ملتقى الفيزيائيين العرب

ملتقى الفيزيائيين العرب (http://www.phys4arab.net/vb/index.php)
-   منتدى الفيزياء الكهربائية والمغناطيسية. (http://www.phys4arab.net/vb/forumdisplay.php?f=11)
-   -   الطيف في المنظور الفيزيائي (http://www.phys4arab.net/vb/showthread.php?t=21703)

البيلسان2010 07-01-2008 23:57

الطيف في المنظور الفيزيائي
 
الـطـيـف.. فـي الـمـنـظـور الـفـيـزيـائي

كانت قضية (الضوء) لغزاً محيراً يراوح مكانه بين تأملات فلسفية وتطبيقات بدائية لا تجد لها أساساً منهجياً في الفهم والتعليل، واستمر الحال إلى أن جاء العالم البريطاني (إسحق نيوتن) في نهاية القرن السابع عشر الميلادي ليؤسّس لرؤى منضبطة في التعامل مع الظواهر الطبيعية، ويرسي (المنهج العلمي) بشروطه التجريبية وضوابطه النظرية وإجراءاته الدقيقة.

لقد اهتمّ (نيوتن) بظاهرة (الضوء) وأجرى مجموعة من التجارب للخـــلوص إلى فهم علمي دقيق لسلوك (الضوء) وطبيعته، وكان البحث الذي نشره (نيوتن) في عام 1672م، تحت عنوان (نظرية جديدة عن الضوء والألوان)، هو أول بحث ينشره في حياته، وكان لهذا البحث أثر عميق في تفسير ظاهرة (الضوء)، وترك بصمات مهمة على الفكر الفيزيائي، وما يرتبط بهذا الفكر من إنجازات نفعية ومعطيات متنوعة تتغلغل في كل أجزاء (العلوم الحديثة).

أمـا ذلك البحث فإنه يتلخّص في تجربة أجراها (نيوتن) إذْ وضع منشوراً ثلاثياً مصنوعاً من زجاج في غرفة مظلمة، وسمح لشعاع رقيق من ضوء الشمس بالمرور عبر ثقب في نافذة الغرفة، فسقط هذا الشعاع على أحد وجوه المنشور، وخرج من الطرف الآخر ليسقط على حاجز، وكانت النتيجة أن تحلّل الضوء الأبيض وتفرّق إلى سبعة أضواء ملوّنة، وهي الأحمر، فالبرتقالي، فالأصفر، فالأخضر، فالأزرق، فالنيلي، فالبنفسجي.

لقد أطلق (نيوتن) على هذه الأضواء الملونة اسم (الطيف)، ومن هنا كانت البداية مع هذا المصطلح الحيوي الذي أخذ بعد ذلك يحتل موقعاً متنامياً في (العلوم الحديثة)، وأصبح علم (الدراسات الطيفية) تخصّصاً قائماً بذاته له أربابه والقائمون عليه.

لقد تعدّدت عناصر (الطيف) لتتجاوز الألوان السبعة التي اكتشفها (نيوتن)، فبرزت في الساحة معطيات جديدة ليشمل (الطيف) نطاقاً واسعاً من (الموجات غير المرئية) التي تتفق مع موجات (الضوء) في كلّ خصالها وسلوكياتها، ولكنها تختلف فيما تحمله من طاقة، وتتمايز في أطوال موجاتها، وكـلّها أصبحت تنضوي تحت اسـم (الطيف الكهرومغناطيسي).

إن (الـضـوء) يـحتلّ منطقة ضيقة جدّاً من ذلك (الطيف الكهرومغناطيسي) الرحب، فهناك أشعة جاما والأشعة السينية والأشعة فوق البنفسجية، وهي التي تحتل مرتبة أعلى في الطاقة وأقصر في طول الموجة من موجات (الضوء)، وأمـا الأشعة تحت الحمراء والموجات الدقيقة (المايكرويف) وموجات الراديو فإنها تحتل موقعاً أدنى في الطاقة وأطول في طول الموجة من موجات (الضوء).

وهكذا تعرفت البشـرية على مدى رحب من (الموجات الكهرومغناطيسية) التي تسبح في كون الله الفسيح، واتضح للإنسان أن ما تدركه حواسه، وما تراه عيناه في منطقة (الضوء) ليس إلا جزءاً ضئيلاً من مملكة الخالق عزّ وجل وذلك مصداقاً لقــــوله تعالى: ( فـــلا أقسـم بما تبصرون. ومـــالا تبصرون ) (الحاقة:38-39).



الـعـائـلـة الكهـرومغـناطـيـسـية

تؤدي تلك (العائلة الكهرومغناطيسية) دوراً محورياً في الفكر العلمي، وأصبح ذلك (الطيف) الواسع مجالاً حيوياً لتطبيقات متنوّعة ودراسات علمية وتقنيات متطورة ابتداءً من الطب، ومروراً بعلوم المواد، ووصولاً إلى الأفلاك والمجرّات في هذا الكون الفسيح.

لقد أصبح مصطلح (الطيف) من أثرى المصطلحات وأهمها في قاموس (العلوم الحديثة)، وتأسس علم (الدراسات الطيفية) عندما اتضح أنه عند تهيج ذرات عنصر ما، فإنها تشعّ إشعاعات ذات أطوال موجية محدّدة بحيث أصبح لكلّ عنصر في الطبيعة خطوط طيفية مميزة، فكأنما تلك الإشعاعات هي بصمات لذرة العنصر بحيث يمكننا أن نعرف وجودها إذا اكتشفنا بصماتها.

وهكذا بنفس الطريقة التي يتم القبض فيها على الجاني بعد اكتشاف بصماته على مسرح الجريمة، استطاع سلاح (الطيف) الحاسم أن يكتشف وجود عنصر (الهليوم) على الشمس عبـر بـصماته الطيفية، وذلك قبل اكتشاف هذا العنصر على الأرض بنحو ثلاثين عاماً.

أمـا على صعيد المجرّات، فقد اتضح من الـدراسات الطيفية للضوء الوارد من مختلف المجرّات، أن الكون في حالة تمدّد دائم واتساع مستمر، وهو ما يُـعرف بنظرية (الكون المتمدّد)، وصـدق الحق عزّ وجل: ( والسماء بنيناها بأيدٍ وإنا لموسعون ) (الذاريات:47).

الـطـيـف.. مـن الـمـنـظـور الاجـتـمــاعــي
لقد سك نيوتن مصطلح (الطيف) ليصف ظاهرة فيزيائية تتمثل في تحلل (الضوء) إلى مكوّناته أو (أطيافه)، واستعار نيوتن ذلك اللفظ من كلمة (spectrum) وهي كلمة يونانية ليس لها صلة من قريب أو بعيد بالألوان، ومعناها هو (خيال) أو (شبح).

لقد غزا هذا (المصطلح) الفكر البشري، كما هو الحال مع عدد كبير من المصطلحات الفيزيائية، فأضاف بذلك ثراءً إلى المعطيات اللغوية والدلالات المعنوية، وتداخل مع التركيبات الثقافية والتفاعلات الحياتية، ولذا أصبحنا اليوم نتحدّث عن (الطيف الاجتماعي) و(الأطياف الثقافية) و(أطياف الرأي) في المجتمع.
لقد خذل (نيوتن) الفلاسفة والرومانسيين الذين أرادوا للضوء أن يكون صافياً ونقياًً لا تشوبه شـــائبة، ولا يعــكره لون، وأكّد (نيوتن) - عبر التجربة - أن (الضوء الأبيض) ضوء مركّب، وأن الأضواء الملوّنة هي عناصر (الضوء)، وهكذا يكون أصل هذا الدثار البديع من الألوان الرائعة في الطبيعة هـــو ضـــوء الشمس الأبيـــض، كمــا أن اللون الأبيض الناصع هو اختلاط هذه الألوان وتمازجها في تناغم وانسجام.

وعبر التأمل في ظاهرة (الطيف الفيزيائي) نجد مثالاً آخر يتكرر بانتظام في النواميس الكونية، وهو ذلك الالتقاء الباهر بين الطبيعة والإنسان، والفيزياء والحياة، والعلم والمجتمع، فتعدّد الآراء في المجتمع هو إثراء وتخصيب للتفاعلات الاجتماعية، وعندما يستطيع المجتمع أن يؤلّف بين عناصر (الطيف) الواسع من الرؤى والتجارب ووجهات النظر، ويسمح للتعدّدية بأن تُـبرز خصائصها لتلتقي في انسجام وتعاضد، فإنـه بذلك يـصنع اللون الساطـع البياض الذي لا تعكّره أحادية الرأي، ويقود إلى توهّج نور غامر عبر تآلف طيف واسع من الاجتهادات والقناعات.

ومن المناسب - في هذا المقام - أن نذكر أن من خصائص (الضوء) ظاهرة (تداخل الموجات)، حيث يمكن لموجات (الضوء) أن تتداخل (تداخلاً بنّاءً) فينتج عن ذلك سـطوع وشدة ضوئية عالية، كما يمكن أن يكون التداخل (تداخلاً هداماً) فتلغي الموجات بعضها بعضاً، ويضمحل تأثيرها.

وهكذا ـ أيضاً ـ حال المجتمعات، فعندما تتعدد الآراء وتتداخل في (الفضاء الفكري)، فإننا نحصل على (تداخل بنّاء) بين الحجج الأقوى والبراهين الأنصع، فيتعاظم تأثيرها، ويتضخّم عطاؤها، ومن تلك الآراء ما يتداخل (تداخلاً هدّاماً) فتنحسر موجته، وتتضاءل درجة تأثيره أو تنعدم، فيأمن المجتمــــع من ويـــــلات وإخـــفاقات كانت كامــــنة في رؤى مهــزوزة وقناعات ضحلة


المصدر

http://pr.sv.net/aw/2005/May/arabic/k-technicality.htm

omar 23-01-2008 22:24

رد: الطيف في المنظور الفيزيائي
 
يعطيك العافية

عادل الثبيتي 23-01-2008 22:49

رد: الطيف في المنظور الفيزيائي
 
يعطيك العافيه وبارك الله فيك وجــــــزاك الله خيـــــــــراً ،،،

kingstars18 24-01-2008 14:42

رد: الطيف في المنظور الفيزيائي
 
بارك الله فيك

البيلسان2010 25-01-2008 02:18

رد: الطيف في المنظور الفيزيائي
 
الله يعطيكم العافية جميعاً وبارك الله فيكم

ام ياسر 25-01-2008 12:36

رد: الطيف في المنظور الفيزيائي
 
جزاك الله خير الجزاء

البيلسان2010 26-01-2008 01:34

رد: الطيف في المنظور الفيزيائي
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام ياسر (المشاركة 196535)
جزاك الله خير الجزاء

وإياك


الساعة الآن 12:47

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir