alshatel
01-01-2009, 19:13
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين
السلام على من اتبع الهدى
أما بعد،
محاكاة لقصة الثيران - استقراء من الواقع:
كلنا يعرف قصة "أكلت يوم أكل الثور الأبيض" ولكن يبدو أن لا أحد يفهم تطابقها مع الواقع الذي نعيش فيه بشكل مستمر على مدى ثلاثة أجيال وحتى اللحظة. كلما تنازلت عن شيء طلب منك أن تتنازل أكثر، وكلما قبلت بمذلة لقريب بعيد عنك قربت منك المذلة أكثر حتى تحط المذلة في عقر دارك.
لو أعدنا تقييم الموقف في قصة الثيران(أو الأرانب) السابقة؛ ما هو دور الأرانب الأحمر والأسود؟
"السيناريو" الأسهل الذي أدى في النهاية إلى أكل الثور الأبيض::
قيام الأرانب (تم استبدال الثيران بالأرانب لتسهيل الحبكة!) في بناء أعشاش أكبر وأطول وأفخم وإنتاج أرانب أكثر تكون الثقافة السائدة بينها وهمها الأوحد رفاهية العيش في رحاب حظائر مزدهرة مليئة بما أنتجه غيرهم وسمح به في حظائرهم، يحتفلون ويقيمون مهرجانات على مدى العام...بماذا يحتفلون؟! بمهرجانات يتسوقون ويستهلكون فيها ما رمي إليهم من خارج أسوار الحظائر! المعرفة التي أرادوها لأجيال الأرانب الجديدة لا تزيد عن متابعة استهلاك واستعمال ما وفرته لهم حظائر الحيوانات الأخرى من زبالة رفاهية العيش، لا يحتاجون أكثر من إتقان استعمالها للتواصل بينهم والاستمتاع بها. نشرت فيهم ثقافة العمل الفردي والأنانية والطمع والتنافس على العلف ومظاهر الفخامة، السعي للكسب المادي بكل الطرق التي ابتدعتها لهم حظائر الخنازير (البورصة العالمية!) حتى أنهم استثمروا ما لديهم لبناء وتقدم حياة الخنازير في حظائرهم البعيدة. أعشاشا وحظائر من ورق وزجاج لا يملكون حمايتها أبدا بل تزيدهم ضعفا وخوفا عليها؛ فهي لا تحتمل حتى أن يرمى عليها حجرا؛ فلا تملك إلا أن تكون مسالمة...مسالمة لدرجة أظهرت ضعفا يغري كل من يطمع بأكلها...فأكلت واحدا واحدا بل ساعدت (ظنا منها بأن تسلم!) في تسهيل أكل بعضها بعضا!
"السيناريو" الأصعب؛ سيناريو الأمان المدعوم بما يضمن استمراره:
فلندع الثيران والأرانب جانبا الآن، ولنحاكي ما يقابل قصتنا من الواقع....رفاهية العيش وزخرفت الحظائر ليس ما خلقت من أجله؛ حتى وإن رافق ذلك أن صلّت وصامت وعبدت الله بكل جوارحها. فعبادة الله وحق خلافته في الأرض تستدعي حياة مليئة بالجهد والجد والعمل.الاستعداد والإعداد منهجها، لا الاستكانة والركون إلى الأمان!وانتظار الإهانة والأكل ربما ليس الآن ولكنه أمر أكيد سوف يأتي بعد حين ما لم تراجع نفسها.
إعداد أجيالها بصورة أخرى مغايرة تماما لما هي عليه الآن! بما يضمن لهم أمانا وسلاما مدعوما بقوة رادعة. الأولوية هي إعداد الإنسان الذي يستطيع أن يبتكر ويصنع وينتج، وليس فقط شراء المعدات التي تعطي مظهرا لقوة غير حقيقية ولا يعتمد عليها عند حاجتها! دون مرافقة ذلك وجود رجال قادرين يعتد بهم في تفعيلها وإيجاد وتطوير بدائلها.
نعم نحن نتكلم عن مراجعة وتغيير المرحلة الأولى من منظومة إنتاج الإنسان؛ الإنسان الواعي القادر الذي يمكن الثقة بقدراته والاعتداد به في أمن وأمان المنظومة الكلية.
لا ينفعنا نظام التعليم بشكله الحالي، بل يجب أن يكون نظام تعليم وتدريب عملي وتطبيقي. لا نريد أن نلقن أبناءنا معلومات مجردة لتكوين ثقافة عامة (تقع غالبا في الذاكرة المؤقتة) تندثر مع الزمن، ,إنما أن تكون لدى الإنسان معرفة فاعلة قابلة للاستعمال والتطبيق في التغيير والتطوير والإنتاج. أن يتم الربط بين المعرفة العلمية والعمل اليدوي والإنجاز الحقيقي على الأرض، تنمية المهارات اليدوية وصقلها. تحفيز القدرة التعلمية إلى أقصى درجاتها في تعويد المتعلم على بذل الجهد المضني في البحث والتنقيب والتحليل.أن يكون دافع تطوير الذات والبحث عن المعرفة والإنجاز بنفس دافع ذلك الشاب لرفع رأسه من الماء بعد أن غمره فيه الشيخ الحكيم. فلنبدأ من الصفر، وذلك خير من أن لا نبدأ أبدا!، فلنعيد ترتيب أولوياتنا ومنهجية عملنا، فلنغير طريقة تعلمنا وتعليمنا، بالاعتماد على ما لدينا وما نملكه وليس باعتماد ما يشيره علينا مستشارون من حظائر الخنازير، ولا بشراء وملء مدارسنا وجامعاتنا بمعدات وأجهزة فوائدها أقل بكثير من تكاليفها. ومن المفارقات هنا أن أولئك الذين نستورد منهم كل ما هب ودب لنعلم به أبناءنا؛ ففي مدارسهم لا يستعملونها! وإنما يعلمون ويدربون أبنائهم على استعمال أبسط ما يتوفر لديهم والتي منها يبنون ويشكلون (بالعمل الذاتي) نماذج وتجهيزات أعقد وأكثر فائدة تعليمية وتطبيقية من كل ما يمكننا شراءه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين
السلام على من اتبع الهدى
أما بعد،
محاكاة لقصة الثيران - استقراء من الواقع:
كلنا يعرف قصة "أكلت يوم أكل الثور الأبيض" ولكن يبدو أن لا أحد يفهم تطابقها مع الواقع الذي نعيش فيه بشكل مستمر على مدى ثلاثة أجيال وحتى اللحظة. كلما تنازلت عن شيء طلب منك أن تتنازل أكثر، وكلما قبلت بمذلة لقريب بعيد عنك قربت منك المذلة أكثر حتى تحط المذلة في عقر دارك.
لو أعدنا تقييم الموقف في قصة الثيران(أو الأرانب) السابقة؛ ما هو دور الأرانب الأحمر والأسود؟
"السيناريو" الأسهل الذي أدى في النهاية إلى أكل الثور الأبيض::
قيام الأرانب (تم استبدال الثيران بالأرانب لتسهيل الحبكة!) في بناء أعشاش أكبر وأطول وأفخم وإنتاج أرانب أكثر تكون الثقافة السائدة بينها وهمها الأوحد رفاهية العيش في رحاب حظائر مزدهرة مليئة بما أنتجه غيرهم وسمح به في حظائرهم، يحتفلون ويقيمون مهرجانات على مدى العام...بماذا يحتفلون؟! بمهرجانات يتسوقون ويستهلكون فيها ما رمي إليهم من خارج أسوار الحظائر! المعرفة التي أرادوها لأجيال الأرانب الجديدة لا تزيد عن متابعة استهلاك واستعمال ما وفرته لهم حظائر الحيوانات الأخرى من زبالة رفاهية العيش، لا يحتاجون أكثر من إتقان استعمالها للتواصل بينهم والاستمتاع بها. نشرت فيهم ثقافة العمل الفردي والأنانية والطمع والتنافس على العلف ومظاهر الفخامة، السعي للكسب المادي بكل الطرق التي ابتدعتها لهم حظائر الخنازير (البورصة العالمية!) حتى أنهم استثمروا ما لديهم لبناء وتقدم حياة الخنازير في حظائرهم البعيدة. أعشاشا وحظائر من ورق وزجاج لا يملكون حمايتها أبدا بل تزيدهم ضعفا وخوفا عليها؛ فهي لا تحتمل حتى أن يرمى عليها حجرا؛ فلا تملك إلا أن تكون مسالمة...مسالمة لدرجة أظهرت ضعفا يغري كل من يطمع بأكلها...فأكلت واحدا واحدا بل ساعدت (ظنا منها بأن تسلم!) في تسهيل أكل بعضها بعضا!
"السيناريو" الأصعب؛ سيناريو الأمان المدعوم بما يضمن استمراره:
فلندع الثيران والأرانب جانبا الآن، ولنحاكي ما يقابل قصتنا من الواقع....رفاهية العيش وزخرفت الحظائر ليس ما خلقت من أجله؛ حتى وإن رافق ذلك أن صلّت وصامت وعبدت الله بكل جوارحها. فعبادة الله وحق خلافته في الأرض تستدعي حياة مليئة بالجهد والجد والعمل.الاستعداد والإعداد منهجها، لا الاستكانة والركون إلى الأمان!وانتظار الإهانة والأكل ربما ليس الآن ولكنه أمر أكيد سوف يأتي بعد حين ما لم تراجع نفسها.
إعداد أجيالها بصورة أخرى مغايرة تماما لما هي عليه الآن! بما يضمن لهم أمانا وسلاما مدعوما بقوة رادعة. الأولوية هي إعداد الإنسان الذي يستطيع أن يبتكر ويصنع وينتج، وليس فقط شراء المعدات التي تعطي مظهرا لقوة غير حقيقية ولا يعتمد عليها عند حاجتها! دون مرافقة ذلك وجود رجال قادرين يعتد بهم في تفعيلها وإيجاد وتطوير بدائلها.
نعم نحن نتكلم عن مراجعة وتغيير المرحلة الأولى من منظومة إنتاج الإنسان؛ الإنسان الواعي القادر الذي يمكن الثقة بقدراته والاعتداد به في أمن وأمان المنظومة الكلية.
لا ينفعنا نظام التعليم بشكله الحالي، بل يجب أن يكون نظام تعليم وتدريب عملي وتطبيقي. لا نريد أن نلقن أبناءنا معلومات مجردة لتكوين ثقافة عامة (تقع غالبا في الذاكرة المؤقتة) تندثر مع الزمن، ,إنما أن تكون لدى الإنسان معرفة فاعلة قابلة للاستعمال والتطبيق في التغيير والتطوير والإنتاج. أن يتم الربط بين المعرفة العلمية والعمل اليدوي والإنجاز الحقيقي على الأرض، تنمية المهارات اليدوية وصقلها. تحفيز القدرة التعلمية إلى أقصى درجاتها في تعويد المتعلم على بذل الجهد المضني في البحث والتنقيب والتحليل.أن يكون دافع تطوير الذات والبحث عن المعرفة والإنجاز بنفس دافع ذلك الشاب لرفع رأسه من الماء بعد أن غمره فيه الشيخ الحكيم. فلنبدأ من الصفر، وذلك خير من أن لا نبدأ أبدا!، فلنعيد ترتيب أولوياتنا ومنهجية عملنا، فلنغير طريقة تعلمنا وتعليمنا، بالاعتماد على ما لدينا وما نملكه وليس باعتماد ما يشيره علينا مستشارون من حظائر الخنازير، ولا بشراء وملء مدارسنا وجامعاتنا بمعدات وأجهزة فوائدها أقل بكثير من تكاليفها. ومن المفارقات هنا أن أولئك الذين نستورد منهم كل ما هب ودب لنعلم به أبناءنا؛ ففي مدارسهم لا يستعملونها! وإنما يعلمون ويدربون أبنائهم على استعمال أبسط ما يتوفر لديهم والتي منها يبنون ويشكلون (بالعمل الذاتي) نماذج وتجهيزات أعقد وأكثر فائدة تعليمية وتطبيقية من كل ما يمكننا شراءه.