المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العوالم الخائلية


غازي
02-04-2006, 08:42
سوف اتطرق لكم عن موضوع ( منقول ) هو جزء من موضوع فلسفة الفضاء الثلاثي الأبعاد
اتمنى ان يعجبكم





يكاد يكون مصطلح ( الحقيقة الخائلية أو الافتراضية "Virtual Reality" ) مصطلحاً دارجاً في أي دراسة تتناول قضايا المستقبل سواء على صعيد التكنولوجيا أو الترفيه عموماً , أو التصميم الثلاثي الأبعاد خصوصاً .. لقد فعلها الإنسان وتجاوز بتقنياته حدود المعقول ويكاد يحقق ما كان معجزة وأسطورة مستحيلة في ما مضى : صنع الأحلام والعيش في داخلها ..


لقد علّمنا التاريخ أن أوربا - بعد تحررها من ترسبات القرون الوسطى - صنعت للإنسان مفهوم ( الصناعة ) التي كانت تلاحق كافة احتياجاته ورغباته بتجانس متوازن لتصنع له بالضبط ما يحتاج .. تمخضت ( الصناعة ) فيما بعد عن ( التكنولوجيا ) التي تعتبر وليدة الصناعة والنقلة النوعية لها , والتي أسست مفاهيم ومعايير إنسانية ثقافية جديدة .. غير أن ما يظهر جلياً اليوم هو أن التكنولوجيا تتطور بسرعة خرافية أسرع مما يتوقعه الإنسان نفسه .. ولست أكشف ستار ملامح المستقبل حين أقول أن واحدة من فروع تخصصات التكنولوجيا الحديثة هي ما يعرف بالعوالم الخائلية ..

ما هي العوالم الخائلية ؟ .. العوالم الخائلية هي ببساطة عوالم حاسوبية وهمية صُممت من خلال برنامج ثلاثية الأبعاد تسمح للإنسان بأن يتوغل في داخلها فيؤثر فيها/يتأثر بها .. ولمن لم يستطع تصور ذلك بعد , فإن التقنية تطلب منك ارتداء زي خاص مؤلف من : رداء لكامل جسدك يحدد بحساسية أي حركة تقوم بها بمعادلات رياضية + نظارات عبارة عن شاشات عالية الدقة + سماعات حول أذنيك + مصدر انبعاث روائح متعددة حول أنفك + مساحة كافية لتتجول فيها .. بعدها يتم تشغيل البيئة المخزنة في الذاكرة الحاسوبية .. وحالما يتم التشغيل , تعمل منظومة العتاد وتجسد لك العالم المخزن في الذاكرة ليكون ماثلاً كالحقيقة أمام ناظريك .. فتشاهد (( بواسطة النظارة )) ما صممه المبرمج من بيئة , والتي يمكن أن تكون أي شيء .. قد تكون في حديقة جميلة أو الأرض التي أنت عليها قبل مئات السنين أو لا يحالفك الحظ وتكون داخل جوف بركان ثائر ! .. كما تسمع (( بواسطة السماعات )) الأصوات المخزنة حسب البيئة التي أنت فيها , قد تكون إزعاج السيارات إن كنت في طريق مزدحم , أو تكون مقطوعة موسيقية عذبة في حال اخترت الذهاب لحفلة أوركسترا .. كما تشعر (( بواسطة الرداء )) بمختلف درجات الحرارة والضغط التي حددها المصمم وفقاً للبيئة المحيطة بك .. تصور كل ما يحلو لك ! .. يمكنك المشي فوق إلكترون في قلب الذرة , أو الطيران إلى خارج مجرة التبانة .. يمكنك خوض أفلام الآكشن التي تعشقها في صغرك , أو أن تعيش في مدينة الأندلس التي طالما تمنيت رؤيتها والتجوال في أزقتها ! ..


وتقوم فكرة العوالم الخائلية على أسس ثلاثة متضافرة فيما بينها هي :

(( المحاكاة )) : متمثلة في النماذج ثلاثية الأبعاد التي يراها المستخدم والتي هي في الأصل رموز وصور حاسوبية ..

(( الاندماج )) : وذلك بخداع كافة حواس الإنسان وإشعاره بالانغمار داخل نماذج العالم الافتراضي ..

(( التفاعلية )) : وذلك بقياس حركة المستخدم والربط الديناميكي بينه وبين أجسام العالم الافتراضي فيتمكن من تحريك ولمس الأشياء ..

بدون واحدة من هذه الأسس الثلاثة لا يتحقق العالم الخائلي .. فلو اقتصر الأمر على (( المحاكاة )) + (( الاندماج )) دون (( التفاعلية )) .. لكان الأمر أشبه بالعيش داخل فيلم سينمائي مسجل مسبقاً دون القدرة على التأثير فيه .. ولو كان الأمر مقصوراً على (( المحاكاة )) + (( التفاعلية )) دون (( الاندماج )) والانغمار في داخل ما تم محاكاته فإن هذا يعني أنك ترى الأمر من خلال شاشة فقط ولا فرق بينها إذن وبين ألعاب الفيديو اليوم ..


قد يظن البعض أن تاريخ العوالم الخائلية حديث عهد لكنه في الحقيقة قديم نسبياً , وقد بدأت بوادره في أمريكا منذ أكثر من أربعين عاماً .. لكنه تأخر كثيراً بسبب ضغوط وعوائق كثيرة .. أولها عدم توفر الأجهزة التي توفر سرعة معالجة كافية تسمح بالتنسيق بين جميع تلك المعلومات البيئية المعقدة وربطها بحركة وتصرفات المستخدم .. من العوائق التي أخرت أيضاً مجيء هذه التقنية هو ثقل العدة التي يجب على المستخدم حملها وكبر حجمها مما يشوه شكل المستخدم , علاوة على أن ذلك يمنعه من الاندماج الكامل .. ومن العوائق الأخرى أيضاً هو التكلفة الباهظة لتصنيع هذه العدة وبالتالي غلاء أسعارها في السوق وإحجام المستهلك العادي عن شرائها ( يصل سعر العدة كاملة إلى ما يتجاوز عشرات الآلاف من الدولارات ! وهي في انخفاض متسارع ) ..

ولو جئنا لحديث الإيجابيات والسلبيات .. فإن إيجابيات هذه التقنية تتمثل في أنها سوف تساهم كثيراً في تسريع خبرة الإنسان في كثير من قدراته بأقل قدر من الأضرار وبأعلى سرعة وكفاءة .. فهي منذ سنوات تستخدم في برامج محاكاة الطيران , إذ يتم إدخال الطيار الجديد في عالم افتراضي عبارة عن مقعد طيار في مقدمة طيارة عسكرية تطير في الجو , ويواجه طيارات معادية ومواقف حرجة تماثل الحقيقة حتى إذا دخل معركة حقيقية يكون مستعداً لخوض أقسى الظروف .. الأمر ليس مقصوراً على الطيران فقط بل في الطب وذلك في السماح للأطباء بإجراء عمليات جراحية حساسة "افتراضية" .. وكذلك في العمارة بإنشاء المخططات العمرانية مسبقاً والسماح لأصحابها بالتجوال داخل المبنى أو المنزل - قبل أن يتم بناؤه فعلياً - وإبداء الملاحظات والاقتراحات .. إلى جانب هذا فإن العوالم الخائلية تسير بتوافق هارموني مع الإنترنت وتطبيقاتها .. هذا بالإضافة إلى أنها تفتح أبواب واسعة في الترفيه وتحقيق كافة أحلام المستخدم في قهر الطبيعة وتذوق أجمل ما فيها .. (( اجلس خمس دقائق واستخدم مخيلتك في محاولة تصور أشياء جديدة إيجابية عملية تقدمها تقنية العوالم الافتراضية )) ..

لكن الإيجابيات أعلاه لن تكون سوى لشعوب الدول الممسكة بزمام التكنولوجيا , أما الدول المستهلكة أمثالنا فربما ينقلب عليها الأمر سوءً طالما لم نحسن ولم نطور من وضعنا .. هذا يعني أننا إن لم نتحرك ونعرف كيف ننافس في التقنية فسنكون فئران تجارب في حقولهم .. من المؤسف أن أقول أن أول تطبيق عملي فعلياً للخبرة الناتجة عن العوالم الخائلية كان للطيارين الأمريكان في حرب الخليج الأولى .. وأن إسرائيل استغلت التقنية في بعض المتاحف لبناء القدس بالطريقة التي يريدونها حتى ترسخ في أذهان الزوار كما يودون توثيقها في أذهانهم ..

قلنا في مقدمة هذه الحلقة أن التكنولوجيا تتطور بسرعة هائلة .. ومن الواضح جلياً أن هذه السرعة لا تتوافق مع إيقاع التنمية المطلوب والذي يجري بطيئاً .. وهو ما صنع حالة انقسام طارئة وخطيرة بين النظرية والتطبيق .. مما سبب هوة وهامشاً في نفوس شعوب الدول المتقدمة تكنولوجياً , هذا الهامش يكاد يفقدهم روحانية وأصالة الإنسان .. وهو ما جعل مفكري الغرب يعيدون النظر في تنسيق وإحكام التكنولوجيا بحكمة أكثر ومراجعة التكاتف غير العادل بين التكنولوجيا ( السريعة التطور ) والثقافة ( البطيئة التطور ) ..


إذن لو جئنا لسلبيات هذه التقنية فسنقول في أولها أن الإنسان الحالي ليس في حاجة ماسة وقهرية للعوالم الخائلية , والعالم الذي هو فيه معقد بما يكفي ويحتاج لتنظيم ثقافي أكثر .. من السلبيات الأخرى هو أن العوالم الخائلية من المحتمل أن تزرع في نفوس الكثير من البشر صفة الانعزالية والانطوائية والنزعة للهروب من الواقع مثلما بدأت الإنترنت تفعل ذلك الآن ( ولو كان الأمر صحيحاً فأخشى أن يكون العرب والمسلمين أول من يهرب من واقعهم لما فيهم من حالة إحباط شديدة للأسف ) .. ومن السلبيات الخطيرة هو زعم علماء الاجتماع بأن العوالم الخائلية قد تؤصل في نفس الإنسان الكراهية والعنف والقتل .. فألعاب الفيديو اليوم مليئة بالقتالات , وبما أن العوالم الخائلية سوف تستخدم حتماً في الترفيه فإنه من المحتمل أن يلعب أبناؤنا ألعاباً يحملون فيها السكاكين بأيديهم ويغرسونها في بطون بشر افتراضيين ! .. هذا فضلاً عن الضرر العظيم في أن ألعاب العوالم الخائلية سوف تدمر عيون المستخدمين وتلهب أوقاتهم .. (( اجلس خمس دقائق أخرى واستخدم مخيلتك في محاولة تصور أشياء سلبية أخرى تسببها تقنية العوالم الافتراضية )) ..

===

===



لا أريد أن أطيل أكثر .. فأنا أريد أن نناقش كافة تفاصيل هذه القضية .. وخصوصاً القسم المتعلق بنا نحن العرب والمسلمين ..

قد يتساءل البعض ما علاقة العوالم الخائلية بالماكس والبرامج الثلاثية الأبعاد ؟؟ .. أجيب عليه بأن النماذج الثلاثية الأبعاد هي واحدة من الركائز والأساسيات الثلاثة التي بدونها لا تقوى هذه التقنية على القوام .. فكل ما تشاهده في داخل النظارة هو جهد تعب المصممون من أجل جعله قريباً من الواقع من حيث النمذجة والإضاءة والإكساء وغيرها ..

أضيفوا على هذا أن من تطبيقات العوالم الخائلية المتوقعة هو تحسين الطريقة التي نتبعها في التصميم الثلاثي الأبعاد .. فبدلاً من أن نقابل الشاشة ونستخدم لوحة المفاتيح والفأرة للتصميم , سيكون بمقدورنا التصميم داخل عالم خائلي ! بحمل الأشياء وضغطها وتشكيلها ورفعها وتركيبها باليد ! ..

خلف الجميلي
02-04-2006, 11:33
الله يعطيك العافية

غازي
02-04-2006, 11:39
الله يعافيك اخي العزيز الجميلي وشكرا جزيلا لك على مرورك الطيب