السلام عليكم :
الأخ الكريم منير قنيش : حياك الله تعالى ..
وكما ذكرتُ في مشاركتي ( 3 )
فإن هذا العمل المبارك قد بُذل في وضعه جهد كبير وعمل دؤوب وتأمل طويل , تدل على ثقافة واسعة وتبحر في الدراسة ..
فهذه الشمولية في التفكير والبحث والدراسة التي مرت على نشأة الكون والإنسان والمجتمع ... حتى وصلت إلى ما نحن عليه
لا تتأتى من إنسان يجلس في مكان هادئ في ليلة مصحية يرتشف فنجاناً من القهوة يتأمل القمر ليخط يراعه هذه المعلومات والمفاهيم ويخرج بهذه الاستنتاجات الكبيرة العريضة
بل لا بد أن يكون ذلك من إنسان اعتصره الألم لما آل إليه حال البشرية اليوم
فكابد وجاهد وعانى في البحث والتنقيب والتحليل والتركيب والاستدلال والاستنباط
ليخرج علينا بما يراه البلسم الشافي لما تعانيه البشرية اليوم من مصائب وآلام وعذابات
وهلاك آيلة إليه ...
فهنيئاً لك أخي الكريم على هذا الخلق الرفيع العالي
وعلى هذا الهدف السامي
وأسأل الله تعالى أن يُجزل لك المثوبة على صدق نيتك في إرادة الخير للبشرية جمعاء ..
أخي العزيز منير قنيش :
ليس لدي مزيد من الفراغ لإعطاء هذا الموضوع حقه من الدراسة
ولستُ أهلاً لمناقشة كثير مما جاء فيه
فالموضوع حمل بين طياته الكثير من المفاهيم و التقريرات و الطروحات التي تحتاج إلى وقت طويل للنظر فيها
وفيه الكثير من الطيب المبارك
والتنسيق ووضوح الرؤية والأفكار والتسلسل المنطقي في عرضها , سمات بارزة يتحلى بها ..
وأما عن تفصيل ما ألمحتُ إليه في مشاركتي السابقة
فإليك بعضاً من ذلك :
1 - رسالتك , كما ذكرتَ غير مرة , هي لكل إنسان
فهذا يعني أنها تشمل المسلم وغيره من أصحاب الديانات السماوية وغيرها
مثلما تشمل من لم يؤمن بوجود إله
فلما كان الأمر كذلك
فإنه كان يترتب عليك بداية
إثبات وجود الله الواحد الأحد الفرد الصمد
ثم إثبات أن الإسلام هو الدين الحق الذي لم يطله التحريف والتزييف والتبديل
إن كنت تراه القادر على حمل البشرية إلى سعادة الدارين
في حين أننا نجدك دخلت مباشرة إلى ثلاثية الدين والفلسفة والعلم .
ثم تعريف الله جل جلاله تبارك في علاه ..
2 - ليس في شرعنا الإسلامي الحنيف مصطلح ( رجال الدين )
لأن هذا المصطلح يدل على أن لأولئك الأشخاص الذي يحملون هذه الصفة
ميزة عن سائر البشر
فهم المستأثرون بأمهات العلوم والمتكلمون عن الرب , وقد نجد في بعضهم ما يميز به عن الأنبياء , عليهم السلام , كالغفران ..
أما نحن المسلمين فعندنا ( علماء دين وشريعة )
ولا يميز أحدهم عن سواه من البشر سوى بعمله
وليس بعلمه
والعلم الديني والدنيوي عندنا ليس حكراً على أحد
بل ! من الواجب على كل من علم شيئاً منا أن ينقله بأمانة إلى غيره
وقالوا (( زكاة العلم إنفاقه , أي تعليمه للآخرين ))
( وفي هذا بحث يطول , أكتفي منه بهذه الإشارة المقتضبة )
3 - لم أجد فيما تفضلتَ به تعريفاً محدداً ( للفكر ) ولا ( للعقل )
فتارة تجعل الفكر مصححاً للعقل
وأخرى تجعل العقل مصححاً للفكر
فقلتَ في فقرة - حول ماهية الفكر - : (( ... ولهذا السبب ينبغي علينا أن نفكر في كيفية تخليص الفكر من الفوضى وفي تقوية أسس بناء البيت الفكري الذي تسكنه عقولنا جميعا؛ الأمر الذي يتطلب البحث عن الهفوات والأخطاء التي ارتكبت أثناء عملية بناء الفكر العملي القائم أساسا على تصميم الفكر النظري الذي يحتاج هو الآخر إلى الإحاطة بكل جوانبه لعل الهفوات تكون قائمة فيه ثم ملاحظة الأجزاء المهملة التي تخلى الإنسان عنها ولم يتناولها بالتهذيب كما يتطلب كذلك فحص عيوب المعرفة وحاجاتها وإمكانياتها ووسائلها والإشارة إلى المشاكل الجديدة التي تنتظر إلقاء الضوء عليها، ولعل ما يتطلبه تطوير المعرفة الإنسانية هو تطهير العقل وتنقيته من بعض التصورات والمفاهيم القديمة وذلك بتصحيح الأخطاء المرسخة فيه والأوهام المتجلية في الصور التي ترتسم في الأذهان عن حقيقة الأشياء. هذه هي المهمة التي على العقل أن ينشغل بها متحديا كل الخلافات القائمة بين التيارات الفكرية لأنه هو المسؤول الوحيد عن حل مشاكل الإنسان، فهو مؤسس الفكر وصانع الرموز وبفضله اتخذت الأشياء صورا لها عند الإنسان، ومن أجل تجنب أي سوء قد ينتج عن ذلك عليه أن يجد حلا للأزمة التي يعيشها البيت الفكري الذي يعتبر ملجأ عقولنا جميعا كما سبق الذكر. ... ))
علماً بأنك – كما أرى – تحدثتَ عن التفكير
أو عن الفكر المنطقي وهو : ( ترتيب أمور معلومة ليُتوصل بها إلى مجهول )
وليس عن ماهية الفكر ( أي : كيف نفكر ) .
4 - بدأتَ حديثك عن الأخلاقي و اللاأخلاقي
والأخلاق , مع تعدد المجتمعات , أمور نسبية
فما نعتبره خلقاً حسناً
قد لا يكون في مجتمع آخر كذلك
ومثله ما نعده خلقاً سيئاً , قد يكون عند غيرنا خلقاً حسنا ً .
فما هو المعيار لتعميم الأخلاق حسنها وسيئها ؟
5 - أعتذر إليك على هذا الاختصار .
6 – أعود فأقول :
إن عملك هذا يستحق لوقفات عديدة معه
و بارك الله تعالى لك فيما آتاك ونفع الإسلام والمسلمين بك .
ولكم تحياتي