د.زين يماني

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على المبعوث رحمة للعالمين نبيّنا محمد و على آله و صحبه و من اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أما بعد، فأتقدم بالشكر الجزيل للقائمين على منتدى الفيزيائيون العرب ، و على رأسهم الأخ الفاضل الأستاذ خلف الجميلي وفقه الله، على استضافتهم لي في هذا الحوار.

ثم، إني أرثي هذا الزمان الذي أصبح يشار إلى مثلي بـ"العالم" و الـ"جهود دعوية"..الخ.

فالله المستعان، هذا مع ضعف الحال.. و كما قيل "القرد بعين أمـّه غزال" !!

ثم إنني لم أقبل بهذا "الحوار" من باب الحديث عن الذات الذي هو مدعاة إلى الغرور و العجب، و ربما حتى ازدراء الناس لمن سمّع الآخرين بعمله. فقد قال النبي المصطفى صلى الله عليه و سلـّم "من سمع الناس بعمله سمع الله به مسامع خلقه و صغّره و حقّره".و إنما استجابة لطلب الإخوة الأعزاء القائمين على هذا المنتدى المبارك، و ظنهم أن في محاورتي شيء فائدة لرواده، فالله المستعان.



أنتقل للإجابة على أسئلة المقابلة:

الحمد أولا و أخيرا.. و ما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت. ما شاء الله كان و ما لم يشأ لم يكن. إن ربي على صراط مستقيم.

أعتقد أن هناك أمورا يحسن لفت النظر إليها:
أولا: كما ذكرت الأستاذة، هذا من توفيق الله، رب العالمين.

ثانيا: عائلتي من أفضل من يدعمني في عملي اليومي، سواء في الانهماك في التدريس و البحث العلمي و غير ذلك من الأعمال المرتبطة بالجامعة. أو في الانخراط في الأنشطة الأخرى مثل تعاوني مع برنامج الراصد الذي يبث على قناة المجد. و إنني مهما وصفت فإنني لن أوفي زوجتي (الحافظة العاقلة، المربية الداعية، سليلة النبي المصطفى صلى الله عليه و آله و سلـّم، أم الحسنين، الشريفة: هنادي بنت طلال محسن عنقاوي ) حقها و أصف فضلها عليّ، فبارك الله فيها و في أبنائي و جعلهم المولى قرة عين لي.

ثالثا: طلبي (شيئا من) العلم الشرعي على يد الشيخ محمد المنجد (و غيره) منذ كنت طالبا في المرحلة الثانوية ثم الجامعية، كان له أثر في تقليل الوقت و الجهد اللازمين للتحضير العلمي للراصد.

رابعا: برنامج الراصد يعمل فيه مجموعة متميزة من طلبة علم الشيخ محمد الذي يحملون عنـّي الجزء الأكبر مما يطرح بالراصد. و هنا ألفت إلى فائدة العمل الجماعي. {إنهم فتية آمنوا بربهم و زدناهم هدى}. {و اصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة و العشي يريدون وجهه، و لا تعد عيناك عنهم}. فالمرء ضعيف بنفسه قوي بإخوانه. و مضاعفة النشاط جماعة أعظم من مضاعفة كل منـّا نشاطه على حدة. فالعلاقة "فوق خطية" بالمصطلح الفيزيائي .

فهذه أسباب تزيد من رفع كفاءة الإنتاج.

ثم، إن ثمة أعمال (مهدرة للأوقات) أجتهد في اجتنابها منها:
1- مشاهدة التلفزيون (أصلا ما فيه تلفزيون في بيتنا).
2- متابعة الساحات (السياسية و لا غيرها) الإلكترونية
3- قراءة الجرائد. أما "الأخبار" فأستمع إليها إذاعيا على قناة القوات المسلحة الأمريكية منقولة من الـ Associated Press.
4- القيل و القال و تناقل الأخبار و انتهاك أعراض الآخرين بالغيبة و اللغو و كثرة النقاش في ما لا فائدة منه.
5- متابعة الرياضة، و لكنني أستطلع بعض أخبارها (أحيانا) لإظهار الجانب "الشبابي" من شخصيّتي لدى "الشباب"، و استخدامها في قدح بعض النقاشات في المجالس العامة.

