ملتقى الفيزيائيين العرب - عرض مشاركة واحدة - ميكانيكا الكم
الموضوع: ميكانيكا الكم
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 08-11-2005, 01:49
الصورة الرمزية نووي1426
نووي1426
غير متواجد
فيزيائي فعال
 
تاريخ التسجيل: Oct 2005
المشاركات: 124
افتراضي مشاركة: ميكانيكا الكم

وفي واقع الأمر, لا أحد يفهم معنى أن تكون الطاقة سالبة, ويرى بعض العلماء أنه إذا أمكن اقتناص طاقة سالبة, فإنه سيمكن من حيث المبدأ تصميم آلات تعمل للأبد دون الحاجة لطاقة خارجية. وقد تم إثبات وجود الطاقة السالبة من خلال تفسير الظاهرة المشهورة المسمّاة ظاهرة كاسيمير. فقد بيّن العالم الهولندي عام 1948 كيف أن وجود صفيحتين معدنيتين متوازيتين غير مشحونتين بمقربة شديدة من بعضهما يعدل تأرجحات الفراغ مما يجعلهما تتجاذبان. وتبين من الحسابات أن تقاربهما الشديد يؤدي إلى نشوء طاقة سالبة تزداد شدة كلما ضاق الحيز بينهما.

التراكب وانهيار الدالة الموجية

وزيادة في الغموض, ربما, تعتبر ميكانيكا الكم هذه, التي لا يفهمها أحد, أنجح نظرية علمية في تاريخ العلم. فميكانيكا الكم, من خلال مفاهيم عدم اليقين والدالة الموجية نجحت في التنبؤ بوجود المادة المضادة, وفي فهم النشاط الإشعاعي (الذي قاد إلى الطاقة النووية ), وفي شرح سلوك المواد كأشباه الموصلات (المستخدمة في أجهزة الكمبيوتر), وفي تفسير الموصلية الفائقة, وفي توصيف التفاعلات التي تحدث بين الضوء والمادة (الذي قادنا إلى اختراع الليزر), والتفاعلات بين الموجات الراديوية ونويات الذرات (والتي أدت إلى التصوير بالرنين المغناطيسي), وغير ذلك الكثير من الإنجازات العلمية.

واللفظ ميكانيكا يعني دراسة حركة الأجسام, ونظرا لأن الأجسام دون الذرية تكتسب طاقة وتطلقها على هيئة وحدات محددة من الطاقة أو (كمات), سميت دراسة حركة الأجسام دون الذرية باسم (ميكانيكا الكم). وليس الفوتون فقط هو الذي يتصرف بصورة جسيمية - موجية, وإنما كل مكونات الذرة. والمشكلة في الصورة الموجية هي أن حركة الجسيم لا تتحدد في هذه الحال إلا بشكل احتمالي. والصورة الاحتمالية, بحسب معادلة شرودنجر, تتضمن أن الجسيم يمكن أن يوجد في أكثر من موضع في آن واحد نتيجة تركيب الحالات المتعددة المحتملة للجسيم.

وقد بيّن شرودنجر أنه إذا كانت الأشياء الميكروسكوبية, كالذرات, تتراكب بهذا الشكل الغريب, فلابد إذن أن تنهج الأشياء الميكروسكوبية (الكبيرة) النهج ذاته. ونظرا لأنه من الواضح أن الأشياء الكبيرة الحجم كالمجلة التي تقرؤها مثلا, أو منزلك, أو سيارتك...إلخ, لاتوجد في أكثر من موضع في آن واحد أصبح من الضروري تفسير المشاهدات التجريبية التي أنتجت معادلة شرودنجر تفسيرا مرضيا. وقد حاول شرودنجر أن يقدم مثلا واقعيا على تلك المشكلة, فطرح فكرة (تجربة القطة) المشهورة. وفي تلك التجربة يقتل جهاز ما قطة موضوعة في صندوق مغلق عندما تتحلل ذرة ما إشعاعيا. ولأنه عند زمن نصف العمر تكون الذرة من وجهة نظر ميكانيكا الكم متحللة وغير متحللة في الوقت نفسه, فإنه بعد هذا الزمن تكون القطة حية وميتة في الوقت نفسه.

ولتفسير التناقض بين ما تطرحه النظرية من تعدد الحالات للجسيم الواحد في الوقت نفسه, وتسمى التركيب (أو التراكب), وبين تحدد الجسيم بحال واحدة عند الملاحظة أو القياس طرحت عدة تصورات, وكل تلك التصورات هي بصورة أو بأخرى تصورات غير معقولة. والتفسير الأول هو تفسير كوبنهاجن, وهو الاتجاه الذي كوّنته مناقشات نيلز بور وفيرنر هايزنبرج في عشرينيات القرن الماضي. وهذا التفسير مبني على أساس أن الملاحظة تؤدي تلقائيا إلى انهيار الدالة الموجية, فيرى المراقب الجسيم في حال محددة. وهذا التفسير يعني أن الواقع في ذاته متراكب, وأن القطة في الحقيقة حية وميتة في الوقت نفسه, وأن ملاحظة القطة عند فتح الصندوق هي السبب في تحديد حالتها سواء حية أو ميتة. وأن السبب في أننا لا نرى حالات التراكب تلك في الواقع المعيش هو أننا نلاحظ الأشياء من حولنا فتتحدد حالتها. وفي الحال العادية تحكم الدالة الموجية (معادلة شرودنجر) حركة الجسيم وتسمى حال التراكب (أي تعدد الحالات في الوقت نفسه), وفي حال الملاحظة تصبح حال الجسيم محددة, وتسمى بانهيار الدالة الموجية.

التطور التاريخي لميكانيكا الكم

- يبدأ تاريخ ميكانيكا الكم في 14/12/1900 حينما نشر ماكس بلاك بحثا عن الطيف الضوئي الصادر عن جسم أسود ساخن حتى التوهج, وتضمنت حساباته فرضية غريبة هي أن الطاقة الناتجة تصدر على هيئة وحدات أو كميات محددة, سميت (كمات).

- في عام 1905 نشر أينشتين بحثا عن الظاهرة الكهرومغناطيسية, مبينا أن الضوء وكل الأشعة الكهرومغناطيسية تنتقل من خلال (كتل) متميزة تسمى فوتونات.

- في عام 1913 فسر نيلز بور تكوين الذرة على أساس أن الإلكترونات تدور حول النواة على مستويات معينة ولا تفقد طاقة إلا حينما تنتقل من مدار أخفض مطلقا فوتونا.

- في عام 1923 اقترح لويس دي بروي أن الإلكترونات وغيرها من الجسيمات تسلك سلوك الموجات المستقرة.

- في عام 1925 طرح باولي مبدأ الاستبعاد والذي يبين أنه لا يمكن لأي جسيمين لهما نفس الحالة الكمية أن يوجدا في المستوى الطاقي الكمي نفسه.

- في عام 1926 قدم ارفين شرودنجر الوصف الرياضي للمعادلة الرياضية لميكانيكا الكم.

- في عام 1927 قدم هيزنبرج مبدأ عدم اليقين وطور مع ماكس بورن وباسكال جوردان صياغة مكافئة لمعادلة شرودنجر.

- في عام 1928 قدم بول ديراك المعادلة العامة لميكانيكا الكم, التي تأخذ النسبية وقيمة اللف في الاعتبار وسميت معادلة الإلكترون.

- في عام 1932 اكتشاف الإلكترون المضاد.

- في عام 1947 اكتشاف (نظرية المجال الكمية المعاد تسويتها), على يد فاينمان وشفينجر وتوموناجا ودايسون, والتي مكنت العلماء من حساب التفاعلات بين الفوتونات والإلكترونات بصورة دقيقة.

- في عام 1964 طرح موراي جيلمان نظرية (الكوارك) لتفسير البناء الداخلي للذرة.

- في عام 1969 قدم عبدالسلام وفينبرج نظرية للتوحيد بين القوة الكهرومغناطيسية والقوة النووية الضعيفة.

- وفي 22 أبريل عام 1994 تم الإعلان عن اكتشاف آخر الكواركات المفترض وجودها في بناء المادة, وهو كوارك القمة, وهو يعد آخر وحدة من الوحدات الداخلة في بناء المادة حسب النموذج المعياري للذرة, وتعدت الجسيمات المكتشفة السبعمائة جسيم.

تصورات مستقبلية وخيال علمي

- علم المعلوماتية الكمي: وهو معتمد على ظاهرة التشابك, ويتيح صناعة أجهزة كمبيوتر أسرع بكثير من الأجهزة الحالية, وتوليد مفاتيح شفرات مطلقة المناعة ضد التنصت, ونقل الحالات الكمية عن بعد (نقل المعلومات).

- تطبيقات الطاقة السالبة: يرى بعض العلماء أن الطاقة السالبة يمكن أن تؤدي إلى تكوين أنفاق في الكون تمكننا من السفر عبر المجرات, وإلى صنع آلات دائمة الحركة, وتكوين ثقوب سوداء في حجم الذرة.

- تكنولوجيا النانو والآلات الجزيئية: لأن التحكم في الذرة أصبح ممكنا, فإن العلماء يعتقدون أنه سيصبح ممكنا تركيب آلات وتروس من عدة ذرات فقط. وربما يمكن برمجة تلك الآلات لالتقاط الجزيئات من البيئة وإعادة نسخ نفسها بحيث تتكاثر مثل الكائنات الحية, ولذلك ستكون بلا تكلفة تقريبا وتنجز أشياء هي في عداد المعجزات حاليا.

- الموصلات الفائقة عند درجة الحرارة العادية: يعتبر الفيزيائيون أن التوصل إلى هذه المواد هو بمنزلة التوصل إلى حجر الفلاسفة. فالمواد الفائقة التوصيل تؤدي إلى توصيل التيار الكهربي من دون مقاومة ولا تحتاج إلى تبريد. ويؤدي هذا النوع من المواد إلى توفير الطاقة بشكل كبير جدا حيث يستهلك معظمها في مقاومة التوصيل. ولذلك سيمكن إنتاج أجهزة كمبيوتر أصغر وأسرع وتطوير قطارات تسير بالقوة المغناطيسية رخيصة التكلفة.. إلخ.

- توليد الطاقة بواسطة الاندماج النووي: يعتقد العلماء أنه سيمكن في المستقبل المنظور إنتاج طاقة الاندماج النووي بسعر رخيص, وبالتالي سيمكن استخدام ماء البحر لإنتاج الطاقة. ويقدر الفيزيائيون أن لدينا ما يزيد على مليون سنة من طاقة الاندماج النووي.

- تطور تكنولوجيا الليزر: سيؤدي تطور تكنولوجيا الميكروليزر إلى إمكان صناعة وتطوير الكمبيوتر البصري, وصنع تلفزيون ثلاثي الأبعاد على شكل كرة بللورية أو شاشة حائطية ذات ثلاثة أبعاد.

- تطوير الطاقة من الأشعة الشمسية: وهي العملية التي تعتمد على الخلايا الشمسية, ويقدر العلماء استمرار النجاح في تطوير تلك الخلايا بحيث تغطي تلك الطاقة 60% من كهرباء العالم بحلول عام 2025.

إنجازات كُبرى

- توحيد القوى الأساسية الثلاث, القوة المغناطيسية والقوة النووية القوية والقوة النووية الضعيفة ضمن ما يعرف بالنموذج المعياري للذرة, وتأسيسا على نظرية الكم للمجالات. وفي هذا النموذج تتكون الذرة في النهاية من ثلاثة جسيمات أساسية هي الكواركات واللبتونات والجليونات وتتركب منها مئات الجسيمات التي تشكل تركيب الذرة.

- اكتشاف أشباه الموصلات وظاهرة النفقية للإلكترونات والدوائر المتكاملة والمواد فائقة التوصيل والألياف البصرية. وهي الاكتشافات التي ترتب عليها تطور أجهزة الكمبيوتر وكل أجهزة الاتصالات والأجهزة الإلكترونية والميكروسكوب الإلكتروني.

- اكتشاف أشعة الليزر والميزر والرنين المغناطيسي النووي وما ترتب عليها من تطبيقات تكنولوجية كثيرة في مجالات متعددة.

- اكتشاف الطاقة النووية وإنتاج محطات الانشطار النووي ثم اكتشاف الطاقة الاندماجية الهيدروجينية, واكتشاف الخلية الشمسية لتوليد الطاقة الدائمة من الشمس.

- تفسير المراحل الأولى لنشأة الكون من خلال فكرة النموذج التضخمي في أجزاء ضئيلة من الثانية الأولى من نشأة الكون, وكذلك الكشف عن الثقوب السوداء, اعتمادا على مفهوم الطاقة السالبة.

سمير أبوزيد


العربي
رد مع اقتباس