ربانة
10-02-2010, 04:38
* بسم الله *
الوقت ..يقضمني بأسنانه ..
وتكات الساعة ..تنتظر مرور نبضة من قلبي لتعبر..
و عمري ...تيار يسري من قابس الحياة .
اللحظة...انقلب فوق عقرب الزمن, ليعود بي للوراء ,حد أن سقطتُ عند قدميّ جدتي,
كانت وقتها تصرخ بي ,وتُصور مشهدا للخوف,
استللته من بحر عينيها المفتوحتين على أخرها ,وفمها المزموم على صوتٍ مخيفٍ
,و بإشارات التحذير, كانت سبابتها تُلوّح في وجهي , تخويفا لي من الشارع ,
صوّرته لي بأنه مرتعا خصبا لأفضع الوحوش على وجه الخيال .
الوقت مضى ,وهي ماتت رحمها الله , ولازال الشارع قصة الخوف التي ترويها الجدات
لأحفادهن ,و الأطفال لازالوا يندفعون نحو المجهول
ولايعرفون أي شيء اطلاقا عن لغة الحذر هذه .
أما أنا فخوفي بدأ بالتلاشي بعد أن خرجت للمجهول/ الشارع ..وعرفت أن الغولة لاتعبره,
ولا حتى "الدينجيرة" جنية الجبل التي تسرق أطفال البيوت ..مفتوحة الأبواب .
ولكن.. هناك خوفا ما وراءه تقبع الحقيقة.. !
تقول الأمثال الشعبية : "من خاف سِلم "
وأنا أرى بأن من لايخاف هو الذي يسلم حقاً!
وبحثا عن الإجابات لخوف الناس ..وضعتُ عيني على عدسة ميكروسكوب الشارع / المجهول مُنجب الوحوش الخرافية هذه ..
الناس تذرع أرصفته جيئةً وذهابا مرتادين دكاكينه ومقاهيه ...
يتحدثون ..يتسامرون ... يأكلون ..يشربون على جنباته ,ومع هذا يخافون منه.!!
,
صديقتي خلود قالت لي وهي تسبح في تفكيرها و تمسح بباطن كفها جداراً فاصلاً بيننا والشارع
..بأن خلفه يكمن الوحوش والمجتمع الذي لايرحم ,ضحكتْ في سري وقلت هذه ضحية أخرى من ضحايا الجدات.
ـ قلت لها :وما الذي يمنع الشارع أن يقول بأنك أحد الوحوش التي يخاف منها .
الناس يا خلود كل منهم يظن ذلك في الأخر..حتى يعرفه ,
فالمجهول دائما مخيف وتحيط به الأسئلة ..ويعتقدون أن عتبات دورهم نظيفة تماما
وخالية من أي سوء وعتبات الغير هي القذرة ...ولذا وجّهَ الحـكيم كونفوشيوس تلميذه
ـ الذي كان مستاءً من تراكم الثلوج أمام المنازل ـ
نحو تنظيف عتبة داره ولايشغل باله بعتبات الأخرين .
الحياة مليئة بلأخطار التي نحن صُناعها و إن لم ننتبه لموضع خطواتنا
ستطالنا كوارثها ...كسيارة تعبر الطريق بسرعة جنونية ..يجلس الموت على مقدمتها ..
ويخطف كل من طاشت أقدامه به .
نحن من نهدد أنفسنا بأنفسنا إن لم نعبر الطرق الأوضح .
,أحلامنا لاتُدهس إلا حينما نسلمها لأوراق فارغة من الخطوات المدروسة
إذن فلنعقلها ونتوكل على الحافظ ..هذا واجب للنجاح .
الخوف مرض تعجز أجهزتنا المناعية عن صده إن لم ننتج له المضادات من دواخلنا ..
فإن فشلنا سنتحول إلى منددين بالواقع ونلومه على أخطاء نحن سببا رئيسا فيها بضعفنا وهبوطنا ...
فالحرب مثلا ستأتي دارك بكل سهولة إن لم تصنعي القنبلة لتدافعي عن نفسك.
,ولن تطالك الجراثيم إن نظفتي بيئتك .
نعمة الأمن التي يعلمنا معناها معجم الخوف ينعدم أثرها في أواسط أفريقيا ,
لذا يبقى الخوف هو الممثل البارع الذي يعرض مسرحية الهلع بكل اتقان كل آن ,
فالمليشيات والعصابات القبلية المتطرفة تبحث عن السلطة على حساب
كل المعاني الانسانية لتسفك /تشلف/ تنحر/ بلا أدنى رحمة
بلغة الغاب وأن العيش للأقوى فقط .
والبيض المستعمرون يتواطئون مع أصحاب الحكومات ضد شعوب تلك الأرض
ليستنزفوا خيراتهم ويبقوهم على الحديدة إن لم يكن تحتها
, فيظل الجوع حافلة تذرع مسافة لاتنتهي في طريقهم .
أصبح منظر الجثث شيء عادي فوق الأرصفة و الأحياء ليس أمامهم
إلا أن يتلفعوا بالركض للإحتماء من قبضة الأفخاخ التي هم صناعها بضعفهم .
لم يبقى للأفريقي إلا الخوف من كل شيء ..
ولايحاول تهذيب نفسه لتكون له دولة يحتمي بجدرانها من كل مستعمر يستنزفه على حساب مستقبله ومستقبل وطنه ..
لايحاول الجهاد المقدس كنيلسون مانديلا الذي عقِل معادلة صناعة الوطن
لتنهض جنوب أفريقيا .
لا أشك أن أفلاطون حينما كان يفكر في مدينته الفاضلة ويسرد أخلاق سكانها لحاضرة أثينا ..
بأنه يقصد من ذلك ارشادهم ليهندموا أخلاقهم الفاسدة , وهي المسافة الفاصلة
التي كانت تبعده عن واحتة المبتغاة.
حد فاصل واحد بيننا وبين يأجوج ومأجوج الخوف هذا ..ليس هو إلا القوة.
حد فاصل واحد بيننا وبين هزيمة الحرب ..السلاح المناسب.
الضعف لن يورثنا إلا عقولا باهتة لن تكف عن تصوير الأخرون بأنهم هم السبب في نكباتنا ..
وليس نحن بانهزامنا وهروبنا من تعديل الواقع وأنفسنا قبل من ذلك .
الخوف هو صناعتنا لأننا لانُقوّم أنفسنا فتستقيم لنا الحياة .
ابتسمت لي صديقتي كعادتها الكريمة
وقالت: لازال الجنون حليفك وناصرك ..
=الله كريم يا خلود ..
"أمشي بس أمشي لايجينا وحش يهبط علينا من الشارع "
امتدت الضحكة من كلينا طويلا من كلينا .
دامت أيامكم بلا خوف .:a_plain111:
بقلمي ..حتى ولو تعددت الوجوه فهي الربانة التي عرفتموها ..
الوقت ..يقضمني بأسنانه ..
وتكات الساعة ..تنتظر مرور نبضة من قلبي لتعبر..
و عمري ...تيار يسري من قابس الحياة .
اللحظة...انقلب فوق عقرب الزمن, ليعود بي للوراء ,حد أن سقطتُ عند قدميّ جدتي,
كانت وقتها تصرخ بي ,وتُصور مشهدا للخوف,
استللته من بحر عينيها المفتوحتين على أخرها ,وفمها المزموم على صوتٍ مخيفٍ
,و بإشارات التحذير, كانت سبابتها تُلوّح في وجهي , تخويفا لي من الشارع ,
صوّرته لي بأنه مرتعا خصبا لأفضع الوحوش على وجه الخيال .
الوقت مضى ,وهي ماتت رحمها الله , ولازال الشارع قصة الخوف التي ترويها الجدات
لأحفادهن ,و الأطفال لازالوا يندفعون نحو المجهول
ولايعرفون أي شيء اطلاقا عن لغة الحذر هذه .
أما أنا فخوفي بدأ بالتلاشي بعد أن خرجت للمجهول/ الشارع ..وعرفت أن الغولة لاتعبره,
ولا حتى "الدينجيرة" جنية الجبل التي تسرق أطفال البيوت ..مفتوحة الأبواب .
ولكن.. هناك خوفا ما وراءه تقبع الحقيقة.. !
تقول الأمثال الشعبية : "من خاف سِلم "
وأنا أرى بأن من لايخاف هو الذي يسلم حقاً!
وبحثا عن الإجابات لخوف الناس ..وضعتُ عيني على عدسة ميكروسكوب الشارع / المجهول مُنجب الوحوش الخرافية هذه ..
الناس تذرع أرصفته جيئةً وذهابا مرتادين دكاكينه ومقاهيه ...
يتحدثون ..يتسامرون ... يأكلون ..يشربون على جنباته ,ومع هذا يخافون منه.!!
,
صديقتي خلود قالت لي وهي تسبح في تفكيرها و تمسح بباطن كفها جداراً فاصلاً بيننا والشارع
..بأن خلفه يكمن الوحوش والمجتمع الذي لايرحم ,ضحكتْ في سري وقلت هذه ضحية أخرى من ضحايا الجدات.
