و ما الدولة في هذا كله إلا جهاز رسمي يمكن أن تختلف أشكاله، و قد نيط به صون مصالح الأمة و تحقيق أمانيها.
أما الأمة الإسلامية فلا بد للدولة فيها من أن تستلهم أخلاق الإسلام و روحانيته، دون أن تنقطع صلتها الوثيقة بالمعطيات الاجتماعية و الاقتصادية و بظروف التطور السياسي . و بقدر التقاء فكرتي المادي و الروحي و انسجامهما في أيديولوجية عامة، يمكن التحدث عن دولة إسلامية تقوم في خدمة الجماعة و تعمل في سبيل الله، أي تضم التقنية إلى الإيمان .
و حيث أن هذه الشروط لم تتحقق حتى الآن فسيقول البعض أنها غير قابلة للتحقق.
فهل هذا سبب لطرحها في عالم الأحلام؟
و لكن أليست للإنسانية تحدوها من بداياتها ، أحلام تخرج إلى العيان تدريجيا في مقدراتها؟
إن الضباب الذي يغشى الآفاق البعيدة للمصير الإنساني، ينبغي ألا يحطم وثبته و يوقف جهده ،
و بقدر ما يعتقد الإنسان أن في استطاعته أن يبلغ هذا الأفق يستطيع أن يجاوز مشكلات الساعة،
و لكن عدم الأيمان بقدر الإنسان معناه عدم الإيمان بسبب وجوده، و معناه الاعتقاد بأن ذكاءه العجيب و معجزة حيلته ليسا إلا وهما زائلا زوال الحياة،
إن التشاؤم فكرة مضادة لروح الإسلام لأن المغامرة الإنسانية لا تشكل مغامرة فحسب بل تمثل وجودا مبدعا حرا ، يضفي على الإنسان أبعادا عظيمة لرسالة تلقاها من الله و ترجع به إلى الله.
يتبع ------>