ملتقى الفيزيائيين العرب

ملتقى الفيزيائيين العرب (http://www.phys4arab.net/vb/index.php)
-   منتدى المناسبات. (http://www.phys4arab.net/vb/forumdisplay.php?f=6)
-   -   يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟ (http://www.phys4arab.net/vb/showthread.php?t=31931)

محمد يوسف جبارين 25-11-2009 03:34

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
لا أخطر من سلاح نووي بيد اسرائيل

بقلم : محمد يوسف جبارين (أبوسامح)..أم الفحم..فلسطين

كلمة سلاح نووي تعني قنابل نووية ، أو رؤوس نووية ، تحملها طائرات ، أو صواريخ ، الى المواقع التي يراد انزال كارثة بها ، ، وكلمة قنبلة نووية أو رأس نووي ، تعني جهازا معقد التركيب ، يحمل مادة نووية انشطارية ( يورانيوم ٢٣٥ أو بلوتونيوم ٢٣٩ ) ، وهو مزود بتقنية ( هي كلها مع القنبلة ) ، تتسبب في لحظة محددة بتفجير القنبلة ، ما يترتب عليه تحرير طاقة هائلة (نووية) .. من هذه المادة الانشطارية ، وتتسبب في ضوء ذلك بدمار كبير جدا ، وتترك آثارا في الطبيعة يمتد تأثيرها الى سنين طويلة ، فهي مؤثرة في خلخلة البيئة والانسان معا ، فصحته تظل معرضة للمخاطر بسبب من تنفس أو أكل ، وانتقال بالوراثة للجينات المشوهة من جيل الى آخر . وأما بالنسبة للقنبلة حين انفجارها ، فانها تتسبب في موجات رعدية شديدة جدا ، وحرارة عالية جدا ، وتأيين كبير جدا للهواء ، وكل هذه معا تتسبب بدمار هائل ، فان عمود كهرباء من حديد أو ألومنيوم على بعد كيلومتر واحد أو اثنين ، مثلا ، من موقع الانفجار يغدو فحما ، ولذلك كله ، فكلمة قنبلة نووية تشيع الرعب ، فاستعمالها في حرب يعني بوضوح دمارا شاملا ، ويتبعه الى سنين طويل تشويه في خليقة الانسان ، وليس ثمة من دواء يوقف هذا التشويه ، فعلى ذلك ثمة مصداقية لاستبعاد القنابل النووية عن النزاعات ، وثمة مصداقية أيضا لامتلاك سلاح نووي ، فلأنه بهذه القدرة على انتاج الدمار ، فيمكنه أن يكون سلاح ردع ، يرتدع به من يسعى بعدوان على من يمتلك هذا السلاح ، فهو يخشى من أن يتم استعمال السلاح النووي ضده .
وفيما يتصل بايران ، فهي دولة تسعى بنشاطات نووية لأغراض سلمية ، والى انتاج وقود نووي ، هي بحاجة اليه من أجل مشروعاتها النووية ، ولم تنتج قنابل نووية ، وتصر على أنها لا تتجه الى ذلك ، لكن الواضح بأنها لا ينقصها القدرة على انتاج القنبلة ، سوى أن تنتج الوقود النووي بتثرية تقارب ال%95 ، وهي التثرية المطلوبة لانتاج القنبلة النووية ، فمثلا خمسة كيلوغرامات من مادة يورانيوم ٢٣٥ ، بتثرية كهذه ( الكلمة الشائعة هي تخصيب واني لا استسيغها على صحتها ، واني أرى كلمة تثرية هي الأصح ) ، كافية لانتاج قنبلة نووية .( أو بلوتونيوم ٢٣٩ بنفس نسبة التثرية ) ، وهب أن ايران تحولت الى دولة نووية ، أي أصبحت تمتلك اسلحة نووية ، فهي ايران النووية ، فسوف تنتفع بذلك بأن تبني هيبة دولة نووية ، وتلقي بظلالها على مساحات واسعة من المنطقة التي تريد أن تؤثر عليها ، لكن هناك باكستان ، فهي دولة نووية ومن سنيين ، فأين هيبة باكستان ، أين الهيبة ؟ ، فهي في حال لا يسر قادتها ولا يسر أصدقاء لها ، فالهيبة ليست مستمدة من القنبلة النووية ، ولا من القدرة على انتاجها ، وانما من تكامل عدة أمور معا ، الاقتصاد ، والسياسة ، والتماسك الاجتماعي ، والدور السياسي البارع في العلاقات الدولية ، فالى كل هذا تنضاف القدرة العسكرية بما فيها القنبلة النووية ، وتصنع الهيبة ، وأحسب بأن ايران تحتاج الى تعديل في بنيوية نظامها السياسي ، في جعله ولاية فقيه ، في سياقات نظام الحرية ، فليس أن تلغي نظام فقيه ، وانما أن يكون نظام الحرية هو الوعاء الذي يتحقق فيه نظام الفقيه ، فثمة ضرورة لتعديل في الفهم لبعض النصوص التي قال بها امام ايران الأوحد روح الله موسوي الخميني ، فبذلك تزداد تماسكا ، ومع ذلك ، هب أن ايران امتلكت سلاحا نوويا ، فهل تستعمل ايران النووية سلاحها النووي ، وضد من ، فيكفي انذار واحد من روسيا أو من بريطانيا أو أميركا الى ايران ، بأنه اذا استعملت قنابلها النووية ضد اسرائيل ، فسوف يتم مسحها من الوجود بقنابل نووية أميركية ، فأميركا بما هي عليه من قدرات ، تمتلك من السلاح النووي ما به تستطيع أن تدمر العالم أكثر من مرة واحدة ، يكفي انذار كهذا ويكون جادا جدا ، لينام سلاح ايران النووي في مكانه ، فاذن من وجهة نظر عملية لا تستطع ايران استعمال هذا السلاح ضد اسرائيل ، طالما أن هناك علاقات القوة كهذه القائمة الآن في العالم ، فأميركا حامي حمى اسرائيل ، فأما أن تستعمل ايران سلاحها النووي ضد بلد عربي أو مسلم فهذا خارج الوعي وخارج العقل وخارج كل فهم ، فما حاجة ايران الى سلاح نووي اذن ؟، ومن هنا فان كل ما تقوله اسرائيل ، وما تقوم به من تحريض على خطورة امتلاك ايران لسلاح نووي ، انما هو كلام فارغ من كل معنى ، اذ لن يكون هناك من يجرؤ على التفكير باستعماله ضد اسرائيل ، الا أن يكون قد اتفق له استدعاء كارثة ، لتنزل بايران مع اتخاذه قرارا كهذا ، وذلك لأن رد الفعل الأميركي سوف يكون كارثيا على ايران ، ومن هنا فمقولات اسرائيل في هذا الجانب ، تندرج في سياقات رغبتها الدائمة بأن تلحق الضرر ، بكل قدرة اسلامية أو عربية ، ومن هنا يطل السؤال ، فلماذا يفزع بعض العرب ويقلقون من امتلاك ايران لأسلحة نووية ، فلتمتلك ، فان لم ينتفعوا بذلك فلن يلحق بهم من هذا ضرر ، سوى في داخل الصراع على الهيمنة التي تصر عليه ايران ، وهو الصراع الذي يشكل بذاته لب الخطأ الذي يلحق الضرر بها في الساحة العربية ، فلتكن الصديق والأخ ، لا المشتق من عقلية غائرة في القدم ، والساعي الى أن تكون له الهيمنة بوهم ماض ينخر في الوعي ، ويدفع الى فكرة امبراطورية اسلامية فارسية . فدرس التاريخ الأفيد هو التعاون لا التناحر ، والعمل المشترك ، في اعلاء ينيان الأمة العربية والاسلامية ، بدلا عن التحادد والتنافر المنتج بالضرورة ضعفا في القدرة الجماعية ، بصرف لامكانيات كبيرة ، الأجدى لها أن تكون موظفة في البناء والتعمير ، وانتاج العلم وتوظيفه في بناء حضارة اسلامية جديدة .
وعلى أية حال فان قدرة نووية ايرانية يمكنها ، أن تفيد ايران في كل اتجاه في الجوانب السلمية ، في الطب والزراعة والصناعة والأبحاث .
وفي الجانب التكتيكي العسكري ، فان سعيها في مستقبل الأيام ، الى انتاج قنابل نيوترون مثلا ، لربما يكون ذا فائدة استراتيجية في مواجهات مع جيوش في ساحات قتال ، ولربما هذا هو ما يرعب اسرائيل ، فسلاح كهذا يمكن استعماله ضد حشود من جيوش ، بابادتها دون أن يلحق ضرر بممتلكات .
وبالنسبة لاسرائيل فان امتلاكها سلاحا نوويا ، لا يعني أن تستعمله ، في كل نزاع ، فهو ضد الفدائيين لا فائدة منه ، وضد الفلسطينيين على أرض فلسطين لا قيمة له ، ولكنه ضد الدول العربية والاسلامية يمكنه أن يكون كارثيا ، فهو خطر على كل قياس ، فصاروخ يحط برأس نووي على القاهرة وآخر على مكة أو الرياض ، أو على قم أو طهران و...، وذلك ساعة اسرائيل تختار بين أن تكون أو لا تكون ، فهنا اسرئيل بسلاح نووي تشكل خطرا وجوديا على العرب والمسلمين ، وعلى ايران، فامتلاك ايران لسلاح نووي يمكنه ساعة الحسم فقط مع اسرائيل، بين أن توجد أو لا توجد فتنتهي ، بأن يستبق الى شل وجودها ، وبتضحية بحياة أبناء فلسطين بأرضهم ، فضرب اسرائيل بسلاح نووي يعني ضرب الفلسطينين ، بحكم الجغرافيا ، وهذا تصور أقرب الى الحافة بين الممكن واللاممكن .
ولكن هل تمتلك اسرائيل سلاحا نوويا ، فالجواب ، ليس ثمة دليل قطعي واحد على ذلك ، فمن لديه فليقل لي ، فأنا لا أرى ولا أجد ، وما أقصده هو الدليل الذي لا لبس فيه ، فلا يسردن أحد لي القصة البائسة لفعنونو ، ولا يأتين لي بتصريحات في صحافة ، ولا بأن هناك من قال وأكد على ذلك ، فالدليل القطعي ، ما قامت به مثلا الهند أو باكستان لتدلل على وجود سلاح نووي بيدها ، وفي كل الأحوال فان اسرائيل في الحضن الأميركي ، ونتذكر هنا الانذار لصدام حسين وقت حرب الخليج الأولى ، فلقد أنذرت أميركا العراق ، بأن استعماله لسلاح غير تقليدي ضد اسرائيل ، يعني استعمال أميركا لأسلحة نووية في ضرب بغداد ، وكذلك الشأن كان من جانب هيلاري كلينتون في خلال منافستها على رئاسة أميركا ، فقد أنذرت ايران بأن أميركا سوف تمحوها عن الوجود ، اذا هي وجهت ضربات الى اسرئيل ، فعلى ذلك فان امتلاك اسرائيل لسلاح نووي من عدمه ، لا يعني غيبة سلاح نووي يتحرك ساعة الضرورة لحماية اسرائيل .
فاسرائيل من أواخر الستينيات من القرن الماضي تمضي في سياسة ضبابية ( وهو درس في الاستراتيجية النووية استقته من الادارة الاميركية آنذاك ) ، فلا تدع لأحد امكانية أن ينفي وجود هذا السلاح لديها ، ويملك في نفس الوقت ما يبرهن به على صدق نفيه ، ولا بأن يجزم بالدليل بوجوده ومعه ما يدلل به على صدق جزمه ، وهذا هو حال السياسة النووية في اسرائيل الى الآن ، وهي سياسة برهنت على فاعليتها في انتاج هيبة نووية لاسرائيل ، بل وتعدت بهذه الهيبة ، الى منتوج انضاف لها ، وتجلى في التأثير على السياسات العربية التي أملاها الصراع الذي فرضته – بوجودها - اسرائيل ، فهل هذه الضبابية كانت لانتاج المضاف هذا مع الاستبقاء لامكانية ، لربما تستحيل ضرورة أمن ، وهي النزوع الى اتفاق يجعل منطقة الشرق الأوسط برمتها خالية من السلاح النووي ، وذلك حين يصبح هذا الاتفاق ، هو عين ضرورة ، لايقاف طموحات دول في المنطقة الى امتلاك سلاح نووي ، فعلى ذلك ها هو الواقع الذي كان محتملا قد أصبح الآن حقيقة واقعة ، فهذه ايران بينها وبين السلاح النووي ، أن لا تعترضها قوى عظمى على ذلك ، ومثلها مصر التي لم يتوقف العائق الدولي يوما ، عن اعتراض دربها ، فهل حكمة مصر التي جعلتها تلح دوما ، على جعل هذه المنطقة خالية من السلاح النووي ، هو ما يعني بأن هذا هو ما سوف تمليه ضرورات الأمن لدول المنطقة ؟ ، وهل خلو العرب والمسلمين في هذه المنطقة من سلاح ردع ترتدع به أوروبا وأميركا معا ، هو في صالح ميزان الردع الذي هو في حقيقته مختلا ، وليس في صالح العرب والمسلمين ، أليس في هذا الخلو بذاته استبقاء لخلل لا يمكنه بحال أن يضيف في أمن شعوب الأمة العربية والاسلامية ، أم تراه الخلو أو الاخلاء املاء واقع وظروف وحاجة تكيف ، للتزود بما يعين على استبدال هذه الظروف ، واعادة تشكيل الواقع على ما يسمح بالانتقال من خلل في توازن في الأمن ، الى دنو من توازن ، فالى ما يحقق توازنا استراتيجيا في مستقبل الأيام ، فليس بالسلاح وحدة يتحقق الأمن ، فثمة وضع اقتصادي واجتماعي وعلمي ، ولا مفر من اعادة تشكيله ، على ما يمكن به تحصيل محصلة لجملة من امكانيات ، تمكن من تحقيق تمكين للأمن ، على ركائز ذات قابلية للنمو ، والتدافع بها ، في عملية تقدم ، يتوفر بها الممكن الضرورة ، لتمكين لامكان يمكن موضوعيا أن يكون ممكنا ، فالخلو أو الاخلاء ، ليس بذاته اختيار وانما هو موقف منبثق من املاء موضوعية أوضاع لا فكاك من املاءاتها .
.................................................. .................................................. .....................................
24/11/2009 الثلاثاء astrosameh@Gmail.com

محمد يوسف جبارين 25-11-2009 22:31

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
بين سلام والسلام

بقلم: محمد يوسف جبارين(أبوسامح)..أم الفحم ..فلسطين


وهل هناك أرفع من السلام معنى يحيط بالحياة ويتخللها ، ويسودها ؟!
فانتزاع السلام من الحياة ، يتركها تضطرب وتصطرع ، فقلق وضيق معاش ..فقدان سيطرة واضطراب ديمومة . فلا أمن ولا أمان . صراع يدور ويشتعل . نار تأكل ولا يكف لهيبها عن التهام الأخضر واليابس .
فطالما أن هناك حياة في الأرض ، فلا أروع ولا أنبل ، ولا أعظم من السلام كلمة ومعنى وحياة ، ومعنى يتمناه الانسان لنفسه وللناس والمحيط الذي يحيط به ، فمناخ يسوده السلام فيه من الظروف والامكانيات ، ما يجعل الانسان قادرا على أن يحيا حياة حرة كريمة عزيزة .
لذلك كانت " السلام عليكم " تحية الاسلام ، فاذا ثمة حياة ، فأمن الحياة ، وأمان من يحياها .
وكلاهما الأمن والأمان ، لا يقومان وحدهما ، بل يشترطان وضعا اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وعلميا ، يؤهل الظروف ، وينميها ، لتكون على حال يسفر عن الأمن والأمان لكل الناس . فلقد تضطرب الأوضاع في البلاد ، بسبب من وضع اقتصادي أو اجتماعي ، وهذا الخلل لربما يتسبب في تغييب الأمان والأمن .
ولعل الايماءات وأطراف الكلام ، فيها من قوة الافصاح ما يضع الفكر على كشف دلالات ونوايا ، وأوجه مقاصد وقناعات ، ما يكفي للتعرف على موقف مستور ، أو فكر يحاول أن يستر نفسه بضبابية يتلمع بها .
وثمة انتباه الى الفارق بين " السلام عليكم " وبين " سلام..." لنلاحظ فارقا اساسيا ، في مقصود الكلمات من معان ودلالات ، والذي يوفر انتاج هذا الفارق هو( أل التعريف ) ، وما تنضح به النفس ، وله صلة بالمخصوص بالكلمات حين النطق بها ، فهذه تدخل على كلمة " سلام " فتصبح "السلام " ، فلا تتركه على عواهنه .. أي سلام . بل تصله بمقصوده من المعاني والدلالات ، فتغدو " السلام عليكم " حين قولها تخص المعاني التي تتكامل لها في مبناها ، وتخص قائلها ، بما يقصده ويتمناه من المعاني ، وما تعنيه في مجرى حياته . فكذلك يعلن عن نواياه ومقاصده ، وتخص من يتلقى الكلمات ، فوقعها له صلة بأحوال النفس والعقل حين التلقي ، لكنها على أقل تقدير تنبه العقل بأن هنا آخر .. هذا هو مقصوده وهذا ما يتمناه . وبين هذه وبين " سلام " ، وقد تجردت من أل التعريف ، نجد أن التجريد في حد ذاته ، لا يوجب بالضرورة الحصر والتحديد ، لكل المعاني التي يتوجب أن تعنيها كلمة السلام . وهو ما يدع للقائل وما يعنيه بما يقول ، والذي خصه بما قال ، مساحة نوايا ومقاصد مخبوءة ، فجائز أن يكون محمول الكلمة لدى المتلقي ، غير محموله لدى قائله ، فالمستمع المتلقي أغرق الكلمة بالمعاني التي ظنها محمولا ، وما منها معنى ابتغاه وقصده القائل ، فالكلمة ذات قابلية لأكثر من محمول .
والقول بأن سلام هو السلام يحتاج الى اعادة نظر ، بالتنازل عن اعتباط المعاني وتسريحها في غير مذاهبها ، وذلك لحاجة العاقل دوما ، الى تكوين حكم ، يستقيم له ، فما حال مقصود المعاني وعلى أي وجه رمت . فسلام بمعنى أي سلام ، ليس بالضرورة ، بأن يكون هو السلام ، فسلام لا يكون على كل قصد وعلى أي قياس بمعنى السلام .
فسلام بمعنى الاستسلام هو غير السلام ، وذلك لأن السلام ، لا يكن بمعنى الاستسلام .
فمن يريد للطرف الآخر أن يساوم ويسرف في مساومته ، والى حد الخضوع والاستسلام ، فانه لا يستطيع أن يزعم لنفسه ، بأنه امتلك المقدرة على اقامة السلام .
فالذي قام به هو استعماله للقوة في انجاز الاستسلام ، لا السلام ، فالطرف القوي الذي يفعل ذلك ، ضد الطرف الضعيف الذي ينازعه ، فانه لا يحصل على السلام ، حتى وان ذهبت به ظنون القوة والوهم التي تبسطه ، الى قناعته بأنه قد استطاع ، وذلك لأن ما استحصله بقوته هو أمر وواقع قد صنعه بالقوة .
وما سوف يترتب على ذلك ، هو أن كل ادامة أو استطالة في عمر الأمر الواقع ، انما تشكل ضغطا على أعصاب الطرف الضعيف ، لاستنفار قدراته ، وتجميعها في فعل يترتب عليه تغيير الأمر الواقع .
فالسلام على شعب فلسطين ، يعني أن تعود الأمور سيرتها الأولى ، بأن تعاد صياغة الظروف من جديد ، بحيث يترتب عليها ظروف فيها كل فلسطيني ، وقد استرد حقوقه وهدأ باله واستراح الى حقه الذي عاد اليه .

فاذا كان " بن عامي " وزير خارجية اسرائيل السابق ، ومعه حكومة اسرائيل قالا بسلام لأبناء فلسطين ، فانهما لكي يفعلا ذلك ، قد طالبا واشترطا من بين ما طالبا به الفلسطينيين والمسلمين عموما ، الموافقة على سيادة لدولة اسرائيل تحت عمارة المسجد الأقصى ، أي أنهما طالبا المسلمين بالتنازل عن جوهرة دينهم ، ويعني بأنهم مطالبون باعادة النظر في دينهم . وهو مطلب اسرائيلي لم يزل يتردد وتقول به الألسن ، ويقال كاشتراط من جملة اشتراطات ، منها أن تكون القدس خارج الأفق الفلسطيني ، أي أن تكون يهودية وعاصمة لدولة اليهود وفقط ، وبأن يقول العرب بوضوح ، باعترافهم بأن اسرئيل دولة يهودية ، وبأن يقبل العرب بأن اللاجئين لن يعودوا الى ديارهم ، وبأن يتاح لاسرائيل أن تتوسع في الضفة الغربية بمقدار حاجتها ، وبأن تغدو ما تأخذه من الأرض جزءا لا يتجزءا من دولة اليهود ، وبأن يكون الكيان الفلسطيني الذي سوف يحمل عنوان دولة منزوعة السلاح ، بمعنى أن يكون أمن أبناء فلسطين رهينة بيد الأمن الاسرائيلي . وهي جملة اسرائيلية قالت بها حكومة اسرائيل ، في ظروف كانت هي بعينها المتاح لهارب من السلام بسردية باشتراطات ، يدير الحوار حولها ، بينا هو لا يكف عن سعيه ، في التوسع في الأرض وفي تعزيز أمنه ، فبذلك يوفر ظروف النفي لامكانية قيام كيان فلسطيني مستقل ، وتصبح كلمة سلام ، بذات المعنى المطروح بين من يملك سيطرة على الأرض ، وبين من لا يملك ما يماثل سيطرة كهذه .
وما الاقتراب من اقتران لقيامة سلام ، بسيطرة يهودية على تحت مصطبة الأقصى ، الا عين طعن في الدين الاسلامي ، بطلب من المسلمين أن يتولوا هم أنفسهم القيام بهذا الطعن ، ذلك بأن الموافقة تعنى رضى الذات بطعن في هويتها ، فهو غزو ايمان وخلخلته ، وهو يعني أن يطفو الايمان الراسخ في الصدور من جديد ، ليغدو في متناول العقل ، وذلك لكي يتعقله العقل من جديد ، في اطار مسألة مطروحة أمامه ، ويحاول أن يتعقلها ، ليعيد للايمان مضمونا وصورة جديدة تتفق مع مقولاته المستجدة ، ويعني ذلك ، اعادة تأسيس للايمان على ما لا يتفق معه ، في وقت كان فيه العقل يتعقل الأمور باملاءات الايمان .
أي أن شرط سلام ، الذي لا أحد يفهمه بغير معنى الاستسلام ، هو أن نعيد هيكلة الاسلام وصياغته ، ليصبح اسلاما من نوع آخر ، لم نعرفه من قبل ، وذلك من أجل الوصول الى عهد واتفاق ، ترتاح له حكومة اسرائيل باقامة ما لا أحد يعرف له شكلا ، ولا أين كان ، ولا ما علاقة ما كان بالذي يراد له أن يقوم .
ذلك الشرط يغدو بالموافقة عليه ، وله صفة الاعلان التاريخي ، الذي يقرر أمام الدنيا بأن المسلمين يقرون ولأول مرة ، في تاريخ العالم بأن المسجد الأقصى ، قد أقيم فوق مكان ما يدعونه باسم الهيكل ، وعلى ذلك الاعلان ، وما ينطوى عليه ، وما يستمد منه ، فان بناء المسجد الأقصى يغدو عدوانا على دين آخر ، وبذلك فالأقصى هو الاضافة التي يحق تاريخيا ، لغير المسلمين أن يزيلوها من مكانها ليكون الهيكل ويعلو بناؤه .
فبذلك الاعلان تحصل حكومة اسرائيل ، على مشروعية لاقامة معبد تحت بناية الأقصى ، ومشروعية للشروع في التخطيط لازالة بناية الاقصى ، في وقت قادم ، ويسمح به ميزان القوى بين أطراف الصراع .
ومن تلك المشروعية التي تسعى اليها حكومة اسرائيل ، من خلال مطالبتها بالتوصل الى اتفاق كهذا ، تريد أيضا أن تستمد شرعية دينية وتاريخية وأخلاقية ، وهو ما يعطي الحق الديني والتاريخي في السيادة في ادارة شؤون الحكم في هذه الجغرافية ، فحتى الآن لا تزال هذه الشرعية مستمدة من القوة التي لا شرعية لها .
فتلك المطالبة بسيادة تحت بناية المسجد الأقصى ، ليست مقصودة لذاتها فقط ، وانما أيضا لاكتساب الشرعية بالموافقة من جانب المسلمين الذين لا يقرون شرعية كهذه .
وأما ذلك المكان الذي يوجد تحت الأقصى ، ويريدون أن يقيموا فيه معبدا ، ثم يسمونه هيكلا ، فانه المكان الذي تتم الاشارة اليه بتأسيس التعريف للأقصى في حدود البناء القائم والموجود حاليا ، فكل ما عداه أو خارجه فلا ينتمي اليه ، فكذلك يتم حصر قدسية الأقصى في البناء بذاته ، وهو ما يبيح بالجدل عزله عما عداه من مادة حوله وتحته وفوقه ، فيباح عندها الطلب في البناء خارجه .. خارج قدسيته ، تحت البناء ، لكن هذا ال" تحت" الذي يريدونه ، لا وجود له في لغة القداسة والمعراج ، فالأقصى وما حوله ليس تحته ، سوى ما بعد مركز الكرة الأرضية ، في الناحية الأخرى من الأرض ، وليس هناك فوقه ، سوى ما بعد آخر ذرة ، في أعلى نقطة في طبقة الهواء التي فوق الأقصى وما حوله ، فتلك حدود ال"تحت" وال"فوق" ، وخارج هذه الحدود ، ليفعل الآخرون ما شاءت لهم رغباتهم من بناء ليتعبدوا على طريقتهم ، وذلك ان كان هناك من يجيز لهم ذلك ، وكان لديهم استطاعة وقدروا .
ان المسجد الأقصى بيت الله ، أقيم باذن الله ، بارادة الله ، واختصه الله بالمعراج ، وهو اختصاص لم يختص به نبيا من قبل .
فالرسالة من المرسل الى الرسول في الأرض . في المعراج الرسول يعرج به الى السماء .. الى المرسل .
ولقد كان ذلك بارادة الله ، وما كان للانسان اختيار في ذلك ، وقد بارك الله المسجد الأقصى وما حوله . وقوله تعالى ذكره : (... باركنا حوله ...) ، بنص القرآن دالة على نطاق مساحات تحيط بالمسجد الأقصى ، والبركة رحمة بعباد يعبدون الله كما شاء هو لهم أن تكون العبادة ، لا كما صاغوها هم وارتاحوا لها ويريدونها ، فلا تكون تلك العبادة ، فلا بركة ، ولا رحمة على تطاول واجتراح سيئات .
وأما من كان اختياره أن يعاند ويكابر ويعترض بارادته على مشيئة الله في خلقه ، فذلك الذي فسق ، وضل سعيه وغوى ، وذاك الذي لا موطىء قدم له ، حيث البركة .
ولو اقتربنا من عدل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وفصلنا الشواهد على عدله تفصيلا ، وتوقفنا عند دخوله القدس وتتبعنا مواطىء أقدامه ، وما ذهب اليه من عدل ، نشره في المدينة وفي بقاع الأرض ، لتوصلنا الى أن هذا العدل انما يكفي دليلا على صلاته وركوعه وسجوده ، حيث المعراج ، انما هذا هو مكان المعراج ، وهذا هو المسجد الأقصى ، وهذا هو الذي يخص المسلمين ودين الاسلام ، وهذا هو المكان الذي كان منذ آدم ، وقف على رسالة التوحيد ، وها هو بارادة الله خاصة المسلمين ، فالعبادة فيه للمسلمين من دون سائر الأمم .
فالسلام لنا وعلينا ليس سلاما متاحا بارادة غزاة ، لا يتفق لهم الا ما ينسجم مع أطماعهم ، حتى ولو كان ذلك أن يتأتى لهم اقتلاع الايمان بالاسلام من قلوب المسلمين ، باقتراب من جوهرة ايمان وهي المسجد الأقصى ، ليكون العدوان عليه بعينه بوابه تفكيك لايمان ، فصلة بدين ، فصلة بأرض ، فصلة بوجود عليها .

.................................................. .................................................. .......................
25/11/2009 الأربعاء

محمد يوسف جبارين 26-11-2009 05:43

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
أواه ..أواه ..أواه

بقلم : محمد يوسف جبارين (أبوسامح)..أم الفحم.فلسطين


ماذا أنت يا وطني بلا مطر من وفاء
ماذا أنت بلا شروق ابتسامة الضياء
ماذا أنت بلا شروق عز ونبل وهناء
اشرقي يا شمس الحياة شروق الفداء
وهات الحرية شروق عافية شيماء
وخذيني الى شروق حرية وارتواء
يا وطني يا حبا يتمزق أشلاء أشلاء

كيف يا قلب تغطت أرضك بالدماء
كيف نال الضعف من زنود البناء
كيف استراح على أرضك الغرباء
أواه من جهل لف الزمان بظلماء
أعمى البصائر فغام العقل والذكاء
بقينا على كل جهل ونياق في بيداء
نتلهى بقال وقيل ولعب يلفنا بشقاء
ننظر الى الطير ولا نركب الهواء
ويئن الطفل دامعا ولا نجد الدواء
فلا غير البكاء والمجهول والفناء

مشتاق أنا الى روابيك بلا الغرباء
وأمشي وأمشي واريح ولي رداء
فكل بواديك مطاردة تشقها أرزاء
حياتي في روابيك ليل دامس وجفاء
كيف يحيا الحياة من غام له الصفاء
لا الناي في الروابي يوحي بالبهاء
ولا شدو العصفور يخلو من البكاء
الأطيار تائهة مربوكة في الأجواء
محفوفة دياري بسوار من الظلماء
مقيدة ارادتها بعجز يأتيها بالأنواء
كل ارادة الحرية مطاردة بهوجاء
وشروق نهار الحياة مكلل بغبراء

كيف أصبح الفساد والنفاق غناء
كيف يا وطني يا تراب الشهداء
كيف بغير الحرية لياليك تضاء
قيودك يا وطني تقيد بالقيد الوفاء
تشل كل عزم بجهل وقلة حياء
تمزق في درب الحياة بكل غباء

..............................

قل ايها الغريب ما شاء لك أن تقول
قل بأني الوهم كلاما في كلام يقول
قل بأني لم أكن ولن أكون غير أفول
قل بأني الآفل من فعل يقيم ما أقول
قل بأني جهالة جهل مبني لمجهول
قل بأني سراب لا ماء فيه ولا عطور
لا رائحة مسك ولا شوك فيه ولا نور
وهم على وجه صحراء هائم يدور
حروف من يبس على جفاف منشور
ماء ولا ماء تيه صحراء وبؤس بور
ساقي الوهم ما تشاء فانا هنا النمور
...........................................

كيف سبيلي الى ذات كانت كالبدور
أضاعني زماني وما لي الا أن أثور
ضاعت بلادي وغاب منها السرور
أنين الناي بكاء يبكي بكاء الشحرور
والهواء يلطم حظه بحوله المبتور
والأرض انتحبت فلا غناء بها يدور
فكل دامع ولا يأس في وجوه النمور
في مخالبها ترى عيشها ومثلها النسور
طاعون جاب الأرض والزمان يجور
ظلمات أشرعت قبحها بكل السفور
فكل حرية مطاردة وكل فتح مغدور
أواه من زمن بكل عصف بنا يمور
............................................

مليء أنا بحب يجمعني كلما لاح بين عيني ظلام
يمدني بعزيمة وهمة أسند بها حقوقا تسام وتضام
ضاع في بلادي العقل وما عرف العز كيف يقام
أنهار من الدماء سالت على جنبات أمل يقهره لئام
ودموع ملأت بحارا ودرب الحريه تائه يكلله قتام
تيه على الدرب يشبع الوعي حيرة زادها سخام
سعت في الأرض أشباه خلق جاب وعيها زكام
لا قيمة لفهم يقيم عزا ولا بناء علم ووحدة تقام
ملهاة ركض وراء سراب كأنما العز بالجهل يقام
لولاك يا قلب ما عرفت كيف درب الحرية يرام
ولا سعت بي قدم لخير ولا لبيت نداء تراب يضام
ولا التزمت هويتي وسط نيران اكتوى بها الغمام

منتالا 26-11-2009 06:14

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
بارك المولى فيكم وعساكم على القوة

attata11 26-11-2009 11:09

رد: يا attata11،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منتالا (المشاركة 375532)
بارك المولى فيكم وعساكم على القوة

thanks:a_plain111:

attata11 26-11-2009 11:34

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
مشكور وجزاك الله خير

احمد اليافعي 26-11-2009 13:38

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
كل سنة وانتم طيبين بمناسبة عيد الاضحى والكل متميز بانضمامه لهذا المنتدى

attata11 27-11-2009 09:31

رد: يا attata11،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

محمد يوسف جبارين 27-11-2009 12:24

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
كل عام وأنتم بخير

يا كل الورد اني في بلادي معذب ، فهذا يهذي وهذا يسرق الشمس من سمائي
وهذا للهواء بالع وهذا في الماء زارع كل سم واغتمامي ، وهذا اضاع العقل
وهذا بلا قدمين يمشي على بطنه راجيا ، أن يعاد للأرض بعض صفاء ،
وهذا يقول كل عام وأنتم بخير فهل ثمة خير بعد طول رجاء ، وهل يعرف القمر سيره
الى نور يعانق الروابي ، وهل يعاد للشاعر غناء بعد طول بكاء ، وهل أسمع الأطيار تغني قصيدة حب أفرشها
في كتابي ، فكل ألاوراق بكل ظلام معبأ ، ويلام مثلي على وصف كل قبح يمزق رضائي ، أنا بشر وبي نزعة
الى طرد الغزاة من بلادي ، فلا يمكنه الوفاء الا أن يكون ساريا ، فلا بغير الحرية يسعد أمثالي ، فلا يلومني ذو بصيرة
على دموع تسيل مني في كل واد ، فكل عام وأنتم بخير تزيد حرقتي شوقا الى خير لا أراه أمامي

محمد يوسف جبارين (أبوسامح)..أم الفحم..فلسطين
27/11/2009عيد الأضحى

attata11 28-11-2009 14:19

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
[mklb2] بسم الله الرحمن الرحيم شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . يالكنج[/mklb2][you]