ـ قلت لها :وما الذي يمنع الشارع أن يقول بأنك أحد الوحوش التي يخاف منها .
الناس يا خلود كل منهم يظن ذلك في الأخر..حتى يعرفه ,
فالمجهول دائما مخيف وتحيط به الأسئلة ..ويعتقدون أن عتبات دورهم نظيفة تماما
وخالية من أي سوء وعتبات الغير هي القذرة ...ولذا وجّهَ الحـكيم كونفوشيوس تلميذه
ـ الذي كان مستاءً من تراكم الثلوج أمام المنازل ـ
نحو تنظيف عتبة داره ولايشغل باله بعتبات الأخرين .
الحياة مليئة بلأخطار التي نحن صُناعها و إن لم ننتبه لموضع خطواتنا
ستطالنا كوارثها ...كسيارة تعبر الطريق بسرعة جنونية ..يجلس الموت على مقدمتها ..
ويخطف كل من طاشت أقدامه به .
نحن من نهدد أنفسنا بأنفسنا إن لم نعبر الطرق الأوضح .
,أحلامنا لاتُدهس إلا حينما نسلمها لأوراق فارغة من الخطوات المدروسة
إذن فلنعقلها ونتوكل على الحافظ ..هذا واجب للنجاح .
الخوف مرض تعجز أجهزتنا المناعية عن صده إن لم ننتج له المضادات من دواخلنا ..
فإن فشلنا سنتحول إلى منددين بالواقع ونلومه على أخطاء نحن سببا رئيسا فيها بضعفنا وهبوطنا ...
فالحرب مثلا ستأتي دارك بكل سهولة إن لم تصنعي القنبلة لتدافعي عن نفسك.
,ولن تطالك الجراثيم إن نظفتي بيئتك .
نعمة الأمن التي يعلمنا معناها معجم الخوف ينعدم أثرها في أواسط أفريقيا ,
لذا يبقى الخوف هو الممثل البارع الذي يعرض مسرحية الهلع بكل اتقان كل آن ,
فالمليشيات والعصابات القبلية المتطرفة تبحث عن السلطة على حساب
كل المعاني الانسانية لتسفك /تشلف/ تنحر/ بلا أدنى رحمة
بلغة الغاب وأن العيش للأقوى فقط .
والبيض المستعمرون يتواطئون مع أصحاب الحكومات ضد شعوب تلك الأرض
ليستنزفوا خيراتهم ويبقوهم على الحديدة إن لم يكن تحتها
, فيظل الجوع حافلة تذرع مسافة لاتنتهي في طريقهم .
أصبح منظر الجثث شيء عادي فوق الأرصفة و الأحياء ليس أمامهم
إلا أن يتلفعوا بالركض للإحتماء من قبضة الأفخاخ التي هم صناعها بضعفهم .
لم يبقى للأفريقي إلا الخوف من كل شيء ..
ولايحاول تهذيب نفسه لتكون له دولة يحتمي بجدرانها من كل مستعمر يستنزفه على حساب مستقبله ومستقبل وطنه ..
لايحاول الجهاد المقدس كنيلسون مانديلا الذي عقِل معادلة صناعة الوطن
لتنهض جنوب أفريقيا .
لا أشك أن أفلاطون حينما كان يفكر في مدينته الفاضلة ويسرد أخلاق سكانها لحاضرة أثينا ..
بأنه يقصد من ذلك ارشادهم ليهندموا أخلاقهم الفاسدة , وهي المسافة الفاصلة
التي كانت تبعده عن واحتة المبتغاة.
حد فاصل واحد بيننا وبين يأجوج ومأجوج الخوف هذا ..ليس هو إلا القوة.
حد فاصل واحد بيننا وبين هزيمة الحرب ..السلاح المناسب.
الضعف لن يورثنا إلا عقولا باهتة لن تكف عن تصوير الأخرون بأنهم هم السبب في نكباتنا ..
وليس نحن بانهزامنا وهروبنا من تعديل الواقع وأنفسنا قبل من ذلك .
الخوف هو صناعتنا لأننا لانُقوّم أنفسنا فتستقيم لنا الحياة .
ابتسمت لي صديقتي كعادتها الكريمة
وقالت: لازال الجنون حليفك وناصرك ..
=الله كريم يا خلود ..
"أمشي بس أمشي لايجينا وحش يهبط علينا من الشارع "
امتدت الضحكة من كلينا طويلا من كلينا .
دامت أيامكم بلا خوف .:a_plain111:
بقلمي ..حتى ولو تعددت الوجوه فهي الربانة التي عرفتموها ..