[ربانة]

قصر الزهـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــراء

كانت قرطبة بمعاهدها ودورها وطرقها الزاخرة وسكانها الخمسمئة ألف، قد ضاقت بما يرغب به ملك عظيم وثاب كالناصر له رأي في أن يقيم بجوار قرطبة ضاحية ملوكية عظيمة، فأنشأ مدينة الزهراء التي يقول عنها المؤرخون: إنها ولدت لأسباب سياسية وملكية:"وهكذا اختطت الزهراء في ساحة تقع شمال غربي قرطبة، على قيد خمسة أميال أو ستة منها، في سفح جبل يسمى جبل العروس، وكان البدء في بنائها في فاتحة المحرم سنة خمس وعشرين وثلاثمئة (تشرين الثاني) (نوفمبر) 936م، وعهد "الناصر" إلى ولده وولي عهده الحكم بالإشراف على بناء العاصمة الجديدة· وحشد لها أمهر المهندسين والصنّاع والفنانين من سائر الأنحاء، لاسيما من بغداد وقسطنطينية، وجلب إليها أصناف الرخام الأبيض والأخضر والوردي من المرية، ومن قرطاجنة أفريقيا وتونس، ومن الشام وقسطنطينية وجلب إليها من سواري الرخام أربعة آلاف وثلاثمئة وأربعاً وعشرين سارية، وكان يعمل في بنائها كل يوم من العمال عشرة آلاف رجل، ومن الدواب ألف وخمسمئة ويعد لها من الصخر المنحوت نحو ستة آلاف صخرة في اليوم، وقدرت النفقة على بنائها بثلاثمئة ألف دينار كل عام طوال عهد "الناصر" الذي بلغ خمسة وعشرين عاماً، هذا عدا ما أنفق عليها في عهد ولده الحكم، وبنى"الناصر" في حاضرته الجديدة قصراً منيف الذرى، لم يدخر جهداً في تنميقه وزخرفته، حتى غدا تحفة رائعة من الفخامة والجمال··"·

لكن المحنة الكبرى حلت بالمدينة، ففي ربيع الأول عام 401 هجري، تشرين الثاني (نوفمبر) 1010م زحفت قوات البربر، واقتحموا في طريقهم مدينة الزهراء، وفتكوا بحاميتها وسكانها، وعاثوا في معاهدها ورياضها، وأحرقوا المسجد والقصر، ولبثوا فيها بضعة أشهر، والظاهر أن الضربة كانت قاضية، فلم يبق من الضاحية الملوكية بعدما غادرها سوى أطلال دارسة، ولايكاد اسم الزهراء يذكر بعد ذلك في التاريخ الأندلسي إلا كأثر عصفت به صروف الدهر، وقد كانت الضاحية أمام روعتها وازدهارها وحي الشعراء الرائع والخيال الرفيع، وقد أشاد بجمالها وفخامتها جمهرة من أكابر شعراء الأندلس وأمراء البيان، ثم رثوها، بعد ذلك في مقطوعات مؤثرة، ومما قاله"ابن خلدون" وهو من أعظم شعراء عصر ملوك الطوائف·


لذى فالمنظر محزن لما حدث فهي دارسة المعالم


.

.
.
.
.





منــــــــــــــــــــــاظر محزنــــــــــــــــــة
.
.
.
.
يتبع