن يعين الانسان علي الوصول الي شيء من التصور الصحيح لتلك الأحداث الغيبية الموغلة في أبعاد التاريخ الكوني علي الرغم من حس الانسان المحدود, وقدرات عقله المحدودة, ومحدودية كل من زمانه ومكانه. كذلك فان التقنيات المتطورة من مثل الصواريخ العابرة لمسافات كبيرة في السماء, والأقمار الصنعية التي تطلقها تلك الصواريخ, والأجهزة القياسية والتسجيلية الدقيقة التي تحملها قد ساعدت علي الوصول الي تصوير الدخان الكوني الأول الذي نتج عن عملية الانفجار العظيم, والذي وجدت بقايا أثرية له علي أطراف الجزء المدرك من الكون, وعلي أبعاد تصل الي عشرة مليارات من السنين الضوئية لتثبت دقة التعبير القرآني بلفظة دخان التي وصف بها حالة الكون قبل خلق السماوات والأرض. الفيزياء الفلكية ودخانية الكون: بعد الانفجار العظيم تحول الكون الى غلالة من الدخان الذى خلقت من الارض والسماوات تشير الحسابات الفيزيائية الي أن حجم الكون قبل الانفجار العظيم كاد يقترب من الصفر, وكان في حالة غريبة من تكدس كل من المادة والطاقة, وتلاشي كل من المكان والزمان, تتوقف عندها كل قوانين الفيزياء المعروفة( مرحلة الرتق), ثم انفجر هذا الجرم الابتدائي الأولي في ظاهرة كبري تعرف بظاهرة الانفجار الكوني العظيم مرحلة الفتق وبانفجاره تحول الي كرة من الإشعاع والجسيمات الأولية أخذت في التمدد والتبرد بسرعات فائقة حتي تحولت الي غلالة من الدخان. فبعد ثانية واحدة من واقعة الانفجار العظيم تقدر الحسابات الفيزيائية انخفاض درجة حرارة الكون من تريليونات الدرجات المطلقة الي عشرة بلايين من الدرجات المطلقة[ ستيفن و. هوكنج1988 م وعندها تحول الكون الي غلالة من الدخان المكون من الفوتونات والإلكترونات والنيوترينوات واضداد هذه الجسيمات مع قليل من البروتونات والنيوترونات ولولا استمرار الكون في التوسع والتبرد بمعدلات منضبطة بدقة فائقة لأفنت الجسيمات الأولية للمادة وأضدادها بعضها بعضا, وانتهي الكون, ولكنه حفظ بحفظ الله الذي أتقن كل شيء خلقه. والنيوترونات يمكن أن توجد في الكون علي هيئة ما يسمي باسم المادة الداكنة وينادي آلان جوث بأن التمدد عند بدء الانفجار العظيم كان بمعدلات فائقة التصور أدت الي زيادة قطر الكون بمعدل2910 مرة في جزء من الثانية , وتشير حسابات الفيزياء النظرية الي الاستمرار في انخفاض درجة حرارة الكون الي بليون( ألف مليون) درجة مطلقة بعد ذلك بقليل, وعند تلك الدرجة اتحدت البروتونات والنيوترونات لتكوين نوي ذرات الإيدروجين الثقيل أو الديوتريوم التي تحللت الي الإيدروجين أو اتحدت مع مزيد من البروتونات والنيوترونات لتكون نوي ذرات الهيليوم(HeliumNuclei) والقليل من نوي ذرات عناصر أعلي مثل نوي ذرات الليثيوم ونوي ذرات البريليوم , ولكن بقيت النسبة الغالبة لنوي ذرات غازي الأيدروجين والهيليوم, وتشير الحسابات النظرية الي أنه بعد ذلك بقليل توقف انتاج كل من الهيليوم والعناصر التالية له, واستمر الكون في الاتساع والتمدد والتبرد لفترة زمنية طويلة, ومع التبرد انخفضت درجة حرارة الكون الي آلاف قليلة من الدرجات المطلقة حين بدأت ذرات العناصر في التكون والتجمع وبدأ الدخان الكوني في التكدس علي هيئة أعداد من السدم الكونية الهائلة. ومع استمرار عملية الاتساع والتبرد في الكون بدأت أجزاء من تلك السدم في التكثف علي ذاتها بفعل الجاذبية وبالدوران حول نفسها بسرعات متزايدة بالتدريج حتي تخلقت بداخلها كتل من الغازات المتكثفة, ومع استمرار دوران تلك الكتل الكثيفة في داخل السدم بدأت كميات من غازي الإيدروجين والهيليوم الموجودة بداخلها في التكدس علي ذاتها بمعدلات أكبر, مما أدي الي مزيد من الارتفاع في درجات حرارتها حتي وصلت الي الدرجات اللازمة لبدء عملية الاندماج النووي فتكونت النجوم المنتجة للضوء والحرارة. وفي النجوم الكبيرة الكتلة استمرت عملية الاندماج النووي لتخليق العناصر الأعلي في وزنها الذري بالتدريج مثل الكربون والأوكسيجين وما يليهما حتي يتحول لب النجم بالكامل الي الحديد فينفجر هذا النجم المستعر(Nova) علي هيئة فوق المستعر وتتناثر أشلاء فوق المستعرات وما بها من عناصر ثقيلة في داخل المجرة لتتكون منها الكواكب والكويكبات, بينما يبقي منها في غازات المجرة ما يمكن أن يدخل في بناء نجم آخر بإذن الله. وتحتوي شمسنا علي نحو2% من كتلتها من العناصر الأثقل في أوزانها الذرية من غازي الايدروجين والهيليوم, وهما المكونان