المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ( عمالقة الأعمال الهندسية )


ياسمين
06-07-2008, 19:00
السدود
إن استثمار الثروات المائية التي تجري في الوديان ، يقتضي في المقام الأول تنظيم جريان هذه المياه في وديانها .
وتختلف شدة جريان الماء في الوادي خلال العام تبعاً لكميات الأمطار المتفاوتة بين فصول السنة ، وتبعاً لكميات الجليد والثلوج في الأعالي التي تذوب فتغذي المجرى . لذلك كان لابد لتنظيم هذا الجريان المائي ، من إنشاء حواجز وسدود عبر الوادي ، تعترض الجريان وتُوقفُه ،
وتجمع المياه المتدفقة في بُحيرة صناعية .
وتمتلئ هذه البحيرات خلال موسم الفيضان وفي الشتاء ، وتُفرغ في مواسم الجفاف ، ضامنة جرياناً مستمراً وثابتاً للمياه .
وعلى هذا فإن إنشاء سد على مجرى مائي كبير غزير ، يمكن أن يشكل خلفه بحيرة كبيرة تضاهي بحجمها أكبر البحيرات الطبيعية . وقد يصل طول بعض البحيرات إلى عشرات الكيلومترات . ويمكن استخدام مياه السد للري خلال الصيف ومواسم الجفاف ، كما يمكن استخدامها في تدوير العنفات (التوربينات ) الكبيرة المُولدة للكهرباء .

http://up101.arabsh.com/my/d852b0a.jpg

إن إنشاء السدود الكبيرة على مجاري المياه العظيمة يعد من الأعمال الهندسية الجبارة ، ليس ذلك لضخامة حجم السد المُنشئ فحسب ، بل للضغوط الهائلة التي على السد أن يًجابهها ويكبحها ، كضغط الماء الكبير في البحيرة المتكونة خلف السد ، وأحياناً لمجابهة ضغط الجدران الصخرية للجبال على طرفي السد .
كيفية إنشاء السدود
إن شكل كل سد ونوعه يتوقفان على عدد من العوامل : منها شكل الوادي ، ونوع الصخر الذي سينشأ عليه السد ، وحجم الماء الذي على السد أن يحجزه ، ودرجات الحرارة المتفاوتة التي سيتعرض لها جسم السد . لذا نجد أن كل سد هو مُنشأة متفردة بصفاتها ، حتى إنه ليتعذر أن نجد سدين متماثلين كل التماثل . ومع ذلك فهناك عوامل مشتركة في إنشاء السدود .
http://up101.arabsh.com/my/db2bf4c.jpg
يعطي الشكل فكرة عامة عن إنشاء السدود . لنفرض أننا قطعنا جسم السد بمستوى عمودي على الجسم نفسه ومواز لمحور جريان الماء . ولو فعلنا ذلك لحصلنا على المقاطع ( آ آ آ آ ) .
ويظهر هذا المقطع أن جسم السد تزداد ثخانته مع العمق ، وأنه يبدأ بعرض مُعين في الأعلى ، ثم يزداد العرض في الأسفل ،حيث تتجمع كل الأثقال والقوى التي تؤثر على جسم السد . كما نرى من هذا المقطع أن شكل جسم السد يشبه شكل " شبه منحرف "
قد استقر على رأسه مستطيل كما هو مبين في (ج) . وتسمى نهايتا السد اللتان تستندان إلى عُدوتي الوادي بالدعائم . أما القسم الأعلى منه (ت) فيسمى التاج . والعادة أن يكون لهذا التاج شكل المستطيل ، وينشأ طريق على سطح الجزء (ت) للوصول بين عدوتي الوادي فوق السد . ويستعمل هذا الطريق في العادة لأعمال الصيانة . وترمز(خ) إلى مخارج المياه التي لابد منها في كل سد . فحين تحدث الفيضانات الكبيرة غير المتوقعة ، وتأتي بمياه غزيرة تملأ حوض بحيرة السد كلها ، يجب تصريف كميات المياه الفائضة ، وإلا غمرت السد وتدفقت فوق تاجه ، وتعذرت السيطرة عليها ، وسببت أضراراً كبيرة في التاج ، وربما أثرت في سلامة السد نفسه . لذا يجري بناء قنوات التصريف (خ) المُجهزة ببوابات كبيرة يمكن فتحها عند الحاجة للتخلص بطريقة صحيحة من المياه الفائضة . كما يمكن بناء قنوات الصرف هذه في جسم السد على أن تكون من السعة بحيث يسهل تصريف المياه الفائضة التي تتفجر من الطرف الآخر بسرعات قوية بسبب الضغط العالي الدافع لها .
الطرق المختلفة لإنشاء السدود
يبنى العديد من السدود الصغيرة من الأتربة الموجودة في موقع السد . وهذه الطريقة اقتصادية ، إلا أنه ينبغي تطبيقها بحذر بالغ ، إذا سرعان ما تتسرب المياه إلى جسم السد وتُفتته مع الزمن . ولذا يجب إضافة مواد أخرى إلى الأتربة المحلية عند بناء جسم السد
أقسام السدود المبنية بالأسمنت المُسلح

السد الثقلي ، والسد القوسي
السدود الثقيلة مستقيمة دائماً والغالب أن تبنى بركم الحجارة وكُتل الأسمنت المًسلح الضخمة ، ثم تملآ الفجوات التي بينها بالزفت أو بما يتيسر من مواد كتيمة أخرى لمنع تسرب المياه من خلالها .
و إذا نظرنا إلى مقطع في جسم لسد نجد أن له شكل شبه منحرف ، وأن الجانب الأقرب إلى الشاقول هو وجه السد المُستقبل للماء المخزن في البحيرة ، وأن الوجه الأخر ذو ميل أكبر مع الشاقول .
http://www.pbs.org/wgbh/buildingbig/images/dam/basics/grandcoulee_dam_1.jpg
http://up101.arabsh.com/my/9428889.jpg

والسبب في ذلك هو أن جسم السد يخضع لقوتين رئيسيتين متعاكستين في العمل ، هما الوزن الذاتي لجسم السد ، وقوة الدفع للماء المحجوز . فأما قوة الوزن الذاتي فتعمل على تثبيت السد في مكانه ، وأما قوة دفع الماء في الحوض فتعمل على دحرجة السد إلى الأمام . وواضح أنه إذا كان لدينا جسم لمقطعه شكل مثلث قائم الزاوية وكانت ضلعه القائمة هي المُستقبلة لقوة دفع الماء الأفقية ، فإن مركز ثقل هذا المثلث يكون أقرب إلى الضلع القائمة منه إلى الضلع المائلة (الوتر) . وإذن فإنه يحتاج إلى عُزُوم أقل لدحرجته . ذلك أنه لكي يتدحرج هذا المثلث وينقلب على الجانب الآخر من الماء ، فإن عليه أن يرتفع عن الأفق – وهو في الوضع الأول – أكثر مما عليه أن يفعل وهو في الوضع الثاني . والواقع أن عملية التدحرج هذه حالة بعيدة الحدوث جداً ، إلا إن ذلك يعني أن قوى دفع الماء الأفقية قد تؤثر على توازن جسم السد وتُخلخل قاعدته ، وعندئذ يكون عرضة لعملية النخر المستمرة في قاعدته ، وفي ذلك ما فيه من تهديد للسد كله .
تسمى هذه السدود بالسدود الثقيلة لأنها تعتمد على وزنها الذاتي في مقاومة قوة الدفع الأفقية للماء المخزن في بحيرة السد .

ثانياً : السد القوسي .
http://fcms.its.utas.edu.au/files/dam-large.JPG

تستعمل السدود القوسية لحجز المياه في الوديان الضيقة العميقة ، في حين تستعمل السدود الثقيلة في الوديان العريضة الضحلة .
وتتألف السدود القوسية من عقد أو قنطرة تستند إلى قاع الوادي وعُدوتيه بحيث يكون تقعر القنطرة مُوجهاً مجرى النهر ، ويكون التحدب مواجهاً مياه البحيرة المحجوزة . فعندما يمتلئ السد بالماء يصبح ضغطه عليه كبيراً حتى إنه قد يصل في حال سد يبلغ ارتفاعه مئة متر إلى قوة دفع تساوي خمس مائة ألف طن .
http://www.pbs.org/wgbh/buildingbig/images/dam/archforces.gif
أن قوة الدفع الأفقية هذه تضغط على السد القوسي فينقبض وتزداد قوة تحمله . ثم إنه ينقل هذه الضغوط إلى الجدران الجبلية على طرفي الوادي .
ويمكن تشبيه عمل السد هنا بعمل القباب التي كلما تعرضت لأحمال أثقل ، غدت أقوى وزادت قوة تحملها . ذلك أن السد يمتص قوة دفع الماء الأفقية ، ويُحولها بشكل مماس لسطحه المُقعر ، وينقلها إلى دعامتيه المستندتين إلى عُدوتي الوادي . أما السدود الثقيلة فتعتمد في مقاومتها للماء على وزنها الخاص فقط . وهذا ما يجعل السدود القوسية أفضل و أخف و أوفر في حال الوديان الضيقة العميقة ، ولكنها كالسدود الثقيلة أثخن في القاعدة منها في القمة .

و لأن حجم السد كبير لا يمكن صب الإسمنت فيه دفعه واحده ، لذا كان لا بد من تقسيم جسم السد إلى قطع كبيرة يجري صب كل منها بعد الأخرى . وهذا يسبب فواصل بينها تسمح للإسمنت بالتمدد والتقلص بحسب ارتفاع وانخفاض درجات حرارة الجو .وأيضاً فإنه يرافق عملية تصلب الاسمنت ارتفاع ملحوظ في درجة حرارته . وبعد انتهاء عملية تصلب الاسمنت تنخفض حرارته مرة ثانية مما يؤدي إلى انكماشه وتقلصه ، ويُحدث شقوقاً وفواصل تسمح بتسرب المياه من خلالها وخلخلة جسم السد . لذا يجب ملء هذه الشقوق والفواصل بالزفت أو بإحدى المواد الكتيمة الأخرى لمنع تسرب المياه . كما يمكن أيضاً القيام بصب الإسمنت كتلا على شكل مُكعبات ، ثم نقلها وركمها في جسم السد وملء الفواصل التي بينها بالقار .
وبعد الانتهاء من عملية بناء السد ، يجري تثبيت عدد من مقاييس الحرارة على الأجزاء الإسمنتية للسد . ثم توصل هذه المقاييس بغرفة المراقبة حيث يمكن قراءة درجات حرارة الإسمنت المسلح على الدوام في كل جزء من أجزاء السد .

العالم فاراداي
06-07-2008, 19:31
بارك الله فيك يا ياسمين .. والله موضوع متعوب فيه ، الله يعطيك العافية .. ألف شكر ليك
imagesCAFK6ZW1.jpg (2.6 كيلوبايت

Mathematician Girl
06-07-2008, 22:05
ما شاء الله جهد رائع ومعلومات تستاهل القراءة
وأريد أعقب على الموضوع أن الصور جدا مهمة للقارئ
فهذا الشئ بالذات كوني واحد من قراء الموضوع تلفتني الصور
شكرا لإدراجك الصور في المشاركة

خالد الغامدي
07-07-2008, 00:08
شكرا لك,,, وجزيت خيرا...

ياسمين
07-07-2008, 18:06
سـعدت جداً بردودكم الطيبة ،،،، جـزيتم كل خيــر ....

الساحر
09-07-2008, 20:28
بارك الله فيكم

البالود
10-07-2008, 01:49
روعة روعة ياسمين

الله يعطيك العافية

لك خالص الود والتقدير

ياسمين
11-07-2008, 02:20
شـكراً لكم ،،،، و جــزيتم خيــراً ....