كوبرنيكوس
11-01-2006, 13:55
متى تنتهى الشمس ؟ هذا ما سُـئـل في نهاية القسم الأول من سلسلة حلقات الموت التراجيدي للنجوم الكونية ، وهو ليس بالسـؤال المتداول بين أيدينا ، فالجواب لا يكون بشكــل مـباشر " تنطـفئ " ... طبعاً لا !! ليس بهذه البساطة .
يخضع إندثار النجوم إلى مجموعة من التفاعلات والطقوس المتداخلة فيما بينها والتي تتعاظم كلما زاد حجم و كتلة النجم وأصبح موته أكثر دراماتيكية كما سوف نرى في القسم الثالث من هذه السلسلة .
ليس من البساطة حقاً على مخلوق كالنجم أن يندثر كأي مخلوق في هذا الكون الفسيح ، فموت النجوم لا تضاهيه أي نـهاية لأيً كان في هذا العالم الكبير المجهول . سأحاول بقليل من الأسطر وبعيداً عن المعادلات النووية والرياضية تلخيص جزءً يسيراً والذي يتعلق بعلم إندثـار النجـوم الكونية كما وصـفه مجمـوعة كبيرة من العلماء منذ منتصف القرن العشرين .
وقبل هذا الإستعراض الشيق بحق ، لابد من إعادة النظر مرة أخرى ولكن بإمعان في أربع قوى تحكمها فقط الطبيعة ولا دخل للإنسان فيها . وسوف تخدمنا معرفة تلك القوى العالمية في فهم معنى الإستقرار النجمي من جهة وكيف يفقد في النهاية هذا الأستقرار.
تتلخص القوى في الطبيعة إلى أربع أصناف كبرى :
1.قوة الثقالة : وهي كما وصفت من قبل العالم ستيفن هوكنج في كتابه المعروف موجز تاريخ الزمن , إذ ما هي إلا الجاذبية ولكل جسم أي كان له جاذبية تتناسب وكتلته . والثقالة هي أضعف القوى لدرجة لا يمكن أن نتلمسها لولا خاصيتين تميزانها :
طول مداها الكبير جداً.
صفتها المستمرة دون إنقطاع.
وهي محمولة بحسب تعريف الفيزياء للقوة على جسيم يعرف بـ غرافيتون graviton والذي بدوره ليس له كتلة مما يجعل مدى الثقالة كبير. للأرض قوة ثقالة تساعدها على أسر القمر ليدور حولها وسائر الكائنات التي تعيش عليها. والمشتري أعظم حجماً من الارض لذا هو قادر على جمع عدة أقمار لتدور حوله في أن واحد . ولو تحركت الأرض في جوار المشتري لكان عليها أن تدور حوله وإلا سقطت فيه . وللشمس التفوق الأكبر من ناحية الثقالة فهي لا تجبر الأرض على الدوران حولها وحسب بل المشتري أيضاً وكافة الأجرام التي تنتمي للمجموعة الشمسية.
إن كشف مثل هذه القوة من الصعوبة بما جعل العلماء يطلقون إصطلاح الأمواج الثقالية المنتشرة في الأرجاء . وإن زخم هذه الأمواج يتناسب وكتلة الجسم .
2.قوة التفاعل النووي الشديد : وهو في الحقيقة المنافس والذي يعكر صفو قوى الثقالة ، إذ تعاكس هذه القوة في الإتجاه قوة الثقالة .
وهي ذاتها القوة المسؤولة تماماً على تماسك نواة الذرة وتجعل البروتونات الموجبة الشحنة تقف جنباً لجنب دون تنافر بجوار النيترونات .
