من علماء الفلك المسلمين
البتاني (235-317هـ / 850 -929م
أبو عبد الله محمد بن جابر بن سنان البتاني، رياضي وفلكي اشتهر في القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي، وعرف بلقب ( بطليموس العرب ). ولد في بتان من نواحي حران على نهر البلخ، أحد روافد نهر الفرات.
درس البتاني سر عظمة الله والعلاقة القائمة بين السموات و الأرض، وسخر علمه لمعرفة الله تبارك وتعالى. فتنقل بين الرقة على نهر الفرات وأنطاكية من بلاد الشام، وأنشأ مرصدًا عُرِفَ باسمه.
وكان يلقب بالرقي، نسبة إلى الرقة التي أقام فيها وعمل عدة أرصاد هناك. وقد استخدم آلات كبيرة جدا لم يسبق استخدامها من قبل، وذلك لتقليل الخطأ المحتمل.
قام البتاني بحساب مواعيد كسوف الشمس وخسوف القمر بقدر كبير من الدقة. وحقق مواقع كثير من النجوم، وصحح بعض حركات القمر والكواكب السيارة، وصحح بطليموس في إثبات الأوج الطولي للشمس فجاءت تزيد بمقدار 16 درجة و 47 دقيقة عن التقديرات المعترف بها في عصرنا الحاضر. وكان أول من توصل إلى تصحيح طول السنة الشمسية، وقدرها بـ 365 يوما و 5 ساعات و 46 دقيقة، 32 ثانية، بينما القيمة الحقيقية التي توصل إليها العلماء المعاصرون بواسطة التلسكوب هي 365 يوما و 5 ساعات و 48 دقيقة و 46 ثانية، أي بفارق دقيقتين و14 ثانية.
كما قام البتاني بتعيين ميل البروج عن فلك معدل النهار (أي ميل محور الأرض في دورانها حول نفسها بالنسبة لدورانها حول الشمس والذي يسمى حاليا بالانحراف). وقد توصل البتاني إلى أن معادلة الزمن تتغير تغيرا بطيئا على مر الأجيال. وقد أثبت -على عكس ما ذهب إليه بطليموس- تغيرَ القطر الزاوي الظاهري للشمس، واحتمال حدوث الكسوف الحلقي. واستنبط نظرية جديدة كشف فيها عن شيء كثير من الحذق وسعة الحيلة لبيان الأحوال التي يرى بها القمر عند ولادته. كما صحح عمل بطليموس في تقدير الاعتدالين الصيفي والشتائي.
ويعد البتاني أول من سخر حساب المثلثات لخدمة الفلك، فكان أسبق العلماء إلى إيلاء المثلثات الكروية عناية تامة.
وركز البتاني في عمله على المثلث الكروي وخواصه. واستخدم جيب الزاوية الذي استنتجه من فكرة الأوتار التي كانت مستعملة عند اليونانيين، كما ابتكر مفاهيم جيب التمام، والظل، وظل التمام، وألف جداول دقيقة لظل التمام للزوايا من الصفر إلى 90 درجة بمنتهى الدقة. فاستخرج ظل التمام في جداوله الخاصة بالمثلثات الكروية من المعادلة: (ظتا أ = جتا أ / جا أ). وتجاوز بذلك تطبيق القوانين والعمليات الجبرية على المعادلات المثلثية. (البتاني صاحب القانون المتعارف لدينا بقانون فيثاغورس....... )
ترك البتاني عددا من المؤلفات المهمة معظمها في علم الفلك منها رسالة في عمليات التنجيم الدقيقة، وكتاب عن دائرة البروج والقبة الشمسية، ومختصر لكتب بطليموس الفلكية، وشرح المقالات الأربع لبطليموس، ورسالة في مقدار الاتصالات الفلكية، ورسالة في تحقيق أقدار الاتصالات، وكتاب في معرفة مطالع البروج فيما بين أرباع الفلك، وكتاب تعديل الكواكب، وكتاب في علم الفلك، ومخطوطة عن علم الزودياك. ولكن أهم مؤلفات البتاني هو الزيج الصابئ وهو عبارة عن عمليات حسابية وقوانين عددية، وجداول فلكية.
