مَعين بن جنيد
03-06-2009, 02:56
لا يخفى على القارئ المطلع و لا المهتم بشؤون الثقافة و العلم في المجتمع العربي و الإسلامي؛ أن وضعية العلوم الطبيعية و مسيرتها في العالم العربي تكاد أن تكون مشلولة. فمثلا، خلال المئة عام -أو ما يزيد بقليل- من تاريخ جائزة نوبل، لم يحصل على الجائزة من العلماء العرب و المسلمين إلا عبد السلام من باكستان (و للدقة فهو قادياني) و زويل من مصر. و هما لم يقدما إنجازاتهما من خلال جامعات بلدهم الأصل. بل في كلية إمبريال-جامعة لندن ببريطانيا -حيث كان يعمل عبد السلام في السبعينات الميلادية- و معهد كاليفورنيا التقني -حيث يعمل زويل-. و قد هاجر كل منهما بعد الحصول على درجة الدكتوراه. و العلماء العرب و المسلمين المؤثرين في مسيرة العلوم و إن وجدوا فإنهم ندرة بالمقارنة مع غيرهم، و غالبا ما يكونوا يعملون خارج بلادهم.
بين الفينة و الأخرى، نسمع أو نقرأ في الصحف المحلية و المنتديات عن شخص عربي استطاع أن ينفي النظرية النسبية لآينشتاين -و هي نظرية عمرها يزيد عن المئة عام حاليا- أو أن يهز عرش الرياضيات بإثبات ما أو أن يكتشف علاجا لمرض مستعصي أو غير ذلك. فنستبشر خيرا و نفرح، و لكن عندما نتقصى الأمر بدقة، نجد أن ذلك الإنجاز المزعوم لم يتم من قبل متخصص في المجال -غالبا- و لم يتم نشره أو قبوله في المجتمع العلمي العالمي -من خلال المجلات المحكمة أو المؤتمرات الهامة-، و لم تتبناه أي جهة رسمية ذات صلة بالموضوع.
و غالبا ما يقول أحدهم أن العالم الغربي لا يقبل إنتاج العالم العربي، و ما شابه ذلك من كلام القائلين بنظرية المؤامرة. و قد نسوا أن المجتمع العلمي اليوم مجتمع عالمي بكل ما تحمل الكلمة من معنى، حتى و إن كانت المجلات الأشهر و المؤتمرات الأهم تقام في دول غربية، إلا أن الناشرين فيها و المشاركين فيها من مختلف بقاع الأرض. حتى من جامعات الدول العربية.
يبدو بكل أسف، أن أسهل طريق لكي يشتهر أحدهم لدينا في العالم العربي هو بأن يقول بأنه قد نقض النسبية. و لا عجب أن تستقبله الصحف لأنها أخبار تثير الفضول. و لكن المؤسف، أن نكون في عالمنا العربي جهلة لدرجة أننا لا نفرق بين الغث و السمين في عالم العلوم، و كل ذلك بسبب ضعف اهتمامنا شعوبا و حكومات بالعلوم. و عدم وعينا بأهميتها في تطوير جميع مناحي الحياة، من الطب و الهندسة و التقنيات الجديدة، فضلا عن تأثيرها الثقافي البالغ في مجتمعات العالم إلا قليل منها.. و العالم العربي يقع من ضمن تلك المجتمعات التي يندر أن يكون للعلوم أثر فيها بكل أسف -إلا ما رحم ربي-.
أختم بنقطة تفاؤل... فكم نرجو أن يساهم المختصين في العلوم من العلماء العرب في توعية الشعوب و الحكومات، و العمل بجهد شاق من أجل تغيير الأوضاع -من الثقافة إلى الاقتصاد- في العالم العربي و الإسلامي، و ليس الاهتمام بتقنية النانو أو التعاون مع المؤسسات العلمية المرموقة مثل سيرن -المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية- إلا خطوة في هذا الاتجاه و هذا الطريق الطويل الشاق.
كتبه: مَعين بن جنيد
قسم الفيزياء و الفلك-جامعة الملك سعود
بين الفينة و الأخرى، نسمع أو نقرأ في الصحف المحلية و المنتديات عن شخص عربي استطاع أن ينفي النظرية النسبية لآينشتاين -و هي نظرية عمرها يزيد عن المئة عام حاليا- أو أن يهز عرش الرياضيات بإثبات ما أو أن يكتشف علاجا لمرض مستعصي أو غير ذلك. فنستبشر خيرا و نفرح، و لكن عندما نتقصى الأمر بدقة، نجد أن ذلك الإنجاز المزعوم لم يتم من قبل متخصص في المجال -غالبا- و لم يتم نشره أو قبوله في المجتمع العلمي العالمي -من خلال المجلات المحكمة أو المؤتمرات الهامة-، و لم تتبناه أي جهة رسمية ذات صلة بالموضوع.
و غالبا ما يقول أحدهم أن العالم الغربي لا يقبل إنتاج العالم العربي، و ما شابه ذلك من كلام القائلين بنظرية المؤامرة. و قد نسوا أن المجتمع العلمي اليوم مجتمع عالمي بكل ما تحمل الكلمة من معنى، حتى و إن كانت المجلات الأشهر و المؤتمرات الأهم تقام في دول غربية، إلا أن الناشرين فيها و المشاركين فيها من مختلف بقاع الأرض. حتى من جامعات الدول العربية.
يبدو بكل أسف، أن أسهل طريق لكي يشتهر أحدهم لدينا في العالم العربي هو بأن يقول بأنه قد نقض النسبية. و لا عجب أن تستقبله الصحف لأنها أخبار تثير الفضول. و لكن المؤسف، أن نكون في عالمنا العربي جهلة لدرجة أننا لا نفرق بين الغث و السمين في عالم العلوم، و كل ذلك بسبب ضعف اهتمامنا شعوبا و حكومات بالعلوم. و عدم وعينا بأهميتها في تطوير جميع مناحي الحياة، من الطب و الهندسة و التقنيات الجديدة، فضلا عن تأثيرها الثقافي البالغ في مجتمعات العالم إلا قليل منها.. و العالم العربي يقع من ضمن تلك المجتمعات التي يندر أن يكون للعلوم أثر فيها بكل أسف -إلا ما رحم ربي-.
أختم بنقطة تفاؤل... فكم نرجو أن يساهم المختصين في العلوم من العلماء العرب في توعية الشعوب و الحكومات، و العمل بجهد شاق من أجل تغيير الأوضاع -من الثقافة إلى الاقتصاد- في العالم العربي و الإسلامي، و ليس الاهتمام بتقنية النانو أو التعاون مع المؤسسات العلمية المرموقة مثل سيرن -المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية- إلا خطوة في هذا الاتجاه و هذا الطريق الطويل الشاق.
كتبه: مَعين بن جنيد
قسم الفيزياء و الفلك-جامعة الملك سعود