المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سفينة المجتمع


ربانة
10-04-2007, 01:42
سفينة المجتمع
http://tbn0.google.com/images?q=tbn:4Fa9xeJ7QnL-uM:http://www.sunna.info/souwar/data/media/9/www_sunna_info234.JPG


" مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنّا خرقنا في نصيبنا خرقاً، ولم نؤذ من فوقنا! فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا، ونجوا جميعاً " رواه البخاري والترميذي


* * *

صورة عجيبة تلك التي تتمثل في النفس من قراءة هذا الحديث.. صورة حية شاخصة موحية معبرة.
وإن هناك لجمالاً بديعاً في هذا التشبيه بالسفينة. فالحياة كلها هذه السفينة الماخرة في العباب، لا تكاد تسكن لحظة حتى تضطرب من جديد. ولن يكتب لها السلامة والاستواء فوق الموج المضطرب حتى يكون كل شخص فيها على حذر مما يفعل، ويقظة لما يريد.
والمجتمع كله هذه السفينة.. يركب على ظهرها البر والفاجر، والمتيقظ والغفلان، وهي تحملهم جميعاً لوجهتهم.. ولكنها - وهي محكومة بالموج المضطرب والرياح من جانب، وما يريده لها الربان من جانب - لتتأثر بكل حركة تقع فيها، فتهتز مرة ذات اليمين وتهتز مرة ذات الشمال، وقد تستقيم على الأفق أحياناً أو ترسب أحياناً إلى الأعماق..!
وإن كثيراً من الناس لينسى - في غمرته - هذه الحقيقة. ينسى سفينة المجتمع أو سفينة الحياة.
ينسى. فيخيل إليه أنه ثابت على البر، راكز راسخ لا يضطرب ولا يزول.
ومن أجل ذلك يفجر أو يطغى..
ولو تذكر من استكبر وطغى أنه ليس راكزاً على البر ؛ ليس دائماً في مكانه، ولا خالداً في سطوته، وإنما هي رحلة قصيرة على سفينة الحياة.. لو تذكر ذلك ما استكبر ولا طغى، ولا اغتر بقوته الزائلة عن الحقيقة الخالدة، ولعاد لمصدر القوة الحقيقية في هذا الكون، يستلهم منه الهدى، ويطلب منه الرشاد، ويسير على النهج الذي أمر به وارتضاه للناس.
ولو تذكر من يفجر وينحرف أنه ليس راكزاً على البر، وإنما هو منطلق على العباب.. وأن كل حركة يأتيها تتأثر بها السفينة فتهتز.. لو تذكر ذلك لما ترك نفسه لشهواته ولانحرافاته، ولعمل حساباً لكل خطوة يخطوها وكل حركة يتحركها حرصاً على نجاته هو ونجاة الآخرين..
ولكنها الغفلة السادرة التي تخيم على البشرية.. إلا من آمن واتقى وعرف ربه واهتدى إليه.
والرسول الكريم r يدرك هذه الغفلة التي ترين على قلوب الناس، فيحذرهم منها، ويصورها لهم في صور شتى، من أعجبها أبلغها هذه الصورة التي يرسمها هذا الحديث، صورة السفينة الماخرة في العباب..


* * *

حين قال الإقطاعيون لأنفسهم: نملك الأرض وكل من عليها عبيد..
وحين قال الرأسماليون لأنفسهم: نملك المصانع والعمال فيها عبيد..
وحين قال الأباطرة المقدسون: نملك الملك والرعايا عبيد..
وحين قال غيرهم وغيرهم من الظالمين مثل قولتهم، لم تكن غير نتيجة واحدة في كل مرة، غرقت السفينة المخروقة، وغرق من عليها من سادة ومن عبيد!
وانظر في ثورات الأرض المزلزلة التي أطارت الرءوس وأجرت الدماء، وانظر إلى الحروب المدمرة التي تأكل الأخضر واليابس وتسمم الحياة، لم تكن غير نهاية طبيعية للخرق المخروق في السفينة، تتدفق عن طريقه المياه..


يشكواالآباء! يشكون أن أبناءهم تمردوا عليهم، ولم يعد في مقدورهم أن يردوهم إلى السبيل! ويقولون إن المجتمع فاسد يفسد عليهم الأولاد!
وقد يكون ذلك حقاً!
ولكنه لم يكن كذلك يوم فسد أول جيل من الأبناء فتركوهم يفسدون!
وحين يحدث ذلك.. حين ينفلت الأولاد بلا ضابط، لا يحكمهم أهلوهم، ولا يحكمهم مدرسوهم في المدرسة، لأن الوالد قد أفسد على المدرس مهمة التوجيه.. حينذاك تتحقق السنة الماضية، وتغرق السفينة وكلها خروق!


* * *

ويقوم طالب يغش في الامتحان، يقول: أصنع ما بدا لي. وليس لأحد عليَّ سلطان.
ويتركه الناس.
يتركونه " إشفاقاً على مستقبله "! أو يتركونه استخفافاً بالجريمة.
وينجح الطالب، ويستمتع بهذا النجاح الميسر البسيط التكاليف..
ويغري النجاح غيره.. فيروحون يعبثون العام كله، يتسكعون في الطرقات، ويجرون كالكلاب الشاردة وراء الفتيات.. ثم يسهرون الأسبوع الأخير يحضِّرون " البرشام " من أجل الامتحان.
ويحس الآخرون من الشرفاء أنهم مظلومون! هم يسهرون العام كله في العمل، ثم لا يبلغون - بالجد والأمانة - ما يبلغه الغشاش بغشه، وقد ينجح وهم يرسبون! وقد يصل إلى " الوظيفة " وهم قاعدون!
لا جرم ينصرف أغلبهم عن النشاط العلمي الصادق، وينقلبون إلى مخادعين غشاشين!
ولا جرم تجد بعد ذلك الموظف الذي يذهب في الموعد وينصرف في الموعد - إن شدد عليه في الحضور والانصراف - ولا يعمل عملا طيلة وقت " الديوان "!
ولا جرم تجد المهندس الذي لا يوافق على " مواصفات " البناء أو " المواصفات الصحية " وأنت تؤديها على وجهها الأكمل، ثم يوافق على أقل منها كثيراً إن دسست في يده " المعلوم "!
ولا جرم تجد الطبيب الذي لا يعطيك العلاج الكامل الذي يشفيك من أول مرة، ويروح يطيل العلاج ويطلبك تمر عليه مرة بعد مرة ليزداد منك كسباً، وتكسب معه معامل الأدوية التي " يتعامل " معها أو يكسب الموردون!
كلهم غشاشون!
كلهم ذلك الطالب الأول الذي تركه الناس غافلين.
وحين يصبح الغش هو " العملة " السارية في المجتمع، فلا جرم يذهب المجتمع أسفل سافلين!
ويقوم موظف يرتشي.. يقول: من يحرِّج عليَّ فيما أصنع؟ أفعل ما بدا لي، وليس لأحد عليَّ سلطان.
ويتركه الناس!
يتركونه بدافع الحاجة إلى ما في يده من المصالح، أو بدافع الخوف إن كان من ذوي النفوذ.
ويستفيد ذلك المرتشي.. يستفيد ثروة سهلة المأخذ مضمونة الورود.
ويغري الثراء غيره من الموظفين، فيندفعون في تيار الشهوة ينهلون من هذا المنهل الدنس، ويلغون في دماء المحتاجين.
وتأخذ الموجة مداها.. حتى تصبح الأمور كلها بالرشوة، ومن غيرها توصد الأبواب في وجه أصحاب الحقوق.
وقد يتبجح موظف يبرر الجريمة لنفسه أو يبررها للناس، يقول: هل أنا وحدي الذي أرتشي؟ هل أنا وحدي الذي أشيع الفساد.. فهل تنتظم مصالح الناس كلها، وتفتح لهم الأبواب؟ كل ما يحدث أنني أحرم نفسي من المعين المتاح، وأظل فقيراً وأنا رب أسرة وصاحب عيال.
وقد يكون هذا حقاً..
ولكنه لم يكن كذلك حين بدأت الرشوة أول مرة وسكت عنها الناس، أو شجعوها وأغروا بها المرتشين.
وحين تصل الأمور إلى هذا الحد.. حين تصبح الرشوة هي الأصل والنظافة هي الشذوذ.. حينذاك تقع الهزة التي تزلزل المجتمع كله من القواعد، فلا يلبث أن يتهاوى إلى القرار..




