![]() |
رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
شكراً لتحفيزكم شكله منتدى روووووووووووووووووعة
تسلموووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو وووووووووووووووو |
رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
شروق
بقلم : محمد يوسف جبارين( ابوسامح ) ..أم الفحم ..فلسطين شروق ريحانه ثقافة ووعي، يتعطّر بها الوطن، وبروائحها ، يود لو يجعل حياته خضراء، مثل بساط الربيع في نيسان، وبيضاء في صفائها مثل بشائر الأمل في ثقافة الأحرار . فقد عصفت موجات ظلام سوداء بالوطن، وما زالت رياحينه تعاركها، فتسيل من عروقها دماء حمراء ، فتتجلى مثل شفق أحمر بين طياته شروق ، يسبق ميلاد النهار. ما جعل شروق أحلى كلمة، وأعذب لحن في فم كل حر أجهدته مهماته ، ويهيم به الشوق الى ما يتوجب فعله ، فقد طال انتظار شروق الحرية وابتسامة نهارها في الحياة. فمن لسان الارادة الحرة نزل اسمها ، كأمل ترق النفس به ، وتتملى من بوح عطره فتنتعش ، فتهفو الى ما يضيف له نموا ، ويدنو به من مثول ، بين رموش العين ، كحقيقة واقع افترشتها الحياة ، بشوق العطاشى الى الماء . شبت شروق في ظروف، لم يبق فيها شبر من الأرض ، الا وحط عليه نير احتلال ، وضاقت المساحة تحت أقدام العيش ، فلاح العلم كطريق خلاص من مأزق المعاش . فعرفت شروق طريقها ، وأقبلت على العلم ، واليه تزيد في ثقافتها ووعيها، ترقب حركة الحوادث ، ترى وتسمع وتبني موقفا ، الى أن اصبحت غايتها ، أن يتم سحب كل شبر أرض ، من تحت أقدام الاحتلال. فكل يوم ترى تلالا وجبالا وسهولا ، تغزوها بيوت الغرباء ، وحواجز على الطرقات ، واذلالا من كل لون ، وجوعا وعطشا ، واغتيالات ، وأعدادا من أحباب الأرض ، ينامون ليلهم ، ليصبحوا تحت الأنقاض ، يلفظون آخر ما بهم من أنفاس ، وطائرات تطوف فوق هذا الشارع أو ذاك ، وبصواريخها تحترق سيارة وتتمزق قلوب ، هي أغلى الناس على الناس ، وسجونا وزنازين وعذابا ..أشد العذاب ، ودموعا تفور عزيزة في المآقي ، تقسم أغلظ الأيمان ، أن تواصل السير كان ما يكون البذل والشقاء والعذاب ، ومهما بلغت التضحيات ، فارادات كلها يجب أن تتسابق ، في جعل شروق الحرية حتمية .. فيعاد الوطن الى أهله ، فبالحرية يتحررون ويضعون أركان الحياة . شربت شروق من حركة الحوادث ، ما جعل لها بصيرة نافذة ، تحيط وتدقق في أدق التفاصيل، وتعرف الأسباب ثم تبني موقفا . وقد استجمعت وعي الخلاص ، من داخل الفعل الباني للقدرة ، التي يتراجع بها القهر والعذاب ، فكل قدرة في تقديرها ، يجب أن تكون في محل زحزحة ، يرتد بها الاحتلال الى الوراء ، ومن كثرة ما قرأت ولاحظت آثار اختلاف العلاقة بالواقع ، وما لذلك من أثر في مستقبل الوطن ، انتبهت الى أن من مقتضيات الحرية ، أن تتغذى وتنمو – لا أن يتم اختزالها بقوى تضعفها أو تنفيها . ما دعاها الى المجاهرة ، بالمناداة بلزوم التفريق بين الثقافة ، وبين ثقافة هي أحوج ما تكون الى الاعتقال، أي الى مصانع تنقية تزيل ما التاثت به، وله خطورة على ضرورات الوطن . فعلى حد تعبير شروق، فحاجتنا الى العقل، أن يعقل الظروف صحيحا، وأن يقدر الموقف صوابا، فعلى ذلك يترتب فعل الارادة، وما يليه من ردود فعل، فتنقية ما تصر فئات أن تدعوها ثقافة ، انما هو ضرورة استقامة عقل وأداء ارادة، في السير بالوطن صحيحا الى الأمام . ولعل أول كلمات حطّت من فم شروق على جوارحي ، قد جاءتني، مثل خطفة البرق لتضيء لي جانبا من شخصية هذه الفتاة ، وصفحة من وعيها وثقافتها ، وما لها من صياغات ، لتفاعلاتها بقضايا الوطن، وكانت فرصتي هذه ، قد حلت في وقت ، كانت النيران فيه قد تراجعت، تاركة وراءها أشلاء ودماء وبيوتا ممزقة ، وجمعا يغمر المكان . فإذ ذاك لفتت انتباهي فتاة فارعة الطول شقراء، رومية المحيّا، مزنّرة بالحطة الفلسطينية ومعصوبة الرأس بالراية ، وعلى ثيابها دماء ، كما على يديها، فدانيتها مشدودا اليها ، بقوة انفعالها بمشهد غاب عن الأنظار بقوة الدمار، واقتربت حتى أصبحت أمامي، فتراءت لي بأنها بانفعالها وكلماتها تلد وطنا ، وقلت آنذاك في نفسي، بأن وطنا فيه هذه الفتاة لا يمكن له أن ينكسر. وسألت من كان بجانبي ، يكاتفني النظر الى من تدهشه وتدهشني : ما اسم هذه السنديانة ، فقال بكل فخر واعتزاز ، نزلا محبة في نفسي ، وراحا من دون استئذان يكبران في داخلي .. انها شروق . وحالا خطر في بالي ، أن هذا الاسم رهن بهرولة الليل ، أمام زحف النهار .. ليل فشروق فنهار .. احتلال ، شروق ، فاستقلال ، ثلاثية طبيعة ، تتطابق بالتمام ، مع ثلاثية وطن ، دورة كرة أرضية ، ودورة حياة . وعلى غير انتظار مني أحسست بأن هذا الاسم، شق أحزاني بزهرة فرح ، رحت أحرص عليها ، أن تتغذى وتنمو في مستقبل أيامي . وبينا أنا تحت وقع انفعال جارف بما حل بالمكان، وبأصوات ملؤها مرارة وغضب ، وأين انتم يا عرب.. استوقفني قول شروق ، بكل غضب تسعه الكلمات.. ليست دبابات الاحتلال وحدها تمزقنا وتردينا أشلاء، أشلاء، وتريدنا أذلاء، أذلاء.. لا والف لا.. هنالك من وقعوا في مصائد تخلّف ، ورجعية متحالفة مع الاستعمار، وأصبحوا بثقافة داخلها السم ، يتوهمون بأنهم يقيمون أعمدة مستقبل، ولكنهم في شوارع الوطن ، يفعلون الآن ما تفعله دبابات وطائرات الاحتلال.. فكلها أحقاد وكلها نيران تلتقي على صدورنا. ومنذ ذلك الاستنفار في جوارحي ، تنامت لهفتي على هذه القدرة التي تشق للوعي دربا مستقيما الى ادراك مسألة الحياة والموت ، ومسألة الفعل وعلاقته بالأهداف العليا للوطن ، وهفت اطلالة شروق على ذاكرتي ، مثل رائحة الوطن في أنفاسي ، وأصبح عقلي حريصا على الدنو من هذا الميلاد لجيل عنوانه شروق .. فهذا اسم عبور الى النهار . وهو الجبهة التي تقف شاكية الوعي صفا واحدا ، تكتب بحروف من ضياء ، تكللها هالة بها حمرة دماء تجري ، وقت الثورة ، في خدود شروق ، ليأخذ منها قلم الحرية حبره ، ليخط حروفا في سيرة وطن يفك قيوده . وبين أول شروق لشروق على نافذة عقلي، وشروق جاء بعده ، هدرت في أرجاء الوطن عواصف هدم ، وتلاحقت كما تفعل جرافة ببيت عربي في القدس، لا تترك عملها حتى لا تدع وراءها أي أثر يدل على أن عربيا كان في بيت هناك. ما يدل على أن صراع الوجود ينطوي على صراع على الدلالات، فمحو الدلالة بفم جرافة يسقط به حق الوجود. وتنسى الجرافة بأنها تكتب زيفا، وبأن القوة يمكنها أن تكتب فصلا داميا، وبأن تبرره بأصلف زيف. ولكنها تبقى عابرة، زيفا داميا، فصلا في كتاب شرق لطالما كساه الليل.. فكان الشروق، وكان النهار. وتقلبت شروق على أكف عذابات الوطن وآماله، بين فعل تريد أن توقف به زحف جرافة تهجم على بيت أو على زيتونة، أو على دلالة، وبين فعل تريد به أن توقف تقدم نيران، لا تهنأ بغير دماء تنسكب ، وأشلاء تتطاير مثل شظايا قنابلها عند الانفجار، فهكذا هي شروق، فالوطن أولا، فاذا لا أمن لوجود، فهذا الوجود بين أنياب الطامعين. وتراها وهي ترى الموت، ولا عقال له، تهب صائحة ؛ ذلك الموت جاء يعلن ميلاد الحياة. وحين رجت الأرض من وقع الظلام في بيت حانون، انتصبت قامتها، وهاجت بما بها من فهم لمجرى موجات الظلام في النهار، وصاحت، لا يبدد الظلام سوى علو قامات الضياء. وتنظر اليها، فتراها مثل لبوءة تنقل خطاها وهي قابضة على أن تلغي جوعها بأنيابها، فأصداء مشاهد الأشلاء في وعيها تضج بالنداء.. تنادي عليها، خذي مكاني، فأنا أم، وأنا طفولة، وأنا في مهد أحلامي، وأنا الحلم والتاريخ، فخذيني واشرقي صبحا يخط على الأرض ربيع أحلامي. خذيني الى الوعي واكتبيني نخيلا، شروقا يفيض شمسا في أنفاس بلادي. إرميني نعناعا في شاي يسر به قلب استراح من عناء مشوار، أراح به الأشجار، من أشواك تقض المضاجع. اذكريني دماء كتبت على الليل تراجعا، في مهرجان شروق يعبق ببشائر النهار. تزرع شروق الآمال في صفحات الآلام، وترفرف بشوق الى كسر كل قيد يكبل زند حرية، وترسم الابتسامة في عيون معذبة بانتظارها عودة حبيب. وكلما اجتمع لها وقت تبحث في خريطة القرى المدمرة، وتطير لترى أين كانت مواطئ أقدام ، ارغمتها القوة على الغربة بعيدا عن الوطن في مخيمات اللاجئين، ويا لحصاد ذهولها مما يجتمع لها بين جفونها، وبين عيون عقلها من المأساة. فكأن غيوم الأحزان تتلبد في نفسها لتمطر من عيونها دموعا، تكلم التراب حين تقبّله وتواعده على لقاء قادم مع الأحبة .. لا مفر، فحتما تعود الى ربوعها حياة فارقت مكانها مكرهة ، فهي على موعد مع نفسها أن تعود. ولو سألت شروق، عن الصبر والى أين امتداده، لقالت هو بامتداد اللانهاية. لا نهاية لصبر على العودة حتى تأتي. وما هو الصبر؟ انه ممانعة العزة، وآلية الاستقواء التي بها ينبلج صبح ابداع واستواء على مادة رد الفعل، واستذراء بها الى مرتبة عندها تتبدل الأدوار، فمن جاء يدوس الكرامة ، ويريد لها أن تنسلخ من دورها، يجد هذه الكرامة تقدم له، ما هو به يرتدع، ويرتد الى الوراء وبطريقة لم تخطر له على بال. وبفطنة صابرة ممتلئة بالوطن ، وعت شروق بأن الحزن بانقطاع الصبر ، يستحيل سكينا يحز في رقبة الارادة الممتدة الى بذل وعطاء ، فآخر صورة تريد شروق أن تضمها عيناها ، هي أن ترى انسان ثورة ، وقد استحال نصفين ، فنصف مليء بعطاء ، ونصف آخر راكد بكفاني حزنا ، فلا صبر لي على المزيد ، فهذا تراجع في الصبر ، ويعني أن النيران قد أثمرت في الجانب الآخر ، فلم ينزل لها خطر كهذا ، كما غيره من الأخطار ، من خاطر ، فكل أوجاع الوطن تنطح بقرونها كل آن في أعماقها . ويا لحرارة الدمع في عيونها ، وهي تداني جفونا تقرحت على حبيب ، ويا لامارات الحزن ، وهي تطوف سخطا في ملامحها . سقاها الوطن صبرا، وثّاب التحدي على كل جرح، وسقاها الغناء بمعنى التحدي، فثمة زغرودة من قلب حزن، علامة قول لا، واصرار على التحدي. تضم أم الشهيد وتقول: هيه في الغناء.. غني، وأَسمِعي الدنيا فرحتك بشهادة أعز نفس اليك في الحياة. قولي لهم بزغرودة ، بأن الشهادة ، انما تزيدنا كبرياء .. دعيهم يقولون ، صنعنا لهم بالنار مأتما ، فاذا هم من داخل المأتم يصدحون بالغناء ..هيه يا أماه ..غني فزفاف الشهيد عرس يموج بالغناء ، فلا محل ليأس في نفس ، مكتوب على صفحتها ، أن تتفرقد كالنجم في الظلماء . وهطلت من شرايين الحياة دماء كثيرة ، وسبحت في سماء الوطن سحب سوداء ، وأنا أتلمس أفعال شروق ، باقبال من يتابع حلقات من فترات ماضية من حياته مكتوبة بقلمه الرصاص . وأتذكر بان حظي رقص لي، في لقاءات عديدة التقيتها فيها، ما ساعدني أن أعرف عنها كل ما سعيت اليه. وكانت أول مرة أتحدث فيها مباشرة معها، قد سبقت التحاقها بالجامعة بعامين. فعلى غير ميعاد التقى نظري بها، وكانت بين أكوام من بقايا دار أنزلتها صواريخ طائرة من طولها. وقد كانت تفتش في البقايا، فدانيتها وبوجع رفض لما آلت اليه هذه الدار، وبألم لا يختلف عن مثله في نفوس أهل الدار، سألتها ماذا تفعلين، قالت: أبحث عن كتبي ودفاتري ، فلعلي أجد بعضها. قلت : ما أسمك، قالت والابتسامة تعلو محياها. ألا يكفي أن تعرفني بأني شروق.. اسمي وقت ميلادي، فدى، أعطوني للوطن، بقراءة من عيون رأت أمامها مستقبلا ينتظر هذه التي لا تزال في المهد صغيرة. قلت : هل تكتبين شيئا مما يمر بك ، قالت وقد وضعت راحتيها على خاصرتيها، ورفعت رأسها الى السماء، وملأت صدرها بالهواء، ثم تنهدت وفاهت : لولا هذه الذاكرة التي تساعدني على كتبي ووظائفي، لما عرفت كيف أجد سبيلي الى علم أريد تحصيله.. على أية حال، مثلي يفعل والخير في أمثالك، فأنتم أقلام الحركة البانية لحرية هذا الشعب .سألتني عن اسمي، فهذا الاسم ربطني بالشمس، فحازت على اهتمامي تلك البقع السوداء، فبرغم ظهورها المتتالي على سطح الشمس ، وعلى اختلاف عددها، تظل الشمس تملأ الدنيا اشراقة وضياء. لكن المجتمعات، بكثرة البقع السوداء فيها. لا يمكنها أن تضيء. تنشغل بصراعاتها الداخلية، وتتطاحن، ولا ادري، ان كنت تلاحظ الخطر الذي بدأ يلوح في مجتمعنا ، من جراء كتلة سوداء هنا ، وأخرى لربما تظهر غدا . أنا أريد ان اقوم باجراء بحث عن هذه البقع ، فهل تساعدني؟ فقلت : فهذا شاغلي الذي يشقيني ويبعث في داخلي مخاوفي. وحتى تكاتفت الظروف ، وسهلت لقاءنا ، مر وقت طويل على حركة الحوادث ، وهي بكل جراح تحز في نفوس أبناء الوطن . وجاءت وجلست الى الطاولة أمامي ، ثم تناولت من حقيبة بيدها أوراقا وقالت : هذه وصية شهيد ، وهذه رسالة بخط سجين ، وهذه ورقة فيها بكاء لاجىء ساعة كتبت عليها القوة أن يكون بعيدا عن وطنه ، وهذه صورته في حديقة بيته الذي لا أثر له الآن ..أتيت بها اليك ، فافعل بها ما تراه مناسبا . ثم مالت الى الوراء ، وأسندت ظهرها ، واستكملت كلامها بسؤالها الذي وقع على ذهني ، ليشغلني بالبحث عن معانيه في واقعنا . قالت بحدة ، بينا الذكاء يطل من عيونها ، ماذا لو كان حصل ووجدت نفسك ، وجها لوجه ، أمام أهل الكهف ، ماذا كنت تقول لهم ، وماذا تتوقع بأنهم كانوا يقولون لك . قلت : هم يحدثون عن زمان كانوا فيه ، وأنا أحدث عن زماني . قالت : فاذا تدخلوا في زمانك ، قلت : فلا بد أن يكون أمامي أناس يتحدثون عن ظروف ، لا يعرفونها ، فأغلب كلامهم ، لا بل كله ، في رتبة الخطأ ، فلا قيمة له . قالت : فماذا لو أنكروا عليك زمانك ، وجعلوه باطلا ، وصدقهم الناس واتبعوهم بوجه قداسة يلبسونها . قلت فنحن أمام عملية نسخ ماض في حاضر ، فغربة في هذا العالم . انه حال أشبه ما يكون بغيبوبة يغط بها المجتمع ، ولربما بعدها لا يعود الى الحياة ، ولماذا أنت تغرقينني بكل هذه الاحتمالات ، فهذا أشبه بكابوس تدخلينني فيه . لقد عاد أهل الكهف الى مغائرهم وانتهى الأمر . قالت : فلماذا اذن ، لا يعود أهل الكهف في زماننا الى مغائرهم . قلت : ماذا تقصدين ؟. قالت : لا عليك ..أردت أن ألفت انتباهك فقط . ثم قامت من مقعدها، وراحت تدور في غرفتي التي تغطت جدرانها برفوف كتب، تجمعت وتكدست بمرور السنين، فتارة تمر برموشها على أسياء كتب، وتارة أخرى تقلب بأناملها في صفحات كتاب، بينا أنا والصمت يلفني في مكاني، أفكر بما أشغلت به بالي ، حتى أخرجتني من انسراحي ، وأدهشتني بقولها، وبيدها كتاب عنوانه ناجي العلي ، لو أن كل قلم بصفاء ريشة هذا، لما كنا بحاجة الى الفهم متأخرا، بأن يافطة يجب أن توضع أمام كل مكتبة أو كتاب، وعليها ، حاذر من أن تصطادك ثقافة الظلام . فالصيد ليس واقعا فقط على السمكة والعصفورة والغزال ، وانما أيضا على الانسان ، والمصيدة في ذاتها شيء يستدرجك .. تراه ، تريد أن تأخذه ، تقترب منه بشهية ، وأنت لا تدري ، بأن بجانبه أطواقا ، قيودا تمتد اليك ، وتقبض عليك ساعة اقترابك لتأخذه ، فتأخذك ، ومن الكتب النفائس ، وأخرى بجانبها ..عناوين صفحاتها وكلماتها تتناول ما هو نفيس ، وبطريقة تجتذبك ، وما تدري الى ماذا هي تؤهلك ، تنشد اليها بحبك للنفائس ، فاذا أخذتها ، فأنت في كيس ، في اعتقال ، فاختيارات عقلك واتجاهات نفسك باملاءات ما أخذت وتناولت . يقرر لك من هم خارج الكيس سير ارادتك .. ثقافة .. مصيدة ، فارادة تتحرك ولا اختيار لها ..عصابة تتشكل ، هي الصواب ، وما عداها خطأ ، هي الحق وغيرها الباطل ، والحق يبيح دم الباطل ..قوة اجتماعية تهدر دم قوة اجتماعية أخرى .. مجتمع يلغي بقواه الذاتية قدرته . هل ثمة صعوبة في فهم ماذا نريد . فماذا نقول بشأن من يريدون منا أن نريد ما لا نريد ، ولا نريد ما نريد . هل هنالك في الخفاء ثمة شيء يتحرك ولا نعرفه ..كثيرون يفصلون لي الأمور ، ويقولون انظري ها هو ، وأحاول أن أفهم ، فأخشى الفهم وأهرب منه ، فالفهم في حال كهذا مخيف . فخرجت من صمتي ، بأعصاب أشعلت كلماتها النيران فيها ، وبمرارة أشربتني اياها حسرات جرت لها في نفسها ، ما أسفر في داخلي عن علو أصوات تلعن ، فقد تراءت لي ، في ذهني ثورة عام 36 ، وكيف أن الانكليز فهموا التراكيب الاجتماعية ، والتباينات الفكرية ، وميزوا أمرين ، الاقتتال الداخلي ، واغتيال القادة ، على أنهما كفيلا باخماد الثورة . وأنتجوا ما أرادوا . قلت هذا لشروق بعيون الأسف على أجيال لا تجيد صناعة التاريخ ، وأضفت اليه قولي : لا أزال أسمع صوت المستعمرين يقولون : اصنعوا لهم ضعفهم ، اتركوهم يتصارعون ، حتى لا تبقى فيهم قوة تقف في وجهنا ، فذلك الأسهل لنا في بسط سيطرتنا عليهم ، وأحسبك يا شوق النهار الى افترار ثغره عن ابتسامة تتشوقين ، أن ترين طريقا واحدا تمشي عليه كل الأقدام نحو هدف واحد قريب المنال وواضح . وأخذت مني كلامي وقالت : فهذا أقل القليل ، وهو ما لا أناقش عليه ، بل بعض جذر الفتنة هو الاختلاف ، عند النقاش عليه . وخطت شروق خطوتين، واذا هي بجانب خريطة القرى المدمرة الممتدة على أحد أحواط مكتبتي، أدارت رأسها، وزرعت عيونها فيها وأطالت، ثم عادت وحددت البصر نحوي، فاذا بها شحوب، هو ما أبقت أصداء النكبة في وجهها، بعد أن مرت عليها برموشها. وشاع صمت في الغرفة. لا يلحظ العقل فيه سوى نظرات في الواقع تسائل نظرات في النكبة. ثم شقّت شروق الصمت بتساؤلاتها، لماذا هم عرفوا كيف يصنعون لنا مأساتنا، ولماذا نحن لم نعرف كيف نحفظ أمننا في ديارنا. لماذا هم ، برغم التباين في عروقهم وثقافاتهم والتراكيب الاجتماعية التي انحدروا منها، عرفوا كيف يأتون من كل بقاع الدنيا، وعرفوا كيف يخرجوننا من بيوتنا، ويقيمون دولة كانت الفكرة وكانت الثروة، وكانت العلاقات مع العالم، يوثقون بها الى ما يريدون، وكانت الدولة. كانت القوة تقابل ضعفنا، وحلّت المأساة. لماذا هم يتبادلون السلطة، ودخان حواراتهم ملء أسماع الدنيا، ولا حوار بالنار على رأي ولا على موقف.. حوار وفقط حوار. فماذا تفعل النيران في شوارعنا، تتصيّد رأيا، موقفا، لحما.. لماذا أصبح في شوارعنا، الآخر يخاف السلاح بيد أخيه. كيف تكون دولة، والنار بيد رأي تأكل من لحم صاحب الرأي الآخر!! ، هل دماء موقف يجب أن تسيل من أجل أن يستبد ويطغى موقف آخر؟! ، فماذا يكون حال الانسان ، وكيف يكون حال الوعي والثقافة؟! ، يصبحا مقيدين وأسيرين بيد بندقية، ويصبح لدينا أسرى بيد احتلال وأسرى بيد وعي وثقافة، تطل من عيونهم النار علينا. فهل أصبحنا بما بنا من وعي وثقافة ، موظفين في انتاج ضعفنا ، ليسهل على غيرنا الغاءنا من خريطة الأرض سياسيا .. ما هذه السهولة ، في اطلاق النار على من كان على النار أن تحفظ عليهم أمنهم . ما هو هذا الوعي ، وما هي هذه الثقافة التي تقف وراء هذه السهولة . كيف يمكن تبرير هذه السهولة . وهل ثمة عقل به كرامة يقبل ثمة تبرير ، أم أن النار أصبحت ضرورة حاضر ، لكي لا يكون مستقبل . لماذا نام أجدادنا ملء جفونهم في مئات السنيين ، وأورثونا ضعفا ، ترك غيرنا يأكل من لحمنا ما يشاء ، ولما صحونا ، تاهت مشاربنا في كيف نصحوا ، وكيف نقف على الأقدام . وكلما قدرنا على رفع بناء ، قامت نيراننا تهدم هذا البناء . والى هنا راح يتلبد الحزن في وجه شروق، فقد شقها ألم شديد، وهي تقول: دمروا العراق بعد شموخ البناء.. سقط الأمن القومي تحت أقدام الأمريكان. وفي شوارعنا .. ناسنا تائهون، خائفون، حيارى بين ألسنة النيران، فهذا يأكل بالنار من لحم هذا، كيف يتأتى لقلب قتل طفل، كيف تحاصر مئات البنادق بيتا وتقتل الرجل وأطفاله.. تفعل ما يفعله الاحتلال.. هل هي رخيصة الى هذا الحد هذه الدماء؟؟ ، هل هذا هو وعي يقيم صرح بناء؟! . وندت من عينها دمعة، ونشج صدرها، ثم أجهشت بالبكاء وتاهت بي حيرتي وتململتُ في مكاني، وقد كان بودي ان أقوم من مكاني، وأن اضمّها الى صدري في عناق بين جيلين، اجتمعا على حب يجددان به حاضرا ، يرسمان به قبلة على ابتسامة شروق شمس الحرية. |
رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
مشكورر أستاذي على تحفيزنا كأعضاء جدد
وإن أنشاء الله يكون لي نصيب فيها أسسسفة على الرد متأخر تقبل ودي |
رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
بصراااااااااااحة أعضاء ومشرفي الملتقى جداً رااااااائعين ...
وهذا تحفييييز راااااااائع ... بارك الله فيك أخي Kingstars على جهودك الراااااااائعة ... |
رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
مرحباً:
نعم اتمنى ان اكون عضواً مميزاً, واشكر لكم هذه الثقه الرائعة. مع الشكر, يوسف ملحم |
رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
السلام عليكم
هذا شئ مشجع جدا و اشكر كل من ساهم في هذا الملتقى الجميل جدا |
رد: يا التسارع،، هل تريد تكون العضو المميز؟
أنا التسارع بنفسه
أن كان السؤال موجه لي طبعاً أريد ولكن أن كان السؤال عام وأنا من هذه العامة الفيزيائية فالجواب أكيد أريد أن أكون مميز :s_thumbup: جزاكم الله خيراً على هذه الأفكار النيرة وهذه الطرق بالتحفيز على العمل |
رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
السلام عليكم واشكركم كل لشكر على هذا التحفيز وان شاء الله الجميع يكون متميز بالمواضيع العلميه
|
رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
سؤال هل هنالك علاقه بين الضغط ودرجة الحرارة وهل يوجد قانون يربطوهما وهل العلاقه طرديه ام عكسيه ؟
جزاكم الله خيرا |
رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
بارك الله بيك وهاي فكره حلوة وانشالله تكون مشاركاتي مفيده
|
الساعة الآن 09:09 |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir