تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الأساسيات البسيطة لميكانيكا الكم


relativistic
26-12-2007, 21:36
ترجمة لموضوع فى هذا الرابط . (من يفهم الانجليزية فليقرأ الموضوع الأصلى فأسلوبه أكيد أفضل)
http://www4.ncsu.edu/unity/lockers/users/f/felder/public/kenny/papers/quantum.html

ميكانيك الكم هى أحد ثورات القرن العشرين العلمية و هى أحد أقرب العلوم التى توصلت لوصف دقيق للطبيعة . و لكنها غريبة تماما . إنها تتعارض مع حسنا العام كما أنك يمكن أن تعتبرها نوع من الخيال العلمى الذى لا يمكن لعلماء جادين الأخذ به .

. سأبث إليكم الأن خبر جيد و لكننى سوف أكتب تحذيرا أيضا .

الخبر الجيد هو أنك لا يجب أن تكون فيزيائيا بارعا لكى تفهم هذه الورقة . و لكن يجب أن احذر أيضا من أن الموضوع صعب الفهم فلا تتوقع فهمه من أول مرة بل انه عليك قراءته مرات كما يجب أن تتوقف بعد كل جزء و تطمئن إلى تمام فهمه . سوف نغطى هنا أسابيع عديدة من الفيزياء الجامعية لأن ما يجعل الجامعيين يأخذون وقتا طويلا هو تعلم القيام بالعمليات الحسابية المعقدة الخاصة بالمواضيع أما نحن فعلى العكس لن نقوم بعمل أى رياضيات. أرجو أن تستمتعوا فى هذه الحلقة .

نظرة عامة - إلى أين نحن ذاهبون ؟!

قبل البدء سنقوم برسم الطريق الذى سنسلكه و سوف نعرض نظرة شاملة عن الأشياء التى تتناولها

سنتناول فيزياء القرن التاسع عشر أى الفيزياء الكلاسيكية . إياك أن تترك هذا الجزء لتذهب مباشرة إلى الجزء الشيق لأنه بلا هذا الجزء لن يكون الجزء الشيق شيقا أبدا .

- ما هو الضوء؟ و ماذا يحدث عندما تتقابل موجاته ؟ هذه النقاط تشرح لماذا نعتبر الضوء موجة كما تشرح معنى التداخل الموجى
- تجربة يونج للتداخل تعتبر اثباتا ممتازا لتنبؤات الفيزياء الكلاسيكية
- تجربة يونج باستخدام الكرات الصغيرة تظهر بوضوح الفرق بين تصرف الجسيمات و الأمواج فى التجربة .

بوصولك لهذه النقطة ستكون ملما بجزء لا بأس به من الفيزياء الكلاسيكية . ستعرف ما هى الموجة و ما هو الجسيم أو الجزئ . و ستعرف ما الفرق بينهما (خاصة بالنسبة للتداخل) و سترى أن تجربة يونج تثبت كل هذه النظريات . لن ترى الأمر سهلا و لكنه يجب أن يكون منطقيا تماما بالنسبة لك .

ما هو الضوء

أحد أهم الأسئلة فى العلوم فى الأونة الماضية كانت "ما هو الضوء؟" . بنهاية القرن الـ19 كان هذا السؤال قد أجيب بإجابة جيدة . الرياضيات " معادلات ماكسويل" تأخذ وقتا لتتعلمها و لكن الفكرة نفسها واضحة جدا.

فى نقطة ما فى المكان يوجد ما يسمى مجال كهربائى . ربما كانوا لا يعرفون تكوينه بالضبط و لكن يمكننا تحديد اتجاهه . يمكننا أن نقول أن فى هذه النقطة مجال كهربائى برؤية تأثيره على جسيم مشحون و نقول أن اتجاه هذا المجال هو الاتجاه الذى يسلكه جسيم موجب تم وضعه فى هذا المجال . هذا المجال يشير لأعلى تعنى أن الجسيم الموجب سينطلق لأعلى لو تم وضعه هنا .

يمكننا قضاء ساعات فى شرح المجال الكهربى و الجسيمات المشحونة و لكن هذا لن يكون له علاقة بموضوعنا . الشيئ المهم هنا هو أنه يمكنك تحت ظروف معينة الحصول على مجال كهربى يشير لأعلى و يمين قليلا لا تجده تماما ثم إلى اليمين قليلا تجده يشير لأسفل . أى يتذبذب كما فى الرسم

http://www.ncsu.edu/felder-public/kenny/images/quantum/waveone.gif

الخط العرضى هو احداثى المكان و ارتفاع المنحنى يدل على اتجاه المجال الكهربى و شدته . لا يوجد شيئ حقيقى يتحرك لأعلى و أسفل و لكن هذا رسم بيانى لشدة المجال و اتجاهه مع المكان . فى الحقيقة هذه الموجة ليست ساكنة و لكنها تتحرك . تخيل أنها تتحرك يمينا و أنك واقف فى طريقها فلو أنك قمت بقياس اتجاه و شدة المجال ستجده يقوى و يضعف و يغير اتجاهه بمرور الوقت .

أحد أهم انجازات الفيزياء الكلاسيكية هو تصوير الضوء كموجة من هذا النوع و شرح كل خصائصه اعتمادا على هذه الصورة له . (فى الواقع يوجد فى الضوء مجال مغناطيسى [لهذا يسمى موجة كهرومغناطيسية] و لكن ليس له علاقة بموضوعنا الأن ) . قبل المضى أكثر عليك أن تعلم أن المسافة بين قمتين متتاليتين تسمى "الطول الموجى" و موجات الضوء المختلفة لها أطوال موجية مختلفة .

عندما تلتقى موجات الضوء

ماذا يحدث عندما تتقابل موجتان ضوئيتان ؟؟ الاجابة هى أن المجالان الكهربينا يتم جمعهما . أى لو أنه فى نقطة ما يشير أحدهما لأعلى بـ3 و الأخر لأعلى بـ 5 . فالمجموع هو لأعلى بـ8 و العكس فلو أن أحدهما يشير لأعلى بـ3 و الأخر لأسفل بـ3 فانك لن تجد مجالا كهربيا فى هذه النقطة.

لو كنت رجلا عمليا ستقوم الأن و تأتى بمصابحين و توجههما لنفس الرقعة على الحائط لترى كيفية جمع الضوء . و لكن للأسف لن ترى شيئا لأن ضوء المصباح هو مجموعة كبيرة عشوائية من موجات مختلفة . و لكن تخيل أن لديك مصباحين يقومان بإطلاق موجتين (موجة من كل منهما) لهما نفس الطول الموجى و يقومان باطلاقهما فى نفس الوقت .

