تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أصول العلوم الذرية في القرآن الكريم


الريم الجفول
10-12-2010, 13:19
أصول العلوم الذرية في القرآن الكريم



إن حجر الزاوية في بناء النظرية الذرية الحديثة هو معرفة أن (نظام الزوجية) الذي يحكم عالم الأحياء، يمتد أيضاً ليشمل عالم الجماد، فكما يوجد في عالم الأحياء: ذكر وأنثى، أو موجب وسالب، فكذلك يوجد في عالم الجماد موجب وسالب. ولقد توصل العلماء في الغرب إلى هذه الحقيقة، بعد 25 قرناً ـ تقريباً ـ من الزمان بعد الأفكار النظرية والتأملات الفلسفية والدراسات والتجارب المعملية، وذلك بدءاً من منتصف القرن الخامس قبل الميلاد، حين عاش فيلسوفاً أغريقياً : ليوسيبس(Leucippus)، وديمقريطس(Democritus)، وحتى مطلع القرن العشرين الميلادي، حين استطاع العالم الإنكليزي رذرفورد (Rutherford) أن يصوغ النظرية الذرية الحديثة في عام 1911م. ويكفينا في هذا المقام أن نتتبع اكتشافات العلم الحديث لخواص الذرة، خلال القرنين الأخيرين اللذين سبقا وضع النظرية الذرية الحديثة، وذلك لكي ندرك القيمة العلمية لما جاء في المصادر الإسلامية متعلقاً بالذرة واستخداماتها.
موجز لتاريخ الذرة في العلم الحديث:
يقول العالم الألماني الكبير هايزنبرج Heisenbergت(1)يمكن تلخيص حالة : " النظرية الذرية " كالآتي : كان معروفاً أنه يمكن اختزال العدد الكبير من المركبات الكيميائية إلى عدد صغير نسبياً من العناصر الكيميائية التي عرف منها عدد وافر... وكانت نسبة كتل الذرات (الوزن الذري) معلومة أيضاً بدقة لا بأس بها، فذرة الأوكسجين ـ مثلاً ـ أثقل من ذرة الأيدروجين ضعفاً، وذرة النيتروجين أثقل من ذرة الإيدروجين بأربعة عشر ضعفاً، ولكن كان لا يزال هناك بيانات كثيرة ناقصة.
ولقد ظلت الذرة، كما كان يؤمن بها ديمقريطس، في حجم ذرات الغبار المتراقصة في حزمة ضوئية أو أقل بكثير. وبالمثل، فلقد كانت المعلومات عن شكل الذرات والقوى الكيميائية للذرات باعتبارها الواحدات النهائية في بناء المادة، أو بمعنى آخر هي أصغر الوحدات التي تدخل في بناء المادة، أو بمعنى آخر هي أصغر الوحدات التي تدخل في الوسائل والعمليات الكيميائية، إلا أنه لم يكن أحد ليعلم ما إذا كان في الإمكان تجزئة هذه الذرات الكيميائية، أو تحويلها إلى بعضها البعض باستخدام طرق أخرى.
ولقد دخلت " النظرية الذرية " في عهد جديد عندما جمع فرادي (Faraday) بينها وبين " النظرية الكهربية ". وأتى بقدوم عام 1865م نصر جديد له أهمية لا تنكر، وهو تقدير لوشميدت (Losschmidt) لحجم الذرة لأول مرة، ولو أنه كان تقريبياً. وتمخضت السنوات التي ذلك عن خطوات تقدمية أخرى، في ميدان المعرفة الكهربائية، نتيجة لاكتشافات فراداي، أمراً محتماً، ولكنها عرفت أنها مصاحبة فقط لذرات العناصر الكيميائية وليست طليقة. ثم اكتشف هيتورف (Hittorrf) ذرات الكهربية الطليقة غير المرتبطة بذرات المادة العادية من أشعة " الكاثور" التي ظهرت نتيجة للتفرغ الكهربي في الغازات شديدة الخلخل (في عام 1869م). وتسمى ذرات الكهربية الطليقة هذه " الإلكترونات "، وهي تسمية كان ستوني (Stoney)، أول من اقتراحها.
