عبيد بن الأبرص ....
وهذه قصة تنسب الى راويها يحيى بن أكثم حيث حدث بها أمير المؤمنين هارون الرشيد وما أظن القاضي يفرغ لرواية الأفاكيه ولكن أصمعياً جريئاً اخترع القصة ونسبها الى يحيى ليكون لها مكانها من الاعتبار قال الراوي , قال الرشيدليحيى بن أكثم أتعرف قائل هذا البيت :
الخير أبقى وإن طال الزمان به
والشر أخبث ما أوعيت من زاد!
فقال يحيى : حدث عبيد بن الابرص قال : كنت في بعض سنين حاجاً فلما توسطت البادية في شدة الحر سمعت ضجة عظيمة في القافلة ألحقت أولها بأخرها فسألت عن القصة فقيل لي : انظر فنظرت فإذا شجاع أسود فاغر اً كالجذع ( اظن المقصود بالشجاع الثعبان والله اعلم )
وهو يخور كما يخور الثور ويرغو كرغاء البعير فهالني أمره وبقيت لا اعرف ماذا اصنع فعدلنا عن الطريق الى اخرى فإذا الشجاع امامنا
ولم يجرأ أحد على الاقتراب منه فقلت أفدي هذا العالم وأتقرب الى الله بالخلاص منه ( ابو الشهامة كلها وانعم بالرجالة كلها
يعني يعني صدقناه )
فأخذت قربة من الماء فتقلدتها وسللت سيفي فلما رأى القربة سكن ثم فتح فاه فحملت فم القربة الى فمه وصببت به الماء كما يصب في الإناء فلما فرغت مضى نازحاً
(( اتاريه عطشان بس))
فتعجبت من تعرضه لنا وسرعة انصرافه دون ان يمس أحدنا بسوء .
ثم عدنا في طريقنا ذلك وحططنا رحالنا في ليلة مظلمة مدلهمة فأخذت شيئاً من الماء وعدلت الى ناحية من الطريق فنمت بعض الوقت وانتبهت فلم أجد للقافلة حساً فقد ارتحلوا وبقيت وحدي
فأخذتني الحيرة ولم أدري ما اصنع وجعلت اضطرب
فسمعت هاتفاً يناديني بالرجز ويقول فيما يقول ((( الظاهر مكثر عشى هذيك الليلة ))
ياأيها الشخص المضل مركبه
دونك هذا البكر منا فاركبه
((البكر: الراحلة ))
فنظرت فإذا ببكر قائم عندي وبكري الى جانبي فأنخته وركبته ومعي الى جانبي بكري فلما سرت قدر عشر اميال لاحت لي القافلة وانفجر الفجر ووقف البكر وجعلت اسأل عن صاحب هذا الفعل الطيب فالتفت الي البكر
وهو يقول :
أنا الشجاع الذي ألفيتني ربضاً
والله يكشف ضر الحائر الصادى
فجدت بالماء لما ضن حامله
نصف النهار على الرمضاء بالوادي
الخير أبقى وإن طال الزمان به
والشر أخبث ما أوعيت من زاد
هذا جزاؤك منا لانمن به
لك الجميل علينا انك البادي
قال الراوي : فعجب الرشيد وأمر بالقصة فكتبت والابيات فرويت وقال لايضيع المعروف أينما وضع ؟
من شعر الحطيئة
من يفعل الخير لايعدم جوازيه
لايذهب العرف بين الله والناس
((كتبت هذا الموضوع مقتطفات من مقال بعنوان أساطير الجن لـ أ.د أبو حسام
المنصورة مصر مجلة المنهل العدد 605 المجلد 69 ص 148))
ربانة تحييكم بأعطر التحايا