المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عذب فــرات وملح أجاج


إلكترون كمبتون
06-09-2007, 12:15
عذب فــرات وملح أجاج

بقلم الدكتور محمد السقا عيد
لقد سمّى الله تعالى ماء الأنهار والماء المختزن تحت الأرض والذي نشربه بالماء الفرات، أي المستساغ الطعم، بينما سمّى ماء البحر بالأجاج للدلالة على ملوحتهالزائدة.
يقول الله تعالى: (وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌفُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ)(فاطر12).
وسمى ماء المطر بالماء الطهور، قال تعالى :
(وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا)[الفرقان: 48.
وبذلك يكون القرآن أول كتاب يتحدث عن أنواع المياه بدقة فائقة ويعطينا تصنيفاً علمياً لها ويصنفها بما يتناسب مع درجة نقاوتها.
فالماء الذي نشربه من الأنهار والينابيع والآبار ماء عذب ومستساغ المذاق لأنه يحوي كمية من المعادن مثل الحديد الذي يجعل طعم الماء حلواً. وهذا يناسبه كلمة (فُراتاً)، و(الماء الفرات) في اللغة هو الماء المستساغ المذاق كما في المعاجم اللغوية.


الماء النازل من السماء هو ماء مقطر يمتلك خصائص التعقيم والتطهير
بينما الماء النازل من السماء هو ماء مقطر يمتلك خصائص التعقيم والتطهير وليس له طعم! لذلك وصفه البيان الإلهي بكلمة (طَهوراً).
فعندما ينزل الماء من السماء يكون طهوراً ثم يمتزج بالمعادن والأملاح في الأرض ليصبح فراتاً.
وحتى عندما يتحدث القرآن عن مياه الأنهار نجده يستخدم كلمة (فراتاً) ولا يستخدم كلمة (طَهوراً) لأن ماء النهر العذب يحتوي على كثير من المعادن المحلولة فيه(1)
يقول تعالى: (وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ) [فاطر: 12]
والسؤال الآن :لماذا أعطى الله تعالى لكل نوع من هذين النوعين صفتين:عَذْبٌفُرَات ومِلْحٌ أُجَاجٌ.؟
وما حكمة هذا التكرار في القرآن ؟
إن علماء المياه عندما يتعاملون مع الماء لايكتفون بإطلاق صفة العذوبة أو الملوحة على الماء.
فكل المياه التي نراها على الأرض سواء في الأنهار أو البحيرات أو مياه الآبارجميعها تحوي أملاحاً بنسبة لا نكاد نشعر بها، ولكنها لا تغيب عن الله تعالى وهوخالقها.
لذلك جاء البيان الإلهي بصفة ثانية وهي(فرات)أيمستساغ المذاق بسبب انحلال بعض المعادن والغازات فيه والتي تعطي الماء طعمهالمعروف. وبالمقابل نجد أن صفة(ملح)لا تكفي لوصف ماءالبحر بشكل دقيق فأتبعها الله تعالى بصفة ثانية وهي(أجاج)أي زائد عن الحد، وهذه الكلمة من فعل)تأجّج(أي زاد وبالغ كما في معاجم اللغة العربية.
ولو تأملنا حديث القرآن عن ماء البحر نجد كلمة(أجاج) للدلالة على الملوحة الزائدة فيه. والقرآن لا يكتفيبإطلاق صفة الملوحة على ماء البحر، أي لم يقل ربنا سبحانه(وهذا ملح(بل قال): وهذا ملحأجاج)لأننا من الناحية العلمية إذا قلنا إن هذا الماء يحوي أملاحاً فإنهذا لا يعني شيئاً لأن كل المياه على الأرض فيها أملاح بنسبة أو أخرى،ولذلك يجبأن نحدد نسبة الملوحة فيه،وهذا ما فعله القرآن.
هنالك شيء آخر وهو أن القرآن أول كتاب تحدث عن خاصية التطهير الموجودة في ماءالمطر أو الماء المقطر، وهذه الصفة كما قلنا لم تُستخدم في القرآن إلا مع ماء السماء.
بينما نجدكتب البشر لا تفرق بين الماء العذب والماء الطهور والماء الفرات، بينما القرآن ميز بينها ووضع كل كلمة فيمكانها الدقيق.
فسبحان الذي أحكم آيات كتابه وكلماته وكل حرف من حروفه!
والسؤال الذي نودّ أننوجهه لأولئك المشككين بإعجاز القرآن: لو كان القرآن من تأليف بشر هل استطاع التمييز بين هذهالكلمات في ذلك العصر؟
إذن نستطيع القول بأن القرآن تحدث عن مواصفات وخصائص الماء قبل أن يكتشفها علماءالفيزياء بقرون طويلة. أي أن القرآن هو أول كتاب يفرّق بين أنواع المياه، أليس هذا دليلاً مادياًعلى أن القرآن صادر من الله تبارك وتعالى؟؟(2)
بقى أن نعلم أن قطرة الماء الواحدة تحوي خمسة آلاف مليون جزيء ماء!!! فكم تحوي بحار الدنيا من هذه الجزيئات؟
__________________