ملتقى الفيزيائيين العرب - عرض مشاركة واحدة - كيف كان القرآن شفاء لأمراض الإنسان
عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 26-03-2007, 12:34
الصورة الرمزية kingstars18
kingstars18
غير متواجد
المُراقب العام والمُستشار القانوني
المشرف على الدورة الثانية لتعليم الفيزياء
 
تاريخ التسجيل: May 2006
المشاركات: 12,853
افتراضي رد: كيف كان القرآن شفاء لأمراض الإنسان

[GRADE="00008B FF6347 008000 4B0082"]
وقد ثبت في صحيح الأحاديث أن الذين رقَوْا شفى الله على أيديهم من رقَوْه، وقد سقنا: الأحاديث المثبتة لذلك فيما سبق.

الاستشفاء بالقرآن ليس قصراً على الرقية به:
ما قرره الحق تبارك وتعالى من كون القرآن شفاءً ليس قصراً على قراءة القرآن على المريض، بل هي دائرة أوسع من ذلك بكثير، ويمكننا أن ندرك سعة هذه الدائرة من خلال الأمرين التاليين:
الأول: دلالة القرآن على قواعد العلاج وأصوله.
الثاني: وقاية القرآن الفرد والمجتمع من الأمراض من خلال تشريعات كثيرة.

الأول: دلالة القرآن على قواعد العلاج وأصوله حوت النصوص من الكتاب والسنة الأصول والقواعد التي تدل على كيفية معالجة الأبدان، بل دلت على تفاصيل مهمة في علاج الأمراض، وفي ذلك يقول ابن القيم: "قواعد طب الأبدان ثلاثة: حفظ الصحة، والحمية عن المؤذي، واستفراغ المواد الفاسدة. وذكر المولى تبارك وتعالى هذه الأصول الثلاثة في ثلاثة مواضع.
فقال في آية الصوم:
(فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر)(117).
فأباح الفطر للمريض لعذر المرض، وللمسافر طلباً لحفظ صحته وقوته لئلا يذهبها الصوم في السفر لاجتماع شدة الحركة، وما يوجبه من التحلل وعدم الغذاء الذي يخلف ما تحلل، فتخور القوة وتضعف، فأباح للمسافر الفطر حفظاً لصحته وقوته عما يضعفها.

117- سورة البقرة: آية 184.
وقال تعالى في آية الحج:
(فمن كان منكم مريضاً أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك)(118).
فأباح للمريض، ومن به أذى من رأٍسه من قمل أو حكة أو غيرها أن يحلق رأسه في الإحرام استفراغاً لمادة الأبخرة الرديئة التي أوجبت له الأذى في رأسه باحتقانها تحت الشعر. فإذا حلق رأٍسه، ففتحت المسام، فخرجت تلك الأبخرة منها، فهذا الاستفراغ يقاس عليه كل استفراغ يؤذى انحباسه.
والأشياء التي يؤذى انحباسها ومدافعتها عشرة: الدم إذا هاج، والمنى إذا سبغ، والبول، والغائط، والريح، والقئ، والعطاس، والنوم، والجوع، والعطش.
وكل واحد من هذه العشرة يوجب حبسه داء من الأدواء بحبسة. وقد نبه سبحانه باستفراغ أدناها، وهو البخار المحتقن في الرأس على استفراغ ما هو أصعب منه كما هي طريقة القرآن التنبيه بالأدنى على الأعلى.
وأما الحمية فقال تعالى في آية الوضوء: (وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماءً فتيمموا صعيداً طيباً)(119).
فأباح للمريض العدول عن الماء إلى التراب حمية له أن يصيب جسده ما يؤذيه. وهذا تنبيه على الحمية من كل مؤذ له من داخل أو خارج(120).
وقد عقب ابن القيم على كلامه هذا الذي نقلناه عنه بقوله: "فقد أرشد سبحانه عباده إلى أصول الطب الثلاثة ومجامع قواعده"(121).
وقد أطال ابن القيم بعد ذلك في ذكر هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الطب والمعالجة في نفسه وأهله وأصحابه. وذكر في ذلك هديه في الأمر
118- سورة البقرة: آية 196.
119- سورة النساء: آية 43.
120- انظر زاد المعاد لابن القيم: (3/64) بتصرف.
121- زاد المعاد: (3/94).
بالتداوي، وهديه في معالجة استطلاق البطن، والطاعون، وداء الاستسقاء، وهديه في المعالجة بالعسل والحجامة والكي، وهديه في معالجة الصرع وغير ذلك، مما يجعل ما أورده فيه مؤلفاً مستقلا بذاته.

الثاني: الطب الوقائي في الكتاب والسنة
النوع الثاني الذي يوسع دائرة الاستشفاء بالقرآن هو الطب الوقائي الذي يستفاد من جملة الأحكام والتوجيهات التي جاء بها القرآن وصحيح الأحاديث. وهذا باب واسع، فالنصوص الآمرة بالطهارة والنظافة كثيرة جــداً. بل إن طهارة البدن عبادة لا تتم الصلاة بغيرها. فقد أوجب الله الاغتسال من الجنابة. كما أوجب الغسل على المرأة إذا هي طهرت من حيضها ونفاسها. وحبب الرسول صلى عليه وسلم الاغتسال في كل يوم جمعة.
ولم يكتف بذلك بل أوجب الوضوء كلما أراد الصلاة إذا خرج منه بول أو غائط أوريح. والوضوء يشمل غسل الأعضاء الظاهرة من الوجوه والأيدي والأرجل، كما أمر بمسح الرؤوس.
وأمرت النصوص بتقليم الأظافر، وغسل اليدين عند الاستيقاظ من نوم الليل، وحببت غسلهما عند الطعام، وأمرت بالاستنجاء من البول والغائط. وهى عملية يُطهِّر المسلم فيها مخرج البول والغائط بعد خروجهما منه.
وأمرت الشريعة المباركة بقص الأظافر، وقص الشارب، ونتف شعر الإبط، وحلق شعر العانة؛ كما أوجبت الختان في حق الذكور.
وحث الرسول صلى الله عليه وسلم كثيراً على تطهير الفم بالسواك، وأخبر أنه مطهرة للفم مرضاة للرب.
كما حث أيضاً على نظافة المساكن وأفنية البيوت. وأمر برفع الأذى عن الطريق، وجعله إحدى خصال الإيمان، ونهى أشدَّ النهي عن إيذاء المسلمين في طرقاتهم، وأماكن جلوسهم، وموارد مياهم.
وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالتداوي. ونهى المسلمين عن دخول البلاد الموبوءة بالأمراض المعدية. ونهى من كان في تلك الديار عن الخروج منها. وهذه أفضل وسيلة لمنع انتشار الأمراض والأوبئة التي تنتقل بالعدوى السريعة، وهذا ما يسمى اليوم بالحجر الصحي.
وشرع لنا تناول الطيبات من الأطعمة والأشربة، ونهانا عن تناول الخبيث منهما. ونهانا عن الإسراف في تناول الطعام والشراب. وحرم علينا الأكل من الميتة، والدم، ولحم الخنزير. كما نهانا عن الخمر، والمخدرات. وشرع لنا الزواج، ونهى عن الزنا واللواط.
ومن تتبع ما جاء به الإسلام مما يقيم صحة الإنسان، ويحفظ بدنه، ويدفع عنه الأسقام؛ فإنه يجد منهجاً كاملاً يحفظ الله به الإنسان من كثير من الأسقام. وقد استقرأ علماء الشريعة التشريعات التي جاء بها الكتاب والسنة؛ فوجدوا أن الشريعة وُضِعَت لجلب المصالح للعباد، ودفع المفاسد عنهم. ووجدوا أن تشريعات هذا الدين تتجه كلها إلى أن تحفظ على الناس دينهم وأنفسهم وعقولهم وأنسابهم وأموالهم.
[/GRADE]
رد مع اقتباس