تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو). .


تغريـد
16-12-2008, 00:15
(وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو). .

إنه الغيب . . إنه المجهول . . والعقل البشري - تلك الذبالة القريبة المدى - إنما يسبح في بحر المجهول .

فلا يقف إلا على جزر طافية هنا وهنالك يتخذ منها معالم في الخضم .

ولولا عون الله له , وتسخير هذا الكون , وتعليمه هو بعض نواميسه , ما استطاع شيئا . .

ولكنه لا يشكر . . (وقليل من عبادي الشكور). . بل إنه في هذه الأيام ليتبجح بما كشف الله له من السنن , وبما آتاه من العلم القليل . .

ويتبجح أحيانا فيزعم أن "العلم" يقابل "الغيب" وأن "العلمية " في التفكير والتنظيم تقابل "الغيبية " وأنه لا لقاء بين العلم والغيب ; كما أنه لا لقاء بين العقلية العلمية والعقلية الغيبية !

فلنلق نظرة سريعة على وقفة "العلم" أمام "الغيب" في بحوث وأقوال علماء من بني الإنسان

لا لنصدق بها كلمة الفصل من الله سبحانه - فحاشا للمؤمن أن يصدق قول الله بقول البشر -

ولكننا نقف هذه الوقفة لنحاكم الذين يلوكون كلمات العلم والغيب , والعلمية والغيبية ,

إلى ما يؤمنون هم به من قول البشر ! ليعلموا أن عليهم هم أن يحاولوا "الثقافة " و"المعرفة " ليعيشوا في زمانهم; ولا يكونوا متخلفين عن عقليته ومقررات تجاربه !

يتبع

تغريـد
16-12-2008, 00:23
عالم أمريكي - يقول عن "الحقائق" التي يصل إليها "العلم" بجملتها:

"إن العلوم حقائق مختبرة ; ولكنها مع ذلك تتأثر بخيال الإنسان وأوهامه ومدى بعده عن الدقة في ملاحظاته وأوصافه واستنتاجاته

ونتائج العلوم مقبولة داخل هذه الحدود .
فهي بذلك مقصورة على الميادين الكمية في الوصف والتنبؤ . وهي تبدأ بالاحتمالات , وتنتهي بالاحتمالات كذلك . . وليس باليقين . .

ونتائج العلوم بذلك تقريبية , وعرضة للأخطاء المحتملة في القياس والمقارنات ; ونتائجها اجتهادية , وقابلة للتعديل بالإضافةوالحذف ,

وليست نهائية .

وإننا لنرى أن العالم عندما يصل إلى قانون أو نظرية يقول:إن هذا هو ما وصلنا إليه حتى الآن , ويترك الباب مفتوحا لما قد يستجد من التعديلات" .


وهذه الكلمة تلخص حقيقة جميع النتائج التي وصل إليها العلم , والتي يمكن أن يصل إليها كذلك .

فطالما أن "الإنسان" بوسائله المحدودة , بل بوجوده المحدود بالقياس إلى الأزل والأبد هو الذي يحاول الوصول إلى هذه النتائج ;

فإنه من المحتم أن تكون مطبوعة بطابع هذا الإنسان , ولها مثل خصائصه من كونها محدودة المدى ; وقابلة للخطأ والصواب , والتعديل والتبديل .




على أن الوسيلة التي يصل بها الإنسان إلى أية نتيجة هي التجربة والقياس . فهو يجرب , ثم يعمم النتيجة التي يصل إليها عن طريق القياس ;

والقياس - باعتراف العلم وأهله - وسيلة تؤدي إلى نتيجة ظنية ; ولا يمكن أبدا أن تكون قطعية ولا نهائية .

والوسيلة الأخرى - وهي التجربة والاستقصاء بمعنى تعميم التجربة على كل ما هو من جنس ما وقعت عليه التجارب في جميع الأزمنة وفي جميع الظروف - وسيلة غير مهيأة للإنسان .

وهي إحدى الوسائل الموصلة إلى نتائج قطعية .

ولا سبيل إلى نتيجة قطعية وحقيقة يقينية إلا عن طريق هدى الله الذي يبينه للناس . ومن ثم يبقى علم الإنسان فيما وراء ما قرره الله له ,

علما ظنيا لا يصل إلى مرتبة اليقين بحال !

يقول سير جيمس جيننر - الإنجليزي - الأستاذ في الطبيعيات والرياضيات:

ويضرب مثلا لذلك إشعاع ذرات الراديوم , وتحولها إلى رصاص وهليوم . . وهي خاضعة تماما لقدر مجهول , وغيب مستور , يقف دونه علم الإنسان:

"من المعروف أن ذرات الراديوم وغيره من المواد ذات النشاط الإشعاعي ,

تتفكك بمجرد مرور الزمن عليها , وتخلف وراءها ذرات من الرصاص والهليوم .

ولهذا فإن كتلة من الراديوم ينقص حجمها باستمرار , ويحل مكانها رصاص وهليوم

"ولنوضح هذه الحقيقة بمثل مادي فنقول:إذا فرض أن بحجرتنا ألفين من ذرات الراديوم .

فإن العلم لا يستطيع أن يقول:كم منها يبقى حيا بعد عام .

بل كل ما يستطيعه هو أن يذكر فقط الاحتمالات التي ترجح بقاء 2000 أو 1999 أو 1998 , وهكذا . وأكثر الأمور احتمالا في الواقع هو أن يكون العدد 1999 ,

أي أن أرجح الاحتمالات هو أن ذرة واحدة لا أكثر من الألفي ذرة , هي التي تتحلل في العام التالي .


إن الرجل الذي يقول هذا الكلام , لا يريد أن يثبت به القدر الإلهي المغيب عن الناس .

بل إنه ليحاول جاهدا أن يهرب من ضغط النتائج التي ينتهي إليها العلم البشري ذاته .

ولكن حقيقة الغيب تفرض نفسها عليه فرضا على النحو الذي نراه ! . .

بينما الذين يعيشون على فتات القرون الماضية يزعمون أن "الغيبية " تنافي "العلمية " .

وأن المجتمع الذي يريد أن يعيش بعقلية علمية ينبغي له أن يتخلص من العقلية الغيبية !

ذلك بينما العلم البشري ذاته . . علم القرن العشرين . . يقول:إن كل ما يصل إليه من النتائج هو "الاحتمالات" !

وإن الحقيقة المستيقنة الوحيدة هي أن هنالك "غيبًا" لا شك فيه !

تغريـد
16-12-2008, 00:31
إن القرآن الكريم - وهو المصدر الأساسي للعقيدة الإسلامية التي تنشى ء التصور الإسلامي والعقلية الإسلامية - يقرر أن هناك عالما للغيب وعالما للشهادة .

فليس كل ما يحيط بالإنسان غيبا , وليس كل ما يتعامل معه من قوى الكون مجهولا . .

إن هنالك سننا ثابته لهذا الكون ; يملك "الإنسان" أن يعرف منها القدر اللازم له , حسب طاقته وحسب حاجته ,

للقيام بالخلافة في هذه الأرض .

وقد أودعه الله القدرة على معرفة هذا القدر من السنن الكونية ; وعلى تسخير قوى الكون وفق هذه السنن للنهوض بالخلافة ,

وتعمير الأرض , وترقية الحياة , والانتفاع بأقواتها وأرزاقها وطاقاتها . .

وإلى جانب هذه السنن الثابته - في عمومها - مشيئة الله الطليقة ; لا تقيدها هذه السنن وإن كانت من عملها .

وهناك قدر الله الذي ينفذ هذه السنن في كل مرة تنفذ فيها .

فهي ليست آلية بحتة , فالقدر هو المسيطر على كل حركة فيها ; وإن جرت وفق السنة التي أودعها الله إياها.

وهذا القدر الذي ينفذ هذه السنن في كل مرة تنفذ فيها "غيب" لا يعلمه أحد علم يقين ;

وأقصى ما يصل إليه الناس هو الظنون و"الاحتمالات" . . وهذا ما يعترف به العلم البشري أيضًا . .

إن العقلية الإسلامية لتجمع بين الاعتقاد بالغيب المكنون الذي لا يعلم مفاتحه إلا الله ;

وبين الاعتقاد بالسنن التي لا تتبدل , والتي تمكن معرفة الجوانب اللازمة منها لحياة الإنسان في الأرض , والتعامل معها على قواعد ثابته . .

فلا يفوت المسلم "العلم" البشري في مجاله , ولا يفوته كذلك إدراك الحقيقة الواقعية ;

وهي أن هنالك غيبا لا يطلع الله عليه أحدا , إلا من شاء , بالقدر الذي يشاء . .

والإيمان بالغيب هو العتبة التي يجتازها "الفرد" فيتجاوز مرتبة "الحيوان" الذي لا يدرك إلا ما تدركه حواسه , إلى مرتبة "الإنسان"

الذي يدرك أن الوجود أكبر وأشمل من ذلك الحيز الصغير المحدود الذي تدركه الحواس - أو الأجهزة التي هي امتداد للحواس -

وهي نقلة بعيدة الأثر في تصور الإنسان لحقيقة الوجود كله , ولحقيقة وجوده الذاتي , ولحقيقة القوى المنطلقة في كيان هذا الوجود ;

وفي إحساسه بالكون , وما وراء الكون من قدرة وتدبير .

كما أنها بعيدة الآثر في حياته على الأرض .

فليس من يعيش في الحيز الصغير الذي تدركه حواسه كمن يعيش في الكون الكبير الذي تدركه بديهته وبصيرته ;

ويتلقى أصداءه وإيحاءاته في أطوائه وأعماقه ; ويشعر أن مداه أوسع في الزمان والمكان من كل ما يدركه وعيه في عمره القصير المحدود ;

وأن وراء الكون . . ظاهرة وخافية . . حقيقة أكبر من الكون , هي التي صدر عنها ,

واستمد من وجودها وجوده . . حقيقة الذات الإلهية التي لا تدركها الأبصار , ولا تحيط بها العقول . .

تغريـد
16-12-2008, 00:34
. . .

"لقد كان الإيمان بالغيب هو مفرق الطريق في ارتقاء الإنسان عن عالم البهيمة .

ولكن جماعة الماديين في هذا الزمان - كجماعة الماديين في كل زمان - يريدون أن يعودوا بالإنسان القهقرى . .

إلى عالم البهيمة , الذي لا وجود فيه لغير المحسوس ! ويسمون هذا "تقدمية " !

وهو النكسة التي

وقى الله المؤمنين إياها . فجعل صفتهم المميزة هي صفة:

(الذين يؤمنون بالغيب)
. . .
والحمد لله على نعمائه ;

والنكسة للمنتكسين والمرتكسين" .

والذين يتحدثون عن "الغيبية " و"العلمية " يتحدثون كذلك عن "الحتمية التاريخية " كأن كل المستقبل مستيقن !

و"العلم" في هذا الزمان يقول:إن هناك "احتمالات" وليست هنالك "حتميات" !

إن هنالك حقيقة واحدة مستيقنة هي حقيقة الغيب , وكل ما عداها احتمالات .

وإن هنالك حتمية واحدة هي وقوع ما يقضي به الله ويجري به قدره .

وقدر الله غيب لا يعلمه إلا هو .

وإن هنالك - مع هذا وذلك - سننا للكون ثابته ,
يملك الإنسان أن يتعرف إليها , ويستعين بها في خلافة الأرض ,

مع ترك الباب مفتوحا لقدر الله النافذ ; وغيب الله المجهول . .

وهذا قوام الأمر كله . .

(إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم).

تغريـد
16-12-2008, 00:47
كانت هذه وقفة مع تفسير سيد قطب للآية الكريمة

((وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو). )

و فيها نقاط غاية في الأهمية لما يفترضه الوعي الاسلامي من فهم لطبيعة العلم

و دوره في حياة الانسان و حدود الآفاق التي يمكن أن يوصله إليها

و التي هي مرهونة بكل ما يتيح له و يهيئ له الخلافة على الأرض.

و هنا يبرز الخلاف الأهم بين الثقافة الاسلامية و الثقافة الغربية

من خلال الارتقاء بالانسان بربطه بما هو وراء حدود معرفته و علمه

بمدى أوسع من حدود الزمان و المكان

من خلال الايمان بالغيب

هدانا الله و إياكم سواء السبيل

و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

المتفيزق
16-12-2008, 17:31
شكرا تغريد...
أذكر أن أحدهم صرح في التلفزيون الأردني مرة بأن الغد سيشهد مطرا غزيرا وثلوجا ... فقال المذيع بإذن الله ... فقال الرجل : هذا علم ... غدا ثلج يعني ثلج ... ستفاجأون !!! كانت الشمس في اليوم التالي ساطعة!!! قدر الله أن يحجب السحب والثلوج ... حصل هذا في عمان في سنة 1998م ... حتى إن بعضهم تندر بفكاهة أن الملك حسين في حينه ذهب إلى البادية وكانت الشمس ساطعة والجو بديعا ... وما هي إلا لحظات حتى طلب منه القوم أن يدخل بسرعة من المطر !!! أين المطر يا جماعة؟؟؟ لكنه امتثل فما وصل الخيمة حتى قامت السحب ...سأل الملك مستغربا ... كيف علمتم ذلك فقالوا إذا رفع الحمار ذيله علمنا ذلك ...فقال لهم (وهذا بيت القصيد) : هل تعطوننا الحمار ونعطيكم الفلكي...؟؟؟ كان هذا من باب التفكه على ذلك الرجل الذي اعتقد أن العلم حقائق ثابتة لدرجة أنه لم يتحدث عن مشيئة الله في أحد الغيبياات الخمس المعروفة ...
وقد حضرت للرجل محاضرة في الجامعة الأردنية وراجعه الطلاب في ذلك من باب الإحراج المتعمد ... خاصة وأنه كان يتحدث عن كون آدم عليه السلام يتبع بشكل أو بأخر فصيلة القرود... يعني الرجل مطسس...
أوردت هذا القصة في الواقع للتأكيد على كلام تغريد في أن الغيب لله وأننا مهما أوتينا من العلم فإن الحقائق التي نحصل عليها لا ترتقي إلى الحق المطلق إلا من خلال نظرتنا ... ربما نقول إنها حقيقة ثابتة متجاهلين الفرق الضئيل في كون القياس فيه احتمال وكون الفرضيات ثابتة بشكل كبير ... كما نقول إن الجاذبية ثابتة مثلا متناسين اختلافها في كل مكان عن الاخر لكنه فرق يمكن اعتباره صفرا بكل بساطة في أحوالنا العادية ... ومن هنا يصبح إطلاق الثبات ذا معنى ...
والله أعلم

*الزعيم*
16-12-2008, 18:04
رائعة تلك السطور بارك الله فيك
تقبلي مروري...

الطموح
16-12-2008, 18:09
بارك الله يك وجزاك الله خيرا

تغريـد
17-12-2008, 23:35
كل الشكر لك أستاذنا المتفيزق لمرورك الطيب،

نعم هذه الفئة من الناس تبعث على العجب، كيف ترقت في ميادين العلم و هي تجعل أبسط حقائق دينها،

و لكنهم كما قال سيد قطب

" يعيشون على فتات القرون الماضية يزعمون أن "الغيبية " تنافي "العلمية " .

ذلك بينما العلم البشري ذاته . . يقول:إن كل ما يصل إليه من النتائج هو "الاحتمالات" !

وإن الحقيقة المستيقنة الوحيدة هي أن هنالك "غيبًا" لا شك فيه !"

و هم عاجزون عن ادراك عظمة الاسلام الذي خلفوه وراء ظهورهم ليحملوا التبعية للغرب أو للشرق ببلاهة

هم أكثر من يفترض أن لا يقعوا فيها

و لكنه هدى الله يؤتيه من يشاء

و الحمد لله على نعمة الاسلام

جعلنا الله و اياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه .

تغريـد
17-12-2008, 23:39
أخي الكريم الزعيم

أختي الكريمة الطموح

وجودكم معنا أروع

شكرا لكم و بارك الله فيكم.

تغريـد
13-03-2009, 13:10
إخوتي الكرام
نحن متفقون أن هناك سننا سيرها الله في الأرض
هذه السنن قدر الله بقدرته أن يتبع السبب فيه النتيجة
من أهم دلائل ذلك هو أننا مأمورون بالسير في الأرض و التفكر في آيات الله
و لكنها نؤمن أيضا أن هذه السنن أوجدها الله في الأرض لتسخيرها للإنسان كونه مأمور بعمارة الأرض
و عليه على الإنسان إعمال فكره و العمل على الاستفادة من هذه السنن في ابتكار الطرق لعمارة الأرض
و نعلم أيضا أن كل شيء خلقه الله إنما خلقه بقدر

و هذا الأمر أعتقد أن له من الأهمية في هذا الشأن ما لم يتطرق إليه أحد من قبل
و هذا ما أردت أن أوصله من خلال موضوعي عن الغيب و عن قانون السببية

و لكن لا زال هناك تساؤل

ما الذي يجعلنا نفترض أن الحد الحقيقي أوالعتبة الحقيقية لتحقق قانون السببية و عدم تحققه هو ما تقترحه نظرية الكم؟
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
و هل يحق لنا تحديد تلك العتبة
كم نظلم أنفسنا و نغتر بجهلنا بافتراض ذلك إن لم يكن حقيقيا
لذا رأيت من الأسلم أن نأخذ كل الإمكانات على أنها واردة

هذا رأيي و الله تعالى أعلم

bero
13-03-2009, 14:20
سبحان الله فعلا لا يعلم الغيب الا الله مهما كانت الحقائق علمية لا تكون الا بقدر محدد تسير وفق نظامة




شكرا لكِ موضوع قيم بالفعل

salwetta
13-03-2009, 16:07
سبحانك اللهم لاعلم لنا الا ماعلمتنا.. رب العالمين

salwetta
13-03-2009, 16:07
سبحانك اللهم لاعلم لنا الا ماعلمتنا..

سبحان الله رب العالمين

تغريـد
17-03-2009, 18:52
أشكر لك salwetta مرورك الكريم
بارك الله فيك و يسر لك سبيل الخير