محمد يوسف جبارين 29-11-2009 18:38

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
القدرة شرط الحرية

بقلم: محمد يوسف جبارين( أبوسامح).. أم الفحم..فلسطين

السير نحو الحرية عملية تاريخية ، تستوي فيها كلمة الحرية على كلمة الدولة ، بكل ما تعنيه ، من جغرافية وشعب ونظام للسلم الاجتماعي والعيش الكريم ، بما يتصل به من فكر وآليات ، تقيم التقدم وتلاحق التطور ، بعزم على تحقيق السبق على من سبقوا الى المستقبل .
وما بين ظروف يعانيها شعب شب من رقاده باحثا عن حريته ، وبين ظروف يسعى اليها كي تكون ، ليستوي بها على غاياته ، تمتد معاناته بطول المسافة التي تستغرقه ، في ابداع امكانياته وقدراته التي يحتاجها ، في مغالبة الصعوبات التي تعترضه ، وتحول بينه وبين اقتداره على فرض ذاته على الواقع ، وتتويج سعيه بدولة ، هي النظام الذي به يغدو سيد ذاته في أرضه .
وكما أن غلب الصعوبة يحتاج الى القدرة الكفيلة بذلك ، فأيضا الرسو على الغايات ، يقتضي القدرة ، أن تكون فاعلة في تحقيق حتمية البلوغ للأهداف المرحلية التي تتتالى وتتصل ، الى أن يتم الدنو ، فالاستواء على الغايات بتحقيقها .
وذلك يستدعي ثقافة تبني وعيا يقيم سيرا كهذا ، فالقدرة ليست شيئا سهل المنال ، فأول شرط لتوافرها ، هو اجتماع القدرات الفردية والجماعية كافة ، على الفعل المترتب على الموقف الذي يتم اتخاذه ، عن وعي بحقائق الواقع ، وعن فهم محيط بادارة الصراع ، فكل فعل يستجاب به لموقف ، لا بد وأن يؤدي الى اجراء تبديل في ظروف قائمة .
كذلك ضمان الاقتدار الدائم على الصعوبة ، يعني الاستطاعة الدائمة ، ما يعني التزام الاضافة المستمرة في القدرة ، ما يوفر ديمومية الاستواء على الأهداف ، وهذا ممكن الحدوث ، حين تقترن القدرة بمنهج تنساق به الجموع نحو هدف واضح ، يهدي اليه فكر هو بالأصل نتاج الجدل الدائم بين العقل والظروف السائدة من حوله ، وفي حال كهذا فان فاعلية الارادة الشعبية تعرف اتجاهها ومستقرها ، فبها نية حددتها المعرفة بأحوالها ، بما بها من مقدرة على التأثر والتأثير ، وبها الاستعداد للاستجابة بالفعل ، لكافة المتغيرات التي ينضح بها الواقع ، وهو ما يؤثث دوما لاستكناه حقائق الواقع ، ومن ثم بناء موقف وتحريك فعل في أداء واجب .
وهذه العلاقة بين القدرة وتوظيفها ، وبين الوعي بها وبين الواقع ، بذاته الجدل الذي به يتجدد الوعي ، بتجديد التبديل في الواقع ، كنتاج من تدخل الارادة في عملية تغيير لا تنقطع .
ما يدل على أن السياسات التي تقيم موقفا وتسير الارادة ، لا تكون مطلقة ، فلا وجود للمطلق في نطاق تغير دائم .
كذلك الدبلوماسية التي تتقدم السياسات وتؤثث لها ، انما تقوم على منطق التأهيل لمجرى سياسة يراد اتباعها .
فالى ذلك الحرية تقتضي استخلاص الحياة من قيودها ، وترميمها ووضعها في نظام تتفاعل به مع ذاتها ، فتزيد في مقدرتها على النمو ، بايقاظ ما بها من قدرات ذاتية كامنة ، لتمضي في تغيير جذري في ظروفها ، وتنتقل من حال الى حال أحسن منه حالا ، وهو اللازم لها ، لزوم شروق الشمس ، لكي يهرب الليل ويأتي النهار .
فاذا أصبحت الجماهير الشعبية على هذا الحال وطنا للحرية ، فكل فرد منها بثقافة ووعي تفصح عنها أفعاله وأقواله ، ولها وجه دلالة على أن الحرية تستوطنه . يعيش معانيها نفسيا وفكريا ، وفي علاقاته بالأشياء من حوله ، وفي رؤيته لحركة الحوادث ، ومشاركته في التأثير عليها . واذا هي الحرية تحدد ممشاه وأهدافه وأولوياته ، فالتحرر من ربقة الاستعمار أولا ، فان هذه الجماهير بمجمل أفرادها ، يصح القول فيها ، بأنها وطن الحرية ، وبما بها من طاقات تتساند في قدرة تفعل بها من أجل حرية الوطن .
فهي الجماهير الواعية للمرحلة التي تمر بها ، فوحدة الأهداف ترسم سيرها ، فلا تقيم عقبات تحد لها من بذلها ، ولا تدع قيامة لاختزالات تضيع بها طاقاتها التي تصبها في أفعالها ، ولا تتلهى بما لا ينسجم مع القول والفعل الذي تحقق به حريتها ، فشاغلها خلاصها من الاستعمار ، فهو سالب سيادتها ، وعليها بنفسها أن تستعيد هذه السيادة ، وأن تمتلك زمام السيطرة على مصيرها ، فتقرير هذا المصير هو شأنها ، لأنه يخصها بذاتها ، وعليها أن لا تدع لغيرها أي شكل من أشكال السيطرة على هذا المصير .
فلا تقاسم وظيفي مع غيرها على نفسها في مسألة السيادة ، فأي جزء منها ، اذا هو تحت سيادة غيرها ، ففي نطاق هذا الجزء هي ليست حرة ، وتتحرك تحت تأثير قيود ترفضها ، فالحرية هي الحرية ، ولا وجود لها حيث العبودية ، سوى في هيئة متمرد ، في داخل المقهور الذي يتحين فرصته ، ليتمرد على الأغلال التي تقيده وتسلبه انسانيته .
وكي تصير الجماهير الى ما تريد أن تكونه ، فلا مفر من أن تحرر ارادتها بنفسها ، وأن تتقدم بها الى ما تريد أن تصيره ، وهي تعلم بأن الحرية ليست ابتعاث الارادة فحسب ، وانما هي التوظيف لهذه الارادة في كسر القيود وتذليل العقبات ، وتجاوز الخلافات بين أبناء الشعب الواحد صاحب المصلحة في التحرر ، وجمع كل الامكانيات والأفعال والأقوال في صيرورة واحدة ، تصير بالجماهير الى امتلاك سيطرة مطلقة على مصيرها ، فلا ينازعها أحد على قرارها المتعلق بأمورها.
وحيث أن هذا يستدعي مواجهة سافرة مع الاستعمار ، وعلى كل صعيد ، ويوجب صراعا لا محل فيه لتردد أو نكوص أو تلكوء ، أو تخاصم وتشرذم ، فثمة صراع أهم ما فيه القدرة التي بها يتأتى حسم الصراع ، فالوطن ينادي على كل أبناء الوطن ، وليست الوحدة الوطنية كمظهر واجب ، وحدها الضرورة التي تصر عليها حتمية الخلاص ، بل وماهية هذه الوحدة ، وما بها من آليات ، فكل انسان في دوره الذي يلائمه ، ويستطيع أن يؤديه بأداء لا يقدر عليه غيره . وليست المحاصصة الحزبية في حال كهذا ، سوى العامل المرفوض ، ذلك أن حقيقة الصراع ، تستوجب تراجع الحزبية، أمام حقيقة الأعباء التي توجبها طبيعة المرحلة .
فالوحدة شرط القدرة ، وكلاهما شرط الامكان حتى يصبح ممكنا . فمن تراه يجعل الحلم حقيقة ، وهل هناك غير الجماهير تعاني وتحلم ، وتريد أن ترى معاناتها ، وقد أصبحت ذكرى في واقع يموج بالحرية ، فالجماهير لا بد لها وهي تنحاز الى مصلحتها في الحرية ، أن تعمل جاهدة على استنهاض كل طاقاتها الدفينة ، وأيضا أن تستنهض كل تلك التي دخلت بالوهم الى ثلاجة . وعليها أن تلتفت الى تلك الطاقات التي تحيد بها ، عن دورها الريادي ، وتشغلها بما ينتقص من قدرتها على أداء واجباتها ، فثمة قوى اخترال بها عقلية ، تستوجب علاجا ..تستوجب مساهمة فاعلة تستخرجها ، من كونها مبددة للطاقات الى مضيفة طاقاتها في الجمع لا في السلب ، في التكامل لا في التفكيك ، في الوحدة لا في الانقسام ، فهنا جهد يتوجب بذله في تعديل رؤية هكذا عقلية للعمل الجماعي وضروراته التي يمليها الصراع من أجل الحرية ، ولا بد من ايلاء ما لذلك من أثر بالغ في تشكيل قدرة الشعب على بلوغ مرادة ، فهذه عقلية مركبة وبها اشكاليات ، وهي في حد ذاتها ، وبما هي عليه من معتقدات وسياسات ، تشكل اشكالية في عين عملية التحقيق للوحدة الضرورة للقدرة الجامعة لكل الشعب على موقف ، فحقيقة هذه العقلية هي بأنها تستحضر ما تستظرفه من الماضي الغائر في القدم ، وتلبس لباسه ، وتنشىء به انفصالية عن أداء الدور مع الآخرين في عملية التحرير ، ايغالا منها في أنها وحدها ، وبما تحمله من ألفاظ وشعارات ، هي الحل لمشكلات الواقع ، وفي حقيقتها لا تقدم حلا لأي شيء ، فليس لديها سوى كلمات متقاطعة ، لا تشكل جملة مفيدة في أي حل صحيح لأي اشكالية ، من اشكاليات الحرية .
فثمة عقلية كهذه غارقة بما تسديه على ذاتها ، من أوصاف صاحبة الجلالة ، وبأنها الصحيح ، وفي الحقيقة هذا الصحيح الذي لا وجه له في صحة ، بل هو بعينه يزيد البحث عن الحل الصحيح لأشكاليات الواقع تعقيدا ، ويزيد في القدرة ضعفا ، يتباعد بها عن مقدرتها على تحقيق آمال معلقة عليها ، فالجماهير مطالبة بالخروج من ابتساماتها ، الى محاسبة هذه العقلية ، لتبلغ بها الرشاد ، أي أن تخرجها من مراهقتها الفكرية .
ففي الوقت الذي فيه ، لا يزال الامكان منتصب القامة ، تحت أجنحة الآمال يمشي مختالا في الوعي ، وفي الألفاظ ، ويود لو يكون ممكنا ، لا فائدة من الاستنقاع بين الامكان والممكن . فالى هنا ولا الى هناك ، انما يفيض بالضرر لا بالنفع على القضية .
فجملة الروح الهائمة على بحار من العجز والآلام ، وتحت سحب تمطر رجاء وأحزانا .. كنا وسوف نكون ، تستدعي صور قدرة كانت ومن أقاموها ، من داخل الكتب والقبور ، لكنهم مكانهم ، بما فعلوا في الماضي يبقون ، ولا يأتون ، لكن ذكراهم ، وما تستبقيه في بيولوجيا من يستدعونهم ، تبعث على الامكان الذي يلزمه ابتعاث الارادة ، وحشد الامكانيات ، ووعي يتفاعل مع الواقع ، بحال يبعث على نشأة جديدة لظروف تهيء له أن يكون ، وليس كنا وسوف نكون بحالها ، بانقطاعها عن كل صلاتها بواقع ، وحدها في الخطاب كافية ، لاحداث تغيير في ظروف لا تقيم للامكان قوائم يقوم عليها ، لكي يستحيل الى ممكن .
بل القطيعة مع الواقع ، بتأصيل الفرار من مسؤوليات تلح وتستصرخ ، باغراق الناس بملفوظات تفور النفوس ، وتعينها على الهروب من كوابيس ظروفها الى ما كان ، وليس له أثر في واقع الحال ، بذاته البناء لقيود معنوية تقيمها الألفاظ للارادات ، وتزجها في وعي انفصالي يفصلها عن ظروفها ، فترى الناس غارقين في ألفاظ تسبح في ماض ، ولا يجتمعون على ارادة تبدل في ظروفهم ، فلا هم يفلتون من آمالهم في التغيير ، ولا هم يكفون عن دلق المرارة في صدورهم ، فكيف تأتى للألفاظ أن تزج أناسا في سجن معنوي بعيدا عن خدمة آمالهم ، في وقت لا يأل الاحتلال جهدا في زج أبناء الوطن في السجن استبعادا لهم عن العمل على طرده .
فالامكان لا يتأتى بهرب من ابداع مستلزمات الضرورات ، التي يستوجبها البذل الممتد ، من تبديل في ظروف قائمة الى قيامة ظروف ، بها ينشأ الفعل الذي هو أصبحنا .
كذلك نسخ ماض غائر في القدم ، على حاضر لكي يصبح مستقبلا هي عملية لفظية ، تستدعي ما لايستدعى ، وتدعي ما لا يجوز ، وكل قسر لقول على حال ليس له ، لا يستوي على تحول مقبول .
وليس الرأي أو الحكم المتصل بظرف كان ، هو حكم يمكن اصداره بشأن ظروف قائمة ، فمعرفة الظروف بما بها من متغيرات هي مناط نشأة الرأي المتصل، ببحث عن حل لاشكالية في هذه الظروف .
فالتغيير في الواقع ، بتقريب فجر الحرية ، بارغام الاستعمار على الرحيل عن الأرض ، هو بعينه نتاج القدرة التي تزحزح الاستعمار عن مواقعه ، موقعا تلو آخر ، وهذا الاقتضاء الذي يغدو حقيقة التغير في الظروف ، هو بالضرورة نتاج الوعي الذي يسير ارادة الجماهير بفاعلية تؤدي اليه . ما يقرر بأن مرحلة التحرر ، من الاستعمار لها ضروراتها التي تنبثق منها املاءاتها ، التي تستدعي الوعي ، الذي يوظف العلم والثقافة في استجماع القدرة ، بكل مكوناتها المحلية والعالمية ، في صياغة حتم ، يحكم الظروف ، في الاتجاه الصاعد بعملية تاريخية ، تقدم عليها الارادة ، وتسعى بها الى انتاج ظروف الميلاد للدولة على الخريطة السياسية للعالم .
فالحرية للوطن ، هو شعار المرحلة ، فما زال تحت الاحتلال . وطالما أن الارادة الاستعمارية لم ترغمها ارادة على الرحيل ، وطالما هي تعربد ، وتفعل ما تشاء .. تطارد من تشاء ، وتستوطن أين تشاء ، وتغتال من تشاء ، وتودع السجن من تشاء ، فمشيئة الاحتلال هي التي تشاء ، فكيف ومتى اذا شاءت ، لا تستطيع أن تنفذ مشيئتها ، هو بعينه سؤال الوحدة الوطنية ، وسؤال القدرة ، فوظيفة الوحدة هي هذه القدرة ، التي بها تستطيع الجماهير أن تشاء ما لا يشاء الاحتلال ، وبهذه القدرة تستطيع تفكيك الاحتلال ، فمتى وكيف تغدو الوحدة الوطنية الصهريج العظيم الذي في نطاقه تنصهر الطاقات ، ولا شاغل لها سوى انتاج القدرة والمضاعفة الدائمة في طاقاتها وتوظيفها ، وكيف تغدو السياسة آلية التوظيف لهذه القدرة ، ومتى يكون الوعي على قدر المرحلة .

Albert einst 30-11-2009 18:25

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . كيف حالك إن شاء الله دائما بخير ؟ نعم اريد ولكن يا دكتور انا احب اينشتاين اكثر من اي احد الا نضرته الى الدين وانا ارى مجهواداتك ولكن انا اعجز عن الرد عليك . وشكر

احمد حسانين 01-12-2009 13:26

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
شكرا اخي وبارك الله فيك شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . [align=center][/align]

محمد يوسف جبارين 03-12-2009 16:48

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
اسرائيل والبحث عن الردع النووي

بقلم : محمد يوسف جبارين( أبوسامح)..أم الفحم..فلسطين

ولقد كتب الصحفيان البريطانيان ليونارد بيطون ، وجوهان مدكوس دراسة ، نشراها في كتاب ، وذلك في عام 1962 ، وعنونا كتابهما باسم ، يشير الى مضمون الكتاب ، وهو " انتشار السلاح النووي في العالم " .
وقد كان ليونارد الكاتب العسكري ل " الجارديان " البريطانية ، وأما مدكوس ، فقد كان الكاتب العلمي . وقد أفردا في كتابهما فصلا كاملا لاسرائيل ، ويبدو من خلال ما كتباه ، أن المفاعل الذي أقيم في النقب ، وقريبا من ديمونا ، والذي بات يتسمى باسم "مفاعل ديمونا" ، انما يجوز القول فيه ، بأن له قدرة تساوي 24 ميغاواط حراري ، وأنه من نوع معين ، من المفاعلات التي كانت فرنسا ، قد صنعته واستخدمته ، وذلك هو المفاعل الفرنسي (جي -1) ، أو يكون من جنس المفاعل الكندي (ن.ر. اكس ) ، أو من صنف المفاعل الهندي (س.ي.ر) .
وعلى المعلوم ، فان مفاعل الابحاث الكندي – الهندي (س.ي.ر) ، له قدرة حرارية ، مقدارها 40 ميغاواط ، وقد تم انشاؤه في بومباي في الهند ، وذلك وفقا لخطة كولومبو ، وكان بدأ تشغيله سنة 1960.
أما ( جي -1)، فقد تم تشغيله في فرنسا عام 1956، وبلغت قدرته الحرارية ، 40 ميغاواط ، وأنتج كيلوغراما واحدا من البلوتونيوم ، كل عام .
ويقرر الكاتبان ، بأنه حين اتضح في كانون أول من عام 1960، بأن الذي يجري بناؤه قريبا من ديمونا ، ليس الا مفاعلا نوويا ، فسرعان ما تكشفت كل الخصائص الأساسية ، لطبيعة ذلك المفاعل ، فوقوده من اليورانيوم الطبيعي ، والماء الثقيل لابطاء سرعة النيوترونات .
ولكي تتم ملائمة المفاعل ، لحاجات اسرائيل ، فقد أوصت لجنة الطاقة الذرية في اسرائيل ، بأن يكون تخطيط بناء مفاعل ديمونا ، مثيلا لخطة بناء المفاعل الذري ( يل-3) وهو مفاعل أبحاث ، كانت فرنسا ، في ذلك الوقت تشرع في بنائه ، في بريست ، ومن صفات هذا المفاعل أنه يعتمد الماء الثقيل كمبطىء .
وقد سارع - في ذلك الوقت – رأي في الأوساط الأميركية مفاده أن فرنسا ، سوف تزود قلب مفاعل ديمونا باليورانيوم ، على أن تستعيده ، بعد تشعيعيه ، وذلك للاستفادة منه في انتاجها لأسلحتها النووية ، الا أن الاسرائيليين أنكروا هذا الرأي بقولهم ، بأن تعهدا كهذا لم تعطه اسرائيل لفرنسا ، وحيث أن المفاعل ما زال في مراحل البناء ، فما زال هناك متسع من الوقت أمام الاسرائيليين لاتخاذ قرار بشأن الوقود . وما كان ذلك الرأي بلا بواطن ، ولا مقصود .
فالادارة الاميركية كانت أعطت لاسرائيل مفاعل البركة ، والذي راحت تبنيه في وادي الصرار ( ناحل سوريك ) ، وكان هذا المفاعل في سنة 1960 ما يزال في مراحل البناء ، ومشروع كهذا ، بذاته مدعاة استقطاب للطاقات العلمية الذرية لدى اسرئيل ، وهذه بعينها جاءت في علاقة مباشرة مع الأميركيين الذين منحوا هذا المفاعل ، وهذا وحده كان يكفي لمعرفة القدرات المتوفرة لدى اسرائيل في هذا المجال .
ومن هنا ، فان أهم ما انطوى عليه ذلك الرأي الأميركي ، هو أن مفاعل ديمونا فيما لو قام بناؤه ، فانه سوف يكون مقطوعا ، من أمامه ومن خلفه ، ما لم يكن هناك من يتعهد بأن يوفر له الوقود ، ليأخذه من بعد تشعيعه ليفاد منه ، وهذا الطرف ، لا بد من أن يكون فرنسا ، فهي التي أعطت المفاعل وهي التي تبنيه ، وهي الدائبة على حسم الخلافات بينها وبين الادارة الاميركية لصالحها ، بأن لا يعترضها أصدقاؤها وعلى رأسهم الولايات المتحدة ، وأن لا ينكروا حقها في بناء ترسانتها النووية .
فبذلك دلل ذلك الرأي على توجهات فرنسا ، وعلى ما هو أخطر منه في نظر الادارة الامريكية ، وذلك عدم اكتراثها ، وغياب الحذر لديها ، من مغبة المساهمة في انتشار السلاح النووي ، وفي ذلك اتهام صريح لفرنسا ، بأنها لا تحسن السلوك في أخطر المسائل العالمية .
وكان الرئيس الفرنسي ديغول ، بعد عودته الى سدة الحكم في فرنسا ، قد رفض أن يسمح للولايات المتحدة الأميركية ، بأن تنشر أسلحة نووية تكتيكية في فرنسا ، وأيضا أصر أن تستمر فرنسا في تطوير قدراتها النووية ، وأن تبتني لنفسها ، بنفسها سلاحا نوويا ، ليصبح في مدى الأيام قلب القوة الفرنسية الضاربة .
وهذا ما استدعى الادارة الاميركية الى تحريك الأمور في هيئة الأمم ، والى صدور قرار عن الجمعية العامة لهذه الهيئة ، وذلك في 20 تشرين ثاني 1959 ، يطالب فرنسا بالتوقف عن التجارب النووية التي تجريها في صحراء سهارا ، وقد صدر ذلك القرار ، بموافقة 51 عضوا واعتراض 16 عضوا ، وامتناع الستة عشر الآخرين .
وبرغم ذلك ، أجرت فرنسا عام 1960عدة تفجيرات نووية ، تراوحت قدراتها الانفجارية على النحو التالي : 60-70 كيلوطن ، 5-10 كيلوطن ، 2-3 كيلوطن .. ( كيلوطن تماثل ألف طن من المادة الانفجارية ت.ن.ت ) .
وهذا النجاح عزز الثقة لدى الاسرائيليين بالطرف الذي سوف يقيم لهم المفاعل في ديمونا ، وزاد من تعلقهم بالآمال التي يعقدونها على مفاعلهم ، ولكنه أغاظ الادارة الاميركية ، وأفرح ديغول ، الذي عبر عن ذلك باعلان ، قال فيه ، بأن ذلك النجاح انما كان ثمرة للجهد القومي الذي زاد في قوة الدفاعات الفرنسية والغرب عموما ، وبفضله تبوأت الجمهورية الفرنسية مقاما يتيح لها ويمكنها من التأثير على الدول الذرية ، في اتجاه نزع شامل للسلاح النووي ، وأيضا ديغول أرسل رسالة الى بييرغيوما قال فيها : " الفخر لفرنسا ، فبدءا من هذا الصبح ، فانها أكثر قوة وأكثر عزة ، ومن قبلي تحيات ، لكل الذين منحوا فرنسا هذا النجاح الباهر " .
وجدير بالذكر ، أن السخط الذي كانت تبديه بعض الدول الافريقية في أروقة هيئة الأمم ، وعلى الأخص منها غانا حيال انفجارات نووية تجري على أراضيها ، لم يجد له أحدا يرقى الى الاهتمام به .
ويبدو أن أحكام المقام الذي تبوأته فرنسا ، في ضوء تحولها الى دولة نووية ، وما كانت تصبو اليه من مرتبة دولية وجد ديغول ، أن الضرورة تقتضيه أن يجري تعديلا في سياسات فرنسا النووية ، وكان من ضمن ذلك ما له صلة بالمفاعل الذي تعهدت فرنسا أن تقيمه في النقب .
ففي 14 أيار من عام 1960 ، تلقت حكومة بن غوريون رسالة من ديغول ، يطالب فيها الحكومة الاسرائيلية ، بأن تعلن على الملأ عن مفاعلها ، وأنها توافق على جعل المفاعل تحت اشراف دولي .
وهذا ما دعا بن غوريون الى الحضور الى باريس ، وذلك في 13 حزيران ، لالتقاء ديغول ، فلعله يثنيه عن قراره .
وقد كانت ارادة ديغول حاسمة بهذا الشأن ، ولم يكن أمام بن غوريون ، بعد عودته من باريس الى اسرائيل ، وبعد مشاورات أجراها داخل الحكومة الاسرائيلية ، وداخل جهاز الأمن الاسرائيلي ، الا أن يقوم في كانون أول من نفس العام ، بارسال شمعون بيرس الى باريس ، وذلك لاستكمال ، ما لم يمكنه هو في غضون حضوره في باريس أن يتوصل اليه .
والتقى شمعون بيرس ، كوب دي مرويل وآخرين ، والتزم أمامهم بأن تقوم الحكومة الاسرائيلية ، بالاعلان عن المفاعل ، بأنه مفاعل أبحاث ، في مقابل استمرار المساعدات الفرنسية لاسرائيل .
وفي كانون أول ، نفس الشهر من نفس العام ، وتحت ضغط من ادارة الرئيس الاميركي ايزنهاور ، وجد بن غوريون نفسه ومعه وزير خارجيته غولدا مئير ، بصحبة موظفين أميركيين يساعدانهما في صياغة نص البيان ، الذي سوف يلقيه بن غوريون ، ويكشف فيه على الملأ ، عن طبيعة المفاعل .
لقد كانت الولايات المتحدة قريبة جدا من اسرائيل ، ومن مركز الأعصاب فيها ، وكان بمقدورها أن تلحظ وأن تستفسر وأن تعرف .
وليس يهمنا هنا في كثير أن نعرف كيف عرفت الادارة الاميركية بوجود مفاعل يتم بناؤه في النقب ، فسواء عرفت من طائرة الاستطلاع الاميركية يو2 ، أو من غيرها ، أو من فرنسا ، فلن يضيف هذا الأمر الى موضوعنا شيئا . لقد عرفت وهذا يكفي ، عرفت وسارعت مطلع عام 1960 الى احتواء الأمر كله ، سألت في فرنسا ، وسألت في اسرائيل ، وأنزلت ضغوطها هنا وهناك وسمع بن غوريون وغيره ، وأيضا غولدامئير ، من الادارة الاميركية كلاما واضحا ، لا لبس فيه ولا غموض ، ولا بالامكان ليه أو ثنيه ، ولا حتى تأويله على غير ما جاء عليه ، وكان الكلام على المفاعل وصيغة الكلام لم تكن معهودة من قبل . كان الكلام واضحا وله معنى مفهوم ، وهو أن تطوير قدرة نووية اسرائيلية لأغراض سلمية هو ما تؤيده وتدعمه الادارة الاميركية ، أما أن يكون تطوير قدرة نووية بغرض انتاج سلاح نووي أو امتلاكه ، فهذا ما تعترض عليه هذه الادارة ولن تجيزه .
وكانت لتلك الادارة دواعيها وقناعاتها ومبرراتها ، فمبدأ ايزنهاور الذي ينحو سياساتها في الشرق الأوسط ، هو مبدأ أصيل لا محيد عنه ، وذلك لأنه يعني أن تهيمن الولايات المتحدة على هذا الشرق ، وعلى هذه البلاد العربية الغنية بالبترول والتي وصفوها في داخل البيت الأبيض بأنها أرض قد تصادف وجود بشر عليها .
فكل ما لايدعم تحقيق هذه الهيمنة ، وكل ما يتشكل في شكل عقبة سوف تعيق ، أو عارض سوف يعترض ، فهو مرفوض ، ويولد في وعي هذه الارادة دافعا يدعو الى التصدي له أو تحييده جانبا ، وعزله وذلك الى أن تأتي فرصته ويتم التعامل معه .
وحيث أن اسرائيل ، قد تبندت بين عناصر القوة في الاستراتيجية الاميركية الموكلة باحتواء المنطقة العربية برمتها ، فليس أن تبني اسرائيل قدرة نووية تستطيع تطويرها ، وتحويلها في مستقبل الايام الى حال تقترب به من انتاج سلاح نووي ، ولكن لا تنتجه ، ليس هذا الذي استجمع الارادة الاميركية فاعترضت ، فهذا لا يقع خارج نطاق التسامح الاميركي مع حالة قد تغدو بمثابة " حالة خاصة " في كل ما يتصل بالدعم الاميركي القادم .
لقد كانت للادارة الاميركية حساباتها ، وموازينها الخاصة بها ، فانتاج اسرائيل لأسلحة نووية بالاضافة الى أنه سوف يقلل من تأثير الولايات المتحدة على حليفاتها الصغار ، فانه بالتأكيد سوف يؤدي الى " فقدان السيطرة " في منطقة ساخنة وهامة مثل الشرق الأوسط ، وفي مناطق أخرى من العالم ، وذلك يعني أن يكون مصير العالم خارج نطاق السيطرة الاميركية ، فهذا السلاح النووي ، اذا انطلق من عقاله ، فان أحدا لا يدري الى أين يؤول المصير .
المخاوف من انتشار السلاح النووي كانت كبيرة
وقد شهدت الجمعية العامة للامم المتحدة في جنيف ، في ذلك الوقت مداولات بهذا الشأن ، وقد كان قدح الكبار بعضهم ببعض ليس بسيطا ، فكل ألقى على الآخر تبعات ما تم انتشاره من ذلك السلاح في العالم .
وبرغم ذلك كانت الولايات المتحدة ومعها الاتحاد السوفياتي ، يعملان على اقامة نظام عالمي لمنع انتشار السلاح النووي في العالم . وذلك لينضاف هذا النظام الى الوكالة العالمية للطاقة الذرية التي كانت قد أقيمت ، وباشرت أعمالها منذ عام 1957 .
وكانت ادارة كنيدي ، ومنذ عام 1961 قد جعلت من العمل على منع انتشار السلاح النووي قاعدة مركزية في سياساتها الخارجية ، بل أولتها اهتماما لا يفوقه أي اهتمام واستمر هذا الحال على حاله في ادارة جونسون .
وفي عام 1963 تم التوقيع على " اتفاق الحظر الجزئي لاجراء تجارب نووية في الغلاف الهوائي " .
لقد أطلت المخاوف مكشرة عن أنيابها الرهيبة ، وبات الاحساس بالرعب من هذا السلاح ، يثير حساسية مشوبة بالحقد .
فأن تكون هناك دولة تحاول أن تبتني قدرة نووية ، وتأتي الادارة الاميركية اليها تريد أن تمنعها من ذلك ، أو أن تحتويها ، أو تحتوي مشروعها النووي لتضعها أو تضعه ، في النصاب الذي ترتأيه ، وترفض هذه الدولة الخضوع لارادة تلك الادارة ، فذلك معناه أن الحقد في داخل تلك الادارة ، قد بدأ يفتش له عن كوة يندلق منها على تلك الدولة وعلى مشروعها .
فهل تراهم المالكون لذلك السلاح تحولوا الى أسارى بيد تلك المخاوف ؟!
أم أن اسلوب استبداد وسيطرة ، قد أتاحه ذلك السلاح ، وانما هم يوظفون هذا الاسلوب في اغتنام فرص ما تهيأت لهم من قبل ؟!
البادي هو الاحساس بالخطر ، وهذا مبرر وسبب لذاك الاسلوب . والقلق على المصير حق مشروع ، وفقط أن يفهم هذا القلق ، قلق الآخرين على مصيرهم هم ، وهذا ما لا يتفق وذلك الاسلوب ، لأنه ينتزع منه شرعيته ، وهو لذلك قلق لا تستوعبه الادارة الاميركية ، ولا تفهمه ، وانما تفهم مصالحها ، وتوظيف ذلك الاسلوب ، وغيره من اساليبها في تحصيل هذه المصالح ، مثال ذلك مجال الصواريخ والمجال النووي ، وهما مجالان للبحث العلمي ، وكانت مصر قد شرعت بهما في أواخر الخمسينيات ، ومطلع الستينيات ، وكانا لما يتجاوزا بعد مراحل البداية ، ولكن الادارة الاميركية قامت اليهما تطوقهما وتضربهما وتنذر مصر شرا لا يطاق ، لقد حرصت الولايات المتحدة على تقويض مقومات أمن الجماعة العربية ، وهي ما زالت كذلك ، وما عنصر من عناصر القوة لأمن هذه الجماعة الا وتكيد له كيدا فظيعا .
ونلاحظ بأن هذه الدولة العظمى ، ما زالت تسعى الى السيطرة على هذه الكرة ، وبيدها أخطر سلاح في التاريخ ، وتملك منه ما به تستطيع ، لو شاءت ، ولن تستطيع ، أن تدمر العالم مرات ومرات ، ويكفي مرة واحدة .
ونلاحظ بأن هذا السلاح النووي ، قد رسب في سلوك الادارة الاميركية وأرسى فيها قناعة مطلقة ، وهي أن فقدان سيطرتها على ما تملكه من سلاح نووي ، وما لا تملكه ، انما يعني أن دبيب الكارثة بات مسموعا في البيت الأبيض ، وأن هذا الدبيب يعني أن الكارثة شدت رحالها الى الولايات المتحدة .
ونلاحظ في مباني الفكر التي نسجت سياسات نووية للولايات المتحدة أن بؤر التوتر ، في بقاع العالم المختلفة ، يجب أن تكون خالية من السلاح النووي ، وخالية حتى من امكانية انتاجه ، وهذه مهمة السياسة الخارجية للادارة الاميركية ، وهذه مهمة السياسية الخارجية ، وهذه المهمة الموكلة بتحقيق هذا الهدف مبررة ، بأنه اذا أصبح هذا السلاح في متناول " الصغار " ، وتم استحدامه أو التلويح به من جانب طرف ، ضد طرف آخر ، بالتهديد أو بالفعل ، فذلك يمكنه أن يسحب الكبار ، وعن غير رغبة منهم الى التورط ، بأخطر الأسلحة في نزاعات اقليمية ، فليس من مصلحة الكبار أن يمتلك الصغار سلاحا نوويا ، ومنعهم من امتلاكه هو جزء من أمن الكبار ، وجزء من سيطرة الكبار على مناطق العالم المختلفة ، والتفريط بذلك هو بعينه تفريط بهذا الأمن ، وفقدان لهذه السيطرة .

وكان يعني ترك اسرائيل مندفعة ، في استجلاب امكانيات البناء لقدرة نووية عسكرية ، معناه بث قلق حقيقي في دول المنطقة ، وايقاد اندفاع جارف نحو بناء مماثل ، وبفارق الامكانيات ، لا بد وأن يكون أضخم ، وهذا سوف يجعل المنطقة في مستقبل الأيام ، بؤرة توتر رهيبة تنذر بحرب نووية تجرف العالم معها الى الهاوية ، وأيضا ومن مسافات بعيدة من حافة الخطر والانزلاق الى حال كهذا ، فانها تغدو منطقة غير ميسورة الاحتواء وتصعب السيطرة عليها .
وهذا تعاقب حوادث وتطور منطقي ، ولكنه يتنافى ورغبات الولايات المتحدة ، بل وينسف مصالحها ، ويقضي على كل تأثير سياسي لها على هذه المنطقة ، وينطوي على خطر حقيقي يتهدد الولايات المتحدة نفسها ، واذن على اسرائيل أن تفهم ذلك وأن تعيه ، وأن تتحاشى الخلافات بين أهداف الاستراتيجية الاميركية ، وبين أهداف الاستراتيجية الصهيونية العالمية ، والتوافق بين هذه الأهداف وتلك ، هو الأجدر بالاهتمام والتأصيل ، واسرائيل من مصلحتها أن تكون بتفكيرها وقرارها ، حيث الالتقاء والاتفاق في طبيعة الأهداف ، وذلك ما يضمن لها الولايات المتحدة الاميركية أن تكون الى جانبها ، وليس فقط في قضايا الأمن ، بل في قضية وجودها كلها.
واما اذا حسبت اسرائيل بأنها بامتلاكها سلاحا نوويا تكون قد خرجت من دوامة الأمن مستقرا ، وأن العرب والمسلمين ، من حولها ، سوف يقولون في أنفسهم ، بأن اسرائيل بيدها سلاح نووي ، وما لنا من أنفسنا حول ولا قوة ، وليس لنا الا أن نقعد بعيدا عن مناهزتها ، فأي مناهزة لها من جانبنا سوف تميط علينا كارثة ، فلا يبقى منا سوى اشلاء ممزقة متناثرة في أرجاء بلادنا ، اذا حسبت اسرائيل هذا الحساب فقد أضلها حسابها .
فالسلاح النووي ليس مطلقا ، وليس بمكنته أن يحقق أمنا مطلقا ، فما هو بالسلاح الذي يجيز طلاقة القدرة في استعماله أو التهديد به ، عند كل سخونة للنزاع بين اسرائيل وجيرانها ، ولا حتى في حالات اندلاع حروب محدودة النطاق والأهداف .
ولو أن اسرائيل تستطيع استقطاب العلماء واستجماع المال ، واستجداء التكنولوجيا ، وتقدر على بناء ترسانة نووية تطال المنطقة العربية كلها ، فان هذه الترسانة لن يكون في مقدورها أن تردع العرب ، ولا أن تحجبهم عن حقوقهم ، وذلك لأن كرامتهم مجروحة ، والمهانة تفترش وجوه زعامتهم ، ومنهم حتى أولئك الذين توسدوا ، وتلحفوا الأجنبي ، وتنمطقوا بعناصر قوته ، فهذه الشعوب العربية ، برغم ما تبدو عليه من بؤس الحال ، فانها تعرف كرامتها ، وتعتز بماضيها الزاخر بالعزة ، وتريد مستقبلا مثيلا له .
ثم ان هذه الترسانة التي نفترضها تحت الحاح الحوار ، فبمجرد ظهورها حقيقة قائمة بالفعل ، فسرعان ما يتصدر الأمن الجماعي العربي أولويات القلق على المصير ، والتنبه الى الخطر ، والصحوة التي لا تهدأ ، وذلك في كل ركن من أركان الوطن العربي والاسلامي .
وسرعان ما يغدو الحاح الأمن عاصفا ، وموجها لكل الطاقات في اتجاه الخلاص من دوامة الأمن ، وقد تأزم حالها ، واضطرب بظهور " تلك الترسانة " .
وتغدو الوحدة العربية والاسلامية في حال مولود في بطن أمه ، وتوشك أن تدب قدماه على الأرض ، فتعرفه الدنيا ، وهي الوحدة التي يا طالما برمت بها اسرائيل ، ووجلت من سيرتها ، وخشيت على نفسها منها ، وعملت ضدها ، ورغرغ صدرها طربا بكل ما ابتعد بها عن ميلادها .. هذه هي الوحدة تدنو وتقترب ، ودنوها واقترابها يحصل بسبب الخطر الداهم الذي أنشأته اسرائيل في النفسية العربية والاسلامية .
فعلى اسرائيل أن تحاذر ، وأن تفهم خطورة نزعتها النووية ، على نفسها ، وعلى أصدقائها .
وأما اذا الظنون والحسابات الخطأ ، قد جعلت اسرائيل تتصور بأن السلاح النووي الاستراتيجي ، فيما لو أصبح في حوزتها ، فانه الرادع الذي به سوف يرتدع العرب ، ويكفوا عن أفكارهم وأحلامهم المستنبتة في أمخاخهم بأصداء تاريخ يرونه مجيدا ، فيقبلونها كدولة ، وكجارة جارت وتجور ، ويتعاونون معها مثل ما أن الدول تتعاون فيما بينها ، فان هذا يختلف ، ولا يدعو الى امتلاك سلاح نووي استراتيجي ، ولا يدعو الى تصنيعه ، حتى وان توفرت قدرة على ذلك ، والسبب هو أن العلاقات السوية بين الأسوياء ، لا تستوي ، ولا تنبض فيها حياة صحيحة تحت ظلال التخويف والاكراه .
ولعمري ذلك النوع من السلاح يشكل ضاغطا مرفوضا واكراها غير مستساغ ، ومبررا يحفز الى امتلاك مثيل له ، استقبالا لمواجهة لربما تنشأ عن تردي تلك العلاقات وتصدعها ، وذلك فيما لو كان لها أن تقوم .
وماذا تفيد قنابل النيوترون ومعها كل السلاح النووي التكتيكي في مواجهة الفلسطينيين ؟! فهؤلاء لن يكفوا عن مناهزة اسرائيل ومطالبتها بحقوقهم ، طالما أنهم في وضع الغرباء في أرضهم ، وفي وضع الغرباء في الغربة .
ان الفلسطينيين يديرون صراعا ، لا يسمح باستخدام سلاح كهذا ضدهم ، ولا التلويح به يمكنه أن يبني رادعا يرتدعون به ، وذلك لأسباب كثيرة ، ويعرفها الجميع ، ومن بين هذه الأسباب ، الجغرافيا ، وتوزيع السكان فيها ، فان لهما من الأحكام ما ينسف ذلك الردع ، وينسف ذلك الاستخدام ، ويحيل السلاح النووي ، فيما لو كان موجودا ، لدى هذا الطرف أو ذاك ، الى اضافة غير مرغوبة ، بل ومرفوض اقحامها كعنصر من عناصر الصراع الدائر بينهما .
وأما اذا هم قادة الأمن والسياسة في اسرائيل ، قد استأسرتهم هواجس وشكوك ومخاوف من زمن تجد اسرائيل نفسها فيه ، وقد أحاطت بها جيوش عربية من كل ناحية ، وفي مكنتها بالاسلحة التقليدية هزم جيش اسرائيل ، فان السلاح النووي بيد اسرائيل ، يغدو بمثابة الملاذ الأخير الذي تلجأ اليه اسرائيل ، فتدحر هذه الجيوش العربية ، وتبيدها وتحفظ وجود اسرائيل .
وبظني أن افتراض مشهد كهذا للتناحر ، انما يقام لاقامة مبرر لامتلاك سلاح نووي ، وهو مبرر ينطوي على خطأ في تقدير الأمور وحسابها . والمغالطة تكمن في ربط استخدام السلاح النووي بحفظ الوجود ، ولو قيل للردع المتبادل لاختلف شأن المغالطة التي أعنيها ، فثمة ظروف للمناحرة كالتي أوردها بن غوريون ، انما تنم على عقلية تشرتشلانية ، لم تسمح لها ظروفها ، بأن تفهم طبيعة السلاح النووي ، وقد رسب في وعيها ذلك السلاح كعنصر من عناصر القوة في الصراع ، ولكنه يمتاز بشدة الدمار الذي يمكنه أن ينزل في صفوف الخصم . ففي ظروف مشهد كذلك الذي ذكره بن غوريون وأوردناه ، لا يكون اختيار قادة اسرائيل بين الوجود أو عدمه ، وانما بين الكارثة وبين التنازل عن اسرائيل ككيان سياسي ، وهنا مؤشر أفعل التفضيل سوف يشير الى التنازل عن الكيان السياسي وحفظ الوجود بلا دولة ، وسقوط فكرة الاستخدام للسلاح النووي تكون واجبة ، والسبب هو أن استخداما كهذا سوف يقابل بالمثل ، ويصبح الاستخدام بذاته استجلابا للكارثة ، ولن يجيزوا لأنفسهم أن يكونوا سببا في تشكلها .
ثم ان العرب بكثرتهم ، وبسعة بلادهم ، لقادرون في لحظات حاسمة من التاريخ ، أن يستوعبوا ضربة نووية أولى تنزل بهم ، من جانب اسرائيل ، لكن مشكلة اسرائيل ، بأنها لا يمكنها أن تستوعب ردهم على ضربتها الأولى بضربة نووية مماثلة أو بأقل منها ، ومرة أخرى ، الجغرافيا ، والسكان ، وعلاقتهما بالأمن والعناصر اللازمة لتحقيقه .
وكذلك الردع ، فان له صلة وثيقة بالمقدرة على التحمل ، ولنفترض أن اسرائيل والعرب سوف يمتلكان في زمان قادم سلاحا نوويا ، ويتحقق فيما بينهما توازن نووي ،
وهنا فان الطرف الأقدر على التحمل ، فيما لو أبدى استعداده أن يتحمل ضربة من جانب خصمه الذي لا يحتمل ضربة مثلها ، فانه في لحظات الأزمات الفوارة لقادر على حرف ميزان الردع لصالحه ، وذلك فيما لو استطاع اقناع خصمه بأنه عازم بالفعل على تنفيذ تهديده ، واذا تم له تحصيل هذا ، فيمكنه عندئذ أن يملي شروطه .
ومن ذلك كله ، وعلى أي دائرة فكرية تدور ، وعند أي احتمال تتوقف ، وتتبصر الأمور وتحلل معتمدا الاسلوب العلمي في البحث في معقولية النزعة الاسرائيلية الى سلاح نووي ، فانك تصل الى أن فكرة الحاجة الى سلاح نووي لا تجد ما يبررها ، أو يدعمها ، ناهيك الى أن بناء مشروع نووي متكامل ، وبطاقات ذاتية ، وبهدف صريح ، هو تصنيع قنابل نووية ، في حد ذاته مشروع كبير ومتشعب الجوانب ، ويحتاج طاقات مادية وبشرية وعلمية هائلة .
والعلماء والفنيون ، لو وجدوا في فترة من الزمان ، فانهم بشر ، يهرمون ويموتون ، ولذلك ثمة مشروع ضخم كهذا يحتاج الى مؤسسات علمية توفر الطاقات العلمية ، والفنية على الدوام ، وذلك لكي تضمن استمرار المشروع النووي ، وتضمن امتداداته ، وأيضا هذا جانب يحتاج امكانيات مادية ضخمة ، ناهيك عن مشكلات المشروع النووي ، بدءا بمشكلة النفايات النووية ، ووصولا الى احتمالات تسرب الأشعة النووية ، في بلد صغير ، فحالة واحدة كهذه يكون لها آثارها الخطيرة جدا .

.................................................. ...........

ملاحظات ( توضيحات ) :

( 1 ) : لانتاج قنبلة نووية (أو سلاح نووي ) هناك حاجة الى مادة نووية انفجارية ، وفي هذه الحالة يتم تحضيرها من مادة اليورانيوم الطبيعي ، فهذا موجود في الطبيعة على شكل خليط من يورانيوم 238 بنسبة 99.3% ، ويورانيوم 235 بنسبة 0.7% ، ففي حال مفاعل نووي يمكن تشعيع اليورانيوم الطبيعي ( يتم استخلاصه وتهيأته على شكل قضبان توضع في قلب المفاعل ويتم تشعيعها بواسطة نيوترونات حرارية ، ومن ذلك يمكن استخلاص بلوتونيوم 239 ( ذرة يورانيوم 238 تبتلع نيوترون وتصبح بلوتونيوم 239 ) ، بواسطة تقنية خاصة بذلك ، والبلوتونيوم هذا هو المادة التي يراد الحصول عليها من اجل صناعة قنبلة نووية .
( 2 ) : وكذلك يمكن استعمال يورانيوم 235 في انتاج قنبلة نووية ، لكن طريقة استخلاص هذه المادة من اليورانيوم الطبيعي مختلفة ، فهناك عدة طرق ، منها تحويل اليورانيوم الطبيعي الى فلوريد اليوراينوم ( فلوريد يورانيوم 235 وفلوريد يورانيوم 238 ) وهو غاز ، وبتقنية معينة يمكنة فصلهما للحصول على فلوريد يورانيوم 235 ثم استخلاص يورانيوم 235 ، ومن التقنيات المستعملة هي طريقة الطرد المركزي( السنترفوجا ) ، التي شاع ذكرها في خلال الحديث عن العراق أو ايران ، وهناك طريقة ( الانتشار الغازي ) وما الى ذلك ، وهي تقنيات حين ذكرها ، تترافق مع كلمة تخصيب ، أو تثرية .

الغصن المثمر 03-12-2009 17:07

رد: يا الغصن المثمر،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

:a_plain111:بارك الله لك أخي على هذا المجهود الرائع

محمد يوسف جبارين 04-12-2009 00:54

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
" نسيان " وأحلام مستغانمي
واذكري " ليلة الجدي " هو الحل

بقلم : محمد يوسف جبارين (أبوسامح) ..أم الفحم ..فلسطين


" نسيان . com " ، هو كتاب للأديبة الجزائرية أحلام مستغانمي ، وهو في موضوعه الذي يتناوله في جانب مختلف ، عن ثلاثية الكاتبة الشهيرة ( ذاكرة الجسد ، فوضى الحواس ، عابر سرير ) ، والتي على ما يبدو كانت الوجه الأدبي الذي رسب في الوعي العام للأديبة ، وهذا بعينه ما شكل تصورا أو قياسا ، لدى كثيرين ممن أقبلوا على كتاب " نسيان " حال صدوره ، فكانت دهشتهم ، اذ لم يجدوا في نسيان ، ما ظنوه في انتظارهم ، فلقد جاء " نسيان " ، متناولا الحب في جانب منه ، لكنه ليس بحال مثيلا لأي من الأجزاء الثلاثة للثلاثية الرائعة ، فبدت تساؤلات تجلت في ملاحظات ، وفي مقالات ، وهي في كثير منها ، تطل بالدهشة الناطقة بالسؤال : ماذا دعا الى هذا ؟ وماذا جرى للمقدرة الأدبية للأديبة ، ولماذا هذا الاختلاف ؟ ، ولماذا لم يأت نتاج الأدبية ، بذات النسق ، وبذات الموضوع وبذات التناول أو ما يشبهه ، وكأن عقل الأديبة وابداعها يتوجب أن يكون مقصورا على وجه من الفن الأدبي ، فلا يتجاوزه ، وهذا ما لا لم يقل به ، ولن يقول به ذو باع طويل أو قصير في الأدب ، أو في كتابة في أدب ، أو علم ، أو ثقافة أو صحافة ، أو ما حلى للعقل أن يجوبه من وجه من خيال أو واقع ، وبازاء تلك الدهشة الهائمة ، بكل لا دراية في بناء فني لنص ، ولا باتجاهات الفكر وتناولاته ، واطلالاته ، ليعجب الانسان من تأويلات وترهات ، واسقاطات على بناء فني ، لم يعيه القائل بها ، ولم يدرك كنه ، ولا حتى فطن ، بأن من ليس به ما يمكنه من أن يعقلن ما يحاول أن يتعلقه ، فالأجدى له أن يعود الى العقل لأعادة تأسيسه ، على ما يؤهله الى تناول يكون مستقره نتاج عقلن يتعقلن عقلنة ، فليس كل منطوق بالضرورة قولا يجاز أخذه على أن عقلا يجيزه أو يرتضيه ، وهو ما لا يدركه اللاعقل ، فهو اللاعقل الذي من براعتة ما لا يعقل ، فنص هنا ونص هناك ، فيما لو استوى على هذا أو ذاك السؤال ؛ فما صلته بما يتناوله ، فلا غير استواء العقل على ، أن يكون فض النزاع مع النص ، بالغاء النص من رتبة حاول أن يتبوأها ، أي انتزاعه ، من كون محتواه بما يقال فيه له أدنى صله بما يتوهمه بأنه يعنيه ، وغير ذلك من ملفوظات تائهة عن معنى لها ، من مثل " فوضى النسيان " ، كوصف حائر تائه عن معنى ، لسرديات الأديبة في كتابها " نسيان " ، وثمة لفظ كهذا يستدعي التساؤل ، فما فوضى ، وما نسيان ، وما المعنى الذي يستوي عليه نتاج اقترانهما معا ، وما صلة هذا الاقتران بكتاب " نسيان " ، للأدبية البارعة في السرد ، وفي انتقاء البناء الفني واحكام حلقاته ، وكيف جاز لهائم على رؤوس موج من جهل ، أن لا يعرف ، بأن جهله ، انما هو فاصلة بينه وبين المعرفة ، أتراه بلغ الجهل عماء بصيرة ؟ ، لربما ! ، فغالبا ما الجهل ينبه من اتخذه نطاقا له ، بأنه الجهل الذي لا يمكنه الا أن يجعل صاحبه جاهلا ، فأي جهالة هذه التي باتت تجهل جهلها ، وأصبحت تظن في ذاتها مقدرة على الاستواء على تقدير وتبيان وتصدير أحكام ، أفحكم الجاهل يمكنه أن يكون ، بغير دلالة على حال نفسية وعقلية حطت به على غير بصيرة ، لتحكي لنا قصتنا في هذا الزمن مع جهالة جهلاء تنهش في لحم الابداع كله .
فليس ثمة معنى لجملة فوضى النسيان ، فهي جملة يصعب أن يجد لها العقل في الواقع ما يبين عن معنى لها ، فهي مثل كثير من الجمل العربية التي اعتاد العربي أن يقولها ، فاذا دنوت من سؤال عن معنى لها ، أصابه التفات الى صورة في وعيه خالية من صلة بواقع ، ليدلل على ما يقصده بقوله تلك الجملة ، واذا مقصود الدلالة للجملة على معنى معين ، أو على سردية في كتاب نسيان للأدبية أحلام مستغانمي ، فبالامكان النظر عميقا في سرديات الكتاب من أوله الى آخره ، لكي نجد بأنه محكم في سردياته منظم في فكراته ، وبأن كل السرديات والفكرات التي اشتملتها ، للدلالة على حالة انسانية في واقع ، أو لتبيانها ، لاكتناه موقف في مواجهة وضعية انسانية معينة للمرأة العربية ، فانما قامت بها الكاتبة أحلام مستغانمي ، بذكاء وبلغة متلهفة على السرد ، ما يجعل القارىء يتلهف على المزيد من القراءة ، وعلى المزيد من الانتباه ، فليس ثمة تناقض في السرد ، ولا في عرض الفكرات التي تريد أن تجليها الكاتبة ، ولا ثمة فوضى في الترتيب ، ولا في انسياق نظام التواتر للفكرات في السرديات ، بل هي تصب معا في غاية محددة للكتاب ، فالكتاب له بنائية محكمة ، وهي قد تشكلت ببراعة الكاتبة ، على ما يخدم غاية اقتضتها أن تصب فيها ، فلا فوضى في الفكر ولا في البناء الفني ، وليس ثمة تناقض ، في مجرى السير بالكتابة ، في اتجاه غاية قام من أجلها الكتاب ، ولربما الفوضى تبدو في خيال قارىء أو متبصر ، يحاول أن يمتد بنظره الى وضعية المرأة ليشمل ما في الحياة منها ، فيعجب لكل ما يموج به خياله من تصورات ، فلا تنتظم له ، بل تتداخل وتتعارك ، فيتوه في داخل اشكالية استولدها له خياله ، بسبب من عدم تدخل من عقله في هيئة منظم ثم باحث ثم مكون لحكم ، وهي خصيصة عقل يتصور بخفة وبهلهلة بلا نزعة الى فهم ، وانما برغبة من اطلالة مشوقة ، تحل في فراغ وقت جانح الى تهافت ، وهي حالة لا علاقة لها بالكتاب ولا بالكاتبة ولا بما كان له الكتاب .
ولقد لفت انتباهي قراء عديدون الى استعجابهم من تفاوت بين الثلاثية وبين كتاب نسيان ، وبرأيهم أن الكاتبة واحدة فكيف اللغة هنا والسرد هنا ، والبناء الفني هنا في نسيان مختلف جذريا ، عنه في الثلاثية ، وبرأيهم بأنهم حين أخذتهم اللهفة على كتاب جديد للكاتبة ، قد أخذتهم بوازع من أثر الثلاثية في نفوسهم وعقولهم ، ولكنهم فوجئوا بما هو مختلف ، ولقد أجد العذر الى هؤلاء فهم بالضرورة ليسوا ممن برعوا في كتابة ، وانما في تذوق رواية أو نص فهم مقبلون على قراءة ما يستهوون ويحبون ، فليسوا ممن لهم صلة عميقة بتكوين حكم في نص ، فتساؤلهم به من دلالة على مستوى وصلوه ، وهو ما يدعو الى لفت انتباههم الى أن ما يقولونه صحيح ، لكن استعجابهم يزول حين يدركون بأن الثلاثية انما هي حكاية وطن ..حكاية شعب ، والكاتبة بازاء وطنها وشعبها ، اختارت ما يتفق من بناء فني ولغة وسرد ومفاهيم في جملتها شكلت الحكاية ، لكن " نسيان " ، هو كتاب له خصيصة مختلفة بتة ، فهو يقترب بتناوله للحب على اطلاقه ، ولكنه ليس كتابا في وجوه للحب وفقط ، وانما هو يتمركز في وضعية للفتاة أو المرأة في جانب من هذا الحب ، وهو العذاب الذي يظل كنار تتقلى عليه الفتاة أو المرأة تحت ظروف شتى ، وهي نار الشوق والوفاء ، فالحب له وجه وفاء ، وهذا باب اعتصار للنفس وبالتالي عذابها ، وهي عذابات ملأى بالمرارة وبالشوق أو بالرغبة على استواء الحس على علاقة سوية مع من ينحو نحوه الحس ، فثمة آخر وهو الذي تسبب بالعذاب ، بصرف النظر ، كان ظالما أم مظلوما ، فالحب لا يفهم سوى ذاته ، فهو الحب الذي لا يعترف بعارض ، فهو قوة نفسية عابرة للحدود ، لا حد يمكنه أن يحد من حب ، ولا تبرير يمكنه أن يكون مبررا لدى حب ، فالحب هو الذي يأخذ بجماع النفس وينحو بها بملء ما به من معان الى من هو الحبيب ، حتى وان قسى بهجر أو بقطع صلة ، فهو الحب الذي يمتلك النفس ، ولا حول ولا قوة لعقل بحال نفس تحب ، فالعقل تابع لا متبوع ، فعقلنة الحب ضرب من وهم ، فهكذا يبدو للحبيب ، فهو مرتاح في حبه ، فهو الحب الذي يشعله ويضيء له الحياة ، بطريقة لا يمكنه معنى آخر، أن يقوم بمثل ما يقوم به هذا الحب ، فأحضان الحبيب هي الدنيا وما فيها ، فهكذا يتراءى لمن أحب ، فهو بالحب يملك الدنيا ، بل يملك كل ما يريده من هذه الدنيا ، ومن هنا الاحساس بالحرمان ، حين البعاد أو الهجر أو القطيعة أو ...، فنشأة العذاب في النفس كثيرا ما أدت الى حالات نفسية تحتاج الى من يعين ، وهو العون المظنون بأن به خلاص من حس عميق اسمه الحب ، فكيف ؟ ، وهل ثمة شفاء من حب ، فهو الذي لا شفاء منه ، فهكذا تذهب الظنون ، وعلى الأخص منها ظنون العاشقات ، فكثيرة هي العذابات التي تتشعب ألوانها في نفوس معذابات ، وكثيرة هي في الواقع السرديات لعاشقات ، ومن أحببن ، فثمة سير كثيرة ، تحتاج الى سرد يتعقلن ما لا تراه العاشقة نفسها ، بأنه القابل لعقلنة ، لكنه رأي ووجهة نظر عقل يطل على مشهد عذاب لعاشقة أمامه ، ويرى بأن هذه العاشقة تحتاج الى معونة من فكر ، يساعد في هكذا حال ، وهكذا يذهب من بهم اطلالة على أحوال العاشقات ، فبظنهم ثمة عقل يجب أن يأخذ دوره ، ولا بد لهذا العقل من أن يطل على عقل العاشقة ، ليخرجها مما هي فيه ، من ذوبان في عشق، أصبح في حكم عذاب ، فهو عشق أو حب لطرف أدار ظهره ، ولم يعد في حقيقته طرفا في علاقة بهذا الحب الذي تتقلى العاشقة على ناره ، فالاكتواء المستمر بنار حب كهذا لا بد من أن يتوقف ، فكيف ، فهنا البذل ضمن الصياغة أو الابداع لهذه الكيفية ، وهنا كان دوما دور النزوع الى تقديم عون لهذه العاشقة ، وكذلك كان أداء علماء نفس ولم يزل في أحوال حب كثيرة ، فهي الكيفية التي يراد لها أن تكون فالحة في تحقيق خلاص عاشقة من عشق يمرمرها، فما هي هذه الكيفية ، وهل يمكنها أن تكون بملء المراد منها ، من استخلاص نفس عاشقة ، من حب استحال نبع مرارة ، تمزق في حياتها ، فهي انسان ومن حق هذا الانسان الأنثى أن تستوى له الدنيا ، فلا يجب أن يكون ضحية طهارة نفس ، ولا ضحية وهم ، ولا ضحية من أي قبيل من ذلك فهي انسان ، ولا أصح من أن يبلغ الانسان بانسان درب خلاص ، وهنا كان البحث عن معالجة عاشقة من عشق يكاد ينتقصها حياتها بعد غدر أو هجر ، هو برأيها لم تكن هي تستحقه ، فهي عاشقة وبها عطاء العشق ومظلومة مغدورة ، متمرمرة بمزيج من حب واحساس بظلم ، وهنا في هذا النطاق كان للادبية أحلام مستغانمة ما يزيد في عمق تأملها ، اذ سنحت لها ظروف علاقة أن تتم دعوتها لترى كيف أنه يتم استعمال الثلاثية في معالجة نفسانية ، وكان لها مشاهداتها بأم عينيها في عيادة ما في الخليج ، فكانت تساؤلاتها ، وكانت اطلالة فكرها ، وهجم عليها سؤالها ماذا يمكنها أن تضيف ، وكيف يمكنها أن تؤلف ، فهو نطاق ملهم للأديبة وخاصة منهن أحلام مستغانمي التي أبدعت في تصوير حب الوطن الهائم على موج متلاطم زاخر بكل تيار يهب على الوطن ، فكانت فكرة الكتاب (نسيان ) ، فهي حالات حب مختلفة ، وهي عذابات متفاوته ، وهو حرمان يموج فيها جميعا ، وهي كلها حالات لا يحسن بها حل سواه الذي انتبهت اليه احلام وهو نسيان ، فلا حل سواه ، انه البدء من جديد ، فهي حياة انسان ، وهو في هذه الحالة انثى ، ومن حقها على نفسها أن تنسى ، وتبدأ مباشرة حياتها ، تتجدد بنسيان ، لتبدأ بداية أخرى فتقبل على الحياة ، فلا تظل أسيرة حب لم يعد له طرف آخر ، فلقد أصبح مقطوعا ، فهي الحياة التي تركض ، وأولى بالانسان أن يدركها ليكون فيها فاعلا ومؤثرا ، فالعاشقة يجب أن تلتفت الى نفسها ، وتخدم نفسها بنسيان من هو جدير بأن يطويه النسيان ، فالنسيان هو الحل .
ومن هنا وعلى دفات فكر الأدبية راح يترتب البناء الفني لكتاب اسمه " نسيان " ، فحالات عشق مختلفة ، تدور بها عذابات متفاوتة في عمقها ، وفي مبلغ تأثيرها على حياة العاشقة ، وهكذا أصبح لا بد من تبويب الكتاب ، بما يتفق والحالات التي يتناولها . وكذلك العناوين ، فلا بد وأن تكون بها دلالة على مضمون الحالة العشقية ، وأيضا كل حالة لا مفر ويتم تناولها بما يتفق وكيفية تخليص العاشقة من عذاباتها .
وبالتفاتة الى جميع الحالات العشقية ( أو حالات الحب الذي أصبح منصبا على طرف علاقة لم تعد قائمة ) ، الدامعة أسى وحسرة كلها ، لنجد بأن جامعا في الخطاب اليها ، هو ضرورة نسيان في حياة الانسان الأنثى ، فكيف والذكريات لا تنفك تطل بما بها .. كيف يتأتى نسيان ، فاذكري أيتها الأنثى " ليلة الجدي " ، فلعلها تتدافع الذكريات الى زاوية النسيان ، وهو حل تنطق به حكمة جزائرية تحكيها الكاتبة في كتابها ، ولا أدري لماذا لم يتعنون كتاب الكاتبة ب " ليلة الجدي " بدلا عن نسيان ، فلربما لأن (نسيان ) غاية مطلوبة بذاتها ، رغم كل هجوم كاسح لذكريات ، وذلك لكي تبدأ هذه الأنثى الانسان حياة من جديد . وحيث أن الحالة العشقية الواحدة ، ليست بلا مثيل لها ، وانما هي ظاهرة عامة ، وذات تكرارية في الحياة وعبر الزمان ، فلا بد من مناخ عام ، من جمع شمل الصيحة الفردية ( نسيان ) ، في اطار صيحة جامعة كلية (نسيان ) ، فلست وحدك ، وانما غيرك ، بمثل ما أنت عليه ، فأنت واحدة من كثيرات ، وها هن مثيلاتك يشاركنك صيحتك .. قرارك .. نسيان ، فهو حزب النسيان ، الجامع في اطاره كل نسيان ، وهذا الحزب ضرورة شفاء وعافية ، وضرورة حس بأنك .. يا ايتها العاشقة لست وحدك في الاقرار ، بأن " ليلة الجدي " آلية انتاج ( نسيان ) ، وبأن ( نسيان ) ، تحت أي عقلنة لحالك الذي حالت أحوالك اليه ، بعد بتر لعلاقة مع حبيب ، انما هو الحل .

.................................................. ................................................
3/12/2009 الخميس
astrosameh@Gmail.com

فيزيائيكو 04-12-2009 19:40

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

طالبة جديدة 08-12-2009 20:31

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
[SIZE="5"]اشكركم على جهودكم الرائعة التي على تساعد على تحفيز المشتركين

وأنا اسفة جدا لتأخري في الرد
الرجاء منكم المسامحة[/SIZE]
وان شاء الله نكون عند حسن ظنكم

فتفوته سكر 09-12-2009 16:02

رد: يا فتفوته سكر،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
:هل تريد يا فتفوته سكر
أن يكون يكون هذا الوسام من نصيبك ؟ هل تريد أن تكون العضو المميز لشهر فبراير؟

ياليت بس انا اخر سنه في الجامعه وماعندي وقت اخلص وراح اطفشكم:a_plain111:

abdelsalam 09-12-2009 17:39

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
[align=center][/align] بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شـكــ وبارك الله فيكم ـــرا لكم ... لكم مني أجمل تحية .

nacer1968 10-12-2009 15:38

رد: يا nacer1968،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
السلام عليكم ومبروك عليكم هذا الموقع الرائع مع شكركم على المجهود المبذول وأتمنى أن اساهم معكم في انجاح هذه الصدقة الجارية. احتاج فقط بعض الوقت لرؤية المواضيع المتناولة واحتياجات المشتركين. مع ان تعليمي بالفرنسية و الأنجليزية لكن ساحاول ترجمة ماأستطعت. وفقني الله واياكم.

