القانون الثاني للحركة:
ويتعلق بدراسة الأجسام المتحركة، وهو ينص على أن تسارع جسم ما أثناء حركته، يتناسب مع القوة التي تؤثر عليه، وفي تطبيق هذا القانون على تساقط الأجسام تحت تأثير جاذبية الأرض تكون النتيجة أنه إذا سقط جسمان من نفس الارتفاع فإنهما يصلان إلي سطح الأرض في نفس اللحظة بصرف النظر عن وزنهما ولو كان أحدهما كتلة حديد والآخر ريشة، ولكن الذي يحدث من اختلاف السرعة مرده الى اختلاف مقاومة الهواء لهما في حين أن قوة تسارعهما واحدة.
وقد تصدى لهذه القضية العديد من علماء الميكانيكا والطبيعيات المسلمين فيقول الإمام فخر الدين الرازي في كتابه "المباحث المشرقية" (11):
"فإن الجسمين لو اختلفا في قبول الحركة لم يكن ذلك الاختلاف بسبب المتحرك، بل بسبب اختلاف حال القوة المحركة، فإن القوة في الجسم الأكبر ،أكثرمما في الأصغر الذي هو جزؤه لأن ما في الأصغر فهو موجود في الأكبرمع زيادة"، ثم يفسر اختلاف مقاومة الوسط الخارجي كالهواء للأجسام الساقطة فيقول: "و) ما القوة القسرية فإنها يختلف تحريكها للجسم العظيم والصغير لا لاختلاف المحرك بل لاختلاف حال المتحرك فإن المعاوق في الكبير أكثر منه في الصغير، وهكذا نجد أن المسلمين قد اقتربوا الى حد بعيد جداً إلي معرفة القانون الثاني.
القانون الثالث للحركة:
وينص على أن لكل فعل رد فعل مساوي له في المقدار ومضاد له في الاتجاه، هذا المعنى بنصه في كتاب (المعبر في الحكمة) (12) لأبي البركات هبة الله البغدادي المتوفي سنة 165 ام إذ يقول "إن الحلقة المتجاذبة بين المصارعين لكل واحد من المتجاذبين في جذبها قوة مقاومة لقوة الآخر. وليس إذا غلب أحدهما فجذبها نحوه تكون قد خلت من قوة جذب الآخر،بل تلك القوة موجودة مقهورة، ولولاها لما احتاج الآخر الى كل ذلك الجذب "، ويقول الإمام فخر الدين الرازي في كتابه " المباحث المشرقية" (13): " الحلقة التي يجذبها جاذبان متساويان حتى وقفت في الوسط لا شك أن كل واحد منهما فعل فيها فعلاً معوقاًبفعل الآخر".
وبهذا نستطيع أن نقول إن المسلمين قد توصلوا إلي أصول القانونين الأول والثالث للحركة واقتربوا كثيراً من القانون الثاني. وجدير بنا أن ننسب القانون الأول لابن سينا والثالث للبغدادي لا لنيوتن.
أهمية هذه القوانين وفضلها على الحضارة المعاصرة:
هذه القوانين الثلاثة للاستقرار والحركة ورد الفعل هي القوانين الأساسية التي ترتكز عليها كل علوم الآلات المتحركة.. ابتداء من السيارة والقطار والطائرة إلي صواريخ الفضاء والعابرة للقارات.. وهي نفسها التي هبط بها الإنسان على سطح القمر.. وسيره في الفضاء الخارجي. وهي أيضاً أساس جميع العلوم الفيزيائية التي تقوم على الحركة، فالكهرباء هي حركة الالكترونات. والبصريات هي حركة الضوء والصوت هو حركة الموجات الضوئيه الخ.. وجدير بنا أن نفخر بفضل علمائنا الأولين كلما ذكر اسم نيوتن الذي وضعه بعض المؤرخين في صف الأنبياء بسبب نسبة هذه القوانين إليه.
كانت هذه اثنى عشر اكتشافاً اسلامياً.. لكل منها دور بارز في تطور العلوم وفي مسيرة الحضارة الإنسانية ،وليس معنى ذلك أن هذا هو كل ما قدمته تلك الحضارة من إنجازات ولكنها على سبيل المثال لا الحصر، وقد أردت بها أن تكون أمثلة حية وملموسة على إنجازات المسلمين في عصر نهضتهم.. نرد بها على فريق المستشرقين المغرضين الذين دأبوا دون ملل ولا كلل على ترديد أن فضل الحضارة العربية هو في نقل العلوم الإغريقية وحفظها الى أن جاء الأوروبيون أصحاب هذا التراث العلمي لكي يتسلموه منهم.
والواقع أن هناك الكثير من انجازات الحضارة الإسلامية.. الذي مازال خافياً علينا، والذي نهب منا ونسبه غيرنا الى نفسه ونحن غافلون، فهناك في مكتبات أوروبا عشرات الألوف من المخطوطات العلمية العربية، الموجودة في الأفنية المظلمة والدهاليز السرية،ومعظمها من النادر الثمين الذي لايوجد منه غير نسخة واحدة في أوروبا لا مثيل لها في العالم العربي، كما أن هناك أضعاف هذا العدد من المخطوطات في العالم العربي نفسه، وكلها لم يتفرغ له أحد لتحقيقه والكشف على ما يحتويه من كنوز المعرفة.