تفسير أم وصف؟
هل يفسر العلم الأشياء أم يصفها فقط؟ هذا هو السؤال الذي يطرحه واينبرغ محاولاً الوصول إلى إجابة حاسمة لصالح التفسير. كان الإبستمولوجيون في النصف الأول من القرن العشرين قد طرحوا بقوة هذه التساؤلات، التي يمكن أن يلخص إلى حد ما رأيهم فيها على سبيل المثال قول ويتغنشتاين L. Wittgenstein:
"يكمن وراء تصورنا الحديث للعالم وَهم أن القوانين المزعومة للطبيعة تفسر الظاهرات الطبيعية".
وكان يعتقد أنه يكفي اكتشاف سبب واقعة ما من أجل تفسيرها. غير أن برتراند راسل B. Russel نشر في عام 1913 مقالاً دافع فيه عن وجهة النظر القائلة »إن كلمة "سبب" مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بعلاقات مضللة بحيث أنه يفضل حذفها نهائياً من المصطلحات الفلسفية.« وما كان ذلك ليترك للفلاسفة مثل ويتغنشتاين سوى حل وحيد من أجل التمييز بين التفسير والوصف، وكان هذا الحل غيبياً ولاهوتياً: فالواقعة يتم تفسيرها عندما يتم البرهان أن لها غاية ما.
إن التمييز بين الوصف والتفسير يتطلب من هذا المنظور معرفة الدافع. لكن قوانين الطبيعة لا تشتمل على دوافع غائية، ولجهله بوسيلة تمييز أخرى بين التفسير والوصف استنتج ويتغنشتاين أن هذه القوانين لا يمكن أن يكون لها قيمة تفسيرية. فبين الذين يزعمون برأي واينبرغ أن العلم يصف ولا يفسّر هناك منهم من يحاول ربما أيضاً القيام بمقارنة ومقابلة العلم باللاهوت، اللاهوت الذي يفسر الأشياء برأيهم استناداً إلى مخطط إلهي، وهو أمر لا يأخذ به العلم أو يقع خارج نطاقه.
إن هذا النمط من التفكير هو نمط خاطئ شكلاً ومضموناً. ويرى واينبرغ أن على الفلاسفة المهتمين بمعنى مصطلح "تفسير" في العلوم معرفة ما الذي يقوم به الفيزيائيون والعلماء عندما يقولون إنهم يفسرون شيئاً ما. وهو يعرّف بالتالي مصطلح "التفسير" في الفيزياء بأنه "ما يكون الفيزيائيون قد قاموا به عندما يصرخون مندهشين: آه!". لكن التعريفات المسبقة كما يردف بما فيها هذا التعريف ليست ذات فائدة على الإطلاق! ويرى واينبرغ أن الفلاسفة الحديثين الذين كتبوا في معنى التفسير، مثل بيتر أخينستاين P. Achinstein وكارل همبل Carl Hempel وفيليب كيتشر Ph. Kitcher وويسلي سالمون W. Salmon، طرحوا الموضوع من منظور صحيح عندما حاولوا أن يجيبوا على السؤال:
"ماذا يفعل العلماء عندما يحاولون تفسير شيء ما؟"