أما تفصيل وضع الجدول، فإن لي جدولا يوميا ينتج منه جدول أسبوعي.

أبدأ يومي بعد الفجر، بورك لأمتي في بكورها, و لا أنام إلا في عز الصيف عندما يكون الفجر مبكرا جدا. أكمل عملي حتى بعيد الظهر. القيلولة مجرد خمس و عشرين دقيقة (منعشة!). بين المغرب و العشاء حظي في رضى الوالدين، أحاول أ أزورهما يوميا، و مسكنهما قريبا من خمس دقائق بالسيارة عن مسكني، و لله الحمد. و لا أسمح بالارتباطات (حتى "المهمة") بعد العشاء إلا في أيام الشتاء.

أما قيام الليل فمقصر أيـّما تقصير :( ، و لعل هذه النقطة مثال واضح على تضييعي شيئا من الأولويات، و الله المستعان. أسأل الله أن يصلح حالي و يعفو عني.

شكرا لك، أختي ربانة..

أشكرك و أستاذتك على ثنائك الذي أجزم بأنني لا أستأهله..

ملاحظة: أنا ما "تخصصت" في الفيزياء النووية، و إنما الذرية و الجزيئية (و الجوامد و النانو).

أما بالنسبة للعلوم "الأخرى" فلا غنى لنا عنها. فتقنية النانو، مثلا، تتداخل و بقوة مع الهندسة الميكانيكة خصوصا علم المواد و المواد المتداخلة (ما أدري إن كان هذا إسمها بالعربي، أنا أقصد nanocomposites) و في مكافحة التآكل و غيرها من علوم الهندسة الميكانيكية. كذلك فتقية النانو تتقاطع مع الهندسة الكهربية في الإلكترونيات و الاتصالات الكهروضوئية النانويّة nanoelectronics and optoelectronics. و بالنسبة للهندسة الكيميائية تدخل تقنية النانو في صناعة الأغشية (nanomembranes) و المحفزات الكيميائية (nanocatalysts)، و قس على ذلك.

أنا لا أنكر أن في تخصص الفيزياء بالتحديد، فقد أصبح علم الجوامد ( ومنه النانتكنولوجيا و الموصلات الفائقة و غيرهما) هو الأكثر طرقا ضمن فروع الفيزياء، فمعظم أعضاء هيئة التدريس في أقسام الفيزياء بجامعات الولايات المتحدة المتقدمة هم من علماء فيزياء الجوامد (condensed matter physics)، و لكن العالـَم محتاج العالـِم في مختلف التخصصات. و في نظري، فإن تميّز الفرد في تخصص تقني ما هو أهم من "ماهية" ذاك التخصص. و البحث نحتاجه في مختلف التخصصات.



أختي Ms. Physics.. أما ما يتميّز به معلـّم الفيزياء، فهل تقصدين المأمول و المفترض أو الواقع المعترض؟

إن الفيزيائي يفهم قوانين الطبيعة التي خلقها الله {الله خالق كل شيء و هو على كل شيء وكيل}. ثم إن الفيزيائي يسخـّر هذه القوانين (في الميكانيكا أو الكهرباء أو الضوء،...الخ) لخدمة الجنس البشري.. فكيف تعمل المروحة، المكيّف الهوائي (الصحراوي)، المكيّف الفريون، المدفئة،...الخ. لكي يرتاح الآدمي من حر الصيف و زمهرير الشتاء. و قيسي على ذلك وسائل النقل من دراجات و سيارات و طائرات، و الأجهزة التقنية من جوال، و تلفاز و حاسوب و أجهزة تصوير طبي بمختلف أنواعها. من الذي يدرك قوانين عمل هذه الأجهزة؟ بل، من الذي اخترع الترانزستور و الليزر..الخ. إنهم فيزيائيون.

و زكاة الفهم التفهيم، فالمعلم (المفترض) أن يحبب طلبته في العلوم بالشرح و التوضيح للظواهر الطبيعية و الأجهزة التكنولوجية.. و ليس إذا سأله الطالب، رد المعلـّم "هيّة كده!" 

بالإضافة إلى هذا، الأصل أن يتميّز معلـّم الفيزياء بالذكاء في الربط بين المتشابهات (في فروع الفيزياء المختلفة) و القدرة على التخيّل، و كذلك التمكن من الرياضيات. فهذا كله مما نطلبه من "الطالب" بالفيزياء، فكيف يفتقر إليه "المعلـّم" و قد قيل "فاقد الشيء لا يعطيه".

إن معلـّم الفيزياء (أكثر من معلـّم الكيمياء و الأحياء و الجغرافيا و العلوم الأخرى) يعتمد في شرحه على التوضيح و التفهيم بدلا من الحفظ و التسميع، و هذا يحتاج إلى سعة اطلاع و قوة حجة و تفهم ما قد يشكل في منطق و عقل الطالب.


أشكرك Ms. Physics

أم كلثوم:
نعلم ان للفيزياء علم واسع و متعدد التخصصات فأي فروع الفيزياء نشاط حاليا لانني سأتقدم بعد التخرج إن شاء الله لترشح لرسالة الماجستير و أريد التخصص في فرع عملي.

أنشط الفروع (في تقديري) هو فيزياء الجوامد و توابعه condensed matter physics. و لكن، أنا لا أرى أن يختار الواحد منـّا تخصصه بناء على مجرد "النشاط الحالي".
أقترح عليك و على كل راغب/ راغبة في إكمال الدراسات العليا أن يتناقشوا مع "أهل الذكر" في هذا المجال، و هم دكاترة الفيزياء المتمكنين، الجادين، الذين تثقين في نصيحتهم و حرصهم على ما ينفع أمتنا الإسلامية و هذا البلد الطيـّب. و هم كثر و لله الحمد و يمكنني أن أرشح لك بعض الأسماء من الإخوة و الأخوات إذا راسلتيني، على انفراد.

شكرا لك، أخيّتي..

أوافقك في النقطة العامة بغض النظر عن ذات المثال.

الصحيح أن مناهج الفيزياء في المرحلة الثانوية هي ممتازة من ناحية المفردات، و لكنها رديئة (في نظري) من ناحية المحتوى و العرض!

كما أن عندنا مشكلة عظمى و هي (عدم) تمكـّن المعلمين و المعلمات من المادة العلمية، و إغفال الوزارة قضية التطوير العلمي (لا أقصد التربوي) إلا في النادر. و الأمثلة على هاتين النقطتين فوق أن تحصر في أسطر.
نقطة وجيهة، أخي أحمد شكرا لك

أحرجتيني بثنائك الذي أجزم أنني لا أستأهله.. و كدت أتجاوز التعليق لولا أنني أحب أن ألفت الانتباه إلى أن الخير في أمتنا كثير. و أنا أجزم لو أننا طرقنا الأبواب الصحيحة لوجدنا عددا كبيرا من الأساتذة ممن عندهم علم بالإضافة إلى أسلوب التعليم. و هذا مما حظيت به جامعتنا خصوصا بقسم الفيزياء، و لله الحمد.

كما يسعدني أن أبشركم ببروز مجموعة مميزة من من طلبة الماجستير من مختلف الجامعات (معظمهم نساء!) يتبنون أسلوبي الذي ما أتيت به من عند نفسي و إنما هو من فضل الله أولا و أخيرا، ثم ما تعلمته من أساتذتي الأفاضل (و غير الأفاضل!!).

ممكن سؤال: لماذا تسمّين نفسك الأسيرة (طبعا، لا أريد جوابا). أقصد، روح المسلم في تفائله!!

أشكرك يا أستاذة و أتمنى أن تتعاوني معي و أمثالك في تنفيذ البرامج العلمية التي يقر الله بها أعيننا عندما ينتشر خيرها بين طلبتنا و حتى العوام.