فأينشتاين الذي كانت القوة التي تؤثر في الاجسام عن بعد تنغص عليه حياته، ولذا اقترح عام 1915 نظرة جديدة تتعلق بالجاذبية، فهو يرى ان هذه القوة ليست سوى تشويه لشكل الفضاء او الحيز الذي تؤثر فيه، والذي يحيط بنا، والمتضمن للنجوم والكواكب ولكل ما من شأنه ان يمتلك كتلة مهمة، واطلق اينشتاين على نظريته النسبية العامة.
[BLINK]ولكن في نهاية المطاف، هل حلت النظرية الجديدة المشكلة القائمة؟[/BLINK]
اذا اردنا ان نستوعب بعضا من خفايا هذه النظرية لنقرأ معا المثال التالي: لو تخيلنا ان بساطا ممدوداً يمثل كوننا، ولكن ببعدين فقط بدلا من 4 أبعاد (3 أبعاد وبعد رابع هو الزمن)، ثم قام احدنا بوضع كرة معدنية ثقيلة وسط البساط، فلاشك اننا سنلاحظ ان البساط قد تقعر من الوسط، ولنتخيل بعد ذلك ان احدنا قام برمي كرة صغيرة فوق البساط فما الذي سيحدث؟
ان مرور هذه الكرة بالقرب من الكرة المعدنية الثقيلة، فإن مسارها سيتعرض لانحناء او تحويل جراء التقوس الموجود اصلا في البساط، وستتصرف الكرة الصغيرة كما لو كانت معرضة للجذب الكوني، ووفقا لسرعة ومسار الكرة، فإنها يمكن ان تلتف حول الكرة المعدنية دون ان تسقط عليها كما يحدث للقمر مع الارض، والآن، لو قمنا بوضع كرة ثالثة صغيرة قريبا جدا من الكرة المعدنية، فإنها ستقع عليها بلا ادنى شك كما بين ذلك العالم الايطالي جاليليو، ومن هنا نلاحظ ان سرعة سقوط الكرية (الكرة الصغيرة) لم تعتمد على كتلتها بل اعتمد الامر على عمق الحفرة او الثقب الموجود وسط البساط، وبهذه الطريقة وجد اينشتاين تلك النتيجة التي توصل اليها جاليليو في القرن السابع عشر والتي تقول ان سرعة الاجسام لا تتوقف على كتلتها. وقال اينشتاين موضحا ان اي كتلة تسبب انحناء في حيز (الزمان - المكان) الذي يحيط بنا، ولذا، فإن اي جسم يمر بمحاذاة اي نجم، يتعرض للانحراف وفي هذه الحالة يتولد لدينا انطباع ان النجم يجذب الجسم اليه، علما بأن هذا الجسم يكون في الحققيقة متحركا في خط مستقيم على السطح المقوس او المنحني.
الكتلة والوزن:
في اللغة المتداولة بين الناس يحدث ان لا يفرق الفرد بين الكتلة والوزن، لكن من الناحية الفيزيائية يثبت انه لا علاقة للكتلة بالوزن، فالكتلة من الناحية الفيزيائية هي كمية المادة المرجودة في الجسم او في الكائن الحي وتقاس بالكيلوجرامات، أما الوزن فهو القوة التي يتعرض لها الجسم عندما يكون خاضعا لجذب الارض.
وفي العادة تكون هذه القوة عمودية ومتجهة نحو الاسفل مثل جميع القوى، وتقاس شدتها بالنيوتن، وكلما كانت كتلة الجسم كبيرة، كان وزنه كذلك، لأن الكتلة والوزن مرتبطان بالمعادلة التالية: قيمة الوزن تعادل حاصل ضرب الكتلة بعجلة التسارع التي يتعرض لها الجسم اثناء السقوط الحر جراء الجاذبية الارضية وهي تساوي 9،81م/(الثانية)2.
وعلى هذا الاساس نلاحظ ان الحوت السابح في الماء لا يغرق او يبقى قابعا في قاع البحر، لأن تأثير الجاذبية يكون في الماء اقل تأثيرا منه على اليابسة ويتعرض الحوت الى قوة معاكسة لقوة الجاذبية او الوزن تعرف بقوة دفع أرخميدس للسوائل، وهذه القوة تتجه نحو الاعلى، ولابد ان نعلم ان هذه القوة لا تعادل في شدتها وزن الحوت ولكنها تعادل نفس الكمية من ماء البحر، وبما ان الوزن لا يعتمد الا على الكتلة وان المتر المكعب من الحوت ليس أثقل بالضرورة من المتر المكعب من الماء، فإن القوتين تتعادلان ويبقى الحوت وسط الماء، وإذا كان الحوت يحمل عظاما ضخمة فعلينا ان نعلم أولا ان جميع الكائنات الحية مكونة في جلها من 70% من الماء ولذا فإن عظام الحوت مليئة بالثقوب وبالدهون التي تكون في العادة أخف من الماء، كما ان الحيوان نفسه مطلي بطبقة دهنية، الامر الذي يجعله يطفو في الماء كنقطة زيت في كأس ماء، الى درجة ان الحوت يعاني من مشكلة اساسية لا تتمثل في الطفو فوق الماء بل في الدخول او الانزلاق فيه.
ومن الامور المعارضة للجاذبية ايضا صعود الماء في الاشجار العالية، ويعود السر في ذلك الى ظاهرة النتح، فعندما يصل الماء الى الاوراق يكون متأثرا بأشعة الشمس الامر الذي يودي الى تبخر جزء كبير منه في الغلاف الجوي، وعندما تفرغ الثقوب الصغيرة من الماء يتكون فراغ في خلايا الاوراق وهو ما يؤدي الى تولد (ظاهرة الشفط المائي) من الخلايا المجاورة، بمعنى ان الخلايا الفارغة تسحب الماء من القريبة وهكذا..
وفي عالم الحيوان نجد ان الزرافة، تعتبر تحديا للجاذبية فقبل ان تصل الطاقة الى الدماغ، لابد للدم ان يقطع مسافة مترين ونصف المتر بدءا من القلب الموجود في وسط جسمها، وهو عمل يقوم به القلب بشكل بارز نظرا لوزنه البالغ 12 كيلو جراما، وهذا ما يجعله يضخ الدم بضغط يزيد على الضغط الشرياني عند الانسان - بثلاث مرات وذلك كي يصل الى منطقة الدماغ، وكلما ارتفع الدم في رقبة الزرافة الطويلة تقل قوته تحت تأثير الجاذبية ولولا ذلك لانفجرت الاوعية الدموية الدماغية، ومن الناحية السفلى نلاحظ ان الجاذبية تقوم بسحب الدم بقوة لإيصاله للقوائم، إلا أن هذه الانسجة القوية التي تتكون منها الشرايين والاوردة تحول دون تمزقها، يضاف الى ذلك بالطبع سمك جلد الزرافة، وقوة عضلاتها اللذين يعملان على الحيلولة دون تغير شكل الاوعية الدموية وتلفها، وعندما تحني الزرافة رأسها نحو الاسفل لتشرب، فإن التعاريج الموجودة في دماغها تمنع وصول الدم اليه بعنف، وما ان ترتوي الزرافة وترفع رأسها ثانية حتى تتدخل الصمامات الموجودة في الاوردة لكبح قوة اندفاع الدم من الدماغ تحت تأثير الجاذبية لبلوغ القلب بسرعة، وهو ما يكفي ان يسبب صدمة للزرافة ودوخة،... فسبحان الخالق الكريم....