تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تناغم المسلم مع الكون


mysterious_man
26-05-2008, 22:40
السلام عليكم
قال الله تعالى في سورة النساء آية 103
إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتاً
صدق الله العظيم
تأملت في معنى "كتاباً موقوتاً" فقلت في نفسي "على أي ميقات نؤقت صلواتنا؟" فوجدت أننا نؤقت لصلواتنا حسب أطوار الشمس من خلال اليوم
وقال تعالى في سورة البقرة آية 183
يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون
صدق الله العظيم
فتأملت من أين لنا معرفة ميقات شهر رمضان الذي نصومه, فوجدت الإجابة في أننا نستعين بالقمر وأطواره لمعرفة الشهور عامة ورمضان خاصة.
ثم وجدت قوله تعالى في سورة البقرة آية 203
واذكروا الله في ايام معدودات فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ومن تاخر فلا اثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا انكم اليه تحشرون
صدق الله العظيم
فوجدت أننا نعلم ميقات الحج إلى بيت الله العتيق من القمر كما قال تعالى في سورة يونس آية 5
هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك الا بالحق يفصل الايات لقوم يعلمون
صدق الله العظيم

وأيضاً وجدت نفس المبدأ منطبقاً على الزكاة, هذه العبادة الهامة التي نخرج أموالنا فيها تزكية لأنفسنا بعد مرور عام قمري كامل على نصاب أموالنا .... وها هنا تظهر حركة القمر في فلكه من جديد في تناغم مع عبادة الزكاة

ثم تأملت في الشمس والقمر والنجوم والمجرات والكون بأسره من أكبر مجرة لأصغر جسيم أولى فوجدته يسبح طائعاً لله باتباع قوانينه ساجداً له معترفاً بفضله
قال تعالى في سورة الحج آية 18
الم تر ان الله يسجد له من في السماوات ومن في الارض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم ان الله يفعل ما يشاء
صدق الله العظيم
ففكرت ملياً في علاقة الإنسان بالكون من حوله وعلاقتهما معاً بالله عز وجل فوجدت الإنسان نوعين

1- نوع طائع لربه متبع لأمره فهو في تناغم مع الكون من حوله يحمد الله على تسخير الكون له يفرح بالكون كما يفرح الكون به!! نعم فالكون منسجم معه يراه جزءاً منه صديقاً له لأنهما يعبدان الله معاً وحتى في نفس الأوقات !! فالمسلم يعبد الله مع عبادة الشمس له (الصلاة) ويعبد ربه مع عبادة القمر لله (الصيام والحج والزكاة) . وبهذا يكون المسلم معززاً مكرماً في كون الله الذي سخره لأجله يحس بأنه في قصره الرحب الجميل

2- نوع غير طائع لله أراد بحريته التي منحها الله له أن يعصي ربه فكان بهذه المعصية نشازاً في الكون يعاف الكون من حوله ولا يتأمل فيه ولا يتفكر في حسنه وحسن خلقته كما يعافه الكون من حوله فيود لو أن له الحول والقوة لطرد هذا الناشز عن نغم عبادته الجميل خارجه ليقول له "لا مكان لك بيننا فنحن جميعاً نعبد الله الفرد الصمد" . وبهذا يحس الغير مسلم بالضعة والهوان ويحس أنه نقطة مهينة في وسط كون فسيح لا يلتفت إليه ولا يهتم به. في وسط كون لم يُخلق لأجل الحياة (من وجهة نظر الكافر) بل خُلق معادياً للحياة غير مهيئ لها.

الاستنتاج
كن كريما بانسجامك مع الكون من حولك في طاعة الله لتكون في سعادة وحب مع نفسك ومع الكون من حولك ومع الله فائزاً فوزاً عظيماً في الفردوس الأعلى من الجنة ولا تكون مهينا وضيعاً بنشوزك عاصياً لله معلنا حربك على من أكرمك بإيجادك من عدم .... خاسراً خسراناً مبيناً في دار القرار

والله أعلم

هوائية
27-05-2008, 01:09
سلمت يداك أخي أحمد


مقدمات لا بد لها من نتيجة واحدة
عبرت عنها بقولك

"كن كريما بانسجامك مع الكون من حولك في طاعة الله لتكون في سعادة وحب مع نفسك ومع الكون من حولك ومع الله فائزاً فوزاً عظيماً في الفردوس الأعلى من الجنة ولا تكون مهينا وضيعاً بنشوزك عاصياً لله معلنا حربك على من أكرمك بإيجادك من عدم .... خاسراً خسراناً مبيناً في دار القرار
"

كلمات رائعة و صادقة و حكيمة ذكرتني فورا بكلمات حكيمة خرجت من نفس المشكاة عبر عنها سيد قطب حين قال


"والله الذي خلق هذا الوجود وخلق الإنسان ، والذي أخضع الإنسان لنواميسه التي أخضع لها الوجود الكوني . . هو - سبحانه - الذي سن للإنسان " شريعة " لتنظيم حياته الإرادية تنظيماً متناسقاً مع حياته الطبيعية . فالشريعة - على هذا الأساس - إن هي إلا قطاع من الناموس الإلهي العام الذي يحكم فطرة الإنسان ، وفطرة الوجود العام ، وينسقها كلها جملة واحدة .
وما من كلمة من كلمات الله ، ولا أمر ولا نهي ، ولا وعد ولا وعيد ، ولا تشريع ولا توجيه . . . إلا هي شطر من الناموس العام . وصادقة في ذاتها صدق القوانين التي نسميها القوانين الطبيعية - أي القوانين الإلهية الكونية - التي نراها تتحقق في كل لحظة ، بحكم ما في طبيعتها من حق أزلي أودعه الله فيها ، وهي تتحقق بقدر الله .
و " الشريعة " التي سنّها الله لتنظيم حياة البشر هي - من ثم - شريعة كونية . بمعنى أنها متصلة بناموس الكون العام ، ومتناسقة معه . . ومن ثم فإن الالتزام بها ناشئ من ضرورة تحقيق التناسق بين الحياة والإنسان ، وحركة الكون الذي يعيش فيه . . بل من ضرورة تحقيق التناسق بين القوانين التي تحكم فطرة البشر المضمرة والقوانين التي تحكم حياتهم الظاهرة . وضرورة الالتئام بين الشخصية المضمرة والشخصية الظاهرة للإنسان . .
ولما كان البشر لا يملكون أن يدركوا جميع السنن الكونية ، ولا أن يحيطوا بأطراف الناموس العام - ولا حتى بهذا الذي يحكم فطرتهم ذاتها ويخضعهم له - رضوا أم أبوا - فإنهم - من ثم - لا يملكون أن يشرعوا لحياة البشر نظاماً يتحقق به التناسق المطلق بين حياة الناس وحركة الكون ، ولا حتى التناسق بين فطرتهم المضمرة وحياتهم الظاهرة . إنما يملك هذا خالق الكون وخالق البشر ، ومدبر أمره وأمرهم ، وفق الناموس الواحد الذي أختاره وارتضاه .
وكذلك يصبح العمل بشريعة الله واجباً لتحقيق ذلك التناسق . . وذلك فوق وجوبه لتحقق الإسلام اعتقاداً . فلا وجود للإسلام في حياة فرد أ وحياة جماعة ، إلا بإخلاص العبودية لله وحده ، وبالتلقي في كيفية هذه العبودية عن رسول الله وحده ، تحقيقاً لمدلول ركن الإسلام الأول : شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله .
وفي تحقيق التناسق المطلق بين حياة البشر وناموس الكون كل الخير للبشر ، كما فيه الصيانة للحياة من الفساد . . إنهم - في هذه الحالة وحدها - يعيشون في سلام من أنفسهم . . فأما السلام مع الكون فينشأ من تطابق حركتهم مع حركة الكون ، وتطابق اتجاههم مع اتجاهه . . وأما السلام مع أنفسهم فينشأ من توافق حركتهم مع دوافع فطرتهم الصحيحة ، فلا تقوم المعركة بين المرء وفطرته ، لأن شريعة الله تنسق بين الحركة الظاهرة والفطرة المضمرة ، في يسر وهدوء . . وينشأ عن هذا التنسيق تنسيق آخر في ارتباط الناس ونشاطهم العام ، لأنهم جميعاً يسلكون حينئذ وفق منهج موحد ، هو طرف من الناموس الكوني العام .

ومن ثمّ توحد النظرة الإسلامية بين الحق الذي يقوم عليه هذا الدين ، والحق الذي تقوم عليه السموات والأرض .

وفطرة الإنسان تدرك هذا الحق في أعماقها . فطبيعة تكوينه وطبيعة هذا الكون كله من حوله توحي إلى فطرته بأن هذا الوجود قائم على الحق ، وأن الحق أصيل فيه ، وأنه ثابت على الناموس ، لا يضطرب ، ولا تتفرق به السبل ، ولا تختلف دورته . ولا يصطدم بعضه ببعض ، ولا يسير وفق المصادفة العابرة والفلتة الشاردة . ولا وفق الهوى المتقلب والرغبة الجامحة ! إنما يمضي في نظامه الدقيق المحكم المقدر تقديراً . . ومن ثم يقع الشقاق - أول ما يقع - بين الإنسان وفطرته عندما يحيد عن الحق الكامن في أعماقها ، تحت تأثير هواه ، وذلك عندما يتخذ شريعة لحياته مستمدة من هذا الهوى لا من شريعة الله ، وعندما لا يستسلم لله استسلام هذا الوجود الكوني الخاضع لمولاه !
ومثل هذا الشقاق يقع بين الأفراد والجماعات والأمم والأجيال ، كما يقم بين البشر والكون من حولهم ، فتنقلب قواه وذخائره وسائل تدمير وأسباب شقاء ، بدلاً من أن تكون وسائل عمران وأسباب سعادة لبني الإنسان .

وإذن فإن الهدف الظاهر من قيام شريعة الله في الأرض ليس مجرد العمل للآخرة . فالدنيا والآخرة معاً مرحلتان متكاملتان ، وشريعة الله هي التي تنسق بين المرحلتين في حياة هذا الإنسان . تنسق الحياة كلها مع الناموس الإلهي العام .
والتناسق مع الناموس لا يؤجْل سعادة الناس إلى الآخرة ، بل يجعلها واقعة ومتحققة في المرحلة الأولى كذلك ، ثم تتم وتبلغ كمالها في الدار الآخرة .

سيد قطب




سبحان الله
باركك الله أخي و جزاك خير الجزاء و زادك و أفاض عليك من نوره
و كرمه
""

ربانة
27-05-2008, 01:09
ابدعت قراءة لهذا التناغم فعلا

سبرك منتهى الروعة وزاك الله علماً على علم فلقد امتعتنا بهذه الصوره

جزاك الله كل الخير على الرؤية لتناغم الكون

ولا انسى قطوف استاذتنا الرائعة قطوف دانية فريدة عودتنا بها من روائع الشيخ سيد قطب يرحمه الله

فتربت يداكما استاذايا القديران على هذه الفكرة التنويرية في موضوعاتكم التي دوما تتحفنا بها

جزاكم الله كل الخير

البالود
27-05-2008, 01:18
رائع أيها الرائع
موضوع جميل


mysterious_man
سلمت أناملك

لك خالص ودي وتقديري

mysterious_man
27-05-2008, 04:13
أستاذة هوائية
.
.
.
أستاذة ربانة
.
.
.
أستاذ البالود

لا أملك إلا أن أقول اكم جزاكم الله خيراً على التفاعل الرائع مع الموضوع
وجزى الله خيراً استاذة هوائية على النقل الرائع من العقل الرائع والروح السمية التى علت على وضاعة الطاغوت والصلف البشري ... عقل وروح الشهيد (نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحداً) الكاتب المفكر العملاق سيد قطب رحمه الله وجعل الجنة مثواه

رمز الوفاء 2010
27-05-2008, 16:49
بارك الله فيك

عادل الثبيتي
27-05-2008, 18:13
يعطيك العافيه وبارك الله فيك وجزاك الله خيــــــــــــــــراً ،،،

ام ياسر
27-05-2008, 19:03
بارك الله فيك وجزاك الله خير الجزاء