الأساسيان لها, وهذه العناصر الثقيلة لم تتكون كلها بالقطع في داخل الشمس بل جاءت إليها من بقايا انفجار بعض من فوق المستعرات. وعلي الرغم من تكدس كل من المادة والطاقة في أجرام السماء( مثل النجوم وتوابعها) فان الكون المدرك يبدو لنا متجانسا علي نطاق واسع, في كل الاتجاهات, وتحده خلفية إشعاعية متساوية حيثما نظر الراصد. كذلك فان توسع الكون لم يتجاوز بعد الحد الحرج الذي يمكن أن يؤدي الي انهياره علي ذاته,وتكدسه من جديد, مما يؤكد أنه محكوم بضوابط بالغة الدقة والاحكام, ولا يزال الكون المدرك مستمرا في توسعه بعد أكثر من عشرة مليارات من السنين( هي العمر الأدني المقدر للكون) وذلك بنفس معدل التوسع الحرج, ولو تجاوزه بجزء من مئات البلايين من المعدل الحالي للتوسع لانهار الكون علي الفور, فسبحان الذي حفظه من الانهيار..!! والنظرية النسبية لا يمكنها تفسير ذلك لأن كل القوانين الفيزيائية, وكل الأبعاد المكانية والزمانية تنهار عند الجرم الابتدائي للكون قبل انفجاره( مرحلة الرتق) بكتلته, وكثافته وحرارته الفائقة, وانعدام حجمه الي ما يقرب من الصفر, ولا يمكن لعاقل أن يتصور مصدرا لخلق هذا الكون بهذا القدر من الاحكام غير كونه أمرا من الخالق( سبحانه وتعالي) الذي إنما أمره اذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون( يس:82) فعلي سبيل المثال لا الحصر يذكر علماء الفيزياء أنه إذا تغيرت الشحنة الكهربائية للإليكترون قليلا, مااستطاعت النجوم القيام بعملية الاندماج النووي, ولعجزت عن الانفجار علي هيئة ما يسمي بفوق المستعر إذا تمكنت فرضا من القيام بعملية الاندماج النووي. والمعدل المتوسط لعملية إتساع الكون لابد وأنه قد اختير بحكمة بالغة لأن معدله الحالي لا يزال قريبا من الحد الحرج اللازم لمنع الكون من الانهيار علي ذاته. ويقرر علماء الفيزياء النظرية والفلكية أن الدخان الكوني كان خليطا من الغازات الحارة المعتمة التي تتخللها بعض الجسيمات الأولية للمادة وأضداد المادة حتي تشهد هذه الصورة من صور الزوجية السائدة في الكون لله وحده بالتفرد بالوحدانية فوق كافة خلقه, ولا توجد كلمة توفي هذه الحالة حقها من الوصف مثل كلمة دخان فسبحان الذي أنزلها في كتابه من قبل ألف وأربعمائة من السنين. وقد تكونت من تلك الجسيمات الأولية للمادة في الدخان الكوني الأولي نوي ذرات غازي الإيدروجين والهيليوم, وبعد ذلك وصلت الي الحد الذي يسمح بتكوين ذرات ثابتة لعناصر أكبر وزنا وذلك باتحاد نوي ذرات الإيدروجين والهيليوم. وظل هذا الدخان المعتم سائدا ومحتويا علي ذرات العناصر التي خلق منها بعد ذلك كل من الأرض والسماء. وتفيد الدراسات النظرية أن الكون في حالته الدخانية كان يتميز بقدر من التجانس مع تفاوت بسيط في كل من الكثافة ودرجات الحرارة بين منطقة وأخري, وذلك نظرا لبدء تحول أجزاء من ذلك الدخان بتقدير من الله( تعالي) الي مناطق تتركز فيها كميات كبيرة من كل من المادة والطاقة علي هيئة السدم. ولما كانت الجاذبية في تلك المناطق تتناسب تناسبا طرديا مع كم المادة والطاقة المتمركزة فيها, فقد أدي ذلك إلي مزيد من تكدس المادة والطاقة والذي بواسطته بدأ تخلق النجوم وبقية أجرام السماء في داخل تلك السدم, وتكونت النجوم في مراحلها الأولي من العناصر الخفيفة مثل الإيدروجين والهيليوم, والتي أخذت في التحول الي العناصر الأعلي وزنا بالتدريج مع بدءعملية الاندماج النووي في داخل تلك النجوم حسب كتلة كل منها. تصوير الدخان الكوني في الثامن من نوفمبر سنة1989 م أطلقت وكالة الفضاء الأمريكية مركبة باسم مكتشف الخلفية الاشعاعية للكون ارتفعت الي مدار حول الأرض يبلغ ارتفاعه ستمائة كيلومتر فوق مستوي سطح البحر, وذلك لقياس درجة حرارة الخلفية الاشعاعية للكون, وقياس كل من الكثافة المادية والضوئية والموجات الدقيقة في الكون المدرك, بعيدا عن تأثير كل من السحب والملوثات في النطق الدنيا من الغلاف الغازي للأرض, وقام هذا القمر الصنعي المستكشف بارسال قدر هائل من المعلومات وملايين الصور لآثار الدخان الكوني الأول الذي نتج عن عملية الانفجار العظيم للكون, من علي بعد عشرة مليارات من السنين الضوئية, وأثبتت تلك الصور أن هذا الدخان الكوني في حالة معتمة تماما تمثل حالة الاظلام التي سادت الكون في مراحله الأولي. ويقدر العلماء كتلة هذا الدخان المعتم بحوالي90% من كتلة المادة في الكون المنظور, وكتب جورج سموت أحد