ملتقى الفيزيائيين العرب

ملتقى الفيزيائيين العرب (http://www.phys4arab.net/vb/index.php)
-   منتدى المناسبات. (http://www.phys4arab.net/vb/forumdisplay.php?f=6)
-   -   يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟ (http://www.phys4arab.net/vb/showthread.php?t=31931)

محمد يوسف جبارين 29-11-2009 18:38

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
القدرة شرط الحرية

بقلم: محمد يوسف جبارين( أبوسامح).. أم الفحم..فلسطين

السير نحو الحرية عملية تاريخية ، تستوي فيها كلمة الحرية على كلمة الدولة ، بكل ما تعنيه ، من جغرافية وشعب ونظام للسلم الاجتماعي والعيش الكريم ، بما يتصل به من فكر وآليات ، تقيم التقدم وتلاحق التطور ، بعزم على تحقيق السبق على من سبقوا الى المستقبل .
وما بين ظروف يعانيها شعب شب من رقاده باحثا عن حريته ، وبين ظروف يسعى اليها كي تكون ، ليستوي بها على غاياته ، تمتد معاناته بطول المسافة التي تستغرقه ، في ابداع امكانياته وقدراته التي يحتاجها ، في مغالبة الصعوبات التي تعترضه ، وتحول بينه وبين اقتداره على فرض ذاته على الواقع ، وتتويج سعيه بدولة ، هي النظام الذي به يغدو سيد ذاته في أرضه .
وكما أن غلب الصعوبة يحتاج الى القدرة الكفيلة بذلك ، فأيضا الرسو على الغايات ، يقتضي القدرة ، أن تكون فاعلة في تحقيق حتمية البلوغ للأهداف المرحلية التي تتتالى وتتصل ، الى أن يتم الدنو ، فالاستواء على الغايات بتحقيقها .
وذلك يستدعي ثقافة تبني وعيا يقيم سيرا كهذا ، فالقدرة ليست شيئا سهل المنال ، فأول شرط لتوافرها ، هو اجتماع القدرات الفردية والجماعية كافة ، على الفعل المترتب على الموقف الذي يتم اتخاذه ، عن وعي بحقائق الواقع ، وعن فهم محيط بادارة الصراع ، فكل فعل يستجاب به لموقف ، لا بد وأن يؤدي الى اجراء تبديل في ظروف قائمة .
كذلك ضمان الاقتدار الدائم على الصعوبة ، يعني الاستطاعة الدائمة ، ما يعني التزام الاضافة المستمرة في القدرة ، ما يوفر ديمومية الاستواء على الأهداف ، وهذا ممكن الحدوث ، حين تقترن القدرة بمنهج تنساق به الجموع نحو هدف واضح ، يهدي اليه فكر هو بالأصل نتاج الجدل الدائم بين العقل والظروف السائدة من حوله ، وفي حال كهذا فان فاعلية الارادة الشعبية تعرف اتجاهها ومستقرها ، فبها نية حددتها المعرفة بأحوالها ، بما بها من مقدرة على التأثر والتأثير ، وبها الاستعداد للاستجابة بالفعل ، لكافة المتغيرات التي ينضح بها الواقع ، وهو ما يؤثث دوما لاستكناه حقائق الواقع ، ومن ثم بناء موقف وتحريك فعل في أداء واجب .
وهذه العلاقة بين القدرة وتوظيفها ، وبين الوعي بها وبين الواقع ، بذاته الجدل الذي به يتجدد الوعي ، بتجديد التبديل في الواقع ، كنتاج من تدخل الارادة في عملية تغيير لا تنقطع .
ما يدل على أن السياسات التي تقيم موقفا وتسير الارادة ، لا تكون مطلقة ، فلا وجود للمطلق في نطاق تغير دائم .
كذلك الدبلوماسية التي تتقدم السياسات وتؤثث لها ، انما تقوم على منطق التأهيل لمجرى سياسة يراد اتباعها .
فالى ذلك الحرية تقتضي استخلاص الحياة من قيودها ، وترميمها ووضعها في نظام تتفاعل به مع ذاتها ، فتزيد في مقدرتها على النمو ، بايقاظ ما بها من قدرات ذاتية كامنة ، لتمضي في تغيير جذري في ظروفها ، وتنتقل من حال الى حال أحسن منه حالا ، وهو اللازم لها ، لزوم شروق الشمس ، لكي يهرب الليل ويأتي النهار .
فاذا أصبحت الجماهير الشعبية على هذا الحال وطنا للحرية ، فكل فرد منها بثقافة ووعي تفصح عنها أفعاله وأقواله ، ولها وجه دلالة على أن الحرية تستوطنه . يعيش معانيها نفسيا وفكريا ، وفي علاقاته بالأشياء من حوله ، وفي رؤيته لحركة الحوادث ، ومشاركته في التأثير عليها . واذا هي الحرية تحدد ممشاه وأهدافه وأولوياته ، فالتحرر من ربقة الاستعمار أولا ، فان هذه الجماهير بمجمل أفرادها ، يصح القول فيها ، بأنها وطن الحرية ، وبما بها من طاقات تتساند في قدرة تفعل بها من أجل حرية الوطن .
فهي الجماهير الواعية للمرحلة التي تمر بها ، فوحدة الأهداف ترسم سيرها ، فلا تقيم عقبات تحد لها من بذلها ، ولا تدع قيامة لاختزالات تضيع بها طاقاتها التي تصبها في أفعالها ، ولا تتلهى بما لا ينسجم مع القول والفعل الذي تحقق به حريتها ، فشاغلها خلاصها من الاستعمار ، فهو سالب سيادتها ، وعليها بنفسها أن تستعيد هذه السيادة ، وأن تمتلك زمام السيطرة على مصيرها ، فتقرير هذا المصير هو شأنها ، لأنه يخصها بذاتها ، وعليها أن لا تدع لغيرها أي شكل من أشكال السيطرة على هذا المصير .
فلا تقاسم وظيفي مع غيرها على نفسها في مسألة السيادة ، فأي جزء منها ، اذا هو تحت سيادة غيرها ، ففي نطاق هذا الجزء هي ليست حرة ، وتتحرك تحت تأثير قيود ترفضها ، فالحرية هي الحرية ، ولا وجود لها حيث العبودية ، سوى في هيئة متمرد ، في داخل المقهور الذي يتحين فرصته ، ليتمرد على الأغلال التي تقيده وتسلبه انسانيته .
وكي تصير الجماهير الى ما تريد أن تكونه ، فلا مفر من أن تحرر ارادتها بنفسها ، وأن تتقدم بها الى ما تريد أن تصيره ، وهي تعلم بأن الحرية ليست ابتعاث الارادة فحسب ، وانما هي التوظيف لهذه الارادة في كسر القيود وتذليل العقبات ، وتجاوز الخلافات بين أبناء الشعب الواحد صاحب المصلحة في التحرر ، وجمع كل الامكانيات والأفعال والأقوال في صيرورة واحدة ، تصير بالجماهير الى امتلاك سيطرة مطلقة على مصيرها ، فلا ينازعها أحد على قرارها المتعلق بأمورها.
وحيث أن هذا يستدعي مواجهة سافرة مع الاستعمار ، وعلى كل صعيد ، ويوجب صراعا لا محل فيه لتردد أو نكوص أو تلكوء ، أو تخاصم وتشرذم ، فثمة صراع أهم ما فيه القدرة التي بها يتأتى حسم الصراع ، فالوطن ينادي على كل أبناء الوطن ، وليست الوحدة الوطنية كمظهر واجب ، وحدها الضرورة التي تصر عليها حتمية الخلاص ، بل وماهية هذه الوحدة ، وما بها من آليات ، فكل انسان في دوره الذي يلائمه ، ويستطيع أن يؤديه بأداء لا يقدر عليه غيره . وليست المحاصصة الحزبية في حال كهذا ، سوى العامل المرفوض ، ذلك أن حقيقة الصراع ، تستوجب تراجع الحزبية، أمام حقيقة الأعباء التي توجبها طبيعة المرحلة .
