الفصل البارد؟
ما قيمته؟
و لماذا يسوء وقعه إلى هذا الحد في نفسي؟
إن كل إنسان يستطيع أن يسيء إلى أي إنسان آخر بفصل بارد
و كون اهانة لحقت بي ، عفوا أو عمدا ليس معناه أني مستحق لها،
أو أني صرت من أجل هذا شخصا مهينا محتقرا.
و الذي أهانني أولى بأن يندم مني أنا .
و أنا بعد الاهانة ما زلت كما كنت قبلها،
فلننس هذا إذا ، و لنعد عنه إلى سواه.
و ما سواه هذا؟
هو أني بلا عمل، و أني مفلس!
و لكن كثيرا ما أفلست و أنا أزاول عملي، فلا جديد في هذا، فلنضمه إلى الكثير القديم من أمثاله.
و أما العمل فنسعى له سعيه في غير لهفة و لا اضطراب. و كل عمل صالح،
و أنا أستطيع أن أؤدي أعمالا كيرة:
أستطيع أن أظل أزاول الصحافة،
و أن أنفض يدي منها
و أنقطع للتأليف و الترجمة ، و حبذا لو فعلت!
و أستطيع أن أكون سائق سيارة خاصة أو عامة، بل أستطيع في ساعات أن أحول سيارتي و لا يكلفني هذا سوى بضعة ساعات في قلم المرور و بضعة جنيهات.
و من أين أجيء بالجنيهات ؟
سبحان الله العظيم!
و هذه الكتب على رفوفها ، ما خيرها إذا لم أفرج ببعضها أزمتي؟
و أي غضاضة على أديب من هذا؟
أيمنعه كونه سائق تاكسي أن يؤلف الكتب و يترجمها أو يكتب إلى الصحف مقالات طنانة رنانة ، و أن يظل هو فلانا الذي عرفه قراءه؟
كلا! و لماذا نحتقر عملا ليس فيه ما يحتقر؟ و ما لنا نستكبرمن عمل ليس فيه ما يعاب؟