هاجر مهدي
17-09-2009, 12:30
#1 11-10-2004, 04:42 PM
!!كابيتشينو!!
عضـــــو مشـــــارك تاريخ التسجيل: Nov 2004
المشاركات: 58
الذين كانوا
--------------------------------------------------------------------------------
ابدا بشكر خاص لاخي العزيزAKG علي المجهود الوافر في نقل هذه القصة
(1) البحث .
فجأة ، فجرت الولايات المتحدة الأميركية قنبلتها الذرية الأولى
، في مدينة ( هيروشيما ) اليابانية ، لتثير الذعر فى العالم أجمع ،
مع مولد ذلك السلاح الجبار ، الرهيب ،
الذي جعل مخاوف قرب فناء العالم تملأ العقول والقلوب ،
وتشعل نار الهلع في النفوس ..
ولأسابيع طويلة ،
بعد أن وضعت الحرب أوزارها ، عقب تفجير القنبلة الثانية في ( ناجازاكي )
، لم يكن للعالم كله حديث ، سوى عن انفجار ، عش الغراب العملاق
file:///F:/مــش%20فـاكر%20-%20مقالة%20لها%20معنى%20و______%20أعجبتنى_files/bomb3.jpg
الذى سحق ملايين البشر بضربة واحدة ، وقفز بالولايات المتحدة الأميركية
إلى قمة العالم ، و ..
وقبل حتى أن تهدأ العاصفة ، تفجرت قنبلة جديدة ..
وأيضًا من الولايات المتحدة الأميركية ..
ولكن تلك القنبلة الجديدة لم تكن ذرية
، أو نووية ، أو حتى هيدروجينية هذه المرة
، بل كانت قنبلة علمية محضة ..
قنبلة تمثلت في مقال من ست صفحات ،
نشرته إحدى المجلات العلمية الجادة المحترمة ، وحمل توقيع واحد من أشهر العلماء
في ذلك العصر ..
توقيع الدكتور ( موريس كاتشم جيسوب ) .
وقبل أن نتحدث عما حواه مقال
الدكتور ( جيسوب ) ، الذي قلب الأوساط العلمية رأسًا على عقب ،
وأشعل عقول المفكرين ، وبدأ نظرية علمية فريدة مدهشة ،
لم تحسم حتى هذه اللحظة ، لابد أن نلقي الضوء أولاً على الدكتور ( جيسوب ) نفسه
، وعقليته المدهشة .
وأول ما ينبغي أن تعرفه عنه ، هو أنه عالم ، وفلكي ،
وفيزيائي فضائي وعالم رياضيات ، وباحث ، ومحاضر ، ومؤلف مرموق أيضًا ..
وعلى الرغم من أن ( جيسوب ) ليس من النوع الذي يسعى إلى الشهرة ،
أو يهتم بها ، فقد نال حظًا وافرًا منها ، خلال حياته الحافلة .
ولقد ولد ( موريس جيسوب ) في بلدة ( روكفيل ) ، بولاية ( إنديانا بولس ) ،
في العشرين من مارس ، عام 1900 م ، ومع عمر السابعة عشرة ،
وقبيل أسابيع من دخول ( أمريكا ) الحرب العالمية الأولى رسميًا ،
تم استدعاؤه لأداء الخدمة الوطنية الإجبارية ،
ككل أقرانه ، ومع تخرجه من المدرسة العليا ، تم الحاقه بصفوف الجيش الأميركي ،
ليحصل فيه على رتبة ( سيرجنت ) .
والمدهش أن ( جيسوب ) ، على الرغم من عقليته العلمية المتألقة ،
كان مقاتلاً من الطراز الأول ،
خلال فترة الحرب ، وكانت له بطولات بهرت زملاءه ، وخلبت ألباب رؤسائه ،
حتى تصور الجميع أنه سيواصل العمل في صفوف الجيش ،
حتى يحمل على كتفيه حتمًا رتبة ( جنرال ) ..
ولكن ( جيسوب ) خالف ظنون الجميع ..
وبعنف ..
فما أن انتهت الحرب العالمية الأولى ،
حتى ألقى ( جيسوب ) العسكرية والجندية خلف ظهره ، دون أن يلتفت إليها لحظة واحدة ،
وانطلق يسعى لاستكمال تعلميه ، وللحصول على درجات علمية مناسبة ،
تؤهله لتدريس علم الفلك والرياضيات ، في واحدة من كليات الجامعة .
وكانت هذه معركة من نوع جديد ،
حقق فيها ( جيسوب )
أيضًا انتصارًا مدهشًا ليحصل على درجته العلمية بتفوق
، أهله بالفعل لتدريس علم الرياضيات والفلك
في جامعة ( دريك ) في ولاية ( آيوا ) ،
وجامعة ( ميتشجن ) في ( آن آربور ) .
وفي أواخر عشرينات القرن العشرين ،
راح ( جيسوب ) يستعد للحصول على درجة الدكتوراه ، من جامعة ( ميتشجن ) نفسها .
ولكن فجأة ،
وقبل أن يتم ما يسعى إليه ، لاحت له فرصة السفر إلى ( جنوب افريقيا ) ،
حيث مرصد
( لامونت - هوس )
التابع لجامعة ( ميتشجن ) ،
في ( بلوموفنتين ) ..
ولم يستطع ( جيسوب )
مقاومة هذا العرض أبدًا .
وبحزم لا مثيل له
، ترك فكرة الدكتوراه خلفه ، وحزم حقائبه ، وانطلق
ليعمل على أكبر تليسكوب انكساري ،
في نصف الكرة الجنوبي .
ويبدو أن العبقرية لابد أن تتبدى في وضوح
، في أي مجال يقتحمه صاحبها ،
فقد برع ( جيسوب ) في هذا المجال ،
وانطلق يعمل في برنامج بحث رائع متكامل ، انتهى به إلى
كشف عدد من النجوم الفيزيائية المزدوجة ،
والتي أثارت جدل العلماء طويلاً ،
قبل أن يتم الاعتراف بها علميًا ،
وتتم فهرستها في كاتلوج خاص ،
أعدته جمعية الفلك الملكية في ( لندن ) .
وبدأت الأوساط العلمية تتحدث في شغف
عن ( موريس جيسوب ) ،
وعن عبقريته
وكشوفه العلمية المدهشة .
وعاد ( جيسوب ) إلى الولايات المتحدة الأميركية ، لتستقبله شهرته الواسعة
، التي لم يبال بها كعادته ،
وإنما انشغل عنها باستغلال خبراته ، كقاعدة لرسالة الدكتوراه ،
التي قرر العودة إليها
، حول حقل الفيزياء الفلكية .
وفي العام 1933 م ، أكمل ( جيسوب ) عمله ، ونشره في واحدة
من كبريات المجلات العلمية العالمية ،
وبهر به الأوساط كلها كعادته .
ولكن المدهش
أنه لم يتقدم به لنيل درجة الدكتوراه
.. أبدًا .
كان من الواضح أنه من ذلك الطراز النادر من العلماء ،
الذي لا يبالي بالشهادات الورقية ، بقدر ما يبالي بالانجازات العلمية ذاتها ،
ولعل هذا ما دفع الجميع إلى مناداته بلقب الدكتور ،
من قبل حتى أن يحصل على الشهادة نفسها .
وفي الوقت الذي تنازلت فيه الجامعة ،
لدراسة ما أنجزه ،
تمهيدًا لمنحه درجة الدكتوراه ،
فوجئ به الجميع
يقبل وظيفة في وزارة الزراعة الأميركية ،
التي أوفدته مع فريق من العلماء
إلى ( البرازيل ) ،
لدراسة مصادر المطاط الخام ،
في منابع ( الأمازون ) ..
انتزعه الفضول العلمي كالمعتاد ، من الشهادة ، والدكتوراه ،
ليقضي عدة أعوام في الأدغال ،
وليخرج ببحوث وكشوف علمية جديدة ،
بهرت الجميع ، وأثارت الجدل كالمعتاد .
ومع ذيوع صيته ، وانتشار شهرته ، وسمعته ، اتصلت به
حملة من حملات استكشاف الآثار ،
وعرضت عليه على استحياء الانضمام إليها ،
في بعثة للبحث عن بقايا حضارة ( المايا ) ،
في أدغال أميركا الوسطى .
كان في هذه المرة أيضًا ، يستعد لنيل درجة الدكتوراه ،
وعلى الرغم من هذا ، فقد قبل عرض تلك الحملة ، وانطلق يحمل آلة التصوير ،
ويلتقط الصور في ( أميركا ) الوسطى ،
لسنوات وسنوات ،
اكتسب خلالها خبرات مدهشة
في هذا المجال ، ومعرفة واسعة
بتلك الحضارات ، ذات الطابع الخاص .
وبالطبع ، خرج من تلك الحملة بكشوف وأبحاث مدهشة ،
تستحق ألف درجة دكتوراه ، ولكنه ،
وكما يفعل في كل مرة ،
لم يحاول التقدم لأية جهة ،
مكتفيًا بنشرها ومناقشتها فحسب .
ويمكننا أن نقول : إن ( جيسوب )
قد انبهر بحضارة ( أميركا ) الوسطى ،
وخاصة عندما توصل إلى بعض بقايا ( الأنكا )
وما قبلها من شعوب وحضارات ،
وتوقف أمام معابدها الهائلة ،
ذات النقوش الدقيقة المدهشة ، والأشكال شديدة التميز والتعقيد .
ومن هناك ،
راح ( جيسوب ) يرسل مقالات ساخنة ،
إلى عدد من المجلات العلمية ،
وتلك المهتمة بالآثار القديمة ،
على نحو أثار انتباه واهتمام العامة قبل المتخصصين ،
فراح الكل يلهث خلف متابعاته ،
ومفاجآته ،
لولا أن اشتعلت الحرب وأحداثها ،
وجذبت الكل بلهيبها ،
فانشغلوا عنه وعن أخباره .
وهو أيضًا توقف عن إرسال مقالاته ..
ولكن لسبب آخر ..
سبب مختلف تمامًا ..
فبخبراته في التصوير الفوتوغرافي للآثار ،
راح ( جيسوب ) يلتقط عشرات الصور
لمعابد وأحجار ( الأنكا ) ،
ويظهرها ويطبعها بنفسه ، و ..
وفجأة ، توقف أمام صورة مقربة لبعض النقوش ..
صورة أوضحت تفاصيل أكثر ،
بدقة أكثر ..
وطويلاً ،
راح ( جيسوب ) يدرس الصورة ويراجعها ،
ويفرك عينيه ألف مرة ومرة ،
وهو يطالعها ، ويطالعها ،
ويكذِّب عينيه مرة ، ومرة ..
بل مرات ..
وفي الصباح التالي ،
ومع أول ضوء شمس ، حمل ( جيسوب )
آلة التصوير الخاصة به ،
وعاد يلتقط عشرات الصور للمكان نفسه ،
ثم عشرات أخرى
لكل الأحجار والمعابد المحيطة به .
وبرسالة عاجلة ، أرسل يطلب شحنة ضخمة
من أفلام التصوير ،
على نحو أثار دهشة الجميع ،
إلا أنهم أرسلوا ما طلبه ،
دون أن يتصور مخلوق واحد ،
إلا أنه على أعتاب كشف علمي جديد .
وكانت هذه حقيقة .
لقد كشف ( جيسوب ) ، عن طريق صورة ،
أمرًا غاية في الغموض والخطورة
في نقوش معابد ( الأنكا ) وأحجارها الضخمة ،
ذات النقوش العجيبة شديدة التعقيد .