فالوحدة شرط القدرة ، وكلاهما شرط الامكان حتى يصبح ممكنا . فمن تراه يجعل الحلم حقيقة ، وهل هناك غير الجماهير تعاني وتحلم ، وتريد أن ترى معاناتها ، وقد أصبحت ذكرى في واقع يموج بالحرية ، فالجماهير لا بد لها وهي تنحاز الى مصلحتها في الحرية ، أن تعمل جاهدة على استنهاض كل طاقاتها الدفينة ، وأيضا أن تستنهض كل تلك التي دخلت بالوهم الى ثلاجة . وعليها أن تلتفت الى تلك الطاقات التي تحيد بها ، عن دورها الريادي ، وتشغلها بما ينتقص من قدرتها على أداء واجباتها ، فثمة قوى اخترال بها عقلية ، تستوجب علاجا ..تستوجب مساهمة فاعلة تستخرجها ، من كونها مبددة للطاقات الى مضيفة طاقاتها في الجمع لا في السلب ، في التكامل لا في التفكيك ، في الوحدة لا في الانقسام ، فهنا جهد يتوجب بذله في تعديل رؤية هكذا عقلية للعمل الجماعي وضروراته التي يمليها الصراع من أجل الحرية ، ولا بد من ايلاء ما لذلك من أثر بالغ في تشكيل قدرة الشعب على بلوغ مرادة ، فهذه عقلية مركبة وبها اشكاليات ، وهي في حد ذاتها ، وبما هي عليه من معتقدات وسياسات ، تشكل اشكالية في عين عملية التحقيق للوحدة الضرورة للقدرة الجامعة لكل الشعب على موقف ، فحقيقة هذه العقلية هي بأنها تستحضر ما تستظرفه من الماضي الغائر في القدم ، وتلبس لباسه ، وتنشىء به انفصالية عن أداء الدور مع الآخرين في عملية التحرير ، ايغالا منها في أنها وحدها ، وبما تحمله من ألفاظ وشعارات ، هي الحل لمشكلات الواقع ، وفي حقيقتها لا تقدم حلا لأي شيء ، فليس لديها سوى كلمات متقاطعة ، لا تشكل جملة مفيدة في أي حل صحيح لأي اشكالية ، من اشكاليات الحرية .
فثمة عقلية كهذه غارقة بما تسديه على ذاتها ، من أوصاف صاحبة الجلالة ، وبأنها الصحيح ، وفي الحقيقة هذا الصحيح الذي لا وجه له في صحة ، بل هو بعينه يزيد البحث عن الحل الصحيح لأشكاليات الواقع تعقيدا ، ويزيد في القدرة ضعفا ، يتباعد بها عن مقدرتها على تحقيق آمال معلقة عليها ، فالجماهير مطالبة بالخروج من ابتساماتها ، الى محاسبة هذه العقلية ، لتبلغ بها الرشاد ، أي أن تخرجها من مراهقتها الفكرية .
ففي الوقت الذي فيه ، لا يزال الامكان منتصب القامة ، تحت أجنحة الآمال يمشي مختالا في الوعي ، وفي الألفاظ ، ويود لو يكون ممكنا ، لا فائدة من الاستنقاع بين الامكان والممكن . فالى هنا ولا الى هناك ، انما يفيض بالضرر لا بالنفع على القضية .
فجملة الروح الهائمة على بحار من العجز والآلام ، وتحت سحب تمطر رجاء وأحزانا .. كنا وسوف نكون ، تستدعي صور قدرة كانت ومن أقاموها ، من داخل الكتب والقبور ، لكنهم مكانهم ، بما فعلوا في الماضي يبقون ، ولا يأتون ، لكن ذكراهم ، وما تستبقيه في بيولوجيا من يستدعونهم ، تبعث على الامكان الذي يلزمه ابتعاث الارادة ، وحشد الامكانيات ، ووعي يتفاعل مع الواقع ، بحال يبعث على نشأة جديدة لظروف تهيء له أن يكون ، وليس كنا وسوف نكون بحالها ، بانقطاعها عن كل صلاتها بواقع ، وحدها في الخطاب كافية ، لاحداث تغيير في ظروف لا تقيم للامكان قوائم يقوم عليها ، لكي يستحيل الى ممكن .
بل القطيعة مع الواقع ، بتأصيل الفرار من مسؤوليات تلح وتستصرخ ، باغراق الناس بملفوظات تفور النفوس ، وتعينها على الهروب من كوابيس ظروفها الى ما كان ، وليس له أثر في واقع الحال ، بذاته البناء لقيود معنوية تقيمها الألفاظ للارادات ، وتزجها في وعي انفصالي يفصلها عن ظروفها ، فترى الناس غارقين في ألفاظ تسبح في ماض ، ولا يجتمعون على ارادة تبدل في ظروفهم ، فلا هم يفلتون من آمالهم في التغيير ، ولا هم يكفون عن دلق المرارة في صدورهم ، فكيف تأتى للألفاظ أن تزج أناسا في سجن معنوي بعيدا عن خدمة آمالهم ، في وقت لا يأل الاحتلال جهدا في زج أبناء الوطن في السجن استبعادا لهم عن العمل على طرده .
فالامكان لا يتأتى بهرب من ابداع مستلزمات الضرورات ، التي يستوجبها البذل الممتد ، من تبديل في ظروف قائمة الى قيامة ظروف ، بها ينشأ الفعل الذي هو أصبحنا .
كذلك نسخ ماض غائر في القدم ، على حاضر لكي يصبح مستقبلا هي عملية لفظية ، تستدعي ما لايستدعى ، وتدعي ما لا يجوز ، وكل قسر لقول على حال ليس له ، لا يستوي على تحول مقبول .
وليس الرأي أو الحكم المتصل بظرف كان ، هو حكم يمكن اصداره بشأن ظروف قائمة ، فمعرفة الظروف بما بها من متغيرات هي مناط نشأة الرأي المتصل، ببحث عن حل لاشكالية في هذه الظروف .
فالتغيير في الواقع ، بتقريب فجر الحرية ، بارغام الاستعمار على الرحيل عن الأرض ، هو بعينه نتاج القدرة التي تزحزح الاستعمار عن مواقعه ، موقعا تلو آخر ، وهذا الاقتضاء الذي يغدو حقيقة التغير في الظروف ، هو بالضرورة نتاج الوعي الذي يسير ارادة الجماهير بفاعلية تؤدي اليه . ما يقرر بأن مرحلة التحرر ، من الاستعمار لها ضروراتها التي تنبثق منها املاءاتها ، التي تستدعي الوعي ، الذي يوظف العلم والثقافة في استجماع القدرة ، بكل مكوناتها المحلية والعالمية ، في صياغة حتم ، يحكم الظروف ، في الاتجاه الصاعد بعملية تاريخية ، تقدم عليها الارادة ، وتسعى بها الى انتاج ظروف الميلاد للدولة على الخريطة السياسية للعالم .
فالحرية للوطن ، هو شعار المرحلة ، فما زال تحت الاحتلال . وطالما أن الارادة الاستعمارية لم ترغمها ارادة على الرحيل ، وطالما هي تعربد ، وتفعل ما تشاء .. تطارد من تشاء ، وتستوطن أين تشاء ، وتغتال من تشاء ، وتودع السجن من تشاء ، فمشيئة الاحتلال هي التي تشاء ، فكيف ومتى اذا شاءت ، لا تستطيع أن تنفذ مشيئتها ، هو بعينه سؤال الوحدة الوطنية ، وسؤال القدرة ، فوظيفة الوحدة هي هذه القدرة ، التي بها تستطيع الجماهير أن تشاء ما لا يشاء الاحتلال ، وبهذه القدرة تستطيع تفكيك الاحتلال ، فمتى وكيف تغدو الوحدة الوطنية الصهريج العظيم الذي في نطاقه تنصهر الطاقات ، ولا شاغل لها سوى انتاج القدرة والمضاعفة الدائمة في طاقاتها وتوظيفها ، وكيف تغدو السياسة آلية التوظيف لهذه القدرة ، ومتى يكون الوعي على قدر المرحلة .

Albert einst 30-11-2009 18:25

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . كيف حالك إن شاء الله دائما بخير ؟ نعم اريد ولكن يا دكتور انا احب اينشتاين اكثر من اي احد الا نضرته الى الدين وانا ارى مجهواداتك ولكن انا اعجز عن الرد عليك . وشكر

احمد حسانين 01-12-2009 13:26

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
شكرا اخي وبارك الله فيك شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . [align=center][/align]

محمد يوسف جبارين 03-12-2009 16:48

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
اسرائيل والبحث عن الردع النووي

بقلم : محمد يوسف جبارين( أبوسامح)..أم الفحم..فلسطين

ولقد كتب الصحفيان البريطانيان ليونارد بيطون ، وجوهان مدكوس دراسة ، نشراها في كتاب ، وذلك في عام 1962 ، وعنونا كتابهما باسم ، يشير الى مضمون الكتاب ، وهو " انتشار السلاح النووي في العالم " .
وقد كان ليونارد الكاتب العسكري ل " الجارديان " البريطانية ، وأما مدكوس ، فقد كان الكاتب العلمي . وقد أفردا في كتابهما فصلا كاملا لاسرائيل ، ويبدو من خلال ما كتباه ، أن المفاعل الذي أقيم في النقب ، وقريبا من ديمونا ، والذي بات يتسمى باسم "مفاعل ديمونا" ، انما يجوز القول فيه ، بأن له قدرة تساوي 24 ميغاواط حراري ، وأنه من نوع معين ، من المفاعلات التي كانت فرنسا ، قد صنعته واستخدمته ، وذلك هو المفاعل الفرنسي (جي -1) ، أو يكون من جنس المفاعل الكندي (ن.ر. اكس ) ، أو من صنف المفاعل الهندي (س.ي.ر) .
وعلى المعلوم ، فان مفاعل الابحاث الكندي – الهندي (س.ي.ر) ، له قدرة حرارية ، مقدارها 40 ميغاواط ، وقد تم انشاؤه في بومباي في الهند ، وذلك وفقا لخطة كولومبو ، وكان بدأ تشغيله سنة 1960.
أما ( جي -1)، فقد تم تشغيله في فرنسا عام 1956، وبلغت قدرته الحرارية ، 40 ميغاواط ، وأنتج كيلوغراما واحدا من البلوتونيوم ، كل عام .
ويقرر الكاتبان ، بأنه حين اتضح في كانون أول من عام 1960، بأن الذي يجري بناؤه قريبا من ديمونا ، ليس الا مفاعلا نوويا ، فسرعان ما تكشفت كل الخصائص الأساسية ، لطبيعة ذلك المفاعل ، فوقوده من اليورانيوم الطبيعي ، والماء الثقيل لابطاء سرعة النيوترونات .
ولكي تتم ملائمة المفاعل ، لحاجات اسرائيل ، فقد أوصت لجنة الطاقة الذرية في اسرائيل ، بأن يكون تخطيط بناء مفاعل ديمونا ، مثيلا لخطة بناء المفاعل الذري ( يل-3) وهو مفاعل أبحاث ، كانت فرنسا ، في ذلك الوقت تشرع في بنائه ، في بريست ، ومن صفات هذا المفاعل أنه يعتمد الماء الثقيل كمبطىء .
وقد سارع - في ذلك الوقت – رأي في الأوساط الأميركية مفاده أن فرنسا ، سوف تزود قلب مفاعل ديمونا باليورانيوم ، على أن تستعيده ، بعد تشعيعيه ، وذلك للاستفادة منه في انتاجها لأسلحتها النووية ، الا أن الاسرائيليين أنكروا هذا الرأي بقولهم ، بأن تعهدا كهذا لم تعطه اسرائيل لفرنسا ، وحيث أن المفاعل ما زال في مراحل البناء ، فما زال هناك متسع من الوقت أمام الاسرائيليين لاتخاذ قرار بشأن الوقود . وما كان ذلك الرأي بلا بواطن ، ولا مقصود .
فالادارة الاميركية كانت أعطت لاسرائيل مفاعل البركة ، والذي راحت تبنيه في وادي الصرار ( ناحل سوريك ) ، وكان هذا المفاعل في سنة 1960 ما يزال في مراحل البناء ، ومشروع كهذا ، بذاته مدعاة استقطاب للطاقات العلمية الذرية لدى اسرئيل ، وهذه بعينها جاءت في علاقة مباشرة مع الأميركيين الذين منحوا هذا المفاعل ، وهذا وحده كان يكفي لمعرفة القدرات المتوفرة لدى اسرائيل في هذا المجال .
ومن هنا ، فان أهم ما انطوى عليه ذلك الرأي الأميركي ، هو أن مفاعل ديمونا فيما لو قام بناؤه ، فانه سوف يكون مقطوعا ، من أمامه ومن خلفه ، ما لم يكن هناك من يتعهد بأن يوفر له الوقود ، ليأخذه من بعد تشعيعه ليفاد منه ، وهذا الطرف ، لا بد من أن يكون فرنسا ، فهي التي أعطت المفاعل وهي التي تبنيه ، وهي الدائبة على حسم الخلافات بينها وبين الادارة الاميركية لصالحها ، بأن لا يعترضها أصدقاؤها وعلى رأسهم الولايات المتحدة ، وأن لا ينكروا حقها في بناء ترسانتها النووية .
فبذلك دلل ذلك الرأي على توجهات فرنسا ، وعلى ما هو أخطر منه في نظر الادارة الامريكية ، وذلك عدم اكتراثها ، وغياب الحذر لديها ، من مغبة المساهمة في انتشار السلاح النووي ، وفي ذلك اتهام صريح لفرنسا ، بأنها لا تحسن السلوك في أخطر المسائل العالمية .
وكان الرئيس الفرنسي ديغول ، بعد عودته الى سدة الحكم في فرنسا ، قد رفض أن يسمح للولايات المتحدة الأميركية ، بأن تنشر أسلحة نووية تكتيكية في فرنسا ، وأيضا أصر أن تستمر فرنسا في تطوير قدراتها النووية ، وأن تبتني لنفسها ، بنفسها سلاحا نوويا ، ليصبح في مدى الأيام قلب القوة الفرنسية الضاربة .
وهذا ما استدعى الادارة الاميركية الى تحريك الأمور في هيئة الأمم ، والى صدور قرار عن الجمعية العامة لهذه الهيئة ، وذلك في 20 تشرين ثاني 1959 ، يطالب فرنسا بالتوقف عن التجارب النووية التي تجريها في صحراء سهارا ، وقد صدر ذلك القرار ، بموافقة 51 عضوا واعتراض 16 عضوا ، وامتناع الستة عشر الآخرين .
وبرغم ذلك ، أجرت فرنسا عام 1960عدة تفجيرات نووية ، تراوحت قدراتها الانفجارية على النحو التالي : 60-70 كيلوطن ، 5-10 كيلوطن ، 2-3 كيلوطن .. ( كيلوطن تماثل ألف طن من المادة الانفجارية ت.ن.ت ) .
وهذا النجاح عزز الثقة لدى الاسرائيليين بالطرف الذي سوف يقيم لهم المفاعل في ديمونا ، وزاد من تعلقهم بالآمال التي يعقدونها على مفاعلهم ، ولكنه أغاظ الادارة الاميركية ، وأفرح ديغول ، الذي عبر عن ذلك باعلان ، قال فيه ، بأن ذلك النجاح انما كان ثمرة للجهد القومي الذي زاد في قوة الدفاعات الفرنسية والغرب عموما ، وبفضله تبوأت الجمهورية الفرنسية مقاما يتيح لها ويمكنها من التأثير على الدول الذرية ، في اتجاه نزع شامل للسلاح النووي ، وأيضا ديغول أرسل رسالة الى بييرغيوما قال فيها : " الفخر لفرنسا ، فبدءا من هذا الصبح ، فانها أكثر قوة وأكثر عزة ، ومن قبلي تحيات ، لكل الذين منحوا فرنسا هذا النجاح الباهر " .
وجدير بالذكر ، أن السخط الذي كانت تبديه بعض الدول الافريقية في أروقة هيئة الأمم ، وعلى الأخص منها غانا حيال انفجارات نووية تجري على أراضيها ، لم يجد له أحدا يرقى الى الاهتمام به .
ويبدو أن أحكام المقام الذي تبوأته فرنسا ، في ضوء تحولها الى دولة نووية ، وما كانت تصبو اليه من مرتبة دولية وجد ديغول ، أن الضرورة تقتضيه أن يجري تعديلا في سياسات فرنسا النووية ، وكان من ضمن ذلك ما له صلة بالمفاعل الذي تعهدت فرنسا أن تقيمه في النقب .
ففي 14 أيار من عام 1960 ، تلقت حكومة بن غوريون رسالة من ديغول ، يطالب فيها الحكومة الاسرائيلية ، بأن تعلن على الملأ عن مفاعلها ، وأنها توافق على جعل المفاعل تحت اشراف دولي .
وهذا ما دعا بن غوريون الى الحضور الى باريس ، وذلك في 13 حزيران ، لالتقاء ديغول ، فلعله يثنيه عن قراره .
وقد كانت ارادة ديغول حاسمة بهذا الشأن ، ولم يكن أمام بن غوريون ، بعد عودته من باريس الى اسرائيل ، وبعد مشاورات أجراها داخل الحكومة الاسرائيلية ، وداخل جهاز الأمن الاسرائيلي ، الا أن يقوم في كانون أول من نفس العام ، بارسال شمعون بيرس الى باريس ، وذلك لاستكمال ، ما لم يمكنه هو في غضون حضوره في باريس أن يتوصل اليه .
والتقى شمعون بيرس ، كوب دي مرويل وآخرين ، والتزم أمامهم بأن تقوم الحكومة الاسرائيلية ، بالاعلان عن المفاعل ، بأنه مفاعل أبحاث ، في مقابل استمرار المساعدات الفرنسية لاسرائيل .
وفي كانون أول ، نفس الشهر من نفس العام ، وتحت ضغط من ادارة الرئيس الاميركي ايزنهاور ، وجد بن غوريون نفسه ومعه وزير خارجيته غولدا مئير ، بصحبة موظفين أميركيين يساعدانهما في صياغة نص البيان ، الذي سوف يلقيه بن غوريون ، ويكشف فيه على الملأ ، عن طبيعة المفاعل .
لقد كانت الولايات المتحدة قريبة جدا من اسرائيل ، ومن مركز الأعصاب فيها ، وكان بمقدورها أن تلحظ وأن تستفسر وأن تعرف .
وليس يهمنا هنا في كثير أن نعرف كيف عرفت الادارة الاميركية بوجود مفاعل يتم بناؤه في النقب ، فسواء عرفت من طائرة الاستطلاع الاميركية يو2 ، أو من غيرها ، أو من فرنسا ، فلن يضيف هذا الأمر الى موضوعنا شيئا . لقد عرفت وهذا يكفي ، عرفت وسارعت مطلع عام 1960 الى احتواء الأمر كله ، سألت في فرنسا ، وسألت في اسرائيل ، وأنزلت ضغوطها هنا وهناك وسمع بن غوريون وغيره ، وأيضا غولدامئير ، من الادارة الاميركية كلاما واضحا ، لا لبس فيه ولا غموض ، ولا بالامكان ليه أو ثنيه ، ولا حتى تأويله على غير ما جاء عليه ، وكان الكلام على المفاعل وصيغة الكلام لم تكن معهودة من قبل . كان الكلام واضحا وله معنى مفهوم ، وهو أن تطوير قدرة نووية اسرائيلية لأغراض سلمية هو ما تؤيده وتدعمه الادارة الاميركية ، أما أن يكون تطوير قدرة نووية بغرض انتاج سلاح نووي أو امتلاكه ، فهذا ما تعترض عليه هذه الادارة ولن تجيزه .
وكانت لتلك الادارة دواعيها وقناعاتها ومبرراتها ، فمبدأ ايزنهاور الذي ينحو سياساتها في الشرق الأوسط ، هو مبدأ أصيل لا محيد عنه ، وذلك لأنه يعني أن تهيمن الولايات المتحدة على هذا الشرق ، وعلى هذه البلاد العربية الغنية بالبترول والتي وصفوها في داخل البيت الأبيض بأنها أرض قد تصادف وجود بشر عليها .
فكل ما لايدعم تحقيق هذه الهيمنة ، وكل ما يتشكل في شكل عقبة سوف تعيق ، أو عارض سوف يعترض ، فهو مرفوض ، ويولد في وعي هذه الارادة دافعا يدعو الى التصدي له أو تحييده جانبا ، وعزله وذلك الى أن تأتي فرصته ويتم التعامل معه .
وحيث أن اسرائيل ، قد تبندت بين عناصر القوة في الاستراتيجية الاميركية الموكلة باحتواء المنطقة العربية برمتها ، فليس أن تبني اسرائيل قدرة نووية تستطيع تطويرها ، وتحويلها في مستقبل الايام الى حال تقترب به من انتاج سلاح نووي ، ولكن لا تنتجه ، ليس هذا الذي استجمع الارادة الاميركية فاعترضت ، فهذا لا يقع خارج نطاق التسامح الاميركي مع حالة قد تغدو بمثابة " حالة خاصة " في كل ما يتصل بالدعم الاميركي القادم .
لقد كانت للادارة الاميركية حساباتها ، وموازينها الخاصة بها ، فانتاج اسرائيل لأسلحة نووية بالاضافة الى أنه سوف يقلل من تأثير الولايات المتحدة على حليفاتها الصغار ، فانه بالتأكيد سوف يؤدي الى " فقدان السيطرة " في منطقة ساخنة وهامة مثل الشرق الأوسط ، وفي مناطق أخرى من العالم ، وذلك يعني أن يكون مصير العالم خارج نطاق السيطرة الاميركية ، فهذا السلاح النووي ، اذا انطلق من عقاله ، فان أحدا لا يدري الى أين يؤول المصير .
المخاوف من انتشار السلاح النووي كانت كبيرة
وقد شهدت الجمعية العامة للامم المتحدة في جنيف ، في ذلك الوقت مداولات بهذا الشأن ، وقد كان قدح الكبار بعضهم ببعض ليس بسيطا ، فكل ألقى على الآخر تبعات ما تم انتشاره من ذلك السلاح في العالم .
وبرغم ذلك كانت الولايات المتحدة ومعها الاتحاد السوفياتي ، يعملان على اقامة نظام عالمي لمنع انتشار السلاح النووي في العالم . وذلك لينضاف هذا النظام الى الوكالة العالمية للطاقة الذرية التي كانت قد أقيمت ، وباشرت أعمالها منذ عام 1957 .
وكانت ادارة كنيدي ، ومنذ عام 1961 قد جعلت من العمل على منع انتشار السلاح النووي قاعدة مركزية في سياساتها الخارجية ، بل أولتها اهتماما لا يفوقه أي اهتمام واستمر هذا الحال على حاله في ادارة جونسون .
وفي عام 1963 تم التوقيع على " اتفاق الحظر الجزئي لاجراء تجارب نووية في الغلاف الهوائي " .
لقد أطلت المخاوف مكشرة عن أنيابها الرهيبة ، وبات الاحساس بالرعب من هذا السلاح ، يثير حساسية مشوبة بالحقد .
فأن تكون هناك دولة تحاول أن تبتني قدرة نووية ، وتأتي الادارة الاميركية اليها تريد أن تمنعها من ذلك ، أو أن تحتويها ، أو تحتوي مشروعها النووي لتضعها أو تضعه ، في النصاب الذي ترتأيه ، وترفض هذه الدولة الخضوع لارادة تلك الادارة ، فذلك معناه أن الحقد في داخل تلك الادارة ، قد بدأ يفتش له عن كوة يندلق منها على تلك الدولة وعلى مشروعها .
فهل تراهم المالكون لذلك السلاح تحولوا الى أسارى بيد تلك المخاوف ؟!
أم أن اسلوب استبداد وسيطرة ، قد أتاحه ذلك السلاح ، وانما هم يوظفون هذا الاسلوب في اغتنام فرص ما تهيأت لهم من قبل ؟!
البادي هو الاحساس بالخطر ، وهذا مبرر وسبب لذاك الاسلوب . والقلق على المصير حق مشروع ، وفقط أن يفهم هذا القلق ، قلق الآخرين على مصيرهم هم ، وهذا ما لا يتفق وذلك الاسلوب ، لأنه ينتزع منه شرعيته ، وهو لذلك قلق لا تستوعبه الادارة الاميركية ، ولا تفهمه ، وانما تفهم مصالحها ، وتوظيف ذلك الاسلوب ، وغيره من اساليبها في تحصيل هذه المصالح ، مثال ذلك مجال الصواريخ والمجال النووي ، وهما مجالان للبحث العلمي ، وكانت مصر قد شرعت بهما في أواخر الخمسينيات ، ومطلع الستينيات ، وكانا لما يتجاوزا بعد مراحل البداية ، ولكن الادارة الاميركية قامت اليهما تطوقهما وتضربهما وتنذر مصر شرا لا يطاق ، لقد حرصت الولايات المتحدة على تقويض مقومات أمن الجماعة العربية ، وهي ما زالت كذلك ، وما عنصر من عناصر القوة لأمن هذه الجماعة الا وتكيد له كيدا فظيعا .
ونلاحظ بأن هذه الدولة العظمى ، ما زالت تسعى الى السيطرة على هذه الكرة ، وبيدها أخطر سلاح في التاريخ ، وتملك منه ما به تستطيع ، لو شاءت ، ولن تستطيع ، أن تدمر العالم مرات ومرات ، ويكفي مرة واحدة .
ونلاحظ بأن هذا السلاح النووي ، قد رسب في سلوك الادارة الاميركية وأرسى فيها قناعة مطلقة ، وهي أن فقدان سيطرتها على ما تملكه من سلاح نووي ، وما لا تملكه ، انما يعني أن دبيب الكارثة بات مسموعا في البيت الأبيض ، وأن هذا الدبيب يعني أن الكارثة شدت رحالها الى الولايات المتحدة .
ونلاحظ في مباني الفكر التي نسجت سياسات نووية للولايات المتحدة أن بؤر التوتر ، في بقاع العالم المختلفة ، يجب أن تكون خالية من السلاح النووي ، وخالية حتى من امكانية انتاجه ، وهذه مهمة السياسة الخارجية للادارة الاميركية ، وهذه مهمة السياسية الخارجية ، وهذه المهمة الموكلة بتحقيق هذا الهدف مبررة ، بأنه اذا أصبح هذا السلاح في متناول " الصغار " ، وتم استحدامه أو التلويح به من جانب طرف ، ضد طرف آخر ، بالتهديد أو بالفعل ، فذلك يمكنه أن يسحب الكبار ، وعن غير رغبة منهم الى التورط ، بأخطر الأسلحة في نزاعات اقليمية ، فليس من مصلحة الكبار أن يمتلك الصغار سلاحا نوويا ، ومنعهم من امتلاكه هو جزء من أمن الكبار ، وجزء من سيطرة الكبار على مناطق العالم المختلفة ، والتفريط بذلك هو بعينه تفريط بهذا الأمن ، وفقدان لهذه السيطرة .

وكان يعني ترك اسرائيل مندفعة ، في استجلاب امكانيات البناء لقدرة نووية عسكرية ، معناه بث قلق حقيقي في دول المنطقة ، وايقاد اندفاع جارف نحو بناء مماثل ، وبفارق الامكانيات ، لا بد وأن يكون أضخم ، وهذا سوف يجعل المنطقة في مستقبل الأيام ، بؤرة توتر رهيبة تنذر بحرب نووية تجرف العالم معها الى الهاوية ، وأيضا ومن مسافات بعيدة من حافة الخطر والانزلاق الى حال كهذا ، فانها تغدو منطقة غير ميسورة الاحتواء وتصعب السيطرة عليها .
وهذا تعاقب حوادث وتطور منطقي ، ولكنه يتنافى ورغبات الولايات المتحدة ، بل وينسف مصالحها ، ويقضي على كل تأثير سياسي لها على هذه المنطقة ، وينطوي على خطر حقيقي يتهدد الولايات المتحدة نفسها ، واذن على اسرائيل أن تفهم ذلك وأن تعيه ، وأن تتحاشى الخلافات بين أهداف الاستراتيجية الاميركية ، وبين أهداف الاستراتيجية الصهيونية العالمية ، والتوافق بين هذه الأهداف وتلك ، هو الأجدر بالاهتمام والتأصيل ، واسرائيل من مصلحتها أن تكون بتفكيرها وقرارها ، حيث الالتقاء والاتفاق في طبيعة الأهداف ، وذلك ما يضمن لها الولايات المتحدة الاميركية أن تكون الى جانبها ، وليس فقط في قضايا الأمن ، بل في قضية وجودها كلها.
واما اذا حسبت اسرائيل بأنها بامتلاكها سلاحا نوويا تكون قد خرجت من دوامة الأمن مستقرا ، وأن العرب والمسلمين ، من حولها ، سوف يقولون في أنفسهم ، بأن اسرائيل بيدها سلاح نووي ، وما لنا من أنفسنا حول ولا قوة ، وليس لنا الا أن نقعد بعيدا عن مناهزتها ، فأي مناهزة لها من جانبنا سوف تميط علينا كارثة ، فلا يبقى منا سوى اشلاء ممزقة متناثرة في أرجاء بلادنا ، اذا حسبت اسرائيل هذا الحساب فقد أضلها حسابها .
فالسلاح النووي ليس مطلقا ، وليس بمكنته أن يحقق أمنا مطلقا ، فما هو بالسلاح الذي يجيز طلاقة القدرة في استعماله أو التهديد به ، عند كل سخونة للنزاع بين اسرائيل وجيرانها ، ولا حتى في حالات اندلاع حروب محدودة النطاق والأهداف .
ولو أن اسرائيل تستطيع استقطاب العلماء واستجماع المال ، واستجداء التكنولوجيا ، وتقدر على بناء ترسانة نووية تطال المنطقة العربية كلها ، فان هذه الترسانة لن يكون في مقدورها أن تردع العرب ، ولا أن تحجبهم عن حقوقهم ، وذلك لأن كرامتهم مجروحة ، والمهانة تفترش وجوه زعامتهم ، ومنهم حتى أولئك الذين توسدوا ، وتلحفوا الأجنبي ، وتنمطقوا بعناصر قوته ، فهذه الشعوب العربية ، برغم ما تبدو عليه من بؤس الحال ، فانها تعرف كرامتها ، وتعتز بماضيها الزاخر بالعزة ، وتريد مستقبلا مثيلا له .
ثم ان هذه الترسانة التي نفترضها تحت الحاح الحوار ، فبمجرد ظهورها حقيقة قائمة بالفعل ، فسرعان ما يتصدر الأمن الجماعي العربي أولويات القلق على المصير ، والتنبه الى الخطر ، والصحوة التي لا تهدأ ، وذلك في كل ركن من أركان الوطن العربي والاسلامي .
وسرعان ما يغدو الحاح الأمن عاصفا ، وموجها لكل الطاقات في اتجاه الخلاص من دوامة الأمن ، وقد تأزم حالها ، واضطرب بظهور " تلك الترسانة " .
وتغدو الوحدة العربية والاسلامية في حال مولود في بطن أمه ، وتوشك أن تدب قدماه على الأرض ، فتعرفه الدنيا ، وهي الوحدة التي يا طالما برمت بها اسرائيل ، ووجلت من سيرتها ، وخشيت على نفسها منها ، وعملت ضدها ، ورغرغ صدرها طربا بكل ما ابتعد بها عن ميلادها .. هذه هي الوحدة تدنو وتقترب ، ودنوها واقترابها يحصل بسبب الخطر الداهم الذي أنشأته اسرائيل في النفسية العربية والاسلامية .
فعلى اسرائيل أن تحاذر ، وأن تفهم خطورة نزعتها النووية ، على نفسها ، وعلى أصدقائها .
وأما اذا الظنون والحسابات الخطأ ، قد جعلت اسرائيل تتصور بأن السلاح النووي الاستراتيجي ، فيما لو أصبح في حوزتها ، فانه الرادع الذي به سوف يرتدع العرب ، ويكفوا عن أفكارهم وأحلامهم المستنبتة في أمخاخهم بأصداء تاريخ يرونه مجيدا ، فيقبلونها كدولة ، وكجارة جارت وتجور ، ويتعاونون معها مثل ما أن الدول تتعاون فيما بينها ، فان هذا يختلف ، ولا يدعو الى امتلاك سلاح نووي استراتيجي ، ولا يدعو الى تصنيعه ، حتى وان توفرت قدرة على ذلك ، والسبب هو أن العلاقات السوية بين الأسوياء ، لا تستوي ، ولا تنبض فيها حياة صحيحة تحت ظلال التخويف والاكراه .
ولعمري ذلك النوع من السلاح يشكل ضاغطا مرفوضا واكراها غير مستساغ ، ومبررا يحفز الى امتلاك مثيل له ، استقبالا لمواجهة لربما تنشأ عن تردي تلك العلاقات وتصدعها ، وذلك فيما لو كان لها أن تقوم .
وماذا تفيد قنابل النيوترون ومعها كل السلاح النووي التكتيكي في مواجهة الفلسطينيين ؟! فهؤلاء لن يكفوا عن مناهزة اسرائيل ومطالبتها بحقوقهم ، طالما أنهم في وضع الغرباء في أرضهم ، وفي وضع الغرباء في الغربة .
ان الفلسطينيين يديرون صراعا ، لا يسمح باستخدام سلاح كهذا ضدهم ، ولا التلويح به يمكنه أن يبني رادعا يرتدعون به ، وذلك لأسباب كثيرة ، ويعرفها الجميع ، ومن بين هذه الأسباب ، الجغرافيا ، وتوزيع السكان فيها ، فان لهما من الأحكام ما ينسف ذلك الردع ، وينسف ذلك الاستخدام ، ويحيل السلاح النووي ، فيما لو كان موجودا ، لدى هذا الطرف أو ذاك ، الى اضافة غير مرغوبة ، بل ومرفوض اقحامها كعنصر من عناصر الصراع الدائر بينهما .
وأما اذا هم قادة الأمن والسياسة في اسرائيل ، قد استأسرتهم هواجس وشكوك ومخاوف من زمن تجد اسرائيل نفسها فيه ، وقد أحاطت بها جيوش عربية من كل ناحية ، وفي مكنتها بالاسلحة التقليدية هزم جيش اسرائيل ، فان السلاح النووي بيد اسرائيل ، يغدو بمثابة الملاذ الأخير الذي تلجأ اليه اسرائيل ، فتدحر هذه الجيوش العربية ، وتبيدها وتحفظ وجود اسرائيل .
وبظني أن افتراض مشهد كهذا للتناحر ، انما يقام لاقامة مبرر لامتلاك سلاح نووي ، وهو مبرر ينطوي على خطأ في تقدير الأمور وحسابها . والمغالطة تكمن في ربط استخدام السلاح النووي بحفظ الوجود ، ولو قيل للردع المتبادل لاختلف شأن المغالطة التي أعنيها ، فثمة ظروف للمناحرة كالتي أوردها بن غوريون ، انما تنم على عقلية تشرتشلانية ، لم تسمح لها ظروفها ، بأن تفهم طبيعة السلاح النووي ، وقد رسب في وعيها ذلك السلاح كعنصر من عناصر القوة في الصراع ، ولكنه يمتاز بشدة الدمار الذي يمكنه أن ينزل في صفوف الخصم . ففي ظروف مشهد كذلك الذي ذكره بن غوريون وأوردناه ، لا يكون اختيار قادة اسرائيل بين الوجود أو عدمه ، وانما بين الكارثة وبين التنازل عن اسرائيل ككيان سياسي ، وهنا مؤشر أفعل التفضيل سوف يشير الى التنازل عن الكيان السياسي وحفظ الوجود بلا دولة ، وسقوط فكرة الاستخدام للسلاح النووي تكون واجبة ، والسبب هو أن استخداما كهذا سوف يقابل بالمثل ، ويصبح الاستخدام بذاته استجلابا للكارثة ، ولن يجيزوا لأنفسهم أن يكونوا سببا في تشكلها .
ثم ان العرب بكثرتهم ، وبسعة بلادهم ، لقادرون في لحظات حاسمة من التاريخ ، أن يستوعبوا ضربة نووية أولى تنزل بهم ، من جانب اسرائيل ، لكن مشكلة اسرائيل ، بأنها لا يمكنها أن تستوعب ردهم على ضربتها الأولى بضربة نووية مماثلة أو بأقل منها ، ومرة أخرى ، الجغرافيا ، والسكان ، وعلاقتهما بالأمن والعناصر اللازمة لتحقيقه .
وكذلك الردع ، فان له صلة وثيقة بالمقدرة على التحمل ، ولنفترض أن اسرائيل والعرب سوف يمتلكان في زمان قادم سلاحا نوويا ، ويتحقق فيما بينهما توازن نووي ،
وهنا فان الطرف الأقدر على التحمل ، فيما لو أبدى استعداده أن يتحمل ضربة من جانب خصمه الذي لا يحتمل ضربة مثلها ، فانه في لحظات الأزمات الفوارة لقادر على حرف ميزان الردع لصالحه ، وذلك فيما لو استطاع اقناع خصمه بأنه عازم بالفعل على تنفيذ تهديده ، واذا تم له تحصيل هذا ، فيمكنه عندئذ أن يملي شروطه .
ومن ذلك كله ، وعلى أي دائرة فكرية تدور ، وعند أي احتمال تتوقف ، وتتبصر الأمور وتحلل معتمدا الاسلوب العلمي في البحث في معقولية النزعة الاسرائيلية الى سلاح نووي ، فانك تصل الى أن فكرة الحاجة الى سلاح نووي لا تجد ما يبررها ، أو يدعمها ، ناهيك الى أن بناء مشروع نووي متكامل ، وبطاقات ذاتية ، وبهدف صريح ، هو تصنيع قنابل نووية ، في حد ذاته مشروع كبير ومتشعب الجوانب ، ويحتاج طاقات مادية وبشرية وعلمية هائلة .
والعلماء والفنيون ، لو وجدوا في فترة من الزمان ، فانهم بشر ، يهرمون ويموتون ، ولذلك ثمة مشروع ضخم كهذا يحتاج الى مؤسسات علمية توفر الطاقات العلمية ، والفنية على الدوام ، وذلك لكي تضمن استمرار المشروع النووي ، وتضمن امتداداته ، وأيضا هذا جانب يحتاج امكانيات مادية ضخمة ، ناهيك عن مشكلات المشروع النووي ، بدءا بمشكلة النفايات النووية ، ووصولا الى احتمالات تسرب الأشعة النووية ، في بلد صغير ، فحالة واحدة كهذه يكون لها آثارها الخطيرة جدا .

.................................................. ...........

ملاحظات ( توضيحات ) :

( 1 ) : لانتاج قنبلة نووية (أو سلاح نووي ) هناك حاجة الى مادة نووية انفجارية ، وفي هذه الحالة يتم تحضيرها من مادة اليورانيوم الطبيعي ، فهذا موجود في الطبيعة على شكل خليط من يورانيوم 238 بنسبة 99.3% ، ويورانيوم 235 بنسبة 0.7% ، ففي حال مفاعل نووي يمكن تشعيع اليورانيوم الطبيعي ( يتم استخلاصه وتهيأته على شكل قضبان توضع في قلب المفاعل ويتم تشعيعها بواسطة نيوترونات حرارية ، ومن ذلك يمكن استخلاص بلوتونيوم 239 ( ذرة يورانيوم 238 تبتلع نيوترون وتصبح بلوتونيوم 239 ) ، بواسطة تقنية خاصة بذلك ، والبلوتونيوم هذا هو المادة التي يراد الحصول عليها من اجل صناعة قنبلة نووية .
( 2 ) : وكذلك يمكن استعمال يورانيوم 235 في انتاج قنبلة نووية ، لكن طريقة استخلاص هذه المادة من اليورانيوم الطبيعي مختلفة ، فهناك عدة طرق ، منها تحويل اليورانيوم الطبيعي الى فلوريد اليوراينوم ( فلوريد يورانيوم 235 وفلوريد يورانيوم 238 ) وهو غاز ، وبتقنية معينة يمكنة فصلهما للحصول على فلوريد يورانيوم 235 ثم استخلاص يورانيوم 235 ، ومن التقنيات المستعملة هي طريقة الطرد المركزي( السنترفوجا ) ، التي شاع ذكرها في خلال الحديث عن العراق أو ايران ، وهناك طريقة ( الانتشار الغازي ) وما الى ذلك ، وهي تقنيات حين ذكرها ، تترافق مع كلمة تخصيب ، أو تثرية .

الغصن المثمر 03-12-2009 17:07

رد: يا الغصن المثمر،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

:a_plain111:بارك الله لك أخي على هذا المجهود الرائع

محمد يوسف جبارين 04-12-2009 00:54

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
" نسيان " وأحلام مستغانمي
واذكري " ليلة الجدي " هو الحل

بقلم : محمد يوسف جبارين (أبوسامح) ..أم الفحم ..فلسطين


" نسيان . com " ، هو كتاب للأديبة الجزائرية أحلام مستغانمي ، وهو في موضوعه الذي يتناوله في جانب مختلف ، عن ثلاثية الكاتبة الشهيرة ( ذاكرة الجسد ، فوضى الحواس ، عابر سرير ) ، والتي على ما يبدو كانت الوجه الأدبي الذي رسب في الوعي العام للأديبة ، وهذا بعينه ما شكل تصورا أو قياسا ، لدى كثيرين ممن أقبلوا على كتاب " نسيان " حال صدوره ، فكانت دهشتهم ، اذ لم يجدوا في نسيان ، ما ظنوه في انتظارهم ، فلقد جاء " نسيان " ، متناولا الحب في جانب منه ، لكنه ليس بحال مثيلا لأي من الأجزاء الثلاثة للثلاثية الرائعة ، فبدت تساؤلات تجلت في ملاحظات ، وفي مقالات ، وهي في كثير منها ، تطل بالدهشة الناطقة بالسؤال : ماذا دعا الى هذا ؟ وماذا جرى للمقدرة الأدبية للأديبة ، ولماذا هذا الاختلاف ؟ ، ولماذا لم يأت نتاج الأدبية ، بذات النسق ، وبذات الموضوع وبذات التناول أو ما يشبهه ، وكأن عقل الأديبة وابداعها يتوجب أن يكون مقصورا على وجه من الفن الأدبي ، فلا يتجاوزه ، وهذا ما لا لم يقل به ، ولن يقول به ذو باع طويل أو قصير في الأدب ، أو في كتابة في أدب ، أو علم ، أو ثقافة أو صحافة ، أو ما حلى للعقل أن يجوبه من وجه من خيال أو واقع ، وبازاء تلك الدهشة الهائمة ، بكل لا دراية في بناء فني لنص ، ولا باتجاهات الفكر وتناولاته ، واطلالاته ، ليعجب الانسان من تأويلات وترهات ، واسقاطات على بناء فني ، لم يعيه القائل بها ، ولم يدرك كنه ، ولا حتى فطن ، بأن من ليس به ما يمكنه من أن يعقلن ما يحاول أن يتعلقه ، فالأجدى له أن يعود الى العقل لأعادة تأسيسه ، على ما يؤهله الى تناول يكون مستقره نتاج عقلن يتعقلن عقلنة ، فليس كل منطوق بالضرورة قولا يجاز أخذه على أن عقلا يجيزه أو يرتضيه ، وهو ما لا يدركه اللاعقل ، فهو اللاعقل الذي من براعتة ما لا يعقل ، فنص هنا ونص هناك ، فيما لو استوى على هذا أو ذاك السؤال ؛ فما صلته بما يتناوله ، فلا غير استواء العقل على ، أن يكون فض النزاع مع النص ، بالغاء النص من رتبة حاول أن يتبوأها ، أي انتزاعه ، من كون محتواه بما يقال فيه له أدنى صله بما يتوهمه بأنه يعنيه ، وغير ذلك من ملفوظات تائهة عن معنى لها ، من مثل " فوضى النسيان " ، كوصف حائر تائه عن معنى ، لسرديات الأديبة في كتابها " نسيان " ، وثمة لفظ كهذا يستدعي التساؤل ، فما فوضى ، وما نسيان ، وما المعنى الذي يستوي عليه نتاج اقترانهما معا ، وما صلة هذا الاقتران بكتاب " نسيان " ، للأدبية البارعة في السرد ، وفي انتقاء البناء الفني واحكام حلقاته ، وكيف جاز لهائم على رؤوس موج من جهل ، أن لا يعرف ، بأن جهله ، انما هو فاصلة بينه وبين المعرفة ، أتراه بلغ الجهل عماء بصيرة ؟ ، لربما ! ، فغالبا ما الجهل ينبه من اتخذه نطاقا له ، بأنه الجهل الذي لا يمكنه الا أن يجعل صاحبه جاهلا ، فأي جهالة هذه التي باتت تجهل جهلها ، وأصبحت تظن في ذاتها مقدرة على الاستواء على تقدير وتبيان وتصدير أحكام ، أفحكم الجاهل يمكنه أن يكون ، بغير دلالة على حال نفسية وعقلية حطت به على غير بصيرة ، لتحكي لنا قصتنا في هذا الزمن مع جهالة جهلاء تنهش في لحم الابداع كله .
فليس ثمة معنى لجملة فوضى النسيان ، فهي جملة يصعب أن يجد لها العقل في الواقع ما يبين عن معنى لها ، فهي مثل كثير من الجمل العربية التي اعتاد العربي أن يقولها ، فاذا دنوت من سؤال عن معنى لها ، أصابه التفات الى صورة في وعيه خالية من صلة بواقع ، ليدلل على ما يقصده بقوله تلك الجملة ، واذا مقصود الدلالة للجملة على معنى معين ، أو على سردية في كتاب نسيان للأدبية أحلام مستغانمي ، فبالامكان النظر عميقا في سرديات الكتاب من أوله الى آخره ، لكي نجد بأنه محكم في سردياته منظم في فكراته ، وبأن كل السرديات والفكرات التي اشتملتها ، للدلالة على حالة انسانية في واقع ، أو لتبيانها ، لاكتناه موقف في مواجهة وضعية انسانية معينة للمرأة العربية ، فانما قامت بها الكاتبة أحلام مستغانمي ، بذكاء وبلغة متلهفة على السرد ، ما يجعل القارىء يتلهف على المزيد من القراءة ، وعلى المزيد من الانتباه ، فليس ثمة تناقض في السرد ، ولا في عرض الفكرات التي تريد أن تجليها الكاتبة ، ولا ثمة فوضى في الترتيب ، ولا في انسياق نظام التواتر للفكرات في السرديات ، بل هي تصب معا في غاية محددة للكتاب ، فالكتاب له بنائية محكمة ، وهي قد تشكلت ببراعة الكاتبة ، على ما يخدم غاية اقتضتها أن تصب فيها ، فلا فوضى في الفكر ولا في البناء الفني ، وليس ثمة تناقض ، في مجرى السير بالكتابة ، في اتجاه غاية قام من أجلها الكتاب ، ولربما الفوضى تبدو في خيال قارىء أو متبصر ، يحاول أن يمتد بنظره الى وضعية المرأة ليشمل ما في الحياة منها ، فيعجب لكل ما يموج به خياله من تصورات ، فلا تنتظم له ، بل تتداخل وتتعارك ، فيتوه في داخل اشكالية استولدها له خياله ، بسبب من عدم تدخل من عقله في هيئة منظم ثم باحث ثم مكون لحكم ، وهي خصيصة عقل يتصور بخفة وبهلهلة بلا نزعة الى فهم ، وانما برغبة من اطلالة مشوقة ، تحل في فراغ وقت جانح الى تهافت ، وهي حالة لا علاقة لها بالكتاب ولا بالكاتبة ولا بما كان له الكتاب .
ولقد لفت انتباهي قراء عديدون الى استعجابهم من تفاوت بين الثلاثية وبين كتاب نسيان ، وبرأيهم أن الكاتبة واحدة فكيف اللغة هنا والسرد هنا ، والبناء الفني هنا في نسيان مختلف جذريا ، عنه في الثلاثية ، وبرأيهم بأنهم حين أخذتهم اللهفة على كتاب جديد للكاتبة ، قد أخذتهم بوازع من أثر الثلاثية في نفوسهم وعقولهم ، ولكنهم فوجئوا بما هو مختلف ، ولقد أجد العذر الى هؤلاء فهم بالضرورة ليسوا ممن برعوا في كتابة ، وانما في تذوق رواية أو نص فهم مقبلون على قراءة ما يستهوون ويحبون ، فليسوا ممن لهم صلة عميقة بتكوين حكم في نص ، فتساؤلهم به من دلالة على مستوى وصلوه ، وهو ما يدعو الى لفت انتباههم الى أن ما يقولونه صحيح ، لكن استعجابهم يزول حين يدركون بأن الثلاثية انما هي حكاية وطن ..حكاية شعب ، والكاتبة بازاء وطنها وشعبها ، اختارت ما يتفق من بناء فني ولغة وسرد ومفاهيم في جملتها شكلت الحكاية ، لكن " نسيان " ، هو كتاب له خصيصة مختلفة بتة ، فهو يقترب بتناوله للحب على اطلاقه ، ولكنه ليس كتابا في وجوه للحب وفقط ، وانما هو يتمركز في وضعية للفتاة أو المرأة في جانب من هذا الحب ، وهو العذاب الذي يظل كنار تتقلى عليه الفتاة أو المرأة تحت ظروف شتى ، وهي نار الشوق والوفاء ، فالحب له وجه وفاء ، وهذا باب اعتصار للنفس وبالتالي عذابها ، وهي عذابات ملأى بالمرارة وبالشوق أو بالرغبة على استواء الحس على علاقة سوية مع من ينحو نحوه الحس ، فثمة آخر وهو الذي تسبب بالعذاب ، بصرف النظر ، كان ظالما أم مظلوما ، فالحب لا يفهم سوى ذاته ، فهو الحب الذي لا يعترف بعارض ، فهو قوة نفسية عابرة للحدود ، لا حد يمكنه أن يحد من حب ، ولا تبرير يمكنه أن يكون مبررا لدى حب ، فالحب هو الذي يأخذ بجماع النفس وينحو بها بملء ما به من معان الى من هو الحبيب ، حتى وان قسى بهجر أو بقطع صلة ، فهو الحب الذي يمتلك النفس ، ولا حول ولا قوة لعقل بحال نفس تحب ، فالعقل تابع لا متبوع ، فعقلنة الحب ضرب من وهم ، فهكذا يبدو للحبيب ، فهو مرتاح في حبه ، فهو الحب الذي يشعله ويضيء له الحياة ، بطريقة لا يمكنه معنى آخر، أن يقوم بمثل ما يقوم به هذا الحب ، فأحضان الحبيب هي الدنيا وما فيها ، فهكذا يتراءى لمن أحب ، فهو بالحب يملك الدنيا ، بل يملك كل ما يريده من هذه الدنيا ، ومن هنا الاحساس بالحرمان ، حين البعاد أو الهجر أو القطيعة أو ...، فنشأة العذاب في النفس كثيرا ما أدت الى حالات نفسية تحتاج الى من يعين ، وهو العون المظنون بأن به خلاص من حس عميق اسمه الحب ، فكيف ؟ ، وهل ثمة شفاء من حب ، فهو الذي لا شفاء منه ، فهكذا تذهب الظنون ، وعلى الأخص منها ظنون العاشقات ، فكثيرة هي العذابات التي تتشعب ألوانها في نفوس معذابات ، وكثيرة هي في الواقع السرديات لعاشقات ، ومن أحببن ، فثمة سير كثيرة ، تحتاج الى سرد يتعقلن ما لا تراه العاشقة نفسها ، بأنه القابل لعقلنة ، لكنه رأي ووجهة نظر عقل يطل على مشهد عذاب لعاشقة أمامه ، ويرى بأن هذه العاشقة تحتاج الى معونة من فكر ، يساعد في هكذا حال ، وهكذا يذهب من بهم اطلالة على أحوال العاشقات ، فبظنهم ثمة عقل يجب أن يأخذ دوره ، ولا بد لهذا العقل من أن يطل على عقل العاشقة ، ليخرجها مما هي فيه ، من ذوبان في عشق، أصبح في حكم عذاب ، فهو عشق أو حب لطرف أدار ظهره ، ولم يعد في حقيقته طرفا في علاقة بهذا الحب الذي تتقلى العاشقة على ناره ، فالاكتواء المستمر بنار حب كهذا لا بد من أن يتوقف ، فكيف ، فهنا البذل ضمن الصياغة أو الابداع لهذه الكيفية ، وهنا كان دوما دور النزوع الى تقديم عون لهذه العاشقة ، وكذلك كان أداء علماء نفس ولم يزل في أحوال حب كثيرة ، فهي الكيفية التي يراد لها أن تكون فالحة في تحقيق خلاص عاشقة من عشق يمرمرها، فما هي هذه الكيفية ، وهل يمكنها أن تكون بملء المراد منها ، من استخلاص نفس عاشقة ، من حب استحال نبع مرارة ، تمزق في حياتها ، فهي انسان ومن حق هذا الانسان الأنثى أن تستوى له الدنيا ، فلا يجب أن يكون ضحية طهارة نفس ، ولا ضحية وهم ، ولا ضحية من أي قبيل من ذلك فهي انسان ، ولا أصح من أن يبلغ الانسان بانسان درب خلاص ، وهنا كان البحث عن معالجة عاشقة من عشق يكاد ينتقصها حياتها بعد غدر أو هجر ، هو برأيها لم تكن هي تستحقه ، فهي عاشقة وبها عطاء العشق ومظلومة مغدورة ، متمرمرة بمزيج من حب واحساس بظلم ، وهنا في هذا النطاق كان للادبية أحلام مستغانمة ما يزيد في عمق تأملها ، اذ سنحت لها ظروف علاقة أن تتم دعوتها لترى كيف أنه يتم استعمال الثلاثية في معالجة نفسانية ، وكان لها مشاهداتها بأم عينيها في عيادة ما في الخليج ، فكانت تساؤلاتها ، وكانت اطلالة فكرها ، وهجم عليها سؤالها ماذا يمكنها أن تضيف ، وكيف يمكنها أن تؤلف ، فهو نطاق ملهم للأديبة وخاصة منهن أحلام مستغانمي التي أبدعت في تصوير حب الوطن الهائم على موج متلاطم زاخر بكل تيار يهب على الوطن ، فكانت فكرة الكتاب (نسيان ) ، فهي حالات حب مختلفة ، وهي عذابات متفاوته ، وهو حرمان يموج فيها جميعا ، وهي كلها حالات لا يحسن بها حل سواه الذي انتبهت اليه احلام وهو نسيان ، فلا حل سواه ، انه البدء من جديد ، فهي حياة انسان ، وهو في هذه الحالة انثى ، ومن حقها على نفسها أن تنسى ، وتبدأ مباشرة حياتها ، تتجدد بنسيان ، لتبدأ بداية أخرى فتقبل على الحياة ، فلا تظل أسيرة حب لم يعد له طرف آخر ، فلقد أصبح مقطوعا ، فهي الحياة التي تركض ، وأولى بالانسان أن يدركها ليكون فيها فاعلا ومؤثرا ، فالعاشقة يجب أن تلتفت الى نفسها ، وتخدم نفسها بنسيان من هو جدير بأن يطويه النسيان ، فالنسيان هو الحل .
ومن هنا وعلى دفات فكر الأدبية راح يترتب البناء الفني لكتاب اسمه " نسيان " ، فحالات عشق مختلفة ، تدور بها عذابات متفاوتة في عمقها ، وفي مبلغ تأثيرها على حياة العاشقة ، وهكذا أصبح لا بد من تبويب الكتاب ، بما يتفق والحالات التي يتناولها . وكذلك العناوين ، فلا بد وأن تكون بها دلالة على مضمون الحالة العشقية ، وأيضا كل حالة لا مفر ويتم تناولها بما يتفق وكيفية تخليص العاشقة من عذاباتها .
وبالتفاتة الى جميع الحالات العشقية ( أو حالات الحب الذي أصبح منصبا على طرف علاقة لم تعد قائمة ) ، الدامعة أسى وحسرة كلها ، لنجد بأن جامعا في الخطاب اليها ، هو ضرورة نسيان في حياة الانسان الأنثى ، فكيف والذكريات لا تنفك تطل بما بها .. كيف يتأتى نسيان ، فاذكري أيتها الأنثى " ليلة الجدي " ، فلعلها تتدافع الذكريات الى زاوية النسيان ، وهو حل تنطق به حكمة جزائرية تحكيها الكاتبة في كتابها ، ولا أدري لماذا لم يتعنون كتاب الكاتبة ب " ليلة الجدي " بدلا عن نسيان ، فلربما لأن (نسيان ) غاية مطلوبة بذاتها ، رغم كل هجوم كاسح لذكريات ، وذلك لكي تبدأ هذه الأنثى الانسان حياة من جديد . وحيث أن الحالة العشقية الواحدة ، ليست بلا مثيل لها ، وانما هي ظاهرة عامة ، وذات تكرارية في الحياة وعبر الزمان ، فلا بد من مناخ عام ، من جمع شمل الصيحة الفردية ( نسيان ) ، في اطار صيحة جامعة كلية (نسيان ) ، فلست وحدك ، وانما غيرك ، بمثل ما أنت عليه ، فأنت واحدة من كثيرات ، وها هن مثيلاتك يشاركنك صيحتك .. قرارك .. نسيان ، فهو حزب النسيان ، الجامع في اطاره كل نسيان ، وهذا الحزب ضرورة شفاء وعافية ، وضرورة حس بأنك .. يا ايتها العاشقة لست وحدك في الاقرار ، بأن " ليلة الجدي " آلية انتاج ( نسيان ) ، وبأن ( نسيان ) ، تحت أي عقلنة لحالك الذي حالت أحوالك اليه ، بعد بتر لعلاقة مع حبيب ، انما هو الحل .

.................................................. ................................................
3/12/2009 الخميس
astrosameh@Gmail.com

فيزيائيكو 04-12-2009 19:40

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

طالبة جديدة 08-12-2009 20:31

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
[SIZE="5"]اشكركم على جهودكم الرائعة التي على تساعد على تحفيز المشتركين

وأنا اسفة جدا لتأخري في الرد
الرجاء منكم المسامحة[/SIZE]
وان شاء الله نكون عند حسن ظنكم

فتفوته سكر 09-12-2009 16:02

رد: يا فتفوته سكر،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
:هل تريد يا فتفوته سكر
أن يكون يكون هذا الوسام من نصيبك ؟ هل تريد أن تكون العضو المميز لشهر فبراير؟

ياليت بس انا اخر سنه في الجامعه وماعندي وقت اخلص وراح اطفشكم:a_plain111:

abdelsalam 09-12-2009 17:39

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
[align=center][/align] بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شـكــ وبارك الله فيكم ـــرا لكم ... لكم مني أجمل تحية .


الساعة الآن 07:02

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir