دلوعة البصريات
21-08-2006, 01:24
هذه واحدة من أروع ما قيل من سير الفيزياء والعالم أنقلها اليكم أتمنى أن تحوز اعجابكم ...
طفل في الكوز..!
لم يكتب لنيوتن أن يرى أباه ,فقد توفي الأب قبل ولادة ابنه بقليل .وعند الولادة كان اسحاق طفلا نحيلا عليلا مولودا قبل تمام أشهره ,وكانت القابلة التي ساعدت في ولادته لا تتوقع له أن يعيش وقالت : " يا للعجب ، لقد كان ضئيلا لدرجة أنه يمكن وضعه في كوز الماء !" . أجل ان للقدر أحوالا ، لقد كانت هذه هي طريقة القدر الساخرة في تقديم هذا العقل الجبار للوجود !.
شقاوة.. علماء !.
أمضى نيوتن أيام طفولته الأولى مع والدته، وعندما تزوجت كفلته جدته . وفي سن الثانية عشرة التحق بأحدى المدارس الأميرية وسكن مع أحد الصيادلة ولكنه كان ساكنا فقيرا وطفلا خبيثا . فقد كان لا يكف عن الاعيبه وحيله التي تطير صواب الصيدلي المسكين . فقد كان يجمع البلط الصغيرة ، والمناشير ، والمطارق من مختلف الأشكال والأحجام ويعمل منها اختراعات عجيبة .
فقد تعرف مثلا على التركيب الآلي لطاحونة الهواء التي كانت مقامة بجوار منزل الصيدلي ،وعزم على أن ينشئ لنفسه طاحونته الخاصة ، وأعلن أنه سيدخل عليها من التحسينات ما لا يوجد في غيرها، وأنه سيجعلها تدور بقوة الحيوان لا بقوة الرياح !. وفعلا وضع فأرا على عجلة ( الدواسة ) ثم وضع قطعة من الخبز فوق العجلة وعلى مسافة تكفل ألا يصل اليها هذا الطحان الجائع مهما بذل من محاولات يائسة وقال : " يمكننا بعد ذلك أن نطمئن الى أن غريزة الفأر الطبيعية ستدفعه الى ادارة هذه الآلة !".وكان يلجأ دائما الى مثل هذا النوع من الألاعيب . وذات يوم قال لزوج أخت الصيدلي :" أرجوك يا سيدي ، هل يمكنني أن آخذ ذلك الصندوق الموجود في قبو المنزل لأستخدمه في عمل ساعة ؟ ، انني أؤكد انك لن تتأخر عن عملك أبدا بعد ذلك نتيجة لعدم معرفة الوقت ".
وصنع ساعة تدور عقاربها بانتظام نتيجة تساقط الماء قطرة قطرة من اناء كان يضع به الكمية المناسبة من الماء كل صباح .وصنع بعد ذلك "عربة ميكانيكية "كان يمكن تنظيم حركتها بواسطة يدي الراكب وقدميه .
وأغرم بتطيير الطائرات الورقية , وبدأ يهتم بذلك العمل الساحر ألا وهو التحليق في الهواء . وذات مساء جمع رفاقه من الأطفال وأخذ لهم وقد لمعت عيناه لمعانا شيطانيا :"انني سوف أسبب لهؤلاء الريفين من الذعر ما لم يعرفوه قط في حياتهم , فقد فرغت توا من صناعة بعض الفوانيس التي سأشبكها في ذيل طائراتي الورقية ,وسأرسل هذه الطائرات لتطير فوق سطوح المنازل , وعندئذ سيظن الناس أنها شهب ومذنبات سقطت عليهم من السماء ".
الحب ..على الطريقة النيوتونية!
لم يكن "نيوتن"مفكرا فحسب بل كان حالما ,ولم يكن رياضيا فقط وانما كان شاعرا أيضا. ولم تكن طريقته المشاهد الطئ التفكير ولكنها طريقة المبدع الفنان .وكانت "كامبريدج"تزخر بمثل هؤلاء الناس كانوا يسمون أنفسهم "أساتذة"ولكنهم كانوا في الواقع أشبه ب "تلاميذ" لم يتخرجوا بعد من الجامعة !.
كان "نيوتن",كما قلنا ,حالما شاعرا . وعلى الرغم من أنه استطاع من أن ينجو من الاجداب الذهني الذي أصاب كثيرمن زملائه ,الا أنه لم يستطع أن يتخلص تماما من شذوذهم ,فقد كان مستغرقا في أحلامه عن الكون ولم يكن يجد الوقت الكافي للعناية بمظهره الشخصي . وكثيرا ما كان يدخل قاعة الطعام بالجامعة وقد تزحزح رباط رقابته من مكانه وانحل رباط جوربه الطويل وانفكت أزرار سراويله!.ولكن نيوتن كان على الرغم من مظهره وملابسه شابا ذا قلب شاعري حساس .وقد ثارت في داخله ذات مرة شعلة الهوى التي تبهر الانفاس ودفعته الى أن يطلب يد احدى الفتيات من معارفه فأمسك بيدها برقة ونظر في عينيها, ولكن عندما جاءت اللحظة الحاسمة شرد عقله في ميادين أخرى من الفكر ذلك أنه كان في هذا الوقت مشغول البال بنظرية ذات الحدين للمقادير اللانهائية ,وقد أمسك باصبع حبيبته وهو مستغرق في أحلامه .وظن وهو في نوبة ذهوله , أن ذلك الأصبع هو العود الذي يستعمله في تنظيف غليونه , فاخذ يحاول أن يحشره في أنبوبة الغليون وعندما صاحت حبيبته متألمة صحا من ذهوله واعتذر في حياء قائلا :"آه يا عزيزتي...أرجو أن تصفحي عني, انني أرى أن ذلك الأمر لن يصلح وأظن أنه قد قدر علي أن أظل بلا زواج طوال حياتي".
أعط العيش لخبازه....!
مالك يانيوتن والسياسة؟!.
نشر نيوتن أهم كتبه وهو كتاب المبادئ وبعد نشره مباشرة دخل في ميدان السياسة وكان قد أظهر في البداية أنه خصم جريئ للملك "جيمس " الثاني عندما حاول هذا الملك العنيد أن يخنق حرية الجامعات . فلما خلعت أسرة "ستيوارت" عن العرش وتبوأ "وليم ماري" مكانها , كان نيوتن عضوا في المؤتمر الذي اجتمع ليناقش النظام الدستوري الجديد.ولم يكن نيوتن خطيبا بطبعه , فقد تكلم مرة واحدة خلال كل المناقشات القيمة التي دارت في المؤتمر ,وكان كل ما قاله هو أنه طلب الى الحاجب أن يغلق النافذة ! ولم يكن الملك الجديد شديد الاقتناع بمقدرة نيوتن البرلمانية , فعندما سأل ذات مرة أن يستشير نيوتن في احدى المسائل السياسية أجاب الملك :" كلا ...وما لنيوتن والسياسة !؟".
نبيل... بالقوة !
لم يفهم آراء نيوتن غير عدد قليل من معاصريه .ولكن ذلك لا يكاد يثير دهشتنا ، فقد كان هذا الرياضي العجيب لا يفهم نفسه .وفي لحظة انتصاره ,عندما انجز نظريته الكونية التي كان مقدرا لها أن تصبح أساسا لعلوم المستقبل , كان يشعر أنه شخص يائس تماما .لماذا؟!.لأنه كان يهمه جدا أن يعتبر سيدا نبيلا من الدرجة الثانية بدلا من أن يعتبر عبقريا من الدرجة الآواى !.ألم يكن يكفيه أن لديه عقلا نبيلا ,بل رأى أنه يجب عليه أن يسعى للحصول على مركز نبيل أيضا . وقد طلب من أصدقاءه ذوي النفوذ مرة بعد أخرى , في أثناء تدوينه لكتابه المبادئ ,أن يحاولوا أن يحصلو ا له على منصب سياسي في البلاط الملكي . ولم يكن يهمه كثيرا ألا يعتبره الناس أعظم فيلسوف بعد أرسطو , طالما عرفه مواطنوه على أنه تابع سياسي لملك بريطانيا وله راتب !!.وكان على استعداد لأن يقسم أمام "كلية هيرالد "بأنه ينحدر من أسرة نيوتن الشهيرة في "لينكولنشير",وعندما سئل : "أيمكنك أن تتبع سلسلة النسب ؟" أجاب "ولم لا " .وفي الواقع أنه كان يستطيع أن يتتبع نسبه الى جده الذي كان فلاحا طيبا مغمورا , ولكن لم اليأس ؟انه سوف يدعم نسبه المهتز بأن يلحق نفسه بنبيل اسكتلندي مفلس . وعلى أية حال فانه ليس من المستحيل أن يشتري الانسان نسبا نبيلا !, هكذا كانت تحدث نيوتن نفسه. وبينما كان نيوتن يحادث نبيلا اسكتلنديا قال متلعثما :"هل تعرف انني أيضا اسكتلندي ؟لقد كان جدي من سادات شرق لوذيان أو لعل غربها ...وربما كان ذلك والد جدي " .فأجاب النبيل الاسكتلندي بفضاضة :"انني لم اسمع عنه مطلقا !".
رياضيات..."سفلى"!
"آه...حسنا , اذا لم يكن باستطاعتي أن أكون سيدا نبيل النسب , فانه يمكنني على الأقل أن أكون رجلا غنيا "...هكذا كان يردد نيوتن بينه وبين نفسه .ولذلك اشترى عقارا في الريف بالاضافة الى بيته في المدينة .ولكن ما علاقة ذلك بعنوان هذه الفقرة !وهل اذا كانت هناك رياضيات عليا لابد أن تكون هناك أيضا رياضيات سفلى ؟ اقرأ السطور التالية :
كان العلماء المعجبون بنيوتن والذين يحضرون لزيارته هناك يكتشفون أن " أبا الرياضيات العليا "منهمك في تلك الرياضيات السفلى الخاصة بالنزاع مع جيرانه حول عدد الأغنام التي يحق لها أن يغذيها من المراعي العامة للقرية . وأنه كان مستغرقا في المساومة مع مستأجري أرضه حول نفقات اصلاح المخازن وشؤون المحاصيل وتهديدهم باقامة الدعوى القانونية ضدهم اذا لم يقوموا بالدفع بدلا من الاستغراق في بحثه قوانين الكواكب والأجرام السماوية .وأن هذا الرجل الذي اكتشف لغة المجموعة الشمسية أصبح مستغرقا في اتقان لغة السباب العنيف ضد ابن أخته "الذي لا يفلح أبدا".
أجمل ...وسيط!
كان نيوتن دائم الشجار مع ابن أخته , ولكنه لم يتشاجر قط مع ابنت أخته .فقد لعبت , وفق ما قرر مترجمو سيرته , دورا ما في حياته . ولكن ماهي مؤهلاتها ؟تقول مؤهلاتها:..ذكاء ألمعي كالشهاب وجمال قدسي لا يعاب . يا لها من مؤهلات !. تقول الشائعات : أنه كان يجد فيها وسيطا وشفيعا مناسبا لتحقيق مطامحه والوصول الى مآربه .يقول فولتير :"عندما كنت صغيرا كنت أظن أن مدينة لندن والبلاط الملكي بها قد عينوا اسحاق نيوتن مديرا لدار المسكوكات باجماع الآراء , ولكنني كنت مخطئا .فقد كانت له بنت أخت ساحرة وكانت تعجب وزير المالية كثيرا . ولم يكن حساب التفاضل والتكامل ولا قانون الجذب العام ليساعدا نيوتن قليلا أوكثيرا , لو لم تكن له بنت الأخت الفاتنة هذه!"
حرب..الكلمات!
أمضى نيوتن كهولته الهادئة في لعب النرد ( الطاولة ) مستدفئا بوهج شهرته الذي تأخر مجيئه . ولكنه جذب مرة أخرى الى منازعه عاصفة فقد وصل الى علم المجمع الملكي , تلك الجمعية العلمية التي أصبح نيوتن الآن نيوتن لها ,ان "ليبينتز"ذلك الفيلسوف الألماني المشاغب , أخذ يدعي لنفسه وحده فخر اختراع حساب التفاضل والتكامل . وقد استشاط زملاء نيوتن في المجمع الملكي لذلك غضبا وتميزوا غيظا من فكرة أن شخصا أجنبيا كان يحاول أن يضع يده على ما اكتشفه أحد المفكرين البريطانيين .لأنهم كانوا يعتقدون أن نيوتن هو الذي سبق له أن عرف " ليبينتز" بكيفية حساب التفاضل, تلك الطريقة التي صقلها " ليبينتز"واتقنها فيما بعد ولكنه لم يخترعها أبدا .وامتشق أعضاء المجمع الملكي سيوفهم , أقصد ألسنتهم , دفاعا عن نيوتن وعن انجلترا , وهزءوا بالعلماء الألمان قائلين:"انهم ليسوا علماء , وانما هم أشباه علماء !".ولكن العلماء الألمان لم يكونوا هم أيضا أقل حماسا في دفاعهم عن " ليبينتز" وعن ألمانيا, وردوا على العلماء الانجليز :" ان البريطانيين يدعون أنهم قد اكتشفوا فيلا فوق القمر, بينما كل ما رأوه في الحقيقة مجرد ذبابة واقفة فوق طرف تلسكوبهم !"
واستعر أوار هذه المعركة الدولية بخصوص الأسبقية الى ابتكار حساب التفاضل وكثر فيها الجذب والدفع .وحاول نيوتن في البداية أن لا يشترك في تلك المعركة ولكن عندما دفع الملك البريطاني نفسه الى المعركة في نهاية الأمر أخذ نيوتن على عاتقه أن يعد دفاعا عن سمعته العلمية بنشاط يكاد يشبه نشاطه الذي كان يبذله في محاولة انشاء شجرة نسب لأسرته .
ولكن تلك المشادة العنيفة لم تصل الى نتيجة قاطعة . كيف يحسم الأمر اذن؟لم يكن الأمر ليحسم الا بانتقال " ليبينتز" الى خالقه , وعندئذ رجع نيوتن الى لعب الطاولة .وتقبل الناس حساب التفاضل والتكامل بكثيرمن العرفان الذي لم يكن موجها الى براعة عالم انجليزي أو ألماني, بقدر ما كان موجها لعبقرية الجنس البشري قاطبة .
ومضى قطار العمر..!
.. وأخذ نيوتن يفقد اهتمامه بالمشادات الحمقاء وبغرور السياسة . لقد أدرك – أخيرا – أن التقييم الحقيقي لحياته لن يقاس بما حققه من نجاح دنيوي ، بل بما حقق للبشرية من انتصارات . وقد اقتنع اخيرا بأنه كان عالما قبل كل شيء ، وأنه كان غرا ساذجا عندما اعتبر أن ابحاثه الرياضيه هي تسلية عابرة لتمضية الوقت ، وأن بحثه عن النجاح الدنيوي هو المهمة الرئيسية في حياته ، لقد صار الآن أكثر حكمة وأكثر تواضعا .
وفي سن الخامسة والسبعين كان قد تعلم أن ينظر خلال منظاره بعين أكثر صفاء :" ان المعرفة ما هي الا تراكم وتجميع للرؤية .. رؤيتنا في الحاض ر مضافة الى رؤية اسلافنا في الماضي " هكذا كان يقول في سنوات عمره الأخيرة . كما قال في تواضع لم يكب يبديه في أيامه الخوالي " اذا كان بصري قد امتد الى ابعد مما رأى غيري ، فما رأيت بعيدا الا لأنني كنت أقف على أكتاف الآخرين !" .وقد أصبح في استطاعته وهو يتربع فوق قمة الشهرة الشامخة أن ينظر بلا وجل نحو نهايته المقتربة . ان الرجال يموتون كما تموت النجوم وذلك لكي يبعثوا للوجود طاقات جديدة ، علماء جدد ونجوم جدد . انه يصغي الآن الى موسيقى الأجرام السماوية وهي تندفع بلا توقف في مجراها الأبدي . وقد كانت تلك الموسيقى هي التي هدهدته في نهاية الأمر الى رقدته الأخيرة ..
طفل في الكوز..!
لم يكتب لنيوتن أن يرى أباه ,فقد توفي الأب قبل ولادة ابنه بقليل .وعند الولادة كان اسحاق طفلا نحيلا عليلا مولودا قبل تمام أشهره ,وكانت القابلة التي ساعدت في ولادته لا تتوقع له أن يعيش وقالت : " يا للعجب ، لقد كان ضئيلا لدرجة أنه يمكن وضعه في كوز الماء !" . أجل ان للقدر أحوالا ، لقد كانت هذه هي طريقة القدر الساخرة في تقديم هذا العقل الجبار للوجود !.
شقاوة.. علماء !.
أمضى نيوتن أيام طفولته الأولى مع والدته، وعندما تزوجت كفلته جدته . وفي سن الثانية عشرة التحق بأحدى المدارس الأميرية وسكن مع أحد الصيادلة ولكنه كان ساكنا فقيرا وطفلا خبيثا . فقد كان لا يكف عن الاعيبه وحيله التي تطير صواب الصيدلي المسكين . فقد كان يجمع البلط الصغيرة ، والمناشير ، والمطارق من مختلف الأشكال والأحجام ويعمل منها اختراعات عجيبة .
فقد تعرف مثلا على التركيب الآلي لطاحونة الهواء التي كانت مقامة بجوار منزل الصيدلي ،وعزم على أن ينشئ لنفسه طاحونته الخاصة ، وأعلن أنه سيدخل عليها من التحسينات ما لا يوجد في غيرها، وأنه سيجعلها تدور بقوة الحيوان لا بقوة الرياح !. وفعلا وضع فأرا على عجلة ( الدواسة ) ثم وضع قطعة من الخبز فوق العجلة وعلى مسافة تكفل ألا يصل اليها هذا الطحان الجائع مهما بذل من محاولات يائسة وقال : " يمكننا بعد ذلك أن نطمئن الى أن غريزة الفأر الطبيعية ستدفعه الى ادارة هذه الآلة !".وكان يلجأ دائما الى مثل هذا النوع من الألاعيب . وذات يوم قال لزوج أخت الصيدلي :" أرجوك يا سيدي ، هل يمكنني أن آخذ ذلك الصندوق الموجود في قبو المنزل لأستخدمه في عمل ساعة ؟ ، انني أؤكد انك لن تتأخر عن عملك أبدا بعد ذلك نتيجة لعدم معرفة الوقت ".
وصنع ساعة تدور عقاربها بانتظام نتيجة تساقط الماء قطرة قطرة من اناء كان يضع به الكمية المناسبة من الماء كل صباح .وصنع بعد ذلك "عربة ميكانيكية "كان يمكن تنظيم حركتها بواسطة يدي الراكب وقدميه .
وأغرم بتطيير الطائرات الورقية , وبدأ يهتم بذلك العمل الساحر ألا وهو التحليق في الهواء . وذات مساء جمع رفاقه من الأطفال وأخذ لهم وقد لمعت عيناه لمعانا شيطانيا :"انني سوف أسبب لهؤلاء الريفين من الذعر ما لم يعرفوه قط في حياتهم , فقد فرغت توا من صناعة بعض الفوانيس التي سأشبكها في ذيل طائراتي الورقية ,وسأرسل هذه الطائرات لتطير فوق سطوح المنازل , وعندئذ سيظن الناس أنها شهب ومذنبات سقطت عليهم من السماء ".
الحب ..على الطريقة النيوتونية!
لم يكن "نيوتن"مفكرا فحسب بل كان حالما ,ولم يكن رياضيا فقط وانما كان شاعرا أيضا. ولم تكن طريقته المشاهد الطئ التفكير ولكنها طريقة المبدع الفنان .وكانت "كامبريدج"تزخر بمثل هؤلاء الناس كانوا يسمون أنفسهم "أساتذة"ولكنهم كانوا في الواقع أشبه ب "تلاميذ" لم يتخرجوا بعد من الجامعة !.
كان "نيوتن",كما قلنا ,حالما شاعرا . وعلى الرغم من أنه استطاع من أن ينجو من الاجداب الذهني الذي أصاب كثيرمن زملائه ,الا أنه لم يستطع أن يتخلص تماما من شذوذهم ,فقد كان مستغرقا في أحلامه عن الكون ولم يكن يجد الوقت الكافي للعناية بمظهره الشخصي . وكثيرا ما كان يدخل قاعة الطعام بالجامعة وقد تزحزح رباط رقابته من مكانه وانحل رباط جوربه الطويل وانفكت أزرار سراويله!.ولكن نيوتن كان على الرغم من مظهره وملابسه شابا ذا قلب شاعري حساس .وقد ثارت في داخله ذات مرة شعلة الهوى التي تبهر الانفاس ودفعته الى أن يطلب يد احدى الفتيات من معارفه فأمسك بيدها برقة ونظر في عينيها, ولكن عندما جاءت اللحظة الحاسمة شرد عقله في ميادين أخرى من الفكر ذلك أنه كان في هذا الوقت مشغول البال بنظرية ذات الحدين للمقادير اللانهائية ,وقد أمسك باصبع حبيبته وهو مستغرق في أحلامه .وظن وهو في نوبة ذهوله , أن ذلك الأصبع هو العود الذي يستعمله في تنظيف غليونه , فاخذ يحاول أن يحشره في أنبوبة الغليون وعندما صاحت حبيبته متألمة صحا من ذهوله واعتذر في حياء قائلا :"آه يا عزيزتي...أرجو أن تصفحي عني, انني أرى أن ذلك الأمر لن يصلح وأظن أنه قد قدر علي أن أظل بلا زواج طوال حياتي".
أعط العيش لخبازه....!
مالك يانيوتن والسياسة؟!.
نشر نيوتن أهم كتبه وهو كتاب المبادئ وبعد نشره مباشرة دخل في ميدان السياسة وكان قد أظهر في البداية أنه خصم جريئ للملك "جيمس " الثاني عندما حاول هذا الملك العنيد أن يخنق حرية الجامعات . فلما خلعت أسرة "ستيوارت" عن العرش وتبوأ "وليم ماري" مكانها , كان نيوتن عضوا في المؤتمر الذي اجتمع ليناقش النظام الدستوري الجديد.ولم يكن نيوتن خطيبا بطبعه , فقد تكلم مرة واحدة خلال كل المناقشات القيمة التي دارت في المؤتمر ,وكان كل ما قاله هو أنه طلب الى الحاجب أن يغلق النافذة ! ولم يكن الملك الجديد شديد الاقتناع بمقدرة نيوتن البرلمانية , فعندما سأل ذات مرة أن يستشير نيوتن في احدى المسائل السياسية أجاب الملك :" كلا ...وما لنيوتن والسياسة !؟".
نبيل... بالقوة !
لم يفهم آراء نيوتن غير عدد قليل من معاصريه .ولكن ذلك لا يكاد يثير دهشتنا ، فقد كان هذا الرياضي العجيب لا يفهم نفسه .وفي لحظة انتصاره ,عندما انجز نظريته الكونية التي كان مقدرا لها أن تصبح أساسا لعلوم المستقبل , كان يشعر أنه شخص يائس تماما .لماذا؟!.لأنه كان يهمه جدا أن يعتبر سيدا نبيلا من الدرجة الثانية بدلا من أن يعتبر عبقريا من الدرجة الآواى !.ألم يكن يكفيه أن لديه عقلا نبيلا ,بل رأى أنه يجب عليه أن يسعى للحصول على مركز نبيل أيضا . وقد طلب من أصدقاءه ذوي النفوذ مرة بعد أخرى , في أثناء تدوينه لكتابه المبادئ ,أن يحاولوا أن يحصلو ا له على منصب سياسي في البلاط الملكي . ولم يكن يهمه كثيرا ألا يعتبره الناس أعظم فيلسوف بعد أرسطو , طالما عرفه مواطنوه على أنه تابع سياسي لملك بريطانيا وله راتب !!.وكان على استعداد لأن يقسم أمام "كلية هيرالد "بأنه ينحدر من أسرة نيوتن الشهيرة في "لينكولنشير",وعندما سئل : "أيمكنك أن تتبع سلسلة النسب ؟" أجاب "ولم لا " .وفي الواقع أنه كان يستطيع أن يتتبع نسبه الى جده الذي كان فلاحا طيبا مغمورا , ولكن لم اليأس ؟انه سوف يدعم نسبه المهتز بأن يلحق نفسه بنبيل اسكتلندي مفلس . وعلى أية حال فانه ليس من المستحيل أن يشتري الانسان نسبا نبيلا !, هكذا كانت تحدث نيوتن نفسه. وبينما كان نيوتن يحادث نبيلا اسكتلنديا قال متلعثما :"هل تعرف انني أيضا اسكتلندي ؟لقد كان جدي من سادات شرق لوذيان أو لعل غربها ...وربما كان ذلك والد جدي " .فأجاب النبيل الاسكتلندي بفضاضة :"انني لم اسمع عنه مطلقا !".
رياضيات..."سفلى"!
"آه...حسنا , اذا لم يكن باستطاعتي أن أكون سيدا نبيل النسب , فانه يمكنني على الأقل أن أكون رجلا غنيا "...هكذا كان يردد نيوتن بينه وبين نفسه .ولذلك اشترى عقارا في الريف بالاضافة الى بيته في المدينة .ولكن ما علاقة ذلك بعنوان هذه الفقرة !وهل اذا كانت هناك رياضيات عليا لابد أن تكون هناك أيضا رياضيات سفلى ؟ اقرأ السطور التالية :
كان العلماء المعجبون بنيوتن والذين يحضرون لزيارته هناك يكتشفون أن " أبا الرياضيات العليا "منهمك في تلك الرياضيات السفلى الخاصة بالنزاع مع جيرانه حول عدد الأغنام التي يحق لها أن يغذيها من المراعي العامة للقرية . وأنه كان مستغرقا في المساومة مع مستأجري أرضه حول نفقات اصلاح المخازن وشؤون المحاصيل وتهديدهم باقامة الدعوى القانونية ضدهم اذا لم يقوموا بالدفع بدلا من الاستغراق في بحثه قوانين الكواكب والأجرام السماوية .وأن هذا الرجل الذي اكتشف لغة المجموعة الشمسية أصبح مستغرقا في اتقان لغة السباب العنيف ضد ابن أخته "الذي لا يفلح أبدا".
أجمل ...وسيط!
كان نيوتن دائم الشجار مع ابن أخته , ولكنه لم يتشاجر قط مع ابنت أخته .فقد لعبت , وفق ما قرر مترجمو سيرته , دورا ما في حياته . ولكن ماهي مؤهلاتها ؟تقول مؤهلاتها:..ذكاء ألمعي كالشهاب وجمال قدسي لا يعاب . يا لها من مؤهلات !. تقول الشائعات : أنه كان يجد فيها وسيطا وشفيعا مناسبا لتحقيق مطامحه والوصول الى مآربه .يقول فولتير :"عندما كنت صغيرا كنت أظن أن مدينة لندن والبلاط الملكي بها قد عينوا اسحاق نيوتن مديرا لدار المسكوكات باجماع الآراء , ولكنني كنت مخطئا .فقد كانت له بنت أخت ساحرة وكانت تعجب وزير المالية كثيرا . ولم يكن حساب التفاضل والتكامل ولا قانون الجذب العام ليساعدا نيوتن قليلا أوكثيرا , لو لم تكن له بنت الأخت الفاتنة هذه!"
حرب..الكلمات!
أمضى نيوتن كهولته الهادئة في لعب النرد ( الطاولة ) مستدفئا بوهج شهرته الذي تأخر مجيئه . ولكنه جذب مرة أخرى الى منازعه عاصفة فقد وصل الى علم المجمع الملكي , تلك الجمعية العلمية التي أصبح نيوتن الآن نيوتن لها ,ان "ليبينتز"ذلك الفيلسوف الألماني المشاغب , أخذ يدعي لنفسه وحده فخر اختراع حساب التفاضل والتكامل . وقد استشاط زملاء نيوتن في المجمع الملكي لذلك غضبا وتميزوا غيظا من فكرة أن شخصا أجنبيا كان يحاول أن يضع يده على ما اكتشفه أحد المفكرين البريطانيين .لأنهم كانوا يعتقدون أن نيوتن هو الذي سبق له أن عرف " ليبينتز" بكيفية حساب التفاضل, تلك الطريقة التي صقلها " ليبينتز"واتقنها فيما بعد ولكنه لم يخترعها أبدا .وامتشق أعضاء المجمع الملكي سيوفهم , أقصد ألسنتهم , دفاعا عن نيوتن وعن انجلترا , وهزءوا بالعلماء الألمان قائلين:"انهم ليسوا علماء , وانما هم أشباه علماء !".ولكن العلماء الألمان لم يكونوا هم أيضا أقل حماسا في دفاعهم عن " ليبينتز" وعن ألمانيا, وردوا على العلماء الانجليز :" ان البريطانيين يدعون أنهم قد اكتشفوا فيلا فوق القمر, بينما كل ما رأوه في الحقيقة مجرد ذبابة واقفة فوق طرف تلسكوبهم !"
واستعر أوار هذه المعركة الدولية بخصوص الأسبقية الى ابتكار حساب التفاضل وكثر فيها الجذب والدفع .وحاول نيوتن في البداية أن لا يشترك في تلك المعركة ولكن عندما دفع الملك البريطاني نفسه الى المعركة في نهاية الأمر أخذ نيوتن على عاتقه أن يعد دفاعا عن سمعته العلمية بنشاط يكاد يشبه نشاطه الذي كان يبذله في محاولة انشاء شجرة نسب لأسرته .
ولكن تلك المشادة العنيفة لم تصل الى نتيجة قاطعة . كيف يحسم الأمر اذن؟لم يكن الأمر ليحسم الا بانتقال " ليبينتز" الى خالقه , وعندئذ رجع نيوتن الى لعب الطاولة .وتقبل الناس حساب التفاضل والتكامل بكثيرمن العرفان الذي لم يكن موجها الى براعة عالم انجليزي أو ألماني, بقدر ما كان موجها لعبقرية الجنس البشري قاطبة .
ومضى قطار العمر..!
.. وأخذ نيوتن يفقد اهتمامه بالمشادات الحمقاء وبغرور السياسة . لقد أدرك – أخيرا – أن التقييم الحقيقي لحياته لن يقاس بما حققه من نجاح دنيوي ، بل بما حقق للبشرية من انتصارات . وقد اقتنع اخيرا بأنه كان عالما قبل كل شيء ، وأنه كان غرا ساذجا عندما اعتبر أن ابحاثه الرياضيه هي تسلية عابرة لتمضية الوقت ، وأن بحثه عن النجاح الدنيوي هو المهمة الرئيسية في حياته ، لقد صار الآن أكثر حكمة وأكثر تواضعا .
وفي سن الخامسة والسبعين كان قد تعلم أن ينظر خلال منظاره بعين أكثر صفاء :" ان المعرفة ما هي الا تراكم وتجميع للرؤية .. رؤيتنا في الحاض ر مضافة الى رؤية اسلافنا في الماضي " هكذا كان يقول في سنوات عمره الأخيرة . كما قال في تواضع لم يكب يبديه في أيامه الخوالي " اذا كان بصري قد امتد الى ابعد مما رأى غيري ، فما رأيت بعيدا الا لأنني كنت أقف على أكتاف الآخرين !" .وقد أصبح في استطاعته وهو يتربع فوق قمة الشهرة الشامخة أن ينظر بلا وجل نحو نهايته المقتربة . ان الرجال يموتون كما تموت النجوم وذلك لكي يبعثوا للوجود طاقات جديدة ، علماء جدد ونجوم جدد . انه يصغي الآن الى موسيقى الأجرام السماوية وهي تندفع بلا توقف في مجراها الأبدي . وقد كانت تلك الموسيقى هي التي هدهدته في نهاية الأمر الى رقدته الأخيرة ..