نظرة في عالم الغرب
[GRADE="00008B FF6347 008000 4B0082"]إذا نظرنا في عالم الغرب اليوم، فإنه يذهلنا التقدم الهائل الذي بلغه أولئك الأقوام. لقد حلق البشر في أجواء الفضاء. ولم يكتفوا بذلك، بل غادروا أجواء الأرض إلى كواكب أخرى. فحطوا رحالهم فوق القمر، وأرسلوا مراكبهم تجوب كوكب المريخ والزهرة وغيرها من العوالم البعيدة.
وكما انطلقوا في الفضاء، غاصوا في أعماق البحار، ونفذوا بعلومهم إلى أعماق الأرض. وجعلوا من عالمنا "الأرض" قرية صغيرة بما اخترعوه من وسائل الاتصال. وأصبحت الأمراض التي كانت مستعصية على البشر قابلة للشفاء. ومع ذلك التقدم المذهل في مختلف المجالات، فإن البشر في عالم الغرب يرزح تحت أمراض نفسية واجتماعية، بل وجسدية تشقيه وتؤرقه. لقد حاول البشر أن يضعوا منهجاً لأنفسهم بعيداً عن هدى السماء. وظنوا أن ما حصلوه من علوم كافٍ لإصلاح نفوسهم وأجسادهم وأسرهم ومجتمعاتهم. ولكن الحال التي هم عليها اليوم تقول: إن علمهم لم يجلب لهم الراحة والهناء بحال.
إن العقد النفسية والهموم النفسية –اليوم– سمة المجتمعات الغربية. وعلى الرغم من كثرة العيادات النفسية، والمعالجين النفسيين؛ فإن الأمراض النفسية في ازدياد. فالكآبة والقلق والحيرة والشكوك تموج بها النفوس كموج البحر.
وقد غرقت تلك المجتمعات في مستنقعات الشهوات. فالإباحية، والشذوذ الجنسي، والعب من الخمور والمخدرات، وتفشي الجريمة قد أثمرت هذه البلايا ثمارا مرة. فقد انتشرت الأمراض الجنسية، وأوجدت أمراضاً عجز علمهم وطبهم عن علاجها. فالأمراض الجنسية بلغت المئات، وتوج الإيدز تلك الأمراض. فهو مرض قاتل فتاك، يهد الجسد، ولا يغادره إلا بعد أن يصبح جثة هامدة. وقد بذلت الأموال الطائلة لتحقيق العلاج- ولا علاج.
لقد باض الشيطان وفرخ في تلك الديار، وصد الناس عن الهدي الذي جاء من عند الله، فشقي أولئك الأقوام بعلمهم وتقدمهم. وكان ثمار الإعراض عن الوحي السماوي الشقوة التي تصاحب كل معرض عن الدين الحق:
(ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى)(122).
122- سورة طه: آية 124.
إنك ترى المعيشة الضنك هناك في أجيال التافهين من الهيبز، ومدمني المخدرات، وثمار أولاد السفاح الذين تمتلئ بهم الملاجئ، وفى السجون التي تموج بالمجرمين من كل الألوان، وفى عصابات الإجرام التي أخذت تفوق الدول ثروة وسلاحاً وتنظيما، وفي حياة الفسق والفجور، في نوادي العراة، وعلى شواطئ البحار، ومواخير الليل.
إنها ظلمات بعضها فوق بعض، تكاد تأتى على الأخضر واليابس، وتهد الفرد والأسرة والمجتمع. وكل ذلك ينادى بالناس أيها الحيارى التائهون عودوا إلى الله ومنهجه، كي تصلح دنياكم وأخراكم والله المستعان.[/GRADE]
[GLOW="FFFF00"]الأستاذ الكبير الدكتور عمر سليمان الأشقر[/GLOW]