المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإسلام... وراء نهضة الصين


البالود
21-09-2010, 03:12
حظي الإسلام والمسلمون في الصين القديمة - خاصة في عهد أسرتي يوان ومينغ - برعاية وحماية أباطرة الصين، وبلغ المسلمون مكانة كبيرة، وظهرت منهم شخصيات إسلامية بارزة، وكان للإسلام دور بارز في تطور وازدهار الحياة الاجتماعية والدينية والسياسية والثقافية في الصين خاصة في تلك الفترة. ولهذا كان الأثر الحضاري للإسلام في الصين القديمة هو عنوان الدراسة الحديثة التي صدرت عن معهد الدراسات الآسيوية والتي أعدها الباحث أسامة عبد السلام.
تبدأ الدراسة بالتطرق إلى دخول الإسلام إلى الصين حيث يذكر الباحث الروايات التي ذكرت في هذا الصدد، ويثبت عدم صحة أغلبها بعد الرجوع إلى المصادر التاريخية، والتي استنتج منها أن سعد ابن أبى وقاص لم يذهب إلى الصين أبداً، وأن أقرب الآراء إلى الصحة والتي تختص بدخول الإسلام إلى الصين هو ما أجمعت عليه معظم الكتب التاريخية، وهو السفارة أو البعثة التي بعثها عثمان ابن عفان (رضي الله عنه) عام 34 هـ - 651م، وذلك في عهد أسرة تانغ الصينية الممتدة من (618 - 907 م)، ومنذ ذلك الوقت بدأت السفارات بين الدولة الإسلامية والصين وقد شهد عهد الدولة الأموية عدة اتصالات مع الصين، واستمر هذا الوضع في عهد الدولة العباسية حتى أن الإمبراطور الصيني (سوشونغ) طلب مساعدة الخليفة المنصور في القضاء على الفتنة التي قام بها الثائر (آن لوشتان) فأرسل له المنصور جيشا عدته 4000 جندى، فقضى على الفتنة وأعاد الأمور إلى نصابها، وقد ظل هذا الجيش في الصين واستقر أفراده هناك وتزاوجوا مع الصينيين وكثر عدد المسلمين هناك.
***
نهضة إسلامية
ثم يلقى الباحث نظرة سريعة على وضع المسلمين في عهد أسرتي تانغ وسونغ، فبعد أن استقر المسلمون في بعض المناطق في الصين في عهد أسرة تانغ جاءت أسرة سونغ وزاد عدد المسلمين آنذاك، فخصصت لهم حكومة سونغ مناطق خاصة يعيشون فيها، وجعلت لهم قاضياً خاصاً بهم يحكم بينهم بالأحكام الإسلامية، فعاش المسلمون خلال تلك الفترة يمارسون شعائر دينهم كيفما شاءوا؛ ولكن على الرغم من كثرة عدد المسلمين في هذه الفترة إلا أنهم كانوا يعتبرون جالية أجنبية وكانوا قليلى التأثير في المجتمع الصيني.
وبعد سيطرة المغول على الحكم وتأسيس أسرة يوان (1277 - 1368 م) تغير هذا الوضع، فازدادت أعداد المسلمين القادمين من البلاد العربية والإسلامية إلى الصين واستقروا في مناطق كثيرة في شتى أرجاء الصين، واعتمد عليهم المغول في العديد من المناصب الحكومية وبدأوا يكونون مراكز قوى فشكلوا بذلك طبقة جاءت في المرتبة الثانية بعد الحكام المغول، وخلال تلك الفترة ظهر بين المسلمين الوزراء والعلماء والأدباء وكبار الموظفين والتجار، إلى جانب عامة الشعب من العمال والفلاحين والصناع، ومن أبرز الشخصيات الإسلامية التي طفت على سطح الحياة الصينية شمس الدين عمر القائد السياسي البارز، والرجل الثاني في الإمبراطورية الوزير أحمد البناكتي، والوزير المعمارى اختيار الدين الذي صمم مدينة (دادو) عاصمة أسرة يوان، والعالم المسلم نصير الدين الطوسي الذي كان لكتبه أثر كبير في تطور علم الفلك الصيني، والعالم المسلم قوشو جينغ الذي اخترع تقويماً جديداً تم العمل به في الصين لفترة طويلة، وهودنغ تشو مؤسس التعليم المسجدى الصيني، ووانغ داي يوي الذي ألف العديد من الكتب الإسلامية باللغة الصينية، وبعض الشعراء أمثال (سعد الله، وشمس الدين، والشاعر الرسام قاوكة قونغ، أحمد يوقناك، والأديب لي شتي)، والبطل البارز هو دا هاى، والبحار المسلم تشنغ خه، وهاى روى رجل العدل والعفة.
***
قوميات مسلمة
كما تناول البحث القوميات المسلمة في الصين وهي عشر قوميات أكبرها قومية هوى وهم المسلمون الذين هاجروا إلى الصين من وسط آسيا وبلاد فارس، ويبلغ تعدادها حسب آخر إحصاء عام 1990 حوالي 10 ملايين نسمة وبالنسبة لباقي القوميات التسع فهي اليغور، القازاق، القرغيز، الأوزبيك، التتار، دونغشيناغ، باو آلان، سالار.
وقد أثر الإسلام في هذه القوميات تأثيراً واضحاً تجلى في التزامها بالتعاليم الإسلامية في جميع مناحي الحياة في الطعام والشراب والملابس والمنازل والأعياد والاحتفالات الدينية.
ومن أهم النقاط التي يعرضها الباحث في دراسته هي عملية تفاعل الإسلام مع ديانات الصين القديمة مثل الكونفوشيوسية والطاوية والبوذية والمانوية والمجوسية والمسيحية والنسطورية، وكيف أن الإسلام وازن بين ديانات الصين وهذبها وخلصها من إفراطها وتفريطها ليقدم نفسه ديناً يحمل كل مزايا الديانات السابقة وجمع بداخله لباب الكتب السماوية.
***
المساجد في الصين
وعلى الرغم من دخول الإسلام إلى الصين في القرن السابع الميلادي إلا أن الكتابات الخاصة بالمساجد لم تظهر إلا في القرن الحادي عشر والثاني عشر، ويرجع ذلك إلى أن المساجد التي بناها المسلمون الأوائل في الصين كانت متواضعة للغاية، كما أن المسلمين كانوا لا يكتبون أسماءهم على المساجد التي بنوها تجنباً للرياء، وقد سمى المسجد في الصين بأسماء مختلفة منها (تانغ) بمعنى قاعة التقديس، و(لى باي) بمعنى قاعة الصلاة، و(هوى هوى تانغ) بمعنى قاعة هوى هوى، و(لى باى سى) بمعنى المصلى، و(تشنغ تشى سى) بمعنى الصفاء والحق.
واستخدمت المساجد في نشر التعليم والمعارف الدينية وأسس هذا النوع من التعليم الشيخ ستو (1522 - 1597)، ومعالجة الأمور الحياتية للمسلمين، واستقبال الضيوف ومساعدة المحتاجين، وتسوية الخلافات بين المسلمين، واتخاذ بعض المساجد أماكن لممارسة الرياضة، وأيضاً استخدامها كمراكز إعداد للجيوش أيام الانتفاضات الإقطاعية.
***
الدور اللغوي
وعن علاقة اللغة العربية بالإسلام في الصين فيذكر البحث أنه كلما انتشر الإسلام في مكان ما في الصين انتشرت اللغة العربية معه، وأكد هذا الكلام الرحالة العربى ابن بطوطة عندما زار الصين ونزل مدناً كثيرة فرأى المسلمين يقومون بشعائرهم الدينية، كما تم العثور على أحجار في مدينة كانسو - وقد عرفها العرب باسم مدينة (الخنسا) وهي الآن مدينة هانغ تشو عليها كتابات باللغة العربية وقد وصل عدد هذه القطع الحجرية إلى حوالي مائة قطعة، كما ظهرت بعض الكتب الصينية التي ترجمت إلى اللغة العربية، ونظيرتها العربية التي نقلت إلى الصين في تبادل ثقافى معرفى شهدته البلاد وآمن به جميع العلماء والفلاسفة؛ لأنه السبب الحقيقى وراء نهضة الأمم، وإيماناً بقيادة اللغة العربية للنهضة في تلك الفترة.
***
مظاهر دينية
وحول موضوع الدراسة يقول الباحث إن اختيار تأثير الإسلام في الحياة الصينية خلال تلك الفترة كان نتيجة الطفرة التي شهدتها الصين وتزامن زيادة وفاعلية المسلمين خلالها، وبسرد الأحداث التاريخية وتتبع الأثر الإسلامي في الصين وجد أن فترة حكم أسرتي يوان ومينغ شهدت نهضة في الحياة الدينية وتحولت ديانات الصين القديمة من الخرافات والتشكك إلى ديانة اليقين وهى الديانة الإسلامية، وبعد عبادة أرواح الأسلاف وعبادة الطبيعة وما تشملها من كواكب وأفلاك ومخلوقات أصبحت شريحة ليست بالهينة تتجه نحو الخالق في إيمان منها بواحدانية مبدع ومسير هذا الكون.
كما برز على الساحة الدينية عدد من المساجد مثل (مسجد دينغشتو - مسجد سونغيانغ) في عهد أسرة يوان وازدادت بعد ذلك في فترة تولى أسرة مينغ الحكم، فشهدت عددا من المساجد الشهيرة أمثال (مسجد هواجيوية - مسجد دونغسنى في بكين - مسجد عيدكاه في كاشغر - المسجد الشمالي في بلدة تشانغتشون - الجامع الشرقى في مدينة جينينغ)، وابتدعت خلال تلك الفترة أيضا التعليم المسجدي وهو نوع من أنواع التربية الدينية على شكل كتاب ظهر في تاريخ الإسلام الصيني، وأطلق عليه هذا اللقب لأنه يمارس في حرم المسجد.
بجانب أن الصين القديمة تحولت في شعائرها الدينية - بالنسبة للطوائف غير الإسلامية - إلى شعائر قريبة الشبه بشعائر الديانة الإسلامية أمثال الجنائز والمناسيات الدينية المختلفة التي كانوا يحاولون تقليد المسلمين فيها، وكذلك الإهتمام بالأسرة لأنها النواة الأولى للمجتمع وأساس تكوين مجتمع قوي، حتى أن حكماء الصين قالوا قولهم الشهير (صلاح المجتمع من صلاح الأسرة)، واتسم النظام الأسري في أغلب بقاع الصين بسمات الإسلام من الاحترام لرب الأسرة واحترام أولى الأمر وبر الوالدين.
***
مساواة بالمرأة المسلمة
وبالنسبة لوضع المرأة الصينية خلال تلك الفترة وتأثير الإسلام في تحسين أوضاعها يؤكد الباحث أن المرأة الصينية قبل هبوط الإسلام إلى الأراضي الصينية كانت تعانى من الذل والهوان بسبب أنها تعيش في نظام قاس يحرمها من أبسط حقوقها وكان المجتمع يعاملها على أنها مصدر الخضوع والاستعباد؛ ولكن الإسلام نهى عن كل هذا وأصلح من شأنها ورد لها حقوقها الكاملة لأنها نصف المجتمع، فبدأت المرأة المسلمة في الصين تتميز بحقوق عن نظيراتها من الطوائف الأخرى، مما حدا بهن للمطالبة بالتساوي مع النساء المسلمات في الحقوق والواجبات، بل إن عادات ومراسم الزواج والطلاق عند الصينيين - سواء بالنسبة للمسلمين أو غير المسلمين - بدأت تأخذ الطابع الإسلامي، وغلب هذا الطابع أيضا على البيوت والطعام والشراب والملابس.
وأخيراً تم استنتاج أن الدين الإسلامي صبغ الحياة الدينية والاجتماعية في الصين القديمة ونتج عن ذلك تزايد في العلاقات مع بلاد العرب الساحلية في الخليج العربي والبحر الأحمر مثل (مكة - المدينة - ظفار - الأحساء - عدن) ومع البلاد التي تقع في شرق آسيا مثل (مصر - مقديشيو - براوة - الصومال) وجميعها بلاد تدين بالدين الإسلامي.


القاهرة/ إعداد - كريم الدهان:


مقال أعجبني وأدهشني
لكن لما تتبعت , وإذا بحضارة الاسلام في الصين والهند وباكستان هي 1000 سنة
أي اكثر من حضارة الاندلس

أتمنى أن يحوز على رضاكم واستحسانكم

جـــــــود
21-09-2010, 03:15
بوركت
.
.
معلومات قيمه

nuha1423
21-09-2010, 03:58
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ما أروع المعلومات التي تتحفنا بها أستاذنا البالود

بارك الله فيك وجزاك كل خير

أحب أن أضيف بشكل سريع :

قرأت أن الإسلام دخل إلى دول شرق آسيا عن طريق التعامل مع التجار المسلمين بلا قتال

من إعجاب أهل تلك البلاد بتعامل التجار المسلمين أخذوا يدخلون في دينهم زرافات ووحدانا

أسأل الله تعالى أن يعز نا بالإسلام وأن يعز الإسلام بنا

بارك الله فيك وجزاك كل خير على هذه المعلومات القيمة

غلاتي
21-09-2010, 04:40
مقال أعجبني وأدهشني
لكن لما تتبعت , وإذا بحضارة الاسلام في الصين والهند وباكستان هي 1000 سنة
أي اكثر من حضارة الاندلس

أتمنى أن يحوز على رضاكم واستحسانكم



حتى حنا عجبنا :a_plain111:

شكراً لكـ .............ياأستاذ :s_thumbup:

haay
21-09-2010, 08:26
جزاك الله خييير ... استاذنا

ام النووووون
21-09-2010, 12:27
بارك الله فيك

موفق

دقدقه
21-09-2010, 12:50
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

البالود
18-10-2010, 22:56
أحبتي الكرام

أشكركم جزيل الشكر على مروركم الكريم
وشكر خاص لنهى على الاضافة

لكم مني خالص الود والتقدير