المسئولين عن رحلة المستكشف تقريرا نشره سنة1992 م بالنتائج المستقاة من هذا العدد الهائل من الصور الكونية كان من أهمها الحالة الدخانية المتجانسة التي سادت الوجود عقب الانفجار الكوني العظيم, وكذلك درجة الحرارة المتبقية علي هيئة خلفية اشعاعية أكدت حدوث ذلك الانفجار الكبير, وكان في تلك الكشوف أبلغ الرد علي النظريات الخاطئة التي حاولت ــ من منطلقات الكفر والالحاد ــ تجاوز الخلق, والجحود بالخالق( سبحانه وتعالي) فنادت كذبا بديمومة الكون بلا بداية ولا نهاية من مثل نظرية الكون المستمر التي سبق أن أعلنها ودافع عنها كل من هيرمان بوندي وفريد هويل في سنة1949 م, ونظرية الكون المتذبذب التي نادي بها ريتشارد تولمان من قبل.. فقد كان في اثبات وجود الدخان الكوني والخلفية الإشعاعية للكون بعد إثبات توسع الكون ما يجزم بأن كوننا مخلوق له بداية ولابد أن ستكون له في يوم من الأيام نهاية, وقد أكدت الصور التي بثتها مركبة المستكشف للخلفية الاشعاعية والتي نشرت في ابريل سنة1992 م كل تلك الحقائق. انتشار مختلف صور الطاقة بالكون تكوين نوى المجرات من الدخان الكونى كان الجرم الابتدائي للكون مفعما بالمادة والطاقة المكدسة تكديسا رهيبا يكاد ينعدم فيه الحجم الي الصفر, وتتلاشي فيه كل أبعاد المكان والزمان, وتتوقف كل قوانين الفيزياء المعروفة لنا كما سبق وأن أشرنا( مرحلة الرتق), وبعد انفجار هذا الجرم الأولي وبدء الكون في التوسع, تمدد الاشعاع وظل الكون مليئا دوما بالطاقة الكهرمغناطيسية, علي أنه كلما تمدد الكون قل تركيز الطاقة فيه, ونقصت كثافته, وانخفضت درجة حرارته. وأول صورة من صور الطاقة في الكون هي قوة الجاذبية وهي قوي كونية بمعني أن كل جسم في الكون يخضع لقوي الجاذبية حسب كتلته أو كمية الطاقة فيه, وهي قوي جاذبة تعمل عبر مسافات طويلة, وتحفظ للجزء المدرك من الكون بناءه وأبعاده ولعلها هي المقصودة بقول الحق( تبارك وتعالي): الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها...( الرعد:2) وقولة( عز من قائل): ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض, والفلك تجري في البحر بأمره, ويمسك السماء أن تقع علي الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرءوف رحيم( الحج:65). وقوله( سبحانه وتعالي): ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون( الروم:25). وقوله( تبارك اسمه): خلق السماوات بغير عمد ترونها...( لقمان:10). وقوله( تعالي): إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا( فاطر:41). ويقسم ربنا( تبارك وتعالي) وهو الغني عن القسم في مطلع سورة الطور بـ السقف المرفوع وهذا القسم القرآني جاء بالسماء المرفوعة بغير عمد مرئية..!! والصورة الثانية من صور الطاقة المنتشرة في الكون هي القوي الكهربائية/المغناطيسية( أو الكهرومغناطيسية وهي قوي تعمل بين الجسيمات المشحونة بالكهرباء, وهي أقوي من الجاذبية بملايين المرات( بحوالي4110 مرة), وتتمثل في قوي التجاذب بين الجسيمات التي تحمل شحنات كهربية مختلفة( موجبة وسالبة), كما تتمثل في قوي التنافر بين الجسيمات الحاملة لشحنات كهربية متشابهة, وتكاد هذه القوي من التجاذب والتنافر يلغي بعضها بعضا, وعلي ذلك فان حاصل القوي الكهرومغناطيسية في الكون يكاد يكون صفرا, ولكن علي مستوي الجزيئات والذرات المكونة للمادة تبقي هي القوي السائدة. والقوي الكهرومغناطيسية هي التي تضطر الاليكترونات في ذرات العناصر الي الدوران حول النواة بنفس الصورة التي تجبر فيها قوي الجاذبية الأرض( وغيرها من كواكب المجموعة الشمسية) الي الدوران حول الشمس, وإن دل ذلك علي شيء فإنما يدل علي وحدة البناء في الكون من أدق دقائقه الي أكبر وحداته, وهو ما يشهد للخالق( سبحانه وتعالي) بالوحدانية المطلقة بغير شريك ولا شبيه ولا منازع. ويصور الفيزيائيون القوي الكهرومغناطيسية علي أنها تنتج من تبادل أعداد كبيرة من جسيمات تكاد تكون معدومة الوزن تسمي بالفوتونات والقوي الثالثة في الكون هي القوي النووية القوية وهي القوي التي تمسك باللبنات الأولية للمادة في داخل كل من البروتونات والنيوترونات في نواة الذرة, وهذه القوي تصل الي أقصي قدرتها في المستويات العادية من الطاقة, ولكنها تضعف مع ارتفاع مستويات الطاقة باستمرار. والقوة الرابعة في الكون هي القوي النووية الضعيفة وهي القوي المسئولة عن عملية النشاط الإشعاعي وفي الوقت الذي