هذه المتاهة تدخلنا في التخيير والتسخير ... وهو باب إذا فتح لا يغلق...
على كل حال ارى (وهو ما شرحه الشيخ الشعراوي رحمه الله فيما سمعت) ان ذلك يدخل في قوله تعالى ( فسنيسره لليسرى ... فسنيسره للعسرى ) ... فإن من توجه إلى الهدى اراه الله الطريق للهدى ...ومن اراد الغواية اراه الله الطرق المؤدية إليه... وتاه مع من تاهوا...
لا ريب ان للتربية أثرا في ذلك وإلا لما كان الأمر بالإحسان إلى البنات وتربيتهن حتى ندخل بهن الجنة يا فاطمة!!! إلا أن الله له الأمر في الاولى وفي الاخرة ... ولذا عندما كنت أنظر في قضايا العملاء للاحتلال هنا وكيف ان ذلك مخجل ...الخ...كنت أسأل سؤالا ...ماذا لو كانت النظرات موجهة لي أن يا قريب العميل الفلاني ... أو أأأأه انت قريب فلان العميل ... الخ ...ماذا يمكن ان اجيب؟؟؟ كنت اقول في نفسي : قل : لقد كان ابن نوح كافرا وكانت كذلك زوجه وكذا زوجة لوط ...وكان ابو ابراهيم كافرا ...وكان ابو لهب كذلك...ويشهد لذلك أيضا أن ربيب فرعون (موسى) نبي مرسل من أولى العزم وربيب جبريل (السامري) كافر ... فهل يقدح في شخصي أن غيري فيه دغل؟؟؟
ربما ابتعدنا قليلا عن الموضوع...
التربية لا ريب لها اثرها في النشء لكن لله بعد ذلك امرا ... أنت عملت اللي عليك والباقي على رب العباد... لكن الغالب إلا في أحوال الابتلاءات ان من حسنت تربيته فإن لطف الله يكتنف الأبوين ويكون الرجل صالحا رحمة من الله بهما ... صحيح أن هذا لا يمنع ان يكون فاجرا لكن هذا هو الغالب وهي سنة الله الماضية ... تماما كما نقول إن من يسبق عليه القول فيعمل بعمل أهل النار مثلا فيدخلها ... الغالب فيما أومن به أن كرم الله ولطفه ورحمته بعباده أنه إذا لمس من عبد حسن توجه وطهارة قلب فإنه سيعصمه أن تكون نهايته كذلك ... ومثل هذا ان الإنسان ضعيف أمام الشهوات خاصة فيما يختص بأحوال النساء ... لكن امرءا (رجلا اوامراة ) يطلب الستر من الله ويعمل لذلك ويفرق من ذكر الفاحشة فإن الله يعصمه بأن يبصره قبل ان يقع في الرذيلة ...انتبه هنا ... إنه لو دخل في الحمى فسوف يرتع وسوف يرتكس ... ولكن الله يسلمه تماما كما سلم نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم عندما اراد ان يسمر مع اهل مكة ... اذكر اخيرا انني كنت بعد الثانوية العامة في سوريا وحيدا أنتظر منحة للدراسة (لم تتم بسبب حرب لبنان 82 في حينه) ...إن الوحدة قد تغري الإنسان بأمور ... لا أنكر .. لقد دغدغني يوما ذلك الملهى في دمشق ...ذكر أحد النزلاء انه ذهب هناك عدة ليال وقص علي القصص ... خرجت بعدها بأيام وكنت أمشي في الشارع فقرأت الاسم ... ملهى كذا ... قلت في نفسي ...اقطع الشارع وانظر ماذا هناك ... قطعت الشارع ونظرت بالداخل ... لا أدري لماذا احسست انه سجن ... طريق رفيعة لا أدري إلى اين تتجه ...صحيح ان هناك صورا !!! معلقة على الجدران في الممر ... كيف يدخلون؟ ماذا يفعلون؟ سبحان الله ... لكأنما أتت يد خفية امسكتني وجذبتني ... رأيتني امشي مسرعا كأنما كل الشارع ينظر إلى ويشير إلى هذا الفاجر... اهرب ... اهرب... وبالفعل لويت رأسي لا ألوي على شيء ... حتى خرجت إلى الشارع العام ومنه إلى سوق الحميدية الشهير بدمشق ... كلما اذكر هذه القصة اعجب ... لقد كنت شابا صغيرا فتى ارعن 18 سنة ... يسكن منطقة الفنادق ...يعني ببساطة منطقة الفجور ... وهو وحيد ولا يراه أحد ... لكن هذا الولد كان في كل يوم يقرأ في ذلك المصحف الاحمر الصغير الذي حمله معه من مصر (التي مكثت فيها ستة اشهر) إلى سوريا ...والله خير حافظا...
المختصر المفيد ... علينا أن نربي اولادنا ... والله لن يترنا أعمالنا ... على الغالب...
والسلام