المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السراب ...


ربانة
01-07-2007, 03:48
السراب قصة واقعية



بسم الله الرحمن الرحيم

الإخوة المسلمون جميعا .. السلام عليكم و رحمة الله وبركاته

صدق الله القائل في كتابه الكريم "مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ"

وصدق الله القائل في الحديث القدسي "ابن آدم ......... خلقت الأشياء كلها من أجلك وخلقتك من أجلــــــــــــي فسر في طاعتي يطعك كل شئ. لي عليك فريضه ولك علي رزق فإن خالفتني في فريضتي لم اخالفك في رزقك. إن رضيــــــــــــــت بما قسمته لك أرحت قلبك وإن لم ترض بما قسمته لك فوعزتي وجلالي لأسلطن عليك الدنيا تركض فيها كركض الوحوش في البريه ولا ينالك منها إلا ما قسمته لك وكنت عندي مذمومـــــــــــــــا"

- عرفته إنه الأستاذ الدكتور (........) أستاذ جراحة الأطفال بواحدة من أعرق كليات الطب في العالم .. طب القصر العيني جامعة القاهرة .. يعتبره العلماء ثاني أبرع أطباء جراحة الأطفال في مصر .. رجل تبدو عليه آثار النعيم .. نضر الوجه مهذب يرتدي أفخم الثياب يسكن في أرقى أحياء القاهرة في قلب مصر الجديدة ويقود أحدث الموديلات و أغلاها من السيارات المرسيدس ..أبناؤه يدرسون في مدرسة من أغلى المدارس الخاصة بمصر .. و يشتركون في أكبر النوادي الرياضية رفاهية .. و لما لا؟ .. فهو يأتي لعيادته كل يوم ليجد مايقرب من مائة مريض ينتظرونه؟ .. إنه لا يحمل النقود آخر اليوم في حافظة نقود .. ولكنه يحملها في كيس كبير! .. ربما لا تصدقني و لكن هناك من كان يعمل معه و أقسم لنا على ذلك .. مضت السنوات و الرجل يعيش حياة البذخ فالمال يأتي إليه بكل سهولة و بلا حساب.

- و في يوم اتصلت به زوجته التي تعيش تلك الحياة الأرستقراطية .. لتخبره بمصيبة قد حلت بدارهم .. لقد سقط ابنهم الأصغر على رأسه من أعلى المنضدة التي تقبع في وسط الصالة .. الإبن الآن لايرى .. لقد أصيب بانفصام في الشبكية .. ما الحل؟ .. حمل الطبيب المشهور ابنه وذهب إلى زميله أستاذ العيون .. الذي نصحه بأن يأخذ ابنه و يسابق الزمن بأقصى سرعة ويذهب به إلى إحدى الدول الغربية .. حزم الرجل حقيبته وحمل ابنه الأصغر و معهم زوجته و الأموال التي جمعها من عمله ليل نهار طوال السنوات الماضية .. وطار إلى ذلك البلد الغربي .. ذهب الطبيب المشهور إلى المستشفى الذي نصحه زميله بالذهاب إليه .. وبدأت رحلة العلاج وإجراء العملية المطلوبة .. مر الوقت و انقضى شهر .. طالب المستشفى الطبيب المشهور بدفع تكاليف العلاج .. ما هذا؟ .. ياله من مبلغ كبير .. لم أكن اتوقع هذا! .. إنهم يطالبونني بأكثر مما معي .. فلنحاول ان استقرض بعض المال من أحد زملائي بمصر حتى أعود .. فلأتصل به الآن .. الحمد لله لقد أقرضني زميلي المال الذي أكملت به تكاليف العلاج .. تحاول زوجته التخفيف عنه .. لا تحزن فيمكنك العمل مرة أخرى و استرجاع ما فقدناه من المال .. ويكفينا أن ابننا قد عاد له بصره .. عاد الطبيب المشهور ومعه زوجته و ابنه إلى مسكنه .. ولكنها كانت الرسالة التي أراد الله بها أن يفيق بها من غفوته .. فالحياة ليست فقط جمع مال ولا استغراق في ملذاتها و زينتها .. جلس الرجل بعد أن فقد ماله يتفكر .. ما هي رسالتي التي أتيت من أجلها إلى الدنيا؟ .. ما هي العهود و المواثيق التي أخذها علي صاحب البيت الذي استعمرني في الأرض و جعلني فيها خليفة؟ هل تلكم العهود و المواثيق هي العمل من أجل الاستحواذ على أفضل سيارة و أعرق نادي و أحسن مدرسة و أرمق وظيفة وأكثر المنازل رفاهية وأكثر الأموال عددا؟ .. ثم ماذا بعد؟ .. لقد قضيت ما يقرب من الخمسين عاما اترك معظم الصلوات لا أهتم باليتامى و لا بالفقراء و لا المساكين .. لا أعرف أحوال المسلمين من حولي و لا يهمونني بشيئ؟ .. لا أغضب لما يسخط الله عنه .. و لا أفرح لما يرضى الله عنه؟ .. النبي صلى الله عليه و سلم يقول لزوجته خديجة رضي الله عنها انتهى عهد النوم يا خديجة و أنا من اتباعه أغط في نومي من خمسين عاما .. أولادي لم أعلمهم شيئا من القرآن .. زوجتي التي تعيش حياة الارستقراطيين طوال اليوم في اجتماعات مع عضوات النادي و لا نكاد نرى بعضنا البعض .. ما أشبه حالي بصاحب الجنة .. لقد أنفق عليها كل شيئ .. ولكنها الآن لم يبقى منها شيئ؟ .. "فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها و هي خاوية على عروشها و يقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا" لقد أعطيت الدنيا كل شيئ .. ولكن الله أراد لي أن لا آخذ منها الآن شيئ .. لقد عشت لنفسي و زوجتي و أولادي فقط .. لقد رأيت بعيني رأسي .. كل شيئ في هذه الدنيا يضيع في ثوان معدودة "فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا" .. ماذا كان سيحدث لي لو أن الله أمر ملك الموت أن يقبض روحي قبل ذلك .. بماذا كنت سأجيب؟ .. هل كنت سأكون ممن قال الله فيهم "من عمل عملاً أشرك فيه أحداً غيري تركته وشركه"لقد بدأ الدكتور (............) يفيق من سكرات الغفلة وانشغاله بزينة الحياة الدنيا و يختلي بنفسه ليقرأ كتاب الله الذي هجره طويلا .. إن القرآن يقول "فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ" .. و النبي صلى الله عليه و سلم يقول "من أحب آخرته أضر بدنياه و من أحب دنياه أضر بآخرته فآثروا التي تبقى على التي تفنى" .. إن الإختيار في الإسلام و اضح وهذا هو الميثاق مع الله تعالى و هو تعبيد الدنيا لتكون مزرعة للآخرة "وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ".

و الآن .. لابد أن اتكلم مع زوجتي بما يمليه علينا كتاب الله و الذي يقول "وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ" .. لابد و أن نرجع إلى حكم الله .. و لكن كيف ابدأ مع زوجتي التي انغمست من إخمص قدميها حتى شعر رأسها في الغفلة و الانبهار بتلك الزينة الزائلة و النظر إلى مافي أيدي صويحباتها .. إن القرآن يأمرني أن أخاف على أهلي كما أخاف على نفسي فيقول"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ" .. إذن فلأنتهز الفرصة و اتحدث مع زوجتي.

استجمع الدكتور قواه و جمع أطراف أفكاره وبدأ التحدث مع زوجته امتثالا لقول الله تعالى "وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى".. فابتدأ حديثه قائلا .. لقد رأيتي يا زوجتي ماذا حدث لنا .. فكل ما جمعناه في سنوات ضاع في لحظة .. و لقد علمتي أننا كنا أبعد ما يكون العبد من ربه .. فهل لنا من عودة ليكون في صدور ابنائنا شيئا من حكمة القرآن و أن لا ننسى في خضم الحياة اليتامى و المساكين و الأرامل و الفقراء و أن نحافظ على الصلوات و أن تكوني عونا لي و أنا أكون عونا لك في هذه الحياة على اجتياز الاختبار الذي أعده الله لنا في الدنيا؟

