السلام عليكم :
الإخوة الكرم :
لعله من الجدير ذكره أولاً : أن مسألة الدوران بين الأرض و الشمس , من وجهة النصوص الشرعية ( أيهما التي تدور و أيهما الساكنة بالنسبة للأخرى ) قد كثر البحث فيها وطال .. وقد أُلف في ذلك مصنفات عديدة ..
وإن الناظر في معظم ما قيل في هذه المسألة , يجد أن غالبيتهم متفقون على الأصل الذي يُوجب على كل مَن أخذ برأي : عدم تجريم أو تسفيه أو تشنيع مَن يأخذ بالرأي الآخر , وذلك أن الأصل – المتفق عليه - هو :
- لا يوجد في النصوص الشرعية , نص قطعي الدلالة على أن الأرض هي التي تدور حول الشمس ..
- ولا يوجد في النصوص الشرعية , نص قطعي الدلالة على أن الشمس هي التي تدور حول الأرض ..
لذلك ؛ فإن كل مَن بحث في هذه المسألة فهو متأول ..
فمن قال ( بدوران الشمس وثبات الأرض ) , فهو يؤول تلك النصوص لإثبات مذهبه ..
لأن النصوص تدل على مطلق جريان الشمس , ولا تدل على دورانها حول الأرض .. وكذلك تدل على مَيدان الأرض ولا تدل على ثباتها ..
ومن أخذ ( بدوران الأرض وثبات الشمس ) فكذلك يؤول تلك النصوص لإثبات مذهبه ..
لأن النصوص لا تنفي ولا تُثبت الدوران لإحداهما حول الأخرى ..
* * *
الأخ الكريم ولد أبوي :
بعد قراءتي الأولى للكتاب أؤكد لك بأنه لا رغبة لي في مناقشة ما ورد فيه , وذلك لمجموعة أمور , أذكر منها :
1 - لا أظن – بحسب فهمي القاصر – أن المنهج المُتبع في هذا الكتاب , يجعل مَن يقول ( بثبات الأرض ) يجعله يعتمده دليلاً يحاجج به ..
فأول ما تواجهه فيه ( التعميم , ووضعه المصطلحات من غير بيان لها )
و الأنكى من ذلك كله ؛ مصادرة رأي الآخر .. فهو يقرر أنه جاء بالحق الأبلج الذي يجب على الجميع الأخذ به , لأن ما دونه باطل !!
قال : (( ... فإن مما عمت به البلوى في هذا الزمان : دخول العلوم العصرية على أهل الإسلام ، من أعدائهم الدهرية المعطلة ))
فهل يجوز هذا التعميم ؟
فأعداؤنا هم مَن ناصبونا العداء .. وليسوا مَن خالفونا الاعتقاد ..
فليس كل مَن خالفنا الاعتقاد يعادينا ...
ثم قسم هذه العلوم إلى قسمين , فقال في أولها : (( هو علوم مفضولة ، زاحمت علوم الشريعة وأضعفتها .))
فماذا يريد بعلوم مفضولة ؟
وانظر إلى قوله في مخالفه : (( ومما ينبغي أن يعلم : أن كل آية أو حديث صحيح ذكرا دليلا على دوران الأرض ن فإن ذلك بلا شك ولا ريب تأويل باطل ليس هو معنى الآية قطعا ولا الحديث ، لأن الدليل الصحيح لا يدل إلا على الحق لا يدل على الباطل إذا تبين معناه الصحيح الذي أراده المتكلم . لكن المصائب تجيء من التأويل المخالف لمراد الله ورسوله . ))
<< وقد أشار الأخ الكريم الفيزيائي الصغير إلى كثير من ذلك في مشاركته ( 29 ) >>
2 - أن ندعي أن العلم يناقض الدين في معلومة يقر بها العالم والجاهل .. والمعتقد بوجود إله , و الدهري .. أن ندعي ذلك من غير أن نأتي بالدليل العلمي القاطع على صحة دعوانا , لهو أمر بالغ الخطورة ..
ولا أحسب أن ما تفضل به صاحب الكتاب من تعليل لتعاقب الليل والنهار واختلاف الفصول , ينهض كدليل على ذلك ..ففيه ما فيه ..
وحسبنا منه أن المؤلف حفظه الله تعالى , يظن أن الادعاء بدوران الشمس أو الأرض , يتوقف على تعليل هاتين الظاهرتين فقط .. ( علماً بأن تعليله لهما ضعيف جداً )
3 - إن غيرنا قد حلق في أجواز الفضاء وغاص في أعماق المحيطات , ونحن ما نزال نقول ( هل الأرض تدور أم لا تدور ) من غير أن نجاريهم في تحليقهم , ولا في غوصهم ..
4 - إن افتقارنا إلى التقنيات المتطورة ودقة إدارتها , يفرض علينا أن نناقش هذه المسألة من الناحية العلمية البحتة , قبل أن نعارض فيها النصوص الشرعية التي ليس فيها دلالة قطعية عليها ..
5 - النظرية العلمية لم يكن النظر فيها محرماً يوماً .. فهي على الدوام قابلة للزيادة و النقصان , وللحذف والإبطال .. ولكن بالحجة والبرهان ...
ولكم تحياتي