كان رجل من التجار له ولد يتقعر في كلامه
ويستعمل الغريب ، فجفاه أبوه استثقالاً له وتبرماً به ومما
كان يأتي به ، فاعتل أبوه علة شديدة اشرف منها على
الموت ، فقال : أشتهي أن أرى وُلدي ،فأحضروهم بين يديه
و أُخّرَ هذا ثم أُخر حتى لم يبقَ سواه ، فقالوا له :
ندعو لك بأخينا فلان ؟ فقال : هو والله يقتلني بكلامه ،
فقالوا : قد ضمن ألا يتكلم بشئ تكرهه ، فأذن له ، فلم
دخل قال : السلام عليك يا أبت ! قل : أشهد أن لا إله
إلا الله ، وإن شئتَ قل : أشهد أن لا إله إلا الله ، فقد قال
الفراء : كلاهما جائز ، و الأولى أحب إلى سيبويه ! والله يا
أبتي ما شغلني غير أبي علي ، فإنه دعاني بالأمس فأهرس
وأعدس ( أي قدم له الهريسة والعدس ) وأرزز وأوزز ،
وسكبج وسبج ، وزربج وطهبج ، وأبصل وأمصر ،
ودجدج وافلوذج ولوذج !..
فصاح أبوه العليل : السلاح ! السلاح ! صيحوا لي
بجارنا الشماس لأوصيه أن يدفنني مع النصارى وأستريح
من كلام هذا البندُق !..