ردت الزوجة بحدة .. ماذا تقول؟ هل حدث شيئ في عقلك؟ .. كيف لأبنائي و هم في أغلى مدارس مصر أن تأخذهم إلى الكتاتيب لحفظ القرآن .. كيف يختلطوا بأبناء الفقراء من المسلمين ذوي الملابس المهلهلة؟ .. كيف لسيدة مجتمع مثلي أن تجالس الأرامل و اليتامى و الشحاذين الذين لا يجدوا حتى ماءا ليغتسلوا به و أنا الذي اتعطر بأفخم العطور الفرنسية و ارتدي أحدث خطوط الموضة .. ألم أقل لك .. لقد جُننت؟

ابتدأ الدكتور يدافع عن نفسه و أن زوجته تغالي في الهجوم عليه و أنه لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر وهو عين ما تقوله هي الآن .. و لكن هيهات .. هل استطاع نوح عليه السلام أن يهدي زوجته و ابنه؟ .. صمت الدكتور و هو عازم أن لا يتراجع عن طريق الهدى الذي فقده لسنوات طوال .. و هاجت زوجته و هي مصممة على عدم التراجع عن طريق الغفلة التي هي فيه.

و بأسرع من البرق .. رفعت زوجته قضية .. تتهمه فيها بأنه قد اختل عقله و أنه قد جُن لبه و هي تطلب أن تحتضن الأطفال لإنقاذهم من الضياع الذي يقودهم إليه ابيهم و هو حفظ بعض القرآن وتطلب الطلاق و تمكينها من المنزل الفخم و كذلك تطلب نفقة كبيرة لها و لابنائها حسب دخل الطبيب الكبير .. و لا أدري كيف تطلب هذه المرأة التي تظن نفسها عاقلة نفقة من مختل مجنون؟ .. المهم وجد الدكتور ( ............ ) من يطرق باب عيادته ليسلمه بلاغا على يد محضر ليعلمه بالقضية المرفوعة عليه؟ .. تذكر الرجل قول الله تعالى "وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ" .. فآثر أن لا يثير أية مشاكل .. فترك البيت بكل ما فيه للزوجة التي طلبت الطلاق و للأولاد .. واستأجر شقة متواضعة بجوار عيادته .. و أرسل لها ليعطيها كل ما سألت .. و ما لبث أن رزقه الله بزوجة صالحة مسلمة أعانته على أن يكون من الدعاة إلى الله تعالى مصداقا لقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه و سلم "عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا".

قابلته بعد سنين طوال .. من رؤيتي الأولى له .. وجهه أكثر اطمئنانا و نضارة مبتسم دائما متواضع .. لم يعد الرجل يرتدي ثيابه الفخمة .. سيارته أصبحت متهالكة قديمة .. لسان حاله يقول بقول النبي صلى الله عليه و سلم حينما قال لعبد الله بن عمر "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل" .. أو كقوله "مالي أنا و الدنيا .. إنما أنا كعابر سبيل استظل بظل شجرة ثم قام و تركها" .. لقد تشبث الرجل بطريق الهداية و وجد ما لم يجده في حياته من قبل مصداقا لقول النبي صلى الله عليه و سلم "ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان .. أن يكون الله و رسوله أحب إليه مما سواهما .. و أن يحب المرأ لا يحبه إلا لله .. و أن يكره أن يعود للكفر كما يكره أن يُقذف به في النار"

كلماتي التي أختم بها موضوعي هذا أوجهها لكل فتاة مسلمة و لكل زوجة و لكل سيدة مسلمة .. اعلمي أنك ستغادرين هذه الدنيا مهما طالت بك الأيام .. ستذبلين بعد نضارة و ستفتقرين بعد غنى .. وستضغفين بعد قوة .. وتكهلين بعد شباب .. و لكنه لن يبقى لك إلا ما قدمت يداك .. فلتكن حياتك لله و زواجك لله و انجابك لله .. و موتك لله .. و الأمر إليك؟



منقول بحذافيره لا زيادة ولانقصان من منتديات اتباع المرسلين

kingstars18
01-07-2007, 13:31
شكرا لك الأخت ربانة


الدنيــا دار ممـر والآخــرة دار مقــر

عادل الثبيتي
01-07-2007, 15:25
يعطيك العافيه وبارك الله فيك وجزاك الله خيـــــــــراً ،،،

ربانة
16-07-2007, 06:33
الاستاذان

الكنج

عادل


شكرا على المرور الكريم بارك الله فيكم ورعاكم الله وجزاكم الله كل الخير