المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التناقض بين النسبية العامة وميكانيكا الكم


فتحي مكي
23-10-2013, 19:16
بسم الله الرحمن الرحيم

من الصعب جدا تخيل و جود تناقض بين نظريتين تعتبران انجح نظريتان في الفيزياء لتفسير الكون , فميكانيك الكم استطاعت أن تفسر لنا الكثير من الظواهر الفيزيائية
على مستوى المايكرو أو المصغر جدا من المادة , كتركيب الذرة و الجزيئات و انبعاث الضوء على سبيل المثال لا الحصر .
من جهة أخرى فسرت لنا النسبية العامة الكثير من الظواهر الفيزيائية على مستوى الماكرو كحركة الكواكب و المجرات أيضا على سبيل المثال لا الحصر .
النجاح الذي قدمته كلتا النظريتين تجعل من السهل الاعتقاد في البداية أنه بمجرد دمج النظريتين نكون قد استطعنا فهم كل الكون من خلال نظرية واحدة , ولكن مجرد الخوض في
مثل هذا التفكير يضعنا أمام حقائق لا نستطيع تجنبها تضع بين النظريتين تناقض صارخ سنرى أنه لن يضع النظريتين في موقف حرج وحسب بل علم الفيزياء كله.
فعلى سبيل المثال تنص النسبية العامة أن الفضاء متصل زمكاني بينما تنص ميكانيكا الكم أن الفضاء غير متصل لأنه لا يوجد طول أقل من طول بلانك و لا زمن أقل من زمن بلانك .
من جهة أخرى يكون الخواء بالنسبة للفيزياء الكلاسيكية و النسبية العامة هو "الحيز" حيث لا مادة و لا طاقة فإذا وجدت طاقة أو مادة فلا يوجد خواء و ينحني المتصل الزمكاني
وتضع النسبية حدا أعلى لكثافة طاقة \ كتلة أي حيز فضائي بحيث لا يتشكل ثقب أسود و تعطي قيمة أذا حسبناها للكون بمجمله تسمى القيمة الحرجة تعطى من العلاقة
Pc = 3 * H^2 /8 * pi G
حيث Pc الكثافة الحرجة للكون , H ثابت هبل , pi ثابت الدائرة باي و G ثابت الجاذبية و ^ تعني مرفوع لأس .
وبإدخال قيم الثوابت تعطينا ما يساوي 0.95 ⋅ 10^−26 kg/m3 أو بالطاقة 8.55 ⋅ 10^−10 j/m3 فإذا تجاوزت كثافة الكون عن هذه القيمة سينهار إلى ثقب أسود , والغريب أن
أن كثافة الكون هي قريبة جدا من هذه القيمة بنسبة 1.002 حسب نتائج المسبار WMAP للسنة السابعة .
لكن لميكانيكا الكم حكاية أخرى في هذا المضمار فالخواء في ميكانيكا الكم هو حيث تتولد أزواج جسيم – جسيم مضاد و تفنى تلقائيا فبحسب علاقات اللايقين لهايزنبرج يمكن اقتراض
طاقة لفترة من الزمن ثم يتم سداد الدين , ما يجعل الخواء عبارة عن بحر هائج من الجسيمات الافتراضية التي تتولد ثم تفنى على شكل أزواج جسيم و مضاده وهو ما يسمى بتذبذب الفراغ وهي ظاهره أثبتتها التجارب مثل إزاحة لامب وتأثير كازيمير .
و بما أن هناك حد أدنى للفترة الزمنية و هو زمن بلانك فأن هناك حد أعلى للذبذبة أو الطاقة المستعارة هو طاقة بلانك
E = sqr(h c^5 / 8 pi G) = 9.8 * 10^8 j .
حيث h ثابت بلانك و sqr تعني الجذر التربيعي.
وتعطي ميكانيكا الكم صيغة لحساب كثافة طاقة الخواء هي
E/V = (4 pi h / c^3) s(0,Vmax)(V^3 dV) =( pi h / c^3) * Vmax^4 = 10 ^ 111 j/m^3 .
لفهم المعادلة السابقة s(0,Vmax)( V^3 dV) تعني كامل الدالة V من صفر إلى Vmax , حيث V تردد الفراغ و Vmax التردد الأقصى إذا اخذنا في الأعتبار أنه لا يوجد زمن أقل
من زمن بلانك و طول أقل من طول بلانك .
فقط قم بمقارنته بسابقه و ستجد أعظم تناقض في الفيزياء , يعتبر هذا الرقم غير منطقي بالنسبة للنسبية العامة لأنه سيجعل الكون ينهار إلى ثقب أسود ولن يكون هناك وجود .
ولا يتوقف التعارض عند هذا الحد وحسب , بل نجد أن النسبية العامة تظهر أن معدل مرور الوقت متغير حيث تسبب الجاذبية في تغيير معدل مرور الوقت من نقطة إلى أخرى(أبطأ حيث
الجاذبية أقوى) بينما تفترض ميكانيكا الكم أن معدل مرور الوقت ثابت من نقطة إلى أخرى .
ومن التعارضات أيضا أن ميكانيكا الكم تبنى على افتراض أن الجسيمات نقطية (لا حجم لها) وهذا سيجعلها تتحرك على خط كون زماني (أذا ما تم تمثيله في مخطط زمكاني)
بينما تقول النسبية العامة أن الجسيم النقطي لا بد أن يحتوي على "مفرده" داخل أفق ثقبه الأسود والمفردة تتحرك على خط كون مكاني .
أذا من أين ينشئ هذا التعارض ؟ ومن أين يجب أن نبدأ في أعادة التفكير ؟
أسئلة كثيرة تبحث عن حلول و لكن دعنا ننظر نظرة أوسع قليلا لنضع مسألة التناقض جانبا لفترة من الزمن , فهم الكون هو هدف الفيزياء عموما , ولفعل ذلك يجب أن نفهم عنصرين
أساسيين الفضاء و الأشياء أو الزمكان و الجسيمات(للمادة و الإشعاع على حد سواء) .
كلتا النظريتين بل الفيزياء كلها تتفق أنه لا يمكن تعريف الأشياء دون تعريف الفضاء من جهة أخرى لا يمكن تعريف الفضاء دون تعريف الأشياء ,نحن لا نستطيع قياس الوقت دون استخدام
ساعة أيا كان نوعها ذرية أو رقمية أو بيولوجية , المسافة كذلك , في نفس الوقت لا يمكن دراسة خواص جسيم إلا من خلال حركته و هذا لا يتم إلا من خلال تعيين أطار مرجعي للحركة.
النسبية العامة تفترض أن خواص الجسيمات معروفة و تخبرك عن شكل الفراغ حولها و ميكانيكا الكم تفترض أن الفضاء معطى و تخبرك عن خواص الجسيمات .
هذا التعريف الدائري غير منطقي لأنه لا يمكن الخروج منه أبدا في ظل مفهوم الفيزياء ألحديثه .
قد يقود هذا إلى الظن بأن المبادئ الأساسية التي بنيت عليها الفيزياء خاطئ كالافتراض بوجود أعداد حقيقية في الكون من عدمه حيث لا وجود لها في عالم الكم و لكنها مهمة للنسبية العامة.
فنجاحات الفيزياء الحالية الجزئية هي فقط بسبب أننا نعيش في عالم ذا طاقات وسطية فالفيزياء تفشل عندما نتحدث عن درجة حرارة تساوي الصفر المطلق (عند الطاقات المنخفضة جدا) وعند درجة حرارة بلانك (الطاقات العالية جدا) , فلابد لأي نظرية موحدة أن تحدد سلوك الجسيمات عند حدود الطاقة العليا و الدنيا
ويظن البعض أنه من الصعب فهم الكون من خلال نظرية موحدة ويجب أن نرضى بالتعدد ,فنظرية الأوتار الفائقة التي استطاعت الجمع بين النظريتين فشلت في جعل هذا الجمع في أطار
نظرية موحدة فنجد أن هناك خمسة نماذج مختلفة لنظرية الأوتار .
وفي النهاية يظل الكون لغزا عصيا على الفيزياء