ياسمين
22-05-2006, 00:53
يقول الطالب الياباني ( اوساهير ) الذي بعثته حكومته للدراسة في المانيا :
لو أنني اتبعت نصائح أستاذي الألماني الذي ذهبت لأدرس عليه في
جامعة هامبورج ،لما وصلت إلى شيئ ، كانت حكومتي قد أرسلتني لأدرس
أصول الميكانيكا العلمية ، كنت أحلم بأن أتعلم ، كيف أصنع محركا صغيراً ؟
كنت أعرف أن لكل صناعة وحدة أساسية أو ما يسمى ( موديل )
هو أساس الصناعة كلها . فإذا عرفت كيف تصنع وضعت يدك على سر هذه
الصناعة كلها ، وبـدلا من أن يأخذني الأستاذ إلى معمل ، أو مركز تدريب عملي
أخذوا يعطوني كتباً لأقرأهـا ، وقرأت حتى عرفت نظريـات الميكانيكا كلهـا .
ولكنني ظللت أمام المحرك ، أيـا كانت قوته وكـأنني أقف أمـام لغـز لا يحل .
وفي ذات يـوم قـرأت عن معرض لمحركـات إيطالية الصنع ، كان ذلك أول الشهر
و كان معي راتبي وجدت في المعرض محركاً قوة حصانين ، ثمنـه يعادل مرتبي كله
فأخرجت الراتب ودفعته وحملت المحرك وكان ثقيلا جداً وذهبت إلى حجرتي ووضعته
على المنضدة وجعلـت أنظر إليه ، كـأنني أنظر إلى تـاج من الجوهـر . وقلـت لنفسـي :
هذا هــو سـر قـوة أوربـا ، لـو استطعت أن صنع محركـاً كـهذا لغـيرت تـاريخ اليـابـان .
وطـاف بذهني خـاطر يقـول : إن هـذا المحرك يتـألف من قطـع ذات أشكـال وطبائـع شتى ،
مغناطيس كـحدوة الحصـان ، وأسلاك وأذرع دافعـة ، وعجلات وتروس وما إلى ذلك . لو أنني
استطعت أن أفكك قطع هذا المحرك وأعيد تركيبها بالطريقة نفسها الـتي ركـبوهـا بـهـا ، ثم
شغلته فاشتغل ، أكون قد خطوت خطوة نحو سر ( موديل ) الصناعة الأوربية . وبحثت
في رفوف الكتب التي عنـدي حتـى عثرت علـى الرسـوم الخاصة بالمحركـات وأخذت ورقـاً
كثيراً وأتيت بصندوق أدوات العمل ومضيت أعمل رسمت المحرك ، بعد أن رفعت الغطاء
الذي يحمي أجـزاءه ، ثم جعلـت أفككه ، قطعة قطعة ، وكلمـا فككت قطعة رسمتهـا على
الورقة بغاية الدقـة . وأعطيتـها رقمـاً وشيئاً فشيئاً فككته كله ، ثم أعدت تركيبه ، وشغلته ،
فاشتغل ، كـاد قلبي يقف من الفرح استغرقت العملية ثلاثة أيام . كنت آكل في اليـوم
وجبـه واحدة ، و لا أصيب من النـوم إلا مـا يمكنني من مواصلة العمل .
وحملت النبأ إلى رئيس بعثتنا فقال : حسناً ما فعلت ، الآن لابد أن اختبرك . سآتيك بمحرك متعطل
وعليك أن تفككه ، وتكشف موضـع الخطـأ وتصححـه ، وتجعـل هـذا المحـرك العـاطل يعمـل .
واستغرقت هذه العملية عشرة أيـام ، عرفـت أثناءهـا مواضـع الخلـل .
فقد كـانت ثلاث من قطـع المحـرك باليـة متآكلـة ، صنعت غيرهـا بيـدي ،
صنعتها بالمطرقة والمبرد .
بعد ذلك قـال رئيس البعثـة ، وكـان بمثابة الكـاهن يـولى قيادتي روحيـاً ، قـال :
عليك الآن أن تصنع القطع بنفسك ثم تصنع محركـاً . ولكـي أستطيـع أن أفعل ذلك
التحقت بمصـانع صهر الحديـد ، وصهر النحـاس والألومونيوم ، بـدلاً مـن أن أعد رسالة
الدكتوراة ، كما أراد مني أساتذتي الألمان . تحولت إلى عامل ألبس بدلة زرقاء وأقف صاغراً
إلى جانب عامل صهر المعـادن . كنت أطيع أوامره كأنه سيد عظيم ، حتى كنت أخدمه وقت الأكل
، مع أنني من أسرة سـامـوراي ، ولكنني كنت أخدم اليابان ، وفي سبيل اليـابـان يهون كل شئ
قضيت في هذه الدراسات والتدريبات ثماني سنوات ، كنت أعمل خلالها ما بين عشر
وخمس عشرة ساعة في اليوم . وبعد انتهاء يوم العمل كنت آخذ نوبة حراسة ،
و خلال الليل كنت أراجع قواعد كل صناعة على الطبيعة .
وعَلِمَ ( الميكـادو ) – الحاكم اليابـاني _ بـأمري فأرسل لي من ماله الخاص ،
خمسة آلاف جنيه إنجليزي ذهبا ، اشتريت بـها مصنع محركات كاملة وأدوات وآلات.
وعندما أردت شحنـها إلى اليابان كانت النقود قد فرغت ، فوضعت راتبي وكل مـا ادخرته
وعندما وصلت إلى ( نجازاكي ) قيـل لي : إن ( الميكـادو ) يريـد أن يرانـي . قلت:
لن استحق مقابلته إلا بعد أن انشئ مصنع محركـات كاملا . استغرق ذلك 9 سنوات
وفي يوم من الأيام حملت مع مساعدي عشرة محركات ( صنع في اليابان ) قطعة قطعة
حملناهـا إلى القصر ، ودخل الميكـادو وانحنينا نحييه وابتسم وقال : هذه اغرب موسيقى
سمعتها في حياتي ، صوت محركات يابانية خالصة . هكذا ملكنا ( الموديل ) وهو سر قوة
الغرب ، نقلنـاه إلى اليابان . نقلنا قوة أوربا إلى اليابان ونقلنا اليابان إلى الغرب .منقول من كتاب : لا تيأس
للكاتب أحمد بن سالم بادويلان
وبعد إخوتي متى ننقل قوة أوربا إلى أوطاننا ( من المحيط إلى الخليج )
لو أنني اتبعت نصائح أستاذي الألماني الذي ذهبت لأدرس عليه في
جامعة هامبورج ،لما وصلت إلى شيئ ، كانت حكومتي قد أرسلتني لأدرس
أصول الميكانيكا العلمية ، كنت أحلم بأن أتعلم ، كيف أصنع محركا صغيراً ؟
كنت أعرف أن لكل صناعة وحدة أساسية أو ما يسمى ( موديل )
هو أساس الصناعة كلها . فإذا عرفت كيف تصنع وضعت يدك على سر هذه
الصناعة كلها ، وبـدلا من أن يأخذني الأستاذ إلى معمل ، أو مركز تدريب عملي
أخذوا يعطوني كتباً لأقرأهـا ، وقرأت حتى عرفت نظريـات الميكانيكا كلهـا .
ولكنني ظللت أمام المحرك ، أيـا كانت قوته وكـأنني أقف أمـام لغـز لا يحل .
وفي ذات يـوم قـرأت عن معرض لمحركـات إيطالية الصنع ، كان ذلك أول الشهر
و كان معي راتبي وجدت في المعرض محركاً قوة حصانين ، ثمنـه يعادل مرتبي كله
فأخرجت الراتب ودفعته وحملت المحرك وكان ثقيلا جداً وذهبت إلى حجرتي ووضعته
على المنضدة وجعلـت أنظر إليه ، كـأنني أنظر إلى تـاج من الجوهـر . وقلـت لنفسـي :
هذا هــو سـر قـوة أوربـا ، لـو استطعت أن صنع محركـاً كـهذا لغـيرت تـاريخ اليـابـان .
وطـاف بذهني خـاطر يقـول : إن هـذا المحرك يتـألف من قطـع ذات أشكـال وطبائـع شتى ،
مغناطيس كـحدوة الحصـان ، وأسلاك وأذرع دافعـة ، وعجلات وتروس وما إلى ذلك . لو أنني
استطعت أن أفكك قطع هذا المحرك وأعيد تركيبها بالطريقة نفسها الـتي ركـبوهـا بـهـا ، ثم
شغلته فاشتغل ، أكون قد خطوت خطوة نحو سر ( موديل ) الصناعة الأوربية . وبحثت
في رفوف الكتب التي عنـدي حتـى عثرت علـى الرسـوم الخاصة بالمحركـات وأخذت ورقـاً
كثيراً وأتيت بصندوق أدوات العمل ومضيت أعمل رسمت المحرك ، بعد أن رفعت الغطاء
الذي يحمي أجـزاءه ، ثم جعلـت أفككه ، قطعة قطعة ، وكلمـا فككت قطعة رسمتهـا على
الورقة بغاية الدقـة . وأعطيتـها رقمـاً وشيئاً فشيئاً فككته كله ، ثم أعدت تركيبه ، وشغلته ،
فاشتغل ، كـاد قلبي يقف من الفرح استغرقت العملية ثلاثة أيام . كنت آكل في اليـوم
وجبـه واحدة ، و لا أصيب من النـوم إلا مـا يمكنني من مواصلة العمل .
وحملت النبأ إلى رئيس بعثتنا فقال : حسناً ما فعلت ، الآن لابد أن اختبرك . سآتيك بمحرك متعطل
وعليك أن تفككه ، وتكشف موضـع الخطـأ وتصححـه ، وتجعـل هـذا المحـرك العـاطل يعمـل .
واستغرقت هذه العملية عشرة أيـام ، عرفـت أثناءهـا مواضـع الخلـل .
فقد كـانت ثلاث من قطـع المحـرك باليـة متآكلـة ، صنعت غيرهـا بيـدي ،
صنعتها بالمطرقة والمبرد .
بعد ذلك قـال رئيس البعثـة ، وكـان بمثابة الكـاهن يـولى قيادتي روحيـاً ، قـال :
عليك الآن أن تصنع القطع بنفسك ثم تصنع محركـاً . ولكـي أستطيـع أن أفعل ذلك
التحقت بمصـانع صهر الحديـد ، وصهر النحـاس والألومونيوم ، بـدلاً مـن أن أعد رسالة
الدكتوراة ، كما أراد مني أساتذتي الألمان . تحولت إلى عامل ألبس بدلة زرقاء وأقف صاغراً
إلى جانب عامل صهر المعـادن . كنت أطيع أوامره كأنه سيد عظيم ، حتى كنت أخدمه وقت الأكل
، مع أنني من أسرة سـامـوراي ، ولكنني كنت أخدم اليابان ، وفي سبيل اليـابـان يهون كل شئ
قضيت في هذه الدراسات والتدريبات ثماني سنوات ، كنت أعمل خلالها ما بين عشر
وخمس عشرة ساعة في اليوم . وبعد انتهاء يوم العمل كنت آخذ نوبة حراسة ،
و خلال الليل كنت أراجع قواعد كل صناعة على الطبيعة .
وعَلِمَ ( الميكـادو ) – الحاكم اليابـاني _ بـأمري فأرسل لي من ماله الخاص ،
خمسة آلاف جنيه إنجليزي ذهبا ، اشتريت بـها مصنع محركات كاملة وأدوات وآلات.
وعندما أردت شحنـها إلى اليابان كانت النقود قد فرغت ، فوضعت راتبي وكل مـا ادخرته
وعندما وصلت إلى ( نجازاكي ) قيـل لي : إن ( الميكـادو ) يريـد أن يرانـي . قلت:
لن استحق مقابلته إلا بعد أن انشئ مصنع محركـات كاملا . استغرق ذلك 9 سنوات
وفي يوم من الأيام حملت مع مساعدي عشرة محركات ( صنع في اليابان ) قطعة قطعة
حملناهـا إلى القصر ، ودخل الميكـادو وانحنينا نحييه وابتسم وقال : هذه اغرب موسيقى
سمعتها في حياتي ، صوت محركات يابانية خالصة . هكذا ملكنا ( الموديل ) وهو سر قوة
الغرب ، نقلنـاه إلى اليابان . نقلنا قوة أوربا إلى اليابان ونقلنا اليابان إلى الغرب .منقول من كتاب : لا تيأس
للكاتب أحمد بن سالم بادويلان
وبعد إخوتي متى ننقل قوة أوربا إلى أوطاننا ( من المحيط إلى الخليج )