ولأن ( جيسوب ) عالم بحق ،
من قمة رأسه ، حتى أخمص قدميه ،
فقد تردد كثيرًا ، وهو يدرس الصور ألف مرة
، ويدرس الأماكن نفسها آلاف المرات
، قبل أن يحسم أمره ، ويجلس ليكتب مقاله الجديد ،
بعد سبعة أشهر كاملة من الانقطاع ،
دون أن يعلم
حتى أن الحرب قد انتهت ،
في ( أوروبا ) و ( اليابان ) .
ووصل مقال ( جيسوب ) إلى المجلات العلمية الأميركية ،
التي نشرته على الفور ،
مع ما يحويه من صور ودلائل .
وكانت مفاجأة للجميع ..
مفاجأة مذهلة .
(2) في الهواء .
من المؤكد أن المقال المدهش ، الذي نشره ( موريس جيسوب ) ،
في واحدة من أشهر المجلات العلمية ، في الولايات المتحدة الأميركية ،
وأكثرها مصداقية واحترامًا في العالم أجمع ،
كان قنبلة بكل المقاييس ،
خاصة وأنه قد دعمه بالصور والتحليلات والآراء العلمية القوية ،
التي تجعل الأمر ، على صعوبته ، عسير التكذيب .
ففي مقاله ،
وصف ( جيسوب ) الحجم الهائل لصخور حضارة ( الأنكا )
وضخامتها غير الطبيعية ، وأشكالها المعقدة الدقيقة ،
ثم أضاف إلى كل هذا نقاء تركيبها ، ليخرج بنتيجة علمية مدهشة .
أن تلك الأحجار ،
التي تعود إلى ملايين السنين قبل الميلاد ، ليست عملاً يدويًا ،
بأي حال من الأحوال .
إنها عمل آلي ، بكل ما تحمله الكلمة من معان ..
لقد تم صقلها ، ونحتها ،
وعمل تلك النقوش الدقيقة المعقدة عليها ، بوساطة آليات شديدة التقنية والتقدم ،
ولا يستبعد أن يكون بعضها قد تم عمله ، بوساطة أشياء
تفوق القدرات العلمية للعالم ، في تاريخ نشر المقال ، عام 1945 م .
بل لم يكتف ( جيسوب ) بهذا ،
وإنما أضاف إليه أن تلك الأحجار ،
قد بنيت حتمًا ،
في عهد ما قبل طوفان ( نوح ) ، ووضعت في أماكنها بوساطة أجهزة خاصة جدًا ،
تطير في الهواء ، مع استخدام مجال مضاد للجاذبية .
في تلك الفترة ، التي نشر فيها ( جيسوب ) رأيه هذا ،
لم يكن العالم أبدًا كما هو عليه الآن .
لم تكن هناك أجهزة كمبيوتر ، أو أشعة ليزر ،
أو مشاريع فضاء ، أو طائرات هليكوبتر ،
بل لم يكن هوس الأطباق الطائرة
حتى مجرد فكرة في أذهان العلماء أو العامة .
كل هذا ، ويأتي ( جيسوب )
لينشر مقالاً عن تقنية مذهلة ، في الماضي السحيق ..
السحيق جدًا ..
وكان من الطبيعي ،
والحال هكذا ، أن يثير مقال ( جيسوب ) عاصفة عاتية من الجدل ،
وموجة مدهشة من الرفض والاستنكار ،
بل الغضب أيضًا ..
ولكن ( جيسوب )
لم يكن مجرد كاتب مقال ..
إنه عالم ..
وعالم من المعدودين على أصابع اليد الواحدة أيضًا ..
وعندما يأتي حديث كهذا ،
على لسان وقلم عالم مهيب ، مثل ( موريس جيسوب ) ،
كان من الطبيعي أن يتوقف العلماء أمامه طويلاً ..
ولأن العلم لا يدحضه إلا العلم ،
فقد بدأ علماء آخرون يدرسون صور ( جيسوب ) ويخضعونها
لعشرات الفحوص والاختبارات ، في الوقت نفسه الذي شد فيه بعض العلماء رحالهم ،
وسافروا إلى أميركا الوسطى ، حيث حضارة ( الأنكا )
لرؤية تلك الأحجار الضخمة بأنفسهم .
وكانت النتائج مدهشة ،
بكل المقاييس ..
file:///F:/مــش%20فـاكر%20-%20مقالة%20لها%20معنى%20و______%20أعجبتنى_files/tempmachu.jpg
فعدد المؤيدين لفكرة ( جيسوب ) ونظريته ، تضاعف ثلاث مرات ،
بعد فحص ودراسة بقايا حضارة ( الأنكا ) ،
في حين راحت البقية الباقية من العلماء ،
والتي رفضت بإصرار مغادرة معاملها ، بحجة أنها ترفض تصديق الفكرة من الأساس ، فما بالك بالسعي لإثباتها ،
تستنكر أن يخرج ( موريس جيسوب ) بأية نظرية ، أيًا كان نوعها ،
لأنه لا يحمل شهادة الدكتوراه رسميًا .
ولكن ( جيسوب ) واصل إصراره على نظريته ، بمقال جديد ،
نشرته المجلة العلمية نفسها ، ليشير فيه إلى أن صانعي تلك الأحجار ،
ليسوا من سكان كوكب الأرض ، وإنما هم رواد فضاء ، أتوا إلينا بتكنولوجيتهم المتقدمة
من عالم آخر .
وعلى الرغم من أن نظريته هذه كانت الأسبق ، إلى ما عرف بعد ثلاثة عقود
باسم ( نظرية رواد الفضاء القدامى ) ، إلا أنها قوبلت برفض شرس عنيف ،
خاصة وأنها مبنية على افتراض محض ، وليس على دلالة علمية واضحة ثابتة ..
ومرة أخرى ،
عاد الحديث والهجوم ،
حول عدم حصول ( جيسوب ) على شهادة الدكتوراه .
ولكن العالم الألماني ( أريك فون دانكن ) ، والحاصل على ثلاث درجات دكتوراه ،
فاجأ الكل بمقال ساخن ، أيد فيه ،
بكل حماس وحرارة ، نظرية ( موريس جيسوب ) ، بل حبذ رأيه الخاص بالفضائين القدامى .
وهنا ظهرت موجة من الحيرة الحقيقية
، وخاصة بعد إعلان كشف الليزر ، وتأثيراته المدهشة ، التي تجعله قادرًا على صنع نقوش معقدة دقيقة ،
شبيهة بتلك الموجودة على أحجار ( الأنكا ) ، وبدء عصر الفضاء ،
وإعلان رجل الأعمال ( كينيث أرنولد ) عن رؤية الأطباق الطائرة لأول مرة ،
والحديث عن حادثة سقوط أحد الأطباق الطائرة ، في مدينة
( روزويل ) بولاية ( نيومكسيكو ) .
كل الأحداث والتطورات العالمية ، بدأت تتجه نحو تأييد نظرية ( جيسوب ) الذي قرر ،
بعد انتهاء الحملة الأثرية ، استكمال بحوثه حول البقايا الأثرية في أميركا الوسطى ،
على نفقته الخاصة ، فسافر إلى ( المكسيك ) ، في أواخر الخمسينات ،
ليبدأ سلسلة جديدة من الأبحاث ، قادته أيضًا إلى مفاجأة مدهشة ،
لا تقل ، بأي حال من الأحوال ،
عن مفاجأة أحجار ( الأنكا ) .
لقد عثر هناك على مجموعة من الأشكال الجيولوجية ،
التي أثارت انتباهه للوهلة الأولى ،
فراح يدرسها لعام كامل ، قبل أن يرسل مقاله الجديد ،
إلى تلك المجلة العلمية المحترمة .
لقد أثبت ( جيسوب ) هذه المرة ،
أن الأشكال والحفر الجيولوجية
في ( المكسيك ) ، هي حفر صنعها انفجار بعض القنابل والألغام .
ومع الضجة التي صنعها مقاله الجديد ،
خرج ( جيسوب ) بفكرة ثانية ،
تؤيد فكرته الأولى ، وتقول : إن تلك الحفر نتاج قصف جوي ،
من سفن فضائية متقدمة .
هاجت الأوساط العلمية وماجت
مرة أخرى ، واستنكرت واستهجنت كعادتها ،
على الرغم من صور ( جيسوب ) ودراساته ، ومقاله الثالث ،
الذي ربط بين طبيعة تلك الحفر المكسيكية ،
وبين الحفر القمرية الغامضة ،
المعروفة باسم ( لين ) و ( هيجينا س . ن ) في حجمها وشكلها .
ثم جاء من علماء الفلك من أيده ،
ووافقه على هذا التشابه المدهش ،
مع التحفظ على فكرة الهجوم الفضائي .
ومع موجة الاعتراض والاستنكار ،
تسرب خبر يؤكد أن القوات الجوية الأميركية لديها مجموعة من الصور ، الملتقطة من الجو ،
لتلك الحفر ، عن طريق طائرات استطلاع ،
وبناء على إذن من الحكومة المكسيكية ،
وأنها تقارن فعليًا بينها ، وبين حفر القمر ،
في محاولة لإيجاد تفسير علمي للموقف كله .
وهنا تضاعفت الحيرة ألف مرة ..
الأمر جاد جدًا إذن ،
وليس مجرد هوس عالم ، في الخمسينات من عمره ..
هناك بالفعل حضارة متقدمة ،
سادت الأرض منذ ملايين السنين ،
وتركت آثارها في أماكن شتى .
وهدأت العاصفة نوعًا ما ،
وبدأ البعض يستسلم ويستكين
لنظرية رواد الفضاء القدامى هذه
، على الرغم من غرابتها ،
وخاصة مع عشرات الدلائل ، في شتى أنحاء الأرض ،
والتي تشير إلى هذا ، على نحو ما .
ففي ( فيينا ) عام 1937 م ، اكتشف أحد علماء الآثار ،
في قرية ( ليساك ) حجرًا أصفر اللون ، عليه نقوش لرجال يرتدون حلات حديثة ،
ونساء يرتدين الملابس الحريرية ،
ويحملن الحقائب الأنيقة ،
ونقوش لشوارع ووسائل مواصلات .
ولكن العلماء أكدوا
أن عمر ذلك الحجر بنقوشه ،
يعود إلى مليون سنة قبل الميلاد على الأقل .
وفي عام 1957 م ،
في قصر ( توب كابو ) في ( استانبول ) ،
عثر أحد العلماء على خريطة نادرة
للقرصان ( بيري ريس ) ،
وتلك الخريطة تصور العالم كله بدقة مدهشة ،
وبالذات القارة القطبية الجنوبية ،
كما تصور بعض السحب اللامعة
فوق القطبين ، الشمالي والجنوبي .
وتلك الخريطة تتشابه تمامًا مع الخرائط ،
التي يتم التقاطها من الجو ،
وبالذات ذلك الجزء الخاص بالسحب اللامعة
، والذي لم يتم رصده
قبل منتصف خمسينات القرن العشرين
، وعلى الارتفاع نفسه ،
الذي أشارت إليه الخريطة .
المدهش مع كل هذا ،
أن خريطة ( بيري ريس ) تعود إلى العام 1550 م ..
وقبل هذا بأكثر من قرن ،
وفي يونيو 1844 م ، عثر بعض العمال
، في جنوب ( انجلترا ) ،
وتحت الأرض بثلاثة أقدام ،
على خيوط من الذهب الخالص .
خيوط نقية للغاية ، ودقيقة ، ومتينة إلى حد مدهش ،
وعلى نحو لا يمكن أن يتواجد أبدًا في الطبيعة .
وعمر تلك الخيوط ،
كما قدر العلماء ، يزيد عن الثلاثين ألف عام ..
