أشكرك يا أخي فريد وأرجو أن تقبل اعتذاري، أنت وكل الإخوة والأخوات المشاركين معنا في هذا المنتدى، عن هذا التأخير في الرد عن مداخلاتكم.
أود أن أبين لكم بعض العوامل التي دفعت بي إلى إنجاز هذا العمل.
إن ما توصلت إليه جاء في الحقيقة نتيجة لعمل مستمر كنت أعلم يوم انشغلت به أنه قد يستغرق وقتا كبيرا من حياتي. إلا أن إصراري وتشبثي بالبحث عن الحقيقة بعدما راودني الشك فيما تعلمته ودرسته وانتابني الشعور بالبحث بجدية عما يليق بعقلي وبمتطلباته، خصوصا أنني أعيش في زمن تسقط فيه المعلومات العلمية كالمطر الغزير على الإنسان كما تكاد تخنقه الحقائق المبعثرة والتي تبدو كالمتناقضات، كل ذلك جعلني أفكر آنذاك بأن أضع لهذا العمل مكانا خاصا في برنامج حياتي خصوصا أنني كنت في أمس الحاجة إلى أن يكون لي لون خلقت من أجله.
إن الهدف من الدراسة كان عندي ولا يزال هو التعلم ومعرفة حقائق الأشياء وقوانينها، وليس الحصول على الشهادة أو الوظيفة. لهذا السبب كان علي أن استوثق بدقة وأن أتأكد مما سيلائم مواهبي من الأعمال التي سأندفع وراء تحقيقها حتى لو كلفني الأمر إتباع نهج خاص غير مألوف عند الناس في البحث عن مسألة تخص سعادتي.
إن الشعور بالسعادة شيء جميل، والإنسان الذي لا يعرف السعادة لا يستطعم ذوق الحياة ومن لا يعرف الحب لا يستحقها لأنه في حدود تقديري سوف لن يعيش سعيدا. وترتبط سعادة الإنسان بالحب الصادق لله ولنفسه وللآخرين فالتوجه بالحب إلى الله يحسس الإنسان بالأمان وينير طريقه، وحب الإنسان لنفسه حبا عقليا يحقق له التوازن النفسي المبني أساسا على صون الكرامة وسط الآخرين والنجاح في التعامل معهم وكذلك على القدرة على الابتهاج في الوحدة التي يخشاها أغلب الناس. إن الخوف الذي ينتاب الإنسان من نفسه لحظة الوحدة يعود بالدرجة الأولى إلى عدم وجود تواصل فعلي بينه وبين نفسه المتمثل في الانصياع لمناجاة الضمير وهذا ما يدفع بالإنسان إلى التنازل عن وجوده الخاص والارتماء في أحضان المجتمع، فيفقد بذلك إنسانيته ويصير مجرد نسخة من نفسه غير مطابقة للأصل.
من السهل أن نخدع أنفسنا دون أن نلحظ ذلك لكنه من الصعب أن نخدع غيرنا دون أن يلحظوا.
ويتجلى حب الإنسان لنفسه في خوفه عليها من التهلكة بحيث لا يغلق على نفسه المنافذ حتى لا يختنق مقابل ذلك عليه أن يدمج عقله في دائرة عقل نشيط عدو للخرافات منكب على المعرفة كما عليه ألا يعرض نفسه بغير الضرورة للمخاطر، لأن الشجاعة لما تتعدى حدودها تصبح تهورا، باستثناء بعض اللحظات التي يدرك الإنسان خلالها أنه على استعداد بأن يضحي حتى بنفسه مدركا أن الحياة لا قيمة لها في تلك الظروف.
وينتج عن حب الله وحب النفس من لدن الإنسان شعور نبيل عنده نحو الآخرين فحتما أنه سيحبهم، لأنهم مثله، لهم ما له وعليهم ما عليه، وكما للسعادة ارتباط شديد بالحب لها ارتباط شديد كذلك بالطموح الذي غالبا ما تختلف نوعيته من إنسان إلى آخر، يسعد البعض ويكون سببا في شقاء البعض الآخر غير أن الذي لا يطمح لا يعد إنسانا وضعف الإرادة في تحقيق غرض معين يضعف معه الحظ في الوصول إليه فيبرز القلق والهم ثم اليأس الذي يعتبر أشد الحالات قهرا لدى الإنسان. هذا، وأن الإنسان الذي يبدأ حياته بالطموح إلى الوصول إلى غايات كبيرة كالشرف والمال والشهرة وينتهي أمره بالفشل في تحقيق هذه الغايات يمضي بقية حياته في قلق وملل كما يبعث ذلك في نفسه أشد الألم.
يتبع