اخترت لكم مقاطع قليلة من مقال سفينة المجتمع ....................من كتاب .قبسات من الرسول محمد قطب

دمتم في رعاية المولى القدير اختكم ربانة

رائحة المطر
10-04-2007, 02:07
http://www.piccs.net/getimg.php?img=2701.jpg

kingstars18
10-04-2007, 17:34
شكرا لك وبارك الله فيك،،

ربانة
12-04-2007, 02:19
رائحة المطر

شكرا جزيلا على الصورة التى اتمنى اني استحقها وشكرا على مرورك العطر وبارك الله فيك


kingstars18

شكرا جزيل الشكر لمرورك وجزيت الخير وبارك الله فيك


حفظكم المولى القدير ورعاكم

عادل الثبيتي
12-04-2007, 02:22
يعطيك العافيه وبارك الله فيك وجزاك الله خيراً ،،،

ربانة
17-04-2007, 14:23
استاذ
عادل الثبيتي

شكرا جزيل الشكر على المرور

nuha1423
02-05-2009, 22:21
بسم الله الرحمن الرحيم

غاليتي ربانة :



يشكواالآباء! يشكون أن أبناءهم تمردوا عليهم، ولم يعد في مقدورهم أن يردوهم إلى السبيل! ويقولون إن المجتمع فاسد يفسد عليهم الأولاد!
وقد يكون ذلك حقاً!
ولكنه لم يكن كذلك يوم فسد أول جيل من الأبناء فتركوهم يفسدون!
وحين يحدث ذلك.. حين ينفلت الأولاد بلا ضابط، لا يحكمهم أهلوهم، ولا يحكمهم مدرسوهم في المدرسة، لأن الوالد قد أفسد على المدرس مهمة التوجيه.. حينذاك تتحقق السنة الماضية، وتغرق السفينة وكلها خروق!


لقد حركت في قلبي وروحي مواجع تكاد تحرقني من كثرتها وأنا أرى مجتمعي في طريقه للانهيار بهذا الشكل المريع


ويقوم طالب يغش في الامتحان، يقول: أصنع ما بدا لي. وليس لأحد عليَّ سلطان.
ويتركه الناس.
يتركونه " إشفاقاً على مستقبله "! أو يتركونه استخفافاً بالجريمة.
وينجح الطالب، ويستمتع بهذا النجاح الميسر البسيط التكاليف..
ويغري النجاح غيره.. فيروحون يعبثون العام كله، يتسكعون في الطرقات، ويجرون كالكلاب الشاردة وراء الفتيات.. ثم يسهرون الأسبوع الأخير يحضِّرون " البرشام " من أجل الامتحان.
ويحس الآخرون من الشرفاء أنهم مظلومون! هم يسهرون العام كله في العمل، ثم لا يبلغون - بالجد والأمانة - ما يبلغه الغشاش بغشه، وقد ينجح وهم يرسبون! وقد يصل إلى " الوظيفة " وهم قاعدون!
لا جرم ينصرف أغلبهم عن النشاط العلمي الصادق، وينقلبون إلى مخادعين غشاشين!


مأ أروعك يا محمد قطب هذا من سنين فكيف بك الآن والأمور تسير إلى الأسوء ؟؟ ماذا كنت ستكتب ؟؟؟




آه أيتها الغالية إنها حرب ثقافية تحاول ان تدمر الأخلاق فينا وفي أبنائنا وبناتنا

الموضوع ذو شجون

لي عودة

جزاك الله خيراً يا رائعة دائماً ما أروعك وما أحوجنا لمثل هذا

يجب علينا أن ندرسه لطالباتنا مربيات الأجيال

نعلمهم عظم المصيبة لو استشرت هذه الشرور في مجتمعاتنا

رائعة ربانة بارك الله فيك

ودمت بود