تم تركيب مايشبه ( مصائد الفيران ) لالتقاط البروتون السلبي ، وزجه في زواج مع البوزيترون ، يعتمد الترغيب في هذا الاقتران ، لتوليد الذرية الجديدة . ولكن عشرات السنوات انقضت ، ومئات المحاولات بذلت ، بدون نجاح يذكر ، في الاحتفال بهذا الزواج الميمون . كانت الجزيئات تظهر تمنعاً عجيباً وزهداً غير مفسر في هذا الزواج وإعلان صارم للرهبنة والعزوبية . وفي الوقت الذي آثر الفيزيائيون طريق الشقاء الطويل وكيلومترات الأوراق من الحسابات المملة لأجهزة تصم الآذان بطنينها المتجدد ، كان الأطباء أكثر حظاً ، في الاستفادة من التقنيات الجديدة ؛ فهرعوا الى ( البوزيترون ) يستفيدون من أسراره ، فأمكن تطويعه في تقنيات متقدمة ، للكشف عن وظائف الدماغ وأورام المخ والجملة العصبية عموماً ، فمع حقن السكر الذي يحمل ذرة الكربون المشعة ، يتعرض ( نظير المادة ) الى التحلل وإطلاق ( البوزيترون ) الالكترون الموجب ، الذي يفاجيء بغريمه وظله المقابل الذي يتربص به الدوائر ، فيهرعان للنزال والطعان ، بثمن مخيف من اندثار الاثنين في الصدام الموحش ، ومن تألق هذا الاصطدام يمكن تحديد أمكنة الأورام والاضطرابات المرضية . أظهرت الفيزياء النووية حقيقة مروعة عن التقاء المادة ومضادها ، في تجلي فلسفي عصي . إذا اجتمعت المادة وضدها أو جزيئاتها ، حصل ارتطام مروع قضى على الاثنين وأفنى الطرفين باندثار مرعب ومحرقة مهولة ، مع انطلاق طاقة خيالية من أشعة جاما في صورة فوتونات طاقة . إن ما عرف عن قوة الانفجار بين المادة وضدها شيء مهول يفوق كل خيال ، وهو لحسن الحظ غير متوفر ، وبين العالمين المادة ومضادها برزخ لايبغيان . إن الحريق الأعظم الذي حصل في غابات سيبريا في منطقة ( التايجا TAIJA ) عام 1908 م مع مطلع القرن أهلك آلاف الكيلومترات المربعة من الغابات الكثيفة ، في أفظع حريق عرفته الكرة الأرضية ، لم يعثر على تعليل له حتى اليوم ، فلم تظهر الأرض بقايا ارتطام نيزك أو مذنب صدم الأرض ، فليس هناك أي حفرة تشهد على هذا الارتطام . وتذهب بعض التحليلات اليوم الى أن خلف هذا الحريق تماس الأرض من سحب من نوع مضاد المادة لمست المنطقة فأدت الى هذا الحريق المروع . إن القرآن يروي لنا مظاهر تفجر البحار وانشقاق السماء وتفتت الجبال ، في تصوير خلاب لايقترب منه الا ارتطام المادة بمضادها ، كصورة من احتمالات نهاية العالم ، في عملية فناء لاتبقي ولاتذر ؛ فلمسة رأس سكين لنظيره من مضاد المادة يفجر حريقاً من حجم مائة قنبلة هيدرجينية ، تمسح مدناً عامرة بملايين السكان . يروي لنا صاحب كتاب ( سجناء العالم الذري ) أن الروس عندما اجتاحوا بعض معسكرات الاعتقال بعد اجتياح الرايخ الثالث وسقوط ألمانيا عام 1945 م ، عثروا على عالم فيزيائي مهووس بالرياضيات كان يحسب كمية الطاقة ، التي تكفي لنقل الكرة الأرضية من مدارها عبرالملكوت ، حين نفاد طاقة الشمس ، لنقلها لمدار شمس صالحة لمد الأرض بالطاقة والدفء والنور . المشكلة كانت في العثور على طاقة كافية لرحلة من هذا الحجم ؟! نعرف اليوم أن أجزاء من الغرام ( 0,147 ) غ من مضاد البروتون يكفي لحمل مركبة فضائية الى المريخ بدون توقف . وبضعة كيلوغرامات من هذه المادة السحرية تكفي لمد الطاقة على ظهر الأرض عبر القرون ؟! حاول العسكريون وضع يدهم على هذا السلاح المثير الفريد ، ولكن تبين أن إنتاج بضع ملغرامات من هذه المادة السحرية يحتاج الى كل مخابر العالم المتقدمة من مستوى ( فيرمي لاب FERMILAB في واشنطن وسيرن CERN في أوربا ) تعمل ليل نهار ولمدة 150 مليون سنة ؟! هذا على الأقل حسب المستوى العلمي السائد حالياً ، ولكل نبأ مستقر وسوف تعلمون . عندما تشكلت وحدات الكون الأولى كانت من نوعي المادة ومضادها ، ولكن التقاؤهما كان يعني الفناء المتبادل ، ويبدو أن جزءً ضئيلاً من المادة قد كتب لها النجاة من هذه المحرقة الكبرى فشكلت كوننا الحالي الذي ننتسب إليه ، ويميل البعض كما هو في نظرية العالم السويدي ( هانيس الفين HANNES ALFVEN ) الفائز بجائزة نوبل الى نظرية ( صينية المقلاة ) حيث يرى أن إلقاء قطرة ماء على سطح الصينية لايجعل القطرة تتبخر فوراً بل تتعرض للاهتزاز والتراقص بسبب تشكل سطح حامي لها عن السطح الساخن قبل تأثرها بالحرارة وتبخرها النهائي . هذا الحاجز هو الذي يقي عالمنا عن عالم مضاد المادة . هذا على الأقل مايطرحه العلم ولكن المفاجآت أكبر من الخيال . ويرى بعض الفيزيائيين أن كوننا المتمدد ليس كل الكون ، فكما يلعب الطفل بنفث فقاعات الصابون ، فتخرج بالونات وفقاعات مختلفة سابحة في الأفق تتصاعد الى السماء قبل أن تنفجر ، هناك عوالم أخرى لايعلمها الا هو ، ومنها عالم مضاد المادة ، وهي النظرية التي ترى أن الكون متعدد ( POLYVERSUM ) وليس وحيد ( UNIVERSUM ) .
يتبع ......