تضعف فيه القوي النووية القوية في المستويات العليا للطاقة, فان كلا من القوي النووية الضعيفة والقوي الكهرومغناطيسية تقوي في تلك المستويات العليا للطاقة. وحدة القوي في الكون تخلق احدى النجوم من الدخان الكونى يوحد علماء الفيزياء النظرية بين كل من القوي الكهرومغناطيسية, والقوي النووية القوية والضعيفة فيما يسمي بنظرية التوحد الكبري والتي تعتبر تمهيدا لنظرية أكبر توحد بين كافة القوي الكونية في قوة عظمي, واحدة تشهد لله الخالق بالوحدانية المطلقة, وعن هذه القوة العظمي انبثقت القوي الكبري الأربع المعروفة في الكون: قوة الجاذبية, القوة الكهرومغناطيسية وكل من القوتين النوويتين الشديدة والضعيفة مع عملية الانفجار الكوني الكبير مباشرة( الفتق بعد الرتق). وباستثناء الجاذبية فان القوي الكونية الأخري تصل الي نفس المعدل عند مستويات عالية جدا من الطاقة تسمي باسم الطاقة العظمي للتوحد, ومن هنا فان هذه الصور الثلاث للطاقة تعتبر ثلاثة أوجه لقوة واحدة, لا يستبعد انضمام الجاذبية اليها, باعتبارها قوة ذات مدي طويل جدا, تتحكم في أجرام الكون وفي التجمعات الكبيرة للمادة ومن ثم يمكن نظريا غض الطرف عنها من قبيل التبسيط عندما يقصر التعامل علي الجسيمات الأولية للمادة, أو حتي مع ذرات العناصر. وهذه الصورة من وحدة البناء في الكون, ووحدة صور الطاقة فيه, مع شيوع الزوجية في الخلق ــ كل الخلق ــ هي شهادة الكون لخالقه( سبحانه وتعالي) بالتفرد بالوحدانية المطلقة فوق كافة خلقه بغير شبيه ولا شريك ولا منازع, وصدق الله العظيم إذ يقول: ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون( الذاريات:49). ويقول: لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون( الأنبياء:22). وسبحانه وتعالي إذ أنزل من قبل ألف وأربعمائة سنة قوله الحق: ثم استوي الي السماء وهي دخان فقال لها وللأرض إئتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين( فصلت:11). الاخوة الكرام السلام عليكم ... وجدت اجابات رائعه لجميع التساؤلات والتي تثبت انه لاتعارض بين النظريات العلميه والقران الكريم من أسرار القرآن الإشارات الكونية في القرآن الكريم ومغزي دلالتها العلمية ا لدكتور: زغـلول النجـار الثلث الأول من القرن العشرين لاحظ الفلكيون عملية توسع الكون التي دار من حولها جدل طويل حتي سلم العلماء بحقيقتها, وقد سبق القرآن الكريم بالإشارة الي تلك الحقيقة قبل ألف وأربعمائة سنة بقول الحق( تبارك وتعالي): والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون( الذاريات:47) وكانت هذه الآية الكريمة قد نزلت والعالم كله ينادي بثبات الكون, وعدم تغيره, وظل هذا الاعتقاد سائدا حتي منتصف القرن العشرين حين أثبتت الأرصاد الفلكية حقيقة توسع الكون, وتباعد مجراته عنا, وعن بعضها البعض بمعدلات تقترب أحيانا من سرعة الضوء( المقدرة بنحو ثلاثمائة ألف كيلو متر في الثانية), وقد أيدت كل من المعادلات الرياضية وقوانين الفيزياء النظرية استنتاجات الفلكيين في ذلك. وانطلاقا من هذه الملاحظة الصحيحة نادي كل من علماء الفلك, والفيزياء الفلكية والنظرية بأننا إذا عدنا بهذا الاتساع الكوني الي الوراء مع الزمن فلابد أن تلتقي كل صور المادة والطاقة الموجودة في الكون( المدرك منها وغير المدرك) وتتكدس علي بعضها البعض في جرم ابتدائي واحد يتناهي في الصغر الي ما يقرب الصفر أو العدم, وتنكمش في هذه النقطة أبعاد كل من المكان والزمان حتي تتلاشي( مرحلة الرتق). وهذا الجرم الابتدائي كان في حالة من الكثافة والحرارة تتوقف عندهما كل القوانين الفيزيائية المعروفة, ومن ثم فإن العقل البشري لا يكاد يتصورهما, فانفجر هذا الجرم الأولي بأمر الله( تعالي) في ظاهرة يسميها العلماء عملية الانفجار الكوني العظيم ويسميها القرآن الكريم باسم الفتق فقد سبق القرآن الكريم كل المعارف الانسانية بالاشارة الي ذلك الحدث الكوني العظيم من قبل ألف وأربعمائة من السنين بقول الحق( تبارك وتعالي): أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون (الأنبياء:30) وتشير دراسات الفيزياء النظرية في أواخر القرن العشرين الي أن جرما بمواصفات الجرم الابتدائي للكون عندما ينفجر يتحول الي غلالة من الدخان الذي تخلقت منه الأرض وكل أجرام السماء,وقد سبق القرآن الكريم بألف وأربعمائة سنة كل المعارف الانسانية وذلك بإشارته الي مرحلة الدخان في قول الحق( تبارك