![]() |
آينشتاين بين الاهتمام التلقائي والاهتمام الاضطراري (مقال رائع)
آينشتاين بين الاهتمام التلقائي والاهتمام الاضطراري
http://www.alriyadh.com/img/writers/file295.gif ابراهيم البليهي : إن تفوق آينشتاين المدهش فيما كان يهتم به اهتماماً ذاتياً تلقائياً مقابل إخفاقه فيما كان لا يهتم به إلا اضطراراً يُعَدُّ من الشواهد الرائعة على صحة نظرية (عبقرية الاهتمام التلقائي) فآينشتاين كما هو معروف يمثل ذروة الإبداع في الرياضيات والفيزياء لأنه مندفعٌ إليهما باهتمام تلقائي قوي مستغرق ولكنه بالمقابل كان أقل من عامة الدارسين في المجالات التي لا يهتم بها ذاتياً ليس هذا فقط بل كان يفشل في امتحانات المواد التي لا تهمه وهي الأكثر وهذا شاهدٌ حيٌ وحاسم على أن فاعلية الإنسان: تعلُّماً وأداءً هي نتاج الاهتمام التلقائي القوي المستغرق فليس أكثر إقناعاً من أن يتجسّد الإبداع في أعلى ذراه والإخفاق في أسوأ صوره في فرد واحد إن هذا يقيم برهاناً حياً وقاطعاً على أن الإنسان كائنٌ تلقائي وأن تعبئة قابلياته بالمعارف والمهارات والفضائل تتوقف على امتلاك مفتاح هذه التلقائية بتحريك طاقته من أعماقه وإثارة رغبة من داخله وتكوين الاهتمام القوي المستغرق في نفسه أما الاهتمام الاضطراري فلا يُنتج سوى الخواء حتى لو حصل الدارس على أعلى الدرجات في الامتحانات لأن التفوق المدرسي يدل على الحفظ المؤقت وليس على الفهم الدائم فهو ذو دلالة محددة ووقتية فقط. وبهذا فإن سيرة هذا العالم الفذ آينشتاين تُقَدِّم لنا أصدق النماذج على أن الإنسان كائنٌ تلقائي وأنه إذا تأججت رغبته فإنه بدلاً من أن يستثقل التعلُّم فإنه يستمتع به ويصبح عنده بمرور الوقت من أعظم المباهج وألذ الانشغالات وتتحول عملية التعلُّم إلى تجربة ذاتية مبهجة ومثيرة ولذيذة ومقابل ذلك فإنه يجد العُسءر كل العُسءر في التعلم الاضطراري إنه حين يتعلَّم بدافع داخلي تنساب المعرفة إلى عقله انسياباً هيِّناً عذباً فتندمج في كيانه النفسي وتُختَزن في لاوعيه أما ما يراد قسره على تعلُّمه فإنه يواجه عُسءراً شديداً في استيعابه ويبقى خارج بنيته الذهنية والعاطفية مهما بذل فيه من جهد لأنه مصادمٌ لطبيعته التلقائية فينساه بسرعة بعد إنجاز الامتحانات وكذلك شأنه في اكتساب المهارات وإتقان الأداء فلا مهارة ولا إتقان إلا بالرغبة الذاتية التلقائية التي تحركها متعة التمكُّن ولذَّة النجاح ونشوة الإنجاز. إن الكتب والدراسات الكثيرة التي صدرت عن آينشتاين تؤكد أنه كغيره من ذوي التفرد والتميُّز والتفكير المستقل كان نافراً من الدراسة النظامية وبلغ نفوره من الأجواء المدرسية واقتناعه بسوء أثرها على قابليات الدارسين وتلقائيتهم إلى حد أنه كان يستغرب كيف يبقى حب الاطلاع حياً في نفوس الدارسين بعد معاناة القسر المدرسي فكتب يقول: "إن عدم قضاء التعليم على الروح المقدسة لحب الاطلاع حتى الآن لهي معجزة بحق" فهو لا يكتفي بالقول إن فائدة التعليم النظامي ضحلة وإنما يراه ذا ضرر فظيع لأنه يطفئ اللهفة التلقائية الفطرية إلى التعلُّم لذلك يتعجب من أن حب الاطلاع ما زال حياً لدى بعض الدارسين وهو موقنٌ بأن هذا الحب قد مات عند الأكثرية وهذه رؤية فاصلة وحاسمة تؤكد أن موقفه من الدراسة النظامية لم يكن إيجابياً بحال بل كان شديد السلبية والنفور إنه قد واصلها وسايرها اضطراراً من أجل الحصول على شهادة تعترف بها مؤسسات التوظيف لتنسجم مع الواقع وليضمن لقمة العيش وليكون له اعتبار في مجتمع اعتاد على تحديد قيمة الإنسان بأشياء من خارج ذاته لذلك كتب بعد شهرته يقول: "لقد عانيت من أساتذتي فقد كانوا لا يحبونني نظراً لنزعي الاستقلالية وكانوا يتخطونني كلما احتاجوا إلى مساعدين" إن التعليم النظامي يريد الامتثال والطاعة من الدارسين إنه لا يهتم إلا بمن يستمعون ويطيعون ويمتثلون ويرددون ما يقال ولكنه يضيق بذوي التميُّز والتفرُّد الذين يثيرون الأسئلة ويحاكمون الواقع ولهم رؤية شخصية ثاقبة. إن آينشتاين قد دفعه نفوره من الدراسة والتأطير المدرسي والضيق بتحكم المعلمين إلى ترك المدرسة قبل أن يكمل المرحلة الثانوية لكنه حصل من معلم الرياضيات على تزكية قوية وإشادة بتفوقه الباهر في هذه المادة غير أنه صار محالاً قبوله بالجامعات دون إكمال المرحلة الثانوية فلم يبق أمامه سوى الالتحاق بأحد المعاهد الفنية لكنه أيضاً لم ينجح في امتحان القبول إلا أن المعهد قدَّر نبوغه في الرياضيات فأوصاه بأن يلتحق بإحدى المدارس ووعده بقبوله دون امتحان بعد حصوله على شهادتها وهكذا كان فقد أنهى الدراسة فيها بصعوبة وحصل على شهادة تؤكد تفوقه في مادتي الرياضيات والفيزياء وتعثره فيما عداهما من مواد لكن المعهد الفني السويسري (البوليتكنيك) برَّ بوعده فقبله وأعفاه من امتحان القبول فأمضى فيه أربع سنوات وأنهى الدراسة ولكن بعد مكابدة مريرة مع المعلمين وجهد جهيد مع المواد التي لا يستسيغها وكان آخر الناجحين ترتيباً!!.. إننا مع آينشتاين أمام إنسان أجمع العالم على تفوقه المدهش وإبداعه الفريد ومع ذلك فإننا حين ندرس سيرته نجده قد عانى أشد المعاناة من القسر المدرسي فقد كان مولعاً أشد الولع بالرياضيات فحقق فيها تفوقاً مدهشاً ثم امتد ولعه إلى الفيزياء فحقق فيها إبداعاته المعروفة لأنه كان يدرسها باندفاع شديد تحركه رغبة تلقائية ملحة من داخله ويستغرق بها باهتمام ذاتي محض لكن بمقدار تفوقه المدهش فيما يمحضه اهتمامه برغبة وابتهاج فقد كان يعاني أشد المعاناة من المواد التي لا يحبها ولقد كادت هذه المعاناة أن تعوقه عن مواصلة التعليم النظامي وكان يلجأ إلى زملائه وأصدقائه لمساعدته على تجاوز اختبارات المواد التي يكرهها بينما كان يظهر تفوقاً مدهشاً في المادتين المرغوبتين عنده (الرياضيات والفيزياء) رغم أنهما عند غيره من أصعب المواد وأشدها عُسءراً وتنفيراً وهذا من أوضح الشواهد على أن الحب والكره وما ينتج عنهما من رغبة أو نفور ومن انفتاح للذهن أو انغلاق هما اللذان يحركان السلوك إيجاباً أو سلباً وهذا نموذج حي ودليل واضح على أن الإنسان كائنٌ تلقائي وأن تعبئة قابلياته بالمعارف والمهارات والفضائل تتوقف على احترام تلقائيته لأن قابلياته تنفتح إذا أحب وتنغلق إذا كره. لذلك فإن آينشتاين بعد أن اكتسب احتراماً عالمياً واعترافاً بتميزه لم يتردد بأن يكرر التأكيد بأن الإنسان لا يمكن تعليمه قسراً وإنما تنحصر استفادته فيما يرغب فيه ذاتياً فهو يؤكد بأن الابتهاج بالعلم شرطٌ لتحصيله وأن الاستمتاع بالعمل شرطٌ لإتقانه فيقول: "إن أهم حافز على العمل سواء في المدرسة أو في الحياة هو اللذة التي تصاحب هذا العمل وتصاحب إتمامه والإحساس بأهمية نتيجته للمجتمع إن إثارة ودعم هذه القوى في نفوس الشباب هو أهم عمل منوط بالمدرسة إن مثل هذه الدعائم السيكولوجية تؤدي وحدها إلى اشتياق متلهف بهيج إلى أعز ما يمكن أن يملكه إنسان ألا وهو المعرفة والعمل بروح الفنان الموهوب" ويقول في موضع آخر: "إن الإنسان في كل ما يصدر عنه فكراً أو نشاطاً يهدف إلى تحقيق غايتين أساسيتين هما: أن تتوفر لديه احتياجاته الجوهرية وهي احتياجات يحسُّ بها إحساساً عميقاً.. ثم أن يتحاشى حدة الألم إن هذا يجب أن لا يغيب أبداً عن بالنا إذا كنا نريد أن نفهم الحركات الفكرية وسيرها إن العاطفة والحنين هما القوة الدافعة التي تقف وراء كل مجهود وابتكار بشري مهما تخفِّى هذان الحافزان وتستَّرا وراء مختلف الأقنعة وأشدها غرابة" إن الذين يجدون نفوراً من التعلُّم لن يحصلوا منه على فائدة حقيقية دائمة تكون لهم عتاداً مستمراً في مواجهة أعباء الحياة وإنما يكابدون التعلُّم القسري اضطراراً وينتهون منه دون أن يترك في نفوسهم أثراً إيجابياً يتناسب مع طول معاناتهم ولا مع ما جرى إنفاقه على تعليمهم ولا مع ما يتوقعه منهم الناس أو ما يحتاجه الوطن من فاعلية وإنتاج وإبداع. إن تجربة آينشتاين حين كان تلميذاً ثم تجربته مع الدارسين حين صار أستاذاً جعلته يقتنع تمام الاقتناع بعُقءم التعلُّم الاضطراري فالتعلُّم المنتج يتطلب إيقاظ الرغبة الذاتية وحشد الاهتمام التلقائي من أجل تهيئة قابليات الإنسان لأقصى درجات الفاعلية والالتحام لكن مؤسسات التعليم تستصعب هذه المهمة أو تعتبرها محالة أو ربما لا تعترف بها أو لا تملك وسائل هذا الإيقاظ ولا تدرك أسباب الخمود فتلجأ إلى القسءر لأنه الأسهل والمألوف والممارس منذ أقدم العصور فتحويل النفور المستحكم إلى رغبة ناشطة هو عملٌ استثنائي دقيق وعسير ويتطلب معارف ومهارات قد لا تتوفر لدى المربين والمعلمين لذلك يلجأ الأهل والمجتمع والمؤسسات التعليمية إلى الضغط من جهة والإغراء بالمستقبل من جهة أخرى والتخويف من نتائج الإخفاق الدراسي من جهة ثالثة لكن كل هذه الوسائل لا تخرج عن دائرة الاهتمام الاضطراري ولا علاقة لها بالاهتمام التلقائي الذي هو مصدر الفاعلية في التعلُّم والسلوك والأداء لأنه ينبع من أعماق الذات لذلك فإن آينشتاين يؤكد بأن الدافع الذاتي وحده هو الحل ولا بد من العمل على إيجاده بشتى الوسائل فيقول: "لا شك أن إيقاظ هذه الدوافع النفسية المنتجة عملٌ أشق من الالتجاء إلى الضغط أو إثارة الأطماع الشخصية ولكنه أقءيَمُ منها والنقطة الجوهرية هي أن ننمي ميل الطفل إلى اللعب ورغبته الطفولية في التميز وأن نقوده إلى مجالات تهم المجتمع ومثل هذه التربية قائمة على الرغبة في النشاط الناجح والتفوق فإذا وُفِّقَتء المدرسة إلى العمل بنجاح في هدى هذه الأفكار نالت أكبر تقدير من الأجيال الصاعدة وتحولت أعباء الواجبات المدرسية إلى نوع من الهبات والهدايا" إن ذهن الإنسان واستجاباته مرتبطةٌ بعواطفه فهي التي تفتحه أو تغلفه فما ينجذب إليه الفرد تلقائياً ينفتح له العقل أما الذي ينفر منه فينغلق عنه ولا يستجيب له ولا يتأثر به ويقتصر فيه على القدر الاضطراري فلا يتوسع فيه ذاتياً بخلاف ما يندفع إليه تلقائياً فإنه يعيشه كأسلوب حياة لا ينفك عنه ولا يمل منه ويبتهج به وبذلك تتضافر قدراته وتحتشد فاعليته. ويرى آينشتاين أن المقررات المدرسية ليست مهمة في ذاتها ولا في مضمونها ولا في المجال الذي تتناوله وإنما هو بناء القدرة العامة وتكوين الرغبة الدافعة وخلق الحافز التلقائي وتدريب العقل على التفكير الحر والموقف المستقل وتنمية المهارات المعرفية لكي يصبح كل دارس مستعداً لمواصلة التعلُّم طول عمره في كافة المجالات التي يمحضها اهتمامه وتنال إعجابه وتميل إليها نفسه ويتجه إليها طموحه فيكون قادراً على تغيير المجال كلما تغيرت اهتماماته لذلك فإنه لا بد من إعداد المعلمين إعداداً ناضجاً ومتكاملاً ونقدياً ومنفتحاً ثم كما يرى آينشتاين: إعطاء المعلمين الناضجين حرية واسعة لاختيار المواد ومنحهم حق التفنن في إثارة اهتمام الدارسين بأية وسيلة يرونها ناجعة فليس الهدف إعطاءهم معلومات وإنما المهمة الحقيقية للتعليم هي بناء القدرة العامة المفتوحة النامية وتكوين الرغبة الذاتية الصادقة في المعرفة والتدريب على كيفيات البحث عن المعلومات وإثارة الاهتمام بالحقيقة الموضوعية والإبقاء على غزيرة حب الاطلاع حية ومتقدة ونامية فيقول: "يجب أن نعطي المدرس حرية واسعة في اختيار مادة التعليم وطرق التدريس التي يستخدمها لأنه يفقد لذة العمل نتيجة للضغط الخارجي" إنه يرى أن المعلم مثل المتعلم يجب أن يكون مستمتعاً بالعمل شاعراً بأنه يحقق به ذاته وبأنه يسهم في تكوين الناشئين تكويناً يليق بأمة متحضِّرة ومنفتحة على كل الآفاق ومتطلعة إلى المستقبل بتفاؤل وانفتاح وثقة وبذلك سيكون اندفاع المعلم تلقائياً وليس اضطراراً فهو إذا أُعدَّ إعداداً جيداً ومُنح الثقة وأُعطي الحرية في التعامل مع الدارسين سوف يشعر أنه هو صاحب الشأن وليس مجرد مردِّد لما تريده المدرسة أو يحدده المنهج وبذلك يندفع المعلم تلقائياً لعمله برغبة ولذة وابتهاج فيبدع ويخلق في الدارسين روح الإبداع والابتهاج. إن آينشتاين يكرر التأكيد على أن مهمة التعليم ليست إعطاء المعلومات وإنما مهمته تكوين الإنسان الناضج الذي يملك الفاعلية في أي مجال يهتم به إن مهمة التعليم هي إعداد الأجيال للتعلُّم الذاتي فالعلوم تتطور والأحوال تتغيَّر ومطالب الحياة تتنوع فإذا تم إعداد الدارسين لتحمل مسؤوليات التعلُّم الدائم فإنهم سوف يخرجون من التعليم ناضجين ويكونون قادرين على التكيف مع مطالب الحياة المتنوعة ومهام الأعمال المتغيرة وامتلاك القدرة على العمل في أي مجال يهتمون به فيقول: "فلو أن شاباً دَرَّب عضلاته ولياقته البدنية ملتجئاً إلى الألعاب الرياضية والمشي فإنه يصبح مستعداً لكل عمل بدني وهذا يشبه تدريب العقل وتدريب المهارة اليدوية والعقلية" فالمطلوب من التعليم تكوين القدرة النامية المفتوحة وغرس الرغبة في التجدد الدائم والنمو المستمر وليس إعطاء المعلومات التي هي بطبيعتها خاضعة للمراجعة والتدارك والتصحيح والتغيُّر إن الإنسان يملك قابليات عظيمة لكننا نطمسها بسوء التعامل معها والاستخفاف بها والجهل بمفاتيحها وتأتي التلقائية بمقدمة هذه المفاتيح بل إنها المفتاح الرئيسي أو الأوحد. ويركز آينشتاين على الروح العلمية التي يجب غرسها في نفوس الشباب منذ البداية أما مواد التعليم فهي في نظره ثانوية الأهمية فالمضمون ليس غاية وإنما هو مجرد وسيلة وموضوع للنقاش والإثارة وتكوين الاهتمام التلقائي وإعداد العقل العلمي والحفز إلى التعلق بالحقيقة الموضوعية لذلك فإن آينشتاين ضد التخصص الضيق فالتخصص الحقيقي هو ما يندفع إليه الإنسان تلقائياً بمحض اهتمامه الذاتي وكما أن اهتمامات الإنسان تنمو وتتنوع وتتغير خلال مراحل عمره فكذلك تخصُّص الإنسان يجب أن يتغيَّر بتغيُّر اهتماماته ويرى آينشتاين أن تبقى الأبواب مفتوحة لمثل هذا التغيير فما يهواه الإنسان ويمحضه اهتمامه هو تخصصه الحقيقي وهو المجال الذي يستطيع فيه أن ينجز وربما يبدع أما الحكم عليه بالبقاء ثابتاً وحبسه طول عمره في مجال واحد فإنه قد يصيبه بالملل وربما يتحول عنه عاطفياً فينقلب الحب إلى كُرءه فيصبح لا يثير اهتمامه ولا يستمتع به فالحكم الأبدي بإبقائه ضمن تخصص واحد هو ظلمٌ له وبخسٌ لقابلياته وتجميدٌ للمواهب البشرية السخية التي تتألق بالانفتاح والحركة والتغيُّر وتنطفئ بالانغلاق والثبات والتكلس ويقول: "أعارض فكرة أن تتولى المدرسة تلقين المعرفة الخاصة والمواد التي يستخدمها المرء مباشرة في حياته العملية فيما بعد وذلك لأن مطالب الحياة العملية كثيرة التنوع إلى الحد الذي لا يبدو فيه مثل هذا التدريب المتخصص ممكناً (فلا يصح) أن نعامل الفرد كما لو كان أداة جامدة" فالمطلوب هو خلق القدرة وتكوين الرغبة وليس إعطاء المعلومة فالإنسان يجب إعداده ليكون قادراً على الاضطلاع بأية مسؤولية ومستعداً للاستمرار في تعليم نفسه وبناء ذاته وتنويع اهتماماته وتنمية قدراته فيقول: "يجب أن تضع المدرسة نصب عينيها أن يتركها الشاب شخصية متناسقة لا اخصائياً وينطبق هذا حتى على المدارس التكنولوجية التي سيتجه طلابها وجهة مهنية محددة" ويقول: "يجب أن نضع في مقدمة ما نسعى إليه إنماء القدرة العامة على التفكير المستقل والتقدير الصحيح لا الحصول على معرفة متخصصة فلو أن شخصاً تمكن من أساسيات موضوعية وتعلَّم أن يفكر وأن يعمل مستقلاً لاستطاع أن يشق طريقه لا محالة (في أي مجال) وسيكون فوق ذلك أقدر على مسايرة التقدم والتطور ممن اقتصر تدريبه على الحصول على المعلومات المفصَّلة" إن آينشتاين ضد التركيز على التخصص وضد التحديد المسبق لشخصية الدارس فهو يريده ذا قدرة عامة وذا شخصية ناضجة وذا تكوين متكامل وذا رؤية نافذة وذا تفكير مستقل وذا عقل ناقد ومتحرك وهو يؤكد أنه حين يكون كذلك فإنه قادر على قيادة نفسه وتعليم ذاته والنجاح في أي مجال يستغرق اهتمامه وتتجه إليه رغبته ويتفق مع طموحه إن معارف الإنسان ومهاراته وإبداعاته هي نتاج الحماس والاندفاع التلقائي للمجال وليس نتاج تلقينه معلومات فإذا فترت الرغبة وتوقف الانفعال فإن الإنسان يصاب بالكلال وربما العقم مهما حمل من شهادات. المصدر : http://www.alriyadh.com/2008/06/29/article354613.html |
رد: آينشتاين بين الاهتمام التلقائي والاهتمام الاضطراري (مقال رائع)
الله يعطيك العافية
|
رد: آينشتاين بين الاهتمام التلقائي والاهتمام الاضطراري (مقال رائع)
(إن آينشتاين يكرر التأكيد على أن مهمة التعليم ليست إعطاء المعلومات وإنما مهمته تكوين الإنسان الناضج الذي يملك الفاعلية في أي مجال يهتم به إن مهمة التعليم هي إعداد الأجيال للتعلُّم الذاتي)
ليتنا ندرك ذلك .. بارك الله فيك عاشق الطبيعة .. |
رد: آينشتاين بين الاهتمام التلقائي والاهتمام الاضطراري (مقال رائع)
يعطيك الف عافيه
|
الساعة الآن 17:29 |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir