المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حافظة النقود أنستني طريق الصمود!!


تغريـد
29-01-2009, 17:30
حافظة النقود أنستني طريق الصمود!!

بقلم الشيخ خالد حمدي*





رأيت فيما يرى النائم أن هاتفًا صاح فينا بصوتٍ هزَّ البلاد وزلزل العباد، يا خيل الله اركبي.. يا خيل الله اركبي.. حي على الجهاد.



فانطلق آلاف الشباب إلى حيث يأتيهم الصوت، كلهم يقول لبيك.. لبيك، كلنا فدى الإسلام والأوطان والخلان في كل البلاد.



فقال لنا المنادي: جزاكم الله خيرًا عن الدين والوطن والعِرض، لكن جيشنا له شروط!! فصِحتُ من بين الناس قائلاً: اشترط ما شئت فقد بعنا أنفسنا لله، وكل شرط يحقق هذه الصفقة نحققه، فهات ما عندك.



فقال لنا: خمسة مطالب، من فعلها انطلق معي للجهاد وإلا رجع!!


فصاح الجميع: هات ما عندك واطلب ما تشاء.



فقال المنادي: لا يصحبنا إلا من حفظ سورتي الأنفال ومحمد لأنهما أناشيد المجاهدين. فنظر بعضنا إلى بعض، ثم قلنا له أكمل... أكمل وأسمعنا ما عندك أولاً.



فقال: لا يتبعنا في معاركنا إلا من صلى الفجر اليوم في الصف الأول، وأدرك تكبيرة الإحرام، فطأطأت رأسي؛ لأنني اليوم بالذات أدركت الإمام في التشهد الأخير وقبل التسليم.



ثم صاح المنادي قائلاً: لن ينال شرف الجهاد معنا إلا من يحفظ عشرة أحاديث في فضل الجهاد، بسندها ومتنها؛ ليستشعر شرف الجهاد الذي خرج يبيع نفسه لله من خلاله.


فأخذت أسترجع ما أحفظ، فما وجدتني أحفظ إلا حديثًا أو حديثين، إن تذكرت أحدهما كاملاً لا أظنني أتذكر الآخر.



فقال المنادي: بقي شرطان، لا يصحبنا إلا من كتب وصيته وتركها لأهله، لأنه لا وقت عندنا الآن لكتابة الوصايا، فتذكرت أن عليَّ لفلان أموالاً هنا ولفلان أموالاً هناك، وأحتاج لأيامٍ لأتذكر الديون الأخرى، ناهيك عن أقساط ومستحقات و.. و.. فصرخ المنادي: قاطعا عليَّ تفكيري وشتاتي في الدنيا التي أهلكتني ومزقتني، وقال: الشرط الأخير ألا يصحبنا إلا من كان مثل المجاهد في حياته، فكما سهر المجاهدون على ثغورهم يحرسون، بات هو مع من كانوا في بيوتهم يصلون، وسهر يقلب أوراق المصحف كما سهر المجاهدون يقبضون على بنادقهم.


وما إن تلا الرجل شرطه الخامس حتى انسللت من بين الناس قبل أن يتمَّ كلامه حتى لا يفتضح أمري.


وبعد أن ابتعدت خطوات عن الرجل تلفتُّ ورائي فإذا الآلاف على أثري، كلهم رجعوا إلا عددًا قليلاً وقف مع المنادي، فأشفقت عليه أن يعود ببضع رجال وقد كان معه الآلاف فوقفت وقلت له: يا أخي هل لك أن تتنازل عن شرطين أو ثلاثة؛ حتى لا ترجع خائبًا بلا عدد يفرحك أو جيش يؤازرك؟



فابتسم الرجل وقال: لا يا أخي، فمعاركنا اليوم ليست بحاجة إلى أجساد بقدر ما هي بحاجة إلى عبَّاد، وهي معركة قلوب وطهارات، وليست معركة مدافع وآلات.


ثم قال لي: ولم لا تغير أنت من حالك لتلحق بنا؟



قلت وهل تنتظرونني حتى أتغيَّر؟



فقال: القوافل كل يوم تمر، والمعارك مع الباطل لن تنتهي حتى تقوم الساعة، فإن فاتك ركب اليوم، فأدرك ركب الغد، لكن حذار أن يفوتك كل الركبان، ولات حين مندم.



ثم انصرف وهو يقول لمن معه: هيا يا إخوتاه فلمثلكم تتنزل الملائكة، وعن مثلكم يدافع الله عز وجل، وعلى أيدي أمثالكم يأتي النصر.



أما أنا فنظرت حولي فرثيت لحالي وبكيت، فقال لي أحدهم: لا تراع، غدًا نلحق بهم! فصرخت في وجهه قائلاً: منذ عشرات السنين ولم يأت الغد الذي تتحدث عنه، حتى أوشكت قوافل خيل الله أن تنتهي ولم نحجز لأنفسنا فيها مكانًا بعد.



ثم أخرجت حافظة نقودي لأخرج منها ورقةً أكتب عليها وصيتي، ففاجأتني صور أبنائي، وخلفها بعض الأوراق المالية، فنسيت الوصية ونسيت الجهاد ومضيت لحالي، ثم استيقظت!!

عبد الرحمن محمد
29-01-2009, 17:35
صرااااااااااااااحة في قمة الروعة......

مشكورة أختي والله يعطيك العافية على هالطرح........

تقبلي مروري.......

تغريـد
30-01-2009, 01:15
أشكرك أخي محمد
أرجو أن لا تخمد ضغوط الحياة حميتنا لديننا
و أن لا تكون لحظية لمجرد إفراغ الطاقات
وفقنا الله و إياكم لما يحب و يرضى

بشاير البركاتي
31-01-2009, 01:55
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
موضوع رائع جزاك الله خير :)

تغريـد
31-01-2009, 21:47
أشكرك أختي بشاير بارك الله فيك

المبتدئة منار
31-01-2009, 22:49
بالفعل من اجمل ما قرات
موضوعات دائما نوعية .. وهذا ليس ثناء او مجاملة ..اصبحت انتظر كل جديد بتلهف

بارك الله فيك استاذتى الفاضلة وشكرا جزيلا لك على هذه الهمسة الرائعة

جوديان
01-02-2009, 00:23
فعلا فعلا من أجمل ما قرأت كتب الله لك بكل حرف أجرا

ولدالسعودية
01-02-2009, 00:25
مشكورة أختي والله يعطيك العافية على هالطرح........

تغريـد
01-02-2009, 00:34
شكرا لكم جميعا
نرجو من الله ظان يرزقنا الهمم العالية
بأن يجعل نفوسنا مرتبطة دوما بقضيتنا و بديننا
و أن لا يجعل الدنيا أكبر همنا و لا مبلغ علمنا
بارك الله فيكم جميعا
و الشكر موصول لمن أهدت لي هذا المقال الجميل