وتعالي): قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين* وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين* ثم استوي إلي السماء وهي دخان فقال لها وللأرض إئتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين* فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحي في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم( فصلت:9 ــ12) وفي8 نوفمبر سنة1989 م أطلقت وكالة الفضاء الأمريكية مركبة فضائية باسم مكتشف الخلفية الاشعاعية للكون وذلك في مدار علي ارتفاع ستمائة كيلومتر حول الأرض بعيدا عن تأثير كل من السحب والملوثات في النطق الدنيا من الغلاف الغازي للأرض, وقد قام هذا القمر الصنعي بإرسال ملايين الصور والمعلومات الي الأرض عن آثار الدخان الأول الذي نتج عن عملية الانفجار العظيم للكون من علي بعد عشرة مليارات من السنين الضوئية, وهي حالة دخانية معتمة سادت الكون قبل خلق الأرض والسماوات, فسبحان الذي أنزل من قبل ألف وأبعمائة سنة قوله الحق: ثم استوي إلي السماء وهي دخان فقال لها وللأرض إئتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين( فصلت:11). دخانية السماء بعد الانفجار الكوني العظيم( أي بعد فتق الرتق): بعد التسليم بحقيقة توسع الكون, وبرد ذلك التوسع الي الوراء مع الزمن حتي الوصول الي جرم ابتدائي واحد متناه في الضآلة حجما الي الصفر أو ما يقرب من العدم, ومتناه في الكثافة والحرارة الي حد لا يكاد العقل الانساني أن يتخيله, لتوقف كل قوانين الفيزياء المعروفة عنده( مرحلة الرتق), وبعد التسليم بانفجار هذا الجرم الابتدائي( مرحلة الفتق) في ظاهرة كونية يسميها العلماء الانفجار الكوني الكبير بدأ كل من علماء الفلك والفيزياء الفلكية والنظرية في تحليل مسار الأحداث الكونية بعد هذا الحدث الكوني الرهيب. ومع إيماننا بان تلك الأحداث الموغلة في تاريخ الكون تقع في صميم الغيب الذي أخبر ربنا( تبارك وتعالي) عنه بقوله( عز من قائل): ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا( الكهف:51) إلا أن السنن التي فطر الله( تعالي) الكون عليها لها من الاطراد, والاستمرار, والثبات, ما يمكن أن يعين الانسان علي الوصول الي شيء من التصور الصحيح لتلك الأحداث الغيبية الموغلة في أبعاد التاريخ الكوني علي الرغم من حس الانسان المحدود, وقدرات عقله المحدودة, ومحدودية كل من زمانه ومكانه. كذلك فان التقنيات المتطورة من مثل الصواريخ العابرة لمسافات كبيرة في السماء, والأقمار الصنعية التي تطلقها تلك الصواريخ, والأجهزة القياسية والتسجيلية الدقيقة التي تحملها قد ساعدت علي الوصول الي تصوير الدخان الكوني الأول الذي نتج عن عملية الانفجار العظيم, والذي وجدت بقايا أثرية له علي أطراف الجزء المدرك من الكون, وعلي أبعاد تصل الي عشرة مليارات من السنين الضوئية لتثبت دقة التعبير القرآني بلفظة دخان التي وصف بها حالة الكون قبل خلق السماوات والأرض. الفيزياء الفلكية ودخانية الكون: بعد الانفجار العظيم تحول الكون الى غلالة من الدخان الذى خلقت من الارض والسماوات تشير الحسابات الفيزيائية الي أن حجم الكون قبل الانفجار العظيم كاد يقترب من الصفر, وكان في حالة غريبة من تكدس كل من المادة والطاقة, وتلاشي كل من المكان والزمان, تتوقف عندها كل قوانين الفيزياء المعروفة( مرحلة الرتق), ثم انفجر هذا الجرم الابتدائي الأولي في ظاهرة كبري تعرف بظاهرة الانفجار الكوني العظيم مرحلة الفتق وبانفجاره تحول الي كرة من الإشعاع والجسيمات الأولية أخذت في التمدد والتبرد بسرعات فائقة حتي تحولت الي غلالة من الدخان. فبعد ثانية واحدة من واقعة الانفجار العظيم تقدر الحسابات الفيزيائية انخفاض درجة حرارة الكون من تريليونات الدرجات المطلقة الي عشرة بلايين من الدرجات المطلقة[ ستيفن و. هوكنج1988 م وعندها تحول الكون الي غلالة من الدخان المكون من الفوتونات والإلكترونات والنيوترينوات واضداد هذه الجسيمات مع قليل من البروتونات والنيوترونات ولولا استمرار الكون في التوسع والتبرد بمعدلات منضبطة بدقة فائقة لأفنت الجسيمات الأولية للمادة وأضدادها بعضها بعضا, وانتهي الكون, ولكنه حفظ بحفظ الله الذي أتقن كل شيء خلقه. والنيوترونات يمكن أن توجد في الكون علي هيئة ما يسمي باسم المادة الداكنة وينادي آلان جوث بأن التمدد عند بدء الانفجار العظيم كان بمعدلات فائقة التصور أدت الي زيادة قطر الكون بمعدل2910 مرة في جزء من الثانية , وتشير حسابات الفيزياء النظرية الي الاستمرار في انخفاض درجة حرارة الكون الي بليون( ألف مليون) درجة مطلقة بعد ذلك بقليل, وعند تلك الدرجة اتحدت البروتونات والنيوترونات لتكوين نوي ذرات الإيدروجين الثقيل أو الديوتريوم التي تحللت الي الإيدروجين أو اتحدت مع مزيد من البروتونات والنيوترونات لتكون نوي ذرات الهيليوم(HeliumNuclei) والقليل من نوي ذرات عناصر أعلي مثل نوي ذرات الليثيوم ونوي ذرات البريليوم , ولكن بقيت النسبة الغالبة لنوي ذرات غازي الأيدروجين والهيليوم, وتشير الحسابات النظرية الي أنه بعد ذلك بقليل توقف انتاج كل من الهيليوم والعناصر التالية له, واستمر الكون في الاتساع والتمدد والتبرد لفترة زمنية طويلة, ومع التبرد انخفضت درجة حرارة الكون الي آلاف قليلة من الدرجات المطلقة حين بدأت ذرات العناصر في التكون والتجمع وبدأ الدخان الكوني في التكدس علي هيئة أعداد من السدم الكونية الهائلة. ومع استمرار عملية الاتساع والتبرد في الكون بدأت أجزاء من تلك السدم في التكثف علي ذاتها بفعل الجاذبية وبالدوران حول نفسها بسرعات متزايدة بالتدريج حتي تخلقت بداخلها كتل من الغازات المتكثفة, ومع استمرار دوران تلك الكتل الكثيفة في داخل السدم بدأت كميات من غازي الإيدروجين والهيليوم الموجودة بداخلها في التكدس علي ذاتها بمعدلات أكبر, مما أدي الي مزيد من الارتفاع في درجات حرارتها حتي وصلت الي الدرجات اللازمة لبدء عملية الاندماج النووي فتكونت النجوم المنتجة للضوء والحرارة. وفي النجوم الكبيرة الكتلة استمرت عملية الاندماج النووي لتخليق العناصر الأعلي في وزنها الذري بالتدريج مثل الكربون والأوكسيجين وما يليهما حتي يتحول لب النجم بالكامل الي الحديد فينفجر هذا النجم المستعر(Nova) علي هيئة فوق المستعر وتتناثر أشلاء فوق المستعرات وما بها من عناصر ثقيلة في داخل المجرة لتتكون منها الكواكب والكويكبات, بينما يبقي منها في غازات المجرة ما يمكن أن يدخل في بناء نجم آخر بإذن الله. وتحتوي شمسنا علي نحو2% من كتلتها من العناصر الأثقل في أوزانها الذرية من غازي الايدروجين والهيليوم, وهما المكونان الأساسيان لها, وهذه العناصر الثقيلة لم تتكون كلها بالقطع في داخل الشمس بل جاءت إليها من بقايا انفجار بعض من فوق المستعرات. وعلي الرغم من تكدس كل من المادة والطاقة في أجرام السماء( مثل النجوم وتوابعها) فان الكون المدرك يبدو لنا متجانسا علي نطاق واسع, في كل الاتجاهات, وتحده خلفية إشعاعية متساوية حيثما نظر الراصد. كذلك فان توسع الكون لم يتجاوز بعد الحد الحرج الذي يمكن أن يؤدي الي انهياره علي ذاته,وتكدسه من جديد, مما يؤكد أنه محكوم بضوابط بالغة الدقة والاحكام, ولا يزال الكون المدرك مستمرا في توسعه بعد أكثر من عشرة مليارات من السنين( هي العمر الأدني المقدر للكون) وذلك بنفس معدل التوسع الحرج, ولو تجاوزه بجزء من مئات البلايين من المعدل الحالي للتوسع لانهار الكون علي الفور, فسبحان الذي حفظه من الانهيار..!! والنظرية النسبية لا يمكنها تفسير ذلك لأن كل القوانين الفيزيائية, وكل الأبعاد المكانية والزمانية تنهار عند الجرم الابتدائي للكون قبل انفجاره( مرحلة الرتق) بكتلته, وكثافته وحرارته الفائقة, وانعدام حجمه الي ما يقرب من الصفر, ولا يمكن لعاقل أن يتصور مصدرا لخلق هذا الكون بهذا القدر من الاحكام غير كونه أمرا من الخالق( سبحانه وتعالي) الذي إنما أمره اذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون( يس:82) فعلي سبيل المثال لا الحصر يذكر علماء الفيزياء أنه إذا تغيرت الشحنة الكهربائية للإليكترون قليلا, مااستطاعت النجوم القيام بعملية الاندماج النووي, ولعجزت عن الانفجار علي هيئة ما يسمي بفوق المستعر إذا تمكنت فرضا من القيام بعملية الاندماج النووي. والمعدل المتوسط لعملية إتساع الكون لابد وأنه قد اختير بحكمة بالغة لأن معدله الحالي لا يزال قريبا من الحد الحرج اللازم لمنع الكون من الانهيار علي ذاته. ويقرر علماء الفيزياء النظرية والفلكية أن الدخان الكوني كان خليطا من الغازات الحارة المعتمة التي تتخللها بعض الجسيمات الأولية للمادة وأضداد المادة حتي تشهد هذه الصورة من صور الزوجية السائدة في الكون لله وحده بالتفرد بالوحدانية فوق كافة خلقه, ولا توجد كلمة توفي هذه الحالة حقها من الوصف مثل كلمة دخان فسبحان الذي أنزلها