فيصل ادم حماد محمد 10-12-2009 21:34

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي و صديقي abdelsalam أشكرك علي الرسالة الرقيقة اتمني ان أكون عند حسن ظنك

كايد الكون 11-12-2009 01:48

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
مشكوووووووووور اخي على الابدع والفكره الجميله علماااا ان الموضوع شد انتباهي وخصوصا كايد الكون سوالي لماذا ناديت بالياء المنادي في عنووانك الهمني ما هو السبب واكون شاكر لك يا غالي

بزونة الفيزياء 11-12-2009 19:01

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
شكرا لمنحكم لي هذا اللقب وانشالله ان اكون كد المسؤوليه

هوهه 12-12-2009 01:22

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
kingstars18
اشكرك لتشجيعك وافادتي بالقوانين لاني كنت اجهلها
سافعل قصارى جهدي واعذروني على التقصير لانشغالي في وظيفتي لانني معلمة جديدة ...

door 14-12-2009 19:53

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
شكرا لك واكيد الكل يتمنى للحصول على هذه المميزة
تحياتي لكم

amas_206 14-12-2009 22:44

رد: يا amas_206،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية . وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته :s_thumbup:

محمد يوسف جبارين 15-12-2009 17:04

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
حريق بين رموشي

بقلم : محمد يوسف جبارين( ابوسامح)..أم الفحم..فلسطين

حريق لا يزال ماثلا أمام عيوني . لا ينزل من بين رموشي . أتماثله دوما فكأني أراه ، كما رأيته أول مرة . رأيت الدخان ، فطار بي عقلي و وجداني ، مع من طاروا ، الى حيث يطير الوعي والانتماء والايمان ، بقلب ينخلع من مكانه الى ما تراه عيناه .
ولا يزال الحريق نافذة فكري ، الى فهم ما كان ، وما هو آيل ليكون ، فلم يتشكل لدي مفهوم واحد ، لكل ما له صلة بالمكان خارج الحريق . لقد كان الحريق هو رسالة القوة ، الى التاريخ والجغرافية والديمغرافية ، واللغة والثقافة والدين .
لم يكن الحريق جنونا من جنون مجنون ، ولا من خبل معتوه ، ولا من حقد يتغافل حكمة ، وانما كان رسما بوعي ، فجاء الحريق عملا يقول شيئا مفهوما ، لا يحتاج الى قراءة ، بعقل نادر في قدرته ، على فك تعقيدات التعقيد .
لقد كان الحريق يتكلم بلغة فصيحة العبارة ، وبها سهولة ويسر ، وجاءت تبلغ رسالة ، وقد وصلت الرسالة . وقد فهمت من الرسالة ، بأن من لا هوية جغرافية له ، قد أصبح بالقوة يريد بناء هيكل مكان الأقصى ، وذلك ليعيد كتابة التاريخ ، على أساس أن له هوية ، فالحريق مثل الاقتلاع ، يقومان على احتلال الجغرافية ، بوهم الغاء التاريخ والهوية ، للتأثيث لتاريخ وهوية .
ومن يومها تعرت أمامي حركة التاريخ .. منذ سقوط قرطبة واحتجاز ما يقارب الألف من العلماء العرب ، لارغامهم على نقل العلوم الى غيرهم في اسبانيا .. في أوروبا .
وعرفت لأول مرة ، بأن مسؤولية السياسة تتعدى واقع الحال ، الى واقع قادم تكون فيه أجيال لم تولد بعد .
فأوروبا التي تم البدء في تأهيلها ، منذ ذلك الوقت لاجتياح العالم ، وبما أبدعته من علوم وقوة ، هي التي أهلت من أشعلوا الحريق ، فقد تخرجوا من التأهيل ، وبهم علم ومال وقوة ، وقراءة واعية لخريطة العالم ، بما فيها من جغرافية وسلطة واقتصاد وعقائد ومفاهيم وقيم .
وفي المقابل ، هنا عندنا ، ومنذ ذلك الوقت ، تدافع تأهيل المنطقة الى فقر وسوء تدبير ، والى الأمية ، في وقت فيه الجيران ( أوروبا ) ، يؤهلون أنفسهم بالمال والعلم والقوة ، وبذلك احتلوا جغرافية العالم ، ونهبوا ثرواتها ، وباعوا واشتروا الناس ، وساموهم العذاب ، ولا نزال نحن نذبح في بيوتنا ، وتهدم بيوتنا ، فوق رؤوسنا ، وكل ذلك يحصل ، ونحن نعرف بأننا قبل سقوط قرطبة كنا شيئا مختلفا . ونسأل الآن ، لماذا تأخرنا . بل لماذا حصل أن تم تشريدنا من ديارنا ، ولماذا تم حرق مسجدنا أمام عيوننا ، ولماذا هم يقتلون الناس ، وهم يصلون في بيت الله .. لماذا نحن عاجزون .. لماذا فارق القوة بيننا وبين أوروبا وأميركا بهذا الاتساع المخيف .
وحين أقرأ البتاني وابداعاته في الفلك ..في علم الهيئة .. في قراءة مواقع النجوم من فوقنا ، أو ما أبدعه أبناء هذه الأمة ، أو حصلوه واستوعبوه وفهموه واستعملوه وأضافوا اليه ، في حساب المثلثات والجبر والفلك ، ينسرح فكري ، ويتألق السؤال الحائر ، لماذا بعد أن استوينا على درب صوابنا ، حارت ألبابنا ، وتاه دليلنا ؟ ، لماذا الآخرون غيرنا التفتوا الى ما نحن عليه ، وما هو بين دفات عقولنا وبين أيدينا ، وعرفوا كيف يأخذون ، وماذا يأخذون منا ، وعرفوا كيف ينهضون من الظلام ، وتدافعوا نحو أحلامهم وحققوا سبقا مذهلا ، بطول المسافة الممتدة الآن بين تفوقهم وبين تخلفنا . ولماذا لا أقول بأني وأنا ألاحظ في قراءتي لابن الهيثم بأنه يؤسس لمنهج تجريبي ، وألمس في بحوث جابر بن حيان ، بأنه يدخل بنا بوابات العلم الطبيعي بمنطق ومنهج يمكنا تطويره والسير في ركابه ، أو أقرأ في مقال لابن رشد ، في ابداع فكرة السببية ، تجوبني الحسرة وتدمع عيوني .. فكل ذلك أركناه بلا وعي منا ، على رفوف الذكرى ، على عتبات النسيان ، بينما كل ذلك راح مضافا في صحوة عقل غيرنا .. ذهب كنهضة حياة ينهض بها غيرنا ، وأسدلنا ستائر الجهل على عقولنا ، فكل تألق فكر نخبو به ، وكل تفلسف نجنح به الى كفر نجلده ونئده .. نواريه غروبا في نسيان ، فابن رشد تناولت النار كتبه في الأندلس ، في موسم ابتسامة الترحاب بكل فتنة وجهل . لكن فلسفته التي أشعل عرب بها النيران ، قد ساهمت كثيرا في انارة طريق الفكر في أوروبا . ولم يزل سؤال الحريق ، لماذا بلغ الحال بنا ، الى أن تجرأت مخلوقات ، على اشعال النار في مواطىء أقدام الفاروق ، وأبي عبيدة وصلاح الدين .. لماذا ؟! .. اننا باكتشاف العلاقات السببية ، في داخل سير تاريخ كان ، وفي بنيوية سير لتاريخ نريده أن يكون ، نعرف باستشرافنا بالعقل ، لغايات نؤملها ، ونرسو دوما بفكرنا عليها ، بأن الحرية والعدل والوحدة ، هي التي غابت وأهلت المنطقة ، الى مذابح ، في مدى امتد في أكثر من قرن من الزمان ، ناهيك الى ما كان وأدى ، من قبل ذلك ، الى سهولة أمام تتار وأوروبيين جاءوا غزاة تحت شعارات صليب أو غيره .. فكيفما عبث العابثون ، وغدر الغادرون ، ولعب بقضايا المصير التافهون ، فالحريق هو الحريق الذي لم يزل هو الشاهد على التاريخ ، وعلى ماذا علينا أن نفعل .

Ahmed63 17-12-2009 22:53

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
بسم الله الرحمن الرحيم شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
إنها لمبادرة حسنة ومن الآن اعتبرني عضوا مرشحا ممكن يحالفني الحظ ولما لا
أخوك [rainbow]Ahmed63[/rainbow] .

المميز 19-12-2009 22:43

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
واكيد الكل يتمنى للحصول على هذه المميزة


لكن الله يقدرني والجمع

لكم احتراااااااااامي

THE MOST PHISICS LOVER 20-12-2009 12:23

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
شكراً لتحفيزكم شكله منتدى روووووووووووووووووعة
تسلموووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو وووووووووووووووو

محمد يوسف جبارين 24-12-2009 12:37

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
شروق

بقلم : محمد يوسف جبارين( ابوسامح ) ..أم الفحم ..فلسطين

شروق ريحانه ثقافة ووعي، يتعطّر بها الوطن، وبروائحها ، يود لو يجعل حياته خضراء، مثل بساط الربيع في نيسان، وبيضاء في صفائها مثل بشائر الأمل في ثقافة الأحرار .
فقد عصفت موجات ظلام سوداء بالوطن، وما زالت رياحينه تعاركها، فتسيل من عروقها دماء حمراء ، فتتجلى مثل شفق أحمر بين طياته شروق ، يسبق ميلاد النهار. ما جعل شروق أحلى كلمة، وأعذب لحن في فم كل حر أجهدته مهماته ، ويهيم به الشوق الى ما يتوجب فعله ، فقد طال انتظار شروق الحرية وابتسامة نهارها في الحياة.
فمن لسان الارادة الحرة نزل اسمها ، كأمل ترق النفس به ، وتتملى من بوح عطره فتنتعش ، فتهفو الى ما يضيف له نموا ، ويدنو به من مثول ، بين رموش العين ، كحقيقة واقع افترشتها الحياة ، بشوق العطاشى الى الماء .
شبت شروق في ظروف، لم يبق فيها شبر من الأرض ، الا وحط عليه نير احتلال ، وضاقت المساحة تحت أقدام العيش ، فلاح العلم كطريق خلاص من مأزق المعاش . فعرفت شروق طريقها ، وأقبلت على العلم ، واليه تزيد في ثقافتها ووعيها، ترقب حركة الحوادث ، ترى وتسمع وتبني موقفا ، الى أن اصبحت غايتها ، أن يتم سحب كل شبر أرض ، من تحت أقدام الاحتلال.
فكل يوم ترى تلالا وجبالا وسهولا ، تغزوها بيوت الغرباء ، وحواجز على الطرقات ، واذلالا من كل لون ، وجوعا وعطشا ، واغتيالات ، وأعدادا من أحباب الأرض ، ينامون ليلهم ، ليصبحوا تحت الأنقاض ، يلفظون آخر ما بهم من أنفاس ، وطائرات تطوف فوق هذا الشارع أو ذاك ، وبصواريخها تحترق سيارة وتتمزق قلوب ، هي أغلى الناس على الناس ، وسجونا وزنازين وعذابا ..أشد العذاب ، ودموعا تفور عزيزة في المآقي ، تقسم أغلظ الأيمان ، أن تواصل السير كان ما يكون البذل والشقاء والعذاب ، ومهما بلغت التضحيات ، فارادات كلها يجب أن تتسابق ، في جعل شروق الحرية حتمية .. فيعاد الوطن الى أهله ، فبالحرية يتحررون ويضعون أركان الحياة .
شربت شروق من حركة الحوادث ، ما جعل لها بصيرة نافذة ، تحيط وتدقق في أدق التفاصيل، وتعرف الأسباب ثم تبني موقفا . وقد استجمعت وعي الخلاص ، من داخل الفعل الباني للقدرة ، التي يتراجع بها القهر والعذاب ، فكل قدرة في تقديرها ، يجب أن تكون في محل زحزحة ، يرتد بها الاحتلال الى الوراء ، ومن كثرة ما قرأت ولاحظت آثار اختلاف العلاقة بالواقع ، وما لذلك من أثر في مستقبل الوطن ، انتبهت الى أن من مقتضيات الحرية ، أن تتغذى وتنمو – لا أن يتم اختزالها بقوى تضعفها أو تنفيها . ما دعاها الى المجاهرة ، بالمناداة بلزوم التفريق بين الثقافة ، وبين ثقافة هي أحوج ما تكون الى الاعتقال، أي الى مصانع تنقية تزيل ما التاثت به، وله خطورة على ضرورات الوطن . فعلى حد تعبير شروق، فحاجتنا الى العقل، أن يعقل الظروف صحيحا، وأن يقدر الموقف صوابا، فعلى ذلك يترتب فعل الارادة، وما يليه من ردود فعل، فتنقية ما تصر فئات أن تدعوها ثقافة ، انما هو ضرورة استقامة عقل وأداء ارادة، في السير بالوطن صحيحا الى الأمام .
ولعل أول كلمات حطّت من فم شروق على جوارحي ، قد جاءتني، مثل خطفة البرق لتضيء لي جانبا من شخصية هذه الفتاة ، وصفحة من وعيها وثقافتها ، وما لها من صياغات ، لتفاعلاتها بقضايا الوطن، وكانت فرصتي هذه ، قد حلت في وقت ، كانت النيران فيه قد تراجعت، تاركة وراءها أشلاء ودماء وبيوتا ممزقة ، وجمعا يغمر المكان . فإذ ذاك لفتت انتباهي فتاة فارعة الطول شقراء، رومية المحيّا، مزنّرة بالحطة الفلسطينية ومعصوبة الرأس بالراية ، وعلى ثيابها دماء ، كما على يديها، فدانيتها مشدودا اليها ، بقوة انفعالها بمشهد غاب عن الأنظار بقوة الدمار، واقتربت حتى أصبحت أمامي، فتراءت لي بأنها بانفعالها وكلماتها تلد وطنا ، وقلت آنذاك في نفسي، بأن وطنا فيه هذه الفتاة لا يمكن له أن ينكسر.
وسألت من كان بجانبي ، يكاتفني النظر الى من تدهشه وتدهشني : ما اسم هذه السنديانة ، فقال بكل فخر واعتزاز ، نزلا محبة في نفسي ، وراحا من دون استئذان يكبران في داخلي .. انها شروق . وحالا خطر في بالي ، أن هذا الاسم رهن بهرولة الليل ، أمام زحف النهار .. ليل فشروق فنهار .. احتلال ، شروق ، فاستقلال ، ثلاثية طبيعة ، تتطابق بالتمام ، مع ثلاثية وطن ، دورة كرة أرضية ، ودورة حياة .
وعلى غير انتظار مني أحسست بأن هذا الاسم، شق أحزاني بزهرة فرح ، رحت أحرص عليها ، أن تتغذى وتنمو في مستقبل أيامي .
وبينا أنا تحت وقع انفعال جارف بما حل بالمكان، وبأصوات ملؤها مرارة وغضب ، وأين انتم يا عرب.. استوقفني قول شروق ، بكل غضب تسعه الكلمات.. ليست دبابات الاحتلال وحدها تمزقنا وتردينا أشلاء، أشلاء، وتريدنا أذلاء، أذلاء.. لا والف لا.. هنالك من وقعوا في مصائد تخلّف ، ورجعية متحالفة مع الاستعمار، وأصبحوا بثقافة داخلها السم ، يتوهمون بأنهم يقيمون أعمدة مستقبل، ولكنهم في شوارع الوطن ، يفعلون الآن ما تفعله دبابات وطائرات الاحتلال.. فكلها أحقاد وكلها نيران تلتقي على صدورنا.
ومنذ ذلك الاستنفار في جوارحي ، تنامت لهفتي على هذه القدرة التي تشق للوعي دربا مستقيما الى ادراك مسألة الحياة والموت ، ومسألة الفعل وعلاقته بالأهداف العليا للوطن ، وهفت اطلالة شروق على ذاكرتي ، مثل رائحة الوطن في أنفاسي ، وأصبح عقلي حريصا على الدنو من هذا الميلاد لجيل عنوانه شروق .. فهذا اسم عبور الى النهار . وهو الجبهة التي تقف شاكية الوعي صفا واحدا ، تكتب بحروف من ضياء ، تكللها هالة بها حمرة دماء تجري ، وقت الثورة ، في خدود شروق ، ليأخذ منها قلم الحرية حبره ، ليخط حروفا في سيرة وطن يفك قيوده .
وبين أول شروق لشروق على نافذة عقلي، وشروق جاء بعده ، هدرت في أرجاء الوطن عواصف هدم ، وتلاحقت كما تفعل جرافة ببيت عربي في القدس، لا تترك عملها حتى لا تدع وراءها أي أثر يدل على أن عربيا كان في بيت هناك. ما يدل على أن صراع الوجود ينطوي على صراع على الدلالات، فمحو الدلالة بفم جرافة يسقط به حق الوجود. وتنسى الجرافة بأنها تكتب زيفا، وبأن القوة يمكنها أن تكتب فصلا داميا، وبأن تبرره بأصلف زيف. ولكنها تبقى عابرة، زيفا داميا، فصلا في كتاب شرق لطالما كساه الليل.. فكان الشروق، وكان النهار.
وتقلبت شروق على أكف عذابات الوطن وآماله، بين فعل تريد أن توقف به زحف جرافة تهجم على بيت أو على زيتونة، أو على دلالة، وبين فعل تريد به أن توقف تقدم نيران، لا تهنأ بغير دماء تنسكب ، وأشلاء تتطاير مثل شظايا قنابلها عند الانفجار، فهكذا هي شروق، فالوطن أولا، فاذا لا أمن لوجود، فهذا الوجود بين أنياب الطامعين.
وتراها وهي ترى الموت، ولا عقال له، تهب صائحة ؛ ذلك الموت جاء يعلن ميلاد الحياة. وحين رجت الأرض من وقع الظلام في بيت حانون، انتصبت قامتها، وهاجت بما بها من فهم لمجرى موجات الظلام في النهار، وصاحت، لا يبدد الظلام سوى علو قامات الضياء. وتنظر اليها، فتراها مثل لبوءة تنقل خطاها وهي قابضة على أن تلغي جوعها بأنيابها، فأصداء مشاهد الأشلاء في وعيها تضج بالنداء.. تنادي عليها، خذي مكاني، فأنا أم، وأنا طفولة، وأنا في مهد أحلامي، وأنا الحلم والتاريخ، فخذيني واشرقي صبحا يخط على الأرض ربيع أحلامي. خذيني الى الوعي واكتبيني نخيلا، شروقا يفيض شمسا في أنفاس بلادي. إرميني نعناعا في شاي يسر به قلب استراح من عناء مشوار، أراح به الأشجار، من أشواك تقض المضاجع. اذكريني دماء كتبت على الليل تراجعا، في مهرجان شروق يعبق ببشائر النهار.
تزرع شروق الآمال في صفحات الآلام، وترفرف بشوق الى كسر كل قيد يكبل زند حرية، وترسم الابتسامة في عيون معذبة بانتظارها عودة حبيب.
وكلما اجتمع لها وقت تبحث في خريطة القرى المدمرة، وتطير لترى أين كانت مواطئ أقدام ، ارغمتها القوة على الغربة بعيدا عن الوطن في مخيمات اللاجئين، ويا لحصاد ذهولها مما يجتمع لها بين جفونها، وبين عيون عقلها من المأساة. فكأن غيوم الأحزان تتلبد في نفسها لتمطر من عيونها دموعا، تكلم التراب حين تقبّله وتواعده على لقاء قادم مع الأحبة .. لا مفر، فحتما تعود الى ربوعها حياة فارقت مكانها مكرهة ، فهي على موعد مع نفسها أن تعود.
ولو سألت شروق، عن الصبر والى أين امتداده، لقالت هو بامتداد اللانهاية. لا نهاية لصبر على العودة حتى تأتي.
وما هو الصبر؟ انه ممانعة العزة، وآلية الاستقواء التي بها ينبلج صبح ابداع واستواء على مادة رد الفعل، واستذراء بها الى مرتبة عندها تتبدل الأدوار، فمن جاء يدوس الكرامة ، ويريد لها أن تنسلخ من دورها، يجد هذه الكرامة تقدم له، ما هو به يرتدع، ويرتد الى الوراء وبطريقة لم تخطر له على بال.
وبفطنة صابرة ممتلئة بالوطن ، وعت شروق بأن الحزن بانقطاع الصبر ، يستحيل سكينا يحز في رقبة الارادة الممتدة الى بذل وعطاء ، فآخر صورة تريد شروق أن تضمها عيناها ، هي أن ترى انسان ثورة ، وقد استحال نصفين ، فنصف مليء بعطاء ، ونصف آخر راكد بكفاني حزنا ، فلا صبر لي على المزيد ، فهذا تراجع في الصبر ، ويعني أن النيران قد أثمرت في الجانب الآخر ، فلم ينزل لها خطر كهذا ، كما غيره من الأخطار ، من خاطر ، فكل أوجاع الوطن تنطح بقرونها كل آن في أعماقها . ويا لحرارة الدمع في عيونها ، وهي تداني جفونا تقرحت على حبيب ، ويا لامارات الحزن ، وهي تطوف سخطا في ملامحها .
سقاها الوطن صبرا، وثّاب التحدي على كل جرح، وسقاها الغناء بمعنى التحدي، فثمة زغرودة من قلب حزن، علامة قول لا، واصرار على التحدي. تضم أم الشهيد وتقول: هيه في الغناء.. غني، وأَسمِعي الدنيا فرحتك بشهادة أعز نفس اليك في الحياة.
قولي لهم بزغرودة ، بأن الشهادة ، انما تزيدنا كبرياء .. دعيهم يقولون ، صنعنا لهم بالنار مأتما ، فاذا هم من داخل المأتم يصدحون بالغناء ..هيه يا أماه ..غني فزفاف الشهيد عرس يموج بالغناء ، فلا محل ليأس في نفس ، مكتوب على صفحتها ، أن تتفرقد كالنجم في الظلماء .
وهطلت من شرايين الحياة دماء كثيرة ، وسبحت في سماء الوطن سحب سوداء ، وأنا أتلمس أفعال شروق ، باقبال من يتابع حلقات من فترات ماضية من حياته مكتوبة بقلمه الرصاص .
وأتذكر بان حظي رقص لي، في لقاءات عديدة التقيتها فيها، ما ساعدني أن أعرف عنها كل ما سعيت اليه. وكانت أول مرة أتحدث فيها مباشرة معها، قد سبقت التحاقها بالجامعة بعامين. فعلى غير ميعاد التقى نظري بها، وكانت بين أكوام من بقايا دار أنزلتها صواريخ طائرة من طولها. وقد كانت تفتش في البقايا، فدانيتها وبوجع رفض لما آلت اليه هذه الدار، وبألم لا يختلف عن مثله في نفوس أهل الدار، سألتها ماذا تفعلين، قالت: أبحث عن كتبي ودفاتري ، فلعلي أجد بعضها. قلت : ما أسمك، قالت والابتسامة تعلو محياها. ألا يكفي أن تعرفني بأني شروق.. اسمي وقت ميلادي، فدى، أعطوني للوطن، بقراءة من عيون رأت أمامها مستقبلا ينتظر هذه التي لا تزال في المهد صغيرة. قلت : هل تكتبين شيئا مما يمر بك ، قالت وقد وضعت راحتيها على خاصرتيها، ورفعت رأسها الى السماء، وملأت صدرها بالهواء، ثم تنهدت وفاهت : لولا هذه الذاكرة التي تساعدني على كتبي ووظائفي، لما عرفت كيف أجد سبيلي الى علم أريد تحصيله.. على أية حال، مثلي يفعل والخير في أمثالك، فأنتم أقلام الحركة البانية لحرية هذا الشعب .سألتني عن اسمي، فهذا الاسم ربطني بالشمس، فحازت على اهتمامي تلك البقع السوداء، فبرغم ظهورها المتتالي على سطح الشمس ، وعلى اختلاف عددها، تظل الشمس تملأ الدنيا اشراقة وضياء. لكن المجتمعات، بكثرة البقع السوداء فيها. لا يمكنها أن تضيء. تنشغل بصراعاتها الداخلية، وتتطاحن، ولا ادري، ان كنت تلاحظ الخطر الذي بدأ يلوح في مجتمعنا ، من جراء كتلة سوداء هنا ، وأخرى لربما تظهر غدا . أنا أريد ان اقوم باجراء بحث عن هذه البقع ، فهل تساعدني؟ فقلت : فهذا شاغلي الذي يشقيني ويبعث في داخلي مخاوفي.
وحتى تكاتفت الظروف ، وسهلت لقاءنا ، مر وقت طويل على حركة الحوادث ، وهي بكل جراح تحز في نفوس أبناء الوطن .
وجاءت وجلست الى الطاولة أمامي ، ثم تناولت من حقيبة بيدها أوراقا وقالت : هذه وصية شهيد ، وهذه رسالة بخط سجين ، وهذه ورقة فيها بكاء لاجىء ساعة كتبت عليها القوة أن يكون بعيدا عن وطنه ، وهذه صورته في حديقة بيته الذي لا أثر له الآن ..أتيت بها اليك ، فافعل بها ما تراه مناسبا .
ثم مالت الى الوراء ، وأسندت ظهرها ، واستكملت كلامها بسؤالها الذي وقع على ذهني ، ليشغلني بالبحث عن معانيه في واقعنا .
قالت بحدة ، بينا الذكاء يطل من عيونها ، ماذا لو كان حصل ووجدت نفسك ، وجها لوجه ، أمام أهل الكهف ، ماذا كنت تقول لهم ، وماذا تتوقع بأنهم كانوا يقولون لك . قلت : هم يحدثون عن زمان كانوا فيه ، وأنا أحدث عن زماني . قالت : فاذا تدخلوا في زمانك ، قلت : فلا بد أن يكون أمامي أناس يتحدثون عن ظروف ، لا يعرفونها ، فأغلب كلامهم ، لا بل كله ، في رتبة الخطأ ، فلا قيمة له . قالت : فماذا لو أنكروا عليك زمانك ، وجعلوه باطلا ، وصدقهم الناس واتبعوهم بوجه قداسة يلبسونها . قلت فنحن أمام عملية نسخ ماض في حاضر ، فغربة في هذا العالم . انه حال أشبه ما يكون بغيبوبة يغط بها المجتمع ، ولربما بعدها لا يعود الى الحياة ، ولماذا أنت تغرقينني بكل هذه الاحتمالات ، فهذا أشبه بكابوس تدخلينني فيه . لقد عاد أهل الكهف الى مغائرهم وانتهى الأمر . قالت : فلماذا اذن ، لا يعود أهل الكهف في زماننا الى مغائرهم . قلت : ماذا تقصدين ؟. قالت : لا عليك ..أردت أن ألفت انتباهك فقط .
ثم قامت من مقعدها، وراحت تدور في غرفتي التي تغطت جدرانها برفوف كتب، تجمعت وتكدست بمرور السنين، فتارة تمر برموشها على أسياء كتب، وتارة أخرى تقلب بأناملها في صفحات كتاب، بينا أنا والصمت يلفني في مكاني، أفكر بما أشغلت به بالي ، حتى أخرجتني من انسراحي ، وأدهشتني بقولها، وبيدها كتاب عنوانه ناجي العلي ، لو أن كل قلم بصفاء ريشة هذا، لما كنا بحاجة الى الفهم متأخرا، بأن يافطة يجب أن توضع أمام كل مكتبة أو كتاب، وعليها ، حاذر من أن تصطادك ثقافة الظلام . فالصيد ليس واقعا فقط على السمكة والعصفورة والغزال ، وانما أيضا على الانسان ، والمصيدة في ذاتها شيء يستدرجك .. تراه ، تريد أن تأخذه ، تقترب منه بشهية ، وأنت لا تدري ، بأن بجانبه أطواقا ، قيودا تمتد اليك ، وتقبض عليك ساعة اقترابك لتأخذه ، فتأخذك ، ومن الكتب النفائس ، وأخرى بجانبها ..عناوين صفحاتها وكلماتها تتناول ما هو نفيس ، وبطريقة تجتذبك ، وما تدري الى ماذا هي تؤهلك ، تنشد اليها بحبك للنفائس ، فاذا أخذتها ، فأنت في كيس ، في اعتقال ، فاختيارات عقلك واتجاهات نفسك باملاءات ما أخذت وتناولت . يقرر لك من هم خارج الكيس سير ارادتك .. ثقافة .. مصيدة ، فارادة تتحرك ولا اختيار لها ..عصابة تتشكل ، هي الصواب ، وما عداها خطأ ، هي الحق وغيرها الباطل ، والحق يبيح دم الباطل ..قوة اجتماعية تهدر دم قوة اجتماعية أخرى .. مجتمع يلغي بقواه الذاتية قدرته . هل ثمة صعوبة في فهم ماذا نريد . فماذا نقول بشأن من يريدون منا أن نريد ما لا نريد ، ولا نريد ما نريد . هل هنالك في الخفاء ثمة شيء يتحرك ولا نعرفه ..كثيرون يفصلون لي الأمور ، ويقولون انظري ها هو ، وأحاول أن أفهم ، فأخشى الفهم وأهرب منه ، فالفهم في حال كهذا مخيف .
فخرجت من صمتي ، بأعصاب أشعلت كلماتها النيران فيها ، وبمرارة أشربتني اياها حسرات جرت لها في نفسها ، ما أسفر في داخلي عن علو أصوات تلعن ، فقد تراءت لي ، في ذهني ثورة عام 36 ، وكيف أن الانكليز فهموا التراكيب الاجتماعية ، والتباينات الفكرية ، وميزوا أمرين ، الاقتتال الداخلي ، واغتيال القادة ، على أنهما كفيلا باخماد الثورة . وأنتجوا ما أرادوا . قلت هذا لشروق بعيون الأسف على أجيال لا تجيد صناعة التاريخ ، وأضفت اليه قولي : لا أزال أسمع صوت المستعمرين يقولون : اصنعوا لهم ضعفهم ، اتركوهم يتصارعون ، حتى لا تبقى فيهم قوة تقف في وجهنا ، فذلك الأسهل لنا في بسط سيطرتنا عليهم ، وأحسبك يا شوق النهار الى افترار ثغره عن ابتسامة تتشوقين ، أن ترين طريقا واحدا تمشي عليه كل الأقدام نحو هدف واحد قريب المنال وواضح .
وأخذت مني كلامي وقالت : فهذا أقل القليل ، وهو ما لا أناقش عليه ، بل بعض جذر الفتنة هو الاختلاف ، عند النقاش عليه .
وخطت شروق خطوتين، واذا هي بجانب خريطة القرى المدمرة الممتدة على أحد أحواط مكتبتي، أدارت رأسها، وزرعت عيونها فيها وأطالت، ثم عادت وحددت البصر نحوي، فاذا بها شحوب، هو ما أبقت أصداء النكبة في وجهها، بعد أن مرت عليها برموشها. وشاع صمت في الغرفة. لا يلحظ العقل فيه سوى نظرات في الواقع تسائل نظرات في النكبة. ثم شقّت شروق الصمت بتساؤلاتها، لماذا هم عرفوا كيف يصنعون لنا مأساتنا، ولماذا نحن لم نعرف كيف نحفظ أمننا في ديارنا. لماذا هم ، برغم التباين في عروقهم وثقافاتهم والتراكيب الاجتماعية التي انحدروا منها، عرفوا كيف يأتون من كل بقاع الدنيا، وعرفوا كيف يخرجوننا من بيوتنا، ويقيمون دولة كانت الفكرة وكانت الثروة، وكانت العلاقات مع العالم، يوثقون بها الى ما يريدون، وكانت الدولة. كانت القوة تقابل ضعفنا، وحلّت المأساة.
لماذا هم يتبادلون السلطة، ودخان حواراتهم ملء أسماع الدنيا، ولا حوار بالنار على رأي ولا على موقف.. حوار وفقط حوار. فماذا تفعل النيران في شوارعنا، تتصيّد رأيا، موقفا، لحما.. لماذا أصبح في شوارعنا، الآخر يخاف السلاح بيد أخيه. كيف تكون دولة، والنار بيد رأي تأكل من لحم صاحب الرأي الآخر!! ، هل دماء موقف يجب أن تسيل من أجل أن يستبد ويطغى موقف آخر؟! ، فماذا يكون حال الانسان ، وكيف يكون حال الوعي والثقافة؟! ، يصبحا مقيدين وأسيرين بيد بندقية، ويصبح لدينا أسرى بيد احتلال وأسرى بيد وعي وثقافة، تطل من عيونهم النار علينا.
فهل أصبحنا بما بنا من وعي وثقافة ، موظفين في انتاج ضعفنا ، ليسهل على غيرنا الغاءنا من خريطة الأرض سياسيا .. ما هذه السهولة ، في اطلاق النار على من كان على النار أن تحفظ عليهم أمنهم . ما هو هذا الوعي ، وما هي هذه الثقافة التي تقف وراء هذه السهولة . كيف يمكن تبرير هذه السهولة . وهل ثمة عقل به كرامة يقبل ثمة تبرير ، أم أن النار أصبحت ضرورة حاضر ، لكي لا يكون مستقبل .
لماذا نام أجدادنا ملء جفونهم في مئات السنيين ، وأورثونا ضعفا ، ترك غيرنا يأكل من لحمنا ما يشاء ، ولما صحونا ، تاهت مشاربنا في كيف نصحوا ، وكيف نقف على الأقدام . وكلما قدرنا على رفع بناء ، قامت نيراننا تهدم هذا البناء .
والى هنا راح يتلبد الحزن في وجه شروق، فقد شقها ألم شديد، وهي تقول: دمروا العراق بعد شموخ البناء.. سقط الأمن القومي تحت أقدام الأمريكان. وفي شوارعنا .. ناسنا تائهون، خائفون، حيارى بين ألسنة النيران، فهذا يأكل بالنار من لحم هذا، كيف يتأتى لقلب قتل طفل، كيف تحاصر مئات البنادق بيتا وتقتل الرجل وأطفاله.. تفعل ما يفعله الاحتلال.. هل هي رخيصة الى هذا الحد هذه الدماء؟؟ ، هل هذا هو وعي يقيم صرح بناء؟! .
وندت من عينها دمعة، ونشج صدرها، ثم أجهشت بالبكاء وتاهت بي حيرتي وتململتُ في مكاني، وقد كان بودي ان أقوم من مكاني، وأن اضمّها الى صدري في عناق بين جيلين، اجتمعا على حب يجددان به حاضرا ، يرسمان به قبلة على ابتسامة شروق شمس الحرية.

حكاية حلم 26-12-2009 18:16

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
مشكورر أستاذي على تحفيزنا كأعضاء جدد

وإن أنشاء الله يكون لي نصيب فيها

أسسسفة على الرد متأخر

تقبل ودي

دموع الريم 26-12-2009 21:06

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
بصراااااااااااحة أعضاء ومشرفي الملتقى جداً رااااااائعين ...

وهذا تحفييييز راااااااائع ...


بارك الله فيك أخي Kingstars على جهودك الراااااااائعة ...

يوسف ملحم 26-12-2009 21:38

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
مرحباً:
نعم اتمنى ان اكون عضواً مميزاً, واشكر لكم هذه الثقه الرائعة.
مع الشكر, يوسف ملحم

فيزيائي جديد مرة 26-12-2009 21:39

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
السلام عليكم
هذا شئ مشجع جدا
و اشكر كل من ساهم في هذا الملتقى الجميل جدا

التسارع 26-12-2009 21:50

رد: يا التسارع،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
أنا التسارع بنفسه
أن كان السؤال موجه لي طبعاً أريد
ولكن أن كان السؤال عام وأنا من هذه العامة الفيزيائية فالجواب أكيد أريد أن أكون مميز
:s_thumbup:
جزاكم الله خيراً على هذه الأفكار النيرة وهذه الطرق بالتحفيز على العمل

husam safi 26-12-2009 23:52

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
السلام عليكم واشكركم كل لشكر على هذا التحفيز وان شاء الله الجميع يكون متميز بالمواضيع العلميه

husam safi 27-12-2009 00:02

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
سؤال هل هنالك علاقه بين الضغط ودرجة الحرارة وهل يوجد قانون يربطوهما وهل العلاقه طرديه ام عكسيه ؟

جزاكم الله خيرا

الرافد 27-12-2009 15:02

رد: يا [you]،، هل تريد تكون العضو المميز؟
 
بارك الله بيك وهاي فكره حلوة وانشالله تكون مشاركاتي مفيده


الساعة الآن 12:12

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir