روي أن بعض التجار قدم مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و معه حمل من الخمر السود ...
فلم يجد لها طالباً .. فكسدت عليه وضاق صدره .
فقيل له : ما ينفقها لك إلا مسكين الدرامي ، وهو من مجيدي الشعراء الموصوفين بالظرف و الخلاعة .
فقصده .. فوجده قد تزهد و انقطع في المسجد .. فأتاه وقص عليه القصة .. فقال : و كيف أعمل و أنا
قد تركت الشعر و عكفت على هذه الحال ؟
فقال له التاجر : أنا رجال غريب ، و ليس لي بضاعة سوى هذا الحمل ، و تضرع إليه .
فخرج من المسجد و أعاد لباسه الأول و عمل هذين البيتين و شهرهما و هما :
[POEM="font="Simplified Arabic,4,white,normal,normal" bkcolor="coral" bkimage="" border="double,9,sienna" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""] قل للمليحة في الخمار الأسود= ماذا أردت بناسك متعبد
قد كان شمر للصلاة ثيابه= حتى قعدت له بباب المسجد[/POEM]
فشاع بين الناس أن مسكيناً الدرامي قد رجع إلى ما كان عليه ، و أحب واحدة ذات خمار أسود .
فلم يبق بالمدينة ظريفة إلا و طلبت خماراً أسود .. فباع التاجر الحمل الذي كان معه بأضعاف ثمنه لكثرة
رغباتهم فيه .
فلما فرغ منه ... عاد مسكين إلى تعبده و انقطاعه .
المصدر : وفيات الأعيان ( 4 / 161)