ملتقى الفيزيائيين العرب - عرض مشاركة واحدة - علماء العرب والمسلمين , في قنبلة المواضيع لأخو عياش "متعوب عليه يستحق القراءة "
عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 12-04-2007, 05:15
الصورة الرمزية البالود
البالود
غير متواجد
المراقب العام
 
تاريخ التسجيل: Dec 2005
الدولة: المملكة العربية السعودية
المشاركات: 8,801
افتراضي رد: علماء العرب والمسلمين , في قنبلة المواضيع لأخو عياش "متعوب عليه يستحق القراءة "

خامساً: ورق الكتابة من عهد الفراعنة حتى عصر النهضة الإسلامية

كان الإنسان الأول يسجل الأحداث الهامة بالكتابة على الحجر.. ومن أشهر الأحجار ذات النقوش حجر رشيد والمسلات الفرعونية، ثم لجأ الإنسان إلى الكتابة على عظام الحيوانات وجلودها،ثم اخترع الفراعنة ورق البرد، ولكن عيبه في خشونة ملمسه وأنه لا ينمو إلا في البيئة المصرية واسم البرد، في اللاتينية Papyrus (1) وهي مشتقة من الاسم الفرعوني ومنها اشتقت كلمه،Paper أي أنها فرعونية الأصل وفي سنة 105 م توصل رجل صيني اسما، (تساي لون) (2)Tsai - Lun إلى صناعة نوع من الورق الذي يتكون من عجينة مطبوخة من لب خشب البامبو والأنسجة الحريرية وشباك الصيد وتضرب بالحجارة ثم تطبخ على نار هادئة ثم تضغط في صفائح رقيقة ثم تجفف في الهواء.

الورق في العالم الإسلامي
عندما نزل القرآن كان يكتب أول الأمر على عظام الإبل وعلى سعف النخل.. وعندما انتقل الرسول صلى الله عليه و سلم إلى المدينة استعمل جلود الحيوانات في رسائله إلى ملوك العالم، وقد شاهدت في تركيا في متحف (توب كابى) باستنبول رسالة الرسول صلى الله عليه و سلم إلي المقوقس وهي من جلد الجمل ومازالت الكتابة عليها يمكن قراءتها، وعندما قبض الرسول صلى الله عليه و سلم كان أول جمع للقرآن في مصحف في عهد الخليفة عثمان رضي الله عنه، ومازال هذا المصحف الأول موجودا في نفس المتحف وهو من جلد الغزال المدبوغ الأبيض اللون.

وفي سنة 751 م بينما كان جيش المسلمين يحاصر مدينة سمرقند إذ وقع في الأسر جنود صينيون، فعثروا مع أحدهم على رسالة موجهة إلى قائد الحامية مكتوبة على الورق الصيني، وقد اهتم القائد العربي بهذا النوع من الورق وعرف صنعته من الأسرى الصينيين ونقلها إلى الخليفة. وقد كان هذا الحادث نقطة التحول التاريخية في صناعة الورق واستعماله بل نقطة تحول في تاريخ الحضارة الإنسانية، فالمسلمون كانوا يتحرقون شوقاً إلى نشر المصاحف في جميع أنحاء المعمورة وإيصالها إلى البلاد المفتوحة من حدود الصين حتى الأندلس.. ولم يكن جلد الحيوانات ليسعفهم في هذا الغرض... وقد جاء في المراجع أن الورق الذي عثر عليه مع الصينيين كان مصنوعاً من الحرير، وهي مادة مكلفة.. وقد عكف المسلمون على تطوير هذه الصناعة بهدف استعمال مواد رخيصة التكلفة وسهلة الحصول عليها من البيئة الطبيعية.. فتوصلوا إلى استعمال القطن بدلا من الحرير ثم صنعوه من الأسمال القديمة. وبذلك تحول الورق على أيديهم من الاقتصار على رسائل الملوك وكهنة المعابد إلى ورق شعبي في يد كل فرد ومكتبة كل بيت، وقد أنشأ المسلمون أول مصنع للورق في بغداد سنة 791 ميلادية في عصر هارون الرشيد، وقد عكف الكيميائي جابر بن حيان (ت 810 م) على تحسين صناعة الورق وعلى استنباط أنواع جديدة منه فاخترع الورق الذي يقاوم الحرارة وضد الحرائق ونسخ على هذا الورق الجديد كتب أستاذه الإمام جعفر وابتكر الورق الأبيض الناصع البياض ، والورق المقاوم للبلل والماء، وبفضل هذه التجارب العلمية ازدهرت صناعة الورق في العالم العربي كله وانتقلت إلى المغرب والأندلس وأصبحت المصانع في كل عاصمة إسلامية..

ومن أعظم مؤلفات المسلمين العلمية عن صناعة الورق كتاب "عمدة الكتاب، وأداة ذوي الألباب " لمؤلفه أمير المعز ابن البديع المولود في تونس سنة 1015 م وفيه تفاصيل صناعة الورق وطرق تطويرها وتحضير الأنواع المختلفة من حيث البياض أو الألوان، والنعومة أو الخشونة والسمك والرقة ويقول سارتون عن هذا الكتاب "إنه لا يوجد كتاب آخر في أي لغة تفوقه أوحتي يدانيه في مجاله ".

وقد اشتغل بحرفة الوراقة (أي صناعة الورق) عدد كبير من العلماء والفلاسفة، والأطباء.. ويشترك مع الوراقين الحبارون الذين تخصصوا في صناعة أحبار الكتابة وقد بلغ سعر الدست (الفرخ) من الورق أربعة دراهم تختلف حسب اختلاف الدست خفة أو ثقلا و سمرة أو بياضاً وخشونة أو صقلا وهو سعر زهيد للجميع بالمقارنة بالجلود، ولم تعرف أوروبا الورق إلا عن طريق عرب الأندلس، وقد ظلت أوروبا حتي القرن الثالث عشر تستعمل الجلود في الكتابة وخاصة بعد أن انقطع عنها الورق البردى المستورد من مصر أثناء الحروب الصليبية، ولندرة الجلد وارتفاع ثمنه كان رهبان الأديرة في الدولة البيزنطية يعمدون إلى كتب كبار المؤلفين الإغريق القدامى.. والتي تحتوي على كنوز المعرفة الإغريقية، التي كانت عند العرب لا تقدر بثمن.. فكانوا يكشطون الكتابة عنها ليكتبوا مكانها مواعظهم اللاهوتية.

ومعروف أن أول مصنع للورق في أوروبا أقيم في مدينة (فربان) بجنوب ايطاليا سنة 1276 م أي بعد المسلمين بأربعة قرون وفي ذلك الوقت كان في مدينة ( فاس بالمغرب ) وحدها أربعمائة طاحونة للورق تصدره إلى العالم الإسلامي وأوربا ، ومازالت الاصطلاحات العربية فى صناعة الورق مستعملة فى أوروبا . فاستعملوا الطاحونة للدلالة عليها لمصنع .... وكلمة رزمة تعني الحزمة الكبيرة من الورق تستعمل حتى اليوم في جميع اللغات الأوربية " وهي الأسبانية Resma" وفي الانجليزية Ream " وفي الفرنسية Rame

وخلاصة القول أن الورق اختراع صيني.. ولكن العرب كان لهم الفضل في تطويره لصالح الإنسانية وفى خدمة العلم، فشمل هذا التطور الصنعة والتركيب وشمل الانتشار والرخص ،وخير رد على ذلك أن أول من كتب في الموسوعات الكبيرة على الورق في تاريخ الإنسانية هم العرب وليس الصين ولا أوربا ...
__________________
نحن قوم إذا ضاقت بنا الدنيا
اتسعت لنا السماء

فكيف نيأس ؟!!
رد مع اقتباس