لقد تطور تدريجياً ذلك الرأي الذي يقول: إن الإلكترون قد يدخل في تركيب المادة بشكل مباشر أو بآخر خلال السنوات التي تلت ذلك.وكانت هناك حقيقة تدعو إلى العجب، وهي أن الكهربية السالبة يمكن مشاهدتها فقد في حالة طليقة، كالكترونات، في حين أن الكهربية الموجبة كانت تظهر دائماً مقترنة بذرات المادة. وقد دلت هذه الحقيقة المستمدة من التجربة على أن الذرة تحوي الكترونات سالبة كأجزاء داخلة في تركيبها. وعلى ذلك، فالكهربية السالبة الطليقة لا تظهر إلا عندما ينتزع إلكترون من الذرة. ولكن كان من المستحيل ـ قبل خمسين سنة ـ الوصول إلى فكرة واضحة عن هذه الظاهرة، فأوزان الذرات كانت معروفة على وجه التقريب، وكذلك كانت الأحجام التي تشغلها. وكان من المعروف، أيضاً، أن للذرات خصائص كهربية، وأنها تحوي إلكترونا واحداً، أو إلكترونين.
وفي الحقيقة، فإن ما عرف عن تركيب الذرة كان قليلاً، أو حتى معدوماً، أما " شكلها " فلم يكن ـ حتى التساؤل عنه ـ أمراً ممكناً!! .. لقد
تأخر حل هذه المشكلة إلى القرن العشرين الميلادي الذي نقترب الآن من الحديث عنه في عرضنا التاريخي للنظرية الذرية.. فلم يكن معروفاً حتى وقت قريب غير الإلكترونات السالبة الشحنة فقط، لأن الإلكترونات الموجبة الشحنة (البوزيترونات) لم يتم اكتشافها إلا في العقد الثالث من القرن العشرين.
لقد وجد بعد إعلان ظاهرة " النشاط الإشعاعي" بقليل (في عام 1896م) أن هناك أشعة من أنواع مختلفة تنبعث من المواد المشعة. ويطلق على هذه الأشعة اسم : أشعة ألفا، وأشعة بيتا، وأشعة جاما. ولقد أدت الدراسة المستفيضة لأشعة ألفا إلى معرفة أنها تتكون من جسيمات سريعة الحركة، تحمل كل منها وحدتي كم أوليتين من الكهربية الموجبة، وكتلتها تساوي كتلة ذرة الهيليوم(ذات الوزن الذي 4). وتحمل كل من الجسيمات التي تكون إشعاع بيتا وحدة كم أولية واحدة فقط من الكهربية السالبة، وكتلتها تساوي كتلة الإلكترون. أما أشعة جاما، فهي أشعة موجبة.
وكان لينارد(Lenard) قد بحث قبل ذلك التاريخ ـ مرور الإلكترونات السريعة خلال المادة، واكتشف أنها قادرة على النفاذ خلال طبقات منها، ذات سمك يفوق المعتاد، ومن ثم توصل أن الحيز الذي تشغله الذرة غالباً ما يكون فارغاً.
ويعتبر رذرفورد هو الذي اتخذ الخطوة المهمة التي أدت إلى تركيب أول نموذج للذرة، كالتالي: (تتركب الذرة من نواة ذات شحنة موجبة، وتتوازن الشحنة الموجبة للنواة بشحنة الإلكترونات (السالبة) التي تظل " أسيرة " نتيجة لقوى الجذب التي تبذلها النواة. وتدور هذه الإلكترونات حول النواة على مسافات بعيدة نسبياً، وتشكل هذه الإلكترونات التركيب الذري الخارجي للنواة.
كما أن عدد الإلكترونات يجب أن يساوي عدد الشحنات الأولية الموجبة الموجودة على النواة (البروتونات)، إذ أن الذرة متعادلة كهربياً في مجموعها[2]. وبهذا يقرر رذرفورد أن نموذج بناء الذرة يماثل نموذج النظام الشمسي المعروف في علم الفلك .
ويستطيع الآن تلخيص الفقرات السابقة، بنفس الألفاظ تقريباً، في النقاط التالية:
1) ظلت الذرة، حتى مطلع القرن التاسع عشر الميلادي، كما كان يؤمن بها ديمقريطس : ذات حجم يقترب من حجم ذرات الغبار المتراقصة في حزمة ضوئية، أو أقل بكثير.
2) تم اكتشاف ذرات الكهربية الطليقة، التي سميت " إلكترونات " ثم تطور الرأي الذي يقول إن الإلكترونات قد تدخل في تركيب المادة. ثم دلت التجربة على أن الذرة تحوي إلكترونات سالبة كأجزاء داخلية في تركيبها.
3) أكدت التجارب أن انحرافات جسيمات ألفا الموجبة لابد أن تحدثها قوى كهربية ناتجة عن شحنة موجبة على الجزء المركزي للذرة، حيث يحدث التنافر طبقاً، لقانون كولوم.
4) حتى مطلع القرن العشرين الميلادي لم يكن التساؤل عن شكل الذرة ممكناً.
وخلاصة القول: بعد اكتشاف الجزء السالب في الذرة، ثم الجزء الموجب منها، تمكن العلم من تقرير حقيقة بناء الذرة باعتبارها عالماً يماثل النظام الشمس.
نماذج لتركيب الذرات :
ذرة الإيدروجين : تتكون النواة من برتون واحد (لا يوجد بها نيوترونات) ويدور حولها إلكترون واحد. ويقع هذا المدار في مستوى الطاقة الأول، أو في " السماء الأولى" الأقرب إلى النواة. والوزن الذري للإيدروجين = 1.008 (منسوباً إلى وزن ذرة الإوكسجين، باعتبارها تساوي 16 وحدة وزن ذري)، والعدد الذري للإيدروجين =1.
ذرة الهيليوم : تتكون النواة من 2 بروتون، 2نيوترون، ويسبح حولها 2 إلكترون في مستوى الطاقة الأول، أو في " السماء الأولى" . والوزن الذري =4.003 ، والعدد الذري =2.
الخاصية الثنائية للجسيمات الذرية:
يدخل في بناء الذرة ثلاثة جسيمات، هي : البروتون(Proton)، والنيوترون(Neutron)، والإلكترون(Electron). على أن هناك عدد آخر من الجسيمات الذرية، تظهر في الطبيعة وفي التفاعلات النووية، نذكر منها : البوزيترون(Positron)، والفوتون(Photon)، والنيوترينو (Neutrino)، والأنتي نيوترينو (Antineutrino)، والميزون (Meson)..
إننا لا نستطيع النظر إلى هذه الجسيمات الذرية على أنها جسيمات ذات كتلة جامدة، لكنها في الحقيقة جسيمات تصطحب أمواجاً، أي أن لها خاصية ثنائية تستطيع بواسطتها أن ترينا نفسها، في بعض الحالات: في صورة جسيمات، وفي حالات أخرى: في صورة أمواج.
وبناء على هذا، يعتبر الإلكترون داخل الذرة أشبه بسحابة، أو يمثل تركيزاً محلياً لطاقة، وهو يتعرض باستمرار لعمليات تكوين ثم تحلل في المستويات الفرعية المضطربة.. ويمكن أن نتصور بأن الإلكترون لا يتحرك، ككائن موجود دائماً، ولكنه يتكون دورياً نتيجة لتركيز طاقة المجال في الأغلفة حول النواة. وإذا اعتبرنا الصورة الجسمية للإلكترون، فإننا نستطيع الكلام عن " النموذج الشمسي " والذي يتكون من نواة مركزية تسبح حولها إلكترونات.
أما إذا اعتبرنا الصورتين معاً ـ الجسيمية والموجبة ـ فإنه يمكن وصف الذرة هندسياً بأنها نواة تسوّرها أفلاك. وتلك هي صورة (النظام الشمسي) في الكون الذي نحن عالم منه.
الذرة في المصادر الإسلامية
كلمة " ذرة " في القرآن الكريم :
ورد لفظ " مثقال ذرة " بالقرآن الكريم في ست آيات، نوردها حسب ترتيب نزولها، مع ذكر أقوال قدامى المفسرين في معانيها، حسبما تيسر لهم فهمها.
فلقد جاء ذكر الذرة لأول مرة، في سورة يونس في قول الله تعالى : (وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهوداً إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين ). وفي المعنى قال المفسرون : " يعزب " أي يغيب أو يبعد أو يذهب[3].
أي أن الله جلت قدرته (لا يعزب عن علمه وبصره مثقال ذرة في حقارتها أو صغرها، في السماوات ولا في الأرض، ولا أصغر منها ولا أكبر إلا في كتاب مبين)[4].
ثم جاءت المرة التالية التي ذكرت فيها (الذرة)، في سورة سبأ، قول الله تعالى: (وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين). وقوله تعالىقل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير).
كما ذكرت الذرة في سورة النساء، قول الله تعالى : (إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجراً عظيماً). وفي معناها قال المفسرون : إن الله في حسابه للناس لا يبخسهم ولا ينقصهم من ثواب عملهم ـ حتى ـ وزن ذرة، بل يجازيهم ويثيبهم عليه.
والمراد من الكلام أن الله تعالى لا يظلم قليلاً ولا كثيراً، كما قال تعالى : (إن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون)[سورة يونس].
وقال يزيد بن هارون: زعموا أن الذرة ليس بها وزن... قلت : والقرآن والسنة يدلان على أن للذرة وزناً، والله أعلم .. وهي في الجملة عبارة عن أقل الأشياء وأصغرها. ذكرت الذرة في سورة الزلزلة، قول الله تعالى : (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره * ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره).
ويمكن تلخيص أقوال قدامى المفسرين في الذرة، فيما يلي :
الذرة أقل الأشياء وأصغرها:
الله جلت قدرته ـ محيط علماً بكل شيء حتى ولو كانت ذرة، بل وما دونها.
الله سبحانه يحاسب الناس بالعدل المطلق، فلا يظلم قليلاً ولا كثيراً.
ولو أن الذرة تعتبر أقل معيار وزني، إلا أن القرآن الكريم قد ذكر صراحة وجود ما هو أقل منها.
هذا، ولو أن مكونات الذرة هي بطبيعة الحال أقل منها، إلا أن هذه المكونات لا يمكن النظر إليها باعتبارها جسيمات محضة، كما يمكن النظر إلى الذرة ككل ـ بل هي في الحقيقة جسيمات تصطحب أمواجاً. وقد سبق بيان ذلك عند الحديث عن (الخاصة الثنائية للجسيمات الذرية).
الذرة غيب :
الغيب لغة هو كل ما غاب عنك علماً أو إدراك. والغيب علماً: هو كل ما جهلته، ويقول الحق تبارك وتعالى : (تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا ....)[سورة هود]، (ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك... )[سورة آل عمران]،(ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك....)[سورة يوسف].
والغيب إدراكا:كل ما هو كائن، له وجود حق، ولكن لا تدركه حواس الإنسان العادية ـ من سمع وبصر.. لقصور فطري فيها. يقول الحق : (الم* ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين * الذين يؤمنون بالغيب ..)[سورة البقرة]. قال المفسرون: (يؤمنون بالله وملائكته، وكتبه، ورسله واليوم الآخر، وجنته، وناره، ولقائه، ويؤمنون بالحياة بعد الموت وبالبعث .. فهذا كله غيب )(ابن كثير). (عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير)[الأنعام/73ـ التوبة /94ـ الرعد /9ـ المؤمنون /92ـ السجدة /6ـ الزمر /46ـ الحشر /22ـ الجمعة /8ـ التغابن/18].
الله لا تدركه الأبصار ولكن تدركه البصائر:
يقول الله تعالى : (من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب)[سورة ق].
(الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون)[سورة الأنبياء].
(الذين يخشون ربهم بالغيب وأقاموا الصلاة ..)[سورة فاطر].
(إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب )[سورة يس].
الجنة غيب :
يقول الله تعالى : (جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب إنه كان وعده مأتياً)[سورة مريم].
الذرة غيب :
يقول الله تعالى : (.. عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات والأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين )[سورة سبأ].
إذن، ومما وضح بالآيات القرآنية، فإن الذرة هي مما غاب عنا إدراكاً فلا ترى ولا تحس.
نظام الزوجية في القرآن الكريم:
تقول معاجم اللغة : الزوجية ضد الفرد، وكل واحد منهما يسمى زوجاً، ويقال أيضاً للاثنين: زوجان، وهما زوج. وتقول : عندي زوجاً حمام، يعني ذكر وأنثى. والزوج البعل، أي الذكر، كما في قول الله تعالى : (قالت يا ويلتي أألد وأنا عجوزٌ وهذا بعلي شيخاً إن هذا لشيء عجيب)[سورة هود]. والزوج أيضاً المرأة ، أي الأنثى، كما في قوله تعالى: (وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغداً حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين)[سورة البقرة].
الخلاصة : إن الكلام عن الزوجية يعني ـ في الدرجة الأولى ـ الكلام عن النوع والنوع المخالف له، أي الذكر والأنثى، أو بلغة العلوم الطبيعية الموجب والسالب.
ونستطيع الآن أن ننظر في بعض آيات القرآن الكريم التي تتحدث عن الزوجية، ونستفتح بقول الله تعالى في سورة النجم: (وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى * من نطفة إذا تمنى). إن الكلام عن الزوجية هنا يقصد به النوع والنوع المضاد، أو النوعين الذين إذا التقيا سكنا. ونستعير لغة العلوم الطبيعة فنقول: هما الموجب والسالب، الذين إذا اتصلا تعادل تأثيرهما المشترك، ويتأكد هذا المفهوم أيضاً في آيات كثيرة نذكر منها على سبيل المثال، قول الله تعالى : (أيحسب الإنسان أن يترك سدى * ألم يك نطفة من مني يمنى * ثم كان علقة فخلق فسوى * فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى)[سورة القيامة].
(فاطر السماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجاً ومن الأنعام أزواجاً يذرؤكم ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)[سورة الشورى].
بعد هذا التمهيد القرآني المحكم نجد نظام الزوجية يتعدى عالم الإنسان وعالم الحيوان، ليشمل كلا من عالم النبات وعالم الجماد، وذلك في مثل قوله تعالى سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون )[سورة يس]. لقد جاء فيما ذكره المفسرون في معنى (الأزواج كلها) التي ذكرت في هذه الآية: قال قتادة: يعني الذكر والأنثى، (مما تنبت الأرض) يعني من النبات( ومن أنفسهم )يعني وخلق منهم أولاداً أزواجاً، ذكرواً وإناثاً( ومما لا يعلمون)، أي من أصناف خلقه في البر والبحر والسماء والأرض، ثم يجوز أن يكون ما خلقه، لا يعلمه البشر، وتعلمه الملائكة، ويجوز ألا يعلمه مخلوق[5].
وقد ذكر ابن كثير في معنى قول الله تعالى : (ومما لا يعملون)، أي من مخلوقات شتى لا يعرفونها. كما قال جلت عظمته ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون)(سورة الحجرات). إن هذا كله يعني أن نظام الزوجية شامل: يسري على الإنسان، والحيوان، والنبات، والجماد.. لقد شعر قدامى المفسرين أن النص القرآني يدفعهم إلى التسليم بنظام الزوجية في غير ما عرفوه من عوالم ـ كالجماد ـ وذلك في قولهم : (ويجوز أن يكون ما خلقه " الله " لا يعلمه البشر، وتعلمه الملائكة، ويجوز ألا يعلمه مخلوق).
ونستطيع الآن أن نقرر بأن الذرة ـ بمعناها العلمي وكما ذكرها القرآن ـ تخضع لنظام الزوجية، أي أن فيها ذكر وأنثى، أي موجب وسالب. إن هذه الخاصية حين حققها العلماء. واستطاعوا صياغة النظرية الذرية الحديثة، ووضع نموذج لبناء الذرة، ثم قاموا باقتحام العالم العجيب عن علم وبصيرة، فحققوا بذلك أروع النتائج والإنجازات.
الذرة في أقوال نخبة من المسلمين :
نذكر هنا الإمام علي بن أبي طالب ـ كرم الله وجهه ـ الذي تربى في حجر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما نذكر أن قريشاً قد أصابتها أزمة شديدة قبل البعثة المحمدية، وكان أبو طالب كثير العيال، فقال الرسول لعمه العباس (وكان أيسر بني هاشم) : (يا عباس، إن أخاك أبا طالب كثير العيال، وقد أصاب الناس ما ترى من هذه الأزمة، فانطلق بنا إليه، فلنخفف عنه من عياله، آخذ من بنيه رجلاً، وتأخذ أنت رجلاً. فقال العباس : نعم. فانطلقا حتى أتيا أبا طالب. فأخذ الرسول علياًَ فضمه إليه، وأخذ العباس جعفراً فضمه إليه . فلا غرو أن يكون علي أول من آمن بالنبي من الصبيان. واستمر علي ـ بعد أن كبر وصار خليفة للمسلمين ـ يذكر أن ما جاءه من العلم، إنما هو تعلم وما عدده الله ـ سبحانه ـ بقوله : (والله عنده علم الساعة وينزل الغيب ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفسٌ بأي أرض تموت ... )[سورة لقمان].. فهذا علم الغيب الذي لا يعلمه أحد إلا الله، وما سوى ذلك فعلم علمه الله نبيه صلى الله عليه وسلم فعلمنيه ودعا لي بأن يعيه صدري، وتنضم عليه جوانحي)[6].
ولقد جاء في الأنباء ما يسجل لعلي بن أبي طالب قولاً في الذرة أصاب به كبد الحقيقة، وصاغ به النظرية الذرية في صورتها الحديثة التي نعرفها اليوم، ومما يلفت النظر في هذا المقام أن المصدر الذي ننقل عنه قول على بن أبي طالب في الذرة ليس مصدراً إسلامياً. فلقد كتب (جون أونيل) ـ المحرر العلمي لجريدة " نيويورك هيرالد تربيون " ـ في كتاب أصدره عن الذرة في الولايات المتحدة الأمريكية، في عام 1945م، وعنوانه (Almighty Atom)، أسماه القصة الحقيقة للهندسة الذرية، وكان مما جاء فيه، مترجماً إلى العربية: (لقد كان العالم الروماني عقيماً في هذا المجال، ولم يصف سوى النذر اليسير لما وصله من حضارة الإغريق. إن أحدى النقط المتلائمة في القرون الوسطى، تأتي من العالم الإسلامي حيث نجد ما سطِّره قلم الصوفي علي أبو الحسن ـ صهر محمد ـ الذي كتب يقول : إذا فلقت الذرة ـ أيّ الذرة ـ تجد في قلبها شمساً. إن هذا يدل على أن بصيرته الصافية قد استطاعت أن تلمح حقيقة النظام الشمسي الحديث للذرة )[7].
وبعد عصر النبي وصحابته تمضي السنون أو القرون، فتطلعنا أقوال فريد الدين العطار، الذي عاش في القرن السادس الهجري، إذ يقول (الذرة فيها الشمس ... وإن شققت ذرة وجدت فيها عالماً. وكل ذرات العالم ف يعمل لا تعطيل فيه) . إن هذا الذي قاله فريد الدين العطار يحوي عدداً من الحقائق العلمية التي لا تتعلق بالذرة وما فيها فقط، بل بترابطها في تكوين الجزيئات.
موجز عن الذرة في المصادر الإسلامية :
إن الموقف الآن في غاية الوضوح.. فلقد قررت المصادر الإسلامية عدة حقائق عن الذرة :
1) الذرة تخضع لنظام الزوجية، أي فيها الموجب والسالب.
2) الذرة نظام شمسي
3) الذرة عالم يموج بالحركة التي لا تعطيل فيها
إن هذا ـ باختصار ـ هو جوهر (النظرية الذرية الحديثة)التي استقرت في صدر الإسلام. أما على الجانب الآخر ـ لدى العلوم الطبيعة والكيميائية ـ فلقد كان الموقف آنذاك، أشبه بطفل مازال يحبو.
ويكفي التذكير بقول هيزنبرج : إنه حتى القرن العشرين . كان ما عرف عن تركيب الذرة قليلاً أو معدوماً، أما شكلها فلم يكن التساؤل عنه أمراً ممكناً.

عادل الثبيتي
10-12-2010, 15:12
http://www.teach-web.com/traidnt//uploads/images/teach-web-c7545805cb.gif (http://www.teach-web.com/traidnt//uploads/images/teach-web-c7545805cb.gif)

لودي*
10-12-2010, 15:28
جزاك الله ألف خير وكثر الله من أمثالك

الحارث
10-12-2010, 16:48
بارك الله فيك وجزاك كل الخير
مشكوووووورة والله يعطيك الف عافيه

nuha1423
10-12-2010, 19:55
سلمت يداك وجزاك الله خيراً

معلمه طموحه
10-12-2010, 22:28
يعطيك العافيه

سلمت الأنامل