اعتمادا على بعد كل منهما عن الحائط يمكنك رؤية ضوء أو ظلام على حسب الفرق بين شدة المجال فى كلا الموجتين عند هذه النقطة .

فى الصورة التالية تجد موجتين متوازيتان تماما و المجال الكهربى فيهما متساوى عند كل نقطة. عندما يكون موجب فى أحدهما يكون موجب فى الأخرى فيصبح المجموع موجب عالى . و هكذا فالناتج يكون موجة أطول من الموجتين .
ضوء مع ضوء يعطى ضوء أقوى .

http://www.ncsu.edu/felder-public/kenny/images/quantum/waveadd.gif

لو كانوا غير متوازيين بالمعنى السابق (بالانجليزى اسمهم out of phase ) فعندما يشير أحدهما لأعلى سيشير الأخر لأسفل فيلغيا بعضهما و ترى ظلام
http://www.ncsu.edu/felder-public/kenny/images/quantum/wavedel.gif

هذين النوعان يسميان تداخل بناء و تداخل هدام .

نعود لمصباحينا المتميزين لو أنهما يبعدا عن الحائط بنفس المسافة فسوف تكون الموجات متساوية و ترى ضوء قوى . حرك أحدهما للخلف بمسافة تساوى نصف الطول الموجى لترى ظلام حيث أن الموجتان سيصبحا متعاكستان .

أرجو أن يبدو هذا واضحا . للأسف فإن هذه التجربة عمليا مستحيلة و لكن توماس يونج عالم مشهور تمكن من التحايل و وضع فكرة لتنفيذ التجربة اعتمادا على مصدر ضوئى واحد . و لكنه لا بد أن يصدر موجة من نوع واحد (لا تجربها بالمنزل إنها تصلح فى المعمل فقط).

تجربة الفتحات (تجربة يونج)

تسمى هذه التجربة بالفتحات و ستعرف لماذا . سنضع مصدر للضوء أمام حائط أسود و بينهما قطعة من الكرتون بحيث لا يعبر الضوء . الأن تقوم بعمل فتحة رأسية فى الكرتون بحيث يعبر بعض الضوء . السؤال : ماذا ترى على الحائط؟؟

لو أن الضوء يسير فى خطوط مستقيمة من مصدر الضوء نحو الحائط فسترى خط رأسى من الضوء . و لكن فى الواقع فان الضوء يشع للخارج (ظاهرة تشتت الضوء). و بذلك فما ستراه هو عمود من الضوء خلف الفتحة و يضعف الضوء نحو الأجناب

http://www.ncsu.edu/felder-public/kenny/images/quantum/oneslit.gif
هذه النقطة ليست غريبة و هى ليست ذات أهمية شديدة فهى فقط تثبت أن الضوء يشع للخارج . لكن ماذا لو أنك أضفت فتحة أخرى بجانب الأولى ؟؟
ربما تتوقع رؤية نفس الشكل السابق موجود مرتين ، و لكن ما تراه هو منظر جديد . ترى عواميد من الضوء بينها عواميد من الظلمة .
http://www.ncsu.edu/felder-public/kenny/images/quantum/twoslits.gif

هذا يبدو غريبا حقا . بعض الأماكن التى كانت مضيئة فى التجربة الأولى أصبحت مظلمة عندما فتحت فتحة أخرى . قم بتغطية هذه الفتحة و سترى هذه المناطق تضئ مرة أخرى . هذه النتيجة منطقية جدا فى ظل النظرية الموجية للضوء . تذكر أنه عندما تمر موجة ضوئية من احدى الفتحات تقوم بالانتشار فى كل الاتجاهات (كل فتحة تعمل كمصدر ضوئى) و هكذا فإن كل نقطة على الحائط تستقبل شعاعين ، واحدا من كل فتحة كما فى الصورة
http://www.ncsu.edu/felder-public/kenny/images/quantum/twopaths.gif

نرى هنا أن الشعاعين بدئا متساويين و لكنهما سارا مسافات مختلفة و هذا يعيدنا للشرح السابق عندما تلتقى أشعة الضوء . فلو كلا الشعاعين عند الالتقاء كانوا يشيرون معا لأعلى أو لأسفل فستكون هذه النقطة مضيئة و العكس صحيح .
الفرق بين مسار الشعاعين يختلف عند كل نقطة و بذلك فستختلف الحالة عند كل نقطة و سيختلف نوع التداخل و هذا يفسر المنظر الذى تم رؤيته.

تجربة االفتحات باستخدام الكرات الصغيرة

منذ البداية حتى الأن قمنا بتغطية جزء لا بأس منه فلا مانع فى أخذ دقيقة أو اثنين لمراجعته و التأكد من أن النتيجة فعلا منطقية .

سنعيد التجربة باستخدام كرات صغيرة مدهونة بالأبيض مثلا.

سنعيد التجربة الأولى و لكن بدلا من مصدر الضوء سنستخدم مكنة (أو مدفع) يطلق كرات صغيرة مدهونة بالأبيض لتترك صبغة على الحائط الأسود لنعرف أين ذهبت . هذا المدفع يطلق كرة تلو الأخرى . قم بعمل فتحة واحدة و انظر أبن تذهب الكرات.
المدفع يطلق كل كرة بنفس الطريقة و فى نفس مسار الكرة السابقة أى أن الكرات لا تنطلق مثل الضوء فى كل الاتجاهات و بذلك فستجد أن كل الكرات ترتطم بنفس النقطة على الحائط .

لنجعل الأمر مسليا أكثر. قف خلف المدفع و أثناء انطلاق الكرات قم بتحريك المدفع لأعلى و أسفل و يمينا و يسارا و كل الاتجاهات بسرعة (أى قم بهزه). الأن ماذا ستجد ؟؟
الكثير من الكرات لن تعبر الفتحة و لكن تلك التى ستعبر سوف ترتطم بالحائط تاركة أثرها و لكن ليس لازما أن تصل للحائط خلف الفتحة مباشرة فتذكر أن الكرات تنتطلق فى كل الاتجاهات نتيجة تحريكك المدفع . بعد أن تطلق عددا كبيرا من الكرات توقف و انظر للحائط . سترى نتيجة مشابهة لنتيجة الضوء تماما . عمود من اللون الأبيض يقل كثافة نحو الأجناب.

قم بعمل فتحة أخرى و استمر باطلاق الكرات بجميع الاتجاهات . ماذا ستجد الأن ؟؟ عواميد متبادلة ؟؟ لا ،ما ستراه هو أثر الكرات المنطلقة من الفتحة الأولى بجانب أثر تلك المنطلقة من الفتحة الثانية . الكرات تتطلق واحدة تلو الأخرى و بذلك فلن تصطدم كرتان أو ما شابه . ستجد الشكل الذى رأيته عند عمل فتحة واحدة مكرر مرتين .

http://www.ncsu.edu/felder-public/kenny/images/quantum/mmslits.gif

أنت تضيع وقتى !!!!!!!!!!

لا نحن لا نضيع الوقت فكل ما شرحناه - حتى الكرات - له أهمية فى فهمك للفيزياء الحديثة و لا بد من أن تفهم ما سبق جيدا و تتأكد من منطقيته .

ننهى هذا الجزء بتلخيص بسيط . الفيزياء الكلاسيكية قسمت كل الأشياء إلى فريقين فكل شيئ هو إما جسيم أو موجة . الموجات هى مثل الصوت و الضوء و موجات المياه . الجسيمات هى مثل الذرة و الكرة و الكوكب . ربما تجد موجات مصنوعة من حركة الجسيمات (فالصوت هو اهتزاز الهواء) و لكن بغض النظر عن ما هو تركيب الموجة ، كل من الموجة و الجسيم يتصرفون باختلاف

بعض الفروق هى :

- الجسيمات "كمية" أو " متفرقة" هذا يعنى أنها وحدات متفرقة : كرة ، كرتان ، 3 كرات ،.... إلخ . الموجات لا تأتى
فى صورة أشياء متفرقة بل هى تغير أو اضطراب عام موجود فى مساحة أو منطقة .

- شيئ أخر عن الكمية . يوجد ما يسمى "بأصغر وحدة" . لو أن لديك حفنة من الكرات و قمت بقسمها سيصبح لديك حفنتان أصغر من الكرات . و لكن لو انك استمريت فى التقسيم فستصل إلى كرات متفرقة لا يمكنك قسمها لأنها بعد قسمها لن تكون كرة . هذا يعنى أن الكرة هى أصغر وحدة ممكنة للكرات . على الناحية الأخرى يمكنك الاستمرار فى تقطيع ارتفاع الموجة و لكنها ستظل موجة .

- الموجات يمكنها أن تتداخل بنوعين اما بناء أو هدام . أما الجسيمات فنوع واحد هو البناء. 5 كرات مع 3 كرات يعطوا
8 كرات لا يمكن أن يعطوا 2 .

- بسبب الاختلاف فى طريقة جمع الجسيمات و الأمواج فإنهما يعطيان نتائج مختلفة فى تجربة الفتحتين ليونج . مع الموجات ترى نقاط مظلمة حيث تلغى الموجات بعضها . مع الجسيمات لا يوج الغاء . أنت ترى عمودين كبيرين من الدهان.

عند هذه النقطة تكون قد عرفت كل ما تحتاج عن الفيزياء الكلاسيكية . اذا لم تفهم نتيجة تجربة يونج قم بقراءة " عندما تتاقبل موجات الضوء" و افهم كيف تتداخل الموجات ثم اقرأ التجربة مرة أخرى . تأكد من أن كل النتائج منطقية حتى لو تتطلب ذلك القراءة عدة مرات.

استعد جيدا فنحن على وشك الدخول للقرن العشرين.

relativistic
26-12-2007, 21:45
إلى أين نحن ذاهبون الآن

- معلومات و ملاحظات جديدة بخصوص الضوء تؤدى الى اكتشاف الثغرات فى رؤية الفيزياء الكلاسيكية للعالم. و تقدم مفهوم "الفوتون" (جسيم الضوء)
- تجربة يونج مرة أخرى . باعادة نفس التجربة التى أثبتت نظرية الموجة للضوء و لكن باضافة مفهوم الفوتون ستجد الأمر مقلوبا رأسا على عقب . هذه هى نقطة التحول فى الورقة. لو أنك فهمت كل شيئ حتى هذه النقطة فينبغى أن تشعر بصدمة و اندهاش عند قراءة هذا الجزء لأنه سيغير مظهر الكون الذى بنيته حتى هذه النقطة .
- السير نحو نظرية جديدة . بوضع كل الأشياء معا و بتجربة بسيطة أخرى ستجد كيف و أنه من هذه النتائج يمكنك السير نحو نظرية جديدة ، مدهشة تماما ، صعبة التصديق و تبدو غير منطقية . سترى أن نظرية ميكانيك الكم لا تبدو منطقية و لكن علينا تصديقها و الموافقة عليها لأن نتائج التجارب تتطلب تلك النظرية .

فى الجزئين الأخيرين سنقوم بتلخيص شامل للموضوع .

معلومات جديدة عن الضوء

الوصف الناجح للضوء كموجة كهرومغناطيسية كان أحد انجازات الفيزياء الكلاسيكية ، بنظرية واحدة بسيطة يمكنك أن تشرح العديد من خواص الضوء و أشعة اكس و موجات الراديو ....إلخ
و لكن مع بداية القرن الجديد ظهرت تجارب جديدة بل و مشكلات نظرية أيضا لا يمكن تفسيرها ، لشرح هذه التجارب بالكامل سنأخذ ورقة أو اثنتين مثل هذه و لذلك سنناقش نتائجهم فقط .

فى 1905 وضع أينشتين فرضية جديدة تمكنت من تفسير هذه المشكلات مثل "التأثير الكهروضوئى" بل و التنبؤ بأشياء جديدة و كل هذه النتائج أثبتها عمليا روبرت ميليكان (لقد حصل أينشتين على جائزة نوبل بسبب هذه الفرضية و ليس بسبب النسبية)

الفرضية هى أن الضوء يمكن أن يعتبر كجسيمات . شعاع الضوء عبارة عن جسيمات متفرقة سماها أينشتين "فوتونات"
لو أنك فتحت مصباحا لمدة دقيقة ثم أغلقته يمكنك القول أنك أطلقت العدد س من الفوتونات .(عمليا هذا العدد كبير جدا لا يمكنك عده!) أينشتين تمكن بهذه الفرضية من شرح التأثير الكهروضوئى و كل المشاكل الأخرى بالاضافة الى شرح النتائج القديمة بطريقة جديدة .

و لكن هذه الفرضية تضعنا فى مأزق . فتجربة يونج أثبتت أن الضوء موجة لأن يظهر نمط التداخل الذى لا تتمكن الجسيمات مثل الكرات الصغيرة من اظهاره . قبل أينشتين بكثير كانت تلك التجربة حجة كافية لرفض فكرة أن الضوء مكون من جسيمات .
الأن لدينا دليل تجريبى على أن الضوء موجة "تجربة يونج" و دليل أخر على أن الضوء جسيمات "التأثير الكهروضوئى" . يمكنك أن تعتقد أن حل المشكلة هو أن الضوء موجة مكونة من جسيمات مثل موجات المياه مثلا، و لكن هذا الشرح لن يعمل كما سنشرح لاحقا . يمكنك أيضا أن تعترض لأننا لم نشرح أى دليل على النظرية الجسيمية للضوء لأننا لم نشرح التأثير الكهروضوئى مثلا . و لكننا سنقوم بعمل ما هو أفضل . سنستخدم تجربة يونج لاثبات الطبيعة الجسيمية للضوء . و لاظهار التعارضات الناتجة عن شرح الضوء كموجة و جسيمات و وسط هذه التعارضات ستظهر ميكانيكا الكم لحل هذه المشكلات كلها .

تجربة الفتحتين مرة أخرى

معظم الناس عندما يقرأون نظريات الكم لا يفهمونها أو لا يصدقونها أو الأمرين معا . لذلك سنبدأ بالتجارب قبل النظريات.
فى هذا الجزء سنعيد تجربة يونج باختلاف بسيط . استخدم مصدر ضوء خافت جدا جدا جدا . و بدلا من الحائط الأسود ضع سطح فوتوغرافى متصل بكمبيوتر . عند اجراء التجربة سيرتطم بالسطح كمية ضئيلة جدا من الضوء و لكن الكمبيوتر سيخبرك أين و متى ارتطم الضوء . و مع الوقت سيصبح السطح الفوتوغرافى مسجل لكل الضوء الذى ارتطم به .
النظرية القديمة تؤكد لك أن ما ستراه هو ضوء يرتطم بالسطح فى أعمدة معينة فى نفس الوقت لاظهار نمط التداخل المعروف . و لكن ماذا وجدنا فعلا ؟؟
لقد وجدنا أن كمية من الضوء ترتطم بالسطح فى نقطة معينة عند زمن معين . لا ترتطم كميتان فى نفس الوقت بل أن الضوء يرتطم فى كميات متفرقة فيصنع بقعة هنا و بقعة هناك بفارق زمنى ضئيل و لكن مقاس بينهم و النمط المعروف يظهر بعد ارتطام عدد كبير من كميات الضوء . هذه النتيجة تبدو مفزعة فى ضوء النظرية الموجية و لكن فى نظريتنا الجديدة هذا يبدو طبيعى . فالضوء ينطلق كجسيمات متفرقة (فوتونات لا تنقسم) الواحد تلو الأخر و يرتطم الواحد تلو الأخر ليرسم فى النهاية النمط المعروف للتداخل. و لكن كما حذرنا سابقا فالتبعيات ستكون عجيبة لو نظرت بدقة أكثر.

لنبدأ بتجربة الفتحة الواحدة، انت تطلق فوتون واحد فيعبر الفتحة و يرتطم بالشاشة دون ترك نمط معين، فقط بقعة صغيرة. بعد الكثير من الفوتونات يبدأ النمط المألوف للتجربة فى الظهور. عمود مضئ فى الوسط (حيث ارتطم الكثير من الفوتونات) يصبح أقل اضائة كلما اتجهت للأطراف (حيث ارتطم القليل من الفوتونات). إذن فالفوتونات تصرفت كجسيمات و أعطت نفس نتيجة التجربة مع الكرات الصغيرة. و لكننا نعلم أن تجربة الفتحة الواحدة تعطى نفس النتيجة مع الجسيمات و الموجات فبذلك نحن لم نستفد كثيرا هنا.

الجزء المثير يبدأ هنا،عندما نأتى لتجربة الفتحتين. مرة أخرى نرى فوتونا يرتطم فى بقعة معينة و فوتونا فى بقعة أخرى و بعد العديد من الفوتونات يبدأ النمط فى الظهور. و لكن هل هو "نمط الجسيمات" مثل الكرات أم "نمط الموجات" ؟ الاجابة هى : نمط الموجات. أعمدة مضيئة (حيث ارتطم الكثير من الفوتونات) بينها أعمدة مظلمة (حيث ارتطم القليل من الفوتونات). هذه النتيجة كانت لا بد أن تحدث لأن الفوتونات هى الضوء و هذه التجربة هى نفس التجربة القديمة فقط أبطأ (مصدر ضوئى ضعيف).

و لكن يوجد مشكلة نظرية عويصة هنا ربما تكون لاحظتها. لماذا لدينا أعمدة مظلمة؟ التفسير قديما كان أنه فى هذه النقاط يتداخل الضوء القادم من احدى الفتحتين مع الضوء القادم من الفتحة أخرى فيلغيا بعضهما هنا. هذا كان منطقيا لأن الضوء كان يتدفق باستمرار عبر الفتحتين فى النظرية الموجية. و لكن فى حالتنا لدينا فوتون واحد تلو الأخر ، كل فوتون يعر من فتحة فمع ماذا يتداخل اذا كان فى وقت عبوره من الفتحة لم يكن يعبر أى شيئ من الفتحة الأخرى.[ لهذه النتيجة لا يمكننا اعتبار الضوء كموجات المياه . الموجات تعطى نمط التداخل لأن جزئا منها (الذى عبر من الفتحة الأولى) يتداخل مع الجزء الأخر (الذى عبر من الفتحة الثانية)
لو قمت بعمل التجربة باعتبار اطلاق جسيم واحد فى المرة فلن يكون هناك شيئا ليتداخل معه.]

من فضلك توقف للحظة ، فنحن الأن فى أهم نقطة. كل شيئ يعتمد على احساسك بلا منطقية ظهور نمط التداخل مع الضوء فى ظل اعترافنا بطبيعته الجسيمية. لتفهم الأمر جيدا قم بالوقوف أمام الحائط فى تجربة الفتحة الواحدة. العديد من الفوتونات لا يعبر من الفتحة و لكن كل مدة يعبر فوتونا و يرتطم بالحائط. سيرتطم بعض منهم بوجهك مباشرة.

الأن، يأتى شخصا أخر و يفتح فتحة أخرى فى الساتر. لا شيئ أخر تغير. و لكنك فجأة بدأت تشعر بأنه لا يرتطم بك فوتونات قادمة من أى الفتحتين. لقد كنت واقفا فى منطقة عمود مظلم. لم يكن مظلما عندما كان هناك فتحة واحدة و لكنه أظلم عند عمل فتحة أخرى.

لماذا لا يرتطم بك أى فوتون؟ فهل توقفت الفوتونات عن عبور الفتحة كليا بسبب عمل فتحة أخرى؟ أم مازال هناك فوتونات تعبر و لكنهم لا يأتون عندك فقط بسبب عمل فتحة أخرى؟ التفسيرين ليسا منطقيان و لكن لا بد أن يكون أحدهما صحيح.

بدلا من محاولة تفسير الموضوع نظريا فلنلجأ لتجربة. لنضع جهاز قياس على الفتحات ليعرف من أى الفتحتين عبر الفوتون. بهذه الطريقة سنعرف اذا كان عمل فتحة جديدة قد تسبب فى تقليل مرور الفوتونات عبر الفتحة الأولى أم قام بتغيير اتجاه الفوتونات العابرة من الفتحة الأولى. ماذا وجدنا؟؟ لقد ظهر شيئا غير متوقع على الاطلاق. نمط التداخل الموجى اختفى. بدلا منه، يظهر نمط الجسيمات الذى ظهر فى تجربة الكرات - عمودين من الضوء تقل اضائتهما كلما اتجهنا للأطراف. لا أعمدة مظلمة. لا يهم كيف نقوم بالقياس، النتيجة دائما واحدة :" عندما لا نعرف من أى الفتحتين يعبر الفوتون، نرى نمط التداخل الموجى.
عندما نعرف من أى الفتحتين عبر الفوتون، لا نمط تداخل. سنناقش هذه النتيجة بالتفصيل فيما بعد. و لكن الأن يجب أن نؤكد أن هذه ليست نظرية إنما حقيقة تجريبية تم تأكيدها عدة مرات. يبدو منطقيا أو لا : قياس طريق الفوتون يؤدى إلى تغيير ما يفعله الفوتون.

ربما عليك أخذ بعض الوقت للفهم ربما يمكن أن تقرأ هذه النقطة مرة أخرى. فقط عليك التأكد من أن هذه النتائج حقيقة، هل تفهم لماذا تبدو غير منطقية؟ هل يمكنك تفسيرها؟

التطلع إلى نظرية جديدة


الفيزيائيين التجريبيين يقومون بالتجارب و يكتبون النتائج. بما أنه ليس فى وسعنا تكرار التجارب (إلا إذا كنت تملك هذه الأدوات فى منزلك) فعلينا أن نكون الفيزيائيين النظريين - نقبل النتائج، و نبحث عن تفسير.

لا بد أن نكون حذرين الأن. نحن لدينا نتائج عجيبة، و لتفسيرها سنحتاج لأفكار غريبة. قبل أن نبدأ فى وضع النظرية فلنقم بوضع ملاحظاتنا عن التجارب السابقة:
- أول ملاحظة هى أنه فيما عدا إذا حاولنا وضع أجهزة القياس فإن نتيجة التجربة التى أطلقنا فيها فوتونا تلو الأخر تبدو مطابقة للتجربة القديمة للضوء. و هكذا نضع "مبدأ التكافؤ" و الذى يقول أنك لو أخذت مجموعة من الفوتونات و قررت متابعة تصرفهم كمجموعة واحدة و ليس كل على حدة فإنك ستجدهم يتصرفون كالضوء تماما، و هذا ليس عجيبا فهذه المجموعة أصلا ضوء. بمعنى أخر فإن مبدأ التكافؤ يؤكد أن الفيزياء الكلاسيكية جيدة و تعطى توقعات صحيحة طالما أنك لا تنظر للأمور بالتفصيل أى أنها ستتوقع تصرفات الضوء(مجموعة كبيرة من الفوتونات) و لكن لن تعرف كيف يتصرف كل فوتونا منهم.
- ملاحظة أخرى ه عندما أجرينا تجربة الكرات الصغيرة اضطررنا إلى رج المدفع الذى يطلقهم لكى لا تذهب كل الكرات لنفس النقطة . و لكن فى حالة الفوتونات لم نقم بعمل أى شيئ. مصدر الضوء يقوم بعمل نفس الشيئ دائما و مع ذلك فالفوتونات تذهب لأماكن متفرقة. بالطبع لن يذهبوا كلهم إلى نفس النقطة و إلا لما تصرفوا كالضوء و لما لاحظنا نمط التداخل. هذا يدفعنا دفعا إلى أحد مبادئ الكم الأكثر تأريقا : يمكنك أن تجعل البدايات دائما ثابتة و لكنك ستحصل على نتائج مختلفة. بمعنى أخر يوجد عشوائية حقيقية فى الكون. يمكنك احصائيا أن تتوقع إلى أين سيذهب الفوتون فى الغالب (بالاعتماد على النمط الظاهر أمامك)، و ليس
إلى أين سيذهب الفوتون بالضبط.
(ربما تشكك فيما إذا كانت البدايات فعلا ثابتة فى كل مرة. ربما هناك شيئا مختلفا فى الفوتونات يجعلها تذهب لأماكن مختلفة على الرغم من أن مصدر الضوء يفعل الشيئ نفسه كل مرة بالنسبة لقياستنا (أى أنه يوجد اختلاف لا يمكن قياسه يؤدى لنتائج المختلفة) . هذا النوع يسمى نظريات "المتغير الخفى" التى تقول أنه هناك خصائص خفية فى البدايات تحدد مسار الفوتون لا يمكننا قياسها و بذلك تبدو البدايات كأنها ثابتة بالنسبة لنا و لكنها ليست كذلك. بينما تبدو هذه الفكرة جيدة فإن معظم الفيزيائيين يرفضونها لأنها لا تقدم حلولا و شروحا لبعض المواقف و أن ميكانيك الكم فعلا تتطلب مبدأ العشوائية الحقيقية)

لو أنك فهمت هذين المبدأين - التكافؤ و العشوائية- يمكن أن تبدأ فى تجميع الأمور. تخيل لو رميت قطعة نرد. قطعة نرد واحدة لا يمكن توقع ما تظهره.ربما 1 أو 6 أو 3، من يعلم؟ و لكنك لو رميت مليون قطعة فإنك يمكنك أن تتأكد من أنك لو حسبت متوسط الأرقام التى ستظهر (جمعتهم و قسمتهم على مليون) فسيكون المتوسط 3.5 (و هو متوسط الأرقام الموجودة على الزهر). هكذا يقول مبدأ التكافؤ أن الفيزياء الكلاسيكية نجحت لأنها كانت تتعامل مع خصائص مجموعات كبيرة من الأشياء (فوتونات ، نرد) و تضع توقعات صحيحة. و لكن هذه القواعد لا تسرى على كل جسيم منفردا الذى يمكن أن يتبع قواعد مختلفة.

فى النفس الوقت علينا أن نؤكد مرة أخرى، مثال النرد هو للتبسيط فإنه يوجد فروق جوهرية ين عشوائية النرد و عشوائية الفوتون. رمى النرد ليس فعلا عشوائيا، فلو إنك علمت كل شيئ عن وزن النرد و توزيع الوزن و زاوية اطلاقها... إلخ فإنه يمكنك التنبؤ جيدا بمسارها و الرقم الذى سيظهر. أما مع الفوتون فلا يهم قدر ما تعرف عن الأوضاع البدائية : لأنه حتى فى وجود بدايات ثابتة تحدث نتائج مختلفة. (بالطبع النرد مكونة من ملايين الجسيمات الصغيرة التى تتبع عشوائية الكم و لكن لأنهم بالملايين فيمكن للقوانين الكلاسيكية التنبؤ بالتصرف العام لقطعة النرد).

حسنا، لنعد مرة أخرى لتجاربنا، ما هى الملحوظات الأخرى؟ أحد الأشياء الأكثر غرابة هى أنه عمل فتحة ثانية أحدث تغييرا فى الفوتونات التى تخرج من الفتحة الأولى. يبدو أنه من المستحيل أن نتجنب فرض أنه عندما يعبر الفوتون من الفتحة الأولى فإن شيئا ما يعبر من الفتحة الثانية و يتداخل معه. فى الواقع طالما أننا نحصل على نمط تداخل موجى ، فإنه من المنطقى أن موجة ما تعبر من الفتحتين و تتداخل مع نفسها. و لكن أى موجة؟ لا يمكن أن تكون موجة الضوء - لقد أطلقنا فوتونا واحدا و هو لا يمكنه أن ينقسم ليعبر من الفتحتين. لو أن الفوتون كان يسير باستمرار من الفتحتين (التصور القديم للضوء) لكان له أن يرتطم بعدة نقاط على الحائط فى نفس الوقت . و لكن بما أننا فى تجربتنا مستخدمين اللوح الفوتوغرافى لاحظنا ارتطاما بنقطة واحدة فى الوقت الواحد فإنه يبدو أنه يوجد نوع أخر من الموجات يتدخل هنا. نوع يعبر من الفتحتين عندما يكون هناك فوتونا واحدا يعبر من فتحة واحدة.

أخيرا، ملاحظة أخيرة و هى : عندما تقيس من أى فتحة يعبر الفوتون فإن النتيجة تتغير. يمكنك أن تقيس بالعديد من الطرق و سيظل نمط التداخل مختفيا طالما أنك تحاول أن تقيس من أى فتحة يعبر الفوتون. "القياس يؤثر على النتيجة"

هذه النقطة مهمة و تخالف منطقنا العام عن العالم. فى الفيزياء الكلاسيكية من المفترض أن تحدث الأشياء بنفس الطريقة سواء نظرت لها أو لا. بالطبع يمكنك أن تعطل ما تقيسه لو استخدمت وسيلة غير مناسبة كاستخدام عصا لتحديد موقع كرة البينج بونج أثناء حركتها مثلا. و لكنك لو كنت معتنيا كفاية فبامكانك قياس الأشياء دون التأثير عليها كقياس سرعة السيارة بالرادار. فى تجربتنا فإنه لا يوجد طريقة نظيفة للقياس أو لابعاد الشخص عن التجربة فمجرد حقيقة ارادتك لاجراء القياس فإن نمط التداخل يختفى.

النظرية النهائية : تفسير كوبنهاجن



اجلس الأن و استرخى قليلا. أين نحن؟ لقد ناقشنا نتائج 3 تجارب باطلااق فوتون تلو الأخر . فتحة واحدة ثم فتحتان ثم فتحتان مع وضع جهاز القياس. و لقد وضعنا بعض الملحوظات عنهم لنفهمهم جيدا . و الأن حان وقت وضع كل الأمور معا فى نظرية كاملة تشرح كل هذا.
تفسير كوبنهاجن الذى وضعه نيلز بور هو أفضل النظريات الموجودة. يوجد عدة تفسيرات أخرى كلها مشابهة تماما له من الناحية العلمية و لكن هو أفضلهم هنا للشرح.

لقد اتفقنا توا أنه يوجد نوع أخر من الموجات هنا. لا يمكننا أن نعرف بالضبط ما هى و لكن يمكننا عمل خطوة أخرى و هى اعطائها اسما. نسميها "دالة موجية" و نرمز لها بالحرف اللاتينى "psi" (ينطق ساى . عفوا لن يمكننا كتابته هنا لأن فونتات المنتدى لا تسمح و لكنه سيكون موجودا فى النسخة الـpdf )

عندما تفتح مصدرك الضوئى فإن ما تطلقه هو موجة ساى (دالة موجية). إنها ليست عشوائية بل تسير بالضبط تبعا لقوانين حركة الموجات حيث تسير فى كل الاتجاهات و تتداخل و كل هذا...إلخ. تبعا لتفسير كوبنهاجن فإن موجة ساى تحدد احتمال وجود الفوتون فى نقطة محددة. إذن ففى هذه المرحلة يبدو السؤال " أين الفوتون؟" لا جواب له. يوجد فقط موجة احتمالية له.