في كتابه من قبل ألف وأربعمائة من السنين. وقد تكونت من تلك الجسيمات الأولية للمادة في الدخان الكوني الأولي نوي ذرات غازي الإيدروجين والهيليوم, وبعد ذلك وصلت الي الحد الذي يسمح بتكوين ذرات ثابتة لعناصر أكبر وزنا وذلك باتحاد نوي ذرات الإيدروجين والهيليوم. وظل هذا الدخان المعتم سائدا ومحتويا علي ذرات العناصر التي خلق منها بعد ذلك كل من الأرض والسماء. وتفيد الدراسات النظرية أن الكون في حالته الدخانية كان يتميز بقدر من التجانس مع تفاوت بسيط في كل من الكثافة ودرجات الحرارة بين منطقة وأخري, وذلك نظرا لبدء تحول أجزاء من ذلك الدخان بتقدير من الله( تعالي) الي مناطق تتركز فيها كميات كبيرة من كل من المادة والطاقة علي هيئة السدم. ولما كانت الجاذبية في تلك المناطق تتناسب تناسبا طرديا مع كم المادة والطاقة المتمركزة فيها, فقد أدي ذلك إلي مزيد من تكدس المادة والطاقة والذي بواسطته بدأ تخلق النجوم وبقية أجرام السماء في داخل تلك السدم, وتكونت النجوم في مراحلها الأولي من العناصر الخفيفة مثل الإيدروجين والهيليوم, والتي أخذت في التحول الي العناصر الأعلي وزنا بالتدريج مع بدءعملية الاندماج النووي في داخل تلك النجوم حسب كتلة كل منها. تصوير الدخان الكوني في الثامن من نوفمبر سنة1989 م أطلقت وكالة الفضاء الأمريكية مركبة باسم مكتشف الخلفية الاشعاعية للكون ارتفعت الي مدار حول الأرض يبلغ ارتفاعه ستمائة كيلومتر فوق مستوي سطح البحر, وذلك لقياس درجة حرارة الخلفية الاشعاعية للكون, وقياس كل من الكثافة المادية والضوئية والموجات الدقيقة في الكون المدرك, بعيدا عن تأثير كل من السحب والملوثات في النطق الدنيا من الغلاف الغازي للأرض, وقام هذا القمر الصنعي المستكشف بارسال قدر هائل من المعلومات وملايين الصور لآثار الدخان الكوني الأول الذي نتج عن عملية الانفجار العظيم للكون, من علي بعد عشرة مليارات من السنين الضوئية, وأثبتت تلك الصور أن هذا الدخان الكوني في حالة معتمة تماما تمثل حالة الاظلام التي سادت الكون في مراحله الأولي. ويقدر العلماء كتلة هذا الدخان المعتم بحوالي90% من كتلة المادة في الكون المنظور, وكتب جورج سموت أحد المسئولين عن رحلة المستكشف تقريرا نشره سنة1992 م بالنتائج المستقاة من هذا العدد الهائل من الصور الكونية كان من أهمها الحالة الدخانية المتجانسة التي سادت الوجود عقب الانفجار الكوني العظيم, وكذلك درجة الحرارة المتبقية علي هيئة خلفية اشعاعية أكدت حدوث ذلك الانفجار الكبير, وكان في تلك الكشوف أبلغ الرد علي النظريات الخاطئة التي حاولت ــ من منطلقات الكفر والالحاد ــ تجاوز الخلق, والجحود بالخالق( سبحانه وتعالي) فنادت كذبا بديمومة الكون بلا بداية ولا نهاية من مثل نظرية الكون المستمر التي سبق أن أعلنها ودافع عنها كل من هيرمان بوندي وفريد هويل في سنة1949 م, ونظرية الكون المتذبذب التي نادي بها ريتشارد تولمان من قبل.. فقد كان في اثبات وجود الدخان الكوني والخلفية الإشعاعية للكون بعد إثبات توسع الكون ما يجزم بأن كوننا مخلوق له بداية ولابد أن ستكون له في يوم من الأيام نهاية, وقد أكدت الصور التي بثتها مركبة المستكشف للخلفية الاشعاعية والتي نشرت في ابريل سنة1992 م كل تلك الحقائق. انتشار مختلف صور الطاقة بالكون تكوين نوى المجرات من الدخان الكونى كان الجرم الابتدائي للكون مفعما بالمادة والطاقة المكدسة تكديسا رهيبا يكاد ينعدم فيه الحجم الي الصفر, وتتلاشي فيه كل أبعاد المكان والزمان, وتتوقف كل قوانين الفيزياء المعروفة لنا كما سبق وأن أشرنا( مرحلة الرتق), وبعد انفجار هذا الجرم الأولي وبدء الكون في التوسع, تمدد الاشعاع وظل الكون مليئا دوما بالطاقة الكهرمغناطيسية, علي أنه كلما تمدد الكون قل تركيز الطاقة فيه, ونقصت كثافته, وانخفضت درجة حرارته. وأول صورة من صور الطاقة في الكون هي قوة الجاذبية وهي قوي كونية بمعني أن كل جسم في الكون يخضع لقوي الجاذبية حسب كتلته أو كمية الطاقة فيه, وهي قوي جاذبة تعمل عبر مسافات طويلة, وتحفظ للجزء المدرك من الكون بناءه وأبعاده ولعلها هي المقصودة بقول الحق( تبارك وتعالي): الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها...( الرعد:2) وقولة( عز من قائل): ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض, والفلك تجري في البحر بأمره, ويمسك السماء أن تقع علي الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرءوف رحيم( الحج:65). وقوله( سبحانه وتعالي): ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون( الروم:25). وقوله( تبارك اسمه): خلق السماوات بغير عمد ترونها...( لقمان:10). وقوله( تعالي): إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا( فاطر:41). ويقسم ربنا( تبارك وتعالي) وهو الغني عن القسم في مطلع سورة الطور بـ السقف المرفوع وهذا القسم القرآني جاء بالسماء المرفوعة بغير عمد مرئية..!! والصورة الثانية من صور الطاقة المنتشرة في الكون هي القوي الكهربائية/المغناطيسية( أو الكهرومغناطيسية وهي قوي تعمل بين الجسيمات المشحونة بالكهرباء, وهي أقوي من الجاذبية بملايين المرات( بحوالي4110 مرة), وتتمثل في قوي التجاذب بين الجسيمات التي تحمل شحنات كهربية مختلفة( موجبة وسالبة), كما تتمثل في قوي التنافر بين الجسيمات الحاملة لشحنات كهربية متشابهة, وتكاد هذه القوي من التجاذب والتنافر يلغي بعضها بعضا, وعلي ذلك فان حاصل القوي الكهرومغناطيسية في الكون يكاد يكون صفرا, ولكن علي مستوي الجزيئات والذرات المكونة للمادة تبقي هي القوي السائدة. والقوي الكهرومغناطيسية هي التي تضطر الاليكترونات في ذرات العناصر الي الدوران حول النواة بنفس الصورة التي تجبر فيها قوي الجاذبية الأرض( وغيرها من كواكب المجموعة الشمسية) الي الدوران حول الشمس, وإن دل ذلك علي شيء فإنما يدل علي وحدة البناء في الكون من أدق دقائقه الي أكبر وحداته, وهو ما يشهد للخالق( سبحانه وتعالي) بالوحدانية المطلقة بغير شريك ولا شبيه ولا منازع. ويصور الفيزيائيون القوي الكهرومغناطيسية علي أنها تنتج من تبادل أعداد كبيرة من جسيمات تكاد تكون معدومة الوزن تسمي بالفوتونات والقوي الثالثة في الكون هي القوي النووية القوية وهي القوي التي تمسك باللبنات الأولية للمادة في داخل كل من البروتونات والنيوترونات في نواة الذرة, وهذه القوي تصل الي أقصي قدرتها في المستويات العادية من الطاقة, ولكنها تضعف مع ارتفاع مستويات الطاقة باستمرار. والقوة الرابعة في الكون هي القوي النووية الضعيفة وهي القوي المسئولة عن عملية النشاط الإشعاعي وفي الوقت الذي تضعف فيه القوي النووية القوية في المستويات العليا للطاقة, فان كلا من القوي النووية الضعيفة والقوي الكهرومغناطيسية تقوي في تلك المستويات العليا للطاقة. وحدة القوي في الكون تخلق احدى النجوم من الدخان الكونى يوحد علماء الفيزياء النظرية بين كل من القوي الكهرومغناطيسية, والقوي النووية القوية والضعيفة فيما يسمي بنظرية التوحد الكبري والتي تعتبر تمهيدا لنظرية أكبر توحد بين كافة القوي الكونية في قوة عظمي, واحدة تشهد لله الخالق بالوحدانية المطلقة, وعن هذه القوة العظمي انبثقت القوي الكبري الأربع المعروفة في الكون: قوة الجاذبية, القوة الكهرومغناطيسية وكل من القوتين النوويتين الشديدة والضعيفة مع عملية الانفجار الكوني الكبير مباشرة( الفتق بعد الرتق). وباستثناء الجاذبية فان القوي الكونية الأخري تصل الي نفس المعدل عند مستويات عالية جدا من الطاقة تسمي باسم الطاقة العظمي للتوحد, ومن هنا فان هذه الصور الثلاث للطاقة تعتبر ثلاثة أوجه لقوة واحدة, لا يستبعد انضمام الجاذبية اليها, باعتبارها قوة ذات مدي طويل جدا, تتحكم في أجرام الكون وفي التجمعات الكبيرة للمادة ومن ثم يمكن نظريا غض الطرف عنها من قبيل التبسيط عندما يقصر التعامل علي الجسيمات الأولية للمادة, أو حتي مع ذرات العناصر. وهذه الصورة من وحدة البناء في الكون, ووحدة صور الطاقة فيه, مع شيوع الزوجية في الخلق ــ كل الخلق ــ هي شهادة الكون لخالقه( سبحانه وتعالي) بالتفرد بالوحدانية المطلقة فوق كافة خلقه بغير شبيه ولا شريك ولا منازع, وصدق الله العظيم إذ يقول: ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون( الذاريات:49). ويقول: لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون( الأنبياء:22). وسبحانه وتعالي إذ أنزل من قبل ألف وأربعمائة سنة قوله الحق: ثم استوي الي السماء وهي دخان فقال لها وللأرض إئتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين( فصلت:11).
اسفه للخبطه واعادت الموضوع ارجو من المشرف حذف المشاركه المكرره المشاركة الاولى لي في هذا الموضوع ارسلت بالخطا فعذرا لذلك
vBulletin® v3.8.7, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir
diamond