حاول تفجير البنتاجون بحقيبة بها غازات سامة ... قصة الإرهابي الأمريكي الذي لم يسمع به أحد
تداعيات 11 سبتمبر مازالت مستمرة
ماذا كان يمكن أن يحدث إذا ما أعلنت السلطات الأمريكية عن اعتقال مسلم من مواطنيها بعد ضبطه متلبساً بالتخطيط لنسف بناية عامة بواسطة حقيبة تحتوي عبوة شديدة الانفجار وإذا ما قدمت هذه السلطات أدلة على أن المتهم أعرب مراراً عن كراهيته للحكومة الأمريكية وسياساتها؟
يظهر للتو الدور المتوقع للإعلام الأمريكي عند محاولة الإجابة عن هذا السؤال، إذ أن الأرجح أن أجهزة الإعلام لم تكن لتتوقف عن الحديث عن الفاشية - الإسلامية ودعوة الإسلام للضعف وضرورة الحذر عند التعامل مع المسلمين بسبب ميلهم «الفطري» - أو ربما الديني - للعنف والإرهاب.
كما تظهر أيضا الضجة المتوقعة من قبل أجهزة الإدارة، بين الإشادة بيقظة الجهات الأمنية في الدفاع عن أمن الأمريكيين، وحكمة البيت الأبيض في شن الحرب ضد الإرهاب وفي التجسس على الأمريكيين من مثيري الشبهات، بل وربما صواب قرار شن الحرب في العراق باعتباره حلقة من سلسلة مواجهة الإرهاب قبل أن يصل إلى حدود الولايات المتحدة.
وثمة إجابات متوقعة أخرى تمضي بموازاة هذه الخطوط التي تتقاطع الآن بلا توقف في العقل الجماعي للأمريكيين، ولعل ذلك ما يفسر أن قصة ديمتريوس فإن كروكر لم تحظ بأي اهتمام يذكر من قبل أولئك الذين يرسمون هذه الخطوط بنشاط كل صباح، ذلك أن كروكر فعل كل ذلك ولكنه لم يكن مسلماً، ويعني ذلك في لغة الإعلام الأمريكي اليوم إطفاء الضوء عن قضيته، إذ ليس بها إسلاميون، فاشيون، أو حرب ضد الإرهاب، أو العراق وحكمة البيت الأبيض.
وتتلخص قصة كروكر في أنه اعتقل في إحدى ضواحي العاصمة الأمريكية واشنطن بعد أن قال لشخص آخر إنه يعد حقيبة متفجرة ينوي أن يستخدمها لنسف مبنى الكونجرس في كابيتول هيل خلال فترة انعقاد دورات المجلس التشريعي الأمريكي، وذلك للتأكد من قتل أكبر عدد ممكن من أعضائه.
وعرض هذا الشخص الآخر على كروكر مساعدته، فقال له كروكر إنه يريد مكونات صنع غاز الأعصاب القاتل بالإضافة إلى متفجرات من طراز «سي. 4» شديدة الانفجار، وشرح كروكر لصاحبه أنه يريد وضع كل ذلك في حقيبة وحملها إلى كابيتول هيل حيث يتولى الانفجار الناتج عن مادة «سي. 4» تفصيل مكونات غاز الأعصاب ومن ثم ملء قاعات الكونجرس به ليموت الجميع، ووافق الصديق على إمداد كروكر بما طلب.
وفي موعد اللقاء المرتقب أتى الصديق حاملاً حقيبة، وبعد أن جلس الاثنان أخرج الصديق ما كان بحقيبته، وشرح اسم محتويات كل علبة، ثم أخرج كتلة المتفجر «سي. 4» والمفجر الذي سيستخدم في تفجيرها، وشرح لكروكر كيف يمكن تشغيل المفجر بواسطة الهاتف النقال، وحين كان الاثنان يتفاوضان حول الثمن طوق ضباط مكتب التحقيقات الفيدرالي مكان الاجتماع في مدينة ماكينزي التي لا تبعد كثيراً عن واشنطن واعتقلوا كروكر وحده، إذ كان صديقه عميلاً للمكتب من البداية.
وقدم الصديق شرائط تسجيل مقابلاته مع كروكر إلى الضباط فضلاً عن شهادة موقعة بما حدث، وأحيل كروكر إلى القضاء حيث قدم الادعاء شرائط بالصوت والصورة لجهود كروكر من أجل إعداد الحقيبة ولأقواله العدائية للحكومة الأمريكية.
وبعد مداولات لم تستغرق طويلاً قدم المحلفون حكمهم، حيث اتفقوا خلال 40 دقيقة فقط على أن كروكر مذنب، وحكم القاضي جيمس تود بحبس كروكر 30 عاماً بوسعه أن يخرج بعد انقضاء نصفها إذا ما كان حسن السير والسلوك داخل السجن، وانتهت قضية هذا الفلاح الأمريكي الذي يبلغ من العمر أربعين عاماً، الذي ينتمي إلى مجموعة يمينية متطرفة تخلط بين الدين والتمييز العرقي وكراهية السلطة المركزية، وذهب كروكر إلى السجن دون أن يسمع أحد بقصته، ودون أن تنشرها إحدى الصحف الرئيسية، أو تنقل ملخصاً لها محطة تليفزيون واحدة.
الدفاع الذي قدمه كروكر تلخص في أنه مقتنع بأن الكونجرس لا يفعل شيئاً إلا تبديد أموال الضرائب التي يدفعها الأمريكيون، وأنه بناية تحتوي على الشر والفساد ما يكفي لنسفها، وأن الولايات المتحدة بسبب سياسات حكومتها أصبحت كائناً مؤذياً للأمريكيين وللآخرين، وأن على المخلصين من أبنائها أن يفعلوا شيئاً لإنقاذ أنفسهم من «شياطين» واشنطن، وفي مقدمتهم شياطين كابيتول هيل.
وتنشط في الولايات المتحدة - بالمناسبة - 54 منظمة إرهابية محلية مدرجة جميعاً في قوائم مكتب التحقيقات الفيدرالي، وهي جميعاً منظمات يمينية ذات طابع ديني مسيحي، ومنها منظمة يهودية واحدة هي «كاهانا حي» أو بالأحرى رابطة الدفاع اليهودية، وليس منها منظمة إسلامية واحدة، ولو واحدة فقط، رغم ذلك فإن الحديث لا يتوقف عن الإرهاب الإسلامي.. أما «الإرهابات» الأخرى فإنها لاتذكر ولو بكلمة واحدة.
منقوووول