فى نظر الرياضيات يمكننا أن نعبر عن موجة ساى برسم مشابه لذلك الذى استخدمناه للضوء.و لكن لا بد أن تتذكر أن الرسم هنا له معنى مختلف عن رسم الضوء. فالارتفاع فى رسم الضوء كان يمثل شدة المجال الكهربى. فى موجة ساى فهو يمثل احتمال وجد الجسم فى نقطة ما كما فى الرسم

http://www.ncsu.edu/felder-public/kenny/images/quantum/psiwave.gif

حتى تقوم بالنظر لتعرف أين الفوتون، فالفوتون ليس موجودا فى مكان معين و لكنه موزع حسب موجته الاحتمالية فى المكان أى أن له احتمال وجود أكبر فى بعض النقاط عن الأخرى. إذن فالتداخل يعمل تماما كما تعودنا. فى التداخل البناء تجتمع مناطق الاحتمال العالى لتعطى منطقة ذات احتمال اعلى

http://www.ncsu.edu/felder-public/kenny/images/quantum/waveadd.gif

فى التداخل الهدام تلغى الموجات بعضها

http://www.ncsu.edu/felder-public/kenny/images/quantum/wavedel.gif

بعد ذلك ستأتى أنت لتقيس مكان الفوتون (عن طريق رؤية سقوطه على اللوحة السوداء)"لا يمكن أن تكون نتيجة القياس (ممكن هنا أو هناك)" القياس دائما يعطى نتيجة .إذن فالقياس يجبر الفوتون على الاختيار -على اساس توزيع احتمالات وجوده- المكان الذى يتواجد به عند القياس. بالمعنى الفيزيائى فإن قياسك يؤثر على الدالة الموجية التى كانت منتشرة فى المكان لتتركز فى نقطة معينة (حيث سترى الفوتون)

إذن كيف تنطبق هذه النظرية على تجاربنا؟ أولا دعنا نلقى نظرى على تجربة الفتحتين . أنت تطلق فوتونا. موجة ساى تخرج من مصدر الضوء ثم تمر عبر الفتحتين ثم تسقط على اللوح الفوتوغرافى بنمط هو نفس نمط التداخل الموجى (لأنها موجة) فيما عدا أنه نمط توزيع احتمالات بدلا من نمط ضوئى . على اللوح (الحساس للفوتونات) يتم قياس الفوتون. على الفوتون اختيار أين يرتطم . بالطبع الكثير من الفوتونات تختار الأماكن ذات الاحتمالات العالية و القليل يختار أماكن الاحتمالات المنخفضة و لا فوتونات تختار اماكن الاحتمال الصفرى و لهذا السبب نرى نمط التداخل الضوئى.

عندما نضع أجهزة قياس فى الفتحات فنحن نؤثر على الدالة الموجية مبكرا . نجبر الفوتون على أن يختار من أى الفتحتين يعبر: تصبح الاحتمالات احتمالين ، أحدهما " سيعبر بالتأكيد" و الأخر " لن يعبر من هذه الفتحة بالتأكيد" و بهذا يصبح هناك شعاعا واحدا و لا يوجد تداخل.

خذ بعض الوقت لتفهم هذا . حاول أن تقتنع بأن نظرية كوبنهاجن تفسر تجاربنا . و لأن موجات ساى هى موجات مثل موجات الضوء فإنها تتبع مبدأ التكافؤ : " فى قياس الكميات الكبيرة فإن ميكانيك الكم و الفيزياء الكلاسيكية يعطيان نفس النتائج".

تجربة أخرى


الأن أنت تعلم الكثير عن الضوء . و لكن علينا أن نوفى بما وعدنا به فى البداية فى تعريف الكم " أقرب العلوم فى وصف الطبيعة". فماذا عن كل الأشياء التى ليست ضوء مثل الكرات و الالكترونات و أنت و أنا؟ هل تفيد الكم فى هذه الأشياء؟

لاجابة هذا سنقوم بتجربة أخرى جديدة . بالطبع هى تجربة الفتحتين و لكن بشئ جديد. بدلا من الضوء فسنستخدم مدفع الكترونات .و بدل الحائط سنضع جهاز يحس بالاكترونات و يعرف متى و أين ارتطم الالكترون. و سنطلقهم واحدا تلو الأخر كما فعلنا مع الضوء و الكرات . (بالطبع العلماء يستخدمون تجارب أخرى و لكن هذه سهلة و تفى بغرضنا هنا)

ماذا وجدنا؟ بالطبع أنت تعتقد أننا سنرى نمط الجسيمات المميز حيث قعة كبيرة من الالكترونات خلف كل فتحة بدون تداخل لأن الاكترونات مثل الكرات كلهم جسيمات. بعد عشرون عاما من فرضية أينشتين بامتلاك الضوء خصائص جسيمية، ظهر طالب فرنسى متخرج اسمه لويس دبرولى و أقر أن كل الجسيمات لها دالة موجية . لو أن هذا حقيقى فإن الدالة الموجية للالكترونات لا بد أن تتصرف كالدالة الموجية للضوء و نرى نمط التداخل.

يمكنك أن تخمن الأن أن هذا ما وجدناه فعلا .دبرولى حصل على الدكتوراه فى هذا الموضوع و بعد 5 أعوام حصل على جائزة نوبل لهذا الاكتشاف. و بالفعل تم اكتشاف أن كل الأشياء تفعل هذا التداخل. الالكترون ، البروتون ، حتى الذرات كاملة . ولكن ما تم ملاحظته أنه كلما كبر حجم الجسيم اقتربت الأعمدة لبعضه البعض (أعمدة التداخل على الحائط) . هذا يعنى أن ملاحظة نمط التداخل مع الذرات أصعب من الالكترونات .و مع الكرات تقترب جدا لدرجة أنهم يظهرون كبقعة كبيرة (و لهذا سبب). هذا مرة أخرى يقودنا لمبدأ التكافؤ : قياس الأشياء الكبيرة سيعطى نتائج كلاسيكية.
(فى الواقع الأعمدة فى الالكترونات و الذرات قريبة جدا أصلا بحيث أن ملاحظتها مستحيلة و لكن العلماء استخدموا تجارب أخرى كدليل على الخصائص الموجية للجسيمات لن نشرحها هنا لأنها تعطى نتائج موجية تماما كما فعلت تجربة الفتحتين)

إذن، أين نحن الأن ؟


لدينا الأن نظرية تفسر نتيجة تجاربنا مثل تجربة الفتحتين مع الضوء و الالكترونات و الذرات و الكرات . فى الواقع تم اجراء آلاف التجارب منذ ظهور ميكانيك الكم و كلها أيدت صحة هذه النظرية . إنها تشرح كل شيئ . (التفاصيل المعقدة تم تعديلها قليلا بعد نظرية كوبنهاجن و لكن المبادئ الأساسية التى ذكرناها هنا ظلت كما هى)

و لكن النظرية بالطبع أدت إلى تساؤلات مدهشة:

*ما هى هذه " الساى" على أية حال؟ ما معنى قول " موجات احتمالات" تسير فى المكان و تتداخل مع بعضها و فجأة تنكمش لنقطة مؤكدة؟
*ما معنى كلمة " نقيسه" ؟ بالطبع فإن الفوتون يتفاعل مع العديد من الأشياء فى طريقه إلى الحائط ، و لكنه لا يعتبرهم "قياسات" و فى نفس الوقت فإن القياس لا يتطلب وجود شخص ، يمكنك أن تضع جهاز القياس على الفتحات فقط دون وجود أشخاص و مع ذلك سيختفى التداخل . فما هى الأشيء التى تعتبر قياسات و تؤثر فى الدالة الموجية؟
*عندما تضع جهاز قياس فى فتحة واحدة ؟ فكيف تعرف الموجة التى تعبر فى الفتحة الأخرى أن عليها أن تختار و تنكمش؟
*ألا يوجد تفسير أخر يفسر كل التجارب و لكنه يكون أكثر منطقية؟

الأسئلة الثلاث الأولى لا جواب لهم ، على الرغم من وجود بعض الأبحاث على السؤال الثانى. اجابة السؤال الرابع تبدو "لا" . ظهرت بعض التفسيرات الأخرى و لكنها خاطئة و غير منطقية أيضا . لذلك فلا يوجد طريقة تبدو لنا منطقية مما يأتى بنا إلى ...

بعض الكلام عن المنطق و الحس العام

لا أحد فعلا يفهم هذا الكلام ولا مدرسك الفيزيائى و لا ستيفن هوكنج و لا نحن بالطبع . لا أحد يعلم ما هى ساى .
ولكن لا بد أن تعود نفسك عليها ، اخترع مواقف و تجارب نظرية و انظر ماذا تفعل الكم فيها.
هذا مثال وضعه أحد علماء الكم " اروين شرودنجر". تخيل أننا أقمنا تجربة باستخدام جسيم معين صغير كفاية لينطبق عليه نتائج الكم . هذا الجسيم لديه احتمال 50% أن يتحلل بعد ساعة. الجسيم فى صندوق و أنت لا تنظر إليه. بعد ساعة ما هو الحال؟؟ كلاسيكيا ستقول أن الجسيم اما تحلل أو لا و انك ستعرف عندما تنظر. كميا ستقول أن الجسيم فى حالة غير محددة . دالته الموجية تقول ربما موجود و ربما تحلل و انها لن تقرر الحال إلا عندما تنظر أنت. الجملتان تبدوان متشباهتان و لكنهما مختلفتان. لنوضح الفرق سنضع قطة مع الجسيم مع جهاز سيقتل القطة اذا تحلل الجسيم . الأن هل القطة فى حالة "ربما ميتة و ربما حية" حتى تنظر أنت؟

ربما ترى أنه كلام لا معنى له ، ربما تقول: قول " القطة نصف حية نصف ميتة حتى نقيس ذلك" هو أسلوب أخر لقول " القطة إما حية و إما ميتة و لكننا لن نعرف حتى ننظر". و لكن تذكر كلامنا عن الساى. الكم تقول أن الجملتان مختلفتان و أن الجملة المنطقية " القطة إما حية أو ميت و لن نعرف حتى ننظر" خاطئة . فالفوتون ليس موجودا فى مكان ما حتى نقوم بقياسه . و كذلك القطة ليست ميتة أو حية حتى ننظر (الساى ستقرر عندما تقاس فقط)

يبدو أنه كلام غير منطقى أليس كذلك ؟ و لكن بعض العلماء يقولون أنه "لماذا عليها أن تكون منطقية" البشر نشأوا فى عالم معين يرون أجسام طبيعية و قد استخرجوا منطقهم من العالم الذى يعيشون فيه . و لكن هذا المنطق حتما ليس عليه أن ينطبق فى الأماكن التى لم يعيشوا فيها. ميكانيك الكم تعطى نتائج مذهلة فقط عند تطبيقها على المقاسات الصغيرة جدا التى لا نراها أصلا و لهذا تبدو غير منطقية.

عندما بدأت الكم تؤكد أن الأشياء الصغيرة لا تتبع منطقنا فإن أينشتين وضع النسبية الخاصة التى أكدت أن الأشياء السريعة جدا لا تتبع منطقنا
http://www.ncsu.edu/felder-public/ke...elativity.html

ثم النسبية العامة التى أوضحت أن الأشياء الكبيرة جدا لا تتبع منطقنا. يبدو أنه كلما مر الوقت يتضح أن الطريقة الوحيدة لفهم العالم هى تطبيق الرياضيات و التوقف عن محاولة تخيل ما الذى يحدث فعلا.

و لكن بعضنا مازال يحاول الفهم على أية حال. و هذا أحد الأسباب لكتابتنا هذه الورقة .

كينى فلدر ، جارى فلدر (كاتبى الورقة)

mysterious_man
27-12-2007, 23:40
جزاك الله خيراً طبيب المستقبل relativistic العبقري في الفيزياء الحديثة ونفع بك أمة الإسلام

relativistic
28-12-2007, 14:36
جزاك الله خيراً طبيب المستقبل relativistic العبقري في الفيزياء الحديثة ونفع بك أمة الإسلام

أشكرك أخى العزيز على هذا الرد الجميل

omar_3f
28-12-2007, 20:07
فعلا موضوع هام جدا
جزاك الله خيرا relativistic

le physicien
21-01-2008, 00:21
بارك الله فيك ويعطيك العافية, موضوع جميل بأسلوب بسيط وشيق
مشكووووووووووووووووووووووووووووووووووووووور

le physicien
21-01-2008, 00:55
أرجو تثبيت الموضوع لأهميته البالغة, شكرا

سيد الاحسااااس
23-05-2008, 16:05
بارك الله فيك موضوعك رائع

kingstars18
23-05-2008, 20:23
بارك الله فيك وجزيت خيرا،،

ماكسويل2008
25-05-2008, 10:39
بارك الله فيك وجزيت خيرا،،

رمز الوفاء 2010
30-06-2008, 10:59
يعطيك العافية

العالم فاراداي
02-07-2008, 00:42
بارك الله فيك

الأستاذ المحاضر
12-08-2008, 14:07
جزاك الله كل خير

البيلسان2010
15-03-2009, 04:14
بارك الله فيك

k..s..a
17-03-2009, 21:21
بارك الله فيك وجزاك خيرا