ملتقى الفيزيائيين العرب - الرادارات الطبيعية

اهتم بهذه المسألة في نهاية القرن الثامن العالم الطبيعي الايطالي " لا زاروسبالا نسيان " حيث أجرى على الخفافيش سلسلة من التجارب فوجد أن هذه الخفافيش عديمة النظر تستمر في طيرانها داخل الأبنية الضيقة بهدوء وتتوجه في الظلام كالمعتاد وبشكل ممتاز وتكون قادرة تماماً على اصطياد أية فريسة من الحشرات
التي تصادفها ، ولكن الخفاش الذي تسد أذناه بالشمع يصبح عاجزاً تماماً ، فهو يفقد التوجه ويصطدم
بمختلف الحواجز والعوائق دون تمييز ، وهكذا استنتج لازارو " أن السمع هو الذي يساعد الخفافيش على الاستمرار في الطيران أو الصيد .
وفي بداية القرن العشرين اكتشف الأمريكيان بيرس وغريفين ( مستخدمين ميكروفوناً فوق صوتي ) أن التوجه الرائع للخاففيش في الظلام الدامس إنما يعود لقدرتها على التقاط الصدى .
وقد تبين أن الخفاش يصدر عند طيرانه إشارات فوق صوتية قصيرة ترددها حوالي 80000 هرتز ثم يستقبل صداها المرتد عن العوائق أو الحشرات الطائرة بالقرب منه ، وهكذا سمى غريفين طريقة توجه الخفاش "رادار الصدى " بالمقارنة مع الرادار اللاسلكي .
وتمتلك الخفافيش رادارات صوتية طبيعية متطورة للغاية ويختلف تركيبها باختلاف نوع الخفاش ، فعلى سبيل
المثال الخفاش الليلي حاد الأذن يصدر موجات فوق صوتية عن طريق فمه ، أما الخفاش ذو الفم الحذوة فعن
طريق الخياشيم التي تحاط بزوائد جلدية شبيهة بالبوق.
ويتم التقاط الموجات فوق الصوتية المنعكسة عن جسم ما بواسطة الأذنين الكبيرتين نسبياً ، أما الجهاز السمعي لدى الخفافيش فهو متطور جداً عنه عند الإنسان ، فالخفاش يستطيع التقاط التردادات فوق الصوتية وحتى الضعيفة جداً منها ( مثل الصوت الصادر عن البعوضة ) بالإضافة إلى أن الخفاش يستطيع تحديد مكان الجسم الذي انعكست عنه الإشارة بدقة تامة .
وتتمتع رادارات الخفافيش بحساسية عالية جداً تسمح بالتقاط أضعف إشارات الصدى المنبعثة من بعوضة مهما كانت ضعيفة ، ولكن بقوة أكثر بكثير من أية إشارة مرتدة عن سطح الأرض أو الأشجار .......الخ .
تعيش الخفافيش عادة في المغاور ، حيث يتجمع هناك أسراب منها ، وعندما تطير من المغارة أو إليها فإن كلاً منها يستخدم راداره الخاص ، وهكذا تسمع أصوات آلاف الخفافيش في وقت واحد ، وبالرغم من ذلك فإن هذه الضجة لا تمنع ولا تؤثر على أي منها في التوجه داخل المغارة حتى في أحلك الأوقات ،وهذا يعني حسب رأي الاختصاصيين أن الخفافيش ذات ميزة تحسد عليها ألا وهي أنها محصنة ضد التشويش ، الذي يعتبر معضلة هامة في عالم الاتصالات اللاسلكة .