الخجندي (000-390هـ / 000 -1000م )
حامد بن الخضر أبو محمود الخجندي. عالم رياضي وفلكي اشتهر في القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي. ولد في مدينة الري (جنوب شرقي طهران) حيث تلقى فيها معارفه الأولى وبها تتلمذ على كبار أساتذة عصره.
اهتم الخجندي بالعلوم الرياضية والفلكية ولمع اسمه في سن مبكرة فقد كان له السبق إلى اكتشاف حالة خاصة للنظرية القائلة "إن مجموع عددين مكعبين يكون عددا غير مكعب".
وفي مرصد الري عمل الخجندي تحت رعاية فخر الدولة البويهي الذي أعانه ماليا. ولقد تمكن الخجندي من صنع بعض الآلات مثل آلة السدس التي أطلق عليها السدس الفخري وهي آلة لقياس زوايا ارتفاع الأجرام السماوية. وترتكز السدسية على مبدأ الغرفة السوداء وهي غرفة مظلمة ذات فتحة صغيرة في السقف.وكان المبنى موجها من الشمال إلى الجنوب بمحاذاة خط الزوال. وكان مؤلفا من حائطين متوازيين، تفصل بينهما مسافة (3.5) مترا، ويبلغ طول كل منها (10 أمتار) مع علو يناهز (20 مترا). ولا يدخل فيه النور إلا من ثقب في الطرف الجنوبي من سقفه. وقد حُفرت أرضه جزئيا بين الحائطين بحيث يمكن رسم سدسية مركزها في فتحة السقف وشعاعها يبلغ (20) مترا. وقد غطي داخل قوس السدسية، حيث تتكون صورة الشمس عندما توجد على خط الطول، بصفائح من النحاس،
وكانت التداريج المرسومة على القوس تسمح بقياس ارتفاع الشمس على الأفق أو مسافتها إلى سمت الرأس. وقد بلغ طول كل درجة (35) سم تقريبا، وهي مقسومة إلى (360) قسما يمثل كل قسم (10) ثوان. وتشكل صورة الشمس عند مرورها بخط الزوال دائرة يبلغ قطرها (18) سم. وبعد تحديد مركز هذه الدائرة تتم قراءة دقيقة لقيمة زاوية على الغلاف النحاسي. وقد قاس الخجندي عام 383هـ / 994م ميل فلك البروج فوجده مساويا لـ (23) درجة و(32) دقيقة و(19) ثانية، وقاس خط عرض مدينة الري فوجده مساويا لـ (35) درجة و (34) دقيقة و(39) ثانية.
كما ابتكر الخجندي آلة رصد أخرى سماها الآلة الشاملة، وهي محاولة منه لاختصار القيام بأعمال الرصد الطويلة الشاقة، وقد سجل محاولته تلك في رسالة أظهر فيها خصائص الآلة المبتكرة وكيفية استعمالها.
سند بن علي (000-218هـ / 000 -833 م
أبو الطيب سند بن علي المنجم، عالم فلكي ورياضي اشتهر في القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي. ولد سند لأسرة يهودية تدين بالديانة الموسوية، ولكنه اعتنق الإسلام في عهد الخليفة المأمون الذي قربه إليه.
عمل سند في مرصد الشماسية في بغداد الذي أنشأه الخليفة المأمون، وعمل فيه سند مع كل من العباس بن سعيد الجوهري، ويحيى بن منصور، و أحمد الفرغاني، و أبناء موسى بن شاكر، وعلم الدين البغدادي، وثابت بن قرة. وقد شارك سند في البعثة العلمية التي كلفها الخليفة المذكور لقياس محيط الأض. وكتب سند مذكرة عن ذلك وردت فيها أسماء علماء ومهندسين شاركوا في ذلك العمل منهم خالد بن عبد الملك المروزي، وعلي بن عيسى الأسطرلابي. وقد جرت عملية القياس المذكورة بالقرب من سنجار ما بين واسط وتدمر، وبلغت الدرجة المقاسة (57) ميلا عربيا.
كما كان سند بن علي من المهندسين المتميزين لدى الخليفة المتوكل، وقد كلفه الخليفة بالتحقق بما ترامى له من أخبار عن خطأ قد ارتكبه بنو موسى في حفر قناة الجعفري قرب البصرة. وكان بنو موسى قد كلفوا بدورهم الفرغاني بالإنشاء، الذي أخطأ في تقدير منسوب المياه فلم تكن القناة لتمتليء بالماء إلى العمق المطلوب. وقد توعد المتوكل بني موسى بالعقاب في حالة صحة الخبر. وقد هُرِعَ بنو موسى إلى سند بن علي في أن يساعدهم على إخفاء ذلك الأمر، فاشترط عليهم أن يساعدهم إن هم أعادوا للكندي كتبه وكان صديقا له، ذلك أن بني موسى كان بينهم وبين الكندي مشاحنات فألبوا المتوكل عليه واستولوا على مكتبته. وقد استجاب بنو موسى لهذا الشرط، وقال سند بأنه سوف يعلم الخليفة بأنه لا يوجد أي خطأ في حفر القناة لأن نهر دجلة كان في ذروة ارتفاعه ولن يستطيع أن يلحظ أحد الخطأ طيلة أربعة شهور. ولقد اغتيل المتوكل بعد شهرين ونجا بنو موسى من العقاب.
أما عن إنجازات سند بن علي الأخرى فقد تعاون مع يحيى ابن أبي منصور في وضع زيج فلكي، كما كان له بحوث في الثقل النوعي. ترك سند بن علي عددا من المؤلفات في الرياضيات منها كتاب الحساب الهندي، وكتاب الجمع والتفريق. وفي الشروح الرئيسية لكتاب إقليدس
بعض مؤلفات المسلمين في علم الفلك
كتاب الزيج الصابيء
أحد أشهر المؤلفات في مجال علم الأزياج من فروع علم الفلك، وتأتي شهرته من أن مؤلفه البتاني قد وضع فيه معلومات صحيحة ودقيقة كان لها أثرها في تطور علم الفلك طوال العصور الوسطى عند المسلمين وأوائل عصر النهضة في أوروبا. والكتاب دراسة في القوانين الفلكية من خلال مقدمة وسبعة وخمسين بابا، أورد في المقدمة المنهجية التي كتبها لكتابه وصفا لأهمية هذا العلم، ومكانته بين العلوم، وسبب وضعه هذا الكتاب فيقول:
"إنه من أشرف العلوم منزلة، وأسناها مرتبة، وأحسنها حلية، وأعلقها بالقلوب، وألمعها بالنفوس وأشدها تحديدا للفكر والنظر، وتذكية للفهم، ورياضة للعقل بعد العلم، بما لا يسع الإنسان جهله من شرائع الدين وسنته، علم صناعة النجوم. لما في ذلك من جسيم الحظ وعظيم الانتفاع بمعرفة مدة السنين والشهور والمواقيت وفصول الأزمان وزيادة النهار والليل ونقصانها، ومواضيع النيرين( الشمس و القمر ) وكسوفهما، ومسير الكواكب في استقامتها ورجوعها وتبدل أشكالها ومراتب أفلاكها وسائر مناسبتها، إلى ما يدرِك بذلك مَن أنعم النظر وأدام الفكر فيه من إثبات التوحيد، ومعرفة كنه عظمة الخالق وسعة حكمته، وجليل قدرته ولطيف صنعته".
وقال أيضا:- "لما أطلت النظر في هذا العلم، وأدمنت الفكر فيه، ووقفت على اختلاف الكتب الموضوعة لحركات النجوم، وما تهيأ على بعض واضعيها من الخلل فيما أَصَّلوه فيها من الأعمال وما ابتنوها(بنوها) عليه، وما اجتمع أيضا في حركات النجوم على طول الزمان - لمّا قيست أرصادها إلى الأرصاد القديمة - وما وجد في ميل فلك البروج عن فلك معدل النهار من التقارب، وما تغير بتغيره من أصناف الحساب وأقدار أزمان السنين وأوقات الفصول واتصالات النيرين التي يستدل عليها بأزمان الكسوفات وأوقاتها أجريت في تصحيح ذلك كله وإحكامه على مذهب بطليموس في الكتاب المعروف بالمجسطي بعد إنعام النظر، وطول الفكر والرؤية مقتفيا أثره متبعا ما رسمه إذ كان قد تقصى ذلك من وجوهه، ودلَّ على العلل والأسباب العارضة فيه بالبرهان الهندسي والعددي الذي لا تُدفع صحته، ولا يشك في حقيقته فأمر بالمحنة والاعتبار بعده، وذكر أنه قد يجوز أن يستدرك عليه في أرصاده على طول الزمان كما استدرك هو على إبرخس وغيره من نظرائه لجلالة الصناعة؛ ولأنها سماوية جسيمة لا تدرك إلا بالتقريب. ووضعت في ذلك كتابا أوضحت فيه ما استعجم، وفتحت ما استغلق، وبينت ما أشكل من أصول هذا العلم، وشَذَّ من فروعه، وسهلت به سبيل الهداية لمن يأثر به ويعمل عليه في صناعة النجوم، وصححت فيه حركات الكواكب ومواضعها من منطقة فلك البروج على نحو ما وجدتها بالرصد وحساب الكسوفين وسائر ما يحتاج إليه من الأعمال، وأضفت إلى غيره مما يحتاج إليه، وجعلت استخراج حركات الكواكب فيه من الجداول لوقت انتصاف النهار من اليوم الذي يحسب فيه بمدينة الرقة، وبها كان الرصد والامتحان على تحذيق ذلك كله إن شاء الله تعالى وبه التوفيق".
محتويات الكتاب
أورد البتاني في الأبواب الثلاثة الأولى منها طريقة العمليات الحسابية في النظام الستيني وأوتار الدائرة، والكرة السماوية ودوائرها. وقياس الزمن برصد ارتفاع الشمس، كما تناول في الأبواب التسعة التالية موضوع الكواكب الثابتة ومعرفة أوضاعها بالنسبة للدوائر السماوية، وطول السنة الشمسية عن طريق الرصد، والاختلاف في حركة الشمس وعدم انتظام سرعتها بين يوم وآخر على مدار السنة، وحركات القمر والكسوف والخسوف، وبعد الشمس والقمر عن الأرض، وأسباب أوجه القمر، وتناول الكواكب ومساراتها، وقدم مقارنة للتقاويم المختلفة عند العرب والروم والفرس والقبط، ودرس منازل القمر وقسمها إلى ثمانٍ وعشرين منزلةً كما كانت عند العرب قبل أن يطلعوا على التقسيم الهندي، ولكنه استخدم في تقسيمه الأصول الهندسية والفلكية، وبحث بعد ذلك مسار القمر ونقطتي تقاطعه مع مسار الأرض، ورؤية الهلال والخسوف، وكذلك تناول كسوف الشمس وأحوال ومواضع وحركات المجموعات الشمسية. واختتم الكتاب بثلاثة أبواب أحدهما خصصه لإرصاداته التي قام بها للنجوم، وبابين خصصهما لوصف الآلات الفلكية وطريقة صنعها والأخطاء التي يمكن أن يقع فيها علم الفلك.
وقد نال هذا الكتاب حظوة كبيرة عند علماء الفلك المسلمين الذين جاءوا بعد البتاني من أمثال: البوزجاني، والصاغاني، والصوفي، والبيروني، وأيدوه في كثير مما جاء به.
النسخ المترجمة
نال الكتاب أهمية كبيرة في الغرب الأوروبي فتمت عدة محاولات لترجمة الكتاب إلى اللاتينية في القرن الثاني عشر الميلادي، وطبعت إحدى هذه الترجمات وهي ترجمة بلاتوتيفوك في نورمبرج عام 943هـ / 1537 م، كما نشر كارلونلينو الأصل العربي منقولا عن النسخة المحفوظة بمكتبة الأسكوريال في ثلاث مجلدات بروما عام 1316هـ / 1899 م مصحوبا بترجمة لاتينية وتعليق على بعض النصوص.