إضافة إلى مخالفتها لاتجاه قوة الثقالة فهي أيضاً تخالفها في المدى فحيث أن للثقالة مدى كبير ، فاللقوة النووية مدى يبلغ من الصغر بحيث لا يمكن قياسه على المسطرة ( cm -13 ^ 10 ) أو ما يسمى بـ الفيرمي Fermi ، فبعد هذه المسافة لا أثر يذكر للقوة النووية وأقل من هذه المسافة لا يفلت منها أي جسيم . في حين يمكن لقوة الثقالة أن تمتد في الفضاء إلى مئات مئات الملايين من الأميال أو حتى مليارات متعددة . في النجوم بشكل عام ... علِمتَ أيها القارئ أن التنافس الشديد بين قوة الثقالة والقوة النووية الحاصلة في باطن النجم هي سبب إستقرار هذه الأجرام . وهذا الاستقرار قد يمتد إلى مليارات السنين ولكن من منظور أخر فإن مـآل هذه المنافسة إلى هلاك حتـمي . لكن لمن الغلبة في النهاية؟
يربط كلاً من كتلة النجم ودرجة حرارته علاقة وطيدة والتي هي نتاج أن قوى الثقالة والتفاعل النووي في باطن النجم يجب أن تكون محصلة إتجاههما متساوية للحفاظ على حياة النجم . سوف نطلق إصطلاح الضغط وهو ما يولده التفاعل النووي في باطن النجم والذي يسعى إلى تمزيق النجم ونشره في الفضاء .
يطلق على شرط التوازن فيما بين الضغط وقوى الثقالة ** التوازن الهيدروستاتيكي ** Hydrostatic Balance ويكون بالتالي الضغط وقوى الثقالة متناسبان طرداً . فالتوقع أن تواجه الكتلة الكبيرة ضغطاً في الباطن والذي يتطلب جذباً ثقالياً يعمل على لم شتات النجم . وبالتالي ضغط النجوم العملاقة أكبر من تلك ذوات الكتل الصغيرة . ولهذا يكون لب النجوم ذوات الكتل الكبيرة أكثر حرارة لتوليد هذا الضغط الكبير من النجوم الصغير ، وعليه تكون أكثر سطوعاً ولمعاناً وفي النهاية ثقالة أكبر .
نعلم الأن أن طـاقة الـنجم مختزنة تمـاماً في باطـن النجم وكـل حياته تتوضع فـي المـركز - اللـب - ، وعليه يكون التوازن الهيدروستاتيكي مرهون بالكامل بكتلة النجم وما يحويه من هيدروجين .
في النجوم الصغيرة أن يكون باطن النجم مفعم بتفاعل نووي أكثر هدوءً إذ من الصعب أن يسبب التفاعل في اللب ضغطاً كبيراً ، كذلك المنافسة القائمة بين الثقالة والضغط تكون نوعاً مـا محصورة .
قد لا يكون بمقدور النجوم الصغيرة الكتلة تكون نواتج سلسلة الكربون بالكامل في باطن النجم لافتقارها للحرارة اللازمة لذلك ، وبالتالي تميل النجوم الصغيرة إلى لون أحمر غير ساطع بالقدر المطلوب وذلك لأن سطحها بارد نوعاً ما (2500-3000 º K ) لكن تجدر الإشارة إلى أن نجوم الكتل الصغيرة تتميز بعمر فلكي طويل بالمقارنة مع النجوم المتوسطة والكبيرة - كما سوف نرى لاحقاً - ، إذ أن معدل حرق وقود النجم يعتمد على سطوعه وكتلة النجم . وبالتالي فإن نجم من فئة الشمس يكون عمره بحدودعشرة مليار سنة ، لكن نجم يناهز 10 كتل شمسية فلا يتجاوز عمره مئة ألف سنة ، وعليه يبدأ النجم باستهلاك ما في باطنه من وقود نووي في حين تكون الطبقة الخارجية منه غنية به .
أما الحال الهيدروستاتيكي في النجوم العملاقة فيكون في وضع لا يحسد عليه فالوقود في هذا النوع من النجوم صعب المراس وعلى خلاف للنجوم الصغيرة . إذ كما أشرنا سابقاً يكون عمر النجوم العملاقة إقصر منها من الصغيرة . وقد يكون هذا غير منطقي للوهلة الأولى إذ من الطبيعي أنه كلما زادت الكتلة زادت كمية الوقود النووي المشتعل في باطن النجم وبالتالي زاد عمره الفلكي .
ولكن زيادة الكمية لا تشطرت زيادة العمر بل على العكس ، فهذه الزيادة في كمية الوقود سوف تكلف النجم العملاق ثمن حياته وإندثاره التراجيدي حقاً والذي هو سبب عنوان هذه السلسلة .
سوف نخصص نقاشنا فيما يلي من " سلسلة الموت التراجيدي للنجوم الكونية " لدراسة إنهيار النظام الهيدروستاتيكي لنجوم الفئة الشمسية أو ما يخص نجمتنا الشمس .
يتبع.
يخضع إندثار النجوم إلى مجموعة من التفاعلات والطقوس المتداخلة فيما بينها والتي تتعاظم كلما زاد حجم و كتلة النجم وأصبح موته أكثر دراماتيكية كما سوف نرى في القسم الثالث من هذه السلسلة .
ليس من البساطة حقاً على مخلوق كالنجم أن يندثر كأي مخلوق في هذا الكون الفسيح ، فموت النجوم لا تضاهيه أي نـهاية لأيً كان في هذا العالم الكبير المجهول . سأحاول بقليل من الأسطر وبعيداً عن المعادلات النووية والرياضية تلخيص جزءً يسيراً والذي يتعلق بعلم إندثـار النجـوم الكونية كما وصـفه مجمـوعة كبيرة من العلماء منذ منتصف القرن العشرين .
وقبل هذا الإستعراض الشيق بحق ، لابد من إعادة النظر مرة أخرى ولكن بإمعان في أربع قوى تحكمها فقط الطبيعة ولا دخل للإنسان فيها . وسوف تخدمنا معرفة تلك القوى العالمية في فهم معنى الإستقرار النجمي من جهة وكيف يفقد في النهاية هذا الأستقرار.
تتلخص القوى في الطبيعة إلى أربع أصناف كبرى :
1.قوة الثقالة : وهي كما وصفت من قبل العالم ستيفن هوكنج في كتابه المعروف موجز تاريخ الزمن , إذ ما هي إلا الجاذبية ولكل جسم أي كان له جاذبية تتناسب وكتلته . والثقالة هي أضعف القوى لدرجة لا يمكن أن نتلمسها لولا خاصيتين تميزانها :
طول مداها الكبير جداً.
صفتها المستمرة دون إنقطاع.
وهي محمولة بحسب تعريف الفيزياء للقوة على جسيم يعرف بـ غرافيتون graviton والذي بدوره ليس له كتلة مما يجعل مدى الثقالة كبير. للأرض قوة ثقالة تساعدها على أسر القمر ليدور حولها وسائر الكائنات التي تعيش عليها. والمشتري أعظم حجماً من الارض لذا هو قادر على جمع عدة أقمار لتدور حوله في أن واحد . ولو تحركت الأرض في جوار المشتري لكان عليها أن تدور حوله وإلا سقطت فيه . وللشمس التفوق الأكبر من ناحية الثقالة فهي لا تجبر الأرض على الدوران حولها وحسب بل المشتري أيضاً وكافة الأجرام التي تنتمي للمجموعة الشمسية.
إن كشف مثل هذه القوة من الصعوبة بما جعل العلماء يطلقون إصطلاح الأمواج الثقالية المنتشرة في الأرجاء . وإن زخم هذه الأمواج يتناسب وكتلة الجسم .
2.قوة التفاعل النووي الشديد : وهو في الحقيقة المنافس والذي يعكر صفو قوى الثقالة ، إذ تعاكس هذه القوة في الإتجاه قوة الثقالة .
وهي ذاتها القوة المسؤولة تماماً على تماسك نواة الذرة وتجعل البروتونات الموجبة الشحنة تقف جنباً لجنب دون تنافر بجوار النيترونات .
إضافة إلى مخالفتها لاتجاه قوة الثقالة فهي أيضاً تخالفها في المدى فحيث أن للثقالة مدى كبير ، فاللقوة النووية مدى يبلغ من الصغر بحيث لا يمكن قياسه على المسطرة ( cm -13 ^ 10 ) أو ما يسمى بـ الفيرمي Fermi ، فبعد هذه المسافة لا أثر يذكر للقوة النووية وأقل من هذه المسافة لا يفلت منها أي جسيم . في حين يمكن لقوة الثقالة أن تمتد في الفضاء إلى مئات مئات الملايين من الأميال أو حتى مليارات متعددة . في النجوم بشكل عام ... علِمتَ أيها القارئ أن التنافس الشديد بين قوة الثقالة والقوة النووية الحاصلة في باطن النجم هي سبب إستقرار هذه الأجرام . وهذا الاستقرار قد يمتد إلى مليارات السنين ولكن من منظور أخر فإن مـآل هذه المنافسة إلى هلاك حتـمي . لكن لمن الغلبة في النهاية؟
يربط كلاً من كتلة النجم ودرجة حرارته علاقة وطيدة والتي هي نتاج أن قوى الثقالة والتفاعل النووي في باطن النجم يجب أن تكون محصلة إتجاههما متساوية للحفاظ على حياة النجم . سوف نطلق إصطلاح الضغط وهو ما يولده التفاعل النووي في باطن النجم والذي يسعى إلى تمزيق النجم ونشره في الفضاء .
يطلق على شرط التوازن فيما بين الضغط وقوى الثقالة ** التوازن الهيدروستاتيكي ** Hydrostatic Balance ويكون بالتالي الضغط وقوى الثقالة متناسبان طرداً . فالتوقع أن تواجه الكتلة الكبيرة ضغطاً في الباطن والذي يتطلب جذباً ثقالياً يعمل على لم شتات النجم . وبالتالي ضغط النجوم العملاقة أكبر من تلك ذوات الكتل الصغيرة . ولهذا يكون لب النجوم ذوات الكتل الكبيرة أكثر حرارة لتوليد هذا الضغط الكبير من النجوم الصغير ، وعليه تكون أكثر سطوعاً ولمعاناً وفي النهاية ثقالة أكبر .
نعلم الأن أن طـاقة الـنجم مختزنة تمـاماً في باطـن النجم وكـل حياته تتوضع فـي المـركز - اللـب - ، وعليه يكون التوازن الهيدروستاتيكي مرهون بالكامل بكتلة النجم وما يحويه من هيدروجين .
في النجوم الصغيرة أن يكون باطن النجم مفعم بتفاعل نووي أكثر هدوءً إذ من الصعب أن يسبب التفاعل في اللب ضغطاً كبيراً ، كذلك المنافسة القائمة بين الثقالة والضغط تكون نوعاً مـا محصورة .
قد لا يكون بمقدور النجوم الصغيرة الكتلة تكون نواتج سلسلة الكربون بالكامل في باطن النجم لافتقارها للحرارة اللازمة لذلك ، وبالتالي تميل النجوم الصغيرة إلى لون أحمر غير ساطع بالقدر المطلوب وذلك لأن سطحها بارد نوعاً ما (2500-3000 º K ) لكن تجدر الإشارة إلى أن نجوم الكتل الصغيرة تتميز بعمر فلكي طويل بالمقارنة مع النجوم المتوسطة والكبيرة - كما سوف نرى لاحقاً - ، إذ أن معدل حرق وقود النجم يعتمد على سطوعه وكتلة النجم . وبالتالي فإن نجم من فئة الشمس يكون عمره بحدودعشرة مليار سنة ، لكن نجم يناهز 10 كتل شمسية فلا يتجاوز عمره مئة ألف سنة ، وعليه يبدأ النجم باستهلاك ما في باطنه من وقود نووي في حين تكون الطبقة الخارجية منه غنية به .
أما الحال الهيدروستاتيكي في النجوم العملاقة فيكون في وضع لا يحسد عليه فالوقود في هذا النوع من النجوم صعب المراس وعلى خلاف للنجوم الصغيرة . إذ كما أشرنا سابقاً يكون عمر النجوم العملاقة إقصر منها من الصغيرة . وقد يكون هذا غير منطقي للوهلة الأولى إذ من الطبيعي أنه كلما زادت الكتلة زادت كمية الوقود النووي المشتعل في باطن النجم وبالتالي زاد عمره الفلكي .
ولكن زيادة الكمية لا تشطرت زيادة العمر بل على العكس ، فهذه الزيادة في كمية الوقود سوف تكلف النجم العملاق ثمن حياته وإندثاره التراجيدي حقاً والذي هو سبب عنوان هذه السلسلة .
سوف نخصص نقاشنا فيما يلي من " سلسلة الموت التراجيدي للنجوم الكونية " لدراسة إنهيار النظام الهيدروستاتيكي لنجوم الفئة الشمسية أو ما يخص نجمتنا الشمس .
يتبع.