وفي ( تركيا ) ، في فترة مقاربة ،
عثر العلماء على إبر معدنية طويلة ،
غير قابلة للصدأ ،
عمرها يزيد عن تسعة آلاف عام .
وفي ( بيرو ) عثروا على قطع من الذهب الخالص
، الخالي من الشوائب ،
بنسبة مائة في المائة ، ومصنوعة بأشكال تثير العجب ،
وتوحي بأنها قطع من آلة ما ،
ويعود عمرها إلى خمسين ألف سنة على الأقل .
وفي ( روسيا ) ،
وجد العلماء قطعًا من البلور ،
ذات النشاط الاشعاعي ،
يعود عمرها إلى آلاف السنين
، على الرغم من أنه من المستحيل أن تتكون ،
إلا إثر انفجار نووي عنيف .
وبدأ العالم يخضع لنظرية ( جيسوب ) ، و ..
ولكن فجأة ،
ظهرت نظرية جديدة ..
ومدهشة ..
للغاية .
(3) منذ ملايين السنين ..
مع ازدياد حماس وإصرار العالم
( موريس جيسوب ) ، على نظريته العجيبة ،
التي تشير إلى وجود زوار من الفضاء الخارجي ،
أتوا إلى الأرض منذ ملايين السنين ،
وتركوا فيها عشرات الآثار والأدلة ،
التي لا تفسير آخر لها ، تزايد الجدل العلمي على الساحة
، وبدأ تحد جريء بين العلماء ،
الذين لم يستطيعوا إنكار كل الأدلة العلمية المؤكدة ،
على وجود تقدم علمي مدهش ساد العالم ،
قبل تلك الحضارة التي نعرفها الآن
، وإن رفضوا في الوقت ذاته ،
تأييد ( نظرية رواد الفضاء القدامى ) تلك ،
والتي تبناها ، إلى جوار ( جيسوب ) ،
عدد لا بأس به ، من مشاهير وكبار العلماء ،
بقدر ما رفضها
واستنكرها البعض الآخر في عنف .
ثم جاءت تلك النظرية الجديدة .
النظرية التي اعتمدت على واقعة سابقة ،
لأحد الكشوف المهمة للغاية في
كهوف ( تاسيلي ) الجزائرية .
ففي عام 1936 م ، نشرت الصحف الباريسية
صورة لنقش جداري ،
التقطها تاجر برتغالي راحل ،
داخل بعض الكهوف ، في الصحراء الجزائرية ..
ذلك النقش كان لإنسان ضخم ،
وحوله كائنات طائرة وسائرة ،
هي مزيج من البشر والطيور والحيوانات ..
وفي زاوية الصورة ،
وبخط التاجر البرتغالي ،
وجدت عبارة تقول : إن تلك الكهوف
تحوي أسرار الكون القديم ..
وعلى الرغم من أن الأمر يمكن أن يمر مرور الكرام ،
شأن أي خبر صحفي عادي ،
إلا أنه أثار بشدة اهتمام الرحالة ( بربنان )
الذي التقط طرف الخيط ،
وراح يسعى لإقناع العديد بتمويل بعثة استكشافية
إلى هناك ،
حتى عثر على التمويل اللازم ،
وانطلق مع فريق محدود من الرجال ،
على ظهور البغال والجمال ، ب
حثًا عن تلك الكهوف ، وفي عام 1938 م ..
ولم تكلل بعثة ( بربنان ) بالنجاح المنشود
، ولكنه خرج منها بكتاب عجيب ،
يتحدث عن قارة ( اطلانطس ) ،
ويؤكد أنها لم تغرق في المحيط الأطلنطي ،
وإنما في الصحراء الليبية الجزائرية ،
وأنها ، لسبب جيولوجي عجيب ،
غرقت في بحر من الرمال ،
ودفنتها عوامل التعرية والردم لسنوات وسنوات ..
وحتى الكتاب نفسه ،
لم يلق قبولاً يذكر ، أو اهتمامًا يستحق التقدير ، وخاصة مع اندلاع الحرب العالمية الثانية ،
وانشغال العالم بالتحديات العسكرية الجديدة الرهيبة ..
ثم انتهت الحرب ،
وشبع الناس حديثًا عنها ،
وانشغلوا بعض الوقت بنظرية الدكتور ( جيسوب ) ،
عن رواد الفضاء القدامى ،
والجدل الدائر حولها ، و ..
والتقط رحالة مغامر ذلك الخيط ..
رحالة يدعى ( هنري لوت ) ،
شغلته بعثة ( بربنان ) ،
ونسخة قديمة من تلك الصحيفة ،
التي حوت صورة التاجر الغربي ،
ومزج هذا بذاك ليتخذ قراره بخوض التحدي الجديد ..
وفي عام 1956 م وبعد حرب طويلة
للحصول على التمويل اللازم ،
خرج ( هنري لوت ) ببعثته إلى تلك المنطقة ،
المعروفة باسم ( جبارين ) ،
عند الحدود الصحراوية ، الجزائرية الليبية ..
ولأن ( هنري لوت )
كان أكثر حماسًا ممن سبقوه ،
وأكثر إصرارًا على الفوز ،
فقد نجح في العثور على
كهوف جبال ( تاسيلي ) الجزائرية ،
واندفع مع بعثته داخلها ،
وكلهم لهفة لرؤية النقوش داخلها ..
وكانت في انتظارهم مفاجأة مذهلة ..
مفاجأة تفوق ، وبآلاف المرات ،
كل ما حلموا بالعثور عليه ، في ذلك المكان ،
الذي سعوا إليه طويلاً ..
فالكهوف كانت أشبه بمتحف كامل
من النقوش واللوحات العملاقة ،
التي يعود عمرها إلى ما يزيد عن عشرة آلاف عام
، على أقل تقدير ..
كانت النقوش لعمالقة هائلين ،
ومخلوقات عجيبة مدهشة ،
ولكن بعضها كان مذهلاً بحق ..
فعلى جدران كهوف ( تاسيلي ) ونقوشها
التي لا يقل عمرها عن عشرة آلاف عام ،
رأى أفراد البعثة أناسًا يرتدون الملابس اللامعة
، ويطيرون في السماء بخوذات متألقة ،
وثياب أشبه بما يرتديه رواد الفضاء ..
نقوش لرجال ونساء يسبحون في الهواء ،
وفوق السحاب ، وحولهم أجسام معدنية ضخمة
، لها نوافذ كبيرة ،
وتطل منها عيون ضخمة ..
ونقوش أخرى لما يشبه كابينة قيادة
، داخل صاروخ فضائي أو طائرة ،
ونساء لهن رؤوس طيور ويحملن مظلات واقية من الشمس ،
وضفادع بشرية بأدوات غوص كاملة ..
وعاد ( هنري ) بما التقطه من صور ،
ليبهر العالم كله بما توصل إليه
، وليعلن أن العالم القديم قد عرف ما كنا نتصور
أنه مخترعات ومبتكرات حديثة للغاية ..
وفي الوقت ذاته ،
الذي عاد فيه ( هنري لوت ) بكشفه المذهل ،
كان ( جيسوب )
يحمل إلى العالم صورة لنقش من نقوش
معابد ( بيرو ) ،
يمثل هنديًا يجلس داخل ما يشبه كابينة قيادة فضائية ،
في محاولة لتأكيد نظريته القديمة ..
ووسط كل هذا ظهرت النظرية الجديدة ..
نظرية تستبعد تمامًا فكرة الفضائيين القدامى ،
وتضع احتمالاً آخر ،
ربما يبدو أكثر غرابة ، ولكنه ،
وعلى الرغم من هذا ، أقرب كثيرًا إلى المنطق
..
نظرية تقول : كانت هناك حضارة أرضية عظيمة ،
سبقت حضارتنا المعروفة بآلاف ،
أو ربما ملايين السنين ، وسادت الأرض ،
وبلغت أضعاف ما بلغناه نحن
قبل أن تقضي عليها كارثة طبيعية رهيبة ،
أو حروب نووية عنيفة ، فتندثر تمامًا ،
ولا يتبقى منها إلا ما تركته لنا من دلائل
غير مباشرة على وجودها ..
والعجيب أن تلك النظرية
لم تواجه بالغضب والثورة والاستنكار ،
كنظرية رواد الفضاء القدامى ..
فبعض العلماء ، وربما معظمهم ،
مالوا إلى تصديقها ،
مؤكدين أن هذا يمكن حدوثه لحضارتنا الحالية نفسها ،
وخاصة
بعد صنع القنابل الذرية والنووية والهيدروجينية ،
والسباق على انتاجها وتخزينها ، والتهديدات الأميركية السوفيتية المستمرة لاستخدامها ،
في ذلك الحين ..
ولقد وضع أحد العلماء
تصورًا لحضارة شبيهة بحضارتنا ،
سادت ثم بادت ، بسبب حروب نووية عنيفة ،
أطاحت بكل منجزاتها ،
وسحقت كل ما صنعته ،
في حين راحت القلة القليلة من البشر ، التي نجت من ذلك الدمار الرهيب ،
تكافح للاستمرار في الحياة ،
بعد أن فقدت كل شيء ، فعادت بها الأمور إلى العصور الحجرية ، وعصور الكهوف
وراح الذين نجوا ينقشون تاريخهم على جدرانها
، قبل أن يندثروا بدورهم ،
وتضيع ذكرياتهم مع ضعف إمكانياتهم ،
ويسير العالم نحو حضارة جديدة ،
هي حضارتنا الحالية ..
ووجد الشطر الأعظم من العلماء
في هذا تفسيرًا للغوامض العديدة ،
التي يموج بها العالم ،
وحسمًا لفكرة الفضائيين ، و ..
ولكن ( جيسوب ) رفض الفكرة بشدة ،
وأصر أكثر وأكثر على موقفه ،
وراح ، ولأول مرة في حياته ،
يهاجم بعنف نظرية علمية جديدة مطالبًا
بالأدلة عليها ومقدمًا أدلة جديدة ،
على فكرة الفضائيين ، الذين زاروا الأرض منذ آلاف السنين ..
فمن وجهة نظر ( جيسوب ) ،
لم يكن من المنطقي أن تتطور حضارة أرضية
، حتى تبلغ ذلك الرقي المدهش ،
ثم تضيع وقتها في صنع أحجار عملاقة ،
ذات نقوش معقدة ، أو بناء أهرامات حجرية ضخمة ،
أو جدران من قطع حجرية واحدة ، ت
زن آلاف الأطنان .
أما لو كان صناع تلك الأشياء مجرد فضائيين ،
من عالم آخر ،
فالأمر يبدو أكثر منطقية في هذه الحالة ،
إذ أن الفضائيين المتقدمين
سيصنعون ما يبهر سكان الأرض البدائيين حينذاك ،
حتى لو كان أحجارًا منقوشة ،
باعتبار أن هذا سيصبح يومًا أحد أدلة وجودهم ..
وعاد ( جيسوب ) هذه المرة ،
ليؤكد أن الفضائيين ، ما زالوا يزورون الأرض ،
لدراسة ردود الأفعال ، تجاه ما تركوه لها من آثار ودلائل ،
باعتبار أن لحظة توصل الأرضيين إلى الحقيقة ،
هي اللحظة المناسبة لإعلان وجودهم ..
وفي هذه المرة ،
لم يكن ( جيسوب ) موفقًا في مقاله الغاضب ،
والذي لم يقنع أحدًا على الإطلاق ،
سواء من معارضيه أو مؤيديه ..
ثم إن الاقتناع بوجود حضارة سابقة ،
أكثر سهولة من الاقتناع بوجود حضارة من عالم آخر بالتأكيد ..
وهكذا كانت المعارضة عنيفة ، وقاسية ..
وإلى أقصى حد ..
وعلى الرغم من أن ( جيسوب )
كان في أواخر الخمسينات من عمره ،
إلا أنه لم يكن قد فقد روح المقاتل الشرس بعد ،
لذا فقد واجه العالم كله بمقال ملتهب جديد ،
يؤكد فيه صحة نظريته ..
وفي هذه المرة ،
لم يكتف ( جيسوب ) بآرائه الشخصية ،
وإنما أكد أن لديه أدلة جديدة ، لا تقبل الشك ..
أدلة حاسمة ، ومدهشة ..
إلى أقصى حد ممكن
4) اللغز
من الواضح أن الفترة الطويلة ، التي قضاها
( موريس جيسوب ) ،
العالم العبقري ، وصاحب
( نظرية رواد الفضاء القدامى ) ،
في أميركا الوسطى ، ووسط معابد حضارات ( المايا ) ،
و ( الأنكا ) ، وحضارات ( بيرو ) القديمة ،
كان لها تأثير كبير في تكوين ذلك الرأي ،
الذي اقتنع به ، وقاتل في سبيله بشدة ، والذي يشير إلى أن رواد فضاء في عوالم أخرى ،
قد زاروا كوكبنا ، منذ ملايين أو آلاف السنين ، وتركوا بصماتهم على أشياء عديدة ،
كنا ولا نزال نعتبرها من غوامض وألغاز العلم ، في عصرنا الحديث هذا .
وعندما ظهرت نظرية الحضارة القديمة السابقة ،
لتنافس ( نظرية رواد الفضاء القدامى ) ،
أدرك ( جيسوب ) أنه أمام تحدٍ جديد ، وأن عليه أن يقاتل بمنتهى العنف ،
لإثبات صحة نظريته ، أمام النظرية الجديدة ،
التي رفضها بشدة .
لذا ، فقد نشر ( جيسوب ) بعض الصور ،
التي التقطها من طائرة استطلاع ، للنقوش المرسومة على أرضية منطقة جبال ( بيرو ) .
فلزمن طويل ، كانت تلك النقوش
تبدو أشبه برسم بياني عملاق ،
أو تخطيط لقنوات مياه متشعبة ،
وإن بدا من العجيب أن يتم حفرها في منطقة جبلية كهذه .
ثم بدأ ( جيسوب )
يرسم خريطة لتلك النقوش ..
ورويدًا رويدًا ، بدأت الصورة تتضح أمامه ..
إنها ليست مجرَّد قنوات ..
إنه رسم عملاق للغاية ،
يمتدّ لعشرات الكيلومترات ، على نحو مدهش ، ومحير في الوقت نفسه .
وبواسطة طائرة استطلاع ،
تمكن ( جيسوب )
من رؤية تلك النقوش كاملة لأول مرة ..
فعلى ارتفاع هائل من الأرض ،
بدا الرسم واضحًا ودقيقًا ، على نحو لا يقبل الشك ،
ولا يحتمل التكذيب .
كان هناك رسم لرجل عملاق ،
يمتد لعشرات الكيلومترات ، بخطوط مستقيمة تمامًا
، على الرغم من امتدادها ، ورسم آخر لجواد ،
يمتد للمسافة نفسها تقريبًا ، وبالخطوط المستقيمة جدًا .
والتقط ( جيسوب ) عشرات الصور للرسمين ، بمقياس رسم واضح ، وعرضها كلها في مقاله الجديد ، مع سؤال واحد .
لماذا يرسم شعب حضارة قديمة رسمين بهذه الضخامة ، وهو يدرك جيدًا أنه من المستحيل رؤيتهما ، إلا من ارتفاع شاهق جدًا ؟!
بل وكيف أدركت حضارة قديمة ، أنه من الممكن أن يرتفع المرء ، بأية وسيلة كانت ، إلى ذلك الارتفاع الشاهق ؟!
وفي الوقت ذاته ، استبعد ( جيسوب ) أن تقوم حضارة متقدمة ، سابقة أو حالية أو حتى مستقبلية ، بإضاعة جهدها ووقتها وتقنيتها ، في صنع نقش أرضي هائل كهذا ، دون سبب منطقي .
ثم أن حفر خطوط مستقيمة على هذا النحو ، ولعشرات الكيلومترات ، يحتاج إلى تقنية مدهشة ،
وحسابات بالغة الدقة .
التفسير الوحيد الذي وضعه ( جيسوب ) ، هو أن سكان ( بيرو ) القدامى كانوا على اتصال بالفضائيين ،
وأن النقشين كانا مجرد إشارة لمواقع الهبوط ،
أو علامة صداقة ، يمكن رؤيتها من مسافات شاهقة ، في الفضاء البعيد .
وفي الوقت نفسه
، الذي نشر فيه ( جيسوب ) مقاله هذا ، طرح في الأسواق كتاب جديد يحمل اسمه ،
مع عنوان يربط به مشاهدات الكتاب المقدس القديمة ، وما يطلق عليه الآن اسم ( الأطباق الطائرة ) .
كان من الواضح أنه مقتنع بالفكرة حتى النخاع ..
وأنه مستعد للقتال من أجلها أيضًا ..
وحتى الموت ..
ومرة أخرى ،
وكما يحدث عادة ، أثار ( جيسوب )
موجة هائلة من الجدل العلمي ، في كل أنحاء العالم ، وهو يضيف في كل يوم مقالاً جديدًا ،
يؤيد نظريته ، ويؤكد هبوط رواد فضائيين في عالمنا يومًا ما ، منذ سنين عديدة
، لا يعلم عددها إلا الله ( سبحانه وتعالى ) .
وانقسم العلماء بين النظريتين ،
وإن حظت نظرية الحضارة القديمة السابقة
بالعدد الأكبر منهم ، على الرغم من حرب ( جيسوب ) المناضلة المستميتة .
وحتى آخر أيام عمره ،
الذي تجاوز السبعين ببضع سنوات ، ظل ( موريس جيسوب ) يدافع عن نظريته الفضائية ،
ويؤكد في كل لحظة أن عالمنا كان ولا يزال ،
مزارًا لرواد فضاء من كواكب أخرى ،
وأنهم تركوا عشرات الأدلة على وجودهم ، ولكن بعض العقول العمياء ترفض تصديق هذا ،
نظرًا لأنانية الانسان ،
الذي يرفض دومًا الاقتناع بأنه ليس الكائن العاقل الوحيد في الكون .
ولأن هذا كان شغله الشاغل ، وهدفه الوحيد
، فقد راح يجوب العالم ، بعد حتى أن تجاوز الخامسة والستين من عمره
، ليجمع الأدلة والبراهين على صحة نظريته ، ونشر عبر مقالاته مئات الصور
، لنقوش عبرية ،
وفرعونية
، وآشورية ، توحي كلها بهبوط أجسام من الفضاء ،
واستقبال سكان الأرض
لها باحترام بالغ .
وأثناء حربه المستعرة ، جاء بعض رواد الفضاء لزيارة ( مصر ) واتجهوا بالطبع إلى المتحف المصري للآثار القديمة
، وانبهروا بالحضارة المصرية ، الفرعونية ، ثم توقفوا أمام نموذج صغير لعصفور ،
كما تقول اللوحة الملصقة بصندوقه ، قبل أن يهتف أحدهم بأن ذلك النموذج يشبه الطائرة
، بأكثر مما يشبه الطائر .
وهنا ، جاء المسؤولون عن المتحف ،
وأخرجوا النموذج من صندوقه الزجاجي ، ووضعه في يد علماء وخبراء الفضاء والطيران ،
لفحصه وتقييمه .
وجاء تقرير الخبراء ،
ليضع أمام العلم لغزًا جديدًا مدهشًا ..
ذلك النموذج ، الذي يتجاوز عمره ستة آلاف عام ،
هو لطائرة وليس لطائر ، دون أدنى شك .
بل ويصلح للطيران أيضًا ،
لو تم تنفيذه بالنسب نفسها ، وبمادة خلاف الصلصال المصنوع به .
وبمنتهى الدقة .
وعلى الرغم من أن ذلك الكشف مصري بحت ،
إلا أن ( جيسوب ) تشبث به
واتخذه دليلاً على صحة نظريته ، وعلى أن رواد فضاء قدامى قد جاؤوا من كوكب آخر ، وتركوا آثارهم على الأرض .
ولكن أصحاب نظرية الحضارة السابقة
، كانت لديهم مفاجأة أخرى ..
أن نموذج الطائرة ، في المتحف المصري ، يؤيد نظريتهم ، وليس نظرية ( جيسوب ) .
فوفقًا لنظريتهم ، لا يمكن أن تندثر المعارف تمامًا ، ما دام بعض الأحياء قد نجوا ،
من الكارثة التي أودت بالحضارة القديمة المفترضة .
ستبقى بعض العلوم والمعارف في الأذهان حتمًا ،
ولكن دون تفاصيل دقيقة ،
أو حتى دون تقنية كافية ، لتحويلها إلى حقائق ملموسة .
لذا فقد نقل بعضهم إلى أبنائه نموذج الطائرة
، وشرح لهم استخداماتها ، ولكنه مات ، وماتت معه ذكرياته البصرية ، وخبراته العملية عنها ، ولم يتبق لورثته سوى ذلك النموذج
، الذي علموا ابناءهم وأحفادهم صنعه ، ونقلوا إليهم القليل من معارفهم عنه .
ومع مرور الوقت ، وتعاقب الأجيال
، اندثرت المعارف رويدًا رويدًا ، ولم يتبق سوى أسلوب صنع النموذج ، الذي تحول إلى تراث عائلي
، ثم انتهى به الأمر إلى صندوق زجاجي ،
في متحف الآثار المصري .
بل ، وربما يجهل صانعه نفسه فائدته
، أو ما تعنيه وتمثله نسبه ..
ولأن فكرتهم منطقية أيضًا ، فقد أغضبت ( جيسوب )
، وجعلته يندفع لمهاجمة استنادهم إلى نقوش كهوف ( تاسيلي ) أيضًا مؤكدًا أنها ،
بالنسبة له ، تبدو أشبه لرسوم عن كائنات من كوكب آخر ، سادت الأرض يومًا ،
قبل أن تترك آثارها خلفها ،
وتعود إلى كوكبها .
واستمرت الحرب عنيفة قوية ملتهبة ،
حتى حسمها أمر لا مفر منه .
موت ( موريس جيسوب ) ..
فبموته ، هدأ لهيب المعركة
، ولكن الفريق المعتقد بنظرية
الحضارة السابقة المندثرة لم ينتصر
، في الوقت ذاته ، إذ ترك ( جيسوب )
خلفه فريقًا من المؤيدين لنظريته ،
والمقاتلين من أجل إثباتها طوال الوقت .
وحتى لحظة كتابة هذه السطور ،
لا يزال اللغز قائمًا
، ولم ينحسم قط ،
منذ أشعله ( جيسوب )
قبل ما يزيد عن نصف القرن .
صحيح أن أحدًا لم ينكر وجود عشرات الدلائل والبراهين
، في شتى أنحاء العالم ،
عن وجود تقنيات حديثة ، وربما أكثر تطورًا منا في عصور سابقة ، تفصلنا عنها آلاف وملايين السنين .
ولكن أحدًا لم يضع تفسيرًا حاسمًا لوجودها قط
، أهي آثار رواد فضاء قدامى
، اتخذوا من كوكب الأرض يومًا ،
مزارًا سياحيًا لهم ؟!
أم هي بقايا حضارة قديمة بائدة ؟!
لا أحد يدري .
وربما لا يدري أحد من ترك كل هذا !
ومن أولئك الذين كانوا هنا يومًا ؟!
ربما لا يدري أحد ..
أبدًا .
منقول
!!كابيتشينو!!
عضـــــو مشـــــارك تاريخ التسجيل: Nov 2004
المشاركات: 58
الذين كانوا
--------------------------------------------------------------------------------
ابدا بشكر خاص لاخي العزيزAKG علي المجهود الوافر في نقل هذه القصة
(1) البحث .
فجأة ، فجرت الولايات المتحدة الأميركية قنبلتها الذرية الأولى
، في مدينة ( هيروشيما ) اليابانية ، لتثير الذعر فى العالم أجمع ،
مع مولد ذلك السلاح الجبار ، الرهيب ،
الذي جعل مخاوف قرب فناء العالم تملأ العقول والقلوب ،
وتشعل نار الهلع في النفوس ..
ولأسابيع طويلة ،
بعد أن وضعت الحرب أوزارها ، عقب تفجير القنبلة الثانية في ( ناجازاكي )
، لم يكن للعالم كله حديث ، سوى عن انفجار ، عش الغراب العملاق
file:///F:/مــش%20فـاكر%20-%20مقالة%20لها%20معنى%20و______%20أعجبتنى_files/bomb3.jpg
الذى سحق ملايين البشر بضربة واحدة ، وقفز بالولايات المتحدة الأميركية
إلى قمة العالم ، و ..
وقبل حتى أن تهدأ العاصفة ، تفجرت قنبلة جديدة ..
وأيضًا من الولايات المتحدة الأميركية ..
ولكن تلك القنبلة الجديدة لم تكن ذرية
، أو نووية ، أو حتى هيدروجينية هذه المرة
، بل كانت قنبلة علمية محضة ..
قنبلة تمثلت في مقال من ست صفحات ،
نشرته إحدى المجلات العلمية الجادة المحترمة ، وحمل توقيع واحد من أشهر العلماء
في ذلك العصر ..
توقيع الدكتور ( موريس كاتشم جيسوب ) .
وقبل أن نتحدث عما حواه مقال
الدكتور ( جيسوب ) ، الذي قلب الأوساط العلمية رأسًا على عقب ،
وأشعل عقول المفكرين ، وبدأ نظرية علمية فريدة مدهشة ،
لم تحسم حتى هذه اللحظة ، لابد أن نلقي الضوء أولاً على الدكتور ( جيسوب ) نفسه
، وعقليته المدهشة .
وأول ما ينبغي أن تعرفه عنه ، هو أنه عالم ، وفلكي ،
وفيزيائي فضائي وعالم رياضيات ، وباحث ، ومحاضر ، ومؤلف مرموق أيضًا ..
وعلى الرغم من أن ( جيسوب ) ليس من النوع الذي يسعى إلى الشهرة ،
أو يهتم بها ، فقد نال حظًا وافرًا منها ، خلال حياته الحافلة .
ولقد ولد ( موريس جيسوب ) في بلدة ( روكفيل ) ، بولاية ( إنديانا بولس ) ،
في العشرين من مارس ، عام 1900 م ، ومع عمر السابعة عشرة ،
وقبيل أسابيع من دخول ( أمريكا ) الحرب العالمية الأولى رسميًا ،
تم استدعاؤه لأداء الخدمة الوطنية الإجبارية ،
ككل أقرانه ، ومع تخرجه من المدرسة العليا ، تم الحاقه بصفوف الجيش الأميركي ،
ليحصل فيه على رتبة ( سيرجنت ) .
والمدهش أن ( جيسوب ) ، على الرغم من عقليته العلمية المتألقة ،
كان مقاتلاً من الطراز الأول ،
خلال فترة الحرب ، وكانت له بطولات بهرت زملاءه ، وخلبت ألباب رؤسائه ،
حتى تصور الجميع أنه سيواصل العمل في صفوف الجيش ،
حتى يحمل على كتفيه حتمًا رتبة ( جنرال ) ..
ولكن ( جيسوب ) خالف ظنون الجميع ..
وبعنف ..
فما أن انتهت الحرب العالمية الأولى ،
حتى ألقى ( جيسوب ) العسكرية والجندية خلف ظهره ، دون أن يلتفت إليها لحظة واحدة ،
وانطلق يسعى لاستكمال تعلميه ، وللحصول على درجات علمية مناسبة ،
تؤهله لتدريس علم الفلك والرياضيات ، في واحدة من كليات الجامعة .
وكانت هذه معركة من نوع جديد ،
حقق فيها ( جيسوب )
أيضًا انتصارًا مدهشًا ليحصل على درجته العلمية بتفوق
، أهله بالفعل لتدريس علم الرياضيات والفلك
في جامعة ( دريك ) في ولاية ( آيوا ) ،
وجامعة ( ميتشجن ) في ( آن آربور ) .
وفي أواخر عشرينات القرن العشرين ،
راح ( جيسوب ) يستعد للحصول على درجة الدكتوراه ، من جامعة ( ميتشجن ) نفسها .
ولكن فجأة ،
وقبل أن يتم ما يسعى إليه ، لاحت له فرصة السفر إلى ( جنوب افريقيا ) ،
حيث مرصد
( لامونت - هوس )
التابع لجامعة ( ميتشجن ) ،
في ( بلوموفنتين ) ..
ولم يستطع ( جيسوب )
مقاومة هذا العرض أبدًا .
وبحزم لا مثيل له
، ترك فكرة الدكتوراه خلفه ، وحزم حقائبه ، وانطلق
ليعمل على أكبر تليسكوب انكساري ،
في نصف الكرة الجنوبي .
ويبدو أن العبقرية لابد أن تتبدى في وضوح
، في أي مجال يقتحمه صاحبها ،
فقد برع ( جيسوب ) في هذا المجال ،
وانطلق يعمل في برنامج بحث رائع متكامل ، انتهى به إلى
كشف عدد من النجوم الفيزيائية المزدوجة ،
والتي أثارت جدل العلماء طويلاً ،
قبل أن يتم الاعتراف بها علميًا ،
وتتم فهرستها في كاتلوج خاص ،
أعدته جمعية الفلك الملكية في ( لندن ) .
وبدأت الأوساط العلمية تتحدث في شغف
عن ( موريس جيسوب ) ،
وعن عبقريته
وكشوفه العلمية المدهشة .
وعاد ( جيسوب ) إلى الولايات المتحدة الأميركية ، لتستقبله شهرته الواسعة
، التي لم يبال بها كعادته ،
وإنما انشغل عنها باستغلال خبراته ، كقاعدة لرسالة الدكتوراه ،
التي قرر العودة إليها
، حول حقل الفيزياء الفلكية .
وفي العام 1933 م ، أكمل ( جيسوب ) عمله ، ونشره في واحدة
من كبريات المجلات العلمية العالمية ،
وبهر به الأوساط كلها كعادته .
ولكن المدهش
أنه لم يتقدم به لنيل درجة الدكتوراه
.. أبدًا .
كان من الواضح أنه من ذلك الطراز النادر من العلماء ،
الذي لا يبالي بالشهادات الورقية ، بقدر ما يبالي بالانجازات العلمية ذاتها ،
ولعل هذا ما دفع الجميع إلى مناداته بلقب الدكتور ،
من قبل حتى أن يحصل على الشهادة نفسها .
وفي الوقت الذي تنازلت فيه الجامعة ،
لدراسة ما أنجزه ،
تمهيدًا لمنحه درجة الدكتوراه ،
فوجئ به الجميع
يقبل وظيفة في وزارة الزراعة الأميركية ،
التي أوفدته مع فريق من العلماء
إلى ( البرازيل ) ،
لدراسة مصادر المطاط الخام ،
في منابع ( الأمازون ) ..
انتزعه الفضول العلمي كالمعتاد ، من الشهادة ، والدكتوراه ،
ليقضي عدة أعوام في الأدغال ،
وليخرج ببحوث وكشوف علمية جديدة ،
بهرت الجميع ، وأثارت الجدل كالمعتاد .
ومع ذيوع صيته ، وانتشار شهرته ، وسمعته ، اتصلت به
حملة من حملات استكشاف الآثار ،
وعرضت عليه على استحياء الانضمام إليها ،
في بعثة للبحث عن بقايا حضارة ( المايا ) ،
في أدغال أميركا الوسطى .
كان في هذه المرة أيضًا ، يستعد لنيل درجة الدكتوراه ،
وعلى الرغم من هذا ، فقد قبل عرض تلك الحملة ، وانطلق يحمل آلة التصوير ،
ويلتقط الصور في ( أميركا ) الوسطى ،
لسنوات وسنوات ،
اكتسب خلالها خبرات مدهشة
في هذا المجال ، ومعرفة واسعة
بتلك الحضارات ، ذات الطابع الخاص .
وبالطبع ، خرج من تلك الحملة بكشوف وأبحاث مدهشة ،
تستحق ألف درجة دكتوراه ، ولكنه ،
وكما يفعل في كل مرة ،
لم يحاول التقدم لأية جهة ،
مكتفيًا بنشرها ومناقشتها فحسب .
ويمكننا أن نقول : إن ( جيسوب )
قد انبهر بحضارة ( أميركا ) الوسطى ،
وخاصة عندما توصل إلى بعض بقايا ( الأنكا )
وما قبلها من شعوب وحضارات ،
وتوقف أمام معابدها الهائلة ،
ذات النقوش الدقيقة المدهشة ، والأشكال شديدة التميز والتعقيد .
ومن هناك ،
راح ( جيسوب ) يرسل مقالات ساخنة ،
إلى عدد من المجلات العلمية ،
وتلك المهتمة بالآثار القديمة ،
على نحو أثار انتباه واهتمام العامة قبل المتخصصين ،
فراح الكل يلهث خلف متابعاته ،
ومفاجآته ،
لولا أن اشتعلت الحرب وأحداثها ،
وجذبت الكل بلهيبها ،
فانشغلوا عنه وعن أخباره .
وهو أيضًا توقف عن إرسال مقالاته ..
ولكن لسبب آخر ..
سبب مختلف تمامًا ..
فبخبراته في التصوير الفوتوغرافي للآثار ،
راح ( جيسوب ) يلتقط عشرات الصور
لمعابد وأحجار ( الأنكا ) ،
ويظهرها ويطبعها بنفسه ، و ..
وفجأة ، توقف أمام صورة مقربة لبعض النقوش ..
صورة أوضحت تفاصيل أكثر ،
بدقة أكثر ..
وطويلاً ،
راح ( جيسوب ) يدرس الصورة ويراجعها ،
ويفرك عينيه ألف مرة ومرة ،
وهو يطالعها ، ويطالعها ،
ويكذِّب عينيه مرة ، ومرة ..
بل مرات ..
وفي الصباح التالي ،
ومع أول ضوء شمس ، حمل ( جيسوب )
آلة التصوير الخاصة به ،
وعاد يلتقط عشرات الصور للمكان نفسه ،
ثم عشرات أخرى
لكل الأحجار والمعابد المحيطة به .
وبرسالة عاجلة ، أرسل يطلب شحنة ضخمة
من أفلام التصوير ،
على نحو أثار دهشة الجميع ،
إلا أنهم أرسلوا ما طلبه ،
دون أن يتصور مخلوق واحد ،
إلا أنه على أعتاب كشف علمي جديد .
وكانت هذه حقيقة .
لقد كشف ( جيسوب ) ، عن طريق صورة ،
أمرًا غاية في الغموض والخطورة
في نقوش معابد ( الأنكا ) وأحجارها الضخمة ،
ذات النقوش العجيبة شديدة التعقيد .
ولأن ( جيسوب ) عالم بحق ،
من قمة رأسه ، حتى أخمص قدميه ،
فقد تردد كثيرًا ، وهو يدرس الصور ألف مرة
، ويدرس الأماكن نفسها آلاف المرات
، قبل أن يحسم أمره ، ويجلس ليكتب مقاله الجديد ،
بعد سبعة أشهر كاملة من الانقطاع ،
دون أن يعلم
حتى أن الحرب قد انتهت ،
في ( أوروبا ) و ( اليابان ) .
ووصل مقال ( جيسوب ) إلى المجلات العلمية الأميركية ،
التي نشرته على الفور ،
مع ما يحويه من صور ودلائل .
وكانت مفاجأة للجميع ..
مفاجأة مذهلة .
(2) في الهواء .
من المؤكد أن المقال المدهش ، الذي نشره ( موريس جيسوب ) ،
في واحدة من أشهر المجلات العلمية ، في الولايات المتحدة الأميركية ،
وأكثرها مصداقية واحترامًا في العالم أجمع ،
كان قنبلة بكل المقاييس ،
خاصة وأنه قد دعمه بالصور والتحليلات والآراء العلمية القوية ،
التي تجعل الأمر ، على صعوبته ، عسير التكذيب .
ففي مقاله ،
وصف ( جيسوب ) الحجم الهائل لصخور حضارة ( الأنكا )
وضخامتها غير الطبيعية ، وأشكالها المعقدة الدقيقة ،
ثم أضاف إلى كل هذا نقاء تركيبها ، ليخرج بنتيجة علمية مدهشة .
أن تلك الأحجار ،
التي تعود إلى ملايين السنين قبل الميلاد ، ليست عملاً يدويًا ،
بأي حال من الأحوال .
إنها عمل آلي ، بكل ما تحمله الكلمة من معان ..
لقد تم صقلها ، ونحتها ،
وعمل تلك النقوش الدقيقة المعقدة عليها ، بوساطة آليات شديدة التقنية والتقدم ،
ولا يستبعد أن يكون بعضها قد تم عمله ، بوساطة أشياء
تفوق القدرات العلمية للعالم ، في تاريخ نشر المقال ، عام 1945 م .
بل لم يكتف ( جيسوب ) بهذا ،
وإنما أضاف إليه أن تلك الأحجار ،
قد بنيت حتمًا ،
في عهد ما قبل طوفان ( نوح ) ، ووضعت في أماكنها بوساطة أجهزة خاصة جدًا ،
تطير في الهواء ، مع استخدام مجال مضاد للجاذبية .
في تلك الفترة ، التي نشر فيها ( جيسوب ) رأيه هذا ،
لم يكن العالم أبدًا كما هو عليه الآن .
لم تكن هناك أجهزة كمبيوتر ، أو أشعة ليزر ،
أو مشاريع فضاء ، أو طائرات هليكوبتر ،
بل لم يكن هوس الأطباق الطائرة
حتى مجرد فكرة في أذهان العلماء أو العامة .
كل هذا ، ويأتي ( جيسوب )
لينشر مقالاً عن تقنية مذهلة ، في الماضي السحيق ..
السحيق جدًا ..
وكان من الطبيعي ،
والحال هكذا ، أن يثير مقال ( جيسوب ) عاصفة عاتية من الجدل ،
وموجة مدهشة من الرفض والاستنكار ،
بل الغضب أيضًا ..
ولكن ( جيسوب )
لم يكن مجرد كاتب مقال ..
إنه عالم ..
وعالم من المعدودين على أصابع اليد الواحدة أيضًا ..
وعندما يأتي حديث كهذا ،
على لسان وقلم عالم مهيب ، مثل ( موريس جيسوب ) ،
كان من الطبيعي أن يتوقف العلماء أمامه طويلاً ..
ولأن العلم لا يدحضه إلا العلم ،
فقد بدأ علماء آخرون يدرسون صور ( جيسوب ) ويخضعونها
لعشرات الفحوص والاختبارات ، في الوقت نفسه الذي شد فيه بعض العلماء رحالهم ،
وسافروا إلى أميركا الوسطى ، حيث حضارة ( الأنكا )
لرؤية تلك الأحجار الضخمة بأنفسهم .
وكانت النتائج مدهشة ،
بكل المقاييس ..
file:///F:/مــش%20فـاكر%20-%20مقالة%20لها%20معنى%20و______%20أعجبتنى_files/tempmachu.jpg
فعدد المؤيدين لفكرة ( جيسوب ) ونظريته ، تضاعف ثلاث مرات ،
بعد فحص ودراسة بقايا حضارة ( الأنكا ) ،
في حين راحت البقية الباقية من العلماء ،
والتي رفضت بإصرار مغادرة معاملها ، بحجة أنها ترفض تصديق الفكرة من الأساس ، فما بالك بالسعي لإثباتها ،
تستنكر أن يخرج ( موريس جيسوب ) بأية نظرية ، أيًا كان نوعها ،
لأنه لا يحمل شهادة الدكتوراه رسميًا .
ولكن ( جيسوب ) واصل إصراره على نظريته ، بمقال جديد ،
نشرته المجلة العلمية نفسها ، ليشير فيه إلى أن صانعي تلك الأحجار ،
ليسوا من سكان كوكب الأرض ، وإنما هم رواد فضاء ، أتوا إلينا بتكنولوجيتهم المتقدمة
من عالم آخر .
وعلى الرغم من أن نظريته هذه كانت الأسبق ، إلى ما عرف بعد ثلاثة عقود
باسم ( نظرية رواد الفضاء القدامى ) ، إلا أنها قوبلت برفض شرس عنيف ،
خاصة وأنها مبنية على افتراض محض ، وليس على دلالة علمية واضحة ثابتة ..
ومرة أخرى ،
عاد الحديث والهجوم ،
حول عدم حصول ( جيسوب ) على شهادة الدكتوراه .
ولكن العالم الألماني ( أريك فون دانكن ) ، والحاصل على ثلاث درجات دكتوراه ،
فاجأ الكل بمقال ساخن ، أيد فيه ،
بكل حماس وحرارة ، نظرية ( موريس جيسوب ) ، بل حبذ رأيه الخاص بالفضائين القدامى .
وهنا ظهرت موجة من الحيرة الحقيقية
، وخاصة بعد إعلان كشف الليزر ، وتأثيراته المدهشة ، التي تجعله قادرًا على صنع نقوش معقدة دقيقة ،
شبيهة بتلك الموجودة على أحجار ( الأنكا ) ، وبدء عصر الفضاء ،
وإعلان رجل الأعمال ( كينيث أرنولد ) عن رؤية الأطباق الطائرة لأول مرة ،
والحديث عن حادثة سقوط أحد الأطباق الطائرة ، في مدينة
( روزويل ) بولاية ( نيومكسيكو ) .
كل الأحداث والتطورات العالمية ، بدأت تتجه نحو تأييد نظرية ( جيسوب ) الذي قرر ،
بعد انتهاء الحملة الأثرية ، استكمال بحوثه حول البقايا الأثرية في أميركا الوسطى ،
على نفقته الخاصة ، فسافر إلى ( المكسيك ) ، في أواخر الخمسينات ،
ليبدأ سلسلة جديدة من الأبحاث ، قادته أيضًا إلى مفاجأة مدهشة ،
لا تقل ، بأي حال من الأحوال ،
عن مفاجأة أحجار ( الأنكا ) .
لقد عثر هناك على مجموعة من الأشكال الجيولوجية ،
التي أثارت انتباهه للوهلة الأولى ،
فراح يدرسها لعام كامل ، قبل أن يرسل مقاله الجديد ،
إلى تلك المجلة العلمية المحترمة .
لقد أثبت ( جيسوب ) هذه المرة ،
أن الأشكال والحفر الجيولوجية
في ( المكسيك ) ، هي حفر صنعها انفجار بعض القنابل والألغام .
ومع الضجة التي صنعها مقاله الجديد ،
خرج ( جيسوب ) بفكرة ثانية ،
تؤيد فكرته الأولى ، وتقول : إن تلك الحفر نتاج قصف جوي ،
من سفن فضائية متقدمة .
هاجت الأوساط العلمية وماجت
مرة أخرى ، واستنكرت واستهجنت كعادتها ،
على الرغم من صور ( جيسوب ) ودراساته ، ومقاله الثالث ،
الذي ربط بين طبيعة تلك الحفر المكسيكية ،
وبين الحفر القمرية الغامضة ،
المعروفة باسم ( لين ) و ( هيجينا س . ن ) في حجمها وشكلها .
ثم جاء من علماء الفلك من أيده ،
ووافقه على هذا التشابه المدهش ،
مع التحفظ على فكرة الهجوم الفضائي .
ومع موجة الاعتراض والاستنكار ،
تسرب خبر يؤكد أن القوات الجوية الأميركية لديها مجموعة من الصور ، الملتقطة من الجو ،
لتلك الحفر ، عن طريق طائرات استطلاع ،
وبناء على إذن من الحكومة المكسيكية ،
وأنها تقارن فعليًا بينها ، وبين حفر القمر ،
في محاولة لإيجاد تفسير علمي للموقف كله .
وهنا تضاعفت الحيرة ألف مرة ..
الأمر جاد جدًا إذن ،
وليس مجرد هوس عالم ، في الخمسينات من عمره ..
هناك بالفعل حضارة متقدمة ،
سادت الأرض منذ ملايين السنين ،
وتركت آثارها في أماكن شتى .
وهدأت العاصفة نوعًا ما ،
وبدأ البعض يستسلم ويستكين
لنظرية رواد الفضاء القدامى هذه
، على الرغم من غرابتها ،
وخاصة مع عشرات الدلائل ، في شتى أنحاء الأرض ،
والتي تشير إلى هذا ، على نحو ما .
ففي ( فيينا ) عام 1937 م ، اكتشف أحد علماء الآثار ،
في قرية ( ليساك ) حجرًا أصفر اللون ، عليه نقوش لرجال يرتدون حلات حديثة ،
ونساء يرتدين الملابس الحريرية ،
ويحملن الحقائب الأنيقة ،
ونقوش لشوارع ووسائل مواصلات .
ولكن العلماء أكدوا
أن عمر ذلك الحجر بنقوشه ،
يعود إلى مليون سنة قبل الميلاد على الأقل .
وفي عام 1957 م ،
في قصر ( توب كابو ) في ( استانبول ) ،
عثر أحد العلماء على خريطة نادرة
للقرصان ( بيري ريس ) ،
وتلك الخريطة تصور العالم كله بدقة مدهشة ،
وبالذات القارة القطبية الجنوبية ،
كما تصور بعض السحب اللامعة
فوق القطبين ، الشمالي والجنوبي .
وتلك الخريطة تتشابه تمامًا مع الخرائط ،
التي يتم التقاطها من الجو ،
وبالذات ذلك الجزء الخاص بالسحب اللامعة
، والذي لم يتم رصده
قبل منتصف خمسينات القرن العشرين
، وعلى الارتفاع نفسه ،
الذي أشارت إليه الخريطة .
المدهش مع كل هذا ،
أن خريطة ( بيري ريس ) تعود إلى العام 1550 م ..
وقبل هذا بأكثر من قرن ،
وفي يونيو 1844 م ، عثر بعض العمال
، في جنوب ( انجلترا ) ،
وتحت الأرض بثلاثة أقدام ،
على خيوط من الذهب الخالص .
خيوط نقية للغاية ، ودقيقة ، ومتينة إلى حد مدهش ،
وعلى نحو لا يمكن أن يتواجد أبدًا في الطبيعة .
وعمر تلك الخيوط ،
كما قدر العلماء ، يزيد عن الثلاثين ألف عام ..