كتاب القانون المسعودي
أحد المؤلفات الكبرى في علم الفلك والأرصاد التي ظهرت في القرن الخامس الهجري / الحادي عشر الميلادي. وقد أهداه مؤلفه أبو الريحان البيروني إلى السلطان مسعود بن محمود الغزنوي.
والكتاب يعتني بكل ما توصل إليه العلماء في الحضارات السابقة وكذلك المعاصرون له مع نقد مطلع وتفنيد الآراء دون تحيز أو محاباة. وقد انتهج البيروني منهجا خاصا هو ألا يأخذ النظريات والأرصاد قضية مسلما بها بل ناقش البراهين والأدلة وأضاف إليها من علمه وأعاد الأرصاد أكثر من مرة لكي يتأكد من صحة النتائج التي ذكرها في كتابه. فيقول البيروني: "ولم أسلك فيه مسلك من تقدمني من أفاضل المجتهدين من طالع أعمالهم واستعمل زيجاتهم على مطايا الترديد إلى قضايا التقليد باقتصارهم على الأوضاع الزيجية وتعميتهم خير ما زاولوه من عمل، وطيهم عنهم كيفية ما أصابوه من أصل حتى أحوجوا المتأخر عنهم في بعضها إلى استئناف التعليل، وفي بعضها إلى تكلف الانتقاد والتضليل؛ إذ كان خلد فيها كل سهو بدر منهم لسبب انسلاخه عن الحجة، وقلة اهتداء مستعمليها بعدهم إلى المحجة، وإنما فعلت ما هو واجب على كل إنسان أن يعمله في صناعته من تقبل اجتهاد من تقدمه بالمنة، وتصحيح خلل إن عثر عليه بالحشمة، وخاصة فيما يمتنع إدراك صميم الحقيقة فيه من مقادير الحركات وتخليد ما يلوح له فيها تذكرة لمن تأخر عنه بالزمان وأتى بعده وقرنت بكل عمل في كل باب من علله. وذاك ما توليت من عمله ما يبعد به المتأمل عن تقليدي فيه ويفتح له باب الاستصواب لما أصبت فيه، أو الإصلاح لما زللت عنه أو سهوت في حسابه".
محتويات الكتاب
يشتمل الكتاب على إحدى عشرة مقالةً جاءت موزعة على ثلاثة أجزاء، وقد قسمت كل مقالة إلى عدد من الأبواب، بلغت في مجموعها مائةً واثنين وأربعين بابا؛ فجاء الكتاب على النحو التالي:
الجزء الأول ويشمل المقالات الخمس الأولى، وتتناول هيئة الموجودات الكلية في العالم بإجمال وإيجاز للتوطئة، وعن العالم بكليته كجِرْم مستدير الشكل، وعن الأثير والعالم المتحرك والعناصر الأربعة، وعن المباحث الستة من كتاب المجسطي، وعن كرية الأرض وكرية السماء، وعن الكسوف، كما تناول في الأبواب الأخرى لهذه المقالة الأيام والشهور وسنة القمر، وسنة الشمس، وغير ذلك، ثم يقدم عرضا موجزا لتواريخ الأنبياء، والملوك من عهد سيدنا آدم عليه السلام حتى ملوك عصره؛ وذلك للصلة الوثيقة بينها وبين التقاويم المختلفة والتواريخ المشهورة مع الإشارة إلى أصلها والأسباب التي جعلت منها عيدا دينيا أو مناسبة مشهورة، ثم ينتقل للحديث عن الجوانب النظرية في جداول حساب المثلثات التي تعتمد عليها النظريات والأرصاد والحسابات الفلكية. وينتقل بعد ذلك إلى الناحية التطبيقية فيبين زاوية تقاطع معدل النهار مع منطقة البروج في خط الاستواء ودرجة الكواكب وعرضه، ومعرفة عروض البلدان بارتفاعات الأشخاص وسعة المشارق والمغارب، ودرجة طلوع الكواكب وغروبها ومعرفة الوقت من الليل بقياس الكواكب الثابتة، والماضي من النهار قبل سمت الشمس أو عكسه.
الجزء الثاني ويشتمل على أربع مقالات من الخامسة حتى الثامنة. ويتناول فيها المسائل الأرضية المتصلة بالظواهر الفلكية كتعيين خطوط الطول والعرض للبلدان واتجاه مكان بالنسبة لمكان آخر وقياس حجم الأرض أو محيطها وخصائص الكرة السماوية في خطوط العرض المختلفة ووصف موجز لجغرافية الأرض مع جدول لخطوط الطول والعرض جمع فيه ما يزيد على ستمائة بلد ومكان، ثم يتحدث عن كيفية الوقوف على أوقات الاعتدالات، وتصور الحركة في الأفلاك التي يظن أنها متقاطعة، وحركة الشمس الوسطى بالطريقة التي استخرجها بها بطليموس ومقدار حركة الأوج ( مصطلح فلكي ) وغير ذلك.
ويتحدث عن حركات القمر، وبعد القمر عن الأرض، واختلاف منظر القمر، وعن أحوال الكسوف واختلاف مناظره، وكذلك كسوف القمر ومداري البحرين ومنازل القمر.
الجزء الثالث ويشمل المقالات الثلاث الأخيرة، ويتناول في أبوابها الفرق بين الكواكب الثابتة والسيارة، وتقسيم الكواكب الثابتة وجداول الثوابت وصور الدب الأكبر والأصغر والتنين والعقاب والثور والعذراء والسمكتين وقيطس والنهر والأرنب وقنطورس والسمع وتشريق الكواكب وتغريبها، والجداول وتقويم الكواكب بها وجداول حركات زحل والمشترى والزهرة و عطارد والمريخ واستخراج المقامات وغاية تباعد الزهرة وعطارد عن الشمس، وتناظر الكواكب والبروج وتحاويل سني العالم، والمواليد وشهورها، وتقسيط القوى بحسب المواضع، ومعرفة الطاقات في كل واحد من فلكي الأوج والتدوير ولوازمها وصعود الكواكب وهبوطه، وقرانات الكواكب العلوية إلى غير ذلك. والكتاب مزين بالعديد من الأشكال والرسوم المختلفة والجداول الكثيرة.
النسخ المحققة
طبع كتاب القانون المسعودي لأول مرة بمطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بحيدر أباد الدكن بالهند عام 1373هـ / 1954 م. ولقد بذلت فيه دائرة المعارف مجهودا ضخما في سبيل طبع هذا الكتاب النفيس حيث بقي في الخفاء مدة طويلة من الزمان وقد تمت المقارنة بين النسخ السبعة والاعتماد على النسخة المخطوطة الرابعة الموجودة في مكتبة بايزيد بإستانبول أساسا للطبع. وتقع هذه الطبعة في ثلاثة أجزاء في نحو ألف وخمسمائة صفحة، عدا المقدمات والفهارس. وقد أعاد تحقيق المقالة الثالثة منه إمام إبراهيم أحمد، ونشرها المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة عام 1384 / 1965.
دور المسلمين في الحضارة الغربية
شهدت الخلافة العربية الإسلامية ازدهارا في العلوم وتقدما في التقنية، وقد اتسمت الحضارة العربية بالسمات الإسلامية الواضحة، فسميت لذلك بالحضارة العربية الإسلامية.
علم الفلك:
قَدِمَ الكثير من علماء الفلك المسلمين إلى الصين في عهد يوان حاملين معهم بعض الأجهزة والمصادر الفلكية العربية، وفي الوقت نفسه اتجه عدد من الفلكيين الصينيين إلى دولة المغول الإيلخانية حيث قدموا إلى الفلكيين فيها طريقة حساب التقاويم، وطريقة "قيان – تشي" وبعض المصادر الصينية في مجال التقويم الفلكي. غير أن تلك الكتب التي نقلت إلى الصين قد فقدت، فلا يعرف إلا بعض عناوينها من ((سجل ديوان وثائق يوان)) من تأليف وانغ شي ديان وشانغ تشي ونغ في عهد أسرة يوان، مثل ((الزيجات – مختلف التقاويم)) 48 جزءًا و((صناعة الآلات الفلكية)) 8 أجزاء، و((الهيئات – الدراسات في التقاويم الفلكية)) 7 أجزاء، و((صور الكواكب – خريطة النجوم)) 4 أجزاء.
يتبع ...