وفي ( تركيا ) ، في فترة مقاربة ،
عثر العلماء على إبر معدنية طويلة ،
غير قابلة للصدأ ،
عمرها يزيد عن تسعة آلاف عام .
وفي ( بيرو ) عثروا على قطع من الذهب الخالص
، الخالي من الشوائب ،
بنسبة مائة في المائة ، ومصنوعة بأشكال تثير العجب ،
وتوحي بأنها قطع من آلة ما ،
ويعود عمرها إلى خمسين ألف سنة على الأقل .
وفي ( روسيا ) ،
وجد العلماء قطعًا من البلور ،
ذات النشاط الاشعاعي ،
يعود عمرها إلى آلاف السنين
، على الرغم من أنه من المستحيل أن تتكون ،
إلا إثر انفجار نووي عنيف .
وبدأ العالم يخضع لنظرية ( جيسوب ) ، و ..
ولكن فجأة ،
ظهرت نظرية جديدة ..
ومدهشة ..
للغاية .
(3) منذ ملايين السنين ..
مع ازدياد حماس وإصرار العالم
( موريس جيسوب ) ، على نظريته العجيبة ،
التي تشير إلى وجود زوار من الفضاء الخارجي ،
أتوا إلى الأرض منذ ملايين السنين ،
وتركوا فيها عشرات الآثار والأدلة ،
التي لا تفسير آخر لها ، تزايد الجدل العلمي على الساحة
، وبدأ تحد جريء بين العلماء ،
الذين لم يستطيعوا إنكار كل الأدلة العلمية المؤكدة ،
على وجود تقدم علمي مدهش ساد العالم ،
قبل تلك الحضارة التي نعرفها الآن
، وإن رفضوا في الوقت ذاته ،
تأييد ( نظرية رواد الفضاء القدامى ) تلك ،
والتي تبناها ، إلى جوار ( جيسوب ) ،
عدد لا بأس به ، من مشاهير وكبار العلماء ،
بقدر ما رفضها
واستنكرها البعض الآخر في عنف .
ثم جاءت تلك النظرية الجديدة .
النظرية التي اعتمدت على واقعة سابقة ،
لأحد الكشوف المهمة للغاية في
كهوف ( تاسيلي ) الجزائرية .
ففي عام 1936 م ، نشرت الصحف الباريسية
صورة لنقش جداري ،
التقطها تاجر برتغالي راحل ،
داخل بعض الكهوف ، في الصحراء الجزائرية ..
ذلك النقش كان لإنسان ضخم ،
وحوله كائنات طائرة وسائرة ،
هي مزيج من البشر والطيور والحيوانات ..
وفي زاوية الصورة ،
وبخط التاجر البرتغالي ،
وجدت عبارة تقول : إن تلك الكهوف
تحوي أسرار الكون القديم ..
وعلى الرغم من أن الأمر يمكن أن يمر مرور الكرام ،
شأن أي خبر صحفي عادي ،
إلا أنه أثار بشدة اهتمام الرحالة ( بربنان )
الذي التقط طرف الخيط ،
وراح يسعى لإقناع العديد بتمويل بعثة استكشافية
إلى هناك ،
حتى عثر على التمويل اللازم ،
وانطلق مع فريق محدود من الرجال ،
على ظهور البغال والجمال ، ب
حثًا عن تلك الكهوف ، وفي عام 1938 م ..
ولم تكلل بعثة ( بربنان ) بالنجاح المنشود
، ولكنه خرج منها بكتاب عجيب ،
يتحدث عن قارة ( اطلانطس ) ،
ويؤكد أنها لم تغرق في المحيط الأطلنطي ،
وإنما في الصحراء الليبية الجزائرية ،
وأنها ، لسبب جيولوجي عجيب ،
غرقت في بحر من الرمال ،
ودفنتها عوامل التعرية والردم لسنوات وسنوات ..
وحتى الكتاب نفسه ،
لم يلق قبولاً يذكر ، أو اهتمامًا يستحق التقدير ، وخاصة مع اندلاع الحرب العالمية الثانية ،
وانشغال العالم بالتحديات العسكرية الجديدة الرهيبة ..
ثم انتهت الحرب ،
وشبع الناس حديثًا عنها ،
وانشغلوا بعض الوقت بنظرية الدكتور ( جيسوب ) ،
عن رواد الفضاء القدامى ،
والجدل الدائر حولها ، و ..
والتقط رحالة مغامر ذلك الخيط ..
رحالة يدعى ( هنري لوت ) ،
شغلته بعثة ( بربنان ) ،
ونسخة قديمة من تلك الصحيفة ،
التي حوت صورة التاجر الغربي ،
ومزج هذا بذاك ليتخذ قراره بخوض التحدي الجديد ..
وفي عام 1956 م وبعد حرب طويلة
للحصول على التمويل اللازم ،
خرج ( هنري لوت ) ببعثته إلى تلك المنطقة ،
المعروفة باسم ( جبارين ) ،
عند الحدود الصحراوية ، الجزائرية الليبية ..
ولأن ( هنري لوت )
كان أكثر حماسًا ممن سبقوه ،
وأكثر إصرارًا على الفوز ،
فقد نجح في العثور على
كهوف جبال ( تاسيلي ) الجزائرية ،
واندفع مع بعثته داخلها ،
وكلهم لهفة لرؤية النقوش داخلها ..
وكانت في انتظارهم مفاجأة مذهلة ..
مفاجأة تفوق ، وبآلاف المرات ،
كل ما حلموا بالعثور عليه ، في ذلك المكان ،
الذي سعوا إليه طويلاً ..
فالكهوف كانت أشبه بمتحف كامل
من النقوش واللوحات العملاقة ،
التي يعود عمرها إلى ما يزيد عن عشرة آلاف عام
، على أقل تقدير ..
كانت النقوش لعمالقة هائلين ،
ومخلوقات عجيبة مدهشة ،
ولكن بعضها كان مذهلاً بحق ..
فعلى جدران كهوف ( تاسيلي ) ونقوشها
التي لا يقل عمرها عن عشرة آلاف عام ،
رأى أفراد البعثة أناسًا يرتدون الملابس اللامعة
، ويطيرون في السماء بخوذات متألقة ،
وثياب أشبه بما يرتديه رواد الفضاء ..
نقوش لرجال ونساء يسبحون في الهواء ،
وفوق السحاب ، وحولهم أجسام معدنية ضخمة
، لها نوافذ كبيرة ،
وتطل منها عيون ضخمة ..
ونقوش أخرى لما يشبه كابينة قيادة
، داخل صاروخ فضائي أو طائرة ،
ونساء لهن رؤوس طيور ويحملن مظلات واقية من الشمس ،
وضفادع بشرية بأدوات غوص كاملة ..
وعاد ( هنري ) بما التقطه من صور ،
ليبهر العالم كله بما توصل إليه
، وليعلن أن العالم القديم قد عرف ما كنا نتصور
أنه مخترعات ومبتكرات حديثة للغاية ..
وفي الوقت ذاته ،
الذي عاد فيه ( هنري لوت ) بكشفه المذهل ،
كان ( جيسوب )
يحمل إلى العالم صورة لنقش من نقوش
معابد ( بيرو ) ،
يمثل هنديًا يجلس داخل ما يشبه كابينة قيادة فضائية ،
في محاولة لتأكيد نظريته القديمة ..
ووسط كل هذا ظهرت النظرية الجديدة ..
نظرية تستبعد تمامًا فكرة الفضائيين القدامى ،
وتضع احتمالاً آخر ،
ربما يبدو أكثر غرابة ، ولكنه ،
وعلى الرغم من هذا ، أقرب كثيرًا إلى المنطق
..
نظرية تقول : كانت هناك حضارة أرضية عظيمة ،
سبقت حضارتنا المعروفة بآلاف ،
أو ربما ملايين السنين ، وسادت الأرض ،
وبلغت أضعاف ما بلغناه نحن
قبل أن تقضي عليها كارثة طبيعية رهيبة ،
أو حروب نووية عنيفة ، فتندثر تمامًا ،
ولا يتبقى منها إلا ما تركته لنا من دلائل
غير مباشرة على وجودها ..
والعجيب أن تلك النظرية
لم تواجه بالغضب والثورة والاستنكار ،
كنظرية رواد الفضاء القدامى ..
فبعض العلماء ، وربما معظمهم ،
مالوا إلى تصديقها ،
مؤكدين أن هذا يمكن حدوثه لحضارتنا الحالية نفسها ،
وخاصة
بعد صنع القنابل الذرية والنووية والهيدروجينية ،
والسباق على انتاجها وتخزينها ، والتهديدات الأميركية السوفيتية المستمرة لاستخدامها ،
في ذلك الحين ..
ولقد وضع أحد العلماء
تصورًا لحضارة شبيهة بحضارتنا ،
سادت ثم بادت ، بسبب حروب نووية عنيفة ،
أطاحت بكل منجزاتها ،
وسحقت كل ما صنعته ،
في حين راحت القلة القليلة من البشر ، التي نجت من ذلك الدمار الرهيب ،
تكافح للاستمرار في الحياة ،
بعد أن فقدت كل شيء ، فعادت بها الأمور إلى العصور الحجرية ، وعصور الكهوف
وراح الذين نجوا ينقشون تاريخهم على جدرانها
، قبل أن يندثروا بدورهم ،
وتضيع ذكرياتهم مع ضعف إمكانياتهم ،
ويسير العالم نحو حضارة جديدة ،
هي حضارتنا الحالية ..
ووجد الشطر الأعظم من العلماء
في هذا تفسيرًا للغوامض العديدة ،
التي يموج بها العالم ،
وحسمًا لفكرة الفضائيين ، و ..
ولكن ( جيسوب ) رفض الفكرة بشدة ،
وأصر أكثر وأكثر على موقفه ،
وراح ، ولأول مرة في حياته ،
يهاجم بعنف نظرية علمية جديدة مطالبًا
بالأدلة عليها ومقدمًا أدلة جديدة ،
على فكرة الفضائيين ، الذين زاروا الأرض منذ آلاف السنين ..
فمن وجهة نظر ( جيسوب ) ،
لم يكن من المنطقي أن تتطور حضارة أرضية
، حتى تبلغ ذلك الرقي المدهش ،
ثم تضيع وقتها في صنع أحجار عملاقة ،
ذات نقوش معقدة ، أو بناء أهرامات حجرية ضخمة ،
أو جدران من قطع حجرية واحدة ، ت
زن آلاف الأطنان .
أما لو كان صناع تلك الأشياء مجرد فضائيين ،
من عالم آخر ،
فالأمر يبدو أكثر منطقية في هذه الحالة ،
إذ أن الفضائيين المتقدمين
سيصنعون ما يبهر سكان الأرض البدائيين حينذاك ،
حتى لو كان أحجارًا منقوشة ،
باعتبار أن هذا سيصبح يومًا أحد أدلة وجودهم ..
وعاد ( جيسوب ) هذه المرة ،
ليؤكد أن الفضائيين ، ما زالوا يزورون الأرض ،
لدراسة ردود الأفعال ، تجاه ما تركوه لها من آثار ودلائل ،
باعتبار أن لحظة توصل الأرضيين إلى الحقيقة ،
هي اللحظة المناسبة لإعلان وجودهم ..
وفي هذه المرة ،
لم يكن ( جيسوب ) موفقًا في مقاله الغاضب ،
والذي لم يقنع أحدًا على الإطلاق ،
سواء من معارضيه أو مؤيديه ..
ثم إن الاقتناع بوجود حضارة سابقة ،
أكثر سهولة من الاقتناع بوجود حضارة من عالم آخر بالتأكيد ..
وهكذا كانت المعارضة عنيفة ، وقاسية ..
وإلى أقصى حد ..
وعلى الرغم من أن ( جيسوب )
كان في أواخر الخمسينات من عمره ،
إلا أنه لم يكن قد فقد روح المقاتل الشرس بعد ،
لذا فقد واجه العالم كله بمقال ملتهب جديد ،
يؤكد فيه صحة نظريته ..
وفي هذه المرة ،
لم يكتف ( جيسوب ) بآرائه الشخصية ،
وإنما أكد أن لديه أدلة جديدة ، لا تقبل الشك ..
أدلة حاسمة ، ومدهشة ..
إلى أقصى حد ممكن
4) اللغز
من الواضح أن الفترة الطويلة ، التي قضاها
( موريس جيسوب ) ،
العالم العبقري ، وصاحب
( نظرية رواد الفضاء القدامى ) ،
في أميركا الوسطى ، ووسط معابد حضارات ( المايا ) ،
و ( الأنكا ) ، وحضارات ( بيرو ) القديمة ،
كان لها تأثير كبير في تكوين ذلك الرأي ،
الذي اقتنع به ، وقاتل في سبيله بشدة ، والذي يشير إلى أن رواد فضاء في عوالم أخرى ،
قد زاروا كوكبنا ، منذ ملايين أو آلاف السنين ، وتركوا بصماتهم على أشياء عديدة ،
كنا ولا نزال نعتبرها من غوامض وألغاز العلم ، في عصرنا الحديث هذا .
وعندما ظهرت نظرية الحضارة القديمة السابقة ،
لتنافس ( نظرية رواد الفضاء القدامى ) ،
أدرك ( جيسوب ) أنه أمام تحدٍ جديد ، وأن عليه أن يقاتل بمنتهى العنف ،
لإثبات صحة نظريته ، أمام النظرية الجديدة ،
التي رفضها بشدة .
لذا ، فقد نشر ( جيسوب ) بعض الصور ،
التي التقطها من طائرة استطلاع ، للنقوش المرسومة على أرضية منطقة جبال ( بيرو ) .
فلزمن طويل ، كانت تلك النقوش
تبدو أشبه برسم بياني عملاق ،
أو تخطيط لقنوات مياه متشعبة ،
وإن بدا من العجيب أن يتم حفرها في منطقة جبلية كهذه .
ثم بدأ ( جيسوب )
يرسم خريطة لتلك النقوش ..
ورويدًا رويدًا ، بدأت الصورة تتضح أمامه ..
إنها ليست مجرَّد قنوات ..
إنه رسم عملاق للغاية ،
يمتدّ لعشرات الكيلومترات ، على نحو مدهش ، ومحير في الوقت نفسه .
وبواسطة طائرة استطلاع ،
تمكن ( جيسوب )
من رؤية تلك النقوش كاملة لأول مرة ..
فعلى ارتفاع هائل من الأرض ،
بدا الرسم واضحًا ودقيقًا ، على نحو لا يقبل الشك ،
ولا يحتمل التكذيب .
كان هناك رسم لرجل عملاق ،
يمتد لعشرات الكيلومترات ، بخطوط مستقيمة تمامًا
، على الرغم من امتدادها ، ورسم آخر لجواد ،
يمتد للمسافة نفسها تقريبًا ، وبالخطوط المستقيمة جدًا .
والتقط ( جيسوب ) عشرات الصور للرسمين ، بمقياس رسم واضح ، وعرضها كلها في مقاله الجديد ، مع سؤال واحد .
لماذا يرسم شعب حضارة قديمة رسمين بهذه الضخامة ، وهو يدرك جيدًا أنه من المستحيل رؤيتهما ، إلا من ارتفاع شاهق جدًا ؟!
بل وكيف أدركت حضارة قديمة ، أنه من الممكن أن يرتفع المرء ، بأية وسيلة كانت ، إلى ذلك الارتفاع الشاهق ؟!
وفي الوقت ذاته ، استبعد ( جيسوب ) أن تقوم حضارة متقدمة ، سابقة أو حالية أو حتى مستقبلية ، بإضاعة جهدها ووقتها وتقنيتها ، في صنع نقش أرضي هائل كهذا ، دون سبب منطقي .
ثم أن حفر خطوط مستقيمة على هذا النحو ، ولعشرات الكيلومترات ، يحتاج إلى تقنية مدهشة ،
وحسابات بالغة الدقة .
التفسير الوحيد الذي وضعه ( جيسوب ) ، هو أن سكان ( بيرو ) القدامى كانوا على اتصال بالفضائيين ،
وأن النقشين كانا مجرد إشارة لمواقع الهبوط ،
أو علامة صداقة ، يمكن رؤيتها من مسافات شاهقة ، في الفضاء البعيد .
وفي الوقت نفسه
، الذي نشر فيه ( جيسوب ) مقاله هذا ، طرح في الأسواق كتاب جديد يحمل اسمه ،
مع عنوان يربط به مشاهدات الكتاب المقدس القديمة ، وما يطلق عليه الآن اسم ( الأطباق الطائرة ) .
كان من الواضح أنه مقتنع بالفكرة حتى النخاع ..
وأنه مستعد للقتال من أجلها أيضًا ..
وحتى الموت ..
ومرة أخرى ،
وكما يحدث عادة ، أثار ( جيسوب )
موجة هائلة من الجدل العلمي ، في كل أنحاء العالم ، وهو يضيف في كل يوم مقالاً جديدًا ،
يؤيد نظريته ، ويؤكد هبوط رواد فضائيين في عالمنا يومًا ما ، منذ سنين عديدة
، لا يعلم عددها إلا الله ( سبحانه وتعالى ) .
وانقسم العلماء بين النظريتين ،
وإن حظت نظرية الحضارة القديمة السابقة
بالعدد الأكبر منهم ، على الرغم من حرب ( جيسوب ) المناضلة المستميتة .
وحتى آخر أيام عمره ،
الذي تجاوز السبعين ببضع سنوات ، ظل ( موريس جيسوب ) يدافع عن نظريته الفضائية ،
ويؤكد في كل لحظة أن عالمنا كان ولا يزال ،
مزارًا لرواد فضاء من كواكب أخرى ،
وأنهم تركوا عشرات الأدلة على وجودهم ، ولكن بعض العقول العمياء ترفض تصديق هذا ،
نظرًا لأنانية الانسان ،
الذي يرفض دومًا الاقتناع بأنه ليس الكائن العاقل الوحيد في الكون .
ولأن هذا كان شغله الشاغل ، وهدفه الوحيد
، فقد راح يجوب العالم ، بعد حتى أن تجاوز الخامسة والستين من عمره
، ليجمع الأدلة والبراهين على صحة نظريته ، ونشر عبر مقالاته مئات الصور
، لنقوش عبرية ،
وفرعونية
، وآشورية ، توحي كلها بهبوط أجسام من الفضاء ،
واستقبال سكان الأرض
لها باحترام بالغ .
وأثناء حربه المستعرة ، جاء بعض رواد الفضاء لزيارة ( مصر ) واتجهوا بالطبع إلى المتحف المصري للآثار القديمة
، وانبهروا بالحضارة المصرية ، الفرعونية ، ثم توقفوا أمام نموذج صغير لعصفور ،
كما تقول اللوحة الملصقة بصندوقه ، قبل أن يهتف أحدهم بأن ذلك النموذج يشبه الطائرة
، بأكثر مما يشبه الطائر .
وهنا ، جاء المسؤولون عن المتحف ،
وأخرجوا النموذج من صندوقه الزجاجي ، ووضعه في يد علماء وخبراء الفضاء والطيران ،
لفحصه وتقييمه .
وجاء تقرير الخبراء ،
ليضع أمام العلم لغزًا جديدًا مدهشًا ..
ذلك النموذج ، الذي يتجاوز عمره ستة آلاف عام ،
هو لطائرة وليس لطائر ، دون أدنى شك .
بل ويصلح للطيران أيضًا ،
لو تم تنفيذه بالنسب نفسها ، وبمادة خلاف الصلصال المصنوع به .
وبمنتهى الدقة .
وعلى الرغم من أن ذلك الكشف مصري بحت ،
إلا أن ( جيسوب ) تشبث به
واتخذه دليلاً على صحة نظريته ، وعلى أن رواد فضاء قدامى قد جاؤوا من كوكب آخر ، وتركوا آثارهم على الأرض .
ولكن أصحاب نظرية الحضارة السابقة
، كانت لديهم مفاجأة أخرى ..
أن نموذج الطائرة ، في المتحف المصري ، يؤيد نظريتهم ، وليس نظرية ( جيسوب ) .
فوفقًا لنظريتهم ، لا يمكن أن تندثر المعارف تمامًا ، ما دام بعض الأحياء قد نجوا ،
من الكارثة التي أودت بالحضارة القديمة المفترضة .
ستبقى بعض العلوم والمعارف في الأذهان حتمًا ،
ولكن دون تفاصيل دقيقة ،
أو حتى دون تقنية كافية ، لتحويلها إلى حقائق ملموسة .
لذا فقد نقل بعضهم إلى أبنائه نموذج الطائرة
، وشرح لهم استخداماتها ، ولكنه مات ، وماتت معه ذكرياته البصرية ، وخبراته العملية عنها ، ولم يتبق لورثته سوى ذلك النموذج
، الذي علموا ابناءهم وأحفادهم صنعه ، ونقلوا إليهم القليل من معارفهم عنه .
ومع مرور الوقت ، وتعاقب الأجيال
، اندثرت المعارف رويدًا رويدًا ، ولم يتبق سوى أسلوب صنع النموذج ، الذي تحول إلى تراث عائلي
، ثم انتهى به الأمر إلى صندوق زجاجي ،
في متحف الآثار المصري .
بل ، وربما يجهل صانعه نفسه فائدته
، أو ما تعنيه وتمثله نسبه ..
ولأن فكرتهم منطقية أيضًا ، فقد أغضبت ( جيسوب )
، وجعلته يندفع لمهاجمة استنادهم إلى نقوش كهوف ( تاسيلي ) أيضًا مؤكدًا أنها ،
بالنسبة له ، تبدو أشبه لرسوم عن كائنات من كوكب آخر ، سادت الأرض يومًا ،
قبل أن تترك آثارها خلفها ،
وتعود إلى كوكبها .
واستمرت الحرب عنيفة قوية ملتهبة ،
حتى حسمها أمر لا مفر منه .
موت ( موريس جيسوب ) ..
فبموته ، هدأ لهيب المعركة
، ولكن الفريق المعتقد بنظرية
الحضارة السابقة المندثرة لم ينتصر
، في الوقت ذاته ، إذ ترك ( جيسوب )
خلفه فريقًا من المؤيدين لنظريته ،
والمقاتلين من أجل إثباتها طوال الوقت .
وحتى لحظة كتابة هذه السطور ،
لا يزال اللغز قائمًا
، ولم ينحسم قط ،
منذ أشعله ( جيسوب )
قبل ما يزيد عن نصف القرن .
صحيح أن أحدًا لم ينكر وجود عشرات الدلائل والبراهين
، في شتى أنحاء العالم ،
عن وجود تقنيات حديثة ، وربما أكثر تطورًا منا في عصور سابقة ، تفصلنا عنها آلاف وملايين السنين .
ولكن أحدًا لم يضع تفسيرًا حاسمًا لوجودها قط
، أهي آثار رواد فضاء قدامى
، اتخذوا من كوكب الأرض يومًا ،
مزارًا سياحيًا لهم ؟!
أم هي بقايا حضارة قديمة بائدة ؟!
لا أحد يدري .
وربما لا يدري أحد من ترك كل هذا !
ومن أولئك الذين كانوا هنا يومًا ؟!
ربما لا يدري